(22)
بقلم :نهال عبد الواحد
[ ضيف الحلقة الرائد سيف(بطل رواية حبي الأول و الأخير) ]
-----------------------------------------------------------
ذهب وليد بالفعل إلى صديقه الضابط وبعد التحية والسلام قصّ عليه كل ماحدث منذ أن اختطفت ظهرًا وحتى منذ قليل عندما سمع سها.
تحدث صديقه: وفين الموبايل ده؟
فأخرجه وليد وأردف: إتفضل.
- فتحته!
فأومأ برأسه أن لا، فأخذه منه وحاول فتحه حتى نجح، ظل يبحث ويفتش في سجل المكالمات، محادثات مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل وقبل فتح الصور أعطى الهاتف لوليد ليمسح صور زوجته الموجودة على الهاتف وبالفعل مسحها وأكمل التفتيش.
كانت الرسائل الموجودة على الهاتف إن دلت فإنما تدل على قذارة تلك المرأة أخلاقيًا، المهم قد كان التركيز على كل ما يخص التخطيط للاختطاف.
عادت سها بعد ذياع سيط وليد كأحد أنجح رجال الأعمال المعروفين في الآونة الأخيرة فقررت مع صديقها العودة إليه ونصب شراكها عليه من جديد فيردها وتبدأ في مشاركته في ذلك النعيم والتعبئة منه كيفما شاءت.
ولم تكن تضع في حسبانها أمر زواجه وحتى عندما رأتها للوهلة الأولى بحجابها واحتشامها سخرت منها و ظنت أنها ستزيحها سريعًا، لكن كما نعلم قد فاجأها الوضع كثيرًا عندما رأتها دون حجاب ورأت مدى تعلق وليد وحبه المتيم بها.
بالإضافة إلى أن وليد الموجود أمامها الآن هو وليد آخر لا تعرفه وصارت شفق أكبر عقبة ويلزم إزاحتها مهما بلغ الأمر.
عندما هربت شفق من أخيها فقد بحث عنها مرارًا ولم يجدها إطلاقًا وقد ضيع كل مالديه من مال على المفاسد والمنكرات.
وذات يوم فتش في أشياءها فوجد مبلغًا ضئيلًا قد نسيته وبينما هو يجدد البحث وجد بطاقة صغيرة مكتوب فيها إسم وعنوان المدرسة لكنه لم يفهم معنى هذه البطاقة.
ظن أنه ربما تكون عاملة في المدرسة أو خادمة عند أصحاب تلك المدرسة فدفعه فضوله للبحث من ذلك الاتجاه.
وبالفعل تردد من حينٍ لآخر على المدرسة وذات يوم رأى أخته تخرج متأبطة لشابٍ ما ثم ركبت سيارته وكيف أن شكلها وهيئتها راقية! وكانا يضحكان ويتسامران، فود لو هجم عليها لكنه لاحظ الحرس الخاص المحيط بهما فتراجع.
وعندما سأل علم أنها معلمة في المدرسة منذ أعوامٍ طويلة وهذا الذي معها هو زوجها وهو رجل أعمال شهير، عاد مصطفى بخفي حنين لا يعرف كيف يصل لأخته ويشاركها ذلك النعيم الرهيب.
وذات يوم كان مصطفى مع صديق له وكان آنذاك يحادث صديقته (سها).
-هه عندِك جديد ولا إيه!
- لا جديد ولا قديم، الموضوع معقد!
-إده! معقول أفلستي ماعندكيش أفكار خالص!
- وليد بأه واحد تاني ماعرفوش متيم وعاشق ولهان لست شفق بتاعته دي.
وهنا تدخل مصطفى قائلًا بفجأة: إسمها إيه؟!
- شفق! إسم عجيب معلش.
سألها مصطفى بلهفة: وجوزها اسمه إيه؟
- وليد! وليد عوني.
فأكمل مصطفى: وعنده بنت وهي بتشتغل مدرسة!
- أيوة فعلًا.
- إوعي تكون هي!
فأكّد مصطفى: هي فعلًا.
- هي إيه؟ أنا مش فاهمة حاجة!
- بأه يا ستي أخته سابته من زمان وما كانش عارف يوصلها ولسه قريب عرف إنها بتشتغل مدرسة ومتجوزة وليد عوني بس مش عارف يقرب طبعًا، وطبعًا متغاظ منها ونفسه يخلص عليها.
- إيه الهبل ده! وهتستفاد إيه! بص إنتو الاتنين تخطفوها وتطلبوا مبلغ محترم يتقسم علينا إحنا التلاته وبعد كده إبقى إعمل اللي تعمله فيها.
واتفق الثلاثة على ذلك وكانت دائمًا توافيهما بأخبار تحركاتها حتى جاءت اللحظة الحاسمة.
كل ذلك قد عرف من المحادثات والمكالمات التليفونية فهاتفها لحسن الحظ يُسجل المكالمات تلقائيًا.
أمسك الضابط هاتفه والهاتف الآخر وكان يفعل شيئًا ما، فسأله وليد: بتعمل إيه يا سيف؟
- نزلت أبلكيشن يغير الأصوات وظبطته على صوت سها اللي متسجل عشان اللي يتصل إنت ترد عليه على إنك هي، بس الأبلكيشن عليه الصوت وبس، إنت بأه عليك الطريقة واللزمات والحاجات زي، ما تبصليش كده نفذ اللي باقولك عليه بالحرف، وأنا دلوقت هكرت تليفونها وكل حسابتها وأي حاجة هتوصلها او هتتبعت هتوصلني، وإنت لو تليفونك فيه أي حاجة خاصة امسحها فورًا عشان ههكره وده لحد ما الموضوع ده يخلص وبس.
- طب ما أنا ممكن.....
- مش هتديني التفصيلة اللي محتاجها، ودني وعيني غير ودنك وعينك، في حاجات مش هتلاحظها، جملة واحدة بس ممكن أطلع منها كتير وطبعًا الوقت مهم جدًا وبرضو أي إتصال أو رسايل هتوصلني.
وقد فعل وليد ما طلب منه، فأكمل سيف: كده إنت تروح تنام وأنا هضطر أسيب تليفوني مفتوح مع إني ف أجازة يعني ومع أول اتصال هكون مستعد إن شاء الله.
- وإنت فاهم إني هقدر أنام!
- لازم تنام ولو ساعة واحدة، مش عارفين الساعات الجاية شكلها إيه!
- معلش أزعجتك بس إنت صاحبي وأنا ف حالة دلوقتي مش قادر أوصفها، مش عارف طريقها ولا عارف أي حاجة!!
قال وليد الأخيرة بقهرٍ شديد، فقال سيف: حاسس بإحساسك، ده مر علي قبل كده! و تتصور ما كنتش عارف أفكر ولا أتصرف غير بعد وقت! المهم دلوقتي روح وحاول تنام.
- طب والكاميرا!
- خليها خصوصًا إن مدامتك مش موجودة، خليك طبيعي وتلقائي، احتراسك من جواك وبس.
انصرف وليد إلى بيته، دخل غرفته وبدل ملابسه ثم وقف أمام السرير ناظرًا نحوه وهو يرى طيفها، فجلس على تلك الأريكة المقابلة فتذكر أيام قسوته عليها فانتفض فجأة وظل واقفًا بعض الوقت ثم رأى فرشاة شعرها فأمسكها فإذا بها بعض شعيراتها فقرّب الفرشاة من أنفه وأخذ نفسًا عميقًا ليشم رائحتها، ثم وجد شالًا لها فأخذه يتشمم عطرها فيه ويقبله ثم وضعه على كتفيه كأنما شعر بها تحتضنه الآن.
لم يطيق المكوث في الغرفة فهبط إلى الحديقة وجلس يتذكر كل ذكرياتهما معًا، كيف بدأت وكيف تطورت علاقتهما! فتتساقط بعض العبرات من عينيه.
وبينما هو هكذا إذ غلبه النعاس قليلًا وقد رآها في منامه تحتضنه وتربت عليه وهو يبكي بين يديها ويضمها بقوة ولم يكن هذا سوى أنه يضم الشال نحوه أكثر.
كانت شفق منذ أن اختطفت وهي فاقدة للوعي وكلما حاولت الاستيقاظ لا تقوى من شدة الإعياء حتى أخيرًا استطاعت أن تسترد وعيها.
فتحت عينيها فوجدت نفسها مربوطة، جالسة على كرسي وأمامها شابٍ ما لم تتبينه في البداية لكن بعد لحظات أدركت من يكون.... إنه أخيها!
وما أن رآها تفتح عينيها حتى اقترب منها وصاح: أخيرًا صحيتي!
- إنت جايبني هنا ليه؟
- هشرب من دمك، بأه تسبيني وتمشي! وتروحي تعيشي في العز ده كله متنعمة لوحدك!
- إنت مالكش حاجة عندي وأنا تعبت وقرفت منك ومن عمايلك، وافتكر إني إتحملتك سنين وسنين وإنت عمرك ما حمدت ربنا ولا رجعت عن سكتك وحتى لما سيبتك كان بسببك وسبب الأشكال اللي دخلتها بيت أبوك، إنت مش عويل روح اشتغل واصرف على نفسك.
- واسيبك في العز ده!
- وأنا قولت إنت مالكش حاجة ولو على جثتي.
- إنت مالكيش دعوة أصلًا أنا اللي هعمل كل حاجة.
وأخذ هاتفها واتصل بوليد وما أن رن هاتف وليد حتى انتفض من نومته مفزوعًا ثم نظر فوجد رقمها المتصل فرد بلهفة: أيوة يا حبيبي، إنتِ فين طمنيني عليكِ؟
فأجاب مصطفى ساخرًا: لا يا حنين مش هي.....
- آاه! وإنت عايز إيه منها حرام عليك! خدني أنا مكانها! اطلب أي حاجة وأنا تحت أمرك بس بلاش تؤذيها بأي شكل! أرجوك!
- من جهة هطلب فأكيد هطلب أمال بتصل ليه يعني!
- طلباتك!
- نص أملاكك.
صاح وليد بفجأة: نعم!
- إيه السمع فيه مشكلة!
- مش شايف إن طلبك ده مبالغ فيه!
- على حياة حبيبة القلب؟
- طب موافق بس أكلمها، عايز أتأكد إنها كويسة، إطمن عليها من فضلك!
فأعطى الهاتف لشفق فتحدثت بصوتٍ مختنق: آلو!
أجاب وليد بلهفة: حبيبي إنتِ كويسة! طمنيني عليكِ، عملوا فيكِ إيه يا قلبي!
فقالت وهي تبكي: أنا خايفة أوي!
- ما تخافيش ياحبيبتي أنا جنبك! ثم قال :والله ماعملت حاجة م اللي فهمتيها! دي كانت لعبة.
- مصدقاك.
- إطمني أنا هعمل أي حاجة عشانك المهم ترجعيلي.
- ماتدفعش الفلوس دي يا وليد!
- ليه بس؟ ده كله ورق بيروح ويجي!
- هيفضل يستغلك ومش هيشبع أنا عارفاه كويس.
فسمعها مصطفى فخطف منها الهاتف فصرخت بأقوى ما لديها: ما تديهوش حاجة يا وليد! آه!
خطف منها الهاتف ولطمها لطمة مدوية سمعها وليد فانتفض من مكانه وصاح بخوف: شفق! شفق! في إيه؟! عملت فيها إيه يا حيوان؟!
وأغلق الخط بل أغلق الهاتف بأكمله، ظل مصطفى يلطمها على وجهها بغلٍ شديد حتى صارت الدماء تنزف من وجهها لا يتحقق من مصدرها من أنفها، أذنها أم فمها، وآخر لطمة من قوتها سقطت بالكرسي المربوطة به وفقدت وعيها مجددًا.
NoonaAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top