(21)
بقلم :نهال عبد الواحد
فجأة وجد ابنته أمامه فارتبك كثيرًا هو وهالة، أخذا يتبادلان النظرات ويبحثان عما يقولاه لها.
نظرت الطفلة بينهما ثم هتفت: يعني الست دي تبقي مامي! يعني مامي مش عند ربنا زي ما قولتولي!
سكتا اثنانتهما قليلًا ثم ابتلع وليد ريقه وقال: أيوة هي مامتك، بس هي ولدتك ومشت، اختفت ماعرفتش طريقها وانقطعت كل أخبارها فقلت أكيد ماتت.
رمقته الطفلة بعدم تصديق ثم قالت: وليه ما قولتوليش أول ما جت؟ وهي ليه ما قالتليش؟!
أجاب وليد: خفنا عليكِ حبيبتي أحسن تتعبي تاني.
- بس أنا مش بحبها وبخاف منها، بشوفها ف الحلم ماسكة نار وبتولع ف البيت.
أومأت هالة: صدقتِ يا بنتي.
عقدت الطفلة حاجبيها بعدم فهم: إيه!
- قصدي يعني ده حلم ما تحطيش ف بالك.
- بس إزاي تبقى مامتي ومش بحبها؟!
قال وليد: إنتِ بس عشان ما تعرفيهاش...
لكنها تركته وانطلقت راكضة فصاح: فوفا يا فوفا إستني!
فلم تلتفت الطفلة أو تعقب وصعدت جريًّا.
تأففت هالة قائلة: كان لازم تقولها يعني!
- هي كده كده سمعتنا، وبعدين بصراحة كويس إنها سمعت وعرفت، الواحد كان شايل همها وحاسس إنه شايل ذنب كبير.
- حبيبتي! شايف بتحلم بإيه! زي اللي قلبها حاسس، شفق اللي كانت هتعرف تتصرف كويس ف الحكاية دي.
صاح وليد وهو يفرك وجهه: آاه ياالله!
- مالك بس يا بني؟
- كل ده ومالي!
- هو أكيد أخوها اللي عمل العملة دي، كانت دايمًا بتقولي يوم ما يعرف طريقي هيقتلني.
- بس الأوقع إنه يبتزها ويجي يكبش مني.
- قصدك إيه!
- إحساسي ماشي ف إتجاه كده أتمني يكون صح، دلوقتي هروح لواحد صاحبي ظابط يدبرني أعمل إيه مش هضيع وقت أكتر من كده، بس ما تحكيش ولا حتى أدام نفسك.
- يعني إيه!
- يعني الإحتياط واجب.
وتركها وذهب لغرفته يبدل ملابسه وفجأة لاحظ تلك الكاميرا الصغيرة فنظر وابتسم وهز برأسه أن نعم فتأكد الآن أن لسُها دور في خطف شفق لكن كيف؟ وماذا تدبر؟
وبينما كانت سها في غرفتها إذ بباب الغرفة يطرق ففتحت فوجدت الطفلة أمامها فتنهدت بتأفف وصاحت باستياء: نعم! خير! هي التانية تغور من هنا و إنتِ هتلزقيلي! أنا لا لي ف مذاكرة ولا حكاوي ولا كل الهبل ده.
- وأنا ماقولتش إن حضرتك تعمليلي كده، مامي شفق بتعملي كل حاجة.
- وهي غارت وإن شاء الله ما ترجعش تاني.
فصرخت الطفلة: ما تقوليش عليها كده.
فجاء وليد على إثر صوت ابنته واحتضنها مسرعًا وقال بحنان: إيه يا حبيبة بابي مالك في إيه؟
- بتقول على مامي شفق إنها غارت.
وليد وهو يلتفت لسها تكاد تخرج من عينيه شرر تحرقها وصاح: إلزمي حدودك وإياكِ تجيبي سيرتها على لسانك.
أجابت سها بلامبالاة: وانا مالي! إنتو واقفين عندي وعايزين تتخانقوا وخلاص!
- هو إنت يا بابي زعلت مامي شفق وخليتها تمشي؟
فسكت قليلًا وشرد متذكرًا ذلك الموقف الذي رأته شفق وظنت به ظن السوء كما ترآى لها.
فصرخت الطفلة: يبقى عملت كده عشان تتجوز مامي دي!
أومأ وليد مستنكرًا: لا طبعًا.
تابعت سها متغنجة: وأنا اللي بحسبك هتغير رأيك!
صاح وليد: لا ما تحسبيش ده بعدك!
تحدثت الطفلة: أنا كنت جاية بس عشان أسألك هو إنتِ فعلًا مامتي! بس إنتِ فعلًا شريرة.
قالت سها: أنا برضو اللي شريرة ولا هي! هي سرقت باباكِ اللي هو جوزي وسرقتك إنتِ يا بنتي.
قالت الأخيرة بتصنع فتابعت الطفلة: لا إنتِ بتكذبي، مامي شفق حبتني من قبل ما تعرف بابي وإنتِ أصلًا ما كنتيش موجودة من زمان! أنا عمري ما شوفتك ولا حتى شوفت صورة ليكِ! أنا ما بحبكيش ما بحبكيش!
و انصرفت ركضًا تبكي وتصرخ بين الغرف تبحث عن شفق ووليد يحاول تهدئتها حتى أخبرها بأنها قد اختطفت فوجمت وسكتت تمامًا فحملها وذهب بها إلى سريرها وضمها إليه يحتضنها ويهدهد فيها حتى هدأت ونامت فانسحب بهدوء من جوارها وخرج بخفة وسار ينوي الخروج لمقابلة صديقه الضابط وقد أخبره أنه يريد لقاءه دون إخباره بأي تفاصيل.
لكنه ما أن اقترب من باب الغرفة التي فيها سها والتي هي قريبة من السلم حتى سمع صوت ضحكاتها المبتذلة يعلو فوقف ينصت خلف الباب.
تحدثت سها بسعادة: ده أحسن يوم ف عمري كله ولسه... أظن صاحبك ارتاح وهدي كده... المهم بأه عايزينها تبقى ملعوبة صح، هه هتطلب كام؟.... إيه بس! إنت عبيط و لا إيه؟.....إضرب الرقم ده ف تلاتة على أدنا... وحياة رميتك ليّ يا وليد لدفعك التمن غالي... وحياة القلم اللي ضربتهولي ده لأردهولك أضعاف... المهم هتقول إيه؟... تمام... بس حتى بعد ما يبعت الفلوس مش عايزاها ترجعله عايزة أقهره... صح كده... موتها ولزقها لصاحبك الأهبل ده واهو يغور ونقسم الفلوس على اتنين بدل تلاتة ووليد يعيش مقهور طول عمره هو وأمه الحيزبون دي ما بقبلهاش أبدًا الست دي... ولا أقولك عندي فكرة أحلى وأحلى وهتيجي على هواك.... بالظبط.... غيرة إيه يا بني ده بيزنس... وخلي بالك الخيمة اللي عندك دي مخبية تحتها كتير أوي..... جدًا وهتعجبك موت.... المهم لازم الفيديو ده يتسجل لقطة بلقطة عشان يفضل طول عمره مذلول وموجوع وسواء ماتت ولا عاشت هتبقى خلصت بالنسبة له.. وليد ما بياخدش فضلة حد..... إده إنت مش هناك؟...أمال فين؟... طيب طيب ممكن أبعتلك تصبيرة، صورة صورتهالها من كام يوم عشان تصدق بس باقولك إيه... باقولك... عايزاها ما تنفعش لأي حاجة تاني.... ماشي سلام!
أغلقت الخط وضحكت بشر وقالت: وأخلص منك إنت كمان وآخد أنا كل حاجة وألاعبك بأه يا سي وليد، ماهيكون ساعتها ضهرك اتكسر....
وأكملت ضحكاتها الشيطانية ولم تكن تعلم أن وليد قد سمع كل شيء وصار في قمة غضبه بل أكثر بكثير كان موج بحرٍ هائج لا بل إعصارًا مدمرًا حارقًا.
أخذ نفسًا عميقًا ليستطيع التصرف بحكمة وحتى لا يقتلها فورًا.
وفجأة وجدته أمامها فحاولت التصرف بتجاهل ولامبالاة كأن شيئًا لم يحدث وابتسمت له لكنها وجدت لطماتٍ متتالية على وجهها حتى نزف فمها وأنفها فجذبها من شعرها وشل حركتها بيده الأخرى.
وصاح بغضبٍ حارق: والله كنت عارف إن لا عندك مصايب ولا حاجة ولا حتى جاية عشان بنتك! بس المصايب مقدور عليها وهجيبهالك لحد عندك وبالمستعجل! وبنتك والحمد لله لا طايقاكِ ولا عايزاكِ! أد إيه الوطاية والقذارة مأصلة فيكِ! وهتقِرِي بكل حاجة يا إما هدفنك مكانك!
وجذب منها هاتفها وأخذه وأخذ منها أي جهاز يمكنها التواصل به وقال قبل أن يخرج وهو ينظر لها باشمئزاز: إنسي إنك تخرجي حية من هنا لحد ماشفق ترجع وسليمة مافيهاش شكة الشوكة! ولحد ما ده يحصل هتترمي هنا زي الكلبة! وديني لا ندّمك عل اليوم اللي رجعتيلي فيه هنا! لا لندّمك عل يوم اللي اتولدتي فيه! غوري ربنا ياخدك ويريحنا من شرك!
وتركها وخرج وأغلق الباب ووصده بالمفتاح.
NoonaAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top