٣٤

جلست والدتي بهدوء على الكرسي بعد أن خرج هاري، لأطلب منها إخباري بما يحدث، ثم قالت :" سيف ... والدك "، تذكرت أن والدتي طالما قالت أنه خارج البلد، لم أتفاجأ بقدر تفاجئي بما قالته تاليا :" إنه رئيس منظمة تدريب العملاء السريين "، شهقت من الصدمة، لذلك لم يسبق لي أن رأيته هناك، لتكمل كلامها :" كنا عائلة سعيدة، و لم يشكل عمله أي مشكلة بيننا إلى أن تم اختطافك في أحد الأيام من قبل أحد المجرمين ... حمل سيف نفسه ذنب ما حصل ... رغم أنك بقيت هناك لمدة لا تتجاوز أربعة أيام، و قرر الخروج من المنزل لضمان أماننا، لأن عمله و خلافاته مع المجرمين قد تؤذينا، و من ذالك اليوم لم يعد للمنزل بل ظل فقط يراسلني من حين لآخر " مسحت أمي دمعها و أنا لم أعرف ما يجدر بي فعله، اكتفيت بالصمت، ثم اتجهت أمي لدورة المياه و أنا اتصلت بالسيد سمير و وافق على زيارتي، كان علي معرفة الحقيقة كلها .

اعتدل في جلسته و نظر إلي و هو يعرف جيدا سبب مجيئه، ليبدأ كلامه بصوته الخشن الذي اعتدت سماعه :" سيف هو صديقي المقرب منذ الجامعة، أنقذني من بعض الشباب المتنمرين و لطالما وقف بجانبي، كان فؤاده نقيا و طاهرا، تعرفنا على والدتك و وقع كلانا في حبها لكن سيف كان محظوظا أكثر مني، لكن اضطر للابتعاد عنكم رغم أنكم كنتم أفضل ما في حياته، لأنه علم أن ذلك هو الصواب، كان يراقبكم طوال الوقت و يعلم بأدق التفاصيل، لكن طفح الكيل حين تعلقتي بذاك العميل الأجنبي، و رآك منهارة، احتار مجددا و أدرك أن الصواب هو جعلك أقوى لمواجهة الاختبارات القادمة، فبعثني لمساعدتك، تفاجأت من رؤيتك أول مرة بدوت نسخة مصغرة عن والدتك، لكنني تركت مشاعري جانبا و اضطررت لأن أتعامل ببرود معك، حتى في تلك اللحظات التي أخفقتي فيها بالتدريبات و انهرتي لمرات عديدة و خارت قواك إلا أنني تحملت رؤيتك كذلك لتكوني أقوى، و حرص سيف أن أدربك بنفسي دون تدخل أحد، و افتخر بك في كل مرة تنجحين بها، لكنه غير مستعد لمواجهة أي منكم، بعد بضعة أشهر سيتقاعد و يمكنه حينها أن يعيش بهناء بينكم، لكن إلى ذلك الحين إعتني بوالدتك و إخوتك، و أهم شيء الحفاظ على سرية ما عرفته خلال تأدية مهامك "

ابتسمت له ثم هم بالخروج لأناديه و يلتفت لأعانقه بقوة، لقد علمني الكثير فعلا و أنا ممتنة له، ابتعد عني قليلا و قال بهمس :" كوني بخير بنيتي " .

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top