Two.
كانت فكرة العودة بالزمن لإنقاذ حياة شخص ما هي شيء عظيم, وعبء شديد, أي خطأ قد يمنعك من إنهاء المهمة يعني موت الذي أنت بصَدد إنقاذه, وموته يعني فشلَك بإنقاذ روح بريئة سيكون من الأفضل للعالم لو استمرت في الحياة.
لم يطرَأ في سجل العائلة منذ عقدين أية أخطاء, كان والِدُه وأخواتُه الثلاث هم من أفضل الأجيال الذين حَمَلوا مُهمة العائلة, لم يقوموا بأي زلات ويُخفِقُوا يومًا, تمكنوا من تصحيح كُل العيوب وإنقاذ العديد من الأناس.
كان قلقًا بشدة, مهماته السابقة رغم ما كان بها من صعوبة إلا أنه كان قادرًا دومًا على إنجازها كاملة لوضعِه كُل تركيزه عليها وعليها فقط, الامر أن كل المرات التي عاد بها بالزمن كانت لبضع سنين فقط, لم يتجاوز الوقت أكثر من عشرين عام, وكانت دومًا حول أشياء ستُحسن من حياة الأشخاص المنشودين, كتوقيع عقد عمَل, الالتحاق بجامعة ما, أو الصُلح مع اصدقائهم المقربين, لا أن تكون حِفظ حياتهم بأكملها وإيقافهم من مواجهة حتفهم.
هو لم يُرد أن يخطئ, لن يكون قادرًا على مسامحة نفسِه يومًا.
قام والده بإعطائه معلومات اكثر عن الفتاة التي هو مسؤولٌ عن إنقاذها, تاريخ ميلادها وكيفية موتها تحديدًا.
كان عليه أن يأخذ نظرة مطولة في تاريخ الحرب العالمية الثانية إن كان يريد أن يكون قادرًا على العيش في تلك الفترة الزمنية, القصف الذي تسبب بقتلها هو قصف لندن, والذي كان عملية عسكرية للجيش النازي بهدَف تدمير خطوط الدفاع البريطانية للتمكن من السيطرة عليها.
لم يكن حقًا ممن يهوون القراءة عن التاريخ البشري, خصوصًا وإن كان الأمر متعلقًا بالحروب والمعارك وصراعات البشر التي دائمًا ما تتسم بالفراغ من المعنى بالنسبة له, وكان ذلك يبدو كالمهزلة في كل مرة يفكر بالأمر, فهو وُلِد ليعيش في الماضي ويغيرَه, من المذهِل كيف للشَخص أن يفصل بين ذاته وأهدافه.
قام والدُه بإعطائه الخطة التي رسمها بمنطقية كي يتمكن هو من دخول مَنزِلهم, ولكي يكون قادرًا على التقرب من الفتاة المنشودة, كانت هذه هي الخطوة الأهم في الأمرِ كُله, قدرتك على كسب ثقة من أنت مُقبل على مساعدته أو إنقاذه هي ما يحدد كمية المساعدة التي ستتمكن من تقديمها للشخص و في أية مُدة.
كسب ثِقة الأناس هي كانت المعضلة الكبرى بالنسبة له في بداية مُهماته, كان يجد من الصعب فِهم معظم الذين عاد بالزمن ليساعِدَهم, بينما والدُه على الجهة الأخرى كان قادرًا على ربط مشاعره مع أهدافه بسرعة كبيرة تُمكِنُه من إنهاء مهماتِه بوقت قياسي.
"حسنًا, الأن فالتدخل إلى آلة التزييف كي نُجهِز هيأتك للمهمة."
طلب منه والده وأخيرًا بعد شَرح مطول عن المهمة استغرقَ ساعاتٍ طِوال.
وثب هو بحماس مستشيط إلى داخل الآلة, لطالما كان جعل الآلة تقوم بعملها عليه هو جُزأه المفضل من كل المُهمات, كان عمل الآلة هو إعطاؤه الزي واللغة المناسبة لكل وقت هو في طريقه إليه, أحد أكثر المرات التي استمتع باستخدام هذا الاختراع فيها هو عندما كان عليه العودة عشر سنوات إلى روسيا, لإقناع رجل بمنتصف العشرينيات بالهجرة إلى الولايات المتحدة من أجل فرصة عمل مُلحة كان سيرفضها تحججًا بعدم دعمِ أصدقائه للفكرة, وجَدَ من اللطيف أن يكون قادرًا على التحدث بالروسية لفترة وجيزة.
عندما بدأ السحر وأعمَل والدُه الآلة, لحظات حتى بدأت ملابسه بالتغير تدريجيًا, تحول من كونه يرتدي قميصًا أبيض مع بنطال جينز إلى قميص أبيض باهِت مُلطخ بِبعض بُقع الدم ذو أزرار وأكمام طويلة مثنية, مع بنطال واسع بني اللون, وحمالات للبنطال امتدت على كتِفَيه, شعر بدغدغة بسيطة على لسانه, وعلِم أن مفعول إضافة اللغة قد بدأ, وبالفعل عندما خرج كان قد أصبح يمتلك لُغة إنجليزية مُمتازة مع لكنة بريطانية كتلك التي يسمعها في الأفلام, وقد كونت الآلة هذه المرة على أماكن متفرقة من جسده بعض الندوب والجروح كجزء من الخطة التي هو بصدد تنفيذها.
"حقًا أبي, الأمر لم يأخذ سوى لحظات, لماذا لم تسمح لي باستخدام الجهاز عندما كان لدي اختبار لغة انجليزية الأسبوع الفائت!"
تذمر على ما قد انتهى وهو يتفحصُ ذاته بالمرآة.
"لأن الآلة هي فقط لعمل العائلة, ليست لك كي تستخدمها للنجاح في اختبار أنت لم تُكَلف نفسك عناءَ دِراسته حتى."
أجاب والده مبتسمًا بطريقة يحاول بها إزعاجه.
"لقد كان الأمر لمرة واحدة فقط!"
تمتم وهو يعبُس.
"على أية حال, خُذ مُذكرتك, واعمل على جعلها دومًا في متناول يدك, أنت لا تريد أن تفقِد التوجيهات الصحيحة."
اخبره والده مناولًا إياه الدفتر ذو الطابع العتيق و اللون البني المحروق, كان هذا الدفتر هو السبيل الوحيد لبقائه على اتصال مع الحاضر, وهو ما كان والده يستخدمه لإعطائه الخطوات اللازمة التي يجب عليه اتباعها في سبيل عدم إفساد أي شيء.
وضع الدفتر في حقيبة اليد السوداء التي حَمِلها وهو يومئ, ثم طلب منه والده بعد أن رأى أنه وأخيرًا في كامل استعداده للانطلاق بالمهمة بأن يتجه إلى آلة العودة بالزمن الكبيرة المتربعة في زاوية الغرفة, ولكن لم يقَم بضبتها حتى نادى على والِدته من الطابق العُلوي, كانت تؤكِدُ دائمًا على أن ينادياها إلى القبو في كل مرة سيتوجَه هو بها إلى مُهمة, وكأنها في كل مرة تودِع ابنها الوحيد هي تتمنى له الحظ وتحميه بطريقة جَهِلها الجميع إلا هيَ.
لذا بعدما وطأت قدَمُها أرض المكان ووقفت قرب زوجها مُلَوِحة له, لوحَ لها هو بدورِه مبتسمًا باتساع محاولًا تخفِيف معالِم التوتُر التي امتثلَت على وجهِها لأول مرة منذ زمن كونَهُ ذاهِب في أول مهمة لإنقاذ شخص ما في حياته.
ودعَهُ والِده بدوره وأدار الآلة كبيرة الحجم.
عندما غادر الحاضر كانت الساعة 8:35 دقيقة مساءً.
___________________
شكرا على القراءة، لا تنسوا التعليق والتصويت 💕
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top