Twelve.
لا يزالُ ما حدَث يبدو كحُلمٍ مشوش, لا واقِعًا صلبًا.
كيف وقد كان عليهِم مُنذُ ما يقِلُ عن الساعة أن يهربوا مِن المنزِل الذي هُم ظنوا أنهُ أمِن؟ كيف وقد رأوه يحُطمُ ويندثِر على الأرضِ ثُم يشتعِل؟ كيف وقد ماتا شخصانِ أمام أعيُنِهِم ما كان لهم مِن حولٍ أو قوى حتى يُنقِذوهما؟
يُمكِن أن تطرأ الكثيرُ مِن الأشياءِ في ليلةٍ واحدة, الأمر يجعلُك فقط تشعُر بعدم أمانٍ مُستمِر.
بدأوا سيرهُم المديد, لقد كانت أوريانا قد أوقفَت تشبُثها بقدمِه التي سبقت جسدها الضئيل طولًا, وأخذت أنامِلهُ الطويلة في يدِها الصغيرة خلال مسيرتِهِم, رغم كُل شيء كان فِعلُها ذاك يشعُرهُ هو بالأمان أكثر مما كانت تفعلُ هي, هو الأكبر, والأقوى, لكِن ملمس بشرتِها الناعِمة والعرقِ البارِد المُتصببِ من مسامِها على يدِه, كُل ذلِك سمح لكمية ضئيلة مِن الراحة أن تقطع طريقِها في جسدِه, لقد تعلق بِها كأخِته الصغيرة بشِدة, ليس عليه ان يكذِب بشأنِ ذلِك بعد الأن.
ماتيلدا لحِقت خطواتهُم مِن الخلف, مُجددًا يبدو أنها لا تُريدُ ان يروا وجهها, لأنهُ يعلَم أنها تعلم أن وجهََ الإنسان هو البوابة الأولى الفاضِحة لضعفِه, وهي كانت تُريدُ أن تكون قوية, لأوريانا ولنفسِها, وحتى إن كانت تشكُ بِه للوقتِ الراهِن, لهُ أيضًا.
لكِن حينما تشبثَت بقُماشِ قميصهِ مِن الخلفِ حينما كانوا مُختبئين, شعر بكُل الذُعرِ التي هي كانت مُختنقة بِه, أراد بشِدة أن يُمسِك يديها الأن, ويُخبِرها أنهُ لا بأس, لا بأس مِن أن يكون المرءُ مُرتعبًا, لا بأس مِن أن يكون خائِفًا, هي ليست نهاية الحياة, فهُم جميعًا منهكون ومُرتعدون في الوقتِ الراهِن, ماشين في هذهِ الليلة المُظلِمة.
لم يعرِف كم الساعة الأن, ولكِنها لا بُد ان تكونَ في حوالِ الحادية عشر مساءً رُبما, إنهُم يسيرونَ مُنذُ وقتٍ لا بأس بِه, هو واقعًا لا يعلمُ أينَ هُم ذاهبون, لم يفهَم لماذا قد يسكُن أحدٌ ما في وسط اللامكان! يعلمُ أنهُم كانوا يعيشون هُناك لمزرعتِهِم الكبيرة الاقتصادية, ويعلمُ أنهُم لم يكونوا بحاجة لأن يصلوا بأحد إلا لبيع بضاعتِهِم أو الحصولِ على بعضِ الأشياء, ولكِن المكان بعدما فكر بالأمرِ موحِش! لا عجبَ أن الزوجين كانا أكثرَ مِن فرحين لسكنِهم معهُما, كانوا ونسًا لوحشة صنعها رحيلُ أولادِهم, قلبهُ استمَر بإيلامِه في كُل مرة فكر بالزوجين, لكِن عليه أن لا يقلق من ذلك في الوقتِ الراهِن على الأقل.
"كوكي؟"
شعر بيدِ أوريانا تشتدُ حول خاصتِه, همهم مُجيبًا.
"أينَ نحنَ ذاهبون؟"
أكملت سؤالها وقد التمعت عيناها حينما رفعت رأسها باتجاهِه في ضوءِ النجومِ والقمرِ النصف مُكتمِل.
"سنجِدُ أحدًا لنُخبِرهُ عما حدث, لا بُد أن يكون هُناك شخصٌ ما يسكُن في قطرِ ميلٍ مِن هُنا."
لم يكُن فعلًا يعرِفُ أين هُم ذاهِبون, ولكِن إن كانت تثقُ بِه عليه أن يُعلِمها أنهُ بدراية عما يفعَل.
صمتت ثوانٍ, شعر بالسوءِ لذلِك ولكِنهُ تمنى بأن لا تسأل شيءً أخر.
"ماذا عن ماربي ومارتِن؟ لقد ماتا صحيح؟"
بدت مُتردِدة مِن تركيب جُملتِها, أنخرسَ للِحظات, لم يعلم ما يقول, كانت تبدو مُتسائِلة ولكِن هادئة تمامًا, رجا فقط أن لا تبدأ بالبُكاء, ولكِن ما حدث تاليًا هو ما أذعره بحق.
سمِع شهقة جافة مِن خلفِه, كان يُحدِقُ بأوريانا ولكنَهُ استدارَ باتجاهِ ماتيلدا حالما سمِع الصوت, أبصرَ الدموعَ تملأ عينيها متوهِجة في الظلام, مكونة خطًا طويلًا باتجاهِ وجنتيها.
"أحملي حقيبتي لبعضِ الوقت حسنًا؟"
طلب خالِعًا الحقيبة الجلدية واضِعًا إياها في يدي الصغيرة, هزَت برأسِها للِمُهِمة الموكلة إليها.
سار إلى حيثُ توقفت ماتيلدا عنِ اللحاقِ بِهما, كانت تُحدِقُ بالعُشبِ الطويل الذي كان دون لونٍ, قلبُه يركُض في داخِل جسدِه ذُعرًا, لقد كانت تبدو ضعيفة, رغم كُل شيءِ لم يكُن مُتأكدًا تمامًا مِن الطريقة المُثلى اللتي عليهِ اتباعُها في هذا الوقت, ارتجفت يداه, ولكنهُ انصاع لتفكيرِه المُباغِت, طالِ بِهما خاصتاها اللتان كانتا أكبر مِن أوريانا وأبرد بكثير, لم تسر بنظرِها إليهِ ولكِن استمرت سامِحة لفيضانِها مِن الدموعِ بإغراقِها حتى تروي الأَرض التي ابتلعت ملوحتها سريعًا, سحبها بعض الخطواتِ بعيدًا ثم وقفا صامتينِ مُجددًا, هو يجترِعُ منظرها وهي تبكي للأرض.
"ما الأمر؟"
سأل حالًا خائضًا مُحاولة يائِسة في أن يحمي يديها مِن بردِ الليلِ القارِس.
"م-مارتِن ومارب-بي!"
دمَر سير حديثَها مُرورة البُكاء.
"لقد رحلا! ونحنُ لم نتمكُن مِن فعلِ شيء!"
أراد هو أن يبكي أيضًا, لم يُرِد أن يُفكِر بالكهلين الذين تركاهُما خلفهم, ليس حتى يكون في وضع يسمح, ولكِن بداية أوريانا والأن ماتيلدا, وهو بحق شعر بعبراتِها تُذيبُ قلبه لا وجنتيها! لم يستطِع, هو يغرق بالأسى, هذِه المرة لم يسمح لعقلِه بالتفكير, أحاط جسدها سريعًا بين يديه مُغلقًا على عينيه.
كانت ردة فِعلها أنها لم تُعارِض, سمحَت لهُ ان يحتضِنها كما يفعلُ الليلُ مع السماء, بل وأرست بذراعيها عليهِ أيضًا, وقد كانت طويلة كفاية حتى تُسنِد رأسها على كتِفِه, بللت دموعُها الدافئة كتِف قميصِه مُخترِقة فُتحاتِ القُماشٍ الضئيلة حتى تُلامِس بشرتَه القابعة في الأسفل, فتح عينيهِ بعد إدراكِه لقُربِها وقد تَدلى شعرُها بطيشٍ مِن وراءِ كتفِه ولامسَ وجنتَه.
"لقد رحلا فعلًا."
كان صوتُه مخنوقًا تمامًا وكأن أحدًا ما حشر حِجارًا مُدببة في حلقِه.
"ولكِن لا بأس, لا يُمكِنُنا أن نستمِرَ بالبُكاءِ على حتفِهِما هُنا, علينا أن نجِد أحدًا ما ليُساعِدنا, لنُخبرَهُ عما حدَث, علينا أن نكون في أمان."
أكمل حديثهُ دافِنًا وجهُهُ في شعرِها كُلما قربتهُ مِنها أكثر.
هزت برأسِها في حركة ضعيفة لضيقِ المساحة, توقفت شهقاتُها بعد لحظاتٍ ولكِن لم يبتعدا, ربما بدأت تشعُر بالدفءِ, لم يُرِد أن يبتعِد, لقد كان خائِفًا و لكِن أيضًا مُتنعِمًا بطريقة ما, رغم هدوئِها هي, إلا أنهُ كان يحيا عاصِفة بداخلِه, الكثير مِن المشاعِر كانت معدتُه تؤلِمُه بشِدة بسببِها, يدانِه اللتان تحمِلانِها تحُكانِه وكأنهُ أمام حشد لا نهائي مِن البشر, ودقاتُ قلبِه! اللعنة.
كُل تِلك الأشياء, هذا ما يخشى, لا يُريدُ تصديق ذلِك ولكِنهُ يحدُث, ليس لهُ يدٌ في أفعالِ قلبِه.
"علينا إكمالُ سيرِنا الأن."
تمتم وقد عاد بعضُ الوضوحِ إلى صوتِه.
هزت رأسها وابتعدت, في طريقِه بأبعادِ ذراعِه اليمنى أنزلها حتى أمسك بيدِها مُجددًا, حاول الابتِسام إلى وجهِها الذي مازال يُحدِقُ في اتجاهِ الأرض, شددت على يدِه لكِن دون أن تنظُر وكأنها تخفي شيئًا ما في وجهِها لا تُريدُ مِنهُ رؤيتَه.
كانت أوريانا مُستمِرة بتحدِيقِها المُندهِش بكليهِما, واضعة الحقيبة التي بدت طويلة لها على كتفِها, حينما وصلا بسيرِهِما إلى الصغيرة ابعدت ماتيلدا يدهُ عن خاصتِها بلطف وأحاطت جسدها بكِلتا ذراعيها لتولِد حرارة ليس لها مِن رجاء, استمر بالابتسامِ وقد اقترب من الطِفلة وقد أعاد توصيلَ أصابِعهِما في فعلٍ أصبح اعتياديًا بشِدة.
استمروا بسيرِهِم في الفراغِ لساعاتين أخريين, تمنى ان يكونوا قد اقتربوا مِن أي شيءٍ, تمنى أن لا تأخُذ الرِحلة أكثر مِن بعضِ الأمتارِ الإضافية.
في سيرهِم استمرت أوريانا بحملِ حقيبتِه, يبدو أنها كانت فخورة مِن تِلك المُهِمة المهيبة.
لقد رحَلَ عن عقلِه تمامًا كُل المخاطِر التي قد تنتُج عن ذلِك.
"أنتُم!توقفوا مكانكُم!"
نادى صوتٌ دنيء غليظ عليهِم مِن الخلفِ في ظُلماتِ الليلِ.
____________________
معاني الأسماء:
ماتيلدا~القوةوالنصر في المعركة
أوريانا~الشروق
أردين~الدفء
حلقة بي تي أس رن امبارح خلتني أبكي وأضحك كثير :') ❤
أحب صداقتهم😭✨
أهداء إلى seathru كشكر على دعمها الرائع✨
شكرا على القراءة، لا تنسوا التعليق والتصويت 💕
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top