Fifteen.
لَم يكُن مِما يثيرُ الدهشة أن الخالة بيلاتريكس أغرقَتهُم بشتى أفعالِ المحبة, حتى هو أيضًا.
في العصرِ الذي أقبلوا بأقدامِهِم على المنزِل, أرسلَت ماتيلدا رِسالة, امتدَت أحرفُها المبعثرة حتى ملأت معالِم الصفحة جميعًا, شرحَت فيها عن كُلِ ما مروا بِهِ, أو مُختصَرِ إفادَتِهِ, وأرسلَت بِها إلى لندُن.
وصلَ الجوابُ على رسالتِهِم في المساءِ التالي, بدونِ تفاصيلَ عديدة, كتابة ليسَت شديدة الانتِظام, بخطِ والدِها
تعشَشَ اضطرابٌ شديد في وجهِ ماتيلدا بعد قراءة الرِسالة, حتى امتلأت مُقلتاها بِبعضِ الدموع, بقي هو جاهِلًا لسببِ ردِ فِعلِها حتى قرأ المكتوبَ بعينيه.
في الرسالة, هم كانوا سعيدين بسلامتهِم, آسِفينَ لعدمِ حذرِهِم باختيارِ المكانِ, ومُنبئينَ بتركِهِم لِلمنزِلِ السابِق ذهاباً إلى شقة صغيرة مِما وفرتِ الحكومة, ليسَ لسبِبٍ سوى أن المنزِل أضحى حُطامًا قبلَ يومينِ حينما ساءَ حظُه حتى وصلتهُ قذيفة و دمرته, لذا أصروا أن يبقوا في نوتينغهام حتى إشعارٍ أخَر.
على الأقلِ هُم كانوا بخير, ذكر بينما واساها مُحتضنًا, اكتفَت بدعكِ الدموعِ بعيدًا عَن نَمَشِ وجنتيها.
بما أنهُم كانوا يسكنونَ في منزلٍ أصغَرَ مِن الخاص بالكهلينِ, لم يكُن قد وُهِب غُرفة خاصة بِه, كانت هُناك غُرفة واحِدة إضافية مُنكمِشة الجُدران, تكوَنَ الغُبارُ في هيئة أغلفة سميكة على أرضِها, أُعطيت لماتيلدا وأوريانا بعدما حاولوا تنظيفَِها, بينما هو, بعد أسفٍ مُطول, أعدوا لهُ العلِية كي يباتَ فيها.
لم يتذمَر بتاتًا, قد كانَت موحِشة مساءً في حضورِ الليلِ الذي لَم يوجَد سوى ضوءٍ عقيم في سقفِ الغُرفة ينيرُه, ولكِنها كانَت بديعة لِلنفسِ عِندما تكسِرُ الشمسُ حاجِز الليلِ مُتسللة إلى أحضانِ اليوم.
في وضَحِ النهارِ بعد الفجرِ بما قاربَ الساعتين, نزِلَ السلالِمَ إلى الطابقِ السُفلي ليأكُل شيئًا, أنسَ المكانُ وجود ماتيلدا وأوريانا فقَط, لم تكُن الخالة وعائِلتُها يفتحونَ أعيُنهُم قبلَ التاسِعة, بينما هُو والفتاتان قد اختلفَت وتيرةُ ساعاتُ نومهِم فكانوا يستيقِظونَ قبلًا.
على المائِدة الخشبية التي كانت فارِغة إلا مِن شطائِر مربى الفراولة التي حضرتها ماتيلدا, تناولوا فطورَهُم مختصرينَ أحاديثَ كثيرة كي لا يكونوا محضَ إزعاجٍ لِلنائمين, هو وماتيلدا لا أوريانا طبعًا, استمرَت الصغيرة بأحاديثِها العشوائية, وضحِك هو عدة مراتٍ عندما أخذت ماتيلدا تُلِح عليها أن تُخفِض مِن نبرةِ صوتِها.
كانت ماتيلدا تحاولُ بعينيها حملَ سيرِ نظَرِه, تتأملُه, تقودُ قلبَهُ إلى هاويةِ الجنون, لا يعرِفُ بما يصفُ ذلِك جميعًا.
يبتسمُ بخجلٍ مُستمِر.
يغرقُ بهناءِ مشاعِرِه الفياضة.
ويدفعُ بحقيقة أن كُل هذا ليس سوى جَريرَة.
عندما انتهى, صعِد الأدراجَ يعرُجُ إلى أعلى السُلمِ المُتزعزِع نوعًا, يا لها مِن مَهزلة, هو كانَ في بدايةِ المُهِمة يمتثِلُ العرَجَ ولكِنهُ أعرجٌ بالحرفِ الأن, ضحِك ساخِرًا شاقًا دربَهُ.
في الغُرفةِ كانَ يائِسًا يحاولُ إبصارَ طريقة سيتمكنُ مِنها مِن ترتيبِ أي شيءٍ حولَ موضِعِ مضجِعِهِ, لم تكُن هُناك سوى مرتبة مُهترِئة, وسادة برائِحة مُغبِرة , و غطاءٍ صَنِعَتهُ أنامِل الخالة بيلاتريكس المُفلطحة, ماذا يمكِنُهُ أن يُنَظِم حتى؟
مُمسِكًا بأطرافِ الغطاءِ المنسوجة في سبيلِ طيِهِ, طُرِقَ بابُ العِلية, أذِن لصاحِب القدمين ِالقابِعة خلفَ البابِ بالدخولِ, فأطلَت عَليهِ ماتيلدا بشعرِها القصيرِ المُبعثَر ووجهِها المُنمَش.
"أهًلًا."
كانَ صوتُهُ مُختَل الأنفاسِ دونَ سقَمٍ لوجودِها حولَه.
"أهلًا."
نبرتُها ثابِتة أكثَر, لكِن خجِلة دونَ شكٍ, تحمِلُ شيئًا في القبضة وراءَ ظهرِها.
تأملَت ذراتَ الغُبارِ المُتراقِصة في أشِعةِ الشمسِ الخافِتة, صامِتة تمامًا للحظات.
"لقَد أحضَرتُ شيئًا يخُصُك."
تمتمَت تسحبُ القَبضةَ وراءَ ثوبِها المُزركَش, بينَ أنامِلها حملَت مُذكِرتَهُ العتيقة.
لقَد نسي أمرها تمامًا.
اللعنة على عقلِهِ دائِم التشتيت.
"احتفظتُ بِها مُنذُ أن أُصِبتَ, أسِفة أنني اخذتُ وقتًا حتى سلمتُها لكَ, لكن كانَ هُناكَ الكثيرَ مِن الأمورِ التي تحدُث."
طأطأت رأسها بذنب ثم عوضَت بِبشاشة خجِلة قبلَ توجيهِها إليه.
"شكرًا جزيلًا لحفظِكِ إياها."
جمعَ رباط صوتِهِ كي يقول, كانَ مُتحسِرًا على قلةِ فطنتِهِ لكِن شاكِرًا لها بشِدة.
"لا بأس."
ابتسمَت مواجِهة لعينيهِ مُباشرة, رفرفَت عشيرة مِن الفراشاتِ في المِنطقة فوقَ معِدتِه.
ثم سحبَت خِفة قدميها عائِدة أدراجها إلى الطابِقِ السُفلي, تارِكة إياه.
علِقَ في غشاءِ عقلِهِ خيالُ ابتسامتِها, تحجَرَ لحظاتٍ دونَ حراك, ولكِنهُ سارَعَ بتفقُدِ المُذكِرة التي بدَت شعثة بشِدة الأن, فأخِرُ ما حدثَ قبلَ الهجومِ عليهِم هو إرسالُ والدِهِ لعدةِ رسائِل عجِز هو عنِ الاطلاعِ عليها.
توقفوا عن الحراك.
كانت الرسالة الأولى.
هُناكَ قطاع طرُق متجهونَ إلى مسارِكِم توقفوا عن الحراك!
حاولوا الاختباء!
لا تستمروا في السيرِ إنهُم خطيرون حاولوا الابتِعادَ عن انظارهِم!
خُطَت جميعُ تِلكَ الكلِماتِ على الورقِ الذي امتزجَ بياضُهُ المُصفر بِبُقعٍ مُخضرة كونَها العشبُ عبثًا.
اعتَلَت وجهَهُ بسمة اعتيادية, لو أنهُ رُبما أبقى المُذكِرة بقُربِهِ لما كانوا اضطروا إلى خوضِ تِلكَ المُعضِلة, ولكِنهُ ليسَ نادِمًا تمامًا, بل واقِعًا أزهرَت في قلبِهِ براعمٌ مِن فخر, قد تمكَنَ مِن تدبُرِ شيءٍ ما دونَ تعاليمِ والدِهِ لمرة, وكانَ قادِرًا, ولو نوعًا ما, مِن حفظِهِم مِن الخَطَرِ.
عندما انتَهَت عيناهُ مِن مسحِ الأحرُف المرصوفة لكلامِ أبيهِ, ابتلعتها الصفحاتُ بعيدًا عن ناظريهِ وكأنها لَم توجَد يومًا.
تِلك الكلماتُ التي لَم يستطِع أحدٌ سواهُ قراءتها, وكانَت ترحلُ حال انتهائِهِ مِنها.
أخذَ قرارًا بإغلاقِ المُذكِرة ووضعِها على خشبِ الأرضِ حتى يخلُصَ مِن تنظيفِهِ, وقد باشَر بِهِ.
ولكِن في أخِرِ خطواتِ فعلِهِ قبلَ طبقِ الدفتَرِ, أوقَفَهُ ولادةُ أحرُفٍ أخرى على الأوراقِ الباهِتة.
لقَد انتهَت مُهمتُك, عليكَ العودة إلى الحاضِرِ الأن.
*****
جلَسَ يحتضِنُ ثُقلَ رأسِهِ على المرتبة.
مضَت أكثرُ مِن عشرِ دقائِق مُنذ رسالاتِ والدِهِ, بينما هو قابعٌ , خائِرُ القوى, يقاسي عجزَهُ على التصديقِ.
معكَ ساعة واحِدة كي تخرُج قبلَ أن يفيقَ الباقون ويصبِحَ الوضعُ مُعقدًا.
بكُلِ بساطةٍ أمَرَ.
ليسَ وكأنهُ لَن يستطيعَ الخروجَ بعيدًا, هو فقَط لم يُرِد.
بعدَ كُلِ شيءٍ؟
بتِلك الطريقة فقَط؟
لم يستطِع كبحَ مشاعِرِ الحِقدِ المُتكونة اتجاهَ والدِهِ في وجدانِه.
ولَم يستطِع كبتَ ارتباكِهِ وحُزنِهِ أيضًا.
ارتَفَعَ بجِذعِه خائِر القوى, على عجلٍ وضَعَ المُفكِرة في أحضانِ حقيبتِهِ, حاولَ دونَ إدراكٍ تنظيمَ المكانِ للمرة الأخيرة.
على الأقلِ سيترُكُهُ نظيفًا.
ثُم خرجَ مِن الغُرفةِ جاهِلًا لدربِ خطواتِهِ التالية.
كُل ما كانَت تصرُخُ بهِ الخلايا المذعورة بعقلِهِ, كُل ما كانَ يصيحُ بهِ قلبُهُ النابِض, هو اسمٌ واحِد.
ماتيلدا.
سمِعَ صوتًا مِن وراء بابِ الغُرفة المُشتركة بينها وبينَ أوريانا, أسرعَ بخطواتِهِ الثمِلة نحو البابِ, ووسعَ شُقَهُ داخِلًا دونَ استئِذانٍ حتى.
"جونغكوك!"
اعتلَت وجهُ ماتيلدا ابتسامة مُتسائِلة لدخولِهِ المُفاجِئ.
"ما الأمرُ؟ لماذا تبدو مُرتعِدًا؟"
"سأذهَب."
دونَ ابتِذالِ المُقدِماتِ بدأ.
"تذهبُ أين؟"
أكملَت تساؤلاتِها الهادئة, لَم تكُن قد أدركَت بعدُ.
"سأرحلُ عائِدًا."
أكمَلَ بثباتٍ زائِف, لَن ينفعِل.
"أنا أسفة, ولكِن عن ماذا تتحدَث؟"
ضحِكَت بضعفٍ وقَد ازدادت بشاشةُ محياها, لا تزالُ غير قادِرة على الفهمِ.
"سأعودُ إلى موطني."
نبرة جافة, انخفضَت زوايا شفتيها.
"هَل تمزحُ معي الأن؟"
سخِرت بانزِعاج.
"لا, لم أكُن جادًا أكثَرَ مِن الأن, سأعودُ إلى كوريا وأتيتُ كي أودعَكِ."
لانَ صوتُهُ لمرورةِ الواقِعِ.
"تعود إلى كوريا؟ وكيف ستفعلُ هذا بحقِ السماء؟ أنتَ لا تعرِفُ كيف حتى!"
صاحَت غير أبهة بالنيامِ بعدَ الأن.
"بلى أفعَل, قد أخفيتُ الأمرَ عنكِ لوقتٍ قصير, ولكنني تواصلتُ مع عائِلتي سابِقًا وأخبروني ببعضِ الرسائِل عَن المكانِ الذي علي التوجهُ إليهِ."
حكى واستمرَت عيناها الزرقاء بنهشِ وجهِهِ غضبًا دونَ رحمة.
"لكنني آثَرتُ البقاءَ للمزيدِ مِن الوقتِ برفقتِكُما."
"أتمزحُ معي؟ تبقى هُنا والأنَ, فقطِ الأن، تريدُ الرحيل؟!"
دفعَتهُ بهزالةِ يديها بينما احمرَ بياضُ عينيها.
"بعدَ كُل هذا؟!"
"أ-أنا أسِف, لكِن علي فعِلُ ذِلك, لا يمكِنُني البقاء, سامحيني."
ارتجَفَ صوتُه مُقترِبًا مِنها مُرتجيًا نهايةَ سلوانِ وجودِها قبلَ الرحيلِ.
"اللعنة عليك! أنا لا أهتَم, أرحَل! مُت! فقَط ابتعِد عني!"
ضربَت على صدرِهِ مرارًا صائِحة بينما خانتها عيناها كذبًا بالعبَرَاتِ.
"أنا أسِف."
همسَ نهاية, لَن يُرغِمها على توديعِهِ, لَن تقِلَ ردةُ فعلِهِ عن خاصتِها لو قبعَ في مكانها.
خرجَ مِن الغُرفة وقّد بقيت هي ولحِقتهُ شهقاتُها, كانَ عليهِ توديعُ أوريانا الأن, و لَن يقِل الأمرُ فظاعة عَن هذا بتاتًا.
"أ-أوريا."
نادى في أسفلِ السلالِمِ عِندما لَم تكُن في ناظريهِ, قلبُهُ على وشكِ الانسِحاقِ تحتَ ضغطِ الألمِ.
"كوكي!"
أجابهُ صوتُها وقَد ركضَت باتجاهِهِ وعلى وجهِها إشراقةُ الصباحِ.
"أنا ألعبُ بأحجارِ الشطرنجِ هل تريدُ مشاركتي؟"
"لا أعتقدُ أنهُ يمكنُني."
ركع موازيًا لطولِها ولكِن مازالَ يرتفعِ ببعَضِ الإنشاتِ عن بدنِها.
"لما لا؟"
تساءلت مُمايلة برأسِها.
حدقَ باتساعِ عينيها المُنيرة, لَن يكونَ قادِرًا على النطقِ بالحقيقة.
"ل-لدي مكانٌ علي الذهابُ إليهِ لبعضِ الوقتِ."
بأصابِعِهِ أمسَكَ يدِها الضئيلة, لأخِرِ مرة.
"حسنًا، عد قريبًا."
اعتصرَت يدَهُ بلُطفها الطفولي.
سأحاولُ."
شعرَ بخنقة ترتفعُ في بلعومهِ, خشى أن يبكي أمامها فاحتوى جسدها حاضنًا.
بادلتهُ الفِعل عفويًا رابطة ذِراعيها حولَ عُنُقِهِ، ثوانٍ ثُم تفرقا.
راحت تقطعُ طريقها مرة أخرى إلى المطبخِ حيثُ كانَت سابِقًا.
تنهدَ ضعيفًا، بعينيه احتضنَ تفاصيلَ وجودِ المنزِلِ، ثم نهاية، أدارَ مِقبضَ البابِ.
"انتظِر!"
صاحَ صوتٍ باكٍ مِن أعلى الدرجِ.
خطواتٌ هَلِعة، محيا ماتيلدا الدامِع، ثم ارتطامهُا بهِ، دافِنة وجهها بعرضِ صدرِهِ.
"إبقى."
همسَت ولهيبُ كلماتِها يلفحُ بهِ.
"أرجوك."
"أتمنى."
أغرقَ تفاصيلهُ في شعرِها الهائِج.
"لكنني لا أستطيع."
ازدادَت وتيرةُ دموعِها، شددت قبضة أنامِلها على قميصِه، كان هو على حافة البكاءِ أيضًا.
"هل ستعودُ يومًا؟"
أردفَت.
"لا، هذا صعبٌ جدًا، كلٌ مِنا عليهِ المِضيُ في حياتِه."
أكدَ آسِفًا.
"لقد سرِرتُ بمعرفتِكِ كثيرًا، أنا شاكرٌ جدًا على كُل شيء."
همسَ قبلَ أن يلامِس بشفتيهِ أعلى رأسِها مُقبِلًا.
"اهتمي بنفسِكِ وحقِقي أحلامَكِ التي أخبرتِني عنها."
ولدا مسافة ضئيلة تمكنَ مِن خلالِها بحملِ وجهِها في يديهِ ماسِحًا خديها مِن أثقالِ الدموع.
"تستحقينَ أن تحيي حياة كامِلة سعيدة، لا تَترددي أبدًا."
اجترعَ لمعانَ عينيها وهي ترتجِف.
"لما لا ت-تنتظِرُ استيقاظهُم على الأقلِ حتى يوصِلوكَ حيثُ تريدُ بالسيارة."
صوتُها بدا غيرَ ثابِت.
"يمكنُني تدبُرُ الأمرِ."
أجاب.
أنهى كُلَ شيءٍ بقُبلة أخيرة على جبهتِها الدافئة.
ابتعَدَ، شهقَت محاوِلة إيقافَ نارَ بُكائِها، لوَحَ مرة أخيرة موسِعًا شُقَ البابِ، لوحَت أيضًا بوهَن، ثم اختفَت وراءَ الخشبِ عِندَ خروجِهِ.
لقَد انتهى.
عرَجَ في سيرِهِ على الشارِعِ الفارِغِ نِسبيًا.
اذهب إلى السهلِ في نهايةِ الطريق.
لبى بفراغٍ طلَبَ أبيه، بعدَ شعورِهِ بحرارةٍ تنبثِقُ مِن داخِلِ حقيبَتِهِ.
أبقى المُذكِرة في يدِهِ بينَما أكمَلَ السيرَ.
مع كُلِ خطوةَ يأخذُها يشعُرُ بداخِلِهِ يشتعِلُ ألمًا أكثَر، يُحِسُ بالضغطِ المُتزايدِ على قنواتِهِ الدمعية، حتى ماعادَ قادِرًا على تمالُكِ نفسِهِ.
أعمَت مياهُ عينيهِ بصيرَتهُ مِن رؤيةِ لونِ الأُفُق الأزرَقِ مَع خطوطٍ سُفلية وردية.
توجَهَ إلى خلفِ الشُجيرة.
أومأ بينَ بُكائِهِ مُغلِقًا المُذكِرة ثانية، وتوجهَ إلى المكانِ المنشودِ.
جلَسَ على الأرضِ العُشبية خَلفَ الشُجيرة، أغلقَ جفنيهِ على عينيهِ، وفي لحظاتٍ شعَرَ بالأرضِ تلتفُ مِن حولِه.
لاحِقًا أحَسَ برُكبتيهِ تصطدِمُ بالأرضِ البارِدة المعهودة أمامَ آلة الزَمنِ الذميمة.
اختفى شعورُ الألمِ الواخِزِ فوقَ فخِذِه، لكِنَ قلبَهُ اعتصَرَهُ دون هوادة.
"أنتَ بخير."
سَمِع صوتَ والدِهِ بينما اختضنَتهُ أمُه راكِعة على الأرضِ قُربَه.
عندما وصلَ الحاضِر كانت الساعة 9:45 مساءً
لقَد كانَت ساعة واحِدة وبضعُ دقائق فقَط.
_____________________
إهداء إلى Rmjkfj لأنها تستحق كُل الحب، ولدعمِها الرائِع❤
حاولت تقسيمَ الفصلِ كما اقترحتِ، ما رأيُك؟❤
فصلين وتنتهي القصة✨
شكرا على القراءة، لا تنسوا التعليق والتصويت 💕
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top