6
استيقظ زين من النوم، و وجد الفطور على طاولة الطعام مرفقا بورقة صغيرة، كتبت بخط العم أحمد
" بني أنا ذاهب إلى ورشة عملي في آخر الشارع، تناول فطورك، و تصرف بأريحية في المنزل "
إتجه زين نحو دورة المياه ليعود بعد بضع دقائق لتناول فطوره، لتطرأ على ذهنه فكرة جعلت ابتسامة عريضة ترتسم على ثغره
اتجه زين نحو ورشة عمه في نهاية الشارع كما أخبره، كانت ورشة كبيرة لصنع كل ما تربطه علاقة بالخشب، ابتسم العم أحمد حين رأى زين ليقول زين كإجابة على السؤال الذي سيطرحه عليه
-" عمي، هل يمكنني العمل معك، سأقوم بما تمليه علي، و ثق بي فأنا أتعلم بسرعة "
-" بني، أنت لم تعتد على مثل هذه الأعمال ... "
-" ألا تثق بي يا عمي، لابد أنك تظنني شابا مدلل، لكن صدقا لست كذلك، و سأغير رأيك بي "
وافق السيد أحمد على طلب ابن أخيه، و قرر أن يمنحه فرصة في إثبات نفسه، ليبدأ بسرد إحدى ذكرياته مع والد زين
-" والدك لم يكن يستلطف حبي لهذا العمل، و منذ الصغر كان يسخر مني حين أقول له بأنني سأصبح نجارا معروفا، كان يقول أن الشخص يجب أن ينظر إلى فوق، لا إلى أمامه فحسب، كان يشجعني على صنع طموحات كبيرة كطموحه بأن يصبح رجل أعمال مشهور، لكن حبي للخشب كان أكبر من أن يختفي بكلام أخي الصغير ... و ها هو قد صار مشهورا كما لطالما تمنى، و أنا ما زلت أعيش قصة حبي للخشب "
ابتسم زين بخفة حين رسم في مخيلته صورة والده و هو صغير بطموحات كبيرة، و ما هي إلا دقائق حتى طرقت فتاة باب الورشة، ليوجه جميع من في الورشة أنظارهم إليها، لكن المتفاجئ الوحيد هو زين طبعا، لقد كانت فتاة قصيرة القامة، ترتدي سروالا قماشيا أحمر و حجابا أسود و قميص أبيض، عاشقة فوضى الألوان ... سلسبيل و من غيرها
ركزت نظرها على زين لثواني ثم امتثلت أمام العم أحمد، لتقول بصوتها الهادئ
-" سيد أحمد ... هل تقوم بصنع علب خشبية ؟"
-" هل يمكنك وصفها ؟! "
-" علبة صغيرة تسع دفترا من الحجم الصغير ... أريدها مع قفل رجاء "
-" ألا تريدين شكلا معين لها ؟! "
-" يمكنك اختيار الأنسب ... لكن آمل أن تنقش عليها جناحين "
-" جناحين ؟! ... أتقصدين كأجنحة الفراشات ؟! "
-" لا ... بل مثل أجنحة الجنيات ... كجناحي تينكربل "
طوال فترة وصف سلسبيل للعلبة كان زين يمعن التحديق فيها، دون أن تنتبه إليه، لكن حين تحدثت عن أجنحة تينكربل لم يستطع إمساك ضحكته، فانفجر ضاحكا بقوة، كما فعل غيره من العمال في الورشة، عدا السيد أحمد الذي اكتفى بالابتسام للفتاة الطفولية أمامه، و التي احمرت وجنتيها حرجا، ليقول زين بعد أن لاحظ انزعاجها
-" آسف أيتها الطفلة الكبيرة ... سأقوم بصنعها لأجلك ... و سأنقش شكل جناحي تينكربل أيضا "
أومأت له بابتسامة مزيفة، فهي تكاد تنفجر غيضا، لكنها لا تستطيع فعل شيء بوجود العم أحمد و العمال، و ما أن خرجت حتى وقعت من محفظتها مذكرة صغيرة، فلحق بها ليعيدها إليها لكنها كانت تستشيط غضبا
-" إنتظري يا حادة الطباع "
-" إرحل أيها القرد الفرنسي المزعج ... كف عن اللحاق بي "
-" تبدين جميلة حتى و أنت غاضبة "
-" إرحل أيها المنحرف "
لم تمنح سلسبيل أية فرصة لزين ليخبرها أنه أراد إعادة مذكرتها، فقد رحلت بسرعة بعد أن صرخت في وجهه، و ابتسم بمكر و هو ينظر إلى المذكرة، و الفضول يأسره ليرى ما بداخلها، فأدخلها في جيبه و عاد للورشة، ليقول السيد أحمد
-" أحدهم تشع عينيه بريقا "
-" لقد كشفتني ... إنها مثيرة للاهتمام "
-" هي من أسرة محترمة، متواضعة تقطن بعد شارعين من هنا "
فتمتم زين بين أنفاسه بابتسامة نصر على شفاهه
-" هكذا إذن ... صرنا جيرانا يا ذات النظرة الثاقبة "
نظر إليه العم أحمد و قال بنبرة تحذير
-" لا أنصحك بالتلاعب معها، فهي أذكى مما تبدو عليه "
ليومأ له زين، و بالطبع لن يعمل بكلامه، فقرر أن يتسلم مهمة صنع العلبة لأجلها، لذا عمل بجد على تصميمها، و كان العم أحمد يبتسم بدفئ و فخر و هو يراقب ابن أخيه الذي يمزج كل مشاعره في مهمته .
-----------------
شكراا على الفووت 😍💓 :
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top