5
وقف أمام موظف الاستقبال في ذاك الفندق المتواضع ينتظر إكمال الإجراءات، ليقول الموظف بنبرة أسف
-" آسف سيد زين لكن حسابك في البطاقة الائتمانية غير قابل للسحب "
-" حسنا ... شكرا لك "
شدد زين قبضته و هو يدرك تماما أن والده من أوقف حساباته ليضغط عليه للعودة إلى فرنسا، لكن ما كان ليستسلم، اتصل بأحد أصدقائه
-" Hey Daniel "
-" Hi Zayn, où est tu ?"
-" Daniel je suis besoin d'argent, je ne peux pas revenir maintenant en France, stp aide moi "
-" Zayn tu sais que ma mère est malade, mon père ne travaille pas, je ne peux t'envoie que 200 Euro "
-" Merci Daniel ... Merci bcp "
لم يكن سهلا على زين أن يطلب المال من دانييل، لكنه كان مضطرا لذلك، دانييل زميله بالمدرسة و هو مقرب منه، رغم فرق الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها كل منهما، فدانييل إسباني الأصل انتقل للعيش في فرنسا منذ مراهقته، و ينتمي لعائلة من الدرجة المتوسطة، بينما زين من عائلة عربية غنية، مقيمة بفرنسا، لكن المال لا يحقق كل شيء، فها هو قد سافر بعيدا جدا عن بلده، عن عائلته، و عن كل شيء يذكره بما عاناه في الفترة الأخيرة
قرر أخيرا أن يبيع سيارته، على الأقل سيستطيع الحصول على الطعام، و الفندق حيث سيمكث، و بعد أن أخذ المال أخرج المنديل من جيب سرواله نظر مطولا إليه ثم ابتسم ليعيده إلى جيبه
تذكر شخصا يمكنه مساعدته، الشخص الذي لطالما وقف إلى جانبه، عمه أحمد، ابتسم بسعادة، ليذهب إلى منزل عمه، و كان تفكيره صائبا، فقد فرح السيد أحمد كثيرا حين رأى ابن أخوه أمام عتبة منزله، عانقه بقوة، ليستقبله في منزله المتواضع، كان مرتبا و نظيفا جدا نظرا لكونه منزل أرمل وحيد
-" أنا سعيد جدا عزيزي زين، لأنك تذكرتني، و جئت أخيرا لزيارتي، لقد صرت أطول عن آخر مرة رأيتك فيها "
-" أجل مضى وقت طويل ... لم أستطع حضور جنازة العمة سيرين "
-" لا بأس بني أعرف أنك كنت لتنهار لو رأيت مشهد دفنها، لقد كنت تعتبرها كوالدتك "
شعر زين بالألم حين تذكر أمر زوجة عمه، فقد كان متعلقا بها كثيرا، لذا قرر تغيير الموضوع
-" عمي هل يمكنني المكوث عندك لبعض الوقت ؟! "
-" و هل هذا سؤال يا بني، أنت تعرف أن أبواب هذا المنزل مفتوحة دوما في وجهك ... لكن ما الذي حصل لتغادر فرنسا ؟! "
أغمض زين عينيه بقوة و هو يتذكر ما واجهه خلال الفترة الأخيرة، و ما جعله يغادر وطنه ليحاول التناسي، ليفتحهما بعد سماع كلام عمه
-" منعك والدك من المشاركة في مسابقة الغناء ؟؟ "
-" كيف عرفت ذلك ؟! ... على أي هذا ليس السبب الوحيد، لقد كنت في مركز إعادة التأهيل لسنتين، بالكاد تخطيت الإدمان على الممنوعات ... تطلق والداي، لقد تزوج السيد مالك بشريرة تسعى خلف المال، و تنشر سمها في أركان المنزل، الجميع يعرف أنني لم أعد مدمنا لكنها أخبرت والدي أنني ما زلت أتعاطى المخدرات فقط ليطردني من المنزل، أقسم لك يا عمي أنني لم أعد أتعاطاها، لكنها أفسدت علاقتي بوالدي، و حين عدت من الجامعة ما أن دخلت للمنزل حتى صفعتني بقوة، لم أعي السبب، تفاجأت، لأدرك أنها إحدى ألاعيبها لتزيد من حقد والدي، ظل ينظر إلي بصمت، و وجنتي ارتسمت عليها أصابع تلك الشريرة، لم أستطع تحمل المزيد، منعني من تحقيق أحلامي ... "
-" كان عليك أن تعيش مع والدتك "
-" أتعرف آخر ما قالته والدتي لي حين زرتها ؟ قالت أنها تخجل لأنها أنجبت فتى عديم الفائدة، يرسب بشكل متواصل، و ما زال يعتمد على والده ليعطيه المال ... ليتعاطى المزيد من الممنوعات "
خفض زين رأسه و دموعه تتساقط على الأرضية، لقد كان متهورا طوال فترة مراهقته، لكن حين قرر بداية صفحة جديدة لم يتلقى الدعم من أحد، لطالما شعر زين بالوحدة رغم كونه يملك عائلة، لكن والديه كانا في خلافات متواصلة، و حين تحتد شجاراتهما يمكث عند أحد أصدقائه، التجأ للممنوعات لعلها تخفف من بؤس حياته، لكنها لم تزد الطين سوى بلة، خاصة حين أدخله والده لمركز إعادة التأهيل، خرج من هناك ببؤس مضاعف، محطما تماما، و ما زال الحزن يرافقه رغم كل ما سببه له
عانقه السيد أحمد بقوة هامسا في أذن زين :" لا بأس بني ... لا بأس ... لو كانت سيرين معنا لقالت لك ... هناك خير خلف كل ما يحدث "
تذكر جملة سلسبيل التي ارتسمت في ذاكرته ليقول بهدوء و هو يمسح دموعه بباطن يده :" أجل هناك حكمة خلف كل ما يحدث " .
كان العم أحمد يعلم تماما أن زين ما كان ليغادر فرنسا من أجل زواج أبيه، أو قسوة زوجة أبيه، و لا حتى من أجل فقدان والدته لثقتها به، كان يعلم جيدا أن زين لا يبكي إلا حين يبلغ حدود الانهيار، و حين يصبح الأمر بالغ الألم، فلطالما أخفى دموعه حتى حين كان صغيرا، لكن ها هو قد سقط بين أحضان عمه و دموعه تتساقط من عينيه كقطرات المطر في ديسمبر .
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top