XXVII

المفروض ازغرط ان البارت خلص 😂💃

يا ريت تشوفوا الفصل الي نشرته بعنوان "مسألة حياة أو موت" أو ادخلوا لكتاب مسابقة (كن الأول) في حساب Be_First فيه بارت خاص بالتصويت اتبعوا التعليمات وصوتوا لفجر ديانا بليييز 😭

استمتعوا بالفصل 😁❤


🌟 🌟 🌟

يا ليتهم ينظرون إلى ما وراء قناعها، حقيقتها التي تحرص -دون وعي منها- ألا يدركها أحد. هي في نظر الجميع فتاة بروحٍ مرحة، لا يعرف الحزن لها طريقًا، ولكن... هل رأوا عبراتِها على وسادتها ليلًا، أو عندما تكون وحيدة؟ أم سمعوا أنين روحها المُنهكة من كل شيء؟ ببساطة هم لم يبصروا إلا ابتساماتها العريضة الملتصقة بشفتَيها طوال الوقت، ولم يصغوا سوى إلى صوت ضحكاتها المجلجلة التي تطلقها من حين لآخر -بسبب أو دونه- .مازلت أجهل من أين لها بهذه القدرة العجيبة على مجابهة كل ما يحصل، دون أن تنهار أمام أحدهم!

كانت أفكار ويليام تتضارب داخل عقله أثناء احتضانه لديانا حتى عادت لنوم بعد عناء طويل، ووعوده اللا متناهية التي قطعها عليها، قائلًا أنه سيحميها، والأهم لن يسمح لها بأذية أحد؛ فأكثر ما ترتعب منه هو أن تتلطخ دياها بالدماء.

بعد أن كانت نائمة على الأريكة أثناء عمله، ومن ثم استيقاظها فَزِعة بعد رحيل آيزاك بفترة قصيرة، حمل جسدها ثم اتجه إلى باب جانبي في حجرة مكتبه، ضغط على زر بجانب إطار الباب الكرستالي مما جعله يتوهج، وعندما فتحه وجد نفسه داخل غرفة نومه في مملكة السحرة.

وضعها على سريره، ثم دثرها بالغطاء جيدًا رغم علمه بأنها لن تشعر بالبرد، طبع قبلة على جبينها، فأزاح خصلات شعرها النحاسية المتناثرة ليتأمل ملامحها البريئة.

خرج بعد فترة قصيرة قاصدًا حجرة شقيقه، وقد علم بنقل كارمن إليها بطلب من لوكاس، وقبل أن يتسنى له أن يطرق الباب فتحته والدته والغيض يغزو ملامحها الحادة.

- ما سبب غضبكِ؟

اعترض ويليام طريقها أثناء محاولتها لسيطرة على غضبها، فأجابت: شقيقك أكثر غباءًا من والده، سيسبب لي الجنون حتمًا.

نظر ويليام نحو شقيقه الواقف خلفها ببضعة أمتار، ومستندًا على الجدار، عاقدًا ذراعيه على صدره، ثم أعاده إليها قائلًا بهدوء: كل شيء وله حل، لا تشغلي بالك.

نفثت نفسًا عميقًا تحاول أن تهدء من نيران غضبها، ثم قالت:

- لا أعرف سبب إحضارها إلى حجرته إن كان سيتركها ترحل بمجرد شفائها.

- هذا شأني ولا أرغب في تدخل أحد.

تدخّل لوكاس فحدجه ويليام بنظرة حارقة ألجمته، فأعاد تركيزه إلى والدته متحدثًا بهدوءه المعتاد: سيعود إلى رُشده، لا تقلقي، فهناك ما هو أشد سوءًا لنشغل تفكيرنا به حاليًا.

صمت قليلًا ثم أردف: أيمكنك البقاء بجانب ديانا في حجرتي حتى أعود؟ تركتها نائمة ولكنني لا أريد أن تبقى وحدها.

تنهدت بحزن واضعة يدها على ذراعه فقالت: أعلم أنكم تمر بوقت عصيب، وفاة ألفين أوجعت الجميع، وأدري كم كنتما مقربَين ومقدار الفراغ الذي سيتركه وراءه، وحالة ماثيو التي لم نجد لها حل بعد.

ترددت قليلًا ثم أردفت: بني، لا تزد الحِمل على ظهرك واسمح لوالدك بمساعدتك، فهو يعلم جيدًا كيف يقود جيشًا، وكيفية تدريبه.

بمجرد ذكر والده كسا البرود ملامحه، ثم قال بعد فراغها من الحديث: سنأخذ ماثيو إلى مملكة اللارميين غدًا، وسنجد حلًّ بالتأكيد، أما بخصوص الجيش فلن نكون وحدنا، ولا أظن أن هناك أحد يستخدم عقله سيسمح لوالدي بأن يقوده، جميعنا نعلم جيدًا ما فعله ذلك الملك المبجل حتى يوسّع مملكته العظيمة.

تدخّل لوكاس قائلًا بنبرة مغتاضة: توقف عن التصرف بأنانية، وفكّر بمصلحة الآخرين قبل نفسك.

حاول ويليام التحكم بنيران غضبه المتأججة، فقال من بين أسنانه المطبقة: أنت آخر من يتكلم عن التضحية من أجل الآخرين، لقد رحلت عندما كانت والدتك في أمس الحاجة لوجودك، والآن تركت الفتاة التي أحبتك بكل صدق لأن حضرتك لا ترغب في نسيان حبيبة القلب تلك، التي لفّقت موتها لتذهب مع عشيقها مستغلة كونك لا تستطيع سماع أفكارها.

مسح ويليام وجهه بكفّه وقد تمنى لو يعود به الزمن ليمتنع عن قول ما تلفظ به قبل ثوانٍ، وقد تصنّم كُلًا من لوكاس ووالدته إثر الصدمة.

أشار ويليام نحو كارمن النائمة على السرير الواسع الذي يتوسط الحجرة، ثم أردف: توسلتني أن لا أخبرك حتى لا تتألم، حاولَت بكل ما تملك من جهد أن تُنسيك تلك الـ....

منع ويليام نفسه من إكمال جملته حتى لا يتلفظ بأبشع الشتائم، ثم تابع: ظنت أن حبها لك قد يداويك، ولكنك كنت وغدًا، فتركتها ترحل عنك ظنًا منك أنها ستستبدلك بشخص آخر.

الصدمة جمدت لوكاس ومنعته من إبداء ردة فعل لحديث شقيقه، انعقد لسانه، وأحس بجسده يهوي إلى الأرض فسقط على ركبتيه، وقد شعر وكأن ساقيه تحولتا لهلام.

نقل ويليام تركيزه نحو كارمن، وظن للحظة أنها مستيقظة، لولا معرفته الأكيدة بمفعول المنوم الذي أعطاه لها الحكيم المشرف على حالتها الصحية.

همس لوكاس بنبرة خاوية من المشاعر: أين هي؟ وكيف لم اسمع هذا في أفكاركما؟

حدق ويليام نحو والدته بنظرة ذات مغزى لتستأذنهما متوجهة إلى الحجرة حيث ديانا، وبعد رحيل منيرفا أغلق ويليام الباب بهدوء، ثم قال بهدوء دون أن يزيح تركيزه عن أخيه: ابتكرت تعويذة تمنعك من التطفل على أفكاري طوال الوقت، أما عن مكان تواجدها فهي برفقة زوجها ووالد طفلها في النصف الآخر من الكوكب، إنه ساحر بالمناسبة، وهو والد ذلك الطفل الذي كنت تظن أنه ابنك.

أغمض لوكاس عينيه بقوة أخذًا نفسًا عميقًا ثم نفثه بسخط، آخر ما كان يتوقعه هو خيانة زوجته؛ فقد كانت تظهر له عشقًا لم يره أو يسمع عنه قَطْ، الألم الذي يحرقه الآن كان أضعافًا مضاعفة مما شعر به عندما نقلت صديقتها إليه خبر وفاتها الملفق، كيف تمكنت من خداعه بكل سهولة؟!

~٠~*~٠~

طرقت منيرفا على باب حجرة ويليام بخفة ثم فتحته، ولم تتخيل للحظة أن تجد ديانا مستيقظة، بل وتجلس على أحد المقاعد المنجّدة بالقرب من باب الشرفة الزجاجي.

ابتسمت منيرفا بحنان فقالت: أخبرني ويليام أنكِ نائمة، وقد طلب مني أن أبقى بقربك حتى يرجع.

حاولت ديانا أن ترد عليها بابتسامة إلا أنها فشلت، ثم قالت بصوتٍ واهن: لم أكن نائمة عندما ترك الحجرة، ولكنني كنت أتظاهر بذلك، لم أرغب في إقلاقه أكثر.

دنت منيرفا منها دون أن تختفي ابتسامتها المليئة بالحنان، ثم جلست قبالتها فقالت بعتاب: أي شيء يؤذيكي يخص ويليام وبالتالي يعنينا جميعًا، وأقصد بجميعًا مملكتي السحرة ومصاصي الدماء.

وجّهت ديانا نظراتها المتوجّعة نحو السماء خارج باب الشرفة الزجاجي، ثم همست بأسى:

- كل ما أسببه للذين أحبهم هو الألم ولا شيء غيره، أشعر أحيانًا بأنه كان من الأفضل أنني لم أولد.

- ديانا! لقد جعلتي ابني سعيدًا، ويليام كان ينهار قبل دخولك إلى حياته، رغم جهلي بكيفية لقائك به، وهو لم يكن قادرًا على تجاوز حدود قبيلتكِ.

ابتسمت ديانا بأسى، ثم همست: لا أظن أنني استطيع إشباع فضولك حول هذا الموضوع.

نظرت إليها بعدم فهم، فأجابتها: لا أتذكر، هناك أوقات أشعر أنني أتذكر كل شيء، ثم فجأة تمتلئ ذاكرتي بالثغرات، ولا أعلم كل ما حدث معي في الماضي.

عقدت منيرفا حاجبيها وحدجتها بأعين متسعة، وقد كست ملامحها صدمة هائلة، وعُقِد لسانها فاستغرقها الأمر بضع دقائق حتى سألت:

- منذ متى وأنتِ على هذا الوضع؟

- منذ خمس سنوات، لم أكن أعلم بهذا حتى الليلة؛ فقد تذكرت كل شيء دفعة واحدة، وقد جاءت الذكريات على هيئة حلم، وكلما مرّ الوقت يُمحى جزء منها، قد يعود بعد دقائق وربما لا.

كانت الدهشة ظاهرة على منيرفا، نظرات قلقة، شفتين مرتجفتين، وكفّين متعرقَين، ثم همست بنبرة مرتجفة: أظن أن زيارتك للملك اسهيري يجب أن تحدث في أقرب وقت ممكن، هذا الأمر لا يحتمل التأجيل.

نهضت ديانا فخرجت إلى الشرفة، استندت بكفّيها على سياجها، تنظر إلى الأفق بذهن شارد، وقد داعبت أشعة الشمس الغاربة ملامحها البريئة التي يكسوها الحزن، ثم تحدثت عندما انظمت إليها منيرفا:

- رأيت هذا القصر في حلمي قبل فترة، كان يحترق والجميع يحاولون الفرار إلى الخارج، ولكن أحدهم كان يبحث عن شيء أو شخص ما، ولكنه وجد فتاة محجوزة في غرفة، واستيقظت بعد أن اقتحمها، ولكن لم أعرف ما إذا نجَيا أم لا.

- لا أدري ما سبب رؤيتكِ لهذا الحلم، وهو حقيقي بالمناسبة، وقد احترق هذا القصر في الماضي قبل وفاة والدي بعشر سنوات، وتلك الفتاة هي أنا والشاب هو أوين.

ردت منيرفا بعد صمت دام لدقائق، وقد شحب وجهها وارتجفت أطرافها، ولم تكن تدري أن رفيقتها -وبشكل غريب- علمت هوية الشاب والفتاة مسبقًا.

استقامت ديانا، فنظرت نحو رفيقتها، ثم قالت: أرغب في زيارة ماثيو.

أومأت منيرفا بصمت، والألم لحال ذلك الطفل ووالدَيه ينهش جوفها، فهي أم وتعرف جيدًا مقدار الوجع الذي تعيشه ديانا.

كان قد تم نقل ماثيو من القسم الطبي إلى غرفة خاصة، ولم تتوقع ديانا وجود لوثر وكاسترو، في الغرفة، ويجلسان على مقعدين، تفصلهما طاولة خشبي.

رحّب لوثر بها بحفاوة كبيرة، وقد كان سعيدًا بكونها بخير -جسديًا على الأقل- ، أما كاسترو فقد أومأ نحوها مبتسمًا.

توجهت إلى سرير متوسط الحجم وقد وضِع عليه ماثيو بجسده الضئيل، ودُثِر بلحاف خفيف متغيّر الألوان، فقالت منيرفا عندما لاحظت ملامح ديانا المتعجبة: كانت حرارته تنخفض وترتفع بمستويات خطيرة، وهذا اللحاف يساعد على تنظيمها، بالإضافة إلى أنه موصول بجهاز يسمح لنا بمراقبة حالته، المشكلة أننا لا نعرف ما خطبه.

لم تتلفظ ديانا بشيء، جلست على مقعد جلدي بجانب السرير، وأمسكت بكفه الصغير. راقب لوثر صديقته والحزن والعجز يسكنان جوفه على حالها، الهالات السوداء المحيطة بعينيها، نظراتها الخالية من المشاعر، وكأن النار قد أحرقت بهجتها ولم تترك شيئًا، حتى الرماد حملته رياح اللوعة بعيدًا.

تقدم كاسترو ليقف بقربها، ثم قال: ملكتنا السابقة ذكرت شيئًا عن حلم راودها في الليلة التي سبقت يوم وفاتها، وقالت أن الألفا الجديد سيكون عظيمًا، لا شيء سيردعه عن تحقيق العدالة، وجلب السلام للعالم.

أردف لوثر بهدوء حزين: أخبرنا آيزاك عن الوضع الحالي، وقمنا بدورنا بالتواصل مع سورد وقد كانت كتاينا تحاول تهدئته منذ رحيلنا، لذلك أقنعناه بالإنضمام إلينا، وسيسعى لإقناع قبائل الذئاب الأخرى لتكون معنا.

لم ترد عليهما بشيء، فآثرا الصمت، وجلسا حيث كانا قبل مجيئها برفقة منيرفا التي جلست على طرف السرير تراقب حفيدها ووالدته بعينين دامعتين، ولم يمضي سوى بضع دقائق حتى إنضم لهم ويليام ليجلس بجانب زوجته، محيطًا كتفيها بذراعه اليسرى.

بعد بزوغ الفجر ببعض الوقت، كان ريلاين قد وصل إلى مملكة السحرة؛ ليصطحب ويليام وديانا، التي قضت الليل بجانب سرير ماثيو، متمنية أن يستيقظ من غيبوبته التي دامت لأيام.

حمل ويليام ابنه وخرج برفقة زوجته إلى حدود المملكة؛ حتى يتسنى لهم الانتقال باستخدام السحر. فتحت ديانا عينيها بعد أن انتهى الشعور بالضغط الخفيف حول جسدها الذي يسببه الانتقال، فوجدت نفسها وسط صحراء قاحلة، وقد كان الوقت قُبَيل الغروب، ولم تؤثر عليها الأجواء الحارة؛ فجسدها يتأقلم بسهولة مع درجات الحرارة.

نظرت ديانا إلى ويليام فلاحظت الانزعاج باديًا على ملامحه، فسألت بفضول:

- هل الشمس تؤذي مصاصي الدماء؟

- لا، ولكنها تشعرنا بعدم الراحة.

ابتسم نحوها بلطف ممسكًا بيدها فقرّبها نحوه، ثم قال مخاطبًا ريلاين الذي يسير أمامهما: لماذا جئت بنا إلى مملكة الفراعنة؟ أليست مملكتكم بالقرب من القارة القصيّة¹؟

أجابه دون أن يتلفت نحوه:

- نحن هنا من أجل الطفل، لن تجدوا علاجًا لحالته في مملكتنا، الفراعنة وحدهم القادرين على شفائه.

- ولكن المدينة وراءنا.

اعترض ويليام فعقدت ديانا حاجبيها باستغراب؛ كيف علم بمكان المدينة؟ هم يسيرون وسط صحراء والرمال الذهبية على مد البصر، يبدو أنها نست أنه يرى كل شيء.

- كان مركزهم في الهرم الأكبر، ولكن بسبب سيطرة الرومان على البلاد قبل عامين فضّلوا الابتعاد عن الأنظار؛ حتى لا يستغل قدراتهم أحد.

توقف ريلاين فثنى ساقيه واضعًا ركبته اليسرى على الثرى، أما ساقه الأخرى فقد ضُغطت على صدره، ثم وضع كفّيه على الرمال، وتمتم ببضع كلمات بلغة غريبة لم تسمعها ديانا من قبل.

- إنها الهيروغليفية، لغة الفراعنة.

لحق حديث ويليام ظهور درج أسفل الأرض بعد أن تحركت الرمال تحت كفّي ريلاين، الذي اعتدل واقفًا فقال:

- الهيروغليفية نظام كتابة وليس لغة، هي على شكل رسومات وكل رسم يرمز إلى حرف أو أكثر.

- أعلم ما هي الهيروغليفية، ولكن ما أرغب في معرفته هو السبب وراء عدم خروج والدك المبجل من وكره منذ سنين طويلة.

نهرته ديانا هامسة باسمه، وهي تقبض على كفه بين يديها، فرد ريلاين بابتسامة ساخرة: ليس والدك الوحيد من ارتكب أخطاءًا فادحة، كلاهما حصل على عقاب يليق بذنبه.

لم يضف أحدهما أي كلمة، فقرر ريلاين استكمال الطريق هابطًا الدرج المؤدي إلى الأسفل فلحقا به، وقد كانت الجدران مليئة بالرسومات، وجزمت ديانا أنها رموز هيروغليفية.

بمجرد أن وصلوا إلى أسفل الدرج، صُدمت ديانا بوجود حديقة مليئة بشتى أنواع النباتات، في منتصفها نافورة كرستالية تتلألأ بألوان عديدة، وجدران زجاجية تظهر سماء يتوسطها قرص الشمس.

قال ريلاين عندما لاحظ أن التعجب قد كسا ملامح ديانا: إنه زجاج مسحور؛ تتغير إطلالته على حسب حاجة النباتات هنا، معظمها تحتاج أن تتعرض لضوء الشمس لوقت طويل.

قادهم ريلاين نحو أحد الممرات الجانبية، فوجدوا أنفسهم داخل ممر زجاجي بالكامل، وعلى الجانب الآخر من الزجاج كانت تسبح أنواع لا تحصى من الأسماك.

لو لم تكن ديانا قلقة بشدة على طفلها لما رحلت عن هذا المكان أبدًا، لوقفت كطفلة صغيرة تراقب كل نبتة وسمكة، ضئيلة كانت أم هائلة.

عند نهاية الممر المائي، كانت هناك حجرة دائرية تحتوي على خمسة أبواب متشابهة، وقف ريلاين أمام الباب الأوسط، وقبل أن يفتحه قال: قمنا نحن ببناء هذا المكان...

قاطعه ويليام بابتسامة ساخرة: والمقابل؟

رفع ريلاين حاجبه، وابتسامة جانبية أخذت مكانها على شفتيه:

- وصفات علاجية.

- توقفا عن الحديث الذي لا هدف منه، ولننهي ما جئنا من أجله.

قاطعت ديانا محادثتهما المشحونة فجذبت نظراتهما نحوها، فتوجهت إلى الباب وفتحته ثم دلفت لتجد نفسها داخل حجرة دائرية، تتوسطها طاولتين حجريتين تبدوان كسريرين، وعلى الأرض رسمت خطوط سوداء تصل بينهما، أما الجدران فقد كانت خالية تمامًا.

قال ريلاين مخاطبًا ويليام مشيرًا إلى إحدى الطاولتين: ضع الطفل هناك.

تردد ويليام لثوانٍ قبل أن ينفذ، وحينها دخل رجلين بثياب غريبة تكونت من إزار طويل مصنوع من الكتّان، وفوقه رداء قصير، وواسع يوضع على الكتف، ويغطي الظهر والصدر، يسمى الحرملة.

توجها نحو الطاولة الحجرية، فوضع أحدهما يده على جبين ماثيو، ثم أغلق عينيه، وتمتم بكلمات لم تفقه ديانا منها شيئًا، بينما وقف الآخر بجانب الطاولة الخالية يراقب تحركات رفيقه بصمت.

ديانا تمسكت بويليام، وقلبها ينبض بشدة كعصفور سجين يحاول الفرار من صدرها، أحاطها بذراعه اليمنى ليعانقها بشكل جانبي، أما هو فقد حاول أن يتظاهر بالهدوء؛ حتى لا يفزعها أكثر.

بعد فترة وجيزة أزاح الرجل يده عن جبين ماثيو، ثم خاطب ريلاين بنبرة رزينة، وملامح لم يفارقها الهدوء، ولكن لغته لم تكن مفهومة لديانا، فترجم لها ويليام بهمس: يقول أن العلاج صعب، وخطير.

أضاف ريلاين بنبرة جديّة: يجب أن تعرفي أن هيلا ألغت جزءًا من ذاكرته، والمتمثل بتلك الفترة التي قضاها معكما.

صمت لثوانٍ ثم أردف:

- لدى عائلتي قدرة تمكنهم من إظهار القوى الكامنة لدى أي شخص يريدون، لقد استخدمت هيلا هذه القدرة على ماثيو، وجعلته يغير عمره الجسدي إلى العشرين عامًا، وأخذته إلى قبيلة مافروس ليكوس بعد أن مسحت ذاكرته.

- حدثتني هيلا عن هذه القدرة فيما مضى، وقالت أن من الصعب القيام بها لأنها مؤلمة للغاية، وقليلين هم الذين يستطيعون النجاة منها.

اقشعرّ جسد ديانا إثر حديث ويليام، فأغمضت عينيها بأسى، فسألت بهمس كئيب:

- ما خطبه؟ لماذا لا يستعيد وعيه؟

- لأن عقله الباطن يرفض هذا، لقد عاش ماضٍ أليم لم يذق فيه طعم الآمان، وعندما استخدمتي قدرتكِ عليه، ونقلتِ مشاعر المودة والعطف إليه، جعله ذلك يمتنع عن الاستيقاظ؛ خوفًا من أن يختفي كل هذا إذا فعل، المشكلة أنه إن لم يستيقظ سريعاً فلن يفعل أبدًا.

كان ريلاين يترجم حديث الرجل، بينما اشتد عناق ويليام لديانا، وكأنه يحاول بحركته هذه أن يبعد عنها الألم، والحزن الشديدين اللذين يسيطران على مشاعرها، ثم سأل:

- وكيف نعالج هذه المشكلة؟

- يجب أن نعطيه ذكريات سعيدة، كتلك التي عاشها معكما قبل أن تأخذه هيلا.

- وكيف هذا؟

سألت ديانا بإندفاع كرد على حديث ريلاين، فأجابها:

- هذه الطريقة مؤلمة...

- ما هي؟

قاطعته ديانا بحزم، فتردد قبل أن يجيبها: تسمى إتصال الثِّيرا بِيا.

🌟 🌟 🌟

1) القصيّة معناها البعيدة، والمقصود بها أستراليا.

يا ريت تحمسوني عشان اخلص الرواية باسرع وقت ممكن 😣

ولا تنسوا الاحتفال بالذكرى الأولى لرواية في يوم 15/8 قولوا افكار للاحتفال يجماعة 😢

في آمان الله ❤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top