VI

البارت متعوب عليه بجد، شوية تفاعل الله يسعدكم :'(

'ما يتم عمله بحب، يتم على أكمل وجه'

قراءة ممتعة 💜

🌟 🌟 🌟

كان هناك شابٌ وحيد يدعى ديكسون، لا يملك أي شيء سوى كوخ صغير ذي غرفة واحدة، في ضواحي قرية صغيرة وسط الغابة، يخرج كل صباح باحثًا عمّا يغيث به نفسه ويسد جوعه.

ضاق ذرعًا من هموم ومشاكل الحياة التي وجّهت إليه جميع أنواع الضربات الموجعة، ولكنه رغم ذلك لم يستسلم أبدًا.

في إحدى الليالي بينما كان يغط في نوم عميق على سريره شبه المهترئ، سمع صوت طرقات قوية متتالية جعلته يستيقظ فَزِعًا.

نهض حاملًا معه المصباح الذي كادت ناره تنطفئ، اقترب من الباب محاولًا معرفة الطارق من خلال النظر من شقٍّ فيه، ولكنه لم يرَ شيئًا سوى الظلام الدامس.

سأل بهدوء محاولًا إظهار القوة في صوته رغم الفزع الذي يُرْجِف أطرافه: من هناك؟

من سيزوره في هذا الوقت المتأخر؟

همست فتاة من خلف الباب بصوت مرتجف خائف: سيدي، ساعدنا أرجوك.

فتح الباب سريعًا فقابل فتاةً شابة تسند سيدة عجوز شبه فاقدة الوعي، نظرت الفتاة إليه بتوسل فقام بفتح الباب أكثر وساعدها على نقل السيدة إلى السرير.

تحدثت الفتاة بخجل ممزوج بالقلق والخوف: شكرًا لك سيدي، أنا أدعى غريس آغاليا وهذه جدتي، إنها مريضة للغاية، كنّا نعيش في القرية المجاورة ولكن أهلها طردونا، ولن نبقى هنا وقتًا طويلًا.

تحدث بهدوء محاولًا تهدئتها: لا شكر على واجب، ولكن هل لي أن أعرف لماذا طردوكما؟

همست والحزن يعتصر قلبها: رفضت الزواج بابن الزعيم، إنه شخص سيئ كثيرًا.

تحدث بغضب: يا له من وغد! كيف أمكنه أن يعاملكما بهذه الطريقة الحقيرة عديمة الرحمة!

ثم أردف باستعجال: سأحضر الطبيب وأعود، لا تفتحي الباب لأي أحد.

~٠~*~٠~

مرّت الأيام حتى مضى على تلك الليلة ثلاثة أشهر ونصف، حدث خلالها الكثير، أهم هذه الأحداث وفاة جدة غريس بعد صراعها مع المرض، ووقوع ديكسون في غرام تلك الجميلة التي تسكن بيته وقلبه.

تزوجها بعد فترة وكان الجميع سعيدًا، حتى جاءته رؤيا في إحدى الليالي؛ فتغيرت حياته رأسًا على عقب.

رأى امرأة عجوز تجلس أمام بوابة أحد البساتين المليئة بالأشجار المثمرة ويحيطها سور من الذهب المزخرف بإبداع لم يره من قبل، اقترب منها دون وعي منه وکأن هناك قوة غريبة تسحبه نحوها.

قالت: ادخل أيها الحاكم القوي، اختر ما طاب لكَ من الثمار، وتذكر أن الحياة تأخذ بقدر ما تعطي، وأحيانًا تعطينا أكثر ممّا تنهب منّا.

كانت كلماتها محيّرة بالنسبة له، لكنه تجاوز حيرته ودخل، فتح فمه مصدومًا، جميع الأشجار كانت متشابهة في شكل جذعها الأسود، وأوراقها ذات اللون الكرستالي الشفاف، لكنها تختلف في ثمارها.

الصّف الأول من الأشجار كانت ثماره غريبة ولونها أحمر كالنار تمامًا، أما الثاني فقد كانت بيضاء كالثلج، والثالث كان شفافًا ويتوهج باللون الأزرق السماوي، ثم الصّف الرابع الذي كانت ثماره ذهبية وذات توهج فضي.

استجمع شجاعته وقطف من كل نوع ثمرة واحدة، لم تكُن ذات حجم كبير، لذلك كان من السهل أن يحملهم بين يديه.

خرج من البستان ووجد تلك العجوز حيث تركها قبل دخوله، توجه نحوها ليشكرها فقالت: فلتقم بغرس هذه الثمار حول منزلك وتذكر جيّدًا أن الحياة تعطي بقدر ما تأخذ.

استيقظ الشاب من حلمه ووجد بجانب سريره أربع ثمار كالتي كانت في حلمه، سيطرت الصدمة على ملامحه، قام من مرقده سريعًا حاملًا الثمار بين يديه ثم خرج.

بدأ بالحفر وغرس الثمار حتى بدأت الشمس بنشر أشعتها، نظر إلى السماء فوجد القمر يغيب شيئًا فشيئًا، لا شك أن هذا المشهد هو أجمل ما رأت عيناه، كان ساحرًا بكل المقاييس.

يعلم ديكسون جيدًا أن ذلك الحلم قد راوده لسبب أراده الرب وهو راضٍ بما سينتج عنه، خيرًا كان أم شرًا.

مرّة بضعة أسابيع تلقّى خلالها خبر حمل زوجته، كان سعيدًا للغاية ولكن شعور القلق لم يفارقه يومًا، خصوصًا مع تلك العجوز التي تزور أحلامه كل ليلة وهي تقول الجملة نفسها في كل مرّة: تذكر أن الحياة تأخذ بقدر ما تعطي.

عندما أتمت زوجته شهر حملها الرابع كانت تبدو وكأنها على وشك الولادة، لم يحدث هذا من قبل؛ ممّا جعل الرعب يدب في قلوب الجميع.

في إحدى الليالي مكتملة القمر، عند منتصف الليل تحديدًا، ازداد ألم زوجته حتى أصبح لا يطاق، استدعى القابلة لكي تولّدها؛ لأن أعراض ألمها لم تكن سوى ولادة مبكرة وغير طبيعية.

عندما بدأ الفجر بالانبلاج سمِع ديكسون -الواقف خارجًا برفقة صديقَيه- صوت بكاء أول أطفاله الأربعة، كانوا شديدي الجمال غير متشابهين في الشكل، تمت تسميتهم كما طلبت آغاليا والدتهم بعد ولادتهم.

وكما قالت تلك العجوز: «الحياة تأخذ بقدر ما تعطي»، تُوفِّيت زوجته وتركته حزينًا محطم الفؤاد.

قام أهل القرية بمساعدة ديكسون على تربية أطفاله والاعتناء بهم حتى بلغوا السنة، حينئذٍ قرر الأب الرحيل وأوصى أهل القرية بسقاية الأشجار الأربعة التي حول منزله، ثم أخذ أطفاله ورحل.

مع مرور الزمن بدأت علامات غريبة تظهر على التوائم الأربعة، كُلٌ منهم له صفة تميّزه عن إخوته.

الأول يسمى كاثاري، كان لديه قدرة على التحكم في التراب، كما أنه استطاع في سن مبكرة أن يصنع أدوية ووصفات ساعدت على علاج الكثير من الأمراض؛ ممّا جعل الجميع يحبه ويحترمه.

أما الثاني فاسمه أسيمينيو، كان قوي البُنية، كما أن لون شعره يتغير إلى الأسود -بدلًا من البُنّي- عندما يغضب أو يحزن، جروحه تلتئم في وقت أسرع من البشر الطبيعيين، ويستطيع التحكم في النار.

كليربتراكي كان مختلفًا، يستطيع أن يتحكم بالماء، كما أنه يمتلك سرعة رهيبة، عيناه حمراوان ناريتان، تشعر من حوله بالرهبة فيخضعون له ويخافونه.

أسهيريو، كان شديد الذكاء يستطيع التواصل مع الطبيعة وكأنها جزءٌ منه، يملك القدرة على التحدث مع الحيوانات وفهم لغتها بكل سهولة، يستطيع التحكم في الهواء.

هذه لم تكن سوى البداية...

أغلقتُ الدفتر بتوتر، هذا غير طبيعي على الإطلاق، لا يمكن أن يكون هناك شيءٌ كهذا، إنه مجرد هراء.

أخرجني من شرودي حديث الخالة دلوريس الواقفة على بُعد خطوات قليلة تراقبني باهتمام: إنه الواقع، هذا ليس العالم الذي تظنين أنكِ تعيشينه، هناك الكثير والكثير من الأسرار والخبايا.

تبًا، كيف علمت بما أفكر فيه؟ هل تقرأ أفكاري؟ هذا مستحيل!

راقبت تعابير وجهي البلهاء وضحكت بمرح قائلة: كلا، لقد كنتِ تفكرين بصوت مسموع.

همست بغير تصديق:

- ولكن هذا مستحيل.

- بل ممكن، كل تلك الأساطير التي يتداولها أفراد القبيلة، وتلك القصص التي يحكونها ولا يصدقها شباب هذه الأيام، كلها حقيقة غَفل عنها الكثيرون.

- أنتِ تمازحينني، أليس كذلك؟

جلستْ باسترخاء على الكرسي الهزاز وبين يديها أدوات الحياكة، وقالت ببساطة -وكأنها تتحدث عن أحوال الطقس-: كلا، والدتك هي من تركت هذا الدفتر لتخبرك بما يجدر بكِ معرفته، كانت تتوقع عدم قدرتها على إخبارك بنفسها.

قاطعتها بعدم تصديق: هذا لا يثبت كلامك.

نظرت نحوي بجمود ثم أشارت إلى عنقي حيث تتوهج القلادة السوداء المزينة ببضعة نجوم باللون الذهبي.
كيف تغير لون النجوم في القلادة من الأبيض إلى الذهبي؟

أعادت تركيزها إلى أدوات حِياكتها وقالت: تركت والدتك هذه القلادة والدفتر لسبب، تذكري ذلك جيدًا.

سبب؟ لا يمكن أن يكون ذلك حقيقيًا، بالتأكيد كانت أمي ذات خيال واسع وقامت بكتابة هذه القصة للمرح والاستمتاع.

تحدثت بهدوء:

- سنتحدث في هذا الموضوع لاحقًا. اذهبي إلى الغرفة وقومي بتغيير ملابسك؛ سنذهب إلى سهرة رودريك، هيا.

- لكن ليس لدي ملابس.

ابتسمت بلطف وقالت: لا تقلقي بهذا الشأن.

توجهت إلى الغرفة ووجدت على السرير فستانًا بسيط، أبيض اللون تزينه ورود سوداء، بأكمام قصيرة وطول يلامس الأرض وفتحة عنق واسعة، أحببته كثيرًا، كما أنه مريح للغاية.

كانت الشمس على وشك الغروب تمامًا، عندما وصلت برفقة الخالة دلوريس إلى شاطئ القرية حيث تقام سهرة النار أو بالأحرى سهرة رودريك.

جميع المتواجدين هم البالغون فقط، لا يوجد الكثير من الأطفال في قريتنا للأسف، جميعهم قد تجاوزوا سن الخامسة عشرة.
ليس مسموحًا بالزواج دون إذن من كبار القبيلة، وهم لا يقبلون إلا بمن يتم اختياره في سهرة رودريك.

وقع نظري على لوثر الذي كان يلعب ويمرح مع بقية الرفاق من الشباب، بينما كانت الفتيات والنساء تجلسن مع بعضهن ويتبادلن أطراف الحديث، أما كبار القبيلة وبقية رجالها فقد كانوا يتحدثون حول النار، كم هم سعداء دوني! يبدو أنه ما من أحد يحتاج وجودي في حياته.

شعرت بيد الخالة دلوريس وهي تسحبني إلى حيث يجلس والدي مع بقية الرجال، اشتقت إليه ولكنني لا أريد التحدث معه بعد الذي قاله بالأمس.

حيّتهم الخالة بصوتٍ هادئ فنظر إليها الجميع، أول ما عبّرت وجههم عنه الصدمة والاستغراب.

رحّب بها والدي محاولًا بلع صدمته: سيدة دلوريس! يا لها من مفاجأة سارّة!

وقف جميع كبار القرية وتبعهم البقية، شَكَرَته بابتسامة: شكرًا لك أيها الزعيم، الفضل يعود إلى ابنتك العزيزة، لولاها ما كنت لأتمكن من المجيء إلى هنا بعد كل هذه السنوات.

نظرت نحوي، عندئذٍ شعروا بوجودي، لا أحد منهم نظر إليّ قبل تلك اللحظة.
تحدث أحد كبار القبيلة بتلعثم وصدمة شديدة كأنه على وشك فقدان وعيه: لقد عاد نظرك.

منعت نفسي من الضحك بصعوبة بالغة بسبب شكله، لا أريد الوقوع في المزيد من المشاكل.

🌟 🌟 🌟

رأيكم يا قرائي الحلوين؟؟؟

بحبكم كتير 💜

اترككم في رعاية الله وحفظه 🌟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top