IV
اما أن تكتب شيئاً يستحق القراءة، أو افعل شيئاً يستحق الكتابة 💜
🌟 🌟 🌟
أشعر بثقلٍ يجثم على صدري يمنعني من التنفس، وكأنني أسفل صخرة عملاقة.
همس صوتٌ جانب أذني: آنا، ديانا، افتحي عينيكِ الفاتنتين.
كان صوتًا مألوفًا ولكنني لم أعرف صاحبه، فتحت عينيّ وأخرجت مياه البحر المالحة، شعرت بحنجرتي وكأن فيها جمرة مشتعلة، شهقت طلبًا للهواء بعد نوبة سُعال قوية، عيناي تؤلمانني بشدة.
قال: يا إلهي، حمدًا لله.
ثم شعرت بعناق أحدهم كاد يُحطم عظامي.
همست سائلةً بصوت متحجرش: لوثر؟
- أجل، أنا هنا لا تقلقي.
حملني بين ذراعيه ثم قال: سآخذك إلى منزلك.
همست بصوت مبحوح:
- لا، لا أريد الذهاب لمنزلنا.
لا أريد أن يراني أبي بهذا المنظر فيقلق، فتحدث مطمئنًا: حسنًا، سأخذك إلى منزلنا، أمي ليست هناك.
أحطته عنقه بذراعيّ، دائما يعرف ما أحتاج، وما أريده الآن هو البقاء وحدي بعض الوقت.
~٠~*~٠~
جلس لوثر بجانبي على الأريكة -التي تتوسط غرفة المعيشة في منزلهم- ثم مد لي شراب الشوكولاتة، وسأل: كيف تشعرين الآن؟
كنت قد أخذت حمامًا دافئًا، أعطاني لوثر بنطالًا جلديًا مع قميص بأكمام قصيرة باللون البني الفاتح، ملابسه كبيرة عليّ وتجعل شكلي مضحكًا.
أجبته مبتسمةً بامتنان: أفضل حالًا، شكرًا لك.
- لا تشكريني، هذا واجبي.
بادلني الابتسامة ولكنها كانت مجاملة لا أكثر، أستطيع رؤية الحزن في عينيه.
نظرت إليه ثم أخبرته بهدوء: يظن والدي أن هناك علاقة بيننا.
أشاح نظره بعيدًا، ورفع يده فتخللت أصابعه خصلات شعره البنية الداكنة ثم همس: أعلم.
وضعت يدي على كتفه وهمست سائلة: ماذا يحدث معك، لو؟
أجابني متحاشيًا النظر نحوي: لا أدري.
تحدثت بقلّة حيلة لعدم قدرتي على مساعدته: بل تدري، أنتَ لا ترغب في إخباري فقط، فلتعلم أنني هنا من أجلك دائمًا.
صرخ بغضب: توقفي عن فعل هذا.
نهض ووقف بطوله الفارع؛ نظرتُ نحوه بفزع وسألته برهبة: أتوقف عن ماذا؟
لوثر الغاضب أشد رعبًا من والدي عندما يغضب.
تحدث بسخط: توقفي عن التصرف معي بلطف والدفاع عنّي، تصرفاتك تقتلني، بسببك لن أكون مع الفتاة التي أحبها أبدًا.
انحدرت دمعة على خده عندما وصل إلى آخر جملة.
صَمَت بضعة ثوانٍ، فقلت بأسف: لم أكن أعلم، أنا أعرف أن اعتذاري لن يصلح شيئًا ولكنني آسفة حقًا.
حاولت معانقته فانتفض مبتعدًا عني، هذا مؤلم، مؤلم للغاية. تحدث بهدوءٍ: معكِ حق، اعتذارك لن يصلح شيئًا.
التفت مولّيًا لي ظهره.
شعرتُ بجرحٍ عميق في قلبي يضاف إلى سابقيه، لماذا يحدث معي هذا؟ ما هو ذنبي؟
~٠~*~٠~
~*عودة إلى الماضي*~
دخل لوثر إلى حجرته؛ فوجد والدته تقرأ مذكراته التي كتب فيها عن حبه الأول والوحيد (لورين)، رغم عدم ذكره هويتها.
انتبهت رِجينا -والدته- لدخلوه فصرخت بغضب:
- لوثر، ما هذا؟
- ما هو الـ(هذا) الذي تقصدينه؟
تظاهر بالغباء فرفعت المذكرات في وجهه وقالت: هذا! لا ترفع ضغطي لوثر، من تكون هذه الفتاة؟ ديانا، أليس كذلك؟
«يا إلهي، ما هذه الورطة؟ إذا قلت أنها لورين فلَن يسمح لي أي أحد بالزواج بها ولا حتى في أحلامي.» فكّر لوثر والحزن والقهر يأكل قلبه.
نكس رأسه؛ حتى لا تلتقي عيناه بعينَي والدته فتكتشف كذبه ثم همس: أجل، إنها ديانا...
شعرَ بالأسف تجاه ديانا، يؤلمه ما سيسببه لها اعترافه هذا من مشاكل، خصوصًا أن والدته لن تخفي الأمر عن الزعيم والتر.
~*عودة إلى الحاضر*~
~٠~*~٠~
لو كنت أستطيع البكاء، لذرفت أنهارًا من الدموع بعد خروجي من منزل لوثر، هذه أول مرّة يعاملني فيها بهذه الطريقة ويرفع صوته الغاضب عليّ.
دخلت إلى غرفتي فبدلت ثيابي بسرعة وأخفيت ملابس لوثر، لا أريد إثارة الشبهات حول علاقتي به فمخيلة أهل القرية جامحة وسيلفقون الكثير من الإشاعات الكريهة، يكفي ما لدينا من مشاكل.
استلقيت على السرير بتعب وإرهاق وعندما كدت أغط في النوم فُتح الباب بقوة، انتفضتُ جالسةً وكاد قلبي يخرج من مكانه هلعًا.
صرخ أبي بغضب: أين كنتِ؟
شعرت وكأن طبلتي أذني قد ثُقِبتا، تحدثت بهدوءٍ محاولةً امتصاص غضبه: ألم ترسلني إلى منزل السيدة دلوريس؟ عُدت صباحًا وذهبت إلى الشاطئ وهأنذا.
ولكن عبثًا لم أمتصه، تحدث بغضب: يكفي كذبًا، لقد رآكِ روجر وأنتِ تخرجين من منزل عائلة إيفانز مرتديةً ملابس لوثر.
ختم حديثة بنظرة ازدراء، حدقت به وقد ألجمني حديثه قبل أن يصفعني حتى التف وجهي للجهة الأخرى: لقد خيبتِ آملي فيكِ، أتمنى فقط لو أنكِ لم تولدي من الأساس.
نظرت إليه وأنا أتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعني، تمنيت لحظة الشيء نفسه، أنني لم أولد.
غادر الغرفة وأغلق الباب خلفه ثم سمعت صوت القفل فعلمت أنه يحتجزني.
أخرجت ملابس لوثر ووضعتها على السرير بجانبي، أعلم أن والدي سيعود ولن يكون وحده بالتأكيد.
مضى بعض الوقت أو الكثير -لا أعلم- قبل أن يفتح الباب مرّة أخرى.
أطل وجه ستيفان العابس من خلف الباب قائلًا: أبي يريدك في غرفة الجلوس.
أومأت برأسي قبل أن أحمل ملابس لوثر وأخرج إلى حيث ينتظرني، كنت أعلم أن شياطين الإنس (كبار القبيلة) سيكونون برفقته، كان لوثر معهم كذلك، توجهت نحوه ووضعت ملابسه بجانبه، ثم قلت: قبل أن تبدأوا، فلتعلموا أنني لستُ خائفةً من أي أحد، وإن أحببت أحدهم فلن أخجل من الإفصاح عن هذا وإن كان الثمن حياتي.
ما حدث اليوم جعلني أعلم أنه ليس لي أي قيمة لدى أقرب الناس لي، اليوم شعرت أن ظهري قد كُسِر ولم يعد لي سند في هذه الحياة غير نفسي.
وجهت كلامي لأبي ولوثر ثم تابعت: بعد عودتي من منزل السيدة دلوريس اليوم، توجهت إلى الشاطئ، دخلت إلى الماء لأسبح ولكنني غرقت فقام لوثر بإنقادي عندما تأخرت عن العودة إلى السطح، كان سيجلبني إلى هنا ولكنني رفضت لكيلا يراني أحد فيفزع بشأني، فأخذني إلى منزله وأعارني ملابسه؛ لأن ملابسي كانت مبللة بالكامل، وشكرًا لثقتك بي، يا أبي العزيز.
أنهيت حديثي وعيناي ملتحمتان بعينيّ والدي الجالس بملامحه المتجهمة.
قلت كل ما عندي دون أن يرف لي جفن، شعرت أن المكان يضيق عليّ وقلبي يؤلمني بشدّة.
قال أبي: ديانا...
.
ثم وقف أبي واقترب مني ولكني منعته بصراخ: لا تَقُل شيئًا، لا أريد سماع أعذارك، كلامك حطّمني ودمّر كل شيء، حتى وإن كنت على علاقة بلوثر ما كان يجب أن تقول ما قلته، حطمت قلبي لآلاف القطع، اعتذارك لن يصلح شيئًا.
تحدثت بغصة تخنقني وتعتصر قلبي: دائمًا ما أكون موجودة بجانب من يحتاجني، لكنني لا أجد أحدًا بقربي عندما أتألم وأحزن وأعاني، كأنني أداة لتفريغ الأحزان.
خرجت من المنزل بكل ما أملك من سرعة تاركةً الجميع غارقين في صمتهم، أريد أن أبتعد عنهم جميعًا.
🌟 🌟 🌟
رأيكم يهمني
بحبكم 💜💜
اترككم في رعاية الله ❤
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top