الحلقة الثانية
ڤوت وكومنت بليز💜
___________
بعد أربعة ساعات وصل ويليام إلى ويليستون اتجه مباشرة إلى منزل صديقه، كان واقفًا لاستقباله كبير العمال بالإضافة إلى إثنين من مساعديه، بعد أن ترجّل ويليام من العربة رحّبوا به وأثناء توجههم نحو باب المنزل سأل ويليام:
«كيف حاله اليوم؟»
قال كبير العمال بحزن:
«ليس بأفضل حالٍ سيدي، أخشى أن تزداد حالته سوءًا»
كان باب المنزل مفتوحًا لأجل ويليام؛ إذ أنهم تلقوا خبر قدومه من أحد الخدم بعد أن رأى العربة والتي تحمل شعار عائلة أوليڤر، سأل ويليام ثانية بعد أن دخل المنزل أثناء توجهه نحو الغرفة التي يقطن فيها صديقه:
« تم إبلاغي بأنه يرفض مقابلة الطبيب، هل هذا صحيح؟»
قال كبير العمال:
«هذا صحيح، إنه غير متعاون أبدًا، لقد جلبت السيدة هامل (زوجة غلاديس هامل) أشهر الأطباء في المنطقة حتى أنها قامت بدعوة طبيب مشهور من المدينة لكنه رفض مقابلته، إنه يائس لورد ويليام!»
قال ويليام غاضبًا:
«هراء!»
فتح باب غرفة غلاديس دون طرقه فاجأ ذلك الأخير وحمله إلى محاولة النهوض لكن ما أن علم أنه ويليام ارخى جسده واستلقى مرة أخرى مبتسمًا رادفًا:
«مرحبًا ويليام، تسرني رؤيتك»
دنى ويليام من السرير ثم وقف مواجهًا له وقال مؤنبًا:
« لمَ ترفض مقابلة الأطباء؟»
اتسعت ابتسامة غلاديس؛ إذ سرّه قلق صديقه عليه، وهذا ما يجعله الشخص المناسب ليأتمنه على عائلته، قال:
«ليس هناك دواء لعلاجي، إنها النهاية بالنسبة لي!..»
توقف قليلًا ونظر إلى ويليام بعينين لامعتين، وابتسامة هادئة وأكمل:
«ويليام شكرًا لأنك صديقي! سرتني معرفتك، لقد حظيت بذكرياتٍ لا تنسى معك، لقد كنت صديقي الوحيد، وأنا أثق بك، أنا تمام الرضى عن حياتي»
أمسك ويليام يده وقال:
« أيها الأحمق! كفّ عن المزاح، سأذهب لجلب الطبيب وسيفحصك رغمًا عنك، أفهمت!»
همّ ويليام بترك يده والذهاب لكن غلادس شدّ يده عليها وأمسكه جابرًا ويليام على الالتفات، قال غلاديس وقد بدا جادًّا:
« ويليام، اعتني بزوجتي وابني، رجاءًا»
غضب ويليام من إلقائه كلامًا غير مبالي، سحب يده ثم قال:
« لن أعتني بأحد، تماثل للشفاء وعندها سيمكنك الاعتناء بهما بنفسك»
همّ بالذهاب لكن غلاديس أوقفه قائلًا:
« هل حان موعد ذهابك؟ إبقى قليلًا!»
التفت له ويليام وقال:
« سأذهب لإحضار الطبيب ولن أعود حتى يقوم بفحصك، وإن اعترضت ستنتهي علاقتنا عندها»
علم غلاديس من نظراته الجادة وصرامة نبرته أن ما يقوله سينفذه، تنهد غلاديس ثم ابتسم وقال:
« كم أنت صعب المراس، شكرًا لك ويليام»
بعد ذلك خرج ويليام من المنزل وركب عربته وانطلق ليجلب طبيب البلدة، كان يرغب باستدعاء طبيب عائلته الخاص، إلا أن ذلك سيأخذ وقتًا ويخشى ويليام أن يغير غلاديس رأيه ويعند أكثر.
بعد جلبه للطبيب وأثناء عودتهما إلى منزل غلاديس تمت إعاقة طريقهما وذلك بسبب حادث بين عربتان عرقلتا السير، ترجّل سائق العربة ثم فتح باب المقصورة وقال:
« سيدي، يبدو أن فتح الطريق سيأخذ وقتًا، هل أتخذ طريقًا آخر؟»
يعلم ويليام أن لا طريق آخر يمكنهما اتخاذه بأمكانه إيصالهما بسرعة إلى منزل غلاديس، لكن ما البيد حيلة، قال بعد صمت:
« تراجع ولنأخذ طريقًا آخر»
عاد السائق مكانه وانطلق متخذًا الطريق الذي وصفه له ويليام، كان الطريق الآخر يمرّ بكرومات العنب التابعة لمزرعة ويلنستون، نادرًا ما يسلكه الناس لطول مسافته وبعده عن القرية، لكنه مفيد في مثل هذه المواقف كما أنه يمرّ بنهر عذب، يعطي الطريق جمالية خاصة.
أثناء مرورهما بذلك النهر توقفت العربية فجأة، هدر ويليام سائلًا السائق:
« ما الأمر؟ لماذا توقفت فجأة؟»
رد السائق بسرعة:
« سيدي هناك غصن شجرة كبير يسد الطريق، سأبعده حالًا!»
وبينما كان السائق يزيح غصن الشجرة بعيدًا عن الطريق ألقى نظرة على النهر المحاذي للطريق من نافذة العربة، كان الطريق يبعد عن النهر قرابة العشرة أمتار تقريبًا، رأى ويليام امرأة تحتضن شابًا بالقرب من النهر، كان لون ثوب تلك المرأة ملفتًا؛ إذ كان لونه أصفر زاهي أما الرجل فكان طويل ويتشح بالسواد، ولمّا أنهيا العناق بانت ملامح المرأة أكثر، صُدم ويليام لمّا رآها، لكنها سحبت الرجل وتواريا خلف شجرة كبيرة ما أن لاحظت العربة، تحرك السائق بالعربة وابتعدوا عن المكان، وتساءل ويليام إن كانت المرأة التي رآها هي فعلًا زوجة صديقه غلاديس، إن كانت كذلك فهو لا يريدها أن تعلم بأنه رآها، كما أنه لا يعلم ما إن ميّزت عربة عائلته، سيصبح كلاهما في موقف حرج، وأخذ يفكّر طوال الطريق بالأمر حتى وصوله منزل صديقه.
_________
في مكانٍ آخر كان فريد يلعب الغولف مع أصدقائه، وكان مكان اللعب هو ملك لأحد أصدقائه من الطبقة المخملية أيضًا، بالرغم من امتلاك فريد الكثير من القضايا القانونية المتراكمة والمتعلقة بعائلته والتي يجب عليه أن يتعامل معها إلا أنه يفضّل اللعب واللهو على ذلك ويوكلها إلى محامي العائلة، ليس لأنه لا يمتلك الخبرة أو كسول أو غير حاذق بل العكس هو الأذكى بعد والده وويليام لكنه عنيد، لا يرغب بخدمة عائلة يرأسها جاك أوليڤر من يدعو نفسه بوالده وهو غير ذلك البتة، كما أن قضاء حياته بهذا الشكل هو أمرٌ يزعج والده كثيرًا، وهو ما يرغب بفعله حتى أنه قام بإطالة شعره لأن ذلك يغضب والده.
بعد أن ضرب الكرة وقذفت إلى مكان بعيد بالقرب من الحفرة تعالت ضحكة انتصار من فمه مغيظًا بذلك صديقه الذي بدا مستاءًا؛ فهو على وشك الخسارة، تحرك فريد اتجاه المكان الذي وقعت فيه كرته ليدخلها في الحفرة، كان هناك العديد من الناس نساء ورجال، منهم من جاء مع عائلته للتنزه ومنهم من كان فرد من عائلته أو صديق لهم يلعب وآخرون جاءوا لتضييع الوقت ومشاهدة اللاعبين.
كان من بين المشاهدين امرأة ترتدي ثوب أسود ماثلت باللون قبعتها وحذاءها، تجلس على الكرسي حول إحدى الطاولات، بالرغم من عدم اهتمامها باللعبة كما أنها لا تشجع أيٌّ من اللاعبين إلا أنها أجبرت على المجيئ، اتشاحها بالسواد جعلها جسم جاذب لأعين الفضوليين، لقد جاءت مع صديقتها والأخيرة تركتها لتتحدث مع إحدى معارفها، ارتفعت ضحكة مرحة من أحد الرجال، أعلت نظراتها لترى مَن صاحبها بالرغم من تخمينها المبدأي له، وكان كما توقعت إنه المدعو فريد جاك أوليڤر، كان يضحك طوال الوقت ويلتفن حوله الفتيات كالنحل حول زهر اللافندر، يمازح تلك ويغازل أخرى ويبتسم لغيرها، لكنها ولسبب أخبرتها به صديقتها لا تحبه، بل تفضل النظر إلى روث البهائم على النظر إليه.
أشاحت بنظراتها لمّا نظر باتجاهها، وفكّرت بأنه على الأغلب لا ينظر لها واستغربت ردة فعلها التلقائية، وتساءلت ما إذا كان جسدها يكرهه أيضًا.
« لمَ ترتدي الأسود؟»
سأل فريد صديقه جوزيف مشيرًا لتلك المرأة الجالسة حول إحدى الطاولات وعلى بعد إثنا عشر مترًا، أجاب جوزيف متكئًا على عصى الجولف وقد علم إلى من يشتير:
« مما سمعته أنها في حداد على زوجها بالرغم من انقضاء فترة الحداد، ويقال أيضًا أنها تحب زوجها كثيرًا، لكن مع شديد الأسف قد مات بعد شهرين من زواجهما، يال المسكينة»
ابتسم فريد وقال:
« من يجب أن يؤسَف على حاله هو زوجها، لقد ترك جميلة كهذه ليتمتع بها غيره..»
مشى عدة خطوات إلى حقيبة المضارب وحمل واحدة مكملًا:
« لو كنت مكانه لن أموت أبدًا»
ضحك جوزيف وقال:
« يالك من وغد..»
ألقى نظرة عليها واستأنف:
«لكن معك حق، إنها جميلة جدًا كما أنها تبدو مثيرة بهذا اللون، وبالرغم من ذلك امرأة مثلها عليك فقط مشاهدتها من بعيد، الاقتراب منها كالدوس على لغم.»
ضرب فريد الكرة وراقبها تقع في مكان بعيد ثم قال:
« أتراهن؟»
أعجب جوزيف بهذا التحدي وقال:
« على ماذا؟»
نظر إليه فريد وقال:
« خلال أسبوع ستحبني»
اقترب صديقه منه وقال:
«تبدو واثقًا، ألا تخشى أنها قد تكون مخلصة جدًا لزوجها ولن تحبك أبدًا»
التفت فريد لجوزيف وقال:
« ما يقلنه النساء عن الإخلاص والوفاء، محض هراء، سأثبت لك بأن النساء دون استثناء كاذبات، وأن أي مشاعر يظهرنها أو كلمات يقلنها للرجل فقط لجعله ثمل وعاجز لغيرهن»
قال جوزيف:
«اذهب لها وتعرف عليها إذًا»
هزّ فريد رأسه نافيًا وقال:
« التعرف على سيدة مثلها لا يتم في مكان كهذا، بل في حفل.»
فكّر جوزيف قليلًا وقد علت ملامح وجهه الحيرة ثم قال:
« وما يدريك بالحفل الذي ستحضره؟»
ابتسم فريد بثقة وقال:
« لا تستهن بعلاقاتي..»
سارا حتى وصلا حيث الكرة وقال قبل أن يضربها:
« بالمناسبة، ما اسمها؟»
قال جوزيف:
«ليدي روزالي باتشر، والدها دوق، أما زوجها فكان جنرالًا مهمًا في الجيش بالرغم من صغر سنه، واعتقد أن هذا ما مكنه من الزواج بها، فكما سمعت فوالدها كان يرفض أي شخص يتقدم لها أدنى من دوق، ويعامل العامة كما لو أنهم ليسو بشر، بالنسبة لباقي الرتب فهو يعاملهم كالقمامة، ولا أعتقد أن ابنته تختلف عنه»
ضرب فريد الكرة لكنها عبرت الحفرة والتي كانت تبعد عنها بمسافة قدم، تنهد فريد باستياء لأجل ذلك ثم قال:
«أنا أكره أمثالهم»
في قصر الفصول الأربعة -قصر عائلة أوليڤر- كان يقف صبي أمام السيدة أوليڤر والدة نواه وكانت الأخيرة ترمقه بنظرات تقييمية من الأعلى إلى الأسفل، وقف بجانب الصبي رئيس الخدم، قالت السيدة أوليڤر تحادث الأخير:
« أتقول أن هذا الصبي مناسبًا ليكون مرافقًا لابني؟»
قال رئيس الخدم:
« أجل سيدتي، حكمي على الأشخاص لا يخطئ، بالإضافة إلى الموقف الذي شاهدته وأخبرتكِ عنه»
كانت نظرات السيدة أوليڤر مركزة على ذلك الصبي، كان نحيلًا كما أن هندامه غير مرتب وكان من الجلي معرفة أنه فقير من مظهره فقط، شعرٌ أحمر نحاسي وعينان خضراوتان زاهيتان وبشرة بيضاء ووجه يغطّيه النمش، مظهر أنثوي قليلًا لكنها لم تستغرب لذلك فهناك ذكور يحملون مظهرًا أنثوي بسبب بنيتهم الجسدية الضعيفة أو جيناتهم، قالت بعد صمت:
« اخبرني ما اسمك؟»
لقد أخبرها رئيس الخدم باسمه، لكنها أرادت من الصبي أن يتحدث؛ فهو لم يقل شيء منذ دخوله، أجاب الصبي بتوتر:
« هاري دانتي، سيدتي»
كررت الاسم متمتمة، ثم قالت:
« هاري، وأعتقد أن رئيس الخدم أخبرك بطبيعة العمل..»
راقبت هاري يهز رأسه بالإيجاب فأكملت:
« سأكرر ذلك، كل ما هو مطلوب منك، أن تصبح صديق نواه المقرب، عليك إخراجه من حالة الاكتئاب التي تعتريه بأية طريقة كانت، واحذر من اكتشاف أنك مبعوث من قبلي، أعمل على أن يكون لقاءك به طبيعيًّا قدر الإمكان، والأهم أن تكتب لي تقريرًا نهاية كل يوم عن ما يدور بينكما...»
طوت المروحة التي تلوح بها ثم قالت:
«أية أسئلة أخرى، قلها لرئيس الخدم، تعال غدًا في السابعة صباحًا وقابلني قبل أي شيء»
خرج هاري مع رئيس الخدم، قال هاري:
« أعلم أنني وافقت على المجيئ معك بعد عرضك العمل علي، لكن سيدي لا أعتقد أنني ملائم كفاية، لقد وضحت لي كيفية العمل مسبقًا واعتقدت أنني استطيع فعل ذلك، لكنني بُت غير متأكد..»
قاطعه رئيس الخدم وقال بعد أن ابتسم:
« عندما تقابل السيد نواه، ستذهب شكوكك.»
في مزرعة ويلنستون وبعد فحص الطبيب لغلاديس وخروجه من الغرفة، اقترب منه ويليام وقال:
«كيف هي حالته؟»
أخفض الطبيب رأسه متأسيًا وقال بنبرة يلفها الحزن:
« لقد فات الأوان، لا أعتقد أن بإمكاني فعل شيء، باتت أيامه معدودة»
أثناء سماعه ذلك، آلت ملامح ويليام حزينة؛ فهو لا يحتمل خسارة صديق طفولة ككغلاديس، أثناء ذلك دخلت زوجة غلاديس التفت لها ويليام، ثم لاحظ أن لون الثوب الذي ترتديه هو نفس لون ثوب تلك المرأة التي رآها عند النهر، فأثار ذلك الشكوك عنده.
__________
رايكم بالبارت؟
أعتذر عن التأخير بس عندي ظروف شوية.
ڤوت وكومنت😍
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top