5#
"قراءة ممتعة"
يسيطر الخيال على عقولهم حتى تغلب الكذبة الحقيقة.
في أعماق سكون الليل وظلمة السماء، كان القمر ساطعًا في كبد السماء ويتسلل ضياءه من بين ستائر النافذة فينعكس على وجه آدم الملول. فكانت عيناه تراقب الساعة التي يتحرك عقربها الطويل كل ثانية، بينما يشير الصغير إلى الساعة 11 ليلاً.
بينما جوديث تغرق بالنوم عكس آدم الذي ينظر في الفراغ. فقد نام كفاية هذا اليوم، اضطجع على جانبه الآخر فأصبح مقابل لأخته، وكان عقدها يلمع في العتمة ليعيد ذلك إلى عقله العديد من التساؤلات وكلها تقول كيف أصبحت جوديث هكذا.
تخيل أولاً أن جوديث ربما تكون كاتبة عبقرية، بأقلامها السحرية تخطُّ أروع القصص التي تُباع بملايين النسخ حول العالم، لتعيش في قصور الحكايات التي ابتكرتها.
وبالطبع لا يمكن إغفال فكرة أن تكون جوديث قائدة لرحلات استكشافية، تخوض عبر الغابات والصحارى، تبحث عن أسرار العالم الضائعة، وقد تم تتويجها ملكة في أرض مجهولة وغنية بمواردها.
ولم يستطع مقاومة تساؤلاته الخيالية أكثر ليجلس سريعا وينحني أمامها، لا يفصل بينهما إلا بضع إنشات وعيناه تبرق بحماس متناسيا العديد من الأمور.
"جوديث، هل أنتِ مستيقظة؟"
لم يجبها سوى الصمت ليعيد مناداتها بإلحاح: "جوديث."
"هممم."
اعتدل في جلسته سريعا بحماس، فهو سوف يحصل على إجابة منها الآن: "هل استيقظتي؟"
لحظة صمت مرت قبل أن تجيبها أخته ببعض الكسل دون أن تفتح عينيها: "لا يا عزيزي، أنا أحدثك من منتصف الحلم."
ضحك آدم بحماس لهذه الفكرة العجيبة: "حقاً، وماذا ترى بالحلم الآن؟"
ارتسم عبوس طفيف على شفتي جوديث وهي تقلب عينيها إليه وتجيبه بصوت خافت: "آدم، ماذا تريد؟"
تلعثم بخجلً وهو يستوعب أفعاله ليشبك يديه بينما ينبس: "حسناً، كنت أتسائل هل أنتِ كاتبة قصص أم قائدة رحلات استكشافية، وهل زرتي غابات الأمازون؟"
وكان صوته يخبو أكثر أمام نظراتها، خصوصًا أنها جلست. ثواني مرت من مسابقة التحديق والتي كان بها أحد الأطراف يشعر بالخجل من نفسه، بينما الطرف الآخر عانق حجبيها السماء لتمد يدها من خلفه لتشعر قواعد الإضاءة.
"هل يمكنني أن أعرف سبب هذا السؤال؟"
شعر بالخجل أكثر، خصوصًا أن هدوئها يوتره، ولم يعرف ماذا يقول لأن أي مما سيقوله سيجعله وقحًا، إضافة لكل ما يفعل. لذلك استلقى وهو يتدثر بالكامل بالغطاء وخرج صوته مكتومًا: "يمكنكِ أن لا تجيبي."
تنهدت الكبرى لتعاود إطفاء الإضاءة وتستلقي: "أنت لم تخبرني، هل ستأتي معي أم تبقى مع الجدة لنهاية السنة الدراسية."
سؤالها أربكه، هو يعلم في زاوية قلبه أنه يحب أخته، ولكن جزءً منه غير مستعد للذهاب معها إلى المجهول. صحيح أنه لا يحب أن يكون عائلة على عائلة خالته يعول عليهم، ولكنه يعرفهم، هي تجربة يسعل عليها التعامل معها، أما جوديث هي موجودة بذكريات طفولته شخص أكثر بهجة وتعاطفًا من الآن. لذلك لا يعرف هل سيكون سعيدًا بالذهاب معها.
وعندما لم تحصل جوديث على إجابة، نطقت: "إن كنت تريد البقاء، لا باس، سأخذك. سنتحدث غدًا، انم الآن."
اقترنت قولها بأن تستدير للجهة الأخرى وتكمل نومها بصمت.
صوت ضجيج خافت تسلل إلى أذنيه يبعد النوم عن عينيه، ينتشله من عالم الأحلام. تقلب في سريره بخمول، وهو يشعر بالغربة ليرتفع بفزع ويتفحص المكان من حوله ليتذكر يوم الأمس الحافل بالأحداث، وكل ما يخطر في باله وهو ينظر لما حوله، 'إنه المال'.
لقد كان يغوص حرفيًا في ذلك السرير العملاق مع كم من الأغطية ووسائد الريش. يمينه كان يوجد باب، وأمامه باب آخر. خمن أن الذي باليمين هو حمامٌ نظرًا لصوت الماء، والباب المقابل له تمكن من لمح ظلالًا أسفل الباب تاتي وتذهب، لذلك فضل الاستلقاء مجددًا لحين عودة جوديث.
دقائق فقط وخرجت جوديث وهي ترتدي بيجامه وتجفف شعرها بمنشفة وللتو تمكن من رؤية وجهها بطريقة صحيحة. منذ الأمس كانت تتوشح بالسواد من رأسها حتى قدميها. حتى وجهها لم تبخل عليه بالتغطية، مما جعله يتسائل لما فعلت ذلك.
بقي يتأملها وهي تجلس أرضًا وتفتح حقيبتها تخرج ملابسها وتنسق أيها أفضل للارتداء. ملامح أخته هي نفسها، لكن أصبحت أكثر نضجاً وبرودً. في ذكرياته كانت تبتسم، ولكن النسخة التي أمامه منذ أول لحظة للآن لم يسمع منها الا ذلك الصوت الوقور يذكره بخاصة والده عندما يعمل. وهو قطعًًا لا يحب نسخة أخته الجديدة.
"آدم."
انتشله من خياله صوتها وهي تنادي عليه ليستوعب أنه كان يتأملها لوقت طويل ليجيبها بحرج: "نعم اختي."
اشاره للباب خلفها وباليد الاخرى تمد له كيسًا فيه منشفة وحاجيات استحمام: "اذهب للاستحمام ريثما أرى إن كانوا أحضروا الفطور لدينا. يوم طويل من الأعمال."
أومأ الأصغر إيجابًًا وهو يأخذ الكيس منها ليدخل الحمام على عجل، وشعور بالخجل يسحق عقله.
...
يتبع...
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top