النهاية||04
صوتا فظيعا يتخبّطُ بينَ ثنايا الحائطِ، وُجِدَ به مِنْ تَفاوُتٍ ثمْ خرَّ إليها خاسِئاً
" قبّلتكِ لي؛ ألهمتْ جسدي و اشعلتهِ، ثقِ بي لو ابتعدتْ عني ما كُنَّا في أصحابِ السّعيرِ "
تَمُورَتْ عنه ذَلُولةً
" عُتُلِّ روحكَ هي من قادتنا إلى السّعيرِ ليسَ غيرها "
يتخافتونَ في حدّيثهمْ من غيرِ عاتِيَةٍ
" طلبتُ منكِ الحضورَ إلى منزلي هذا اليوم، ستأتينَ؟ "
سَأَلَ سائِلٌ بينهم يبعدُ إلتحامِ أجسادهم
" هل مُنحتْ الفرصةِ لنيلِ قبّلٍ مثلَ الأفلامِ هنا؟ "
" لا، لكنّي لم أكُ قادراً على فرضِ السيطرةِ على شهوةِ روحي و إمتصّصتها عبثاً "
خبّطتْ مينّي قدم بيكهيون بلَظٍ نازعةٍ لِلشَّوى و شَزَرتْ الآخر
" افلامكَ المفضلةِ ليستْ هنا، اذهب و اطلع على سينما أخرى فهذهِ مشغولة "
قلصَ بيكهيون الفجوةِ الواقعةِ بينَ عينيهِ و رغبَ للسؤالِ حتى بانت يد مينّي تقرصُ حضرته مِنَ الفخذينِ
" اذهب و ألقي نظرةٍ على عملك، كوفيد-19 قد يأتي في أيَّةِ لحظةٍ "
ساقَتْ جسدِ الشاب إلى نهايةِ المّمرِ حينها حولت زاويةِ نظرها إلى بيكهيون
" فَلا أُقْسِمُ بربِّ الشياطينِ أنّكَ هالكٍ؛ أجزمتُ الحفاظِ على عملي لآخرِ نفسٍ، أنّى لكَ تخريبّهُ بثوانٍ تُعْدُ على الأصابعِ؟ "
" سؤالٌ بسيطٌ و جوابهُ أسهلُ منهُ، ترغبينَ بمعرفةِ السبب؟ "
تقرّبَ جسدهُ إليها يحاصرهُ بينَ طياتِ جسدهِ و فُتحاتِ الحائطِ و هبطَ بشفتيهِ ميمنةِ أذنها رَهَقاً
" تَبَتَّليْ إِلَيْ عمَّا سويتُ بكِ مِنْ حُبٍّ ثمَ اتركيْ جسدكِ ينصاعُ لي ، و افتحي قلبكِ لقلبي ، و ضمّيْ لي جزءاً من حُبّكِ العفيفِ ذا غُصَّةٍ ، و اتركيْ صدري يَرْجُفُ شِيباً"
" كُلِّ هذا مِنْ أجلِ كسبِ حُبّكَ لي؟ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ بيكهيون، حبّي لكَ سيأتي في يومهِ حتماً "
إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ أنْ شاءتْ له لن تكونَ لغيرهِ فَقُتِلَ سعادتهِ و بَسَرَ
" أَيَّانَ ذلكَ اليومِ؟بعدَ سنين؟ يوْمئذٍ روحكِ قدْ بلغتِ التَّراقيَ و لنْ نجدُ لها مَنْ راقٍ ، و اندثارِ حبّي بقلبكِ سيكونَ سهلاً "
" أنْ بلغتُ التّراقيَ على الناسِ ليسَ عليكَ، فلكَ في قلبي مخزنٌ خاصٌ ، يَتَمَطَّى بهِ كيفما يشاء ثمَ يصبُّ في مَنِيٍّ يُمْنى "
طُمِسَتْ أحزانهِ جانباً و أزاحَ جسدهِ عنها يضمحلُ بالتدريجِ حينها وضعَ قُبّلةٍ رشيقةِ الأمدِ عُلُو أذنيها
" ملتقى جسدنا بعدَ حيّنٍ ، كونيْ على أستعدادٍ تامٍ حيالَ هذا الأمرِ "
" حسناً، لنا ملتقى بعدَ الطَّامَّةِ الْكُبْرى الّتي حبستْ أجسادنا في دياجيرٍ أبتْ سعادتنا "
طَفَقَ جسدهِ للرحيلِ حتى ظهرَ جسدَ الآخر لها ينّاظرُ ظلّ بيكهيون من زاويةِ عينيهِ
" بيون بيكهيون! أ ليسَ هذا صاحبُ كورونا قبل زمن؟ "
ضمتْ يديها إلى جناحها وَ تَخَلَّتْ عن كلماتها
" أسكتْ و ألَّا يَنْقَلِبُ عليكَ يَدْعُو ثُبُوراً ، ثمْ لن تتخلّصُ منه إلى حيّنَ موتكَ، و الربِّ غيرِ قادرٍ عَلى رَجْعِهِ إليكَ "
" مينّي! "
" ماذا! الصدقُ في كلامي واضحاً و لا أرى فيهِ عيبٌ "
بسطتْ ذراعها تضحكُ عليهِ
" العيبُ بكِ لا به "
مشوا معظمِ الطريقِ معاً، حيناً يشتكي البعضِ من بعضهم و حيناً آخراً يمازحونَ بعضهم. فِي كَبَدٍ وُضِعَا،
فَلَا اقْتَحَمَا الْعَقَبَةِ معاً و لا يسيرانِ ميمنةِ الإعتلالِ معاً، أبوابَ المشأمةِ موصدةٌ و أجسادهما ذليلةٌ و روحهما غاليةٌ، فأينَ المفرَّ إذاً؟
مرتْ خمسةِ أيامٍ على فراقِ جسدهما، بالرغمِ من حُبّهِ لها ألا و حُبِّ والدته تفوقَ عليها، رحلتْ هذهِ الأيامِ دُونَ السألِ عن حالها و لا يعرّفُ أينَ صفا الدهرُ بها، عقلهِ يفكرُ بها و قلبهِ يحتاجُ لها. لا يحبّذُ أن يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ، زهقتْ نفسهِ و ارتابتْ
" أخبارَ عطركِ مينّي؟ "
عَلى سَواءٍ صَدَحَ هاتفهِ يحملُ رقمًا غريباً فشرعَ للرّدِ
" من؟ "
" آوه سيهون، زميلٌ حبيبتكَ في العملِ "
وقفَ شامخًا يطلّقُ شهيقاً عالياً
" ما أخبارها؟ هي بخير؟ تأكل؟ تهتمُ بصحتها؟ "
" لا يوجدُ شيءٌ مِما ذُكِرَ موجوداً، مينّي أُصيبتْ بمرضِ كوفيد-19 و انتقلتْ العدوةِ من رجلٍ مُسنٍ و إليها مباشرةً "
وقفَ شامخاً تُثيرُ الصدمةِ عليهِ، حينها قرّرَ اللحاقِ بها. هَرْوَلَ إلى السيارةِ يتَسكنُ بها ، حينها انطَلقَ بِسرعةَ جنونية ناحية المستَشفى فَالخبر الذيّ سَمعهُ أدى إلى فقدانه لِعقله ، تَرجلَ مِنَ السيارة فورَ وصولهُ إلى المستشفى ، مشى مسرعا إلى الأستعلامات لكي يُطمئنُ قلبه على غانيتهِ
"أنستي ،أين قابعة الدكتورة ميني"
نَظرتّ له بِطرفِ عينها تتعجبُ أمرهِ، قادمٌ إليها من غير إجراءات الحماية
"من تكونَ أنت ؟"
خَلخَلَ أصابعه في شَعره يشدهُ إلى الخلف بقوةٍ و عينيهِ قصتْ حكايةِ النارِ
"ليس هناكَ أيّ داعٍ لمعرفةِ حضرت روحي المحترمةِ من تكون، أحكيْ لي أين غرفة الدكتورة ميني"
العدمِ مُبالاةٍ هي الّتي سكنتْ ملامح وجهها ، حاولَ الهجومِ عليها لو لا تَدخلُ سيهون
"عفواً ! ماذا تريد؟ "
وَجه نَظره إليهِ يتوسلُ الربُّ ألا يكونَ جهولاً مثلها
"مينّي أين هي؟ "
تَفاجئ سيهون مِما ذكرّهُ الآخر و ردَّ عليهِ
"مينّي في غرفةِ العزلِ تتلقى العلاج، مثلما أخبرتُكَ هي مصابةٌ بالمرضِ .لا يسمحُ لك بالتوجه إليها، العدوةِ قد تنتقل لكَ مرةٍ ثانيةٍ "
شبح اِبتسامةٌ ظَهرتْ على ثغرهِ
" اعرف هذا، كلّ ما أريدُ معرفةِ الغرفةِ الّتي تسكنُ بها، ثم لا تقلق لقد إزدادتْ مناعةُ جسدي خلال هذهِ الأيام "
هَمهمَّ سيهون مُشيراً لهُ بأن يتبعه ، بانَ له وجهةِ الغرفةِ و ما عليهِ ألا البلوغِ لها
"هذهِ غرفتها، درايةِ عقلي بأنكَ تحبها و تجزمُ على عدمِ أذيتها و الربِّ أن مسّها سوءٍ ستكونَ المذنبَ الوحيد "
ضمّ الآخر يديهِ إلى صدرهِ
"لا شيء يضاهي حبّي لها، لا أقسمُ بأذيتها"
خائفاً على مِنَ تَسكنتْ قلبه تَمنى لو أنه المصابُ بدلاً عنها؛ حتى لو كانَ المرض الثاني له .
حالما وقفَ أمام البابِ ، حطَّ يديهِ فوقَ مقبضِ البابِ و باتتْ روحهِ تشتكي الألم، زفرَ هواءِ صدرهِ الضارَّ و سحبَ آخراً نظيفاً ، لا يُريدُ رؤيتها والأجهزة الطبيه مُحاطةٌ بِجسدها النَحيل .
دَخلَ إلى الغرفة لِيلتقطُ جَسدها مُمدداً على السرير ، نَهضتْ مُسرِعَةً ما أن إلتقطتْ عدستها جسده ، تحدّثتْ بصوتٍ خافتْ و متعب
"مالذي أتى بك إلى هنا"
أبتسمَ لها كَعادتهِ و رُسِمَ عليها ظلّ اِبتسامةٍ كما أعتادَ كُلَ مرة أن خُطفَ ظله مِنَ أمامها، قَعدَ ميمنتها يمسكُ يديها الناعمتينِ واضعاً أياها على صَدرهِ
"أتعلمينَ ماذا فَعلتِ بهِ؟ دوّى صوتِ الرعبِ به حينما تلقيتُ الإتصال من زميلكِ "
حَاولت إفلاتْ يدها مِنَ يده إلا أنها فشلتْ في كلِّ محاولةٍ لها، فَهو يَّمسكُ بها خوفاً أن تَضيع منه للأبد، فَهي قطعتهِ الفنيه
"بيون كورونا هيون أتركَ يديّ، لا يسمح لك بالدخول هنا؟ من أذِنَ لكَ بهذا؟ "
دَنى إلى يدها مُقدساً شفته بباطنِ يدُها نَظرَ إليها ثم شزرها بحبٍّ.
"تالله ، وهذا عَهدٌ أقطعهُ على نفسيّ لن أترككِ حتى أتأكد مِنَ صَحتكِ ، ومثلمَا أعتنيتِ بي وَقتَ أعتلالي سأكون بجانُبكِ أرعاكِ دائماً"
كَلماته أبعثت إلى قلبها الراحةِ و الطمأنينةِ فَهي كانت خائفة مِنَ الموت ، أبتسمت رُغمَ رغبتها للبكاء ليصبحُ مَنظرها وكأنها تُغريه على فعل الفاحشة
"أنظرُ مِنَ تَرغبُ بالبكاء"
تَبسمَ ضاحكاً و نقر فوقَ أرنبةِ أنفها ببدايةِ أصبعهِ
"مِنَ أخبرتني بأن لا أقلق ولا أشغلُ بالي بأفكار سيئة ، ألم تَكُ أنتِ مِنَ أخبرتني بأن الصحة النفسية مهمةٌ جداً خلالِ المرور بأزمةِ كوفيد-19"
تَبسمتْ ضاحكَةٌ لتَهزُ رأسها جاعلَةٌ إحدى خُصلاتِ شَعرها تتَسللُ إلى وجهها ، مَدَ يده مُمسكاً بتلكَ الخُصلةِ مُقرباً أيها ناحيةِ أنفه يَستنشقُ رَحيقَ عُطرِها
"أنتِ يا سيدتي وبِكُلَ حَركةٍ تَفعلينها تُوقظُ رجولتي فَرفقاً بي و بِقلبي"
دَنى إليها ليتسنى لهُ الفرصة بمراقبة عَينيها عَن كَثب لَم يدُمَ كثيراً حتى أنحرفت نَظراته إلى ماهو مُحرمٌ عليه و ماذنبه هو إذ النفس تَشتهي ما هو مُحرمٌ عَليها ، مَررَ أبهامهُ على شفتيها لتَنطقَ بثمالةٍ
"أنتَ تَعلمُ بأنني مَريضة"
هَمسَ بالقرب من شفتيها
"وما ذَنبي إذ أنكِ أغريتي رجولةِ بها ، و لا تنسيْ أني أُساعدكِ بفعلتي هذه "
حطتْ يديها فوقَ صدرهِ تدفعهُ بَعيداً عنها
" أرعنٌ مثلّكَ لن يقدرُ على إبعادِ همزاتِ الشياطينَ عنه "
أطرقَ رأسه إلى الأسفل يمسحُ شَفتيه بأبهامهِ
"لا أدري ما الرعونةِ في فعلتيّ هذه"
أبعدت خُصلاتِ شعرها تكتسي الغرور
"لَم يكُ قصدي على أفعالكَ؛ بلْ أنّكَ الأرعنُ سَيد بيكهيون "
حَكَ مؤخرة رأسه يحتسي وجههِ مشروبَ الخجلِ
" غُروركِ هذا يَجعلُ مني دُونَ عقلٍ ، فأنتِ فتاةٌ غيرُ مدركةٍ ما يجولَ بخاطري و لن تفعلي "
أرتسمت على وجهها شَبحُ أبتسامه و أشاحتْ بِنظرها عنه
"رُغمَ صَديّ الدائم لكَ إلا أنك لا تزالُ تَلتصقُ بي"
"لقد أخبرتي روحي بأن عليها أن تكسبُ روحكِ هذهِ الفترةِ و أنا افعلها "
دُخول الطبيب المشرف عن حالة ميني قَطع حديثهما، ثم استقامَ بيكهيون يعطي الحق له بفحصها، ما دام إنّهُ مصاب لن يكونَ قادراً على إلتقاطِ العدوة منها، بدأ الطبيب بفحصها و عينيّ بيكهيون لا تَنفكُ مِنَ مُراقبتهِ و يغزُ فكرهِ القلق ،أنهى الطبيبُ فحصهِ و قصدَ الرحيلِ، فوراً منعه الآخر
"أعلمني، كيف حالها؟ أ هي بخير؟ "
أخذَ مدة كافيةٍ للحدّيثِ مِما جعلَ بيكهيون يفكرُ بالأشياءِ السيئةِ حيالَ أمرها
"إلى الآن هي بخير ولكن لا نعلمُ ماذا سَيحصلُ لها في المستقبل"
وقفَ ينّتظرُ خروجَ الطبيب حتى ألتفتَ بها مُبتسماً
"أرئيتِ لَقد أخبَرتُكِ بأنكِ بخير وليس هُناك داعٍ للقلقِ"
نَهضت مِنَ السرير تخبطُ قدميها الأرضِ تقودُ جسدها إلى بيكهيون
"أنا أشكرك لأنك هنا تطمئنُ عليّ و تُطمئنُ قلبي ، تبعدُ عني شعورَ الخوفِ "
تَوقفتْ أمامه تضعُ فوقَ خدهِ الأيسر قبّلةٍ
"أعتبرها كعربونِ شُكرٍ لك لما فعلته معي "
جَذبها مِنَ خصرها يُقربها منه ليهمس في أذنها
"أنا لا أقبلُ بهذا النوعِ من الهداية! فأنا أُريدُ سقي عطشِ روحي منكِ "
سَمحَ لنفسه بأخذ شفتيها ويَمتصُ الشهدَ منها فتارةٌ يُقبلها بحب وتارةٌ أخرى بقسوة فَهو يَرغبُ بسماع أناتُها التي تُطربَ سَمعه . لو لا حبِّ صدرهما للهواءِ لما تَركَ رَحيقَ شَفتيها، أنفاسها الحارقة الّتي تَصطدمُ وجهه تَجعله يَرغبُ في أعتلاء فراش الفواحش معها.
"أنتَ لم تتَغير قطعاً؛ لا تزالُ ذاتِ الرعونةِ تعتلي شفتك، تُقبلني دونَ درايةً منيّ"
ابتسمِ يبعدُ أثرَ أحمرَ الشفاه من شفتيه
"كانَ عليكِ معرفةِ لّذةِ بكِ مذُ دخولِ الغرفةِ "
هأهأتْ على أسلوبهِ في الحدّيث دافعةٌ أياهُ عن روحها فهي باتت تَشعرُ بالأختناق ، حاولت السير مُبتعدةٌ عنه ثوانٍ حتى سَقطتْ على الأرض تَسحبُ الهواء بصعوبة ، هَرْعَ بيكهيون إليها يساعدها على نيلِ بعضٍ من الأنفاسِ، لحظاتٍ حتى تغلغلَ جسد سيهون الغرفةِ و معه بعضٍ من الأطباء للمساعدةِ.
أخرجَ سيهون بيكهيون مِنَ الغرفة واغلقُ الباب ، دقائق مضاد حتى خرجوا الأطباء مِنَ الغرفة
"هل أصبحت بخير"
أنزلَ سيهون رأسه متحدثاً بأسى
"أن حالتها إزدادتْ سوءً ، الأوكسجين لديها قليلٌ جداً "
" و ماذا نفعل الآن؟ "
"لقد تمْ أخذِ عينةٌ مِنَ دمها ، معرفةِ زمرةِ دمها أمرٌ مهمٌ في هذهِ المحنةِ، لذا أن تطابقت زمرةِ دمها مع آخر قد شُفي مِنَ المرضِ فأننا نحتاجُ بلازمةِ الدم خاصته للعلاج "
أنهى حَديثه وتَركه وذهب ، بقى بيكهيون يُناظر مكانَ سيهون ثوانٍ حتى أنتبه على نفسه ولفَ جسده ودخل إليها إلتقطَ جَسدها النحيف مُمددٌ على السرير ، نائمةٌ وقناع الأوكسجين يُغطي نصفَ وجهها، رؤيتها هكذا لَم تَسرُ قلبه، فعادَ أدراجه وخرجَ مِنَ الغرفة ذهب حيث سيهون يجلسُ، رؤيته و هو يحتسي القهوةِ ببرودٍ دبتْ فيهِ شعورَ الإنتقامِ، فور ما وجدَ الأوراقِ بين يديه سكنتْ روحهِ
"سيهون ، متى تَنتهي تحليلات ميني"
تحدث الآخر دُونَ أزاحتِ عينيهِ من الأوراقِ
"ربما خمسة ايام او اكثر"
تفاجئ مِنَ برودهِ الزائد و أجابه
"أنى لك بكُل هذا البرود و صَديقتُك تُصارع الموت"
تَركَ ما بيده ونَظرَ له
"أترى هذه الناس جميعها تُصارع الموت هنا ليست فقط هي ، ولا تنسى أنا طبيب و ميني ليست المريضة الوحيدة هُنا ، أنا سأعتني بها حالها كحال هؤلاء المرضى"
أعادَ نَظره إلى الأوراق ، تَنهدَ بيكهيون دامثاً أصابعه على جَبينه
"أسمع سأعود إلى المنزل الآن فَالوقت قد تأخر وامي سَتقلق حيال أمري لذا سأذهب وأعود غداً"
هَمهمَّ دون أن يَرفع نَظره ليتركهُ ويذهب.
تَسكنَ سيارته وعادَ بها إلى المنزل وباله مَشغول بالحسناء المُمددَةِ على السَرير ، تَرجلَ مِنَ السيارة وطَرقَ الباب لتَخرجُ له والدته
"عزيزيّ أين كُنت؟!"
أبتعد عنها مُنزعجاً ثمْ أرتدَ يجيبُ عليها.
"أمي لا تقلقي أنا بخير"
تَركها وتَوجه إلى غُرفته وعَقم نفسه وملابسه ورمى نَفسه على السرير يُريح عَقله مِنَ التفكير الزائد يُسلمَ نفسه دونَ مقاومةٌ منه إلى النوم.
مَرتْ خمسةُ أيامٍ و بيكهيون يَزورُ ميني و كُلَ يوم يجلب معه طعام يتَشاركه معها؛ كي لا تَشعر بالوحدة و الأيام الّتي يقضيها معها لا تخلوا من المعاكسة و تَقبيلهُ إياها ، أعتادت هي على وجوده مِنَ حولها فأذا تأخر عنها دقائق تَشعرُ بعدمِ الأرتياحِ ، وحالتها تزدادُ سوءً .
في اليوم الخامس أخرجَ سيهون نتائج الفحص الخاصة بميني وَبدأ بقرأتها بتمعن ليكتشف أن زمرة دمها o- نَدبَ حظهُ ألف مرة، لأن هذه الزمرة نادرة الوجود، سارَ مُبتعداً عن مكان المُختبر ينزلُ رأسه إلى الأسفل حتى قابله بيكهيون
"مابك لِما كل هذا الحزنِ ؟ أ حصلَ شيئاً؟"
نَظرَ إليه وعينيه تَعكسُ الحُزنَ الذي بداخله
"أن زُمرة دم ميني O- "
ضربَ بيكهيون كتف الآخر
"هذه أخبارٌ جَيدةٌ "
رَفع حاجباً دون الآخر مُستغرباً
"وما الجيد في الموضوع؟ ، أتعلم بأن هذه الزمرة نادرَ جداً ونحن لا نملكَ احداً قد شُفي ويحمل نَفس زُمرتها"
"وماذا عني أنا قد شُفيت من كوفيد-19 وزُمرة دمي o-"
الحِكْمةِ الّتي بثها بيكهيون من ثغرهِ كانتْ مُستلذاً طيباً ، أخذَ الآخر يَنعَقُ
" هنيئاً لمينّي، أحسدُها عليكَ، أفضتَ حياتكَ لإنقاذها مِنَ الموتِ. وجودكَ هبتْ الحياةِ لها و ألا كانَ قُضيَ أمرها. "
" ما هذا الكلام! واجبٌ عليّ إنقاذها مثل ما فعلتْ هي، معروفٌ يقابلهُ معروف "
وضعَ سيهون يديهِ فوق الآخر و اغمضَ عينيهِ
" الوقتُ قصير و الحياة تداهمنا، يرجى زيارةِ المختبر لأخذِ صفائحٌ منك "
هبَّ الآخر للرحيل، زُلْزِلُوا الإنسِ بعد ما جاءتهم السماءِ بعقابٍ شديدٍ، بغياً بينهم؛ يتخاصمونَ ضِراراً بغتةٍ يتحيرونَ؛ لا طاقةِ بنا بالنزاعِ . في مثلِ هذا اليوم بعدَ حولينِ كاملينِ، اجتمعَ الجسدانَ في قرابةٍ ، يتشاركانِ الحدِّثَ معاً، يتذكرانِ السيئاتِ الّتي مرَّ بها كِلّا الجسدينِ، أشاحَت منارةُ وصلِها الإشتياق عن سفينةَ وَلَهٍ تذبذبت في فُؤادِه حينما لوُّحَت له مع قلبٍ يزهو بورودِ الحُبّ
ها هي قِبالتَه بوجهها الذي نُحِتَ بتفَنُّن الخالق، ثِغرها الباسِم قد أنّبتَ في قلبِه تدفُّقاتٍ تكادُ من شِدتها تخرج من أيسره الممتلئ بالشَغف حدَّ الجنون
" جمالُكِ الأخَّاذ قد احتلَّ الجزء الأكبر من رُوحيّ "
هامَ في ثنايا مَلمحِها الغاني فنطق بتَوهان حتى تغلّغلَت ضِحكاتِها مسمعَه، يتمنى لو يصمت العالم و تمتلئ الشوارع بصوتِها الرَّنان كما لو أنها تُلقي قصائدَه المفضلة، كما لو أنها تعزِف نغماتَ وَلَهٍ طالما تمنى سماعها
تمردت يدَه تُمسك برُسغِها ثم إتخذت طريقًا نحو كفِّها، غلّغلَ أصابِعه بين أصابعِها و أحكم الإمساكَ بها جارًا إياها ورائَه على مهلٍ مُجاريًا خطواتِها
" عائلتيّ بأنتظارُكِ، لنذهب "
تنظر نحو تشابُكِ يديهما و بين فيِّنة و أخرى تبتسم، كم أزهرَ هذا الشاب حياتها مُذ ظهوره!
يسيران في الشوارع المظلمة التي تنيرها أضواء المصابيح المُعلَّقة على الأعمدة يمسكان أيدي بعض دون تركٍ و قهقهاتهما تملئ المكان كلما افتعلَ حركةَ شغبٍ معها.
وصلا وجهتِهما حيثُ تنتظر عائلتَه، تَكنَّس جسديهما داخل منزلِه لتُرَحِب بها العائلة بِوِدّ بعد تبادل التراحيب، دعاها بيكهيون للجلوس و بعد العديد من المجاملات تفوَّهت والدتَه بإمتنان
" أخبرني بيكهيون إنكِ من اعتنيتِ به طيلة فترة الحجر و هذهِ السنواتِ؛ مُمتِنة لإنسانيتكِ، آملُ أنه لم يُسبب لكِ المتاعب أو المضايقات "
" بل على العكس كان لطيفًا يستجيب للأوامر بكل سهولة و طاعة، ثم أنني من يجبُ الإمتنان فلولاهُ لما نجوت من الإصابة "
توشَّح وجه بيكهيون بالدَّهشة بعدما تفوَّهت، متى إستجاب لأوامرِها بطاعة؟
ناظرَها يعقِفُ حاجبيه بعدم رضى حتى قاطع نظراتَه صوت أخته و هي تنادي تدعوهم لتناول العشاء
من شِدة رعونَته وضع قدمه على الكرسي المجاور للكرسي الذي سحبه بأتجاهه ليساعد ميني على الجلوس، أختَه كادت أن تُبعد قدمه لولا نظرات النارِ التي أطلقها عليها مُحذرًا إياها
قهقهات أُطلِقت على فعلته أخجلته، فهو أرعن غيرتَه السبّاقة جعلت منه محل أضحوكة العائلة هذه الليلة
خَشَّ جسده في غرفته بعدما حثَّها على الولوج قبلَه حال إنتهائِهم من العشاء، توقفت على عَتبة الباب مترددة في الغوصِ وسط الغرفة و على فاهها منابِتُ كلماتٍ تودُّ قولها
" جئتَ غريبًا من اللاشيء حتى أصبحتَ كل شيء "
تمتمت بإستحياء مستوقفة إياه رأسُها يقابل أرضية الغرفة خَجِلةً من النظر إليه مباشرة، غَيَّر وِجهة سيره ليتجه حيث تقف و يستقرَ أمامها
" أكملي! "
" هنيئًا لكَ بيون، فقد استوطنّتَنيّ بالحُبِّ طوعًا و بغرامِك أُسِرَ خافِقي المُلتاع، حُرقةَ الوَجد لاكَت فيَّ حتى وجدتُنيّ أستسلمُ لِطَقّات حُبِكَ بأصطفاء "
تناثرت الكُلُم منها بسلاسة قَيَّدته عن النبسِ ببنتِ شِفة، شَقَّت عيناه طريقًا نحو شِفتيها فأمتنع عن التفوّه بالكلام فرشفةً من نعيمِها أفضلُ من الكلام
تمرَدَ و أطبقَ فاهَه على خاصتِها ليَهِبّ لهيبُ الغريزة في أوداجِه، هاجَت الرُوحُ من شِدة الشَوق و ضربت نبضاتُها شِغافَ القلبِ تعبثُ بأركانِه
يمتصُّ من رحيق عُليتها ما يُشبع القلب و يهِمُّ بالأنتقال إلى سُفليتها ليُشبع رُوحَه المُشتاقة المُلتاعة لأديمِها الغاني، رفع جسدها إلى الأعلى دون فصلِ حربِ الشِفاه لِتُطوِق خصره بكِلا ساقيها و يسيقُ جسدِهما حيثُ يستقرُّ السرير
أحشاءُ قلبيهِما تعانقت، تلامست رُوحيهما بشرارةِ الحُبّ حتى غَدا الإعتلالُ بعيدًا
" كوني لي! فأنا أحبّكِ أكثرُ من والديكِ "
" طوعاً سأبقى لكَ لنهايتنا معاً "
إنِّي أحبكِ بحجم إعتلال هذا الكون بأكمله ~
.
.
.
🐔 انتهت الرواية الثانية ❤ ألهم أجعل باقي الروايات تنتهي بسرعة 😭😂
هذا البارت كتبَ بمساعدة BELLE_HH و SENOORY كُلِّ الشكر و التقديرِ لهما 😭😭
هذا الجزء صار اكبر جزء يكتب فيه و عجزي الخارق تعاجز يجزء هذا البارت لجزأينِ 🌚😎
ما رأيكم بـ :
بيكهيون!
ميني!
تقييم الروايةِ من 10 .
بالبارت ككل و اكثر جزء عجبكم و لم يعجبكم؟
Be safe from coronavirus❤
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top