٣
أخذ ينظر إلى كل ما رسمه في سنوات مراهقته، بعد أن مسح الغبار عن دفتر مذكراته القديم، لقد خط و لون كل أحلامه معها، و قصة الحب الفريدة التي جمعتهما. مضت 23 سنة، لكنه لم يتخطى الأمر و كأنه قد حدث بالأمس





أمسك رأسه بقوة و نفس الموضوع يتكرر في ذهنه
" ما الذي حدث قبل ٢٣ سنة ؟ "
" ما الذي حدث تلك الليلة من ديسمبر ؟ "
" ما الذي حدث لفريزيا؟ "
" ما الذي حدث له؟ "
" ما الذي حطم قصتهما بين ليلة و ضحاها ؟"
نفذت طاقته، و انهارت أعصابه، هو لم يشعر بالوحدة طيلة السنوات الماضية، لكنه بدأ يشعر بها فجأة، و كأن اليوم فقط بدأ لغيابها عن حياته تأثير عليه، ما زال صوت والده يتردد في ذهنه و هو يقول له بتحذير
" أتوسل إليك ألا تعترض طريقها، و لا تريها وجهك، هي لم تعد نفس الشابة التي عرفتها، إنها قنبلة موقوتة قد تنفجر في أية لحظة، لا تدعها تنهي ما تبقى من حياتك، تجاوزها و ابدأ صفحة جديدة، لم يفت الأوان بعد "
لكنه لم يهتم بما قاله والده، و كل ما شغل ذهنه هو ما جعلها تعود بعد كل ما حدث، لابد أن سببا وجيها عاد بها، عزم على لقائها، رغم أنه يعرف أن قراره لن يزيد الطين إلا بلة
تردد طويلا قبل أن يلحق بموظفة الاستقبال التي قادته نحو مكتب فريزيا، وقف يتأملها و هي تكتب شيئا على الآلة الكاتبة

كان المكتب في حالة فوضى عارمة، لكنه لم يركز سوى على وجهها الشاحب، جسدها النحيل، و مساحيق التجميل التي فشلت في إخفاء بؤسها و كآبتها

رفعت رأسها بعد أن تنحنحت موظفة الاستقبال لإثارة انتباه مديرتها، و انسحبت حين أدركت من نظرات الصدمة على وجه فريزيا بأنها تعرف الزائر الغريب، فخرجت و أغلقت الباب خلفها، أما فريزيا فقد صرخت في وجه السيد أمير أن يخرج، لكنه وقف كتمثال لا يقهر، فقالت بحدة بعد أن صفعته
" وجودك غير مرحب به، ألم يبلغك العجوز تحذيري، إنصرف و إلا استدعيت الأمن "
لكنه لم يهتم بما تقوله، بل لم يكن يسمعها حتى، ليقول بهدوء يكاد لا يسمع
" ما الذي أعادك إلى حيث نبذك الجميع ؟! "
إزدادت حدة غضبها، لكن هذه المرة لم تتفوه بشيء، فقد قاطعهما الفتى الذي أحضر لها دواء، حاولت جاهدة إخفاءه عن الخائن كما تحب أن تطلق عليه، و اتصلت بالأمن ليلقو بأمير خارجا، لكنه خرج بكرامته بعد أن وعدها بالعودة مجددا .
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top