" ٢ "

- ٧ مساءاً -

اعتصر هيثم اللحاف الجديد بين ذراعيه وضغط وجنته عليه متحسساً نعومته الفائقة متمتماً :

_يا إلهي...كم هو رائع.

ثم ضغط وجهه لثوانٌ فوقه قبل أن يرفع رأسه صائحاً بامتنان :
_ملمسه ناعم كالحرير .. مصعب .. لا أعلم كيف أشكرك فأنا لم أستطع النوم اليوم بسبب هذه الأغطية العفنة.

استوى مصعب جالساً فوق أحد المقاعد في حجرتهما وهو يجيبه بابتسامة بسيطة:
_هذا واجبي .. ولتعتبره هدية تعارفنا.

صاح بفرحه :
_تعارفنا ! .. يا إلهي ماذا ستحضر لي عندما نصبح أصدقاء حقاً ؟!.

ثم ضاقت عيناه بغته بخبث ليرمي بصره نحو جمال الجالس بسكون فوق سريره وقال:
_عرفتُ الآن لماذا جمال متمسك بصداقتك ..

ألقى مصعب بدوره نظره نحو جمال, وساءه أن رآه لازال بصمته مُظهراً الضيق فقال بمر ح مصطنع:
_أرى أنك لم تشكرني يا جمال .. يبدو أن ما أحضرته لم يرق لك .

عبارته زادت من استياء جمال ليقول بهدوء :
_مصعب نحن لم نطلب منك ذلك .. ثم أنه يمكننا الاستغناء عنها وتدبر أمرنا لوحدنا.

هز مصعب كتفيه في لامبالاة, وقال ببرود:
_ماذا أحضرت !! مجرد أغطية ووسادات وبراد وغلاية .. لم تأخذ مني الكثير.

حدق فيه جمال لحظه قال بعدها بغيظ:
_هذه الأغراض الفخمة لم تكلفك الكثير .. أنك بحق ..

قاطع هيثم حديث جمال عندما استشعر تكهرب الموقف ، موجهاً كلامه لمصعب:
_مصعب دعك من جمال ... وأخبرني كيف يتم استخدام هذه الأجهزة .

أجابه مصعب على الفور متهرباً هو الآخر من ذلك الجدال فألقى جمال نظرة غاضبه نحو هيثم ..

انتهى مصعب من الشرح لهيثم ثم وجه حديثه أليهما معاً :
_إنها المرةُ الأولى التي نأتي فيها إلى العاصمة معاً.. ما رأيكما أن نأخذ جولة بها ...أنا أقترح أن نبدأ بزيارة البرج الرمادي .. لقد سمعت بأنه من أبرز المباني بالعاصمة .

تشه ساخره صدرت من بين شفتي جمال وعينيه تعكس رفضه الشديد :
_عليّ أذن أن أحمي كيس النقود من اللصوص .. كلا .. أبحث عن مكان أخر.

صاح هيثم في جذل :
_مدينة الألعاب .. لقد سمعت أن العاصمة يوجد بها جميع أنواع وأشكال الألعاب مقارنة بمدننا و ..

قطع حديثه لينقل بصره بين الأثنين بإحراج شديد فقد اتسعت عيناهما باستهجان بينما ارتسمت علامات الدهشة على وجهيهما ... وأول من أستخرج نفسه من تلك الدهشة جمال الذي صاح بحنق:
_هل تمزح أم أن هذه الأغطية الفخمة أفقدتك بعض سنوات عمرك.

أحنى رأسه في حرج بالغ فيما صاح مصعب قائلاً:
_البحر.. يمكننا الذهاب إلى البحر وقيادة الدبابات المائيه .. كما يمكننا استئجار قوارب والقيام برحلات للصيد والعديد من الرياضات المائية .

صفق هيثم على الفور مؤيداً له :
_أجل .. أنت رائع يا مصعب فهناك سيارات الآيس كريم المتجولة و..

ابتلع لسانه بغتة حين انتبه لكلمته الأخيرة ، فيما التقط مصعب جاكيته قائلاً باستغراب:
_هل أنت هكذا دائماً يا هيثم !!

عاد يُحني رأسه في خجل فتطوع جمال للرد بدلاً منه :
_ومن المستحيل أن يكبر.

ارتدى مصعب جاكيته وقد نوى الرجوع لحجرته, وهو يسألهما باهتمام:
_كم الساعة؟

أجابه جمال:
_أنها الثانية عشر .. أبقى يا مصعب مازال الوقت مبكراً.

صرخ هيثم صرخة أفزعتهما وهو يحتضن الوسادة بين ذراعيه, ويقول بذعر:
_لن تنجو يا مصعب.. لن تنجو ..

نظرا أليه باستغراب في حين تابع هو صراخه :
_أن موعد النوم التاسعة ولو وجدك الحافلة عندنا فسيقتلك لا محالة..أرجوك يا مصعب أختبئ .. هيا .. أختبئ تحت سريري .

تطلع له مصعب بتوتر وقد نجح صراخه في أثارة قلقه ، ثم حول نظره المستنجد إلى جمال كمن يلتمس منه طريقه للعودة دون أن يُدركه الحافله .

هز جمال كتفيه في لامبالاة, وقال ببرود:
_لا عليك يا مصعب...أن هيثم يبالغ.

حرك هيثم رأسه بقوة نافياً, وهو يقول بانفعال:
_إلا هذا .. صدقني يا مصعب لست أُبالغ .. أن ذلك الرجل غريب بحق .. ولا يُمكن التنبؤ بتصرفاته .. أسمع نصيحتي .. أظن أن خزانة ملابسي ستكفيك .. هيا لا تتردد.

قطع عليهم حديثهم صوت الضجة التي أحدثها فتح باب الحجرة بقوة , فتطلع ثلاثتهم بحذر إلى القادم وهالهم ذاك الواقف بقامته الضخمة وعيناه تدوران داخل الحجرة, وما أن أحصى عددهم حتى قال بصوته الأجش الغليظ :
_ أأنا مضطر في كل بدأ عام دراسي للتضحية بأحدهم !

و مال برأسه سائلاً :
_ من منكم أضاع طريق حجرته لأدله أليها على الرحب والسعة.

تبادل الثلاثة نظرة متوترة دون أن ينطق أحدهم بحرف أو يشير لمصعب, ولكن الضخم أستشف من نظراتهم المركزة على مصعب أنه هو المتطفل ، فاتجه نحوه وأمسكه من ياقة سترته بخشونة ورفعه للأعلى حتى تدلت قدماه ولم تعد تلامس الأرض، قبض مصعب بكلتا يديه علي قبضة الضخم محاولاً أبعادها ولكنه لم يُفلح ، وشعر باختناق فاحتقن وجهه بشده فيما اقترب الضخم برأسه من وجهه مخاطباً له بلهجة بغيضة:
_ أذن أنت ضحية هذا العام الذي سيكون عبرة لغيره.

لم يحتمل جمال منظر الألم الذي يعانيه مصعب فقفز في خفه ليحيط بكلتا ذراعيه رقبة الضخم من الخلف, وهو يصيح بعصبيه:
_ أنت من ستكون عبرة للعاملين في السكن.

حركته المفاجئة وتقييده لرقبة الضخم أفلحت في أعاقته عن مواصلة القبض على ياقة مصعب فأفلته رغماً عنه ليُسمع صدى صوت ارتطام جسده بالأرضية تبعها نوبه عارمة من السعال أنجبتها شفتيه وهو يتحسس عنقه بألم ..

ولم يكن الحظ حليفاً لجمال حين أعاد الضخم كفيه إلى الخلف ليُمسكه من طرف قميصه الخلفي, وجذبه بقوة للأمام ليرتطم بمصعب ، ولم يكتفِ بذلك بل اتجه نحوه بخطُ غاضبه ليوجه لكمة الى معدته أشعرته برغبة شديدة في استفراغ ما أكله منذ قليل ..

ضربته المُباغته وألمها لم تمنح جمال فرصه لاتخاذ حركة ضده وبجرأة مال الضخم بوجهه نحوه حتى شعر جمال بأنفاسه البغيضة تلامس وجهه وهو يقول متهكماً:
_ لا بأس مادمت قد تطوعت بدلاً منه فلتكن بطله للنهاية .

و رفع قبضته بلكمة أخرى أودعها كل قوته لتصطدم بوجه جمال وترجعه للخلف عدة أقدام.

خمسُ دقائق فقط تفصل بين حديثهم الماتع والفوضى التي هم فيها الآن ، فيما صفع مسببها كفيه ببعضها البعض وكأنه أنهى عملاً بسيطاً للتو ثم عاد لمهمته الأساسيه ليسحب مصعب من طرف سترته الى خارج الحجرة ليدله على حجرته كما وعد سابقاً .

ولم يكد يغيب خارج الحجرة حتى امتلك هيثم الجرأة ليخرج من دوامة ارتجافه فقفز من فوق سريره نحو جمال الذي ظل مكوماً على نفسه فوق الأرضية يتألم وصرخ بقلق :
_ جمال .. هل أنت بخير ؟!

صوت تأوهه أفزع هيثم فاقترب منه ليساعده على النهوض وهو يسأله بلهفه:
_ هل تحتاج للمشفى !! .. هل اتصل بالأسعاف .

_ أنا بخير .
ردَّ بإيجاز موقفاً قلقه قبل أن يمسح الدم الذي سال من زاوية شفتيه وقال بعصبيه تتنافى مع حاله:
_أُقسم أن أجعلك تندم .. وأن أجعلك سخريه لكل الطلبة .

أسنده هيثم إلى أن أوصله إلى سريره, ثم ردد بقلق بالغ :
_جمال أن شفتك ينزف .. أنتظر سأحضر حقيبة الإسعافات.

أشار أليه جمال قائلاً في لامبالاة عجيبة:
_لا عليك يا هيثم فقد اعتدت هذا النوع من الضربات .. ولكن ..
وصمت وقد بدا قلقاً للغاية ثم أردف " مصعب ليس معتاد عليها .. هل سيكون بخير ؟!...أنا قلق عليه ".

وحركا نظرهما القلق في وقت واحد للأعلى نحو الطابق الثالث ، ليس وكأنهما امتلكا قوة خارقة لاختراق الطوابق ورؤية مايحدث له الآن وإلا لشاهدا كيف فُتح باب حجرة مصعب بعنف ليتبعه دفع جسده داخل الحجرة ليتعثر بخطواته منتهياً بارتطام ظهره بقائم سريره المعدني ..

تلك الضجة أفلحت في انتزاع عامر من سباته العميق ليقفز واقفاً بعد استلقائه وقد تأهبت حواسه بالكامل للقتال و ..

مشرف السكن الضخم يقف مكشراً عن أسنانه بغضب وشريكه بالحجرة على الأرضية يدلك عموده الفقري الذي قُصم لنصفين من شدة الألم .. ليس وكأن الموقف يحتاج لفهم عميق ليُدرك أن مصعب أخترق النظام وقد تلقى عقابه ..

_ أيها الصغير .. أذا فقدت طريقك في الظلام فلا تنسى أن تخبر بابا ليوصلك إلى حجرتك .
رماها الضخم متهكماً ثم صفق باب الحجرة خلفه بعنف .

بقي مصعب ساكناً في موقعه عدة دقائق قبل أن يستد على قائم السرير قائلاً :
_يا إلهي .. من سماه الحافلة ؟! .. يال قوته .. وكأن شاحنه ضخمه قذفتني .. آه آه ظهري يكاد يتمزق ..

شيعه عامر بنظراته البارده فيما رمى مصعب جسده فوق سريره وكفه لا تكف عن تحسس ظهره في توجع ونفسه تؤنبه :
_ أستحقُ ذلك .. هذا بسبب ذنوبي .. لقد تأخرت اليوم عن صلاتي الفجر والعصر .

" إذا كُنتَ لا تُجيد الأختباء فلا تخالف الأوامر .. فلستُ مستعد للاستيقاظ كل ليلة من أجل صوت ضجة عقاب مغفل مثلك "
رماها هو الآخر في وجه مصعب مهدداً ومتشفياً ليزيد من منسوب غضبه ليرميه مصعب بنظرة مغتاظه أتبعها بقوله :
_ من خاطب الآخر الآن أولاً ؟! .. هل فُكت عقدة لسانك أيها المتحذلق.

لم يأبه عامر بالرد عليه وهو يستلقي على سريره مديراً ظهره إلى الجانب الآخر ليُفجر ما تبقى من ألام مصعب.

¤¤¤¤¤¤¤¤¤
- ١٠ صباحاً -

طاولة صغيرة في مطعم الجامعة يلتف عليها الثلاثة في صمت ثقيل لم يقطعه سوى تأوه مصعب وهو يحاول أرخاء ظهره بحذر فوق مقعده أنهاه باستسلامه :

_يا إلهي .. لم أعد أحتمل هذا .. سأذهب إلى جلسة علاج طبيعي بعد الإفطار ...

وحول نظره لجمال " يجب أن تذهب معي أيضاً. "

انزل جمال شاشة هاتفه بعد ان كان يتأمل فيها وجهه الذي تحول إلى اللون الداكن من أثر اللكمة, وقال :
_لا عليك أنا أعلم كيف أهتم بها حتى تزول ..

ثم كوم قبضته بغيظ قائلاً:
_ولكن ما يُثير غيظي حقاً هو أثرها الذي يشعرني بالحرج.

غطى مصعب فمه عن تثاؤب عكس أرهاقه الشديد وتذمر " لم أستطع النوم ليلة البارحه بسبب الألم. "

فاجيء الأثنان صوت ضحكات هيثم قبل أن يميل نحو مصعب هامساً :

_أما جمال فقد قضى ليلة البارحة من سريره إلى الحمام .. أظنه ذهب أليه أكثر من سبع مرات.

كرتي نار تدحرجت نحوه من جمال وقال بغضب:
_أظن الخوف حرمك النوم أيها الجبان لتبقي مراقباً لي .

ثم التفت إلى مصعب مُكملاً بسخرية :
_لقد ظل خلال ما حدث البارحة يحتضن وسادته ويولول كالنساء ويصيح يا إلهي .. يا إلهي .. حتى ظننت أنه سيسقط من على السرير من شدة ارتجافه.

أشاح هيثم بوجهه للجانب الآخر خجلاً بينما هتف مصعب مداعباً :
_على الأقل هناك فائدة لما حدث فقد تم علاج عسر الهضم الذي كنت تشكو منه ياجمال .

رماه جمال بنظره ساخطه فزادت ابتسامة مصعب المُداعبة فيما ارتفع صوت هيثم المذهول :
_والغريب في الأمر .. أن ظل يُقسم أنه سينتقم منه وكأنه لم يذقه لون من العذاب قبله بدقائق.

تغير وجه مصعب لجدية شديدة قبل أن يُشرق وجهه وتبدو السعادة عليه وردد بفرحه :

_هل أقسم جمال؟

اتسعت عينا هيثم دهشة وهو يجيبه:
_نعم أقسم .. ولكن لماذا تبدو سعيداً للغاية ؟!

_لأن جمال إذا أقسم فلن يحنث بقسمه أبداً.

قالها ببهجه أتبعها باستدارته نحو جمال ليُمسك بكفه قائلا بلهفه:
_جمال عدني أن تُخبرني عندما تريد أن تنجز قسمك .. هيا عدني.

ألقى أليه جمال نظرة باردة ثم قال:
_لا بأس أعدك.

أبتسم مصعب ابتسامة عريضة ولكنها سرعان ما تلاشت لينتبه جمال لعلامات الضيق و الاستياء التي بدت على وجهه وهو مركز البصر على شخص ما,فسأله باهتمام:
_ما بك!؟

أخرجه جمال بسؤاله ذاك من استغراقه بالنظر ليُجيبه بصوت بدا متلعثماً :
_إنه..إنه رفيقي في الحجرة .. لا أستطيع الأنسجام معه ..وهو أول شخص أجد نفسي عاجزاً عن التأقلم معه في حياتي.

أخذ يحكي لهما بعض ما حدث معه مع عامر ثم قال بضيق واضح:
_حتى أنه رمى الغطاء والوسادة التي اشتريتها له...أنه يعيش معي في حجرة واحده غير آبه بوجودي تماماً وكأني أحد الأثاث الموجود بها.

قال هيثم في استغراب:
_قد يكون انطوائي أومصاب بعقدة نفسية جعلته يبتعد عن الناس و ..

قاطعه جمال بهدوء:
_ثم أنك لست في حاجة له.

أشار أليه مصعب بسبابته ليصمت حين لاحظ مرور عامر بالقرب منهما خارجاً من المطعم, ولكن ما أن وقعت عينا هيثم عليه حتى أطلق شهقة عاليه أفزعت جمال ومصعب اللذين صاحا به في فزع :
_ما بك !

أجابهما بنبره تحمل أضعاف فزعهما :
_كم أنت سيء الحظ يا مصعب...أرجوك أبتعد عن هذا الفتى .. إنه خطر للغاية.

عقدا حاجبيهما في ذهول, وبادر جمال ليسأله بلهفه:
_أفصح عما تعرفه هيا .. فأنا لا أطيق الانتظار.

_أنه من مدينتي .. اسمه عامر عاصم .. هذا الفتى ثري للغاية لذا هو ليس بحاجة لأخذ ما اشتريته له ولقد كان سوي ومتزن حتى حدث ذلك الحادث الذي غير مجرى حياته..

بدا على جمال ومصعب الإصغاء التام وهما يستحثانه على أكمال قصته فازدرد لعابه بصعوبة مستطرداً :
_في أحد الأيام .. قبل عامين بالتحديد .. لقد عاد من المدرسة الى منزله وحين دخل المنزل وجد أمه في حجرتها غارقة في دمائها وكان والده إلى جانبها يمسك السكين ..

- قتل زوجته ؟!
صاح جمال ومصعب معاً باشمئزاز فأومأ هيثم برأسه موافقاً قبل ان يتابع:
_نعم لقد قتلها بدم بارد من أجل بعض المجوهرات التي رفضت إعطاءه إياها ليعوض خسارته في بعض الأسهم .. ولقد رمُيّ به في السجن ولم يلبث شهراً كاملاً في السجن إلا وقد مات .. لقد تحول عامر بعد ما حدث إلى شخص شرس الطباع فض التعامل ويقال أنه ورث وحشية والده لقد كانوا ينادونه في المدرسة(بابن القاتل) والكل يتجنب مخالطته وحتى الحديث معه .. مصعب يا أخي أرجوك أبتعد عنه سيقتلك لا محالة أن أغضبته .. أستمع لنصيحتي ولو لهذه المرة فقط.

لم يستطع مصعب أخفاء خوفه ورأسه ينحني للأسفل وبتوتر راح يفرك كفيه ببعضها , ثم التفت بغتة إلى جمال ومال برأسه نحوه ففهم جمال المغزى من ذلك على الفور فمال بدوره نحوه حتى كادت رأسيهما تصطدمان ليسأله مصعب بصوت هامس مضطرب :
_أتظنه محقاً فيما قال !

أجابه جمال بتوتر واضح :
_لقد ظننتهُ يُبالغ فيما قال عن الحافلة.. ولكن بعد ما رأيتُ بعينيّ حقيقته وثقت أنه قد قصّر في وصفه .. مصعب يا أخي من الأفضل أن تبتعد عنه وأن لا تحادثه حتى نجد حلاً لذلك .. أفهمت .

أومأ مصعب برأسه موافقاً ثم أدار بصره إلى هيثم الذي زفر بغضب :
_نهى الرسول أن يتناجى اثنان دون ثالثهما .. أم أن هذا الحديث لم يمر عليكما من قبل.

أسرع مصعب يوضح له الأمر ويقول بندم:
_عليه الصلاة والسلام ،أستغفر الله ..أنا أسف يا هيثم كل ما قلناه هو ..

أخبره مصعب بما قالاه فأجابه هيثم محذراً:
_كلا أنا لا أبالغ .. مصعب أرجوك كن على حذر منه.

أومأ مصعب برأسه علامة الفهم قبل أن يتبع بصره عامر الخارج من المطعم ومشاعر عده تتزاحم داخله ..
الخوف ...
القلق ....
الحيرة ....
ولكن لعل أكثرها سيطرة عليه .. الشفقة ..

¤¤¤¤¤¤¤¤

مر أسبوعان كاملان على الحادثة التي أصابت مصعب وجمال بفعل الضخم ، بذلا خلالها كل وسيله من وسائل العلاج حتى تعافيا، واتفقا على الخروج إلى البحر في نهاية الأسبوع الثالث شفقة على هيثم الذي كاد يقتله الملل من طول ملازمته لهما.

¤¤¤¤¤¤¤¤

_ ٧ والنصف صباحاً -

انتهى مصعب من تجفيف شعره بمنشفه متوسطة الحجم ليُنزلها محرراً خصلات شعره البنيه الرطبه لتنتثر على جبينه ونهاية عنقه ، خرج من الحمام بعد أنهاء استحمامه الصباحي لتصطدم عيناه بمرأى الفوضى التي تعم الحجرة ، اللحاف والوسادات مرميه أرضاً وملابس عامر في كل أرجاء الحجرة حتى ملابس مصعب لم تنجو من هذه المهزله لتنتثر هي الأخرى فوق الأرضية بأهمال ..

غضب عنيف تفجر بوجه مصعب فصرخ بعامر الذي غاب نصف جسده داخل خزانته :

_من سمح لك أن تلمس خزانتي أيها التعس.

أخرج عامر رأسه من الخزانة متجاهلاً تماماً للصوت الغاضب خلفه وهو يُتمتم بضيق شديد:
_أين طقمي الرسمي ! .. سيبدأ الامتحان بعد دقائق.

عاود مصعب صراخه بثورة أكبر:
_قلتُ من سمح لك أن تعبث بأغراضي دون إذن مني أيها التعس.

هو غاضب مُسبقاٍ وصراخ مصعب زاد من منسوب غضبه ليلتفت نحوه مهدداً :

_ أنا في مزاج سيء وأن لم تُغلق فمك فسأجعلك في عداد المفقودين مثل طقمي القذر .

حرر شفتيه المنطبقتين ليرد عليه تهديده و ... لمع فجأة في ذاكرته صورة جمال وهيثم وهما يحذرانه من عامر فعاد ليُطبق شفتيه رغماً عنه .

أتجه على مضض إلى طقمه الرسمي المُعلق وارتداه ثم صفف شعره بدقه و التقط كتبه وهمّ بالمغادرة إلى الجامعة، ولكن أستوقفه مشهد عامر الذي لازال يبحث هنا وهناك .. من بالغباء الكافي ليملك طقم رسمي واحد فقط للجامعة ؟! .. الم يقل هيثم أنه ثري ! .. هل هو بخيل أم ليس مهتم فقط ؟!

تنهد مصعب وعينيه تنظر لساعته لم يتبقى على الامتحان سوى عدة دقائق ودكتور المادة حازم جداً ولن يسمح له بالدخول إذا ما تأخر.

لم يستطع مقاومة شعور مُشفق عليه فسار بخطوات مترددة نحو خزانته واستخرج منها إحدى أطقمه الرسمية ورمى بها إلى عامر قائلاً بسرعة:
_أرتدي هذه فلن يكفيك الوقت للبحث عن غيره.

ثم أسرع بالمغادرة دون انتظار رد من عامر الذي ظلَّ ينظر إلى طقمه بدهشه قبل أن ينهض عن الأرضية سائراً نحوه بخطوات حائرة، ألتقطه بتردد فيما لانت سحنته قليلاً , وهو مركز العينين على مكان وقوف مصعب، ولكنه مالبث أن همس بعزم:
_ليس لدي حل آخر.

¤¤¤¤¤¤¤¤

_ ١٠ صباحاً -

خرج هيثم من قاعة الامتحان منشرح الصدر مشرق الوجه، وما أن رآه مصعب وجمال اللذان كانا ينتظرانه في الخارج منذ وقت طويل حتى صاح به مصعب في استغراب:
_ساعتان كاملتان يا هيثم .. ولم يكن الامتحان سوى سؤالين .. لمَ تأخرت !!

أجاب جمال ساخراً بدلاً منه :
_أظنه نسي موقع بعض النقاط أو الفواصل .. أو لعله نسي أن يكتب الصفحة التي يوجد بها الحل.

قال هيثم ببرود مستفز :
_أسخر كما تشاء .. المهم أني وصلت في النهاية للجواب الصحيح الذي أنهى حيرتي.

سأله مصعب بفضول:
_وما الذي جعلك تحتار كل هذا الوقت !!

أجابه هيثم بفخر:
_ ( فوق ) ، ( على ) .. أيهما من المفترض أن أختار حين عبرت عن الأجابة ؟ .. (جلس فوق المقعد ) او ( جلس على المقعد ) .. لقد بقيتُ أحللها إلى أن وصلتُ للحل وحينها ..

احتبست باقي كلماته بحنجرته حين جذبه جمال من ياقة سترته وهزه بغضب وحنق :
_ساعة ونصف ننتظرك من أجل كلمة .. لقد كان علينا الذهاب للسوق وشراء مستلزمات نزهة البحر في هذه الساعة والنصف ولكن تأخرك أقلقنا فآثرنا الاطمئنان عليك..وأنت تلهو في القاعة ..من أجل ماذا! .. من أجل كلمة! .

جاهد مصعب ليخلص هيثم من قبضتي جمال وهو يقول بحدة :
_جمال أتركه .. هيا .. أنت تؤذيه بفعلك هذا .

أفلته جمال قائلاً بعصبيه :
_ألم أقل لك يا مصعب ...بماذا تختلف (النقطة والفاصلة) عن كلمة تؤدي نفس المعنى !

أبتسم مصعب ابتسامة خفيفة وعيناه تتنقلان بين جمال و هيثم ثم قال :
_أتعلم أشك بعض الأحيان في أن يكون هيثم قريباً لك .

رمى له جمال سؤالاً تخالطه نظره ناريه:
_ماذا تعني ؟

أضطرب مصعب من فعل تلك النظرة وأخذ يلوح بيديه له بارتباك واضح, وهو يقول:
_ كلا لم أقصد شيء ..مجرد دعابة فحسب.

أنضم أليهما هيثم بعد ترتيبه لسترته وقد تغيرت سحنته وقال بصوت غاضب :
_جمال لو أطعتك فأنا لن أخرج من الجامعة ألا بالفوز بمرافقة سخيف مثلك .. ولكني أعدك أني سأكلم أمي وأخبرها بما فعلته بي.

أضطرب جمال عندما سمع ذكر خالته وشعر بقشعريرة باردة تسري داخل جسده فأطلق ضحكة مفتعله, وهو يقول:
_يا إلهي..هل غضبت يا هيثم ! .. كُنتُ أمزح معك .. ولو أوصلتها لثلاث ساعات أخرى فهذا من حقك.

نظر أليه هيثم بغباء في حين أستطرد جمال بمكر:
_ثم أنه من غير اللائق بفتى كبير مثلك أن يضيق على والدته بكل صغيرة وكبيرة تحدث له.

بقي هيثم صامتاً في ذهول, فجذبه جمال أليه وأحاط كتفيه بذراعه وسار به نحو السكن مواصلاً لحديثه:
_لا بأس سنشتري أغراض الرحلة فيما بعد .. المهم هو الآن علينـ ....

تابع جمال حديثه فابتسم هيثم له في بلاهة و أخذ يومئ له برأسه موافقاً له في كل حديثه و هما يخرجان معاً متجاهلين مصعب الذي وقف صامتاً في مكانه كالصخر فاغراً فاه ببلاهة، وعقله المصدوم يتساءل عن خالة جمال هذه فهو لم يرى جمال خائفاً من قبل هكذا ..بل لم يكن يخطر بباله مجرد خاطر أن هناك من يخشاه جمال غير والده .. بل حتى والده لم يره يرتعد منه بهذا الشكل .. فقط .. من هي خالته هذه التي جعلته يرتجـ...

قطع عليه أفكاره مرور عامر أمامه وأكثر ما شد انتباهه هو ارتدائه لطقمه الرسمي, قفز به شعوره من الدهشة التي مر بها قبل قليل إلى سعادة بالغه وهو يراه قد قبل مساعدته .. ضحكة مبتهجه تسربت من بين شفتيه وقد عقد قلبه على هذا التصرف أملاً كبيراً بأن يكون هو بداية الصلح بينهما فسار في خطاً سريعة ليلحق بجمال وهيثم, ووقف أمامهما كالأبله, وهو يهتف بسعادة:
_جمال لقد ارتداه.

عقد جمال حاجبيه في تساؤل:
_ارتداه! .. من ارتدى من !! .. وما الذي ارتداه؟

أجابه مصعب بسرور:
_عامر ..لقد ارتدى الملابس الرسمية التي أعطيته أياها .. إنها بداية مشجعه لنتفق.

ردّ جمال باستخفاف:
_ لا تنجرف خلف تخيلاتك ... هل ستتفقان من أجل طقم جامعة فحسب !؟

أردف هيثم في حذر:
_مصعب أرجوك كن على حذر منه ... فأنا طوال بقائي بالمدرسة معه لم أسمع أنه قد نفع فيه أحسان معلم أو ترفق طالب.

زفر مصعب بتبرم :
_لماذا تحطماني هكذا !

تمتم جمال بسخرية لاذعة :
_أهنئك .. ولكن بقي أمامك مشوار طويل ... فأنت لم تعطه سوى طقم رسمي واحد .. بقي أمامك أن تعيره إحدى احذيتك الرسمية .. وساعة .. و ..

أنفجر هيثم ضاحكاً, وهو يكمل عن جمال:
_لقد نسيت يا جمال .. وجوربين .. ومشط.

احتقن وجه مصعب غضباً من سخريتهما فمنحهما ظهره وعاد الى السكن بخطوات عصبية, فلحقا به وهما يصيحان بصوت عالي:
_لقد كنا نمزح .. هاي مصعب لا تغضب.
ولكنه غاص وسط الزحام غير آبه بمناداتهما له.

¤¤¤¤¤¤¤¤

_ السابعة مساءاً _

" هل جهزت كُل شيء "
ألقى جمال سؤاله لهيثم الذي نهض من أمام أدوات القهوة في حجرتهما مُجيباً له " نعم .. يمكنك صنع القهوة الآن . "

رمى جمال هاتفه الذي كان يلهو بلعبة فيه وقفز من فوق السرير ماراً بهيثم ليلمح وجهه المتجهم فسأله بقلق :
_ ماذا بك ؟! .. تبدو متضايقاً .

أطلق تنهيده خفيفه وهو يستلقي على سريره راداً بندم :

_ما كان علينا أن نسخر من مصعب.

_أذن هذا ما يُقلقك .. لا تهتم .. مصعب ليس من النوع الذي يطول غضبه .. ستجده هو من يأتي ألينا ويحدثنا وكأن شيئاً لم يحدث .. إنه فتى طيب القلب...لم أُخطيء أبداً حين اختـ ..

قطع حديثه صوت طرقات خفيفة على باب حجرتهما ليقول هيثم بفضول :
_من تظنه؟

أجابه جمال باختصار :
_مصعب.

هز هيثم رأسه غير مُصدق ، وقال :
_مصعب لم يأتي إلى حجرتنا منذ تلك الحادثة مع الحافلة .. أي منذ أسبوعين ... ثم أنه غاضب .. و ..

قاطعته صوت طرقات أخرى على الباب, فقال جمال بحزم:
_أفتح له الباب ودعنا من تحليلك السخيف هذا.

قفز هيثم إلى الباب وفتحه ليتفاجيء بشده بوقوف مصعب أمامه وابتسامه ودوده تزين شفتيه.

_السلام عليكم.

أبتعد هيثم عن الباب راداً تحيته:
_وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ألقى مصعب نفسه فوق سرير جمال وانفه تلتقط رائحة القهوة اللذيذة التي يصنعها جمال فقال بسعادة :

_يا لحظي الجميل .. جمال أصنع لي أيضاً كوب من القهوة.

ثم وجه حديثه لهيثم, وهو يستوي جالساً :
_أن قهوة جمال لذيذة للغاية .. هل أخبرك جمال لقد عرضت عليه في إحدى المرات أن يكون طباخاً عندي ولكنه رفض.

أبتسم هيثم بسعادة عندما شعر أن مصعب قد نسي كل ما حدث وقال مجيباً له:
_أن جمال هذا غبي .. لو كنت مكانه لم أكن لأرفض.

أتاهما رد جمال مهدداً:
_ استمرا بالحديث أن أردتما أن تبقى كوبيكما فارغين .. و رفع أحد حاحبيه " فمن تتحدثان عنه هنا يسمعكما .. "

استدار أليه مصعب, وقال باستعطاف:
_أوه كلا .. أعدك لن أتحدث بسوء .. ولكن أسرع بقهوتك علّها ترفه عني بعض ما أجد.

كلمته الأخيرة افلحت في أثارة استغراب جمال الذي أنهى صنع القهوة ليناوله كوبه ثم سحب مقعد ليجلس مواجهاً له وشفتيه تنطق :

_وما الذي تجده!

أجابه مصعب بعد أن ابتلع جرعة من قهوته:
_لقد كنتما محقان تماماً .. فعامر يحتاج لوقت طويل ليتغير.

سأله هيثم باستغراب :
_ما الذي جعلك تقول عنه ذلك وتغير رأيك بهذه السرعة !

ضاقت عينا مصعب واشتدت أصابعه حول كوب القهوة الخزفي وكأنه يكره الحديث حول ماحدث ولكن نظراتهم المركزة عليه جعلته يرسم ابتسامة شاحبه ويجيب:
_لقد عدت إلى حجرتي فوجدت أنه قد رمى طقمي الرسمي الذي ارتداه بدورة المياه ولم يرتب الفوضى التي أحدثها في خزانتي فلم أتمالك نفسي فرفعت صوتي عليه وشتمته فرد علي بنفس لهجتي الغاضبة صارخا بأن أتوقف عن شتمه.

صمت مصعب عند هذا الحد فباغته جمال بسؤاله :
_هل تعاركتما؟

نظر أليه مصعب مشدوهاً بعض الوقت قبل أن يقول بارتباك :
_قليلاً...ولكن سرعان ما انفك هذا العراك.

لم يرد جمال بل زادت تعابيره غضباً وعينيه تتفحص ذراع مصعب الحاملة للكوب ثم عنقه و ..

_غبي .. أنت غبي وجبان.

ارتفع حاجبا مصعب باستغراب ثم مالبث أن صاح بغيظ :
_جمال لماذا تشتمني !

أجابه جمال وهو يلوح بسبابته في وجهه في عصبية بالغة:
_ جبان وغبي وأيضاً ضعيف .. مادمت لا تستطيع العراك لماذا تزج بنفسك في عراك أنت الخاسر الوحيد فيه .. هذا جزاء من لا يستمع للنصيحة.

تجهم وجه مصعب, وقال في حنق :
_أنا جبان .. رائع نسيتُ أنك الرجل الوحيد الذي يستطيع القتال كالرجال.

ثم وضع كوب قهوته على المنضدة وقال بانفعال جارف:
_أظن أني أخطأت المجيء إلى هنا.

غادر الحجرة على الفور بخطوات غاضبه صافقاً الباب خلفه بقوة فوقف هيثم وقال في غيظ:
_ما الذي فعلته ؟! .. لقد جاء ليروح عن نفسه فقابلته بهذا الأسلوب الفظ ..هو حتى لم يكمل قهوته.

لم يزل ذلك الغضب من وجه جمال أبداً وهو يجيبه في استياء:
_ألم تلحظ شيء ؟

بدا هيثم كالأبله وهو يسأله بفضول:
_ شيء .. مثل ماذا؟

_ألم تلحظ ذراعه وكفه .. بالكاد كان يستطيع حمل كوب قهوته من الألم .. ورقبته التي يحركها مابين فينة وأخرى .. ذلك الوغد أذى ذراعه وعنقه .. وهذا ما لاحظته وما خفي أظنه أسوأ.

اتسعت عينا هيثم دهشة قبل أن يصيح بانبهار :
_كيف لاحظت ذلك كله في دقائق معدودة !

هتف جمال بصوت أقرب إلى الهمس:
_لو خضت حياة صعبه مثلي للاحظت ذلك بسهوله.
ثم أستطرد بمرارة:
_ذلك الحقير لم يتساهل معه أبداً و آذاه بشده .. مصعب لم يعتد على هذه الحياة القاسية فالرفاهية التي جعله والده يعيشها أغنته عن هذه الحياة الصعبة .. إلا أنها لم تكسبه جسداً وخبرة يستطيع بها مواجهة أعدائه.

أومأ هيثم برأسه متفهماً فضم جمال قبضته وقال متوعداً:
_سأجعله يندم ..

هتف هيثم بعد تردد بسيط :
_ولكن هذا لا يُفسر ردك القاسي عليه .. لابد أنه غاضب الآن.

ألقى جمال أليه نظرة باردة ،قائلاً:
_أن كان هذا ما يقلقك ... فلا تهتم سيكون مصعب في الغد أفضل .. وسينسى ما حدث وسترى ذلك بنفسك.

¤¤¤¤¤¤¤¤

ظلت يده مُعلقة بمقبض الباب لا يرغب بأدارته ودخول حجرته مجدداً للقاء بعامر ، زفر بغيظ وقد حاول جاهداً أخفاء أثر العراك عن عيني جمال ولكنه كعادته لا تفوت عينيه مثل هذه الامور وهاهو بسبب ذلك يعود مرغماً لحجرته .

نفس عميق أطلقه ودفع باب الحجرة ليدخلها ليجدها كما هي بحالها الفوضوي ولكن بدون عامر .

تحركت شفتيه بابتسامة مرتاحه قبل أن يحرك قدميه لترتيب أغراضه وأغلاق خزانته وتوقفت به قدميه بمنتصف الحجرة حيث دار العراك بينهما ، هو يعلم أنه لم يتساهل مع عامر أيضاً ولكن قوته مقارنة به كانت الأقل ، لم يكن على جمال رميه بصفة الجُبن ، شيء من الحزن مرّ بوجهه وهو يذكر كيف أدار عامر جسده بسحبه لذراعه بعنف ليلويها خلف ظهره ويضغطها مما أجبره ليتأوه رغماً عنه ولم يكتفِ فأحاط عنقه بذراعه الأخرى بشدة مقيداً حركته تماماً ..
ومرّ وقت ولم يُفلح في تخليص نفسه منه لينتهي الأمر بأن دفعه عامر بعيداً وتركه ..

هكذا ابتعدا عن بعضهما ، أو ابتعد عامر عنه فقد كان عاجز أمامه ..

" لقد مضى الأمر وانتهى . "
تمتم بها محاولاً تطييب خاطر نفسه وهو يدفع بنفسه أسفل غطاء سريره وأشغل عقله باسترجاع معلومات امتحان الغد ثم قراءة أذكار النوم و غرق في النوم .

■■■■■■

السلام عليكم ورحمة الله

كيف حال الجميع ؟

افتقدكم كثيرا

بما اني قد اخبرتكم مسبقا اني لا يناسبني اكمال متلازمة فريجولي فقد قررت تعديل رواية أول صديق حتى يناسبني الوقت لاكمالها ..

استمتعوا ولا غنى عن رايكم

كيف تجدونها ؟ .. باسلوبها الأول افضل ام الآن ؟🌚😢

تحديثها لا يرتبط بوقت محدد .. وقت تفرغي فقط

والغلاف الحلوه. Sama طلبت رايكم فيه 

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top