لن تخرج حياً " ٣٦ "
رفع جمال غطاء السيارة_ التي ركنها عامر داخل باحة قصر شاهر_ ببطء حتى لا يصدر عنه أي صوت, ونزل منها بهدوء شديد, ولحق به مصعب.
ساروا على أطراف أصابع قدميهم بحذر حتى وصلوا إلى المكان الذي حدده لهم هيثم، همس مصعب باهتمام شديد:
_ذلك هو الحبل... لابد من أن هيثم قد وجد صعوبة في أخراجه من أسفل سترته وربطه في قائم النافذة ومن ثم إدلائه لنا.
أسرع مصعب ليلتقط طرف الحبل, ولكن جمال أشار له بيده أنه هو الذي سيصعد، وافق مصعب على مضض لأنه يعلم تماماً أنه لن يكون ببراعة جمال في تسلقه.
ألتقط جمال طرف الحبل الذي أدلاه لهم هيثم عند دخوله حجرة معاذ، وتسلقه بمهارة فائقة، ثم فتح نافذة الحجرة ببطء شديد, قفز بعده إلى داخلها....
وما أن رأى معاذ جمال الذي توسط حجرته حتى صاح في فزع:
_من أنت؟ لماذا دخلت من النافذة!
أشار جمال إلى وجهه بسبابته, قائلاً في جذل:
_ألم تعرفني!... أنا جمال البطل جئت لأنقذك مرة أخرى.
تراجع معاذ إلى الخلف حتى التصق ظهره بالحائط مردداً في ذهول:
_البطل !
أقترب جمال منه ليأخذه, ولكنه بغتة ألتقط كتبه المبعثرة, وأخذ يرميه بها صائحاً في خوف:
_النجدة..النجدة...النجدة.
شعر جمال بالحنق فأسرع خطاه نحوه, هامساً في غضب:
_تريد أن تُخرجنا من دائرة السلم إلى الحرب...لن أسمح لك بذلك.
ألتقط جمال معاذ بقوة, وغطى على فمه, وأخرج من جيب بنطاله منديل به كمية من مادة مخدرة وضعه على أنفه مباشره ..
حاول معاذ المقاومة بعض الوقت, ولكنه مالبث أن انهار فاقداً للوعي بين ذراعيه...
حمله جمال برفق, وهمس بهدوء:
_لقد كنت محقاً يا عامر عندما نصحتني أن أخذ معي مخدر.
فتح جمال النافذة على مصراعيها, وأشار لمصعب أشارة فهمها ففرد ذراعيه أمامه بسرعة ليتلقى جسد معاذ،
ألتقط جمال نفساً عميقاً قبل أن يرمي بمعاذ إلى مصعب الذي التقطه بصعوبة بالغة حتى أنه كاد يفقد توازنه .
حدق مصعب للحظات بوجه معاذ متفحصاً, ثم مالبث أن احتضنه بقوة, وقال في حب جارف وبعينين دامعتين:
_أنه .. أنه أخي حقاً...كم اشتقتُ أليك.
نزل جمال بخفه من على الحبل, ووقف بجانب مصعب هامساً في عجلة:
_هيا فلنعد قبل أن يفيق من تأثير المخدر.
سارا بخطوات هادئة نحو السيارة, ولكن بغتة وبدون أي مقدمات أو موعد...
التقوا وجهاً لوجه مع آخر من كانوا يتمنون..
رؤيته..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم تكن الدهشة من نصيب عامر فحسب, بل أن همام صُدم أيضاً, حين وقعت عيناه على عامر, حتى أنه بقي صامتاً لا يقوى على الكلام, وعيناه لا تكاد تفارق وجهه.
أنتشل عامر نفسه من دهشته بعد أن تفجر داخله بركان ثائر من الحقد والكراهية والانتقام, وانقض بكل وحشية على همام صائحاً:
_أيها الحقير أنت هنا وأنا بحثتُ عنك طويلاً سأقتلك.
تراجع همام للخلف, قائلاً في توتر:
_عامر أهدأ دعني أخبرك بما حدث.
أجابه عامر بحرقه:
_تخبرني بماذا !كيف قتلت أمي أيها الوغد !
أبتعد همام عن طريقه صائحاً:
_عامر أنا لم أقتلها..أسمـ..
تجاهل عامر حديثه مقاطعاً كلماته بانقضاضه قويه, وبدؤوا العراك بأيدي عارية, وقد كان كلاً منهم مقاتل لا يُشق له غبار, فقد كانت تدريباتهم معاً من قبل, وفي نفس النادي, ولكن ما لم يشك فيه أحد منهم أنها ستكون يوماً من الأيام ضد بعضهم البعض.
كان عامر يؤدي دور المهاجم في حين ظل همام بدور المدافع فقط, تبادلوا خلال عراكهم ذاك ركلات ولكمات غاية في القوة، وجّه عامر إحدى ركلاته إلى رأس همام الذي انحنى متفادياً لها, ولكنه ما كاد ينحني حتى باغته عامر بركله من قدمه الأخرى أودع فيها كل حقده لترتطم بصدر همام بقوة وترميه خلفها عدة أمتار ساقطاً على الأرض.
أنحنى عامر للأسفل, وأخرج من حذائه ذو العنق الطويل سكيناً رفيعاً حاداً, وقفز بكل قوته فوق همام ليعتلي صدره, وقبض بكلتا كفيه على ذلك السكين وصوب طرفه الحاد بكل شراسته إلى صدر همام, وما أن رأى همام ذلك السكين الحاد الذي يخترق الهواء نحو صدره مباشرة, حتى أمسكه بكلتا كفيه من طرفه المكشوف مانعاً وصوله إلى صدره.
صاح عامر بصوتً ثائر :
_سأقتلك أيها الحقير كما قتلت أمي بالسكين.
أجابه همام بألم, وقطرات من الدم تتساقط من كفيه الممزقة على وجهه:
_عامر صدقني لم أقتلها...لقد حدث ذلك مصادفه...لقد أخذت صندوق مجوهراتها تحت تأثير المخدر فهددتني بذلك السكين أن أُعيده فأعدته ولكنها صممت على عدم فراري حتى تتصل بالشرطة ليقبضوا علي فدفعتها لألوذ بالفرار فانحنت يدها الممسكة بالسكين وسقطت عليها فانغرس داخل جسدها..أقسم أني لم أرد قتلها لقد كنت أحاول الفرار فحسب.
ارتسمت ابتسامة غاضبة على شفتي عامر, صاح بعدها في حده, وهو يحاول انتزاع السكين من كفي همام:
_عذر واهي...سأقتلك سواء تعمدت ذلك أم لا.
حرك عامر يده للأعلى بقوة ليسحب السكين من بين كفي همام الذي أرسله فجأة فارتمى السكين بعيداً.
سحب همام قدمه من تحت عامر, وضرب بها صدره بقوة, فارتمى للخلف ساقطاً على الأرض،
نهض همام بعد ذلك وحاول الانقضاض عليه, ولكن ما أن أقترب منه حتى استند عامر على كفيه ورفع جسده بأكمله للأعلى ضارباً صدر همام بقدميه بكل قوته ومقته وحقده.
كانت الضربة قويه للغاية, قذفت بهمام بعنف ليصطدم بنافذة كبيرة في الحجرة محطماً زجاجها, وهوى خلفها من الطابق الثالث.
نهض عامر صائحاً في شماتة:
_هذا أقل ما تستحقه ..
وما كاد عامر يستدير نحو باب الخروج ..
حتى شعر بالفزع من رؤية علاء الذي أخذ ينظر أليه في وجوم..
فهو لم يلتقط أنفاسه بعد من العراك الأول
وهذا يعني أن عراكه التالي
قد حُسمت نتيجته
وبسرعة
لصالح الخصم
علاء...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ظل مصعب وجمال وقت ليس بقصير يحدقون بخوف في جابر ورجاله الذين دخلوا إلى القصر بهدوء شديد......
همس جمال لمصعب في قلق:
_أظنهم لم يفطنوا لوجودنا بسبب الإضاءة الضعيفة.
أجابه مصعب في توتر:
_يجب أن نبقى جامدين أذن حتى يمروا.
ما كاد مصعب يُكمل عبارته تلك حتى تحرك معاذ بضعف....
أسرع مصعب يضع كفه على فمه بارتباك شديد محاولاً كتم صوته, ولكن ما أن أستعاد معاذ وعيه تماماً, حتى أخذ يقاوم مصعب الذي زاد من أمساكه.
عض معاذ كف مصعب بقوة, مما جعله يرفعها في ألم, قائلاً بسخط:
_ تباً.
صاح معاذ عندئذ في رعب ولهفه:
_النجدة..النجدة..
استدار جابر ورجاله الثلاثة نحو مصدر الصوت ليُشهروا أسلحتهم على الفور في وجهي مصعب وجمال.
ظل جمال ومصعب جامدين في أماكنهم, لأن الكفة لن تميل أليهم أبداً في وجود الأسلحة تلك, فهي نقطة الضعف الوحيدة التي لن يستطيع أي شخص المقاومة أمام فوهتها.
أقترب جابر منهم مشهراً مسدسه في وجوههم, بعد أن أمر أحد رجاله بإدارة كل الأنوار في باحة القصر.
أضيئت الأنوار دفعه واحده, وما أن رأى جابر مصعب وجمال, حتى صاح في انفعال مشوب بسرور:
_يا إلهي .. لا أصدق..ما كنت لأبحث عنك يا مصعب في قصر شاهر...إني حسن الحظ بحق .. لقد أصابنا الإجهاد من طول البحث عنك وأنت تحت نظرنا ونحن لا نعلم.
عقد مصعب حاجبيه في حنق, وزاد من تشبثه بمعاذ الذي أخذ يقاومه بكل قوته, فصاح جابر بغلظة:
_أفلت الصبي.
صرخ مصعب بعناد:
_كلا لن أتركه.
عاد معاذ ليعض كف مصعب, فا أفلته رغماً عنه و قبض على كفه بألم، بينما هرع معاذ إلى جابر صائحاً في ارتياع:
_جابر لقد حاولوا اختطافي.
أشار جابر إلى رجلين من رجاله, فالتفوا حول مصعب وجمال, وكبلوا بذراعيهم حركتهم من الخلف, في حين بقي الثالث مشهراً مسدسه نحوهما.
ربت جابر على رأس معاذ, وقال في خبث:
_أنهم أشرار..تعال سأريك كيف سألقنهم درساً قاسياً.
تجاوز جابر مصعب, واتجه إلى جمال, قائلاً بجدية:
_لم أكن أظن أنك ستستيقظ بعد تلك الغيبوبة التي أصابتك.. لا يمكنني وصف سعادتي عندما رأيتك يا جمال.
حاول جمال التخلص من ذراعي الضخم التي تحيط به, وهو يقول متهكماً:
_لماذا!!...هل أرقتك عينك السليمة !!
اتسعت ابتسامة جابر, وقال في تلذذ وحشي:
_نعم لقد أرقتني بطلب الثأر لأختها.
تسلل القلق إلى قلب جمال, وجابر يُكمل :
_ولكن قبل الثأر هيا أخبرني ما الذي أخذته من الخزنة التي أرسلت أليّ أشارة بأن يداً غريبة قد لمستها ..
عقد جمال حاجبيه محاولاً استيعاب ما يقصده بينما اقترب منه جابر أكثر, قائلاً باهتمام شديد:
_من حسن حظ شاهر ارتباط هذه الخزنة بجهاز في سيارتي يُرسل أشارة استغاثة إذا ما لمستها يد مجهولة.
قفز إلى عقل جمال فجأة ما اتفق عليه هو وعامر, فقال على الفور متهكماً:
_إن خزنتك السخيفة هذه مضطربة كعقلك تماماً لعلها اشمئزت من كف شاهر فأرسلت استغاثة علّها تجد من ينقذها منه.
أطرق جابر مفكراً بعض الوقت, لأنه قد تكرر حدوث ذلك من قبل عندما لمسها علاء مرةً, ومرةً أخرى عندما كان شاهر يرتدي قفازات ..فهل حقاً تكرر نفس الشيء...أسرع جمال يقول عندما رآه متردداً محاولاً بذلك التستر على عامر وهيثم حتى يتم خروجهم بسلام ودون أذى :
_ثُمّ ما حاجتي لخزنه عفنه لا تضم سوى أموال كلها محرمة دليل جرائمكم المتكررة.
أبتسم جابر, وقال في خبث:
_سواء لمستها أم لم تلمسها فأنك لن تخرج حياً من هنا.
ثم ألقى جابر نظرة محبطة لمصعب الذي كان يعتصر عقله محاولاً فهم المقصود بالخزنة, وقال ساخراً:
_أما أنت يا مصعب فأنك أوفر حظاً منه لأن موتك سيتأخر لعدة أيام بعد أن نُنهي قضية أيمن.
أدار جابر مسدسه ليمسكه بشكل مقلوب, وهو يقول في شراسة:
_سيكون تعذيبك يا جمال مختلف تماماً عن أي تعذيب قمت به في حياتي لأني سأعذبك من أجل نفسي أنا وليس من أجل شاهر.
تراجع جمال للخلف بصعوبة من جسد ذلك الضخم الذي وقف حائلاً أمام تراجعه، وشعر بالقلق يسيطر على كل جسده, بينما ارتسم الفزع بكل تفاصيله على وجه مصعب الذي صاح بجابر الذي زاد اقترابه من جمال:
_أتركه وشأنه..أنتم تريدونني أنا ..هيا أتركه وسأنفذ ما تريدون.
تجاهله جابر, وهو يرفع مؤخرة مسدسه ليضرب بها شق وجه جمال الأيمن بقوة كبيرة أتبعها بأخرى في شقه الأيسر.
تفجر ألم فظيع في رأس جمال لم يشعر به من قبل, وبدأ يشعر بطعم الدماء داخل فمه, بينما صرخ مصعب في هلع وهو يحاول مقاومة الرجل المكبل لحركته:
_أتركه أيها الحقير..أتركه هيا.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كومنتات + فوت ❤️❤️❤️ لا تنسوها
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top