صديق جديد " ٣٣ "
كان عامر واقفاً على قدميه بصعوبة ملحوظة, ويده لا تفارق عنقه وقد بدا الألم الشديد في وجهه,
بينما كان جمال جاثياً على ركبتيه ممسكاً صدره بألم بالغ, وبعض الدماء تتدفق من زاوية شفتيه...
هرع مصعب على الفور نحو جمال, وأسنده, وهو يقول في ذعر :
_يا إلهي...ما الذي فعلتماه؟
دفع جمال مصعب بخشونة محاولاً النهوض لوحده، فتراجع مصعب باستياء رغماً عنه ،ولكن ما كاد جمال يستتم واقفاً, حتى عاد للسقوط مرة أخرى....
فأقترب عامر منه, وقال ببرودٍ عجيب:
_أظنك لم تنسى وعدك.
أشاح جمال بوجهه عنه, وقال في مرارة:
_لم أعتد أن أُخلف وعداً قطعته من قبل.
ارتسمت ابتسامه كبيره على شفتي عامر, وهو يمد يده لجمال عارضاً عليه المساعدة، تردد جمال بضع لحظات, ولكنه مالبث أن التقط يده, فجذبه عامر بقوة, واعتنقه قائلاً بلهجةً ودود:
_يُسعدني أن تكون صديقاً لي.
أجابه جمال بضعف :
_وأنا أيضاً.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ذرّع مصعب الصالة في عصبيةً بالغه ..ولم يمضي وقت طويل حتى استدار بحدة نحو عامر وجمال المستلقيين على أريكتين وقد بدا الإعياء على كل منهما...
فصاح في غضب هادر:
_لا أعلم.. ماذا يمكن وصف ما فعلتماه !...إن الجنون أقل ما يمكنني وصفه به.
لم يكترث عامر بإجابته وهو يعدّل من وضع استلقائه فوق الأريكة كي لا يزيد من ألام عُنقه ..
بينما انشغل جمال بمسح شفتيه الداميتان بكم سترته في أهمال وهو يزيد من استرخائه فوق الأريكة..
فأقترب منهما مصعب بعد عبارته تلك, وصاح في استهجان:
_كّدُتما تقتُلان بعضكما البعض من أجل ماذا!! ....
سكت مصعب لحظه فرد ذراعيه بعدها بشكلً مسرحي, وصرخ ساخراً:
_من أجل أن تصبحان صديقين... ياللسخافه...
قاطعه جمال عند ذلك, وهو يتحسس صدره في ألم:
_مصعب..أرجوك أخفض صوتك قليلاً..أريد أن أخذ غفوة قصيرة فقط إلى أن يأتي هيثم بالغداء.
تجاهله مصعب, وابتسامه عصبية ساخرة تُزين شفتيه, وهو يستدير نحو عامر صائحاً في حنق:
_يالّ رقة مشاعرك...إذا ما استطعت أن تتغلب على جمال فسيصفح عنك...وتصبحان بعدها صديقين... أنه أسخف شرط سمعته في حياتي.
تحسس عامر رقبته, وقال في ضيق:
_مصعب أصمت هيا.
عاد مصعب ليستدير نحو جمال بحدّه بالغه, وهو يصيح مشيراً بسبابته في وجهه:
_أما المعتوه الآخر...إذا ما تغلب هو فإن عامر يجب أن يُغادرنا على الفور...ومن قال لك أني سأسمح له بالمغادرة أيها الساذج !!؟
صاح جمال في وجهه بغيظ:
_مصعب لقد مضى على موعد قيلولتي الكثير..أقفل فمك هيا.
أطلق مصعب ضحكه عصبيه, وزاد من قربه منهما وهو يقول بجديه:
_لماذا!!.. أُقفلُ فمي!! هاه...لأني أكشف لكما قبح ما صنعتماه.
تطلعا أليه بضيق شديد, فأكمل بصوت بدا فيه ما يعتمل داخله من غضب وحنق وقلق:
_أنا الخاسر الوحيد إذا ما حدث لأحدكما مكروه.
رمى بنظرة ناريه لجمال مستطرداً في سخريه مريرة:
_إذا ما قُتل عامر فأني سأضطر أسفاً لأخبار خالتي بأن صديقي قتله من أجل تحدي سخيف بينهما لتنهار باكية ... ثم ماذا بعدها أستأذنها للخروج بلطف لأن قاتله ينتظرني عند الباب.
صاح جمال باستياء:
_مصعب أصمت ...وإلا..
ألقى مصعب نظرةً أخرى لعامر دون أن يُعير كلمات جمال أي اهتمام, وهو يستطرد في مرارة:
_أما إذا ما قُتل جمال فعليّ أخبار عمي رائد الذي آواني بعد وفاة والدي وكان بمثابة الأب لي.. أن قريبي الذي التقيته حديثاً قتله من أجل أن يُجبره على صداقته ..ثم أودعه بابتسامة مغتصبه لأني مضطر لمرافقة قريبي القاتل.
وضع مصعب كفيه على رأسه, وصاح في أسىً حقيقي:
_أنا الخاسر الوحيد..إما أن أفقد قريبي الوحيد الذي سُعدتُ بلقائه مصادفه ...أو أفقد أخي الوحيد وأعز أصدقائي .
صمت مصعب لحظه بلل فيها شفتيه ولسانه الناشف عاد ليقول بعدها متهكماً:
_سذاجة أم جنون...بل أنتم أسوأ من ذلك ..معتوهان..و..
قاطعه عامر بعصبية :
_مصعب كف عن شتمي..وإلا..
بينما صرخ جمال, ويديه تغطيان أذنيه:
_لم أعد أحتمل سماع صوته أكثر من ذلك.
تابع مصعب صراخه ولومه متجاهلاً لهما, فاختلس جمال نظره لعامر, وقال بجديه:
_عامر لن ننام وهذا البوق مفتوح .
استدار عامر نحوه, وقال بعزم:
_يتوجب علينا إسكاته أذن.
وثبا معاً واتجها بخطوات واسعة نحوه، وما أن رأى مصعب اقترابهما منه حتى زادت نبضات قلبه, وقال في قلق, وهو يتراجع إلى الخلف:
_هل تريدان قتلي أنا لتعويض ما فات في عراككما ؟!
نزع جمال حزام بنطاله, وهو يقول بمكر:
_ما حاجتنا لقتلك...كل ما نريده هو إخراس بوقك حتى يأتي هيثم بالطعام.
نزع عامر حزام بنطاله بدوره, فصاح مصعب في ارتياع وتهديد, وهو يزيد من تراجعه المتعثر:
_لا .. لا .. ستندمانـ...
لم يعطياه الفرصة ليكمل عبارته فقد أنقضا عليه معاً...
وبكل ما تبقى من قوتهما...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلّف هيثم إلى الشقة بيدين مملوءتين تماماً, فاتجه إلى حجرة الطعام مباشرة ليفرغ حمولته على طاوله داخلها.
سار بعد ذلك بخطوات هادئة حذرة إلى الصالة بعد أن أثار حيرته ذلك الصمت الذي خيّم على الشقة بكاملها...
وما أن دخلها حتى شعر باستغراب شديد, فقد كان عامر وجمال نائمين بعمق، أدار عينيه بشرود متفحصاً كل أرجاء الصالة بحثاً عن مصعب, ولكن لم يكن له أدنى أثر...
سار نحو جمال, وقال بهدوء:
_جمال هيا انهض لقد أحضرتُ الطعام.
فرك جمال عينيه, وقال في تذمر:
_هيثم لقد تأخرت..كدت..
قاطعه هيثم متهكماً:
_تموت من الجوع..لا أظن إلا أنها ستكون نهايتك يوماً ما.
استدار هيثم نحو عامر, وضربه في كتفه برفق قائلاً:
_عامر هيا انهض لقد أحضرت الطعام.
حرك عامر رأسه, وهمس بصوتً ناعس:
_عمتي..ماذا طبختي؟
صرخ هيثم في وجهه بغضب:
_لستُ عمتك أيها القذر...أنا هيثم.
هتف عامر باستياء:
_ولماذا الغضب!!
نهضا بخطوات مترنحة نحو حجرة الطعام, فسألهم هيثم بحيرة:
_أين مصعب؟
أجابه جمال, وابتسامه ساخرة تتراقص على شفتيه:
_إنه نائم خلف تلك الأريكة.
صاح هيثم بدهشه:
_لماذا؟ ؟!
أجابه عامر بدلاً عنه بصوت بدا تهكمه في نبراته:
_دعه يُجرب كيف ينام الفقراء ..
رفع هيثم حاجبيه بدهشة, وهو يتجه نحوه فأسرع جمال يقول:
_قل لمصعب أن يُحضر معه حزام بنطالي الذي أعرته.
أسرع عامر بدوره يقول:
_وحزامي أيضاً...
دوت ضحكاتهما الساخرة مجلجلة في كُلِ أنحاء الصالة, وهما يغادرانها بعد عبارتهما تلك, وما كاد هيثم يرى مصعب المرمي خلف الأريكة, ويديه مقيدتين بحزام جمال وقدماه بحزام عامر وفمه محشو بقطعة قماش, حتى صاح في هلع:
_مصعب..يا إلهي..من فعل بك هذا!
أجابه مصعب بهمهمة غاضبه, فأسرع هيثم ينتزع قطعة القماش من فمه, وما كاد يفعل ذلك حتى ابتلع مصعب لعابه, وصاح في غيظ:
_من غيرهما ...المعتوهين.
عقد هيثم حاجبيه في تفكير ثم قال ببلاهة:
_جمال وعامر.
أجابه مصعب بتبرم:
_وهل هناك معتوهين غيرهما ؟! ..هيا فك قيدي.
أسرع هيثم يفك يديه لينتقل بعدها إلى قدميه، فرك مصعب يديه في ألم من أثر الحزام المشدود بقوة، ثم صاح في غضب:
_هيثم لماذا تأخرت أني أنتظرك منذ ساعة كاملة ؟!...أهذا كله من أجل..
قاطعه هيثم بعد أن فك قيد قدميه:
_بل تأخرت من أجل أن أُحضر صحيفة...كانت تُباع في محل بعيد عن هنا.
نهض مصعب قائلاً بدهشة:
_ولماذا الصحيفة؟
وقف هيثم, وقال بعجله ساخراً:
_إن تأخرنا أكثر فلن نجد إلا الأطباق.
أسرع مصعب في خطواته, وهو يقول متهكماً:
_هذا إذا لم تُغسل الأطباق بألسنتهم القذرة.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
( بعد تناولهم للطعام )
- هذه هي الخطة كاملة.
تعلقت أبصار ثلاثتهم بمصعب الذي مالبث أن سأل بجديه:
_ما رأيكم؟
ظهرت نظرات الإعجاب به على عيونهم فقد كانت خطته منطقيه..
ورائعة للغاية.
نظر مصعب أليهم لحظه قال بعدها بلهجة ودوده للغاية:
_أسمعوا أنا لا أُجبركم أبداً...فإن القضية قضيتي وحدي...والمهمة خطرة ولن ألوم أحد منكم إذا ما رفض فهذا حقه .
صمتوا وقت ليس بقصير وقد بدا على كل واحداً منهم استغراق كبير في التفكير قطعه مصعب الذي تطلع لعامر لحظة سأله بعدها في توتر:
_عامر ما رأيك؟ .. أعلم أن ما أطلب منك تأديته من دور بالخطة يُناقض شخصيتك تماماً لذا يمكنك الأنسحـ..
نظر عامر إليه بطرف عينه قبل أن يرفع رأسه في كبرياء, ويقول بلهجة متغطرسة:
_أنتقل إلى التالي ...
أبتسم مصعب ابتسامة كبيرة ثم انتقل ببصره لهيثم, وهتف بارتباك:
_هيثم..أرجوك..إذا كنت لا تود الذهاب فلن أغضب منك أبداً..لك مطلق الحرية فيما تختار.
أبتسم هيثم, وقال ببرود:
_بل سأذهب...ولكن ما يقلقني هو الدور الذي سأؤديه أخشى أن لا أُجيده .
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي جمال, وقال مستنكراً بعد أن ضرب بطرف يده رأس هيثم:
_لا تُجيده!!...لقد استطعت خداعي عندما كان مصعب مصاب.. كنت ممثلاً محترفاً حتى إني ظننت أنه ليس مصاب .
ضحك هيثم عند ذلك وبدا عليه الأقتناع الكامل, وقال في جذل:
_رائع....التالي.
أدار مصعب بصره ببطء نحو جمال فصدمته تلك النظرة النارية التي تحملها عينيه, والتي صحبها قوله بغيظ:
_لو نطقت حرفاً واحداً فسأقتلك...ثم أني ذاهب من أجل معاذ وليس من أجلك...
تطلع أليه مصعب بضع لحظات بامتنان كبير ..قال بعدها بعزم:
_إذن ..متى ننفذ خطتنا؟
صاح هيثم في حماس مدهش:
_الليلة.
تطلعوا أليه بدهشة حقيقية أربكته, فأسرع يختطف الصحيفة التي أحضرها, وأشار إلى أحد زواياها بعد أن فرشها على الطاولة أمامهم, وقال مبرراً حماسه:
_أقرءوا.
مال عامر برأسه ليتطلع إلى الصحيفة, وأخذ يقرأ بصوتٍ مرتفع:
_رجلُ الأعمال والتاجر المشهور شاهر عباس سيضطرُ الليلة للتغيب عن صفقه بقيمة أربعة ملايين دولار والتي تولى عقدها بدلاً عنه محاميه وتكفل حراسه بحمايتها بسبب جلسة ولده التي كان من المفترض عقدها اليوم ولكنها أُغلقت بسبب تغيب الشاهد وسيتم استئنافها بعد يومين..
بدا القلق والخوف الشديد على وجه مصعب بمجرد انتباهه للعبارة الأخيرة " سيتم أستئنافها بعد يومين " فإذن مازال شاهر سيسعى خلفه..
فيما قال عامر في حنق:
_أنه شرير بحق مازال مُصر على خطفك وإجبارك على تغيير شهادتك .
حرك هيثم رأسه بقوة, وقال في ضجر:
_أغبياء...ألم تلفت انتباهكم العبارةُ الأولى !!
سأله جمال بتعجب :
_أي عبارة!!
قال هيثم بجديه:
_إن محامي شاهر ومعظم حراسه لن يكونوا في قصره لأنهم مضطرون لحراسة المال وهكذا لن يكون أمامنا إلا عدد قليل من الحراس الليلة.
اتسعت عينا مصعب, وقال بانبهار:
_أنت رائع يا هيثم...هذا صحيح.
ابتسم هيثم, وهو يهتف بزهو:
_ألم أقل لكم أن الليلة هي الأنسب.
نهض جمال وأخذ يدور في الحجرة, وقد بدا عليه التفكير العميق, ثم مالبث أن استدار نحوهم, وصاح بحماس بالغ:
_الليلة أذن.
أنتقل حماسه أليهم فصاحوا بصوت واحد:
_الليّلة.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أعتذر لتأخري ><
وسوف أُنزل بارتين كل خميس وجمعة وسبت إن شاء الله بسبب المدرسة وأشغالها الكثيرة 💔😭
كومنتات + فوت .. لا تنسوها ❤️❤️❤️
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top