النجـــــــدة " ٣٠ "


أبتسم مصعب ابتسامةً مخيفه أخذ بعدها يتحرك ببطءٍ شديد باتجاه البحر...

قطع مسافة كبيرة , وبدأت قدميه تلامس مياه البحر الباردة...
شعر بنشوة عارمة تنتابه حين وصلت مياه البحر إلى نصف ساقيه...

رفع ذراعيه للأعلى ليرتمي داخله وقد علت شفتيه ابتسامة منتشيه وما كاد يفعل ذلك حتى شعر بذراعين قويتين تحيط به من الخلف لتمنعه, فصاح في غيظ:
_دعني..دعني...أريد أن أكون مع معاذ...هيا دعني.

جذبه جمال بقوة إلى الخلف, وهو يصيح بارتياع:
_مصعب يا أخي أرجوك توقف عن جنونك هذا.

حاول مصعب التملص من ذراعيه, وهو يصيح في جنون ثائر:
_أنظر .. أنظر .. معاذ هناك ينتظرني..لقد اشتقت أليه كثيراً...دعني هيا.

سحبه جمال إلى خارج البحر بشدة متجاهلاً صرخاته المعترضة, وما كادت تلامس قدمي مصعب رمال الشاطئ مرة أخرى, حتى انهار باكياً, وهو يصيح:
_لماذا عدت يا جمال؟ إنها المرةُ الثانية التي تقف فيها عائقاً في طريقي..

أجابه جمال لاهثاً:
_مصعب ستقتل نفسك أن تركتك.
هز مصعب رأسه في ألم, وقال بصوت حمل كل حزنه:
_كدتُ ألتقي بأبي في المرة الماضية..والآن كدت ألتقي بأخي.. لماذا يا جمال تمنعني في كل مرة ؟!...

أجلسه جمال على رمال الشاطئ, ثم جلس في مواجهته, وقال بلطف:
_مصعب أن التقيت بهم ..فهذا يعني أني لن ألتقي بك أبداً وهذا سيحزنني كثيراً.

جذبه مصعب من ياقة سترته بخشونة, وأخذ يصرخ في وجهه بغضب:
_لقد اخترت أن أكون معهم وليس معك...فلماذا تربطني بك! ثم أني قد قتلتك فكيف عدت للحياة.

حرك جمال رأسه, قائلاً, وابتسامه حزينة تزين شفتيه:
_بل أنا من كدت أقتلك...بطيشي...مصعب هيا أفق ..

نهض مصعب بقوة, وقال في حنق:
_لن أستفيق إلا هناك..داخل البحر..عند أسرتي.

كاد مصعب يفلت من يدي جمال الذي وجد مشقةً كبيرة في التشبث به, ومنعه من محاولة العودةِ إلى البحر, وحينما شعر جمال أنه لم يعد يقوى على منعه أكثر وأنه قد يفقده بسبب حركته العنيفة والمستميتة التخلص منه، التقى حاجباه بشده ورفع في تلقائية قبضته ليّلكم مصعب في وجهه بقوة كبيرة، لكمةً آلمته.

تحسس مصعب وجهه في ألم وقت ليس قصير, ثم مالبث أن صرخ في عصبيه بالغه:
_جمال لماذا ضربتني!..ثم لماذا أنت متشبث بي هكذا!

ما كاد مصعب يقول ذلك حتى أفلته جمال, وصاح في سرورٍ كبير:
_مصعب هل أفقت؟

نظر أليه مصعب بضع لحظات, قال بعدها في دهشة, وعيناه تدور في المكان:
_أفقتُ من ماذا؟ .. ثم .. ثم كيف جئت إلى البحر؟

فاجئه جمال حين عانقه بحرارة, ودموعه لا تكاد تتوقف, وهو يقول بأسف:
_مصعب أنا أسف من أجل ما قلته لك ...لا أعلم كيف قلت ما قلت...أرجوك أنسى ما حدث.

نظر أليه مصعب بذهول, وهو يقول :
_جمال مابك!...لا تبكي أرجوك...ثم لماذا أنا هنا!

أتاه صوت جمال حزيناً جداً:
_كدّتُ أقتلك بتهوري وطيشي...أقسم أني لم أقصد ما قلته أبداً إن الشيطان هو السبب ...والدك كان يحبك ولهذا ضحى بحياته من أجلك...وأي والد لن يتردد عن فعل ذلك من أجل أبنه..شاهر هو من قتله وليس أنت أبداً.

حاول مصعب استيعاب ما يقصده جمال, وهو يلتفت يمنة ويسرة بحثاً عما يساعده على الفهم, وفجأة صاح بذعر بالغ:
_جمال هل كررت ما فعلته ذلك اليوم!

أومأ له جمال برأسه إيجاباً, فصاح مصعب بهلع:
_يا إلهي لقد أفزعتك بحق...أنت لا تبدو على مايرام.

ظل جمال متشبثاً به وهو يكرر في أسف :
_مصعب دعك مني الآن ... أرجو أن تصفح عني من أجل ما قلته لك.

لم يكد يقلها حتى شعر بهدوء مصعب وأحنائه لرأسه في ألم وحزن واضح بعد تذكره لما حدث, تراجع جمال إلى الخلف, قائلاً بندم مرير :
_مصعب أنا أسف...لقد أخطأتُ في حقك...و لن ألومك إذا ما غضبت مني..فإن ما قلته كان سيئاً للغاية... وأنا حقيقةً لا أستطيع مسامحة نفسي.

ظل مصعب على صمته ذاك بعض الوقت, إلا أنه مالبث أن قطعه بقوله بعد تمالكه لغضبه:
_سأصفح عنك ولكن بشرط ..

سأله جمال بلهفه شديدة:
_ما هذا الشرط؟
أبتسم مصعب عند ذلك بتوتر , وقال برجاء:
_أن تصفح عني أنت أيضاً من أجل سماعي لعامر.

أجابه جمال بسعادة:
_لقد صفحت عنك...لقد صفحت عنك منذ ما حدث ولكن تأخرك عن القدوم ألي هو الذي أغضبني...

تهلل وجه مصعب وأشرق بابتسامة كبيرة قبل أن  يعانقه, قائلاً في سرور:
_وأنا أيضاً صفحت عنك...لقد حزنت كثيراً يا جمال من طول خصامنا.

أجابه جمال بسرور بالغ:
_أما أنا فقد كدت أجن ...فأنا لم أعتد الخصام معك ساعات فما بالك بأسبوع.

تسلل الهدوء والارتياح ليعانق قلب الأثنين بعد تلك المدة التي لم يذوقا فيها طعماً للراحة .. قال مصعب بجدية:
_ جمال يجب أن ننسى ما حدث.
هز جمال رأسه مجيباً في طاعةً وحسم:
_ بالتأكيد .

تراجع مصعب للخلف بغتة, وقال, وهو يحيط جسده المرتجف بذراعيه :
_جمال إن الجو بارد هنا و ملابسنا مبتلة علينا استبدالها.
نظر جمال لملابسه هو الآخر, وقال بانزعاج:
_هذا صحيح...أنت السبب والويل لك لو أصبت بالبرد وحدي.

انفجرا معاً ضاحكين, وهما يسيران مبتعدين عن الشاطئ, وهالهم فجأة منظر هيثم الذي غطت وجهه الدموع, وهو يجثو عند هاتف مصعب المرمي, ويصيح, وكأنه يخاطبه:
_أين مصعب ؟

أنفجر جمال ضاحكاً بقوة أشد, فاستدار هيثم نحوه, وما كاد يرى مصعب حتى ارتمى عليه مجهشاً بالبكاء, وهو يصيح بفرح بالغ:
_كدت أموت قلقاً عليك يا مصعب...لو حدث لك مكروه كنت سأقتل جمال وعامر لا محالة.

ربت مصعب على كتفه, وقال بلطف:
_إذن فقد أنقذتهما منك.

أبتسم جمال بعد سماعه كلماتهما, وهو ينحني لالتقاط هاتف مصعب, وما أن رأى شاشته حتى صاح بغضب:
_مصعب ماهذا؟

رفع مصعب حاجبيه بدهشة, وهو يقترب ليرى ما بهاتفه, وما كاد يراه حتى قال في توتر:
_لم أكن أعلم أن ..

صاح جمال في عصبية بالغة:
_ألم تعدني أنك ستمسحها كاملة!

بدا مصعب خائفاً بحق وهو يجيبه بارتباك واضح:
_لقد مسحتها ولكن لم أكن أعلم أن ذاكرة الهاتف احتفظت بنسخة منها..وجدتها بالمصادفة.

صاح جمال في انفعال:
_ما كنتُ لأشك أن يحدث لك ما حدث مع كل هذه المقاطع...لقد كانت هي السبب أيضاً فيما حدث لك من قبل... ألم يُحذرك الطبيب من مشاهدتها عندما أُصبت بانهيار عصبي وقال أنها قد تجعلك تنهار مجدداً وتفقد صوابك ؟!

أختطف هيثم الهاتف من يد جمال بفضول شديد, وأخذ ينظر لما فيه, بينما حاول جمال سحبه منه, ولكنه هرب مبتعداً على الفور, وبسرعة كبيرة ...

عاد هيثم بعد أن شاهدها, وسأل مصعب بحزن بالغ:
_هل هذه المقاطع لآخر رحلة بحرية خرجت فيها مع أسرتك؟
أومأ مصعب برأسه موافقاً, ثم قال بمرارة, وقد عاد الحزن ليرتسم على وجهه:
_لقد التقطها لنا جمال...لم أكن أعلم إنها ستكون الأخيرة...

قال هيثم في أسى:
_إنه أمر مؤسف بحق...مصعب عليك إلا تحتفظ بها في هاتفك..إن جمال محق ..عليك مسحها...فإن الشيطان سيوسوس لك في كل مرة لتشاهدها...ويحزنك...و يسبب لك اضطراب نفسي شديد...

أختطف جمال الهاتف, وقال في حدة:
_فليحلم .. لن أمنحه فرصةً أخرى لمشاهدتها.

مسح جمال كل المقاطع, فقال مصعب مداعباً:
_إنها موجودة في حاسبي المكتبي في منزل والدي.
استدار جمال نحوه, وقال ساخراً:
_لن تحمله إلى البحر على أية حال.

أنفجر مصعب ضاحكاً, و هيثم يسأل جمال بفضول:
_كيف وجدت مصعب؟

أجابه جمال متهكماً:
_لقد وجدته في البحر وأجبرني على السباحة معه...رغم عقدتي الكبيرة من السباحة.

نظر مصعب إلى ملابسه المبللة, وقال باستغراب:
_أتعلمان أنا لا أذكر سوى جلوسي على المقعد في السجن وبعدها وجدت جمال يضربني بقوة عند الشاطئ.
ثم تحسس مصعب وجهه, فصرخ هيثم غاضباً:
_جمال ألم يكفك ما فعلته لتضربه أنت سخيف بحق...لقد كدت أقتلك في الزقاق بعد ما قلته ولكن...

أبتعد جمال, وقاطعه بأسف:
_لم يكن أمامي خيار وإلا لما استعاد وعيه.
ثم حكا لهما ما حدث كاملاً لكي يعذروه...فهتف مصعب في ارتياع:
_أعوذ بالله... انتحار..لو كُنتُ بوعيي لم أكن لأسامح نفسي أبداً...عذاب الدنيا زائل أما عذاب الآخرة فلا.. إلا من رحمه الله.

ابتسم جمال قائلا بلطف :
- مصعب أهدأ ..لا أظنك كنت تنوي الانتحار حقاً..فكل ماكنت تفكر فيه هو الذهاب للقاء معاذ دون ان تدرك بوعيك المضطرب ان ذلك كفيل بغرقك ومن ثم قتلك.

ارتخت جفني مصعب بحزن بمجرد ذكر جمال لأخيه معاذ مما تسبب في توتر جمال بشده إلا أنه بغته أخرج الاثنين معا من ذاك الجو الكئيب صراخ هيثم في خبث:
_مصعب ليتك رأيت جمال عندما بحثنا عنك في الزقاق ولم نجدك لقد جثا على ركبتيه وأخذ يبكـ...

أختنق هيثم بباقي كلماته أثر كفي جمال التي احاطت عنقه وهو يصيح في حنق وحرج:
_أصمت وإلا انتزعت لسانك أيها الثرثار.

أنفجر مصعب ضاحكاً, وهيثم يجاهد في استماتة للتخلص من كفي جمال.
¤¤¤¤¤¤¤¤

- الساعة الحادية عشرة مساءاً -
حرك هيثم ملعقته بارتباك في ذلك المطعم الكبير الذي أختاره ثلاثتهم لتناول العشاء, بعد أن استبدلوا ملابسهم المبتله بأخرى, وبعد صمت طويل , صاح هيثم في توتر:
_جمال...مصعب...لماذا لا تكفان عن مراقبتي!

أبتسم جمال وعيناه لا تفارقانه, وقال بهدوء:
_أنت رائع.
اتسعت عينا هيثم دهشة, وهو يهتف :
_أنا رائع !!
أجابه مصعب بدلاً منه بابتسامة كبيرة:
_بل أكثر من رائع.

ظهر الخجل على وجه هيثم فأخذ يحرك يديه أمام وجهه بشكلٍ مسرحي, وهو يقول:
_إنها المرة الأولى التي يقول فيها شخص لي أني رائع...كم أنا سعيد.

ضحك جمال ضحكة قصيرة قال بعدها:
_أنت أخ مخلص بحق...لم يهدأ لك بال حتى تصالحت أنا ومصعب.

ما كاد جمال يقول عبارته تلك, حتى أحنى هيثم رأسه, وقال بمرارة:
_لم أكن لأحتمل ذلك أبداً..لقد تعذبت مثلكما تماماً...لقد كنت معجباً كثيراً بصداقتكم التي تعلمت منها الكثير ..النصح للبعض..الوفاء..الإخلاص.. التسامح..وفجأة وأمام عيني أرى كل ذلك يتحطم ..كلا لقد كان ذلك صعباً للغاية...ثم إن من يسعى للإصلاح بين المتخاصمين له أجر عظيم..وهذا ما تعلمته منكم...فعزمت على إرجاع صداقتكم وإلا...
رفع عينيه فاصطدمت بنظرات الإعجاب في عينيهما, فأكمل بثقة:
_وإلا كنت سأقتل عامر لا محالة.

انفجرا ضاحكين معاً, ثم مالبث أن استدار جمال نحو مصعب, وسأله باستغراب:
_مصعب لماذا كان يسعى عامر للإيقاع بيني وبينك؟

وضع مصعب شوكته, وقال بعد أن تنهد:
_لقد أخبرت خالتي بما حدث...فقالت أن عامر لم يكن كذلك أبداً ولكن صدمته بخيانة همام له جعلته يشك في كل الناس ولهذا كان يبتعد عن صداقتي وعاملني بجفاء فقد غرس في عقله فكرة واحدة فقط وهي أنه لا يمكن أن يكون هناك صديق وفيّ أبداً ..ولكن يبدو أنه قد غير فكرته تلك معي أنا فقط وفرح كثيراً عندما علم أني أحد أقربائه فأراد أن أكون معه وحدي لأنه لم يعد يثق بأحد...بالإضافة إلى أنه فهم الصداقة على أنها بين شخصين فقط ولقد جاء بعد ذلك واعتذر لي وقال أنه فهمها جيداً بعد كلماتي له في القطار ورؤيته لصداقة ثلاثتنا وقال أنه يرغب في الانضمام ألينا.

مط جمال شفتيه, وقال في غيظ:
_فليحلم...إن كل ما قلته عنه لن يشفع له عندي أبداً.

اتسعت عينا مصعب فجأة, وقال مخاطباً جمال:
_أتذكر يوم أن تعاركتم..لقد أخبرت خالتي فاستغربت كثيراً وقالت أن عامر ليس جباناً أبداً وأنه من الصعب أن يُهزم من أي أحد وقالت أنه يتقن العديد من الرياضات مثل التايكواندو وأنه لم يكن أحد يستطيع الوقوف بوجهه.

"هذا صحيح. "

استدار ثلاثتهم بدهشة إلى مصدر الصوت, واستغربوا كثيراً من ذلك الشخص الذي سحب مقعد, وجلس في مواجهتهم مكملاً ببرود شديد:
_لقد أهملت لياقتي بعد وفاة والداي ثم اضطررت لاستعادتها بعد ذلك العراك مع جمال في مطعم الجامعة .

نهض جمال عن مقعده يريد المغادرة, ولكن عامر أستوقفه بقوله:
_لا تذهب يا جمال...بل أنا من سيذهب ولكن أريد قول شيء بسيط.

عاد جمال لمقعده, وهو يهتف بحده:
_أسرع ولا تُطل .

نظر عامر أليهم لحظات قال بعدها بهدوء عجيب:
_أنا مستاء حقاً من أجل ما فعلته..ولقد تبت بعد توجيهكم لي فأنا لم أكن أعلم أن ذلك محرم..لقد أثبتم لي أن هناك أخوه حقه تبقى مهما واجهتها الصعاب وذلك عندما تكون لله فقط وليست للدنيا..لعل السبب فيما فعلته أني قد عممت التجربة التي مررت بها وكان ذلك خطئاً كبيراً مني..و أعدكم أني لن أفعل ذلك مرة أخرى.

انتهى عامر من كلامه, فصفق جمال على الفور, وقال متهكماً:
_رائع..انتهت المسرحية...والآن هيا أسدل الستار وانصرف.

عض عامر شفته غيظاً قبل أن يستدير نحو مصعب, ويقول بجديه:
_مصعب لقد أجبرتني عمتي على اللحاق بك ومن حسن الحظ أني أعرف أن هذا هو مطعمك المفضل ... لماذا لم تستأذن منها؟.. لقد خرجت وهي تبكي... إنها قلقه عليك جداً..عليك أن تأتي معي وتطمئنها عليك.

صاح مصعب في ندم:
_لا أعلم كيف نسيت أن أطمئنها!...أنا سيء بحق.
ثم ما لبث أن عقد مصعب حاجبيه, وقال في توتر:
_ولكنها ستجبرني على البقاء عندها إذا عدت...عامر ..أني أود العودة إلى منزل والدي في مدينتي مع جمال...لم أستطع أبداً التأقلم على جو منزلها ... إنها لم تتفهم ذلك أطلاقاً...لقد حاولت أقناعها بأن ننتقل معاً إلى منزل والدي ولكنها رفضت..لذلك لم يكن أمامي إلا أن أعود وحدي..أنا مشتاق بحق للعودة إلى منزل والدي..قل لها أني لن أطيل البقاء هناك..سأعود لزيارتها بعد رؤيته.

أشاح عامر بوجهه عنه, وقال باستعلاء كبير:
_لا تخبرني أنا...لديك هاتف أتصل بها وأقنعها بنفسك.

قرن مصعب قول عامر بالفعل مباشره فالتقط هاتفه النقال, واتجه إلى أحد زوايا المطعم الهادئة ليجري اتصاله بها.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤

_خالتي أرجوكِ لن يطول غيابي.
_كلا يامصعب لقد خرجت دون استئذان والآن تريد هجري.
_كلا لا أقصد ذلك أبداً ...ولكن اشتقت لمنزل والدي...
_منزلي هو منزلك ..ألن تفهم !
أجابها في استعطاف:
_لا أعارض قولك هذا ولكني سأحضر معي عند عودتي صوري وأنا طفل وصور معاذ وأمي.

أتاه صوت خالته سعيداً:
_حقاً!

أجابها مصعب بحماس:
_أجل سأحضرها كلها ستعجبك كثيراً .
_حسناً مادام كذلك ولكن لا تتأخر عن المجيء.
أجابها بسرور جارف:
_لن أتأخر أعدك.

أقفل مصعب هاتفه النقال, و ابتسامة فخر تتراقص على شفتيه, لقد أستطاع أقناعها أخيراً.......

سار بخطىً سريعة لينظم إلى رفاقه, ولكنه بغتة شعر بوخزه خفيفة في ذراعه, توقف عن السير, وتحسس ذراعه في ألم، قبل أن يستدير إلى مصدر تلك الوخزه, واستغرب رؤية ذلك الرجل الضخم الذي بادره بقوله:
_هل آلمتك؟

عقد مصعب حاجبيه بألم قائلاً :
_ أجل .. ولكن ما كان ذاك!

أجابه الرجل ساخراً:
_حقنه.

اتسعت عينا مصعب خوفاً, وتراجع إلى الخلف, وكفه لا تفارق ذراعه, وهو يهتف في ذعر:
_ما الذي فعلته بي!

أقترب الرجل منه, وهمس بصوت غليظ:
_ستنام قليلاً فحسب ننقلك خلالها للقاء أخيك معاذ.

ألتقط مصعب أحد الأطباق ورمى بها ذلك الرجل الذي باغته فعل مصعب ذاك فارتطم الطبق برأسه وسبب له شجه متوسطه، تراجع مصعب للخلف لكي يفر, ولكن فجأة كبله شخص أخر من الخلف بذراعيه، حاول التملص من ذراعيه, ولكنه لم يستطع فلم يكن أمامه إلا أن أعاد رأسه للخلف بقوة مصطدماً برأس ذلك الرجل الذي أفلته رغماً عنه بعد تلك الآلام التي تفجرت في وجهه.

هرع مصعب للخروج, ولكنه اصطدم فجأة بالرجل الأول الضخم, والذي أحاطه بذراعيه بقوه كبيره مكبلاً حركته.

أخذ مصعب يقاومه بكل ما يستطيع, ولكنه فجأةً شعر بقوته تخبو, والخدر يسري في كل أجزاء جسده..
حاول مقاومة ذلك الدوار العنيف وشفتيه تهمس بتهالك :
- النجـــــــدة ..

ولكن ذلك الضباب الذي أحاط به من كل جانب تضاعف
وتضاعف
وتضاعف
فلم يعد يحتمل فانهار فاقداً للوعي عند قدمي ذلك الرجل.

حمله ذلك الرجل بسهوله , وقال في غيظ لرفيقه:
_لقد قالوا أنه وديع ولا يحسن المقاومة.

تحسس الشخص الثاني وجهه, وقال في حنق:
_إن رأسه أصلب مما توقعت...لولا أن شاهر طلبه حياً لكنت قتلته..ولكن...

قاطعه رفيقه بحزم:
_فلنؤجل حديثنا ..يجب أن نخرج قبل أن يُكشف أمرنا .

أجابه بحماس:
_أنت محق..هيا لقد أنجزنا مهمتنا ولم يبقى إلا إيصالها.

دوت ضحكاتهم المنتصرة, وهم يحملون مصعب الفاقد الوعي إلى ألد أعدائه .
¤¤¤¤¤¤¤

فوت + كومنتات ❤️❤️❤️

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top