إلى مدينتنا " ٤١ "
" بعد مرور أسبوعين "
صوت المطر في الخارج جعل عيناه تشعان بالسعاده وهو يقود خطاه ليقف أمام نافذة حجرته المفتوحه في نفس الشقه التي استأجروها سابقاً .. لتلامس بشرته البيضاء بعض من قطرات المطر مما أشعره بالنشوه ...
أخذ نفساً عميقاً مملوءً بالأرتياح ومشبعاً برائحة التربه المختلطه بقطرات المطر ...
" أنه سحر الطبيعة "
نطقت بها شفتاه بسرور غمر قلبه الذي انتهت معاناته أخيراً..
ولم يكد يطبق شفتيه حتى سمع وقع فتح الباب من خلفه فالتفت ليرى معاذ يقف أمام الباب بقامته الصغيره قائلاً :
- لم أستطع أغلاقها .
أسرع مصعب يغلق النافذه حتى لا يصاب معاذ بالبرد ثم استدار نحوه واعتلت شفتيه ابتسامه ودوده وهو ينحني لطوله ليغلق أزرار منامته قائلاً :
- أنت محق .. ففتحات الأزرار ضيقه جداً ويصعب أغلاقها .
أومأ معاذ برأسه بانزعاج لشعوره بالعجز فأمسك مصعب عندها بكفيه برفق وراح يتأمل وجهه الصغير المتجهم وهو لا يكاد يصدق أنه قد استعاد أخيه .
وفي محاوله ذكيه راح يصرف انتباهه عن انزعاجه بسؤاله في اهتمام شديد:
_معاذ .. ما رأيك بعامر؟
أجابه معاذ بهدوء:
_أنه لطيف جداً..ولكنه ليس أفضل من جمال.
ارتفع احد حاجبي مصعب, وهو يسأله باستغراب:
_وما شأن جمال بالأمر..؟
مط معاذ شفته, وقال في عناد:
_لا أعلم..ولكني أحب جمال أكثر منه.
حرك مصعب رأسه بطرف أصبعه, وقال مداعباً:
_أمازال أعجابك به يوم أن أنقذك يسكن داخل رأسك الصغير .
أبتسم معاذ وأجابه بصوته الطفولي:
_إن جمال بطل.
ضحك مصعب, وقال محاولاً أغاظته:
_لكنه أقصر من عامر..
صاح معاذ في حنق:
_بل جمال أطول منه.
تطلع أليه مصعب لحظه قال بعدها بشك:
_هل أنت ترى ذلك حقاً؟ أم تُعاندني ؟
أجابه معاذ بجدية صادقه:
_بل جمال أطول.
قفزت فكره ماكرة إلى عقل مصعب بغتة فقال بصوت حزين كسير:
_معاذ تعال أشكو أليك ...لن يخلصني مما أشعر به غيرك.
التقى حاجبا معاذ بشده وبدا مصغياً تماماً لمصعب الذي راح يروي له قصه قديمه حرص أن يظهر فيها كل تعابير الألم والضيق ثم قال بعد قصته تلك:
_اتفقنا يا معاذ.
أجابه معاذ بعزيمة كبيره:
_اتفقنا.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلف مصعب إلى الصالة التي كان يجلس فيها عامر وجمال يشاهدون أحد البرامج الوثائقية على شاشة التلفاز باستمتاع كبير دون أن يعيروه أي اهتمام, فقال مصعب بأسى:
_أتعلمان لقد أحببت هذه الشقة كثيراً.
تطلع أليه جمال لحظه قال بعدها ساخراً :
_وأنا من ظننت أن كيس نقود مثلك لن تروق له ؟! .. لا بأس سيرضى مالكها بأن تستبدل مبناه بأكمله بقصر والدك في مدينتنا.
ثم عاد لمشاهدة التلفاز فعض مصعب شفته في غيظ, ولكن مالبث أن استدار عامر نحوه وقال متهكماً هو الآخر:
_كنت أظنك ستكتفي بذلك المقعد.
أنفجر عامر وجمال ضاحكين بقوة فصاح مصعب في حنق:
_أصمتا أيها الأبلهان وإلا...
قاطعه جمال ساخراً:
_عامر لحسن حظنا أن المقعد بعيد عن يديه وألا لحطم جسدينا به كما فعل مع هيثم.
عادوا يواصلون ضحكاتهم مما زاد من غضب مصعب فأخذ يحدث نفسه بجدية:
_لقد كنتُ متردداً فيما سأفعله بكما ولكنكما تستحقان أسوأ منه.
أشار عامر لجمال لينظر إلى التلفاز قائلاً في عجله:
_جمال أنظر إلى هذا المخلوق أنه عجيب بحق.
عاد جمال لمشاهدة التلفاز بشغف أكبر, بينما سار مصعب نحوهما وجلس على أريكة ثالثه وأخذ ينادي على معاذ بأعلى صوته....جاء معاذ راكضاً نحوه فهمس له مصعب بخبث:
_الآن.
أبتسم معاذ ثم اتجه على الفور نحوهما وأخذ ينظر إلى كل منهما بدقه...فسأله عامر باستغراب:
_معاذ مابك تنظر ألينا هكذا؟
أجابه معاذ ببراءة:
_أيكما أطول ؟
أجابه عامر بسرعة وهو يحاول مشاهدة التلفاز:
_أظن أني أطول من جمال قليلاً.
قال معاذ في عناد:
_كلا بل جمال أطول.
أبتسم عامر وقال بلطف:
_مادمت ترى ذلك فلا بأس.
أتاهما صوت مصعب يقول ببرود:
_بل عامر أطول يا معاذ.
استدار معاذ نحوه, وقال في غيظ:
_بل جمال أطول..وسأثبت لك ذلك.
جذب معاذ كل من جمال وعامر من يديهما فنهضا على مضض تحت إلحاحه المستمر, ووقفا بجانب بعضهما, فصفق معاذ, وقال في جذل:
_مصعب أنظر جمال أطول.
ألقى مصعب نظره لا مبالية نحوهما, وقال في هدوء عجيب:
_بل عامر أطول...أنت لا تدقق النظر جيداً.
صاح معاذ في ضيق:
_مصعب لا تقل ذلك بل جمال أطول.
صاح جمال في غيظ:
_مصعب قل له ما يشاء وخلصنا.
استلقى مصعب على الأريكة, واستدار بظهره نحوهما هاتفاً بصوت مستفز:
_كلا لن أكذب.
حرك معاذ رأسه, وقال في ضجر:
_بل جمال أطول.
تنهد جمال بحنق بالغ وهو يقف على أطراف أصابع قدميه ويقول بجديه:
_مصعب أنا الآن أطول هيا انظر.
استدار مصعب نحوه وجاهد ليكتم ضحكه قال بعدها ساخراً:
_هل تراني ساذج !
صاح عامر في غضب بالغ:
_مصعب خلصنا سينتهي البرنامج ونحن...
قطع صياحه معاذ الذي جذبه من يده قائلاً باهتمام:
_عامر قف هكذا.
وقف عامر وألصق ظهره بظهر جمال فقال معاذ في سعادة بالغه:
_مصعب أنظر الآن ...ستقول أن جمال أطول بلا شك.
استدار مصعب نحوهم وتطلع أليهم لحظه أشعرت جمال وعامر بالغضب, ثم قال ببرود مستفز:
_كلا مازال عامر أطول.
جلس معاذ على الأرض وطأطأ رأسه في حزن كبير وقد بدت خيبة الأمل على وجهه، مما أشعر جمال نحوه بالشفقة فربت على شعره وقال بعزيمة صادقة:
_لا عليك...ضربتان فقط على رأسه تجعله يقول أنك أطول منا.
ما كاد جمال يغادر موقعه نحو مصعب حتى صاح معاذ بحده:
_جمال أبقى مكانك سأعود في الحال.
عاد معاذ يحمل في يده حبلاً متيناً, وقال مخاطباً مصعب:
_مصعب تعال ساعدني.
سأله عامر في ضجر:
_ألم تجد غير هذا الحبل القذر لتقيس طولنا به ؟!
نهض مصعب عن الأريكة, وتظاهر بالضجر وهو يمسك طرف الحبل, بينما أمسك معاذ الطرف الآخر للحبل وأخذ يدور به حولهما عدة دورات فسأله عامر بدهشة:
_معاذ ماذا تفعل ؟
أجابه معاذ في جذل:
_أربطكما.
التقط مصعب طرفه الآخر وربطه من الخلف بقوة وبسرعة كبيرة فسأله جمال غاضباً:
_مصعب ماهذا الذي فعلته؟
أخذ مصعب مقعد وجلس في مواجهتهما قائلاً بتشفي:
_أُقيدكما فحسب كما فعلتم بي ذلك اليوم.
صاح عامر في غيظ وهو يحاول فك القيد:
_مصعب ستندم هيا فكنا.
أطلق مصعب ضحكه ساخرة قبل أن يميل بوجهه نحوهما قائلاً بشماتة:
_لقد كُنتُ ضحية أول صلح عقدتماه...لقد قيدتماني بأحزمة بناطيلكم العفنة.
تحرك جمال بشده محاولاً فك القيد, وهو يصيح في عصبيه:
_مصعب كف عن سخافاتك هذه ..و فك قيدي.
أتجه مصعب نحو التلفاز وأطفأه ثم قال ببرود مستفز:
_كلا...لن أفكك ..أنتظر حتى يصحو هيثم .
صاح عامر في ذعر:
_أن هيثم لن يستفيق إلا في الفجر...مصعب كف عن عنادك هذا..
سار مصعب بخطوات بطيئة نحو حجرته فلحق به معاذ, ولكن فجأة صاح جمال في استعطاف:
_معاذ..يا أخي تعال فكني أرجوك...أن قيدك يؤلمني بحق.
تطلع أليه معاذ في تردد لحظه فأخذ جمال يقول:
_آآآه...هذا مؤلم..
أتجه معاذ نحوه, ولكن مصعب جذبه من يده وقال بجديه:
_معاذ لو رأيتني ذلك اليوم لأشفقت عليّ حتماً ...أنا أفضل منهم فلقد تركت أفواههم حرة ولم أفعل بهم كما فعلوا بي.
جذب مصعب معاذ إلى حجرته, وقال في عجله:
_معاذ يجب أن ننام فأن رحلتنا غداً إلى مدينتنا ستكون طويلة.
صاح عامر في حنق:
_مصعب أدر التلفاز على الأقل.
أجابه مصعب ساخراً قبل أن يغلق باب حجرته:
_كلا ..تسلى بالحديث مع جمال...طابت ليلتكما.
صاح جمال في غيظ:
_ ساءت ليلتك .
ما أن أغلق مصعب باب حجرته حتى بذل كلاهما جهداً خرافياً لفك الحبل, ولكنهما في النهاية جلسا على الأرض معاً بعد أن استسلما تماماً فقال عامر في تذمر:
_لقد شدّه بقوة .. أنه مؤلم...
أجابه جمال باسماً:
_لقد ظننت أنه نسي ما فعلناه به..أنه حتى لم يوبخنا.
قال عامر بضيق:
_لقد كان مشغولاً بأمر إنقاذ معاذ فحسب.
زادت ابتسامة جمال, وهو يقول باستسلام تام:
_لقد أستطاع خداعنا هو وذلك الطفل كما لو كنا سُذج.
ضغط عامر على أسنانه, وصاح في حنق:
_جمال ليتني لم أُطعك ذلك اليوم...أوووه...حتى التلفاز أطفأه سيقتلني الملل لا محالة قبل أن يصحو هيثم.
أدار جمال رأسه نحوه وقال في جذل:
_ما رأيك أن نتبع نصيحة مصعب !! قل أي طرفه أو قصه تحفظها حتى نقطع الوقت إلى أن يصحو هيثم.
أجابه عامر مستسلماً:
_ولكني لا أذكر شيئاً الآن...قل ما تحفظه أنت.
أطلق جمال ضحكه قصيرة قال بعدها:
_سأحكي لك قصة البطة التي حكاها لي معاذ من قبل.
سأله عامر ببرود:
_هل هي جميله!
_أسمعها واحكم بنفسك.
ألتقط جمال نفساً عميقاً قبل أن يبدأ في روايتها:
_ذهبت البطة الصغيرة إلى البحيرة ووجدت هناك ضفدع فقالت له أين.....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
( صباح اليوم التالي ٨ صباحاً )
اتكأ مصعب على باب سيارته التي أستأجرها للرجوع إلى مدينته, بينما صعد عامر على مقدمة السيارة واضعاً قدماً على الأخرى وهيثم كان في مواجهتهما...أقفل جمال حقيبة السيارة جيداً بعد ترتيبه لأغراضهم داخلها.
قال عامر باسماً:
_أتعلمان...سأشتاق لكما كثيراً...مصعب ألن تتراجع عن العودة إلى مدينتك لقد أشفقت على عمتي كثيراً.
أجابه مصعب في حزن:
_عامر لقد وافقت بعد أن أقنعتها بأني لم أستطع العيش في منزلها...أني أجد راحتي هناك في منزل والدي فكل شيء هناك يذكرني به وسيكون المنزل أجمل في وجود أخي معاذ.. .ولكنها ما أن خرجت حتى أجهشت بالبكاء لقد عدت أربع مرات لإسكاتها وما أن تسكت حتى تعود مرة أخرى للبكاء .
قال عامر في أسى:
_إنها تحبكم كما لو كنتم أبنائها.
طأطأ مصعب رأسه, وقال بأسف ومرارة:
_عامر ذلك ليس بإرادتي أنه شعور داخلي لا يمكنني التخلص منه...كم كنت أتمنى أن توافق على الانتقال لمنزلنا...
أومأ عامر برأسه متفهماً, فقال جمال باستغراب:
_مصعب أين معاذ؟
تلفت مصعب يميناً ويساراً قبل أن يقول بدهشة:
_لقد قال أنه يريد مكالمة خالتي بهاتفي النقال ولقد مرت ساعة كاملة منذ ذهابه.
استدار جمال نحو هيثم قائلاً باهتمام شديد:
_هيثم لماذا أنت صامت !...لم أرك صامتاً من قبل..
أشاح هيثم بوجهه عنه فقال جمال ساخراً:
_يا إلهي...هل أنت حزين على فراقي!
غمغم هيثم في غيظ :
_كلا ولكني أفكر بأي أذنيك سيبدأ والدك عندما تعود.
تحسس جمال أذنه في هلع قبل أن يجذب هيثم من سترته ويرفعه صائحاً في غضب:
_لماذا تذكرني بهذا ! كان يمكنني الاستمتاع في طريق سفرنا لولا تذكير ..
قطع جمال حديثه حين لاحظ ذلك الحزن الشديد الذي اكتسى به وجه هيثم حتى أنه لم يقاومه..أنزله جمال وقال في أسف:
_أعتذر لقد ثرت رغماً عني.
قال عامر بجديه بعد أن لاحظ هو الآخر حزن هيثم:
_سألتقي بهيثم كثيراً فأنه يسكن بمدينتي كما أن منزله قريب من منزل عمتي.
قطع حديثهم معاذ الذي دخل فجأة, واحتضن مصعب من الخلف من رقبته, وهو يصرخ في سعادة:
_لقد وافقت ..لقد وافقت.
قال عامر ساخراً:
_ألم تحتمل حتى تعانقه وجهاً لوجه!
أنزل مصعب معاذ بلطف فأخذ يقفز أمامهم بشكل طفولي, فسأله مصعب بلهفه:
_من التي وافقت؟... وعلى ماذا؟
تطلع أليه معاذ لحظه قال بعدها في سرور:
_خالتي وافقت أن تسكن معنا في منزل والدي.
فغر مصعب فاه بدهشة في حين قال عامر بشك:
_أظن أن في الأمر خطأٌ ما ...أنها عنيدة جداً حتى مساء الأمس حاولت معها في الهاتف ورفضت بشده.
سأل مصعب معاذ بفضول:
_كيف اقتنعت!
أجابه معاذ ببساطه:
_أنا أقنعتها...لقد قلت لها أني لن أكل شيئاً حتى أموت وأذهب إلى أمي وأخبرها أن خالتي لم تعتني بي.
ألتقط عامر هاتفه, وقال في حسم:
_علي أن أتأكد بنفسي.
حرك جمال رأس معاذ بطرف أصبعه, وقال مداعباً:
_يالك من محتال صغير.
ضحك معاذ بفخر لمدح جمال له بينما لم يمضي وقت طويل حتى جاء عامر مسرعاً, وعانق معاذ بحرارة, وهو يقول:
_يا إلهي أنت محق تماماً...لا أعلم كيف أشكرك يا معاذ .. لن نفترق أذن.
تهللت أسارير مصعب وارتسم كل معاني الفرح على وجهه, بينما اختلس جمال نظره لهيثم وشعر بحزن عندما رأى وجهه قد زاد احتقاناً...
رفع عامر رأسه وقال :
_معاذ لقد بدأت أغار منك بحق ..أنها لم تأبه بكل استعطافي ولكنك استطعت أقناعها.
أجابه مصعب بلطف بعد أن زينت ابتسامة سعيدة وجهه:
_هكذا كل النساء...يستجيبون لطلبات الصغار أكثر...ويعطفون عليهم ولكنها تحبك بلا شك.
أومأ عامر برأسه موافقاً, وقال باهتمام شديد:
_سأذهب بعد وداعكم لأرتب أمور سفرنا وسنلحق بكم في الحال.
أبتسم مصعب وقال بسعادة كبيرة:
_من الرائع أننا لن نفترق ثلاثتنا.
ما أن قال مصعب ذلك حتى استدار ثلاثتهم إلى هيثم الذي كان يرتجف شفته دليل حزنه وتأثره البالغ...
أقترب مصعب منه, وقال في حزن:
_هيثم لن تطول الأجازة .. أربعة أشهر فحسب وسنلتقي بالسكن.
مع كلمات مصعب تلك لم يعد هناك أي مجال للمقاومة عند هيثم فانفجر باكياً بشده وهو يعانق مصعب.
أشاح جمال بوجهه محاولاً أخفاء حزنه هو الآخر, وقال في حنق:
_مصعب ما كان عليك تفجيره سيغرقنا بدموعه.
ترك هيثم مصعب وقال بصوت باكي مخاطباً جمال:
_جمال من سينام معي في غرفتي!...سأبقى وحدي ..لن أجد من يحدثني..لن أجد من يخرج معي...لن أجد من يشاركني طبق طعامي..لن أذوق قهوتك...جمال سأشتاق لك كثيراً.
حبس جمال بقوة دمعاته التي تكاد تفر من عينيه, وهو يقول بحزن:
_هيثم وأنا أيضاً سأشتاق لك...أرجوك وفر دموعك واسكبها عند خالتي علّها تسمح بزيارتك لنا.
قاموا عند ذلك بمعانقة بعضهم البعض كتوديع أخير ,ثم صعد جمال ومصعب ومعاذ إلى السيارة , وأخذوا يلوحون لبعضهم البعض بأيديهم قبل أن تغيب السيارة تماماً .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤
مر نصف ساعة كاملة على تحرك سيارة مصعب خيّم فيها صمت ثقيل جعل مصعب الذي يقود السيارة يختلس نظره لجمال الذي يجلس إلى جواره, قال بعدها باستغراب:
_جمال .. هل أنت تبــ ....
أرتبك جمال بضع لحظات قام بعدها بمسح عينيه , وقال في حزن بالغ:
_إن فراق هيثم صعب جداً...لم أكن أظن للحظه أن يكون له قدر كبير بقلبي..لقد كنت أراه عند خالتي فيما مضى فلا أراه سوى طفل مدلل...يستحق بعض الضربات لكي تنسيه دلاله ذاك.
أبتسم مصعب, وجمال يكمل:
_أتعلم أنها المرة الأولى التي أتمنى أن تمر فيها الأجازة بسرعة قبل أن تبدأ من أجل أن أبقى مع هيثم.
ضحك مصعب, وقال بجديه:
_مادمت قد تمنيت ذلك فأنت صادق في مشاعرك ...أنا أيضاً لقد حاولت بأقصى ما أستطيع أن أتماسك أمامه حتى لا يزداد بكاءً...سأشتاق له بحق.
قال جمال في عزم:
_سأزوره خلال الأجازة...سأطلب من أمي أن تقنع أبي بأن يوافق على زيارتنا لهم.
قال مصعب في حماس:
_سأذهب معك.
قطع حديثهم رنين هاتف جمال الذي التقطه وقال بهدوء:
_أنه أبي..وعليكم السلام...كلا نحن في الطريق الآن ...جميعنا بخير .. ماذا ؟! ..حقاً...وما السبب !...هذا جيد الحمد لله على نعمته..لابد أنك سعيد ياأبي ألن تصفح عني أذن!...حسناً ..وعليكم السلام.
استدار جمال نحو مصعب, وقال بذهول:
_يقول أبي أنه استرد مزرعته.
بدا عدم التفاجيء على وجه مصعب وهو يسأله ببرود:
_كيف وهو قد باعها!
حك جمال رأسه, وقال في حيره:
_يقول أن صاحب المزرعة الذي اشتراها منه عرض عليه أن يعيدها له مقابل ربع المال.
هز مصعب كتفيه قائلاً بهدوء:
_بربع المال!..هذا عجيب.
عاد جمال يكمل باستغراب:
_يقول أن صاحب المزرعة قال له أنه منذ أن اشتراها لم يستفد منها شيئاً بل أنه ترك معداته الثقيلة داخلها وقال لأبي أن يعتبرها ضمن الصفقة لأنه لن يشتري بعد الآن أي مزرعة..وقال أن لديه صفقات أخرى يحتاج فيها لكل ماله.
أبتسم مصعب ابتسامه غامضة, وقال ببرود أجاد تمثيله:
_هذا رائع..الحمد لله لقد فُك أذن مأزقك مع أبيك.
تحسس جمال أذنه, وقال في ضيق:
_بل أنه قال أنه لن يصفح عني وسيضطر لتأديبي عندما أعود..كي لا أكرر ذلك.
أتاهما صوت معاذ الذي قال بهدوء بعد طول نومه:
_جمال سأُخلصك من أبيك ولكن بشرط.
استدار جمال نحوه, وقال بلهفه:
_هل أنت جاد يا معاذ!..كيف يمكنك فعل ذلك!
أجابه ببرود:
_عندما نصل إلى مدينتنا أنا ومصعب سنسكن معك في منزلك حتى يأتي عامر وخالتي وعندها لن يجد والدك الفرصة لشد أذنيك وعند خروجنا سيكون قد هدأ غضبه.
ضحك جمال وقال في فرح كبير:
_أنت رائع يا معاذ...مصعب هل أنت موافق!
أدار مصعب مقود السيارة, وقال بابتسامة خفيفة:
_أنا موافق...ولكن عليك أولاً أن تستمع لشرطه.
سأله جمال بتوتر, وهو يستدير بجسده نحو المقعد الخلفي:
_معاذ ماهذا الشرط؟
أجابه معاذ بمكر:
_أُعلمك السباحة.
عاد جمال نحو مقعده, وقال في غيظ وعناد:
_كلا..أنت تحلم.
قال معاذ بجدية:
_دع والدك يشد أذنيك أذن.
تطلع جمال نحو مصعب فقال مصعب على الفور بإصرار:
_أنا تحت شرط معاذ أيضاً.
عض جمال شفته, وقال في ضيق:
_شكّل الأخوان حزباً ضدي...حسناً أنا موافق.
صفق معاذ في سعادة بالغه فاستطرد جمال:
_لقد كُنتُ أظنه سيجبرني على سماع بعض قصصه.
تمعر وجه معاذ, وقال بندم:
_لقد فاتني ذلك.
أنفجر جمال ومصعب ضاحكين على هيئته، ثم مالبث أن رفع جمال قبضة يده بشكل مسرحي، وقال في جذل:
_لا قلق...لا خوف...لا عقاب...إلى مدينتنا.
رفع مصعب يده بدوره مقلداً جمال وقال في مرح:
_لا شاهر...لا جابر...لا أيمن...إلى مدينتنا.
انطلقت ضحكاتهم العالية مجلجلة داخل السيارة وهي تسير بأقصى سرعتها نحو مدينتهم.
¤¤¤ ¤¤¤
وأخييييييراً 👏
وصلت للبارت قبل الأخير والختامي
وبالرغم من فرحتي إلا أني أشعر بالحزن لفراقها 😢
فقبل أن أعيش كل أحداثها كانت السبب الأكبر في تعرفي عليكم
وبحجم السماء أُقدم شكر لكل من دعمني وساندني
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹❤️❤️
وأردتُ كتابة المزيد ولكن سأجعل له الصفحتين القادمة لأني أنوي فعل شيء 🙈😁😆 وأريد أن أعلم رأيكم
أوووووه وسأكون سعيدة لو خمنه أحدكم 😍😍😍
وأخيراً
سؤال : مارأيكم بالرواية ؟! هل أعجبتكم ؟!
بانتظاركم ^_^
🌹🌹🌹🌹
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top