٢٨ - أغسطس - ٢٠٢٥، الأحد

لم يتمكن جيمين من النوم تلك الليلة، حاول النهوض مجددًا ليلحق بالسيارة لكن تايهيونغ منعه من ذلك وأعاده للمنزل. بقي طوال الليل يفكر بما رآه، لقد توهّم إيلر كفاية ليعرف أن التي رآها لم تكن من وحي خياله، لكن ماذا لو كانت فتاةً تشبه إيلر؟ أو أنها كانت فتاةً عاديةً لكنه تخيل وجه إيلر عوضًا عن وجهها؟

لم يذهب جيمين لعمله في الشركة بسبب سهره تلك الليلة، أخذ جيسونغ للحضانة ثم عاد ليفكر بما حدث. لم يكن يعلم إن كان عليه أن يتحدث مع تايهيونغ عن الأمر؛ فمن غير المعقول أن صديقه سيصدقه، لكنه كان يحتاج لأن يتحدث مع أحدٍ عن ذلك؛ ولهذا السبب طلب من تايهيونغ أن يأتي لشقته فور أن ينتهي من عمله، وهو الآن جالسٌ أمامه.

دعك تايهيونغ جبينه «إذًا أنت تقول بأنك عندما خرجت رأيت إيلر تركب سيارةً بمساعدة امرأة أخرى، وبعدها أتيت أنا فلم تستطع اللحاق بها.»

«أجل.» أجابه جيمين بإصرار.

«جيمين...» نادى تايهيونغ بشفقة «أنت تعرف أن إيلر قد ماتت، لقد رأيت نعشها يُخفض بالتراب.»

استدرك جيمين «لكنني لم أرها بذلك النعش.»

صُدم تايهيونغ، يبدو أن صديقه قد جُن جنونه بالفعل «جيمين، أنت مضطرب وبحالة من النكران لأنك مرهق نفسيًا وعليك الذهاب لطبيب نفسي لتعالج هذه الأوهام.» وضع كفه على كتف صديقه ونظر بعينيه بحزم «أنت أرمل، زوجتك إيلر قد توفيت وهي ليست بهذا العالم بعد الآن. قد تكون رأيت امرأة تشبهها لكن لم ترَها هي لأنها تحت التراب. تمالك نفسك، إنك تقود عقلك للجنون!»

أشاح جيمين بنظره عن عيني تايهيونغ، كان يعلم أنه لن يصدقه وله كل الحق في ذلك، فهو ليس مصدقًا لنفسه أصلًا بل كل ما في الأمر أن قلبه يحاول إقناع عقله بأنه رأى زوجته، ويبدو أن قلبه لن يقبل بالخسارة مجددًا.

نهض كلاهما وعانق تايهيونغ جيمين متوسلًا له بأن يبقى قويًا ولا ينجرف وراء الأوهام؛ فهو لا يستطيع أن يراه يفقد نفسه بكل ساعةٍ تمر. غادر تايهيونغ، وعاد جيمين بعدها للداخل ينظر لابنه الذي يحاول النهوض ويقع بعد كل خطوة يأخذها، نظر لطفله يرفع رأسه ويبتسم له، ولم يعلم إن كان قد رد الابتسامة له أم لا.

انتهت تلك الليلة بجيمين يتقلب على سريره شاهدًا صراعًا داميًا بين قلبه وعقله، بين وجدانه ومنطقه، بين ما يريده وما يفرضه الواقع عليه، بين الغرق بجمال فضاء الأوهام وتجرع مرِّ صحراء الحياة.

وفي النهاية فاز قلب جيمين وأُغلقت عيناه.

—————
شنو رايكم لحد الحين؟