الفصل الخامس

بقلم نهال عبد الواحد

كان يتململ في فراشه عندما رنّ هاتفه عدّة مرّاتٍ فانتفض انتفاضة الملدوغ ممسكًا بتوتّرٍ شديد هاتفه وازداد ارتباكه حين رأى المتصل، إنّه عماد... زوج نور!

ظلّ محملقًا في الشّاشة مرتعدةً فرائسه خاصةً مع خيالاته حول السّبب من اتصاله، مؤكّد قد علم الحقيقة، حقيقة ما بينه وبين نور... زوجته!

ثبت على وضعه مع معاودة اتصال عماد، كأن على رأسه الطّير، حتى سمع صوت وصول رسالة على تطبيق (الواتساب) وعندما فتح الهاتف وجدها رسالة صوتية من عماد.

تردّد برهةً وهو يتذكّر حاله بعد أن تركها في بيتها وغادر مغلقًا الباب خلفه، وقف فترةٍ من الوقت لم يستطع إدراك كمّها، لكن الصّدمة كادت تقتلع قلبه من مكانه، أن يقابل حبيبته بل ويكون زوجها صديقًا له وتسكن في نفس العقار السّاكن فيه!

معروف أنّ لقاء الحبيب بعد غياب هو علاج للقلب من كلّ متاعبه فمنذ افتراقهما الأحمق ولم يعد يرى للكون أيّ ألوان، ولا يسمع أصواتًا سوى نبضات قلبه المتسارعة الّتي تهمس باسمها في كلّ دقّة، ينام كي يراها هناك تنتظره، إنّه عشق الرّجال يا سادة، فحين يعشقون تذهب الواحدة من بنات حواء بلبّه وعقله وكلّ كيانه، لذلك تراهم يراوغون بكلّ ما أوتوا من قوة ألّا يسقط الواحد منهم في براثن العشق.

لكنّه اعترف بحمقه وتسرّعه في قرار الفراق، ليته انتظر وفكّر، ليته تريّث دون اندفاع، حينئذ كانا ليكونا معًا تحت سقفٍ واحدٍ بدلًا من هذا العذاب الأليم.

وكان قد تشافى من عشقها واستكمل حياته الّتي استبدلها بجديدةٍ، إلى أن اتضح له كم كان متوهّمًا، فبمجرد ظهورها للحظات تبدّلت حياته رأسًا على عقب ولم يعد يدري كيف يعيدها سيرتها الأولى!

مهلًا، هي لم تتخطّاه، نور لم تكن نورًا بل شديدة الانطفاء والابتسار، الويل لك يا مَن تُدعى عمادًا!

اصمت فريد لقد طويت صفحتها بكامل إرادتك فلا ينبغي استعادة نفس الصّفحة مجدّدًا، لها حياتها ولك حياتك، لها زوجها ولك زوجك، وإن كانت نادمة على ما كان فقد فات الميعاد.

ثمّ عاد لا ينكر بعثرته الّتي سيطرت عليه منذ تلك اللّحظة حتى إنّه لا يتذكّر ما حدث مع زوجته منذ أن جاء، هل تشاجرا أو أي شيءٍ من هذا القبيل؟!
عليه أن يراعي زوجته فلا ذنب لها في الأخير ولا يمكن أن يكون جزاءها الخيانة بأي صورة، سيبذل ويفعل كلّ ما في وسعه إلى أن تمر هذه الفترة ويغادرا العقار إلى شقتهما بلا رجعة...

عاد من شروده ولا زال ممسكًا بهاتفه متردّدًا إلى أن قرّر أخيرًا فتح الرّسالة بيده المرتعشة وسماعها، لكنّه تفاجأ بما سمعه «أهلا يا فريد، تسلم يا صاحبي وألف شكر على الحاجة ولو كان صدر من المدام قلة ذوق ولا حاجة فعندي دي.»

فزفر براحةٍ وكتب له ردًّا على رسالته بتوتّرٍ جم «تحت أمرك» ثمّ زفر مجدّدًا ماسحًا على وجهه ولحيته مفكّرًا في حلّ يقاوم ما يحدث معه.

فُتح باب الحجرة فجأة فكانت امرأة حسناء الملامح قائلة: معقول يا فري كل ده نوم؟

فتنحنح فريد معتدلًا في جلسته وابتسم ابتسامة عذبة تنافي الحرب النّاشبة داخله: سامحيني حبيبتي مرهق شوية.

تحرّكت أمام المرآة تتمّم بيديها على منحنياتها الأنثوية الصّارخة من ملابسها الملتصقة بجلدها ثمّ التفتت نحوه عابثة بطرف شعرها الأسود المتدلّي على كتفها للأمام قائلة: مفيش أمل نخرج بأه!

فأجابها بتنهيدة: يا حبيبتي ما انت شايفة الحظر والوضع مع الكورونا شكله ايه...

فزفرت بضيق فأكمل: ما أنا قلت لك لو تحبي تروحي عند والدتك أو أختك أو يجوا ينوروا هنا أو حتى حد من صحابك، المهم تعقمي كويس وتفضلي قاعدة بالكمامة ما تخلعيهاش.

فتغنّجت بجسدها مقوّسةً شفتَيها بعدم رضا في حين رنّ هاتف فريد فجأة فانتفض فتسارعت نبضاته مجدّدًا ثمّ نظّم أنفاسه وأجاب: آلو! أيوة أنا يا فندم... أهلًا وسهلًا اتفضل... ده كده ولادة هتصل بالمستشفى فورًا يجهّزوا استعداداتهم عبال ما توصلوا وأنا جاي على طول إن شاء الله... المهم تقول إنّها حالة دكتور فريد حمدي عشان ما حدش يكشف عليها ومش هتأخّر بعون الله.

أغلق الخط وهو يتحرّك من مكانه قائلًا: معلش حبيبتي عندي حالة ولادة مستعجلة.

فأومأت برأسها على مضض قائلة بسخرية: آه طبعًا وماله!

Noonazad 💕❣️💕

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top