الروح التائهة
«اقتباس اليوم: لا أحد يستطيع أن يأخذ منك ألمك، فلا تسمح لأحد بأن يسلبك سعادتك.»
~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~
قضاء يومين وحيدة في غرفتي الخاصة، جلعني أوقن أنّ والدي محق، لكنني أعند من أن أعترف بذلك؛ لا مكان للحب في قلوب الأقوياء، الحب ضعف، الحب جريمة، الحب... لا أصدق تجرُّؤي على حبه، كيف سمحت بشيء كهذا! كيف سمحت بتركي حصوني المنيعة العالية، والتجول في حقل الألغام هذا!
أغمضت عيناي علّني أحظى ببعض النوم دون جدوى، لست قادرة حتى على تفقد ماثيو أو السؤال عنه أصلًا، كل ما يمكنني فعله هو شهق الهواء وزفره في انتظار أسوأ الأخبار.
طرقات خفيفة على الباب تبعها صوت فتحه المكتوم، لست بحاجة إلى فتح عيناي لأعلم هوية الزائر؛ رائحة النباتات والأتربة تسبقه دون مجهودٍ منه.
-مهيار.
همس تقيّ الدين بتردد، فتحت عيناي دون النظر إليه، بالكاد أحافظ على هدوء أنفاسي، إن تحدثت قد أفقدها تمامًا.
-ما الذي أفعله؟ والدي سيقتلني!
همهم متقدمًا نحوي بدلًا من التراجع، كأنّه يحتاج سببًا إضافيًا ليصب والدنا من سخطه عليه.
-قضيت الفترة الأخيرة أبحث عن أي شيء قد يساعد ثيو، تعلمين كم أدين له بالكثير...
-اختصر يا تقيّ.
تنحنح بارتباك، ثم قال: وجدت وصفة...
لا تعطيني أملًا!
-سنخرق أهم قوانين العشائر للحصول على مكوناتها.
كأنني أهتم لقوانينهم!
-اسمها مجهول لكنها استخدمت من قِبَل الهايدرا، حيث يشترطون على من يريد الإنضمام إليهم أن يجمع مكوناتها ويُعِدّها خلال دورة قمرية تامة.
أعرف تلك الحكاية، يسمونها رحلة الموت لسبب مقنع، لدرجة أنّ أراضي مكونات الوصفة محظورة لسبب أكثر إقناعًا؛ لا أحد يعود منها كما دخل إليها، كيف لا وهم ينضمون إلى الهايدرا بصدرٍ رَحِب.
-يمكنني محاولة تغييرها حتى لا تؤثر على عقله كتأثيرها على الهايدرا؛ لذلك سأحتاج بعض المكونات الإضافية.
دام الصمت فترة كافية لتعيدني إلى حالتي السابقة؛ خالية من الحياة، كيف سأنطلق في رحلة إن عدت منها حية سأسجن لبقية حياتي، وإن نجى ماثيو ستقام الأرض ولن تقعد حتى يخرجني، وإن دفع الثمن بمنصبه، هذا ما يريده والدي وحلفاؤه وبالطبع لن أسمح بذلك وإن قضيت بقية عمري في زنزانة تحت الأرض... لن تكون أسوأ من العيش تحت وطأة سيطرته المتعسّفة.
-مجلس العشائر قرر اتخاذي وريثًا يا مهيار، على شرط أن أتزوج بامرأة تايتينية، سيعلنون القرار بعد بضعة أيام.
الحزن واضح على نبرته، كيف لا وهو سيجبر على زواجٍ قد لا يختلف عن زواج والدَينا، المزيد من البؤس والتعاسة، على جثتي!
جلست، وقفت، وانطلقت مباشرة نحو الباب دون أن يدرك عقلي ذلك، توقعت قرارهم هذا عاجلًا أم أجلًا، هم بالفعل يحتاجون وريثًا، وريثًا جَبُنتُ على حمله وولادته وها أنا أدفع الثمن، أرى زوجي يستبدل بعدما يئس الجميع من شفائه، شقيقي الوحيد يعاني من اضطهاد والدي لأنه -بكل بساطة- لا يعجبه أن يكون مختلفًا عنه، الإختلاف والتميّز ضعف، وعلى رجال هذه العائلة ألّا يمسهم ضعف وإلّا فالموت خيرٌ لهم، يا لها من سخافة.
يجب أن أستعيد كامل قوتي لرحلة علاج ثيو، عليّ أن أنجو منها لأجلب الوصفة إلى هنا، وإن عدت زحفًا! أو ربما عليّ أن أصطحب من يمكنه أن يأخذ بزمام الأمور في حال عدم نجاتي، من يمكن إقناعه بالانطلاق في مهمة مميتة كهذه! ربما شخص يجمعني به الهدف، شخص يفضل الموت على أرضٍ غريبة مجازفًا بعقوبة السجن مدى الحياة؛ لخرقه القانون الأهم على هذه الأرض؛ من يقدم على فعل من أفعال الهايدرا، يشاركهم العقوبة.
طلبت طعامًا من إحدى الخادمات في طريقي إلى قاعة التدريب، يجب أن أستعيد قدراتي في أسرع وقت ممكن، سأحتاج بعضًا من وصفات تقيّ الدين كذلك، عليّ فعل الكثير في وقت أقل من القليل.
-الإستمرار في البحث عنه مضيعة للوقت والجهد يا توتيل.
أوقفني صوت الأمير آكين عند بوابة قاعة التدريب، تبعه رد شقيقته الحازم: لن أتراجع بعدما وصلت إلى هنا.
-ستيفان قل شيئًا.
يا لها من صدفة عجيبة، لله مشيئة يعْجَبُ لها أهل السماوات والأرض.
-أنت من بين جميع الناس تعلم عِنادها وشدة إصرارها، منعها من البحث عن والدكما لن يزيدها إلّا رغبة.
جاءه رد ستيفان -خال زوجي- هادئًا مستسلمًا، حينها دخلت مكتفية من إضاعة الوقت.
-أين ستبحثين؟
ركزت عيناي عليها بطلّتها التقليدية المميزة، فستانها المزركش ذي الألوان المتداخلة، شعرها ذي الضفائر ملفوف في شريط أسود، وقامتها الطويلة ممشوقة القوام.
-أحتاج إجابة مباشرة، دون لف أو دوران.
-سأذهب إلى الجنوب، آخر مكان شوهِد فيه والدي وأفيانا.
«سنذهب.» تقدّم ستيفان مشيرًا إلى رغبته في مرافقتها، ثم أردف ناظرًا إلى شقيقها: لن أجلس هنا كعجوز لا قدرة له على الحركة.
أخذت نفسًا عميقًا، إن علم والدي بخطتي سيحبسني في زنزانة إلى أن أرمَّل.
- سأساعدكِ على معرفة مكان والدك، وفي المقابل تساعدينني لأجمع مكونات وصفة أنقذ بها ماثيو.
نظر ستيفان إليّ متفاجئًا، ثم قال: ظننت الأطباء يجهلون مرضه!
«وهم كذلك» أجبته، بللت شفتاي ثم تابعت قائلة: إنها قصة طويلة مفادها أنه في حال عدم نجاتي، أحتاج من يعود بالأعشاب إلى شقيقي ليصنع الوصفة، بما أنها رحلة مميتة ومحظورة كما تعلمون.
-شقيقتي لن تتحرك إلى أي مكان من دوني.
تحدث آكين بعد صمته منذ دخولي، تبعه ستيفان محيطًا خصر زوجته بذراعه قائلًا: ولا من دوني.
ألم شديد يقسمني نصفين، نصفٌ يهلل ويرقص فرحًا برفقة أشخاص في مثل قوتهم، والنصف الآخر يموت قهرًا بوجود احتمالات كبيرة على موتهم جميعًا، ثيو يعشق وجودهم من حوله، بل سعادته لا تكتمل إلّا بهم.
-عليكم التفكير في عائلاتكم قبل اتخاذ أي قرار.
-أريناس ستعتني بالأطفال، كما أنها سترغب في مقابلة والدتها أيضًا إذ أنّ والدي العزيز لا يترك جانب قائدته العظيمة.
ختم آكين حديثه بنبرة ساخرة، بعد استنشاقه الهواء ونفثه بقوة محاولًا عدم إظهار رفضه، لا ألومه، شخص تعتمد عليه زوجته لتعيش سعيدة راضية وله طفلين منها، صعبٌ عليه أن يجازف بذلك لأجل رجل اتخذ قراره في اتباع امرأة كـأفيانا.
دفعة الحماس التي أصابت جسدي بدأت تخبو، الضعف عاد ليحكم قبضته عليّ، أحتاج قوتي، أحتاج ماثيو، أحتاج أن أتنفس.
~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~
أعتذر عن أي أخطاء إملائية لاني أضفت تفاصيل كثيرة حالًا قبل ما انشر لاني متأخرة عليكم أصلاً وبكرة مشغولة ف يا ريت لو صادفتكم أي أخطاء نبهوني😅
رأيكم؟
الفصل مش كثير حماسي بس مهم جداً كحجر أساس للصراعات القادمة متحمسة مووووت لحتى اشارككم الأحداث الي بتصير ان شاء الله 🤤
لا تنسو تشاركو الرواية مع أصدقاءكم لو عجبتكم 🙈
أترككم في أمان الله ❤️
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top