الفصل السابع و العشرين

أصوات الموسيقى الهادئة إنساب لمسامع الصغيران اللذين كانا يوشكان على الإنضمام للحفل المُعد بالأسفل , يوشي لم تكن تلك الأجواء تُعجبه حقاً فبأول حفل حضره إنتهى به الأمر بدخول شجار ما مع عدو شقيقه لذا هو أخذ بالفعل فكرة سيئة عن الأمر !

الآخر كان الملل بادياً على ملامح وجهه لعدة ثوان قبل أن ينظر بجواره حيث كان توأمه يسير وهناك شيء من التردد يُغطي ملامحه ليبتسم بشقاوة وهو يُمسك بيده ليسرع بسيره , فبالنسبة لهوشي هذا الحفل سيكون مُختلف بما أن توأمه برفقته , يمكنه إيجاد شخص ما للعبث معه و لن يُضطر ليقف بزاوية ما بمفرده أو أن يبقى بقرب والده يحاول فهم ما يتحدث به الأكبر سناً حول العمل أو المديح الذي يُلقيه كُل منهم على الآخر بطريقة تجعل الصغير لا يفهم إن كانوا صادقين حقاً أم لا !؟

الأنظار إتجهت لهما على الفور فهي المرة الأولى التي يظهر بها الإبن الأصغر للسيد تداشي و إن كان الإشاعات حول إستعادته الوصاية عليه قد إنتشرت بالأرجاء , يوشي تمسك بيد توأمه بشكل أكبر و هو يحاول الإختباء خلفه فحسب عله يهرب من تلك النظرات الموجهة إليهما , و الأكبر توقف لينظر لشقيقه و هو ينطق بمرح :" أأنت خائف منهم ؟! أتريد أن أقوم بمقلب ما لهم جميعاً ؟! "

شهق يوشي بصدمة قبل أن يهتف بتأنيب :" إياك و أن تفعل شيء كهذا ! بالكاد نجوت من العقاب قبل قليل "

أجابه بلا إهتمام وهو يعود للسير :" و هل عدم السماح لنا بحضور الإحتفال يعد عقوبة يا أخي ؟! "

تنهد الأصغر بيأس شديد بينما يجيب :" فقط أصمت و لا تقم بأي عمل أحمق كهذا "

عبس الأكبر من فوره وهو ينطق :" حقاً أنت ما تزال بحاجة للكثير من العمل لتصبح مثلي ! "

أراد أن يُجيبه عندما شعر بيدان توضعان على كتفه ليتوقف و يحدق للخلف حيث كان والده يقف بابتسامة هادئة ليشعر قلبه الصغير بالسكون أخيراً , و هوشي توقف فور توقف شقيقه ليحدق هو الآخر بوالده بترقب , آيكو سار ليقف خلف الصغيران و أمامهم مُباشرة توقف مُساعده لينطق الأول بهدوء :" أنت قابلت يوشي من قبل و هذا هو إبني الأكبر هوشي "

أنهى عبارته وهو يشير لكلاهما لينخفض المعني وهو يبعثر خُصلاتهما بينما يتحدث بإبتسامة لطيفة :" تشرفت بلقائكما صغيراي "

أومأ كلاهما له بخفة الأكبر بشيء من الهدوء و الملل و الأصغر بخجل واضح , بالنهاية وقف مُساعد والدهما بينما تحدث آيكو مُجدداً وهو يحدق بالصغيرتان اللتين تقفان خلف والدهما :" هوشي , يوشي أُريد منكما أن تعتنيا بالآنستيين الصغيرتين هنا , نانامي و نامي هما توأم مثلكما لكنهما أصغر سناً و هذا أول حفل تحضرانه ! "

أومأ يوشي لوالده بطاعة وهو ينظر للصغيرتان اللتين تقفان خلف والدهما , بدتا بالسادسة من العُمر كلتاهما تمتلكان شعر أشقر يصل لعُنقهما و عينان زرقاوتين حادة , و من ثُم نظر لتوأمه الذي بدى عليه شيء من الإعتراض ! فهذا هو الحفل الأول الذي يكون به مع توأمه و قطعاً لا رغبة له بأن يُزعجه أي أحد .

قبل أن ينطق أي منهم أو أن يبدي هوشي رأيه بكل صراحة صوت تحطم ملئ المكان , تحولت الأبصار بأكملها لذلك الطفل ذو الثامنة من العُمر و الذي أسقط الكأس بيده , هو أخفض رأسه بينما عيناه ذات لون العسل إرتجفتا برعب شديد , حدق آيكو بالصغير بشيء من الحيرة فهي أول مرة يراه هُنا كما أن بقائه واقفاً بمكانه بكل ذاك الرعب و الشحوب جعلتاه يشعر بأن هُناك خطب ما به .

شهق يوشي ليتشبث بتوأمه ما إن دوى صوت صفعة ما بالأرجاء تلاها صوت رجل بقسوة :" تاماكي ! كم تحتاج من دروس لتتمكن من التصرف بطريقة لبقة ! "

أخفض الصغير رأسه أكثر و قد وضع إحدى يداه على خده و دموعه تجمعت بمُقلتيه ، جسده كان يرتجف من الخوف و الخجل بآن واحد ، هو بالكاد تمالك نفسه من البكاء أمام الجميع و مع هذا عجز عن الإعتذار فإن تحدث ستنهار دموعه بلا ريب !

لذا هو وجد نفسه يركض للخارج بسرعة خاصة و أن تلك الهمسات تعالت من حوله وقد وصل لقلبه أصوات ضحكات بعض من الأطفال المتواجدين , هو حاول أن يُكفكف تلك الدموع التي تسيل على وجنتيه بلا أي فائدة .

أول من تحرك من المتواجدين كان هوشي و الذي تقدم ليقف أمام ذاك الرجل وهو ينطق بإستياء شديد :" لماذا قمت بضربه ؟! لا يحق لك هذا , أأنت والده حتى ؟! كيف تسمح للآخرين بالضحك عليه ؟! "

شهق توأمه بسرعة بينما تحرك آيكو للوقوف خلف صغيره من فوره وهو يتحدث بابتسامة هادئة بينما يعبث بخُصلات شعر صغيره :" هوشي يا بُني دع هذا الحديث لمن هو أكبر منك سناً و لتخرج للخارج لتعرف أنت و توأمك الآنستين على حديقة المنزل ما رأيك ؟! "

حدق هوشي بوالده قليلاً بعدم إقتناع إلا أنه وجد نفسه يحدق بالرجل بحقد شديد , لا يعرف من هو ذلك الطفل و بالنسبة إليه لا يفضل أن يصادق أحد فتوأمه أكثر من كافٍ لكن هذا الموقف أمامه أغاظه بشدة , هو إستعاد ذاك الوقت الذي خاف أن يكرهه والده بسبب زوجته الجديدة , ظن أن والده سيتحول لشخص آخر سيء لكن مخاوفه تم إخمادها تماماً و كاد ينسى أمرها تماماً لولا رؤيته لهذا !

بالنهاية هو أمسك يبد توأمه وأشار لكلا الفتاتين بأن يتباعهما إن رغبتا بذلك ثم ركض للخارج , أعاد آيكو بصره للرجل أمامه بعد أن أعطى نظرة هادئة لبقية المتواجدين بالعودة لما كانوا يفعلونه وقد حدث ما أراده حيث عاد كل منهم لحديثه السابق لينطق هو بنبرة رسمية :" سيد شينيا , سررت حقاً برؤيتك هنا خاصة بعد أن قررت الإستقرار خارج اليابان ! "

ابتسم من يقف مُقابله بإبتسامة مُجاملة وهو يجيبه :" لم أتمكن من رفض دعوتك سيد تداشي فكما تعلم كلانا تولى الإدارة بذات العام و كثيراً ما كُنت تقدم لي يد العون ! "

رده بإبتسامة مُشابهة وهو ينطق :" لكن أنت أيضاً ساعدتني و كثيراً ! لقد بدى و كأن كلانا إنطلق بمُساعدة من الآخر "

أجاب بهدوء :" لكن إن إحتسبنا فرق العُمر فسيد تداشي أنت حقاً مُذهل ! إذاً هل ذلك الصغير اللطيف هو إبنك ؟ "

أومأ إيجاباً بينما يتحدث :" لا علاقة للعمر فكل منا و ظروفه و رغبته و إرادته ! أجل هو صغيري و بحسب ما أذكر فأنت قابلت زوجتي الأولى من قبل "

أجابه و قد بدى التفكير على وجهه :" أجل بالفعل أذكرها السيدة هيتومي ! للحقيقة صدمت من خبر إنفصالكما ذاك ! "

أجبر نفسه على رسم إبتسامة مُزيفة وهو ينطق مُنهياً الحديث عن حياته هو :" أجل , سيد شينيا أذكر أنك عندما سافرت للخارج أردت إيجاد علاج لزوجتك حتى تُنجب صحيح ؟! إذاً هل ذاك الطفل هو إبنك ؟! "

ابتسامته المُجاملة إنقلبت لأُخرى متوترة وهو يجيبه :" أجل بالفعل , إنه صغيري تاماكي ! كما تعلم أنا إرتبطت من بعد إنهائي للثانوية و كان هناك الكثير من الصعوبات للحصول على طفل لكن بالنهاية نجحنا و بصعوبة ! "

آمال برأسه قليلاً وهو ينطق بنبرة هادئة :" لكن ألا ترى أن تعاملك معه لا تبدوا كتعامل أب رُزق به بعد طول سنوات من الإنتظار ؟! هو مجرد طفل و الجميع هنا معرض لحادث كما وقع معه ! "

قطب حاجبيه بشيء من الإستياء و هو يجيب بينما ينظر حوله بصوت خافت :" نحن كنا نساعد بعضنا دائماً بكل شيء بالبداية صحيح ؟! إذاً أخبرني كيف يفترض بي تربيته ؟! للحقيقة أنا متوتر من التعامل معه , فقط أشعر بأنه للآن حلم , كما أن الأمر أكثر صعوبة مما تخيلت ! لا يمكنني التصرف معه مُطلقاً "

هو أنهى تلك الجملة خشية أن يزل لسانه أكثر و ينطق بما لا يجب به التفكير به حتى , لكن بأعماق قلبه هو أكمل كلماته تلك لنفسه " أعطني طريقة لأحبه حقاً لإنني لا أشعر بأي شيء إتجاهه ! "

آيكو لم يقاطع أي من أفكاره بل هو فقط نظر له بهدوء و الكثير من التساؤلات تملئ عقله إلا أنه بالنهاية قرر نفض أي من تلك الأفكار و تقديم كل ما يستطيع فعله لمساعدته على الأقل لأجل الصغير و إن كان لا يثق بأنه حقاً بموضع يسمح له بإعطاء النصائح حول التربية !

*****

دموعه كانت تنهمر بخفة على وجنتيه بينما كان ضاماً لجسده تحت إحدى الأشجار فارعة الطول مُعطياً البوابة و الحديقة ظهره محاولاً السيطرة على تلك النغزات المؤلمة بأعماق روحه , فهو ومهما بذل من جُهد عاجز عن كسب إحترام والديه , كم مرة أخفق بتحقيق ما يرغبان به و أحرجهما ؟! و بكل مرة هو فقط يتصرف بعفوية شديدة مُسبباً الإحراج لهما !

كيف له أن يغير من تصرفاته و ذاته دفعة واحدة ؟! بكل مرة هو يعقد العزم على التصرف بحزم أكبر و شيء من البرود يجد نفسه بعد لحظات عائداً لطفولته و تصرفاته المُعتادة , وهو حدق بيديه الصغيرتين وكأنه يستفسر عن حل ما يجعله أكثر فائدة و مسؤولية !

أخفض رأسه مُسنداً إياه لجسده الذي ضمه بأكمله ما إن شعر بتواجد عدة أشخاص حوله , هو حاول مسح دموعه و التوقف عن البكاء أو على الأقل إيقاف تلك الدقات المُتسارعة بشكل يُخيفه و يؤلمه , لكن كيف له أن يفعلها حقاً , هو مُنعدم الثقة بنفسه تقريباً و خائف من كل ما يُحيط به .

حاول إخفاء رأسه أكثر حاشراً إياه بين ركبتيه و صدره و يداه مُحيطة به يمنع بذلك أي شخص من رؤيته و دموعه , و كل ذلك ما إن شعر بصوت ضحكات خافتة صدرت ممن يحيط به , شهق بشيء من الرعب ما إن أمسك أحدهم بيده يُجبره على الوقوف بحركة سريعة قوية بينما ينطق بنبرة تشوبها السخرية :" مما أنت خائف ؟! أنت لست بمنطقة بها مجموعة من المُتشردين بل بين مجموعة من النبلاء لذا أتظن أننا قد نلوث أيدينا بأفعال شائنة كضربك مثلاً ؟"

عيناه إنتقلتا بين الواقفين أمامه حيث قدر هو بخوف أنهم على الأقل قد تجاوزوا الثالثة عشرة من العُمر وهو لا شيء أمامهم مُطلقاً , تراجع للخلف حتى إلتصق بالشجرة التي كانت تُظله قبل دقائق طالباً منها مساندته أو على الأقل أن تمده بشيء من ثباتها و صمودها !

هو أخفض حدقتيه من فوره ناطقاً بصوت خافت و حروف مُرتجفة :" ماذا تُريد إذاً ؟ "

وضع من أمامه يده على ذقنه مُدعياً التفكير بما يريده قبل أن ينطق بشبه سخرية :" مساعدتك فقط ! تبدوا مثيراً للشفقة حقاً ، لم أكن أعلم أن هناك والد قد يكره صغيره لكن ما حدث معك يؤكد ذلك ! "
شهق بقوة و قد عادت دموعه للإنهمار مرة أُخرى هذا مؤلم ، لما قد يكرهه والده ؟! هو ليس سيئاً لهذه الدرجة ، لكن أُسرته شديدة بعض الشيء صحيح ؟

عض على شفتيه بقوة وهو يحاول تجاهل ذلك التعليق عندما صدح صوت لا يخلوا منه الإستياء :" ماذا تفعلون ؟! "

إلتف الجميع لمصدر الصوت حيث وقف هوشي بحاجبين معقودين بينما بدى عليه الإنزعاج بالكامل و من خلفه وقف توأمه و الفتاتين , و إنزعاجه كان فقط بسبب تبدد كل خططه لهذا اليوم فهو توجب عليه بطريقة ما بإصطحاب طفلتين معه بدلاً من العبث مع توأمه و الآن هذا !

و الآخرون حدقوا به بملل قبل أن يغادروا فلا أحد منهم يرغب حقاً بالعبث مع إبن أُسرة تداشي , يوشي تحرك أولاً ليصل للصغير الذي كان يخفض رأسه هو أمسك بيديه بشيء من الهدوء بينما عيناه عكستا مقدار كبير من القلق , هو حتى رغب بالبكاء معه , يدرك تماماً من هو مؤلم التعرض للتنمر و أمام الآخرين أيضاً , لذا هو نطق بنبرة قلقة صادقة :" هل أنت بخير ؟ هل قاموا بإيذائك ؟ "

و الآخر أومأ له إيجاباً على الفور بينما ينحي له وهو ينطق بسرعة :" شكراً لكم "

وقف هوشي بجوار توأمه وهو يحدق بمن أمامه بنظرات مُتفحصة قبل أن ينطق بصوت طفولي :" لا تبدوا لي مثل تيد ! "

رفع تاماكي عيناه ليحدق بالآخر بينما يرمش بعدم فهم , لينطق يوشي بضحكة خافتة :" و هل يفترض بأن يكون الجميع مثله ؟! "

عبس توأمه بينما يعقد يديه لصدره :" لا ! لكن لن أسمح لأي أحد بأن يقترب منك , أخشى أن يكونوا مثله ثم تتأذى "

أنهى عبارته وقد إزداد عبوسه أكثر فأكثر و بالمقابل عبس توأمه أيضاً وهو يجيبه :" لست طفلاً ! يمكنني الإعتماد على نفسي و أفضل منك أيضاً "

أجابه الأول بسرعة :" و لهذا دائماً ما تقع بالمصائب ! "

شهق الثاني بسرعة وهو ينطق :" ماذا تعني ؟ أأنا أتسبب بالمصائب فقط ؟ "

هو إختتم عبارته بنبرة حزينة ليتقدم شقيقه منه بسرعة بتوتر وهو يجيب :" لا أبداً , لم أقصد ذلك بل فقط قصدت أن نسختي اللطيفة تتعرض للكثير من المُضايقات و لذا تحتاج دائماً لي لحمايتها "

لم يُزل هذا عبوس الأصغر بينما وجد تاماكي نفسه يضحك بخفة ليحدق الإثنان به , الأكبر نطق بنبرة إختلط بها شوقه للعبث مع الشقاوة :" إذاً تاماكي صحيح ؟ أتظن أنه يمكنك إجتياز إختبار الصداقة الخاص بي ؟! "

هو أنهى عبارته ليحدق بالفتاتين اللتين تحدقان بكل شيء بهدوء ليردف :" و أنتما أيضاً ألم تشعرا بالملل ؟! لنشعل الحفل الآن "

توأمه شهق رافضاً أي فكرة قبل أن يستمع لها حتى و هذا وحده آثار شيء من الريبة بقلب تاماكي إلا أن هوشي بأي حال تحرك من مكانه لتنفيذ ما يرغب بفعله و هم بطريقة ما وجدوا أنفسهم يتبعونه ! .

******

قطبت حاجبيها و هي تنطق بسرعة و توتر :" ذهبت للبحث عن عمل هل أنت جاد ؟ كيف سمحت لها بالرحيل ؟ "

عيناه ذات اللون العُشبي الندي حدقتا بها بثبات شديد بينما يجيبها بهدوء :" و ماذا عليها أن تفعل برأيك ؟ تحبس نفسها بالمنزل فقط ؟! ما حدث قد إنتهى و لا مجال للنقاش به لذا وقوفها عند نقطة واحدة دون أن تتحرك للأمام و لو لخطوة هو ما يجب أن نقلق بشأنه ! "

أمسك بِمُعداته بينما يسير متجاوزاً شقيقته :" ثقي بهانا فحسب ، عليها أن تمضي قُدماً و تتعلم مما حدث بدلاً من الاستسلام التام ، كل ما علينا فعله هو مساندتها لا تثبيط عزيمتها "

أنهى عبارته ليغادر لعمله هو الآخر ، لا ينكر قلقه عليها لاسيما بعد تلك المحاولة للانتحار لكن رؤيتها صباحاً تبذل ما بوسعها لتنهض مجدداً أدخلت القليل من الطُمأنينة لقلبه ، هي قوية بطريقتها الخاصة هذا ما يؤمن به لذا فقط سيترك لها حرية اختيار طرق حياتها بعد هذه التجربة و هو فقط سيتدخل بحال تعثرت خُطاها !

و الآن عليه أن يعمل هو لسد دينه الخاص ، حتى و إن أمضى كل حياته يعمل لتسديده سيفعل فهو لن يُحني قامته أكثر لمن لا تستيغه نفسه .

******
توقفت خطوات الخمسة الصغيرة أمام المطبخ حيث كان كل الطهاة يعملون بجد و سرعة ، حدق هوشي بهم جميعاً وهو ينطق بشيء من العبوس :" هم كثر ! لا يمكن أن لا يلاحظو تواجدنا ! "

أجابه توأمه من فوره بشيء من الراحة :" هذا أفضل لننسحب يا أخي "

تجهمت ملامحه وهو يحدق بشقيقه بإستياء بينما يتحدث :" لا تكن هكذا يوشي ! عليك التعلم مني بسرعة يا أخي "

نانامي التوأم الأكبر من الفتاتين تدخلت بالنقاش لتنطق بصوتها الطفولي الحائر :" لكن هوشي ما نوع هذه اللعبة ؟ "

و الأخير رمقها بابتسامة عابثة وهو ينطق بسرعة :" أنتي يفترض أنك نانامي صحيح ؟! أترغبين بالتجربة أولاً !؟ "

رمشت عدة مرات قبل أن تحرك رأسها إيجاباً بينما شقيقتها قطبت حاجبيها بشيء من القلق و هي تتحدث :" لا ! ردة فعل شقيقك تعني أن ما ستقوم به أمر سيء "

عبس هوشي بقوة لينطق تاماكي بتردد طفولي مختلط بخوف شديد :" أرجوك هوشي لا أريد أن يعاقبني أبي أكثر من هذا "

هو حدق به بهدوء و عبوس بآن واحد فلماذا الجميع يحاولون إفساد متعته ؟! ثم ليس وكأن والده يستحق أن يستمع صغيره له صحيح ؟! هو شخص سيء و قام بضربه أمام الجميع و لو انه والده لأعد مقلب مذهل خصيصاً له !

بعثر خُصلات شعره و قد قرر التصرف بمفرده لولا ذاك الصوت المألوف للصغيرين و التي نطقت بهدوء :" ماذا تفعلون هنا ؟ "

التف يوشي من فوره مُحدقاً بجدته بينما نطق الأكبر بشيء من التذمر :" لماذا أنتم مصممون على على قتل المرح اليوم ؟ "

رفعت أحد حاجبيها و هي تجيبه :" مرح ؟! ألم تكتفي بعد أن سمحت لك بفعل ما تريده معي ! هيا خذ أصدقائك و شقيقك و إلعب بغرفتك او بالخارج "

نطق بإنزعاج :" لكن جدتي ... "

قاطعته بتذمر :" توقف الآن و تصرف كالأطفال النبلاء حقاً ! ألا يكفي أن هناك العديد من الاشخاص عديمي الذوق بهذا الحفل ؟! لا أصدق إلى أي حد والدك متهاون بدعوة الآخرين لذا فقط كن لطيفاً و لا تسبب المتاعب لي أكثر "

أنهت عبارتها لتغادر بينما هتف هوشي بحنق :" هي تتذمر من الجميع كالعادة ! ألم تتأثر قليلاً بمقلب الصباح ؟ "

ضحك توأمه بخفة و هو يجيب :" أتظن أنها ستتغير حقاً بسهولة !؟ هذا صعب "

أجابه من فوره بنبرة يائسة طفولية :" حسناً أنت مثال حي على عدم القدرة على التغير بسرعة ! "

شهق الأصغر من فوره بإعتراض فهو ليس بعاجز بل لا يرغب بذلك ليقاطعهم صوت ضحك البقية ! بالنهاية هوشي سمح لهم بالدخول لغرفة الألعاب الإلكترونية بحجة أن الأمر سيكون أكثر مُتعة بوجود آخرين يعلمهم عليها إضافة لتوأمه .

الساعات الثلاثة التالية مضت بشكل مُختلف على تلك الأسرة , بحيث كانت سريعة و للغاية على الأطفال المستمتعين باللعب بينما على العكس تماماً مضت ببطئ شديد على الجد الذي كان يقف مع بعض رجال الأعمال من عمره وهو يتذمر بداخله حول لماذا عليه من بين الجميع الوقوف مع بعض العجزة الذي يحاولون إظهار أنهم لازالوا قادرين على مواكبة الأساليب الحديثة بالإدارة , وهو فقط أظهر ابتسامة على وجهه مُنذ بداية الحفل و حالياً يشعر بأن وجهه قد لا يعود لطبيعته مُطلقاً !

سوكي أمضت مُعظم وقتها مع سيدات الأعمال أو بمراقبة الخدم و الإشراف على ما يتم تقديمه , بينما شيزوكا لم يكن قد أعجبها الكثير من الأمور و بالرغم من ذلك هي تأكدت من التفاخر أمام معظم المتواجدات حول إبنها و أسرته و عمله و كل شيء آخر وكيف أنه إستلم الشركة بطريقة مُذهلة مُعطياً والده الوقت لنفسه بسن مُبكر للإستمتاع بالحياة بدلاً من إضاعة كل صحته خلف الأوراق و المكتب !

وها هو القصر أخيراً يفرغ من زواره لتجتمع الأسرة فحسب بغرفة الجلوس , آيكو جلس على أقرب أريكة له مُتنفساً بعمق بينما والده جلس بجواره و هو يبعد عنه ربطة العنق ناطقاً بإنزعاج :" لقد تخليت عن منصبي و كل تلك الأمور المزعجة و أردت فقط العودة للقرية لأعيش براحة ! "

نظر آيكو له بخفة بينما حدق الصغيران بجدتهما التي شهقت من فورها مُعترضة على ما سمعته من زوجها ، فلماذا قد يكون عليها العودة و العيش بقرية صغيرة ؟!

نهض آيكو من مكانه و هو يحدق بصغيريه لينطق بابتسامة هادئة :" و أنتما حان موعد نومكما صحيح ؟ لديكما مدرسة بالغد "

أراد هوشي أن يعترض إلا أنه ما كاد يفتح فمه حتى سبقه والده :" لا للاعتراض ! يكفي لم تعاقب بسبب ما فعلته بصباح اليوم "

عبس الصغير من فوره وهو ينطق بينما يسير لغرفته :" أبي سأضيف إسمك للقائمة قريباً "

ابتسم آيكو بخفة بلا أي تعليق بينما نطق يوشي بصوت شبه مُرتبك :" أبي أيمكنني التحدث إليك أولاً ؟! "

نظر لصغيره و ملامحه الجادة التي تعتلي وجهه ليبعثر له شعره وهو يجيبه :" لا بأس ، لكن أولاً دعنا نستحم و نبدل هذه الثياب الرسمية ثم تعال للمكتب "
ابتسم يوشي له بخفة و أسرع لتنفيذ أوامره فهو يريد الحصول على إذن منه لإيجاد عمل ما لئلا يغضب كما غضبت أمه عندما فعل !

أما والده فقد حدق بخطواته مُتسائلاً عما يريده صغيره قبل أن يلتفت لكلا والديه و الذين كانا مُستمران بالنقاش حول العودة للقرية و العيش بها ، هو ابتسم بشيء من الضعف ، صحيح أنه يمتلك الكثير من الذكريات هناك لكن أهو قادر على العيش بها حقاً ؟!

مُجرد مروره عليها يجعله يشعر بضعف و فراغ شديدين بقلبه ، ألم من جراح سابقة لا يمكن أن تزول مهما تعددت السنين بإدخال اشخاص جدد لحياته ، فقط لا أحد قد يصل لمكانة توأمه ، لذا فقط يُفضل البقاء بعيداً عنه .

تنفس بعمق طارداً تلك الأفكار من عقله فبكل حال وجوده بالقرية أو بالمدينة لا يشكل الكثير من الفرق و لا يغطي على تلك الوحدة التي يشعر بها .

سوكي كانت قد نهضت منذ زمن من تلك الغرفة مُتجهة لخاصتها ، وجود أسرتها بإحتفال اليوم أزعجها لحد ما ، هي تريد حقاً الحرية منهم و من كل القيود التي تحيط بها و ربما أكثر القيود التي تزعجها هي هذا المنزل ، لا تعلم متى توقفت عن القتال لإبعاد الصغيرين منه لإحتلاله فهي فقط ما عادت ترغب بهذا ، و لم تكن لتنكر أنها أرادت إرسالهما لمدرسة خاصة جيدة السمعة ، لكن فكرة هروبها تلك راقتها حقاً !

تشعر بأنها ستُحطم الكثير من القيود خلفها لذا هي حقاً ستعمل على الهرب .

نصف ساعة مضت بعد ذلك كان يوشي قد أنهى ما طلبه منه والده و يحاول تجميع بعض الكلمات ليقنعه بها بينما توأمه يضم يديه لصدره و هو ينطق بضيق :" أخي ماذا تريد من أبي ؟ لماذا أنت تخفي علي كل شيء ؟ يفترض لا أسرار بيننا "

هو اختتم عبارته بعبوس طفولي ليحدق يوشي به بشيء من الضعف ، يخشى أن يكون قد تسبب بحُزنه حقاً لذا نطق بتوتر :" أعدك إن وافق أبي سأُخبرك ! "

و بالرغم من عدم اقتناع الأكبر التام إلا أنه قرر الصبر قليلاً حتى ينهي حديثه مع والده ثم سيخبره و إن رفض والده ، فماذا لو كان هو قادر تحقيق رغبته له حتى من دون موافقة والده ؟!

و بالمكتب جلس آيكو على مقعده يقوم بإعداد مراجعة لكل تلك الأوراق المُتكدسة فوقه و إعادة تنظيمها مُنتظراً قدوم صغيره و بكل ثانية تمر هو يستشعر صعوبة موافقته على الطلب أياً يكن , فإن كان هذا الصغير مُشابهاً له حقاً فهو سيتأخر مُستحضراً كل ما بعقله من حجج لإقناعه أو إقناع نفسه ربما وكلما أخذ وقت أطول بهذا فهو بأعماقه يدرك أن طلبه أمر لن يقبله من أمامه بسهولة .

ابتسم بشيء من الحنان عندما فُتح باب المكتب و تقدم طفله بخطوات شبه مُترددة بينما يُخفض رأسه للأسفل بشيء من الخجل و التوتر , و الأكبر نطق بصوت هادئ مُطمئن :" يوشي تعال إلى هنا يا صغيري "

تحرك الصغير ليقف بجوار والده تماماً عندما طلب منه ذلك قبل أن يشهق بشيء من التفاجئ عندما شعر بجسده يرتفع قليلاً ثم يوضع على المكتب ليُصبح مقابلاً لوالده مُباشرة !

الصغير فرك كفيه بشيء من التوتر قبل أن يحدث بصوت خافت و بطريقة مُباشرة رامياً كُل تحضيراته السابقة عرض الحائط :" أريد أن أجد عملاً "

يد آيكو التي كانت قد عادت للعمل تجمدت بمكانها كحال ملامح وجهه و سائر جسده , رفع رأسه يحدق بعينا صغيره المتوترة بشيء من الإستنكار قبل أن يجيب بشيء من الهدوء الذي لم يدرك كيف حافظ عليه :" و لماذا ترغب بالعمل ؟! "

شعر يوشي بشيء من الراحة فعلى الأقل هو لم يطرده فوراً أو يغلق النقاش وهذا طمأنه قليلاً ليتحدث بسرعة :" أنا أريد إحضار هدية لهوشي بعيد مولدنا , هو بالفعل يقوم بتوفير النقود من مصروفه الشهري لأجل هذا "

أسند جسده للمقعد وهو يتحدث بينما قطب حاجبيه :" و لماذا لا تفعل المثل و تقوم بتوفير نقودك من مصروفك ؟ "

أخفض رأسه وهو ينطق بضعف :" لإنه لن يكون مبلغاً كافياً لشراء شيء جيد لأجله ! "

بعثر خُصلات شعره بخفة و هو يجيبه :" وجودك معه أمر كافٍ له , هو سيسعد بالهدية منك مهما كانت يا صغيري "

ظهر عبوس طفيف على وجهه بينما ينطق بشيء من الإنفعال :" لكن أبي لا أريد أن تكون أول هدية مني له أمر تافه "

أجاب بسرعة وكأنه آخر حل لديه :" سأزيد لك من مصروفك أو أعطيك المبلغ الذي ينقصك عندما ترغب بالذهاب و شرائها "

عض على شفتيه و دموعه تجمعت بعيناه , هو لا يريد هذا توأمه لم يعتمد على أحد بل هو حرم نفسه من إستخدام مصروفه بالكامل لأجله , يرى أنها ستكون أنانية منه أن يحصل على المبلغ بكل تلك السهولة !

شد على قبضة يده بينما قرر العودة لغرفته فحسب بخيبة أمل شديدة , هو حتى فكر بأنه سيبحث عن عمل ما دون علم والده و حتى إن إكتشف أمره هو سيكون قد وفر القليل على الأقل , و قبل أن يغادر نطق والده مُجدداً :" و بأي حال ماذا يمكن لك أن تفعله يوشي ؟! "

نظر له قبل أن ينطق بإصرار :" يمكنني التعلم بسرعة ! أنا سأعمل أي شيء "

كتف آيكو يديه لصدره و هو ينطق بابتسامة :" ألا يعني هذا أن رفضي لا معنى له لديك ؟ "

شهق الصغير بسرعة و إحمرت وجنتيه فتلك الإبتسامة كانت مُعاتبة و بها شيء من خيبة الأمل أو هذا ما رآه هو بها ليتحدث بسرعة مُدافعاً عن نفسه :" لم أقصد ذلك لكن أنا .."

لم يجد كلمات مُناسبة حقاً تساعده لذا إكتفى بأن أخفض رأسه بحزن شديد , آيكو نهض من موقعه ليبعثر له شعره بينما ينطق بهدوء :" حسناً , سأجعلك تعمل لدي بالشركة , يمكنك التعلم بسرعة صحيح ؟! إذاً ستثبت هذا لي بالغد بعد المدرسة ستأتي سيارة ما لإصطحابك إلى الشركة "

عيناه اللتين كانتا تلتمعان بفعل الدموع قبل ثوان إنقلبت ليظهر بها بريق من السعادة الغامرة و كأنه حقق أعظم أحلامه تواً , ابتسم آيكو على ذلك ليطلب من صغيره التوجه للنوم الآن , هو يدرك أنه كان ليخالف أوامره تلك لاسيما و أنه لمح بعيناه سبباً آخر يدفعه للعمل لذا إبقائه تحت عيناه بالشركة أفضل من إتجاهه للخارج بعيداً عنه و من قد يقبل بعمل طفل سوى من يُخالف القوانين ؟!

******

مع شروق الشمس مُجدداً عادت الحياة لتدب بالأرجاء و هناك بغرفة التوأم وقف الأكبر منهما أمام المرآة يحاول إعادة ضبط مظهره لأجل المدرسة و هو ينطق بتذمر :" لماذا علينا الإستيقاظ مُبكراً بعد ذاك الإحتفال ليلة أمس !؟ "

أجابه توأمه و الذي كان يجلس على الفراش بإنتظار شقيقه بهدوء :" الذنب لا يقع على الحفل بل لإنك سهرت بمحاولة لإستجوابي عما حدث بيني و بين أبي إضافة لحديثك عدة ساعات مع تاماكي عبر الهاتف "

نفخ وجنتيه بينما يجيبه بشيء من الإعتراض :" أنت من وعدتني بأن تخبرني بما تريده منه ! ثم لم أكن أتحدث معه بل كنت أشاهد المناطق التي يمر بها أثناء عودته للمنزل , هي جميلة حقاً و مُختلفة عما نراه هنا دائماً "

تنهد يوشي بينما ينهض حاملاً حقيبته المدرسية على ظهره :" أخي لما كيجي بمدرستنا ؟! و لماذا والده يعمل مع أبي ؟ "

دب النشاط بالكامل فجأة بالآخر و أبعد تلك الملامح المُتجهمة من فوره وهو يجيبه بسعادة :" صحيح تذكرت لدي دمية بالمدرسة لم أقم بتأديبها بعد ! و من ثم ماذا تعني بلماذا ؟! علينا الإنتقام منهم لأجلك و لأجل أمي ! أتعلم لقد ساعدت أبي على إعداد هذه الخطة لهم لنعلمهم درساً قيماً "

قطب الصغير شيء من حاجبيه بعدم رضى , هو لا يرغب بهذا مُطلقاً و المشكلة أنه باليوم السابق عندما بقي هوشي يزعجه شعر بشيء من الإستمتاع وهذا لا يُعجبه , لا يريد أن يلوث نفسه و قلبه بالكره حقاً , صحيح أنه رغب بالدفاع عن نفسه لكنه الآن لا يؤذيه لذا فقط هذا يفترض أن يكفيه حقاً .

هو نطق بصوت خافت :" لا أريد هذا ! سنصبح مثله حينها , مُجرد مُتنمرين "

شهق هوشي من فوره وهو يجيب :" أأنت جاد ؟! أنا أعددت قائمة طويلة بالمقالب لأجله و لم أُنفذ سوى أربعة فقط عليه "

أخفض رأسه بينما يسير للأسفل ليتبعه هوشي بسرعة :" حقاً يوشي ما بك ؟! لم أقم بالكثير بالنسبة لما فعله بك ! فقط هددت الجميع من الإقتراب منه ثم وضعت له بعض الحشرات بحقيبته و قمت بفتح المرشات بالحديقة عند مروره عنها و أخيراً أضعت له قلمه ! هذا لا شيء بالنسبة لما فعله هو ! لقد كان يقون بضربك و السخرية منك أمام الجميع هو يستحق أكثر من هذا "

حدق يوشي بعينا توأمه التي تشع بالحقد و الكره لتنهمر دموعه بخفة وهو يومأ سلباً , شد على قبضة يده بقوة ليهتف بشيء من الغضب :" أنظر لنفسك ! أنت تستمتع بإيذائه , لا أريد لأخي أن يُصبح شخصاً سيئاً مُطلقاً ! لا أريدك أن تصبح مثله , ألست من قال لي أنه ليس كل الأثرياء مغرورين و متنمرين ؟ إذاً لماذا أنت الآن تتحول لواحد منهم ؟! "

صمت قليلاً يكفكف دموعه قبل أن يردف بنبرة أقل حدة و بصوت متوسط :" أنا لا أريد لك ذلك ! حتى أنني خائف من نفسي لإنني أستمتع برؤيته يتأذى , ماذا لو أصبح الأمر روتينياً بالنسبة لنا ؟! "

الآخر صمت تماماً مُحدقاً بتوأمه بشيء من الإرتباك , هو أراد أن يُسعده لا أن يُبكيه ثم لماذا هو يهتم حقاً بمشاعر كيجي وقد قام بإيذائه !؟ لا يفهم حقاً لماذا قد يصبح سيئاً إن رد الإساءة لشخص أساء له أولاً !

تلك الحيرة التي غلفت قلبه منعته من التقدم و مواساة توأمه فهو بحد ذاته لا يفهم الأمر , حتى أنه شعر برغبة بالبكاء لكن يد ما إمتدت تحيط به بخفة و أخرى تقرب توأمه منهما هو قبل كلاهما على جبهته قبل أن يتحدث بنبرة هادئة وابتسامة فخورة :" صغيراي أنا حقاً فخور بكلاكما ! أظنني أكثر الأِشخاص حظاً بهذا العالم , أنتما حقاً هدية قيمة من السماء لي "

هدأت دموع يوشي و الذي تلونت وجنتيه كالمُعتاد بينما حدق الأكبر بوالده يطالبه بشرح ما حدث فلماذا هو أبكى توأمه ؟! أردف آيكو فور رؤيته لحيرة صغيره :" أولاً صغيري هوشي أنت شقيق أكبر رائع , أردت مساعدة شقيقك بجعله يعلم أن كيجي ليس أعلى منه مرتبة و تعيد له حقه , و أظن حتى يوشي يشكرك لهذا صحيح ؟! "

نظر يوشي لوالده و لتوأمه الذي ينظر له بفضول ليتحدث بصوت خافت :" أجل صحيح , أنا حقاً سعيد بوجوده بجواري دائماً "

ابتسم آيكو بخفة لاسيما عندما بدأ هوشي يبتسم بسعادة , و قبل أن ينطق أي منهم تقدم جدهم و الذي كان شاهداً على الموقف بأكمله لينطق بنبرة لطيفة مرحة :" و صغيرنا يوشي هنا لطيف للغاية , وهو خائف من أن يُصبح توأمه شخصاً سيئاً كتيد و كيجي إن إستمر بالعبث هكذا , فالشعور بالمتعة قد يجعلك تظن أنك على صواب دائماً ! "

نظر هوشي لتوأمه وهو يمد يده لتعبث بُخصلاته بينما ينطق بتساؤل :" أتظن أنني قد أصبح وغداً مثلهم ؟!"

هو أجابه بسرعة بنبرة لا تخلوا من القلق :" أجل ! أي أحد قد يصبح كهذا إن إعتاد على الأمر "

أومأ توأمه له إيجاباً وهو ينطق بنبرة مُهددة :" لكنه إن فكر فقط بالإقتراب منك مجدداً لن أسامحه ! "

ظهرت ابتسامة واسعة على شفتي يوشي الذي أومأ له إيجاباً وهو يبتعد من بين يدي والده و جده ليمسك بيد توأمه بينما ينطق :" إذاً لنذهب الآن فقد تأخرنا بالفعل !"

و بهذا إنطلق كلاهما للمدرسة بينما راقبهما الأب و إبنه بهدوء , ربما تدخلهما كان بوقت مناسب لئلا يحدث أي سوء فهم بين الصغيران فهما للآن بمرحلة التعرف على بعضهما البعض تماماً و بحاجة لشيء من الوقت ليفهم كل منهما أفكار الآخر حقاً لاسيما يوشي و الذي يفكر بطريقة أكبر من عمره .

*****

كان يسير بخطوات هادئة بالقرب من شقيقه بالساحة المدرسية , هو للآن يشعر بأن هذه المدرسة ضخمة و بشدة و يمكنه أن يضيع بها و بالرغم من هذا لديه رغبة بالتعرف على كل الأقسام بها بشيء من الحماس , نظر لشقيقه الذي نطق بإستياء :" أخي أنت لم تُخبرني لما طلبت من أبي العمل ؟! ماذا سأفعل أنا بالمنزل بمفردي ؟ "

نظر له بهدوء قبل أن يجيبه :" أريد إصلاح الهاتف الذي تحطم يا أخي "

شهق بخفة :" و هل سمح أبي لك بهذا حقاً مع هذا السبب ؟ "

ابتسم بخفة وهو يجيبه :" لم أخبره بهذا السبب ! بأي حال لا تهتم أبي قال أنني لن أعمل لوقت طويل و سأعود للمنزل قبله لأجل الفروض المدرسية اللعب معك "

تنهد هوشي بشيء من العبوس وهو ينطق :" مع هذا لا أريد أن تفعل هذا ! "

آمال يوشي برأسه بخفة وهو ينطق :" وماذا كنت تفعل قبل قدومي للعيش معكم ؟ "

أجابه بإنزعاج :" لم تكن موجوداً لذا كان بإمكاني إيجاد ما يشغل وقتي الآن الأمر مختلف "

تنفس بعمق شديد ليسير مجدداً وهو يتحدث :" أعدك عندما أعود للمنزل سنلعب معاً حتى موعد النوم ! "

نطق بحاجبين معقودين :" و الفروض المدرسية ؟ "

ابتسم له :" سنقوم بها معاً ! أعلم أنك ستتكاسل عن حلها بمفردك لذا سندرس معاً ثم ننهض للعب ما رأيك ؟ أنا أساعدك بالدراسة و أنت تقوم بتعليمي اللعب "

ابتسامة واسعة و أخيراً شقت وجه هوشي و هو يومأ إيجاباً بسرعة بينما يمسك بيد توأمه ليصطحبه للداخل , يوشي شرد بأفكاره عدة دقائق مُفكراً بكل ما حدث معه للآن , والدته هو حتى لم يتصل أو يحاول الإطمئنان عليها مُنذ تلك الليلة و هذا يؤلمه , لسبب ما يشعر بأنه خجل من الحديث معها , هو تركها وحدها فقط صحيح أن خاله يعيش معها و أنها لم تعد مرتبطة بذلك الرجل الذي أزعجه لكنه تألم و بشدة , يريد رؤيتها بنفسه أن يرى ملامح وجهها و يطمأن بأنها بخير و أنها تسامحه حقاً !

خرج من أفكاره بالكامل عندما وصل لمسامعه صوت بكاء , هو توقف عن السير مُجبراً توأمه على التوقف هو الآخر ليسير بإتجاه ذلك الصوت , هناك بإحدى الزوايا بآخر الرواق الشبه مُظلم تجمع عدة طلاب من كِلا الجنسين على شكل دائرة بمنتصفها فتاة بمثل عمره ربما تبكي !

أحدهم نطق بسخرية شديدة :" إذاً الآنسة يوري و التي أصبحت وريثة الأسرة فجأة ما هو مخططك لقيادة شركة أسرتك ؟ "

الطفلة أخفضت رأسها تمنع البقية من رؤيتها تبكي أكثر ربما أو هكذا ظنت بوقتها بينما أجاب آخر بسخرية أشد :" بالنظر لحجمها فهي سوف تتخلى عن الثروة مقابل الطعام ! "

إنتهى الأمر بهم يضحكون جميعاً بينما هي تكورت على نفسها , كانت طفلة بالثامنة من العُمر تقريباً تمتلك شعراً بلون البُنفسج الزاهي و عينان خضراوتين تنافس بجمالهما خُضرة الربيع , إلا أن كل ملامح الجمال إندثرت إثر تلك الدهون التي تراكمت بجسدها الصغير مما جعلها عرضة للتنمر لاسيما بشخصية مهزوزة الثقة غير قادرة على الدفاع أو الصراخ .

و هنا وجد يوشي نفسه بطريقة ما يخترق تلك الدائرة ليقف أمام الفتاة وهو ينطق بضيق شديد :" و من أنتم لتحكموا بهذا ؟ تصرفكم يدل على عدم قدرة أي منكم على إدارة ثروة أسرته التي تفخرون بها "

هو نظر للفتاة الباكية يمد يده بإتجاهها بينما ينطق بإبتسامة هادئة :" لا تهتمي لما يُقال لك حقاً , أثق بأنك قادرة على أن تثبتي لهم جميعاً مدى خطأهم بالحُكم عليك ! "

هي توقفت عن البكاء بينما حدقت بمن أمامها و الآخرين نظروا له بإنزعاج و ضيق شديد فهو أوقف متعتهم تواً , هوشي تقدم من فوره ليقف أمام توأمه بعينان مُستاءة مُستعد لدخول الشجار إن حاول أحدهم الإقتراب من توأمه أو إيذائه !

و الآخرون حقاً لم يرغبوا بالصمت لذا تحرك أحدهم بإتجاه التوأم , لكنه ما إن كاد يفعل حتى ألقى هوشي من يده لعبة ما تصدر ضوضاء شديدة أوقفت الفتى وهو يحدق حوله بينما ينطق :" ماذا تحاول أن تفعل أيها المزعج ! "

أجابه هوشي بشيء من العبث :" يفترض أن تكون هذه القطعة جزء من مقلب اليوم للمعلم لكن لا بأس إن إستخدمتها هنا "

أراد الفتى أن يجيبه لولا صوت ناو الذي نطق بحزم :" ماذا يحدث هنا ؟ ليعد كل منكم لفصله و حالاً ! "

تحرك الجميع من أماكنهم بينما نفض هوشي الغبار الوهمي عن ثيابه ليتقدم معلمه منه وهو يتحدث بصوت هادئ :" إذاً مقلب لمعلمك ؟ "

أجابه الصغير من فوره مُدافعاً عن نفسه :" ألست من قال أنك اعتدت على القائمة السوداء ؟! "

ضيق المعني عيناه وهو يمسك به من أذنه :" إلى الفصل حالاً تداشي أو سأطلب من والدك الحضور "

نطق بألم :" أنت تمحو أي فرصة لك بالخروج من القائمة ! و فقط ألا يكفي أنني وثقت بك و بقدومك هنا ؟ "

تركه لينطق بابتسامة :" أجل و أنا ممتن لهذا و الآن هيا اذهب للفصل حالاً ! وانتما ايضا تحركا "

تجهمت ملامح هوشي و هو يعده بأن هذا الفصل بأكمله لن يخرج من قائمته بينما سار معلمه خلفه يضحك بخفة على تصرفات تلميذه و من خلفهم انحنت تلك الفتاة ليوشي وهي تنطق بصوت خافت بالكاد سمعه :" شكراً لمُساعدتك "

قبل ان تنطلق لفصلها ، و هو راقبها بهدوء اسم أسرة يوري هو سمع به بمكان ما و ربما كان هذا ما جذبه للتدخل من البداية لكن أين سمع به حقاً ؟!

بالنهاية هو قرر تجاهل ذلك حالياً و لوقت قصير و الانطلاق لفصله فأمامه يوم طويل كما أنه عليه أن يثبت لوالده أنه قادر على التعلم بسرعة ، و ربما يطلب منه زيارة والدته ؟

بأي حال هذا اليوم لازال ببدايته كحال هذا الفصل الدراسي و من يعلم حقاً أي تغيرات هي هذه التي قد تطرأ على تلك الأسرة المُشتتة أتعيد لم شملهم أم تفرقهم أكثر فأكثر ؟!

~ نهاية الفصل ~

حسناً رسمياً هذا الفصل هو ما قبل الأخير ...
اعتذر على الاخطاء إن وجدت به فلو قمت بمراجعته لأخذ الأمر وقتاً أطول و بالكاد حقاً أكملت الفصل 😶💔

سأبذل ما بوسعي لختم الرواية خلال أسبوع أو أسبوع و نصف و ان لم أستطع فأعتذر منكم حقاً ...

بحفظ الله و رعايته حتى القادم 😶❤ ...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top