الفصل الرابع
لم يغادر آيكو مكتبه منذ شجاره مع والدته صباحاً ، وبالمساء قامت الخادمات بوضع طعام العشاء بينما تقدمت إحداهن وهي تتحدث بتهذيب:" السيد آيكو لا يريد تناول العشاء , ولذلك أتمنى أن تتناولوا طعامكم "
تنهد سوزوكا ونظر إلى زوجته بحنق أما هوشي فقد غادر المائدة ولم يجب على نداء جده .
نظر سوزوكا لزوجته مجدداً وهو يتحدث:" أيعجبك الأمر الآن ؟"
أجابته بكل حدة :" يريد أن يعيدها أتتخيل ؟"
تنهد بملل وهو يجيبها:" إنها والدة أبنائه وهو يحبها فماذا تريدين لإبنك غير السعادة"
إنتفضت وهي تنطق بإستياء :" أنا أريد السعادة له ولذلك لن أقبل بذلك "
أجابها وقد تخلل بعض الحزن صوته :" لقد كانت مهذبة معك دائما"
نظرت له بإستياء وهي لا تفهم السبب الذي يجعل الجميع يدافع عنها كما لو أنها الفتاة الوحيدة على وجه الأرض :" دعك منها الآن ولنتناول الطعام ."
وعند المكتب كان هوشي يطرق على باب المكتب بقوة إلا أن آيكو لم يجبه ، لذا نطق بصوت مهزوز :" أبي , أبي , إفتح لي الباب أرجوك ."
لم يجبه سوى الصمت فقط ليردف هو بقلق :" هل أنت نائم ؟ "
أجابه أخيراً بصوت هادئ لكنه يفيض بالحزن :" دعني وشأني فحسب "
هو لم يكن ليستسلم بهذه السهولة لذا نطق بسرعة ولهفة :" أبي هل أنت بخير ؟ لماذا غضبت هكذا ؟"
مرة أخرى عاد الصمت ليحلق على الأرجاء ليعود هوشي للحديث بنبرة أقرب للبكاء
: " أبي أرجوك دعني أدخل , إفتح لي الباب"
أجابه بصوت مخنوق فهو يريد أن يعزل نفسه فقط لتصفية أفكاره :" قلت لك إذهب"
دموعه بالفعل إنهمرت بغزارة وهو يتحدث :" حسنا لن أزعجك ولكن إن شعرت بأي شيء أو ألم أخبرني أرجوك فقط ناديني."
أجابه آيكو بهدوء و إقتضاب :" حسناً"
بدء هوشي بالبكاء بصمت ثم جلس بالقرب من باب المكتب
فما يحدث الآن له أعاد له ذكريات آليمة للغاية وأجبرته على الخوف بشدة .
بتلك الليلة المظلمة كان هوشي في الخامسة من عمره ، وقع شجار حاد بين والده وأحد الشركاء المهمين له , كان هنالك ضغط هائل على عاتقه فهو كاد أن يفقد شركته بالكامل , بذلك الوقت هو غضب للغاية وحبس نفسه بمكتبه بكل هدوء , يومان كاملان لم يجب على أي أحد ولا حتى الطفل ذو الخامسة الذي إلتصق بباب مكتب والده باليوم الثاني دون أن تتمكن أي مربية أو خادمة من إبعاده !
بنهاية اليوم الثاني حضر والداه للقصر بإستدعاء من كبير الخدم ليحطموا الباب ويجدوه أرضاً فاقد للوعي , تم نقله للمشفى بسرعة وقضى هناك ما يقارب الشهر بغيبوبة , هو بدى كمن لم يرغب بالإستيقاظ مجدداً !
جده أخذه عدة مرات لزيارة والده بالمشفى وصورته بين الأجهزة ونومه العميق كما كان يظن وقتها لم تفارق مخيلته مطلقاً .
لم يعلم الصغير متى تسلل النوم إليه بالقرب من باب المكتب إذ مرت عدة ساعات من حبس آيكو , بتلك الأثناء مر جده من أمام المكتب ليجده نائماً هنا فكر بأن يحمله إلى غرفته ولكنه عدل عن رأيه وطرق على باب المكتب بهدوء لينطق بسكون حتى لا يوقظ النائم :" آيكو بني"
وكما تصور تماماً لم يأته أي رد من إبنه فهو يدرك حجم حُب طفله الوحيد لزوجته السابقة ومدى تعلقه بها منذ طفولتهما ! هو حاول تلطيف الأجواء وإبعاد هانا عن زوجته لفترة من الوقت لكنه فشل بالنهاية من حماية الأسرة التي تفككت بالكامل , هي تمتلك كبرياء فظيع منعها من البقاء بمنزل زوجها بعد أن طردتها والدته منه !
وبالنهاية طلبت من آيكو أن يستمع لوالدته وأخبرته بأنها والدة أيضاً ولو أن أحد أطفالها تركها لأجل فتاة ما لحزنت بشدة وتحطم فؤادها ! هي أنقذته بالواقع من الإختيار بينها وبين والدته , لكنه مستاء لحال إبنه وحفيداه اللذان لا يعلمان عن أي شيء , هو حتى لا يعلم عن حالة حفيده الآخر فهانا رفضت أي مساعدات مالية منهم متناسية أن لصغيرها حق بمالهم !
تنفس بعمق وهو يخرج من تفكيره لينطق بشيء من الحزن :" عزيزي عليك رؤية إبنك إن كنت مستيقظا فأجبني "
تسلل القلق لقلب آيكو الذي نطق بخفوت :" ماذا ؟ هل حدث شيء ما له ؟ "
هو قالها بينما ينهض من مقعده الجلدي الفاخر و يتجه للباب لفتحه بينما إنساب صوت والده له مرة أخرى :" أُخرج لترى الأمر بنفسك"
فتح الباب بلا أي كلمات أخرى ليفاجأ بجسد صغيره الذي مال عليه بعد أن كان مستنداً على الباب , هو حدق به بقلق بينما يرى علمات التعب والبكاء على تقاطيع وجهه الصغيرة , تنفس بعمق وهو ينخفض ليمسح على شعره بشيء من الحنان قبل أن يحمله بين ذراعيه ليضعه بفراشه , عندما شعر الصغير بأن أحداً ما يحمله هو فتح عيناه بسرعة لتقع على والده لينطق بقلق :" أبي هل أنت بخير ؟"
نظر لصغيره ليبتسم بخفة قبل أن يجيبه :" أجل يا صغيري بخير , لا داعي للقلق "
وضعه بعد نهاية جملته على فراشه وأراد الرحيل ولكن سرعان ما أمسك هوشي به بخوف , ليقطب حاجباه بهدوء وهو يجلس بجواره بينما ينطق :" ماذا يا طفلي؟ "
عادت الدموع لتهدد بالتساقط من عيناه الواسعتان واللتين تنظران له بشيء من القلق و الخوف الطفولي :" أنا آسف حقاً لا تغضب مني أرجوك , لا تغضب من أي أحد بتلك الطريقة وتحبس نفسك بمكتبك "
لم يفهم حقاً سبب جملته تلك لكنه حاول أن يزرع القليل من الطمأنينة به وهو يحتضنه بخفة :" صغيري أنا بخير حقاً "
أومئ سلباً وهو يجيب بسرعة :" ولكن الطبيب قال أنك مرضت في المرة الماضية لإنك غضبت بشدة ولم تعلم كيف تنفس عن غضبك"
نطق آيكو بكل دهشة :" هل مازلت تتذكر ما قاله الطبيب حتى الآن ؟ لقد كنت طفلاً فقط "
أجابه وقد إنهمرت دموعه بنبرة صادقة للغاية :" أجل , إن رغبت قم بضربي عندما تغضب لتنفس عن غضبك , حتى لو لم أكن أنا السبب "
صدم آيكو من كلام صغيره للحظات ولكنه سرعان ما تدارك نفسه وقام بتقبيل هوشي على جبينه وأحتضنه بينما يفكر منذ متى طفله يحبه لهذه الدرجة ؟
أبعده قليلاً ليتحدث بحنان شديد :" لا , لن أقوم بذلك ابداً ومن ثم لا تخف أنا بخير حقاً إتفقنا لا تقلق لشأني أبداً"
عبس قليلاً غير مرحب بما نطق والده به للتو , لكن ماذا عساه يفعل ؟ شعر والده بحيرته ورغب بإخراجه من أفكاره التي تؤرقه لذا نطق بإبتسامة :" هل تناولت طعام العشاء ؟ "
أومئ سلباً ليحمله آيكو بين ذراعيه وهو ينطق بمرح :" إذاً لنتاوله معاً ! "
شقت الإبتسامة وجه الصغير وهو يومئ إيجاباً بسعادة كبيرة ويتشبث بوالده أكثر , إتجها للمطبخ معاً حيث قرر آيكو أن يصنع العشاء بنفسه بينما يتحدث :" صحيح إمتحناتك ستبدأ قريباً "
ظهر التهجم على وجهه وهو ينطق :" أجل بعد غداً ستكون هناك مراجعة مملة وبعض المحاضرات التي سيلقيها المعلم علينا ! "
أبعد التهجم عن وجهه بينما يردف بحماس :" على الأقل سنرتاح من المدرسة ! "
أجابه والده بشيء من المكر :" أجل سترتاح منها لتذهب و تخدم المعسكر "
نفخ وجنتيبه بحركة لا أرادية منه وهو ينطق :" لماذا تفسد فرحتي ؟"
حرك كتفيه بلا إهتمام وهو يجيبه :" أنا لم أعاقبك اليوم أتذكر ؟"
أجابه بإستياء :" لكنك أخفتني عليك وهذا أكثر من كافٍ "
أجابه آيكو بسخرية :" هل هذه عقوبة ؟ حسنا سوف أغادر المنزل ولا أعود إليه كعقوبة لك في المرة القادمة "
نظر لوالده بفزع شديد وهو ينطق :" لا ,لا يمكنك فعل هذا هل ستتركني للخدم ليفعلوا ما يشاؤوا بي ؟ "
هو رغب بالتمادي أكثر لكن وجه صغيره الخائف حقاً منعه من ذلك ليتحدث بحنان مطلق :" لا تخف سوف أبقى إلى جانبك دائماً"
**********
يوشي غادر منزله بسرعة شديدة ليتجه للجبل الذي يتواجد المنجم به , هو بدل ثيابه ليتجه للعمل بحماس شديد , لن يهتم سوى بأنه لن يضطر لتحمل ذلك الفتى مرة أخرى مطلقاً !
بدأ بحمل الحجارة ونقلها , هو كان يشعر بأن ظهره قد يقسم لنصفيين بسبب ثقلها لكن هل هذا أهمه حتى ؟ لا , لم يهمه أي شيء سوى أنه تحامل على نفسه لإنجازه وهو يذكر نفسه بكل مرة يتعب بها بغايته و أهدافه ليشحذ همته ويعود للعمل بكل نشاط .
بعد خمس ساعات من العمل المتواصل , هو جلس على الأرض بينما أنفاسه تخرج بإضطراب شديد , العرق يتصبب من مختلف أنحاء جسده الصغير وكفي يداه الصغيرتان جرحتا بسبب ثقل الحجارة , تنفس بعمق وحاول إستجماع طاقته حتى لا يتأخر وتقلق والدته أكثر , أولاً هو غسل نفسه بنهر قريب من المنجم وإرتدى ثيابه القديمة , ليبدأ بالسير نحو منزله .
وجد والدته تجلس على الأريكة بغرفة الجلوس ليطل برأسه فقط وهو يتحدث بمرح :" لقد عدت ! "
حولت نظراتها له لتتحدث بقلق :" أي كنت يوشي ؟"
أجابها بإبتسامة هادئة :" بمكان قريب لا داعي للقلق أنا بخير ! والآن تصبحين على خير أنا أشعر بالنعاس "
هي أومأت له بينما عيناها كانت تحدق بمكان وقوفه قبل لحظات , هي لا تفهم ماذا حدث هنا مطلقاً ! منذ متى وصغير ها يتأخر بالعودة أو يغادر المنزل لمكان غير منزل شقيقتها ؟!
أعادت بصرها للمغلف الذي أمامها لتتنهد بتعب , هل عليها القبول بهذا العمل حقاً ؟ صحيح أنه سيجعلها وصغيرها بوضع أفضل لكن .. عضت على شفتيها بكل إنزعاج فحتى العمل مع تلك الأسرة المزعجة أهون لها من العمل بهذا الفرع الجديد لتلك الشركة !
***********
أشرقت أشعة الشميس معلنة عن بداية يوم جديد يحمل الكثير من الأحداث بطياته للجميع , إستيقظ هوشي به بكل هدوء وتعب بينما لا يزال يتثائب بكل قوة فهو سهر بالأمس لوقت متأخر من الليل , قام بغسل وجهه بالماء ثم نزل للأسفل دون الإهتمام بترتيب شعره المبعثر حتى .
وبالأسفل كان آيكو ووالداه يجلسان على مائدة الإفطار حيث كان الأول يطلع على الجرائد بكل هدوء ريثما ينتهي الخدم من وضع المائدة , هو أبعد أنظاره قليلاً لينظر لصغيره الذي نطق بنعاس :" صباح الخير "
أجابه والده بتهكم :" مظهرك يوحي أنك ذاهب للنوم مجدداً ! "
عبس قبل أن يجيب بحنق :" كيف لك أن تكون بهذا النشاط وأنا نمت قبلك حتى بالأمس ! "
أنهى جملته ليعود لتثاؤب بينما ضحك الثلاثة عليه بخفة , عندما جلس بجوار والده كالعادة حدق بالأجواء أولاً ليتأكد أن كل شيء بخير بعد ما حدث بالأمس وهو وجد أن كل شيء طبيعي , فجده يقوم بشرب الشاي بينما جدته تحدق بوجهها وهي تضع بعض مساحيق التجميل , أما والده فهو غارق بالأشياء المملة كالعادة .
نظر آيكو له عندما تنهد بينما ينطق بهدوء :" إذاً بما أن بعد الغد سيكون أول إمتحان لك , لنناقش خططك الدراسية ! "
تجهم وجهه أولاً لكنه بعد فترة كاد أن يطلق ضحكة صاخبة وهو ينطق :" مخطط ماذا ؟ أنا أخطط لما سأفعله بعد نهاية الكوابيس لا لها ! "
تنفس آيكو بعمق وهو يتحدث :" أجل توقعت شيء كهذا لذا أنا خططت بدلاً منك ! لذا منذ اليوم أنت لن تشاهد التلفاز و لن تلمس الهاتف , ولا يسمح لك باللعب بالألعاب الإلكترونية , و أجل لن تغادر غرفتك إلا لغرفة الطعام والمكتبة ! "
رمش هوشي عدة مرات وهو يعيد أوامر والده ويعدها على أصابعه قبل أن ينطق بسرعة وإنفعال :" ماذا ؟ هل أنا معاقب ؟ لا يمكنك فعل هذه بي ! "
تدخل جده بهذا النقاش وهو ينطق بإستياء :" أهو بسجن آيكو ؟"
تنهد بملل شديد وهو يجيب :" أعلم أن التفوق أمر مستحيل ولن أطلبه منه , ولكن على الأقل علي ضمان نجاحه ! هو لازال بالمرحلة الإبتدائية ومع هذا لديه عدة مواد يرسب بها ! فما بالك لاحقاً ؟"
أومئ الجد وبدى عليه شيء من الإقتناع بينما نطق هوشي بكل براءة ممكنة :" أعدك بالفصل القادم لن أكون بهذا المستوى لذا أعد حريتي لي ! "
رق قلب الجد سريعاً ليتحدث :" هل سمعت هو سيجتهد لذا أعطه فرصة "
نظر آيكو لوالده بحاجب مرفوع قبل أن ينطق :" أبي أتذكر ما كنت تفعله بي لأجل الدراسة ؟"
أجابه بسرعة :" أنت لست حفيدي ! لا يمكنني رؤيته يعاني ! "
كرر آيكو بصدمة :" يعاني ؟! حقاً أبي "
هوشي كان يحدق بهما بهجوء وحماس فهو يعلم أن والده لن يعصي أوامر جده مطلقاً , تدخلت جدته وهي تتحدث :" سوزوكا توقف عن التدخل بتربية آيكو لصغيره "
عبس هوشي وهو ينظر لها بإستياء شديد , بينما رفع آيكو أحد حاجبيه ولم يمنع نفسه من السخرية بداخله على أنها عليها أن تترك له حريته بالحياة أولاً .
تجاهلها زوجها وهو يتحدث بعتاب :" لا أصدق أن إبني يعصي أوامري ! كم هذا مؤلم "
نظر لوالده بإستسلام وإن كان يعلم أنها مجرد تمثلية لكنه نطق بملل :" حسناً لمدة ساعتين يومياً فقط ولأجلك ! "
هتف هوشي بكل سعادة بينما أجابه سوزوكا :" هذا أفضل من لاشيء "
أعاد آيكو أنظاره لطفله بينما يتحدث :" أنهي إفطارك وتوجه للمدرسة "
هو نطق بإنزعاج :" ألا يمكنني التغيب اليوم ؟ أخبرتك بالأمس فقط مجرد محاضرات مملة وبعض المراجعات "
أجابه بحده :" هوشي للمدرسة "
أراد الإعتراض إلا أن جده نطق بعزم :" وماذا ستفعل بالمنزل ؟ إذهب للمدرسة وإنتقم من كل من أزعجك خلال هذا الفصل ! "
سعل آيكو بقوة قبل أن ينطق بصخب :" لا تقم بإفساده أكثر أتوسل لك ! "
وقبل أن يعي أي شيء هو صرخ بألم وفرك مؤخرة رأسه بينما ينطق :" أتقول أن والدك يفسده ؟! يا لها من تربية ! "
أجابه بألم :" أنت تضربني أمامه أيضاً ! كيف سيحترمني حقاً ؟"
نظر هوشي لوالده ونطق بمرح وبراءة :" لكنني أحترمك دائماً يا أبي ولو مهما حدث ! "
إبتسم آيكو لصغيره وهو ينطق :" لا بأس يمكنك البقاء بالمنزل ولكن بشرط ستبدأ بالدراسة منذ الآن "
شهق هوشي بينما نطق بسرعة وهو ينهض :" كنت أود ذلك ولكنني تذكرت أن المعلم يريد أن يعطينا مراجعة هامة لمادة أنا لم أفهمها جيداً بالسابق لذا سأذهب ".
ثم غادر المائدة إلى الطابق العلوي وقام بتبديل ثيابه بسرعة وغادر المنزل , أما آيكو فقط بقي يضحك عليه لفترة .
نظر والده له من طرف عينه وهو ينطق :" هذا خداع ! "
أكمل آيكو ضحكه قبل أن ينهض بينما ينطق :" علي الذهاب للشركة الآن , شكراً لكما على تواجدكما هنا حقاً ! أشعر بالراحة عندما أعلم أنكما ستقضيان بعض الوقت معنا لاسيما على هوشي بدلاً من بقائه بمفرده "
***********
إستيقظ الصغير بجسد محطم تقريباً بينما يصارع لأجل النهوض من الفراش , هو ظن أن الألم سيختفي بعد أن يرتاح قليلاً لا أن يتضاعف هكذا !
بدل ثيابه بكسل على غير العادة وإتجه للمطبخ لتناول الإفطار وهو وجد والدته تجلس بشرود ليتحدث بصوت هادئ لا يخلو من التعب :" صباح الخير أمي "
نظرت له لترمش عدة مرات قبل أن تنطق بقلق :" يوشي صغيري هل أنت بخير ؟ "
أومأ إيجاباً قبل أن يتحدث :" أجل لكنني بالليل لم أستطع النوم جيداً "
هي ضيقت عيناها لإنها بنفسها إتجهت للإطمئنان عليه قبل أن تخلد للنوم وكان نائماً بعمق شديد , منذ متى ويوشي يكذب عليها ؟ هي تشعر بأنه يخفي أمراً ما وهذه ليست من عادته حتى !
هو مد يده ليأخذ بعض الطعام إلا أنها لاحظت الخدوش التي تملئها لتتحدث بقلق :" يوشي ماذا حدث لكف يدك ؟"
هو سحب يده بسرعة ونهض من مكانه بينما يتحدث بسرعة :" سأتأخر عن المدرسة إلى اللقاء "
بدء بالركض للمدرسة وهو يفكر بكيف عليه أن يخبرها بالأمر ؟ هو لا يرغب بأن تعلم فجأة و من شخص آخر لذا سيحاول التفكير بطريقة ما لجعلها تعلم بأمر عمله إضافة إلى إقناعها به حتى لا تجبره على تركه .
*************
أنهى ناو مراجعة بعض الدروس ومن ثم وجه نظر لهوشي الهادئ ليتحدث :" هوشي تداشي , إنه اليوم الأخير لنا بالفصل الأول لذا أيمكنك تجعلني أظن بأنك مع بداية الفصل الجديد ستكون مجتهد أكثر ولن تقوم بالمزيد من المقالب ؟"
لم يستطع هوشي منع نفسه من الضحك بينما يجيبه :" مجتهد ربما سأحاول الدراسة لكن التوقف عن المقالب ! هذا مستحيل من ثم هل تريد تحويلي لشخص مثل هذا الممل ! "
قالها وهو يشير لمن يجلس بمنتصف الفصل ويحرز أعلى العلامات دائماً ومن حظي بشرف الحصول على مقلب منه بالأمس .
نظر الطالب له وهو ينطق بغيظ :" من هو الغبي ؟ أنت مجرد مقعد هنا ونحن لسنا بحاجة لمقعد إضافي ! "
بعثر ناو شعره بسخط لإنه سأله حتى قبل أن ينطق :" ساتورو لا تتحدث معه هكذا ! "
ومن ثم وجه نظره لهوشي لينطق :" وأنت لا تنعته بالممل أو المغفل ! "
أومأ هوشي على مضض وهو ينطق :" أمرك , كما تشاء "
لم يصدق ناو حقاً ما سمعه لينطق مجدداً :" هل قلت لي كما تشاء و أمرك ! هذا حقاً يعطي شعور بأن هناك أمل بالمستقبل ! "
شعر هوشي بالإهانة لسبب ما ليتحدث بنفسه :" الحق علي أنني إحترمتك أساساً , لا فائدة سأعيدك للقائمة الخاصة بي "
*******
وبإحدى الشركات الضخمة هو جلس بينما يحدق بالصورة لأسرته قبل أن تتفرق بينما ينطق بهمس :" لا أريد لأسرتي البقاء مشتتة هكذا ! إما أن تعود أو .."
صمت تماماً وهو يضرب جبهته بكف يده بخفة بينما يتحدث بإستياء :" بدأت أفكر كأمي !"
هو نهض وحطم كأس الماء ثم عاد للجلوس والعمل بينما عقله شارد تماماً .
********
هي نظرت لمن تقف خلف الباب بصدمة شديدة فآخر ما توقعته أن تزورها والدة ذاك الطفل والذي تسببت بطردها من عملها , تحدثت تلك المعنية بكل برود وغرور :" لا حاجة لأن تدعيني للداخل لإنني أرفض ببساطة الدخول لمنزلك المقرف لكن هناك أمر علي إخبارك به !"
هي قطبت حاجباه بعدم فهم لتردف المرأة ذاتها :" لا أصدق أنك سمحتي لطفلك ذو الثامنة من العمر بأن يعمل ! إن كنتي تظنين أن صاحب العمل ثري ولن يقع صغيرك بمشكلة فإعلمي عزيزتي أننا أعلى شأناً منه ! وبالنهاية يوشي سيتم أخذه منك وتسحب حضانته "
إتسعت عيناها وهي تربط التغييرات التي حدثت مع يوشي منذ الأمس لتفتح فمها بصدمة بينما ألقت تلك المرأة نظرة ساخرة عليها وهي تظن أنها حققت ما جاءت لأجله وهي إذلالها أكثر فقط ! .
*******
بعد نهاية اليوم الأخير بالمدرسة قبل الإمتحانات تململ هوشي بمقعده وهو ينطق بسخط :" وأخيراً إنتهى المعلم من الثرثرة ! هذا اليوم ممل للغاية لم أقم حتى بمقلب واحد ! أظن أن جدي سيوبخني اليوم . "
سار بعدها بخطوات هادئة حتى أوقفه صوت ساتورو وهو ينطق :" مهلاً لحظة يا عديم الفائدة ! "
نظر له هوشي بإنزعاج وهو يجيبه :" ماذا تريد ؟ "
تحدث بسخرية :" ألن يتزوج والدك مرة أخرى ؟ فأنت بحاجة لمن يقوم بالعناية بمستواك العقلي وهذا الشخص هو والدتك وبما أنها تخلت عنك فأنت بحاجة لزوجة أب شريرة تجعلك متوحداً "
قطب هوشي حاجباه بضيق شديد بينما ألقى بحقيبته أرضاً وهو يستعد للإنقضاض على الواقف أمامه وتهشيم وجهه , لكن تدخل المعلم الذي وقف بينهما حال بينه وبين هدفه ليتحدث :" هوشي إهدأ "
هو حرك رأسه سلباً ليصرخ :" إبتعد ودعني أقم بقتله لأخلص العالم من الحثالة أمثاله الآن ! "
نظر ناو لعينا هوشي التي ملئتهما الدموع لينخفض بينما يمسح على شعره بهدوء :" أنا سأتصرف معه لا تهتم أنت يا صغيري وعد لمنزلك فالسائق بإنتظارك منذ فترة "
حدق هوشي بمعلمه قليلاً قبل أن ينطق :" لا بأس لكن لا تجعلني أندم أنني وثقت بك ! "
هو أنهى عبارته ليغادر المكان بما أنه ليس مستعداً ليجعل الفتى يرى دموعه ونقطة ضعفه الوحيدة , توجهت أنظار ناو لساتورو ليتحدث :" وأنت لغرفة المدير بلا أي نقاش ! إجتهادك مذهل و أحب حماسك لكن هذا لا يسمح لك مطلقاً بالتدخل بشؤون الآخرين ! "
*********
وضب حقيبته على عجل لينطلق بسرعة حتى لا يرى أي أحد فهو مرهق وللغاية ويرغب فقط بالنوم عدة ساعات قبل موعد عمله , وصل للمنزل لتستقبله والدته التي تقف بالردهة وملامح وجهها غاضبة للغاية , هو كاد أن يتحدث عندما هي أمسكته من ياقته لتنطق بغضب :" من طلب منك العمل يوشي ؟ "
إبتلع رمقه بتوتر فهو لم يرد لها أن تعلم من شخص آخر مطلقاً , إكتفى بالصمت لتصفعه هي بقوة بينما هو تجمد بمكانه من الصدمة , صرخت بإنزعاج وخيبة أمل :" أنت طفل ! لماذا لا تتصرف هكذا ؟ يفترض بك اللعب فقط , أعلم أنك تريد مساعدتي ولكن هذا مؤلم للغاية , يمكنني تدبر أمري دائماً "
هو أجابها بصوت باكي :" لكن هذا ليس عدلاً , لا أريد لك العمل مع هؤلاء مطلقاً ! يمكنني المساعدة يا أمي "
أجابته بحزم شديد :" يوشي إذهب لغرفتك حالاً وأقسم إن غادرتها اليوم لن أتحدث معك مجدداً مهما يحدث لاحقاً "
هو إنطلق لغرفته ليبدأ بالبكاء بينما إستندت هانا على الحائط وهي تفكر بماذا عليها أن تفعل كخطوة ثانية ؟
**********
دخل هوشي إلى منزله وصعد إلى غرفته وبدء بالبكاء دون أن يتحدث مع أي أحد أو أن يجيب على أي سؤال من جديه سوى بأنه يريد الدراسة والنوم , وهو حقاً فعل هذا حيث أمسك بكتبه بكل هدوء وبدأ بالدراسة حتى حل المساء وعاد والده من العمل .
دخل آيكو للمنزل وإتجه لغرفة الجلوس الواسعة ليجد والديه هناك لينطق بإبتسامة هادئة :" لقد عدت "
أجابه كلا والديه بهدوء :" أهلاً بعودتك "
تقدمت الخادمة لتتحدث :" العشاء جاهز سيدي "
أومئ آيكو لها ليستدير ويصعد لغرفته بحيث بدل ثيابه بعد أن إستحم بسرعة ونزل للمائدة , هو جال بناظريه بالمكان قبل أن يتحدث بتساؤل :" أين هوشي ؟"
أجابته الخادمة بإحترام :" إنه في غرفته وقد قال لي بأنه لا يريد تناول طعام العشاء فهو يريد أن ينام "
هو نظر لساعته التي تشير للثامنة ليقطب حاجباه أكثر بينما يتحدث :" لا يريد تناول العشاء ؟! لماذا يريد النوم منذ الآن لازال الوقت مبكرا ؟"
الخادمة نطقت بشيء من التعجب :" لقد إستمر بالدراسة منذ أن عاد من المدرسة وحتى الآن "
نظر آيكو إلى الخادمة بإستغراب شديد ومن وجه نظره لوالده الذي نطق :" أجل لقد رأيته لقد كان يدرس جيدا أيضا. "
نطق آيكو بعدم تصديق :" هل لازلنا نتحدث عن هوشي ؟! "
تنهد سوزوكا بتعب وهو يجيبه :" لقد كان يبكي عندما عاد من المدرسة ولكنه لم يخبرني بالسبب "
نهض آيكو من المائدة وهو يتحدث بقلق : "يبكي؟! , حسنا سأذهب لرؤيته "
صعد آيكو إلى غرفة هوشي وطرق الباب بخفة قبل أن يفتحه ويطل برأسه أولاً ليراه يستلقي على الفراش بشرود وهذا زاد القلق بقلبه بينما يتحدث :" عزيزي هل أنت بخير ؟"
أجابه بهدوء :" أنا بخير "
جلس آيكو بجواره وهو يمسح على شعره ليرجف هوشي بتردد :" لقد تشاجرت مع أحدهم فقط "
قطب حاجباه بضيق وهو يتحدث :" متى ستتوقف عن هذه التصرفات هوشي ؟"
إعتدل بجلسته بسرعة لينطق :" لست من بدأ بذلك ! "
زفر بغضب وهو يجيبه :" هوشي كف عن الكذب ! بكل مرة تخبرني بالشيء ذاته وأكتشف أنك كاذب "
شد على قبضة يده وقد عادت الدموع للتجمع بعيناه لينطق بإنزعاج :" حسناً كما تريد , أنا كاذب والآن أريد النوم أتسمح بهذا ؟"
نهض آيكو بغضب ليغادر ويغلق الباب بقوة شديدة وما إن كاد يتوجه لغرفته حتى وجد والده ينظر له بإستياء بينما ينطق :" هل حللت المشكلة هكذا ؟"
أبعد آيكو بصره عنه وهو يتحدث :" أتوسل إليك ليس الآن أبي ! "
ومن ثم هو إتجه لغرفته لينام بمحاولة منه لإفراغ عقله من كل الضغوطات التي تتجمع فوق رأسه بوقت واحد !
~ نهاية الفصل ~
أراء ؟ توقعات ؟
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top