الفصل الثامن عشر
إحتضن جسده أكثر وهو يفكر إن كان عليه إستدعاء الطبيب أم لا ! هو لا يرغب بذلك و لا يريد إزعاجهم لكن أسيصرخ به ويوبخه بسبب إخفائه الألم وعدم النوم كما فعل طبيب المخيم ذاك به ؟
أغمض عيناه فور شعوره بدخول أحدهم للغرفة ، تقدم الطبيب بإتجاهه بهدوء ليعبس بخفة بينما يبعد الغطاء عن رأسه وهو يتحدث بهدوء :" ستختنق أكثر هكذا "
أطل يوشي برأسه فقط من تحت الغطاء ليردف الطبيب بخفة :" توقعت حدوث أمر كهذا ! لا تقلق سأعطيك الآن دواء ما يساعدك على النوم حسناً ؟ "
شعر الصغير بشيء من الراحة وهو يرى تعامله الجيد معه ، كما أنه أحب كيف يدرك من أمامه طباعه الخجولة و لا يحرجه أو يتوقع منه طلب المساعدة بنفسه !
*****
أعلنت أشعة الشمس عن حضورها القوي و منذ إشراقها على عكس تلك الأيام المُظلمة بسبب تقلبات المناخ بالأجواء ، وكم بعث هذا الجو المناسب السرور و الحماس بقلب هوشي الذي و فور إستيقاظه جهز حقيبة صغيرة له بها مُعداته لما سيقوم به اليوم !
و بخارج الغرفة عبست يوري وهي تنطق بضجر للمرة الثالثة ربما :" تاكاشي أأنت تستمع حتى ؟ "
هو الآخر ملامحه كانت عابسة و بشدة بينما يجيبها ببرود حانق :" أجل ! ستذهبين مع هانا لعملها اليوم ثم ستذهبان للتسوق وترغبين بجعلي جليس الأطفال لأبنائك و لذلك الشيطان إبن المغفل ! "
تنفست بقلة حيلة بينما تقدمت هانا وعي ترمقه بعتاب :" أيمكنك أن لا تكون مهملاً لهذه الدرجة وتعتني بهم اليوم حقاً ؟ "
إزداد عبوسه و هو يتمتم :" مشكلتي ليست مع أبناء يوري بل مع المزعج الصغير ! ألا يمكنك أخذه معك ؟ "
هي نطقت بسرعة :" مُستحيل ! هي شركة كيف تريد مني إصطحاب طفل معي ؟ "
أكملت بداخلها لنفسها :" بل و هوشي أيضاَ ! هو سيقلب الشركة و ينتهي الأمر بطرد كلانا ، لن أتوقع الأقل من تربية عمي سوزوكا مطلقاً "
بتلك اللحظة تنهد تاكاشي بإستسلام تام لينطق بيأس :" حسناً لا تقلقي أعدك سأبذل وسعي لئلا أقتله "
ضمت هانا قبضة يدها بشيء من الغضب بينما نطق هوشي بمرح :" أنا اليوم بمزاج جيد لذا يمكنك قول ما ترغب به ، خالي العزيز "
حدقت هانا بصغيرها بحاجب مرفوع قبل أن تنطق :" لا تسبب المشاكل لخالك و إبقى بعيداً عنه فقط "
أومئ بطاعة وهو يجيبها بينما يتجه للجلوس على الأريكة بجوار أبناء خالته :' لا تقلقي لدي الكثير من العمل "
تبادلت هانا وشقيقتها النظرات بقلق بينما نطق هوشي بسرعة :" أقصد ، تعلمين الواجب الصيفي علي إنجازه فقد تأخرت به حقاً "
تنفست بعمق لتغادر المنزل بينما و دون إتفةق مسبق كلتاهما قررتا إلغاء حفلة التسوق لوقت لاحق و آمن ربما ؟
أما بالداخل فقد عاد تاكاشي لتقليب محطات التلفاز قبل أن يجد نفسه مُحاطاً بأبناء شقيقته الصغرى و يترأسهم إبن هانا !
هو حدق بهم تحديداً للصغيران ذوي الخامسة و الرابعة من العمر بحذر لينطق :" ماذا تريدون ؟ "
أجابه هوشي بإبتسامة واسعة عابثة :" الذهاب للمزرعة الخاصة بالقرية ! هناك عرض ما اليوم على أرضها و نريد مشاهدته "
كرر الصغار خلفه كلماته بحماس طفولي ليحدق بهم بإستياء وهو ينطق :" لن يذهب أي أحد لأي مكان يمكنكم اللعب بالمنزل فحسب "
الصغيران بدأ كلاهما بالبكاء بصوت مرتفع بينما تشبث ذو السادسة من عمره بخاله ووقف هوشي أمامه وهو ينطق برجاء :" نريد أن نتنزه قليلاً أرجوك خالي وافق ! "
الإزعاج هي كلمة لا يطيقها و لا تتواجد بقاموسه حتى ! كم عام قضاه بهدوء دون أي صوت ؟ فقط ظلام دامس ؟! و الآن هو محاصر من قِبل الكائنات التي لا تُجيد فعل شيء سوى إزعاجه !
تنفس بعمق وهو يشعر بالندم على موافقته لرعايتهم بل لقوله أن أبناء يوري أفضل ! هو مغفل و كان عليه أن يأخذ بالحسبان أن الشيطان الصغير قد يحولهم من أطفال وديعين لآخرين مزعجين.
هتف بحدة :" هذا يكفي !"
إختبئ الصغيران خلف هوشي و شقيقهما ذو السادسة من العمر ليردف تاكاشي بحده :" تباً ! لا بأس نصف ساعة و أقسم إن لم تكونوا مستعدين للإنطلاق خلالها سأنسى تماماً الأمر مفهوم ؟ "
بدت البهجة على وجوه الأربعة الصغيرة لينطلقوا جميعاً و بسرعة لجمع الأدوات التي تم الأتفاق عليها مُسبقاً و تبديل ثيابهم .
******
وقف من موقعه وهو يهتف بإستنكار :" اليوم مساءاً ؟! الطبيب لم يحدد موعد خروجه بعد "
تنفست بعمق وهي تجيبه بتوتر :" هو قال أنه سيأتي لأخذه مساء اليوم ! لما لا نخبره بالحقيقة فقط عليه أن يعلم أن هوشي بالمشفى لا يمكننا إخفاء الأمر "
جلس على مقعده مجدداً بينما وهو يفكر بعمق ، ربما عليه حقاً إطلاع آيكو على حقيقة ما يجري بالكامل ! ربما عليه الذهاب و الحديث مع الطبيب أولاً ، إن وافق على إخراجه ستحل المشكلة و إن لم يفعل يعلم آيكو بالحقيقة فحسب !
*****
قطب حاجبيه بضيق بينما يبعد الصور من بين يداه لينظر للواقف أمامه محاولاً إستكشاف سبب طلبه وهو ينطق :" أيمكنني معرفة سبب هذا الطلب سيد تداشي ؟"
هو نظر مُباشرة لأعين الطبيب الذي تحدق به بإتهام واضح ليجيب :" إن كنت ترى أن الأمر لا يمكن حدوثه فلا تبالي سأخبر والده فقط "
تنفس الطبيب بعمق وهو ينطق :" ليس الأمر كذلك ، لكن سيدي تذكر أنها ثاني مرة يصاب بها الصغير بإلتهاب و متتابعة اي لم يكد يُشفى من الأولى حتى تجدد المرض ! قد يصاب إن حدث له أي خلل بمرض أسوء ! يمكنه المغادرة كما ترغب و لكن عليك أن تحرص و بجد على عدم حدوث أي أمر يمنع علاجه "
زفر سوزوكا الهواء بحيرة ، هو بنفسه غير واثق من كيف ستكون ردة فعل إبنه إن هو إكتشف الحقيقة بوقت كهذا ، زواج تم إجباره عليه و غيرها ستجعله أشبه بقنبلة موقوتة و لا يريد أن يكون الصغير هو من يتم التفجير بوجهه .
إتجه للصغير الذي كان نائماً بهدوء ليبعثر له خُصلات شعره بحنان , بالنهاية هو أمسك بيد حفيده لينطق بتفكير :" ماذا يجدر بي أن أفعل !؟ ربما هذه هي مساوئ أن تكون الأب الذي لا يجيد التعامل مع إبنه أو فهمه حقاً ! إن أطلعته على الحقيقة هل سيغضب الآن مع كل هذه الضغوطات حوله ؟ واثق أنه .. "
لم يكمل كلامه بسبب صوت الصغير الذي نطق بتعب وببحة النوم :" هو سيشعر بالقلق و الندم ! لن يكون بخير إن علم الآن فقط أنني بالمشفى ستكون ردة فعله هادئة من الخارج لكن من داخله لا "
إتسعت عينا سوزوكا بصدمة ليسعل يوشي بخفة قبل أن يتحدث :" أعدك سأعتني بنفسي جيداً ! فقط دعني أعد للمنزل الآن "
نظر الجد له بنظرات حائرة لكنه ما لبث أن إتخذ قراره بالفعل , سينتظر حتى تهدأ أوضاع صغيره أولاً ثم يخبره بالحقيقة فبكل حال ما تبقى للمدارس مجرد أسبوع ! وعليه أن يعلم قبل إعادة تبادل الصغار حقاَ ! .
******
هو نطق بملل شديد بينما ينفخ من سيجارته :" أخبرتك بما لدي هانا ! أنتي من وقع العقد صحيح ؟! أنا كنت مُهتماً بك لأجل منافسة آيكو ! و الذي أعلم أنه لازال يحبك فهذا كان واضح من وجهه بحفلة زفافه لكن الحظ ليس برفقته لذا أرغب بإزعاجه أكثر , ليس و كأنني مهتم بك شخصياً ! لكنها منافسة لذا حتى ولو لفترة مؤقتة هانا ستصبحين زوجتي أو سيكون عليكي الإستقالة وتقديم المبلغ المالي الموضوع بالعقد بيننا كتعويض عن إستقالتك المُفاجأة "
حركت رأسها نفياً غير مُتقبلة لما سمعته تواً ليردف هو :" ما هو فرقه عني بأي حال ؟ كلانا نملك نقوداً ! و لا أظن أنني أقل منه وسامة , ولا نفوذ و من يعلم قد نتفق بالنهاية حقاً ونحول الأمر لحقيقة "
هتفت بشبه إنهيار :" هذا مُستحيل ! لا يعقل أن أنسجم معك بأي أمر ! و من ثم أي نوع من المنافسة هي هذه ؟! أنا لن أستقيل من هنا ولن أكون لك مهما حدث "
وقف أمامها بكل شموخ وهو يحرك رأسه سلباً بينما ينطق :" بل ستفعلين ذلك ! هانا توقفي عن المقاومة فحسب فهذا ممل لإنك و بالنهاية ستخضعين لي تماماً , أخبرتك لست مهتم بك لذا على الأغلب هو فقط زواج ورقي لمدة قليلة لتحطيم آيكو فحسب ثم يمكنك الرحيل "
كزت على أسنانها بينما إستدارت للرحيل ليلقي هو آخر كلماته عليها :" أمامك ثلاث أيام لأعلن عن خطوبتنا رسمياً "
أغمضت عيناها لتغادر المكتب و الشركة بينما يوري التي كانت تجلس بمكتبها حتى تنتهي سارت خلف شقيقتها الكبرى بقلق شديد .
*****
تنفس بعمق بينما ينطق بلطف :" أتمنى أن لا أراك هنا مرة أخرى يوشي ! إعمل بجد حتى لا تعود للمشفى مفهوم ؟ أو لن أطون لطيفاً المرة القادمة "
عبس يوشي بخفة وهو يتجه للوقوف بجوار جده بينما ينطق :" وأنا لا أتمنى العودة لهنا حقاً ! "
ضحك الطبيب بخفة لينحني وهو يمد يده للصغير أمامه بينما ينطق :" كوجي , إسمي هو يوري كوجي و يبدوا أنني فشلت بكسب ودك حقاً "
أمسك الصغير بيد الطبيب وهو ينطق بشيء من الخجل :" يوشي , هيتومي يوشي , شكراً للطفك "
إتسعت عينا الطبيب ليحدق بالجد بهدوء قبل أن يبتسم بخفة وقد فهم سبب ما يحدث تقريباً من حوله لينطق بضحكة :" لم أتخيل أن طفل لطيف مثلك قد يخدع أحدهم ! "
شهق بسرعة وهو يومئ سلباً بينما بداخله و مجدداً تمنى لو أن توأمه أمامه الآن ليقتله ! أما الجد فقد نطق بجد :" وريث أسرة يوري المطرود ؟ "
نهض الطبيب ليحدق بالجد بهدوء قبل أن يجيبه :" ليس من اللطيف قول كلمة مطرود ! أنا من غادر المنزل وهم جعلوا الأمر كما يرغبون به ! بكل حال أرجوا أن تعتني به حقاً هذه المرة "
كلاهما صافحا بعضهما البعض ليستدير الجد وحفيده مُغادرين المشفى بينما عاد الطبيب لعمله فحسب , غير عالمين إن كان القدر قد يجمعهم يوماً ما مُجدداً أو لا ! أتكون الظروف إن حدث ذلك كما هي الآن أم أسوء أو ربما أفضل ؟!
*****
جلس تاكاشي يراقب الصغار بملل وهم يلعبون بالكرة ! فكر بأنه ربما بالغ بالحذر فهو و لهلة فقط لمح نظرة عابثة شقية تُطل من عينا الصغير الشيطان كما يلقبه و مع ذلك هو يلعب فقط ببرائة مع أبناء خالته يوري ! لا يعلم لماذا لكن إبتسامة ما لاحت على شفتيه وهو يراقب لعبهم وضحكاتهم معاً , و من سوى الأطفال و برائتهم قادرين على تبديل مزاج هذا العالم المُظلم ؟ يراقبهم الجميع بنظرة بحسد و غبطة ! فمن لا يتمنى أن يكون مكانهم يلعب دون الإهتمام بالحاضر أو الماضي ولا حتى المُستقبل ! فقط يلهون بسعادة بكل مكان ناشرين الإبتسامات لمن حولهم .
أغمض عيناه مُستعيداً القليل من شريط ذكرياته , غرق بعدها ببحر من الأفكار , هو للآن عاطل للعمل و لا يمكنه فقط البقاء و العيش برفقة شقيقته وبمنزلها أو مُتنقلاً بينهما , عليه العثور على عمل و بأسرع وقت ممكن , كز على أسنانه بسخط فهو يوماً ما كان مُهندساً وقد بدأ سيطه يعلو أكثر فأكثر حتى وقعت تلك الحادثة التي أبعدته عن شقيقتاه و العمل وكل شيء آخر !
تمتم بسخط :" فقط تباً لك آيكو "
شد هوشي على قبضة يده عندما سمع همسه ذاك ليعود أدراجه له بعد أن كاد يبتعد عنه فحسب بسبب لمحة الحزن على وجهه و عيناه , هو حتى شعر بالشفقة إتجاهه لإنه لم يشعر بوجوده حتى لكن الآن سحب شفقته تلك بعيداً وقد قرر الإنتقام منه كما خطط !
أول ما فعله هو أنه نطق برجاء مُخرجاً خاله من حالة الشرود تلك :" خالي أنظر ! "
حدق تاكاشي به بإنزعاج وهو يجيبه :" ماذا تريد الآن ؟"
عبس بقوة وهو يجيب :" لقد طارت الكرة لتلك الحظيرة حيث البقر ! "
رفع أحد حاجبيه بضيق وهو ينطق :" أأنت جاد ؟ إما أن يذهب أحدكم لإحضارها أو يمكنك وببساطة إيجاد لعبة أخرى لتلهو بها "
عبس الأطفال الثلاثة بينما تراجع هوشي للخلف قليلاً مُتجهاً لضحيته الأصلية هُنا , فهو واثق أن أبناء خالته أكثر من كافيين لإقناع خاله على النزول للحظيرة.
هو إتجه لحيث أسرة أعدائه الحقيقية بينما إبتسم بعبث وهو يراقب إبنيهما الأحمقان يلهوان هُنا وهناك كالحمقى ! أخرج هاتفه يحدق بالساعة وهو يعد للعشرة و مع كل رقم ينطقه تتسع إبتسامته أكثر فأكثر , حتى وصل لعشرة ليطلق هاتف كل من الشقيقان أمامه تذكير ما !
كلاهما حدقا بهاتفهما بتعجب قبل أن يفتحا تلك الرسالة الصوتية و التي إحتوت على التالي :" مرحباً بكما بالجحيم ! اليوم هناك عروض مميزة فقط لكما أنتما , وبما أنكما قويان ولا تخشيان حتى من قتل شخص ما إذاً ستقبلان ترحيبنا بكما فهل أنتما مستعدان للإنتقال اليوم للجحيم ؟! إن كنتما خائفان فعودا للمنزل و إلا تعاليا أولاً لحظيرة البقر "
صمت كلا الهاتفين معاً لتحدق الأسرة ببعضها البعض بوجوم شديد , و أول من خرج من تلك الأجواء كان الأكبر و الذي نطق بغضب :" يا لها من مزحة فظيعة ! سأذهب فحسب لتحطيم رأس ذلك المتعالي و أجعله يتعلم مع من يتحدث ! "
رفع هوشي يده بإنتصار عندما رآى كيجي و شقيقه يتجهان للحظيرة بالرغم من إعتراضات أسرتهم وهو ينطق بحماس :" بل أنتم من على وشك إكتشاف حقيقة مكانتم يا حثالة ! بل ربما الحثالة أفضل ؟"
هو نطق جملته الأخيرة بتفكير عميق قبل أن ينفض الأفكار من عقله وعيناه تشعان حماسة بينما عاد للركض لخاله و الذي نهض هو الآخر من مكانه مُتجهاً للحظيرة فهو قرر أن نزوله هو أفضل من أحد الأطفال وتعرض أحدهم للخطر ربما ؟!
ملامحه الطفولية كانت تدل على حيرته , فهل خاله حقاً يستحق كما هؤلاء ؟ هو يشتم والده كثيراً لكن هو شقيق أمه أيضاً ؟! ألن تكرهه والدته حينها ؟ هو حتى ليس واثق أن أُمه تحبه ! و لا يثق إن كانت ستتقبل وجوده هو بمنزلها !
لذا وقبل أن يخطوا تاكاشي خطوة واحدة تشبثت يد هوشي به وهو ينطق بينما يخفض رأسه بشيء من الذنب و الذي جعله بتلك اللحظة برأي تاكاشي يبدوا كطفل بريء يجدر بهم حمايته حقاً !
نطق تاكاشي بهدوء :" ما بك ؟"
إعتلى القلق ملامح وجهه قبل أن يتحدث بصوت خافت :" لا تذهب هو فخ ! "
أفرجت شفتيه عن شهقة مصدومة بينما أشاح الصغير برأسه وهو يكمل بسرعة :" آسف أردت الإنتقام على جرحك لي و صراخك على أمي و شتمك لأبي لكن أنت لا تستحق ما سأفعله بالبقية لذا , هل ستسامحني ؟! "
ملامح هوشي النادمة و التي إختلطت مع وجهه الطفولي فقط أجبرته على الصمت و إبتلاع الكثير من الدهشة و الحيرة بآن واحد ! هو لم يتوقع قطعاً أن يفسد الصغير مخططه بيده ! و ثانياً أهو جاد بإظهار هذه الملامح اللطيفة و التي تنم على برائة من شخص كاد يوقعه بمقلب ما تواً ؟!
لكن عقله تخطى كل ذلك ليهت :" مهلاً من هم البقية ؟"
تلك الإبتسامة الشقية عادت لتتربع على شفتيه وهو يمسك بيد خاله يجره خلفه وخلفهما أبناء يوري الثلاثة و الذين تسللوا للداخل حيث كيجي وشقيقه يقف بخفة ودون أن يثيروا الإنتباه بينما الإثنان الآخران بإنتظار من قام بتحديهم بشكل سخيف هكذا !
الثلاثة وبوقت واحد أطلقوا بعض الحجارة على الأبقار قبل أن ينسلوا للخارج وقد ساعد هوشي الأصغر منهم برمي و الإبتعاد من الحظيرة , بكل حاله ما فعلوه جعل الأبقار بحالة من الهيجان لتنطلق بعشوائية شديدة بالمكان ! كيجي و شقيقه الأكبر هربا من أمامهما على الفور وما إن كادت إحداهم تصطدم بهما حتى إبتعدا بعشوائية شديدة قبل أن يتعثر الأكبر و يسحب كيجي معه ليقعا معاً بحفرة مليئة بمخلفات الأبقار !
إمتلئت الضحكات من الأشخاص الذين كانوا يراقبون الأمر بهلع بالبداية وتحول لضحكات صاخبة فور تدخل العاملين و إخراجهما , هوشي كان بالخلف يصور كل ما يحدث حوله وإبتسامته تتسع أكثر فأكثر بل هو بالكاد منع نفسه من الضحك و بقوة لأجل الفيديو فقط !
تاكاشي كان يراقب ما يحدث وقد تراجع عن كل كلمة قالها عن الصغار وبرائتهم تلك ! ومع ذلك هو ما تدخل فقد علم من هانا ويوري ما رآه هذا الصغير بسبب تلك الأسرة لكن ما يدهشه هو أنهما أكدتا له كم أن يوشي فتى مهذب و هادئ ويصبح شرساً وعنيداً عند الغضب وهذا يحدث فقط بحال تجاوز الأمر صبره !
والدتهما التي ركضت لصغيراها للتأكد إن كانا بخير أم لا إبتعدت فور إقترابها منهما لتضع منديل ما على أنفها وهي تنطق بشبه إنهيار :" رائحتكما فظيعة ! وثيابكما ممتلئة بكل هذا القرف ! إذهبا للإستحمام بالنهر و تبديلها فوراً "
نطق كيجي بقلة حيلة وشيء من الغيظ :" لكننا لم نحضر أي ثياب ! "
صرخ الأكبر بإستياء :" إن كنت رجلاً تعال وإقبل مواجهتي الآن ! "
عبس هوشي وهو يجيب بهمس :" لم تكن لتحضر لي الشرطة لو كنت تجيد القتال كرجل عندما حطمت شقيقك صحيح ؟ "
أبعد ملامحه الجادة ليبتسم بخفة :" بكل حال المرحلة الثانية! "
إتجه أكبر أبناء يوري بإتجاه تلك الأسرة وهو ينطق بإبتسامة لطيفة :" خالتي لدينا ثياب إضافية إشتريناها تواً من المتجر يمكنكم إستخدامها ! "
لم تكن لتقبل بهذا بالعادة لكن الآن الوضع لا يطاق حقاً لذا أخذتها منه دون عبارة شكر واحدة حتى ليعود الصغير لهم بوجه متجهم بينما نطق هوشي وهو يبعثر خُصلات شعر الفتى أمامه :" لا تقلق الآن سترى الرقص على حقيقته ! "
نظر له الصغير بحيرة , عم الهدوء المكان بعد توجه الضحيتان للإغتسال و تنظيف أنفسهم جيداً ثم إرتداء ما تم منحهم إياه و عادوا لأسرتهم لإكمال تلك الرحلة الكارثية ومع ذلك لم تعد إلا عدة دقائق حتى بدأ كلاهما بحك جسده وبقوة شديدة وقد ترك ذلك بعض الإحمرار على بشرتهما ليصرخ هوشي من خلف كاميرته :" فظيع هُما مُصابان بالجرب ! "
إنتفض البعض مُبتعداً عنهما وبينهما والديهما قبل أن يأتي صاحب المزرعة و يطالبهم بالمغادرة حالاً حتى لا يبتعد الزبائن قبل بدأ العروض وكسبه للنقود بسبب بعض الإشاعات ! و للمرة الأولى ربما شعر أولئك بالإهانة لدرجة توعدهم لصاحب المزرعة بالإنتقام قبل رحيلهم وكل ذلك سجلته عدسة الصغير !
بالنهاية هو أغلق الغطاء ثم نطق :" والآن لنعود للمنزل خالي لإكمال الجزء الأخير ! "
رمش قليلاً وهو يردد :" الجزء الأخير ؟ "
أومأ إيجاباً بينما يركض بالفعل للخارج وهو يهتف :" إعطاء المقطع لشخص أعرفه والده يعمل كصحفي فضائح ! هو حقاً سيسعد بهذه الهدية ! "
فجأة وجد هوشي نفسه يرتفع عن الأرض بينما خاله ينطق :" أنت ! بحق الإله أنت بالكاد تصل لبداية خصري حتى ! كيف تخطط لكل ذلك ؟ ومن هو الطفل المهذب الذي أخبرتني هانا عنه ؟ لم أخطئ بإعطائك لقب شيطان ! ما كل هذا ؟ "
عبس هوشي بقوة ليتركه تاكاشي وهو يضع يده بين خصلات شعره وهو ينطق :" بصدق أنت تشبه عمك الراحل "
تجمد هوشي بمكانه تماماً لينظر لخاله بصدمة وهو يكرر :" عمي الراحل ؟"
لم يكن تاكاشي بقربه حين نطقه بعبارته الأخيرة لذا لم يسمعه حقاً ومع ذلك آمال الصغير رأسه قليلاً بتفكير وهو ينطق :" عمي ؟! أأنا لدي واحد أيضاً ؟ وراحل أيضاً ؟ أهو ميت ؟ فظيع لماذا لا أعلم بشأنه ؟ "
******
و بمساء ذاك اليوم نطق آيكو بشيء من الإستياء :" أبي ! لماذا لم تخبرني بأمر تلك النزهة ؟"
رفع سوزوكا أحد حاجبيه وهو يجيبه بإنزعاج :" ألا تثق بوالدك ؟ "
بعثر خُصلاته الشقراء وهو يومئ سلباً بيأس قبل أن يلتف بالكامل فور إستماعه لصوت صغيره الذي نطق بسعادة :" أبي ! "
هو نهض من فوره ليحمل صغيره ويعانقه بسعادة , لا يعلم لماذا ولكنه و أخيراً شعر بأن نبضات قلبه عادت لطبيعتها ! قبله على جبينه بخفة قبل أن يجلس و يجلسه بين أحضانه !
هو نطق بهمس بأذن صغيره :" لماذا لم تخبرني بشأن النزهة أيها الشقي ! ؟ "
توتر الصغير قليلاً قبل أن يجيب بصوت هامس لكن مسموع للبقية :" جدي إقترح الذهاب بنزهة ما بدلاً من حضور الزفاف و أنا وافقت "
قلبت سوكي عيناها للأعلى بينما تنطق بشيء من الإستياء و الترفع :" ولماذا هذا ؟ ألم يعجبكما حفل الزفاف أم ماذا ؟ "
حدق بها الصغير بتوتر فهو يقسم بأنها تنظر له بشيء من التحدٍ ! أجابها الجد بهدوء وشيء من المرح :" ليس الأمر كذلك يا إبنتي ما في الأمر أننا هربنا من زوجتي التي رغبت بأن تجبرنا على إرتداء ربطات العنق ! "
وافقه الصغير على الفور بضيق :" أجل هي مزعجة وخانقة للغاية ! "
بعثر آيكو له خُصلات شعره الذهبية بإبتسامة لطيفة فليس وكأنه يهتم حقاً بأمر الزفاف و من حضره ومن لم يفعل !
بالنهاية أخذ آيكو صغيره وعاد الثلاثة لمنزلهم وبهذا ستبدأ حياة يوشي ولأسبوع مع زوجة و الده و التي لا يعلم حقاً على ماذا تنوي ؟
~ نهاية الفصل ~
حسناً بالنسبة لتحديد الأيام فالرواية حدد لها كل خميس و ثلاثاء ,, لكن بصدق لا أعلم عن قدرتي لتحقيق ذلك , بكل مرة أتفرغ يأتي أمر ما مجدداً يفسد كل شيء تقريباً !
لذا آسفة إن لم أتمكن من الإلتزام بموعد محدد ! فقط إعلموا أنه إن تأخرت فالأمر يعود حقاً للظروف وليس إهمال أو أي أمر آخر ... بكل حال قراءة ممتعة
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top