الفصل الثامن

تربع ناو خلف المقود بينما جلس هارو بالخلف وهو يمدد يوشي على جنبه الأيمن بينما يحاول إيقاظه أو تحريكه ، هوشي جلس بالمقعد المجاور لمعلمه و جفنيه أُغلقا بمفردهما ليعلن سقوطه هو الآخر ، حدق ناو به قليلاً لينطق بقلق شديد :" هوشي من فضلك إستيقظ "

لكن لا إجابة و الأسوء هو صوت هارو الذي نطق بشيء من اليأس :" أسرع أرجوك هو لم يعد يتنفس و لو قليلاً "

كز على أسنانه ليسرع أكثر بينما يحاول هارو إسعاف يوشي بكل جهده .

بعد فترة قصيرة من الزمن شعر بها المُعلمين بأنها دهر كامل وصلا آخيراً للمشفى ليسرعا بالطفلين للداخل .

جلس كلاهما بصمت تام وكل واحد منهما يفكر بالسبب الذي دفعهما للتوجه للبحيرة بهذا الوقت المتأخر , بالرغم من أنه ليس وقت العِتاب حقاً , لكن هذا كان أفضل بالنسبة لهما من الجلوس و جعل تلك الأفكار السلبية تعبث بعقلهما .

مضى القليل من الوقت حتى ظهر أحد الأطباء بإبتسامة هادئة وهو ينطق :" الصغير هوشي تداشي أُصيب بحُمى بسيطة وأظنه فقد وعيه بسبب خوفه على الآخر "

صمت كلاهما قليلاً , بينما تحدث بذات الهدوء :" الطفل الآخر يوشي هيتومي لقد كدنا نفقده بالفعل , حالته كانت سيئة فهو قد إبتلع الكثير من المياه مع الأسف , نظن أنه تجاوز مرحلة الخطر أو هذا ما نأمله , بالغد سنتأكد أكثر عن طريق عمل التحاليل له , لكنه سيبقى الليلة بغرفة العناية المُركزة "

عض هارو على شفتيه بإستياء شديد هو توقف عن التفكير بأي شيء آخر سوى صحة يوشي , لا يعلم كيف سيمكنه مقابلة والدته إن حدث له أي مكروه ! من المُفترض أن يكون المسؤول عنه وعن بقية طلاب فصله لكنه أخفق تماماً !

هو مرر يديه بين خُصلات شعره السوداء وعيناه الخضراوتين تُحدقان بالأفق بكل شرود , جلس ناو بقربه وهو ينطق بخفة :" سيكون بخير , فقط دعنا لا نفقد الأمل مُنذ الآن "

مضت تلك الليلة بصعوبة عليهم ولاسيما على هوشي الذي عانى من كوابيس مختلفة بسبب الحُمى التي كانت تحتل جسده بالكامل , فتح ناو عيناه ذات اللون البُني الداكن ونهض بجسد شبه محطم بسبب نومه على كراسي الإنتظار أمام غرفة طالبه بعد أن مُنع هو وهارو من البقاء معهما بداخل الغرف .

نهض من مكانه بسرعة عندما غادر الطبيب غرفة تلميذه لينطق :" هل هو بخير ؟"

إبتسم له وهو يتحدث :" أجل بخير وقد يستيقظ بأي ثانية ! "

أخذ ناو نفساً عميقاً وهو يشعر بالراحة , إلا أنه نطق بشيء من الأسى وقد مرت بذاكرته صورة يوشي بالأمس :" وهل يوشي بخير ؟"

تنهد الطبيب قليلاً ليُثير القلق بداخله أكثر قبل أن يتحدث :" هو لم يصحوا للآن كما أن درجة حرارته لم تنخفض مطلقاً طوال الليل ! وهذا يعطي إشارة سيئة إلى أن مناعة الصغير ضعيفة , لذا نحن نجهزه حالياً لنقوم له ببعض صور الأشعة لنتأكد من أن المجرى التنفسي لديه يعمل بشكل جيد فحتى تنفسه صعب للغاية "

أغمض ناو عيناه بآسى على حالة الصغير بينما صُدم هو والطبيب عندما سمعا صوت هوشي المُنهك وهو ينطق برعب :" أتعني أنه قد يموت ؟"

تحدث ناو بصدمة :" هوشي ! لما غادرت فراشك يا صغيري ؟! لا تقلق حسناً هو سيكون بخير "

تجمعت الدموع بعيناه وهو يحرك رأسه سلباً بينما يتحدث :" لا , أريد أن أراه الآن ! "

جلس معلمه أمامه وهو يمسح له دموعه التي إنهمرت بالفعل بينما ينطق بحنان :" صغيري هو الآن نائم بعمق والأطباء يريدون فحصه أكثر , لذا عندما يستيقظ سآخذك له حسناً ؟"

أومأ سلباً وصوت بكائه يعلو أكثر , هو حتى لا يدرك لماذا يشعر بأن قلبه يرتجف وبشدة , وكأنه هو ليس بخير وعلى وشك الموت , تشبث بقميص معلمه أكثر عندما إحتضنه وتعالى صوت بكائه وشهقاته أكثر , يشعر بإختناق شديد ويريد رؤيته للإطمئنان عليه و كأن كل حياته متوقفة على ذلك , هو فقط نطق بتوسل من وسط دموعه :" أرجوك معلمي , أنا فقط أريد رؤيته ! لخمس دقائق فقط أعدك "

لم يعرف ناو ماذا عليه أن يفعل حقاً , لاسيما وهو يشعر بأن صوت الصغير يزداد إختناقاً ويداه اللتين تتشبثان به ترتجفان بقوة وكأنهما تخوضان سباقاً ما .

نظر الطبيب له بهدوء قبل أن يتنهد وهو ينطق :" سأجعلك تراه لكن بعد أن ننتهي من الفحوصات موافق ؟ وأنت حتى ذلك الوقت سنضع لك مُغذي لتصبح بخير "

هو حدق بعينا الطبيب بعيناه اللتين صُبغتا باللون الأحمر بسبب بكائه ليحاول العثور على الصدق بهما , فهو لا يريد أن يخذله أو يتسبب بنومه دون أن يرى يوشي , فكرة أن يضع له منوم ما أرعبته لذا تراجع وهو يومئ سلباً بينما يتحدث بقلق :" أولاً سأراه ثم ستضع لي المُغذي ! "

نطق ناو بإستياء :" هوشي ! "

أومأ الطفل برأسه مجدداً وهو يتحدث بنبرة باكية :" سأراه أولاً ! لن أسمح لكم بخداعي , لا أريد "

حدق ناو به بدهشة شديدة فهو يعلم أن هذا الصغير عنيد للغاية لكنه لم يره ولو لمرة واحدة من قبل يبكي بهذه الحرقة , تنفس بعمق وهو يتحدث :" أخبرني هوشي ماذا تريد أن تفعل ؟ إستمع لكلام الطبيب و أعدك أنه سينفذ وعده لك "

حرك رأسه سلباً مجدداً , ليجلس على الأرض إنهيار لينطق ناو بقلق :" هوشي عد لفراشك الآن أو أقسم سأتصل بوالدك "

هو نطق بتعب شديد و ألم :" أجل إتصل به ! أبي سيجبركم على جعلي أراه ! "

حمله ناو بخفة وهو يعيده لغرفته بينما هوشي يحاول المقاومة بالنهاية نطق الطبيب بهدوء :" أعدك سأجعلك تراه لكن عندما تتماسك قليلاً "

هو إقترب منه ليغرس بيده إبرة منومة حتى يهدأ قليلاً , ثم ركب المغذي له بينما كان هوشي ينظر له بإستياء شديد و شيء من الألم فهم كاذبون ولم يسمحوا له برؤيته .

*****
عاصفة من نوع مختلف بدأت بإحدى منازل القرية حيث توسعت عيناها بصدمة بينما نبض قلبها برعب شديد ، محاولة قتل لطفلها ؟

نظرت للشرطي بتشوش عندما صرخ بغضب شديد :" ألم تفهمي الأمر بعد ؟ و قعي على هذه الأوراق حالاً "

إنسابت الدموع بغزارة أكبر وهي تنظر للأوراق التي تطالبها بكل قسوة أن تتنازل عن حق صغيرها !

وفوق كل هذا أسرة كيجي فقط وقفت وهي تحدق بها ببرود وإبتسامة منتصرة .

نطقت بإستياء و ألم :" لماذا علي توقيع هذه الأوراق ؟ هذا مستحيل فقط "

نطق و الد كيجي بهدوء :" سيدة هيتومي سيكون من الأفضل لك التوقيع عليها ونعدك بأننا سنعتني بصحة صغيرك جيداً ! ما حدث كان طيش و لعب أطفال لا أكثر "

أومأت سلباً لينطق الرجل بحده :" إن لم تفعلي فسيحدث ما هو أسوء له ! لا تريدين رؤيته جثة صحيح ؟ "

شهقت برعب شديد وهو يردف :" مع الأسف فالعالم مادي هذه الأيام ولن يهتم أي شخص بطفلك بما أنه مجرد نكرة ! أراهن أنكِ تعلمين هذا جيداً ، وأنا كأب لن أسمح بدخول صغاري للأحداث ! و بما أنني ثري يمكنني فعلها بسهولة "

كلماته كانت كالسهام التي تخترق فؤادها بكل قسوة ، هي سمعته من قبل من و الدة آيكو والتي تبدوا حالياً ملاك أمام الواقف أمامها فهي لم تعبث يوماً بحياة الآخرين !

تنهد الشرطي بملل ليعطيه السيد إشارة صغيرة بيده ليتحرك و يلقي بهانا على الحائط بكل قوة لتشهق هي بألم هذه المرة ، صرخ بقوة أخافتها :" قلت و قعي هنا الآن ! "

أمسكت القلم بيد مرتجفة ووقعتها بينما دموعها لم تتوقف عن الإنهمار فهي ولتوها تخلت عن حق صغيرها ، إلا أنها نهضت لتنطق بغيظ و ألم وهم يرحلون :" هو إبن آيكو تداشي صاحب أكبر شركة سياحية بطوكيو ! لا تظن أنه إعلم ستنجوا "

سمعت صوت ضحكهم الساخر منها لتجلس أرضاً وتعود للإنخراط ببكائها و نسيت تماماً ألم ظهرها بسبب تلك الضربة .

*****

مضى الوقت بسرعة نسبية للمعلمين الذين وقفا بإنتظار نتائج الفحوصات والتي أجريت ليوشي , خرج الطبيب وهو يتحدث بشيء من العبوس :" الجراثيم بالبحيرة سببت له بإلتهاب رئوي شديد , بالعادة هو سيشفى بعد ثلاثة أسابيع مع إلتزامه بالمضادات الحيوية ولكن .. "

صمت قليلاً قبل أن يردف بقلق :" هذا الفتى هل مناعته جيدة ؟ عليكم مراقبته جيداً , إن لم تتحسن حالته أو إن ساء وضعه أكثر عليكم بإرساله لمشفى حالاً ! لتجنب أي مضاعفات خطيرة "

أخفض كلاهما رأسيه وهما يفكران فقط بإلغاء هذه الرحلة الكارثية وإعادة الأطفال لمنازلهم , فيوشي الآن بحاجة لرعاية طبية أو عناية والدته به بكل دقة بحيث لا يصاب بخدش واحد حتى وهذا ما عجز كلاهما عن تحقيقه بالرحلة .

وبغرفة هوشي هو فتح عيناه فجأة لينهض من مكانه وهو ينظر حوله بقلق وخوف , عادت الدموع للتجمع بعيناه وهو يذكر ما حدث لينزل من الفراش ويرتدي ثيابه بدلا من ثياب المشفى بعد أن نزع إبرة المغذي من يده بعنف وغادر الغرفة ليهرب قبل أن يجده أحد , لكن من سوء حظه أنه إصطدم بناو الذي هتف بقلق :" هوشي ماذا فعلت ؟! كيف غادرت فراشك ؟"

هو أمسك بيده عندما رآى أنها تنزف بسبب إزالته للأبرة بكل عنف لينطق بآسى :" صغيري لقد أقسمت أنني سأجعلك تراه لما لا تثق بي فقط ! "

هو عاد للبكاء بينما يتشبث بعلمه وهو ينطق :" لكنك سمحت له بأن يحقنني بمادة منومة ! "

حضنه بخفة وهو يحمله بين يديه لينطق بحنان :" حسناً آسف يا بُني , ما رأيك بآن أصطحبك الآن له ؟ "

نطق هوشي بحماس :" أجل أرجوك ! "

أومئ له معلمه ليسير به بإتجاه غرف العناية لعله يتمكن من إدخاله لرؤية يوشي ولو لعدة دقائق .

وبداخل غرفة العناية المركزة إستلقى ذلك الصغير الذي لم يعد للواقع للآن على السرير الأبيض دون أن يتحرك , وهنالك بعض الأجهزة التي تساعده على التنفس متصلة بجسده الصغير إضافة للمغذي المتصل بوريده الأيمن .

*****

وبإحدى الشركات الفخمة بالعاصمة جلس على رأس الطاولة المستديرة و التي تتسع لما يقارب العشرين شخصاً وهو يتأمل الجدران ذات اللون الأبيض وبعض الخطوط السوداء بشيء من الغضب , هو أمسك بالرسالة التي أرسلها له ذاك البغيظ , حدق بباب غرفة الإجتماعات عندما دخلت السكرتيرة الخاصة به ذات الشعر الأشقر الطويل و العينان الزرقاوتين الواسعة بغضب فهو طلب أن لا يرى أي شخص حالياً , إلا أنها تقدمت بكل حال بثقة وهي تنطق :" المعلومات التي طلبتها عن شركة السيد تاتشو "

هي وضعت له المعلومات بهدوء مع كوب من القهوة لتبتسم بخفة بينما تنطق بإبتسامة :" لا داعي لكل هذا القلق سيد آيكو ! فحتى لو نجح الفرع لن يؤثر هذا على سمعتنا أبداً ! يمكنك بناء فرع أيضاً منافس بالقرية لكن بعد مرور نصف عام ربما "

نطق بشيء من الحده الغير مقصودة :" آنسة سوكي أيمكنك فقط تركي وشأني ! لم أطلب رأي أي شخص صحيح ؟"

تنهدت بهدوء فهي تعلم تماماً مزاج مديرها السيء إن تعرض لمشكلة ما بالشركة ! لذا فقط إنحنت قليلاً وغادرت المكتب وهي تفكر لما كل هذه التعابير الغاضبة التي يرسمها على وجهه ؟! فحقاً الأمر لا يستدعي كل ذلك الغضب منه !

فالشركة والأسهم لم تهبط ببساطة ! إذاً لا مشكلة , وهي بالطبع جهلت تماماً أن ذلك الظرف إحتوى على صور لهانا وهي تعمل بالفرع وهذا لوحده أثار حنقه , لما هي تعمل مع عدو طفولته ؟! والأسوء الشخص الذي أراد سرقتها منه قبل زواجهما ؟!

*******

و بالمشفى نطق هارو برجاء :" دعه يراه قليلاً لقد وعدته أنت ومعلمه بذلك ! "

تنهد الطبيب فحقاً من المخالف للتعليمات إدخال طفل للغرف العناية لكنه لا يريد أن يتسبب بإنهيار آخر له !

لذا هو سار بكل هدوء وأخرج للصغير قفازات وكمامة للفم وغيرها من الثياب الطبية ليتأكد من أن لا يصاب بأي عدوى بعد أن طلب منه أن يضع معقم على يديه , إرتداها هوشي بلا تذمر خشية أن يتراجع الطبيب عن فكرة السماح له بالدخول ورؤية يوشي .

وقبل ذلك عقم الطبيب جرحه وضمده جيداً حتى لو كان صغيراً ليتأكد أن لا ينتقل أي مرض للصغير الآخر !

هو سار بخطوات شبه بطيئة بعد أن بدأ يتذكر صوراً من الماضي عندما وضع والده بغرفة مماثلة لما سيذهب لها الآن ! هو شعر بأن سيبكي بأي لحظة لإنه لا يرغب بتخيل يوشي راقد على فراش وكل تلك الأجهزة تحيط به .

وبالفعل إنهمرت دموعه ما إن شاهده مستلقياً بصمت ووجه شاحب بينما هنالك الكثير من الأشياء التي لم يعلم ما هي إلا أنها فقط تعيد صورة والده أمامه !

هو تقدم ليمسك بيد توأمه بكل رفق وهدوء بينما عيناه تراقبان الطبيب الذي بدأ ينزع المغذي بهدوء من يده , أراد هارو أن يتقدم ويواسيه قليلاً لكن تلك المكالمة التي وصلته جعلته يتوتر للغاية ليغادر الغرفة , راقبه ناو بهدوء ليتبع الأستاذ الآخر بعد أن خمن بسبب توتره من المتصل !

إبتعد الطبيب قليلاً ليراقب الصغير الذي نطق بصعوبة وألم :" يوشي ! هل يمكنك سماعي ؟ إنهض هيا , لقد رأيتهم أقسم لك و سأجعلهم يدفعون الثمن غالياً ! "

مسح دموعه بصعوبة بينما ينطق بآسى :" أنت صديقي الأول والوحيد موافق ؟ لذا إنهض فقط "

تدفقت دموعه أكثر وهو يردف بينما يشعر بالإختناق :" لا تتركني وترحل الآن ! أعدك سآتي لزيارتك حتى بعد نهاية المخيم , سنبقى أصدقاء دائماً ! ولن أتركك لتشعر بالوحدة مرة أخرى ! أقسم بأنني لن أنام مرة أخرى إلا بعد أن أتأكد من أنك نائم "

شهق بقوة وهو يستجمع أنفاسه بينما يكمل :" فهمت كرهك للأثرياء الآن ! لذا فقط إنهض و سننتقم منهم سوياً حسناً ؟"

لم يكمل لإنه ما عاد هنالك شيء ما لينطق به سوى تلك الدموع التي إستمرت بالهطول دون توقف , هو يريد مساعدته ! يرغب بجعله يصحوا لكن ماذا يمكنه أن يفعل ؟!

تقدم الطبيب عندما لاحظ تحرك يوشي الخفيف , ثوان فقط وأصدر أنين خافت بينما يحاول فتح عيناه بشيء من الإنزعاج .

****

وبخارج القسم تحدث هارو بقلق وتوتر :" سيدة هيتومي أهلاً بكِ "

أتاه صوتها الباكي و بشدة :" أين هو صغيري ؟ هل هو بخير ؟"

توتر أكثر وهو لا يعلم كيف وصل خبر ما حدث لها حقاَ , إنتبه لتأخره عن الرد عندما أردفت بقلق :" هل حدث له مكروه ؟"

أجابها بسرعة :" لا , هو سيكون بخير ! الطبيب قال أنه أُصيب بإلتهاب رئوي وإن لم تكن مناعته سيئة سيكون بخير خلال ثلاث أسابيع تقريباً ! "

عادت للبكاء بصمت لينطق هارو بحزن :" آسف حقاً ! كان علي الإعتناء به أفضل من هذا ! "

هي لم تجبه بل أغلقت الهاتف فقط , ليست بحاجة لمن يعتذر لها الآن بل لمن يخبرها أن صغيرها بخير تماماً .

تقدم ناو ليضع يده على كتف زميله كنوع من المواساة فقط , فهو يدرك صعوبة تحمل مسؤولية بمثل هذه المواقف .

*******

وبداخل الغرفة نطق يوشي بصعوبة و بصوت ضعيف :" ألم تقل بأن لا أحد سيبكي لو مت أنا ! لماذا تبكي الآن ؟"

شهق هوشي بسعادة وهو يرفع رأسه عن صدر شقيقه بينما يتحدث بكل سعادة :" أنا كنت أمزح فقط ! و أنت ستكون بخير صحيح ؟"

أجابه بتعب وعيناه تغمضان تدريجياً :" أريد أن أنام قليلاً "

عبس هوشي وهو يهزه برفق بينما يتحدث :" كلا ! لن أسمح لك بذلك , أرجوك إستيقظ "

هو فتح عيناه وحدق بالفتى الذي عاد للبكاء مجدداً بشيء من الحيرة !

أمال برأسه بإنزعاج وهو ينطق بصعوبة :" أنت مزعج أريد النوم فقط , لم أقل أنني سأموت "

تلك الكلمة الأخيرة أزعجت الآخر الذي حرك رأسه سلباً بينما يتحدث :" لا ! و من ثم توقف عن قول أنني مزعج و إعترف أنني صديقك الوحيد "

أغمض عيناه بينما ينطق بتعب :" لست كذلك , والآن دعني أنم "

كاد أن يجيب لولا أن الطبيب تحدث :" حسناً هذا يكفي ! لقد وعدت أنها خمس دقائق فقط صحيح ؟ والآن غادر لأقوم بمعاينته "

كاد أن يرفض إلا أنه فكر بأنهم قد لا يسمحون له بزيارته مرة أخرى إن فعل , لذا هو و بحركة عفوية قبل جبين توأمه بينما يتحدث بآسى :" أسرع بالشقاء لتخرج ونعود للعب معاً "

شعر يوشي بالدفئ يغمره ليبتسم بخفة وهو يومئ له بسعادة , لكن عدة ثوان و تلاشت إبتسامته لينطق برعب :" هل هذه الحقنة لي ؟"

تنهد الطبيب بشيء من اليأس فهل عليه حقاً مجادلة طفل بالثامنة عن الحقن ! ؟ هو نطق بنبرة هادئة :" لن تؤلمك كثيراً ! لذا فقط كن طفلاً مُطيعاً حتى لا تحصل على إثنتين "

وكما توقع فقد إستسلم يوشي له قبل أن يبدأ بالمقاومة حتى بينما يتحدث والدموع تتجمع بعينيه :" سأكون مطيعاً ! "

أغمض عيناه بقوة بعدها حتى لا يرى تلك الإبرة وهي تخترق يده الصغيرة .

******

وبالشركة كان آيكو يقلب الصور و المعلومات حتى نهض أخيراً وهو يتوجه للهاتف , رفع السماعة ليتحدث بصوت غاضب :" سوكي أريد أن تجهزي لي حالاً غحدى الطائرات الخاصة لأذهب بها للقرية حيث الفرع و أفضل أن لا يعلم أي أحد عن هذه الزيارة "

أنهى عبارته وعاد للجلوس بمكانه فهو سيذهب الآن ويقابل هانا ليعلم لماذا هي تعمل مع ذلك الشخص بالذات ! هو يمكنه أن يدبر لها مئة وظيفة جيدة غير هذه الشركة ! و بأي منطقة ترغب بها حتى .

بعد نصف ساعة تقريباً دخلت المدعوة سوكي للمكتب بينما تنطق بهدوء :" كل شيء معد سيدي ! "

نهض وهو يجمع حاجياته قبل أن يتوقف وهو يتحدث بهدوء :" أعتذر على تصرفاتي الفظة "

إبتسمت بهدوء وشيء من الدلال :" لا داعي للإعتذار فأنا أعرفك جيداً واعلم أنك لم تقصد الإساءة لي "

إبتسم لها قليلاً وهو ينطق :" حقاً أنتي أفضل مساعدة بالوجود "

هو إختتم عبارته ليغادر المكتب و المدينة بالكامل متجهاً نحو القرية التي تحتضن نصف أسرته

******

بعد فترة قصيرة تم نقل يوشي لغرفة خاصة والذي كان يبكي بصمت شديد وبلا أي صوت بألم , بعثر هوشي خصلات شعره وهو يتحدث بكره :" هل آلمتك الحقنة كثيراً ؟"

تنهد ناو وهو يُبعد تلميذه بينما تحدث هارو بلطف :" صغيري هذا لمصلحتك فقط ! "

هو نطق ببحة البكاء :" لكنها مؤلمة ! هو قال أنه لن يؤلمني لكنه لم يفي بذلك "

عقد هوشي حاجباه بضيق أكبر , لم يتوقع أن رؤيته ليوشي يبكي ستجعله يتأثر ويغضب لهذه الدرجة , لكن حقاً عندما دخل لغرفته هو وجدخ متكور على نفسه ويبكي بلا صوت فقط , وهذا أشعره بألم فظيع ! هو يعلم كم أن الوحدة مؤلمة لكنه دائماً ما يعبر على الأقل عن ألمه بصوت بكائه وشهقاته ليستمع والده أو جديه له فيهرعون لمواساته و التخفيف عنه بوجودهم !

لذا بكاء يوشي الصامت فقط حطم قلبه الصغير , إن كان يبكي بصمت إذاً أهو مُعتاد على التألم بمفرده و البكاء دون وجود أحد ما بجانبه ؟!

تنفس هارو بعمق وهو لا يعلم حتى كيف سيتقبل الطفل حقيقة أنه سيأخذ ثلاث إبر يومياً و مغذي خلال اليومين الذي سيقضيهما هنا ؟ وما إن يغادر سيتم إعطاءه مضادات على شكل الأدوية المعتادة فحسب .

تحدث ناو وهو ينهض :" هوشي نحن علينا المغادرة الآن والعودة للمخيم "

هو شهق برعب ونهض من مكانه لينطق برفض قاطع :" مستحيل ! أريد البقاء معه أرجوك ! "

نهض هارو أيضاً بينما ينطق بحذر :" أنا أيضاً علي العودة لتفقد طلاب الفصل , وسأعود لهنا بالمساء موافق ؟"

هو نظر لهم بشيء من الرعب وقد شحب وجهه مجدداً :" هل سأبقى بمفردي ؟"

أجابه ناو بهدوء :" لا تخف لن يؤذيك أحد ومن ثم معلمك سيعود بعد عدة ساعات فقط ! "

إنهمرت دموعه الصامتة أكثر وهو يخفض رأسه بينما يعض على شفتيه لينظر الملعمان لبعضهما البعض بحيرة , بينما هوشي ليحتضنه بخفة وهو ينطق بألم :" توقف عن ذلك ! دموعك مؤلمة للغاية لذا أرجوك أنت ستكون بخير "

أومئ يوشي له قليلاً وهو يمسح عيناه بخفة ليغادر الثلاثة وقلوبهم قلقة بالفعل على الصغير الذي تركوه خلفهم فهم ما إن غادرو حتى بدأ يسعل بقوة بينما أنفاسه تصبح أمثر سرعة إضطراب , هو وضع يده بضعف عند صدره فالألم يزداد مع السعال !

تقدم الطبيب منه بسرعة ليعيده للخلف وهو يتحدث بهدوء :" تنفس بعمق وكن هادئاً فقط ! "

إنتهت نوبة السعال تلك ليرفع رأسه ويحدق بالطبيب الذي كان يقيس درجة حرارته لينظر للمؤشر بهدوء ودون أن يبدي أي ردة فعل على وجهه , دقائق وإلتفت للصغير وهو يتحدث بشيء من الحدة :" لما كتمت الألم طوال فترة وجودهم ؟ لا تحاول مقاومة السُعال أو الألم ! أنت لا تريد البقاء هنا طويلاً صحيح ؟"

أخفض يوشي عيناه وهو يشعر بأنه سيعود للبكاء مرة أخرى , فهو يشعر بالألم للآن وليس بحاجة لمن يصرخ عليه أيضاً !

تنفس الطبيب بعمق وهو يخرج حقنة مهدأة ليحدق يوشي به بشيء من الرعب بينما نطق هو :" من الأفضل لك النوم فقط "

ثم يغرسها بيده مجدداً ليغمض يوشي عيناه مرة أخرى وهو يبكي بصمت .

~ نهاية الفصل ~

قراءة ممتعة

الإسم :"  سوكي آياكو
العمر :" 20 عاماً

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top