الفصل التاسع و العشرين
السعادة المصحوبة بحماس شديد هي ما ظهرت على ملامح وجهه بينما يهتف :" لقد إنتهت ! هذا الفصل الفظيع إنتهى و أخيراً , سنرتاح لمدة أسبوعين من الإستيقاظ مُبكراً "
نظر توأمه له ليضحك بخفة , بالنسبة له هذا الفصل كان من أجمل الفصول التي مرت عليه , وجوده هنا برفقة هوشي أعطاه الكثير من الذكريات الثمينة , لذا نطق بهدوء :" مع ذلك هو كان لطيفاً "
عقد الأول حاجبيه قليلاً قبل أن يبتسم بمرح و هو يحيط شقيقه بيديه :" تعني وجودنا معاً بالمدرسة ؟! هو مذهل صحيح ؟ فقط عليك أن لا تقوم بإفسادي ! تخيل أنني لم أقم سوى بما يقارب الخمسين مقلب طوال الفصل ؟! هذا يفسد السجل الخاص بي ! "
نقر على جبهته بإصبعه و هو يجيب :" أخي ! هذا كثير , المدرسة أساساً ليست للمقالب "
حرك كتفيه بلا مُبالاة بينما يمسك بيد توأمه و يركض لخارج أسوار المدرسة :" عاملتك بلطف لإنه فصلك الأول معي ! لا تتوقع مني أن أكبح نفسي الفصل القادم , لذا على الأستاذ هارو أن يحتمل إن كنا بفصله "
شهق يوشي بخفة قبل أن يقطب حاجبيه بضيق , قرار إنتقالهم للقرية مع بداية الفصل القادم أصبح أمراً مفروغ الحديث منه , بالطبع جدتهم غضبت و حاولت التدخل لكن والده إلتزم الصمت التام , لم يناقش أي أحد و إكتفى بعبارة :" لقد فعلت ما رغبتي به للآن و لم تصلح حياتي لذا سأتخذ القرار المناسب من الآن , لن يمكنني العناية بالصغيران و العمل بوقت واحد و لا أظن أنكما متفرغان لهما فقط "
هذا يؤلمه حقاً , يدرك أن والده يتألم و بشدة و لكنه و بتلك الزيارة للقرية علم أن والدته ترفض القدوم هي الأخرى , جدته لا يعلم ما مشكلتها مع أمه , لذا لا يمكنه الإعتراض هو الآخر , نظر ليد شقيقه التي تسحبه و هو يفكر بأنه حتى شقيقه ليس بخير تماماً , هو يشعر بهذا الأمر يؤلمه فذلك القرار يعني خروجه من المنزل الذي كبر به , و الإبتعاد عن والده الذي عاش معه منذ أن فتح عيناه على هذه الحياة !
هي ذات المشاعر التي شعر هو بها عندما علم أنه لا يمكنه العودة للقرية و منزله هناك و أمه ! لكن الحياة إنقلبت و ها هو سيعود للقرية إذاً أيأتي يوم ما يعود به هوشي لمنزله ؟! بل أيوجد يوم ما يجمعهم لا يفرقهم هكذا ! أن يكونوا أربعة أفراد كما حدث بذلك اليوم ؟
ركب بالسيارة التي و صلت لتقلهم للمنزل , والدهما قال أنهم سيذهبون برحلة ما إلى ثالث أكبر جزيرة باليابان " كيوشو " , الواقع هم سينطلقون فور وصولهما للمنزل و تناول الغداء , زوجة والدهم ستأتي معهم أيضاً و هي ستعتبر آخر رحلة لها برفقتهم قبل أن تغادر أيضاً !.
و بالفعل ما إن وصل الصغيران للمنزل و تناولا طعامهما طلب والدهما منهما الإستعداد سريعاً للإنطلاق , هو لم يخبر أي أحد عن وجهته , تلك القضية التي تخص تاكاشي و التي تم إفتتاحها ستظهر بعض الأدلة على تاتشو إضافة إلى أنه و بصفقة ما تمكن من إجتذاب رجل سياسي كان رفيقاً لعدوه , هو حقاً عمل على جمع بضع من الأدلة التي قد تدينه و لو لسنوات قليلة , و مساعده أعطاه نصيحة بأن لا يتواجد بطوكيو بتلك الأثناء .
فبأي حال كما تمكن هو من إجتذاب شخص كان يقف بجوار تاتشو قطعاً سيتمكن للطرف الآخر فعل العكس , لذا إن كان سيحاول إيذائه أو بمعنى أدق إيذاء صغيراه سيفضل أن لا يتواجد بمنزله .
الطريق لتلك الجزيرة و تحديداً لمُحافظة " ميازاكي " ما حدث به أي أمر الصغيران غرقا بالنوم بعد وقت قصير و سوكي إنشغلت بالنظر للخارج تفكر بحياتها القادمة , آيكو قرر إفتتاح فرع لشركته بالقرية التي تعيش بها هانا , هو أراد أن يبقى لديه أمر يعيده للقرية بين فترة و أخرى , و هي ستذهب للعمل بها , ستكون المسؤولة الإدارية هناك و إن كانت ترددت بالموافقة على موقع كهذا خاصة أنها ما إعتادت قط على تلك الحياة لكن أليس إستبدال كل ما كانت تعرفه بالماضي يعتبر بداية جديدة حقيقية ؟
آيكو فكر أيضاً بأن ذلك الفرع قد يضمن عمل دائم لتاكاشي بها , بما أنه السبب بإفساد كل شيء بالنسبة له فعليه على الأقل ضمان أنه سيكون بخير , لا يعلم إن كانت تلك القضية ستنجح أم لا , هو لا يدرك إن كانت ستنجح و هو لازال متواجداً على قيد الحياة أيضاً , فقد يقرر الأخير الإنتقام منه إن وجد أن لا مفر له حقاً .
النشاط دب بالجميع فور وصولهم للمكان المطلوب , الرحلة كانت طويلة حقاً لذا أول ما فعلوه كان الخروج من السيارة و تحريك أجسادهم , هوشي نظر حوله قبل أن يتحدث بحماس :" هل سنقضي الوقت هنا بالكوخ الخشبي ؟ "
المنطقة التي تواجدوا بها كانت مُخصصة للسياح حيث إحتوت على عدة أكواخ خشبية فاخرة إضافة إلى إطلالتها على البحيرة أمامهم بينما الأشجار إمتدت على مدى النظر , ابتسم آيكو لحماسة صغيره بينما يُجيبه :" أجل سنفعل لذا هيا دعنا نقم بحمل الأمتعة للداخل , الجو سيكون بارداً بمثل هذا الوقت "
نطقت سوكي بشيء من الراحة :" على الأقل لا حشرات بمثل هذا الجو ! "
نظر الصغير لها بشقاوة بينما يجيب :" لكن خالة هل سمعتي عن تلك الإشاعة حول هذه البحيرة ؟"
رفعت أحد حاجبيها بينما تجيبه بملل و هي تحمل أمتعتها :" إشاعة ماذا ؟ هل هي مسكونة أم تحوي على كلاب جائعة ؟ "
عبس قليلاً قبل أن يجيب :" رجل ما قُتل هنا و تم إلقاء جثته بالبحيرة , لا أحد عثر عليها قط ! يُقال أنها إندمجت مع المياه و روحه أصبحت تخرج بين فترة و أخرى تبحث عن ضحية ما , و أول ما تقوم به بعد إختيار الضحية هي جذبها أثناء نومها إلى البحيرة بفراشها ! ثم تغرقه ما إن يصحوا ليصبح هو و العدم واحد ! و كأنه لم يوجد قط "
الثلاثة توقفوا عن العمل ليحدقوا بملامح هوشي الذي كان يتحدث قبل أن ينطق آيكو :" من أين أحضرت هذه القصة الخرافية ماذا تشاهد على التلفاز أيها الطفل ؟ "
شهق بخفة و هو ينطق :" عليك أن تصدق ذلك ثم هو يفضل من يخشى من المياه لإغراقه !"
بتلك اللحظة نطقت سوكي بشيء من المكر :" إذاً عليك أن تعتني بشقيقك جيداً "
أنهت عبارتها لتدخل للكوخ بينما صدرت شهقة مرعوبة من الصغير الذي إبتعد عن البحيرة بسرعة ووقف بجوار والده , مسح آيكو على شعره بينما ينطق بهدوء :" يوشي لا تصدق ذلك ! لا يوجد شيء كهذا يا صغيري , و الآن هيا تعاليا للداخل "
هوشي كان يراقب سوكي بنظرات غاضبة فهو أراد أن يجعلها تخاف لكنها قلبت الأمر على توأمه ! لذا هتف بقوة :" أنتي عدتي للقائمة مرة أخرى ! "
أنهى عبارته ليمسك بيد توأمه الذي نظر له بإستياء من فوره و هو ينطق :" لا تخف , حتى و إن كان هنالك شبح ما أو وحش ما أنا سأحميك دائماً من أي شيء حسناً ؟ لذا ثق بي "
لم يعلم بما يجيب إلا أنه أشاح بوجهه عنه قليلاً قبل أن يهمس :" لا تفعل , عليك فقط الإهتمام بنفسك "
و بما أن ذاك الهمس لم يصل للأكبر هو جعله يسير بشكل أسرع للوصول و إستكشاف الكوخ الذي يفترض بهم قضاء إجازتهم به , هو أراد إيجاد ما يمكنه صنع مقالب به و تجميعها بحقيبة ظهره لكي يكون جاهز طوال الوقت !.
*****
كانت تجلس على فراشها بينما عيناها تحدقان بالسقف بشرود شديد , هي ما عادت تمتلك السلطة على صغيرها , لم يعد يستمع لها بل حتى هو لا يناقشها من الأساس ,و كل ذلك بحجة أنه نفذ أمرها بالزواج من سوكي و فشل بإيجاد السعادة المزعومة تلك .
لكن ليس هذا أكثر ما شغل تفكيرها , بل إن دفة التفكير لديها إتجهت لآخر مُحادثة بينها و بين سوكي , كلماتها تلك ما زالت ترن بأُذنيها و كأنها تنفث سمها بالأرجاء مانعة إياها من التفكير بصفاء , لكن فقط لماذا لا أحد يمكنه تفهم موقفها !؟
تنفست بعمق قبل أن توجه نظرة خاطفة لزوجها الذي كان ينام بعمق , شعرت بقليل من الحنق عليه إذ كيف يمكنه النوم هكذا بهذه السرعة ؟!
هي غير قادرة على ذلك , كل شيء يقلقها بينما تشعر بأن هناك خطب ما بصغيرها , لم يقل يوماً أنه يشعر بأن صغاره يتعبونه ! لكنه فجأة أخبرهم بذلك و أمامهما , أتعمد فعلها لئلا يناقشه الصغيران بذاك القرار !؟ أم أنه فقط لم يعد يحتمل حقاً العناية بهما ؟
بالنهاية هي أغمضت عيناها بخمول و تعب , مُقررة أنها ستتدخل ما إن تعلم سبب قرار صغيرها فإن كان الثاني لن توقفه لكن إن كان الخيار الأول ستفعل مهما يحدث .
****
صوت العصافير إنساب بالأنحاء ما إن بدأت خيوط الشمس الأولى بالظهور و معها إستيقظ يوشي أولاً لينهض من فراشه بعد أن ألقى نظرة خاطفة على توأمه النائم بعمق , هو ابتسم بخفة ثم إتجه للخارج بسرعة متوسطة عله يشاهد العصافير دون أن تهرب منه حقاً , لطالما كان مُحباً لمثل هذه الأجواء الهادئة , بالرغم من أن لا أحد بعمره قد يفضلها حقاً سوى نادراً !
شهق بشيء من الصدمة ما إن لامست قدميه العاريتان الأرض الباردة بالخارج بينما تسربت برودة الجو لعظامه بالكامل , هو للحظات نسي مقدار برودة الأجواء بمثل هذا الوقت من العام فقط بسبب حماسه للذهاب و الجلوس بالخارج مُمارساً هوايته بتحليل كل ما يحدث حوله .
أغمض عيناه بينما كاد يستدير للعودة و تبديل ثيابه عندما شعر بمعطف ضخم يوضع على كتفيه هو فتح عيناه بسرعة بينما نطق والده بابتسامة دافئة :" صباح الخير صغيري "
ابتسم بشيء من الخجل بينما ينطق :" صباح الخير أبي ! هل أنت مستيقظ منذ مدة ؟ "
أومأ إيجاباً بينما ينهض يمد يده لصغيره و هو يجيب :" هيا تعال معي للداخل قبل أن تمرض , لتبدل ثيابك ثم سنخرج معاً للسير حسناً ؟"
اتسعت ابتسامته بسعادة حقيقية , هو يحب ذلك الوقت الذي يُمضيه برفقة والده , لطالما بعثت به تلك اللحظات الكثير من الدفئ و الأمان , و إن كان ينزعج من حقيقة أنه يظهر نفسه كطفل أمامه !
هو لم يكن يوماً مُعتاد على التصرف كواحد , دائماً كان يجدر به التفكير قبل أي تصرف لئلا يورط والدته بمشاكل هي بغنى عنها , لكن معه شيء آخر , لن يخاف أن يقع بمشكلة ما لإنه خلفه , هو حقاً مُمتن له شعوره بالأمان الذي يغلف قلبه كلما رآه , تلك الأفكار ما غادرت عقله و لو للحظة بل هو لم يلاحظ أنه أنهى إرتدائه لثيابه و خرج مُسرعاً حيث كان آيكو يجلس أمام البحيرة .
توقفت خطوات الصغير و قد بدى على ملامحه شيء من التوتر عندما مرت بذاكرته تلك القصة التي أخبرهم بها شقيقه بالليلة الماضية , والده التف سريعاً لتفقده ما إن شعر بتوقف خطواته و مشاهدته لتلك الملامح المتوترة على وجه صغيره , هو رسم ابتسامة خافتة سرعان ما تحولت لضحكة مكتومة يحاول إيقافها خاصة و أن يوشي عبس بقوة بسبب ذلك .
نهض بينما يتحدث بإعتذار و إن كان ثغره يعكس ابتسامة واسعة :" آسف حقاً صغيري لكن لا أصدق أن يوشي وقع بقصة قام توأمه بإصدارها لأجل مقلب ما على الأغلب ! "
أجابه من فوره بإنفعال يخفي خجله خلفه :" لم أصدقها ! أنا أخاف من البحر فقط "
ضيق عيناه بينما يردف بقلق طفولي :" ليس البحر فقط لكن لا يمكنني السباحة لذا قد أغرق إن سقطت "
تنفس بعمق ليجلس على ركبتيه أمامه بينما يتحدث بلطف :" ما رأيك أن أعلمك السباحة إذاً ؟ لن يكون البحر مُخيفاً إن تعلمتها أليس كذلك ؟ "
ملامحه شحبت فجأة و كأن الدماء إختفت منها تماماً , دقات قلبه تسارعت بينما ذاكرته تعرض عليه مشاهد ذاك اليوم الذي وجد نفسه غارقاً بالبُحيرة , الألم الذي شعر به يُمزق صدره بينما يجاهد للحصول على القليل من الهواء إضافة للرعب الذي تجرعه و هو يفقد وعيه بين تلك الظُلمة وحيداً تماماً , لذا هو تراجع للخلف من فوره بينما يحرك رأسه سلباً بقوة و دموعه تجمعت بمقلتيه من فورها .
آيكو راقب كل ذلك ليمسك به من يده و يحتضنه بقوة عله يوقف تدفق ذلك الخوف بجسد طفله , هو مسح على شعره بينما ينطق بحنان :" لا بأس صغيري , أنا آسف موافق ؟ لننسى الأمر و نجد أمر آخر لفعله ما رأيك ؟ "
شد بيديه الصغيرتين على معطف والده بينما يحرك رأسه سلباً , لا يرغب بجعل والده يظن أنه لا يثق به , هو يفترض به الثقة بأنه ما دام والده هنا لن يغرق و الألم الذي شعر به لا فرصة له بالتواجد , إلا أن آيكو نطق بهدوء :" البحيرة باردة أيضاً و مُعجزة أنها لم تتجمد لذا لننسى الأمر فحسب هذه المرة ما رأيك ؟ ربما بزيارتك القادمة بالصيف أعلمك إياها ما رأيك ؟ "
ابتسم بخفة بينما يومأ إيجاباً فهو على الأقل سيهرب من هذا الموقف حالياً , صوت طرف ثالث تدخل بتلك المُحادثة و هو ينطق بنبرة طفولية مُنزعجة :" أأنت حقاً تنوي إبعادنا عنك ؟ "
ابتعد يوشي عن والده قليلاً و نظر له بشيء من الحُزن بينما حدق آيكو بهوشي بعينان مُتألمة , لم يستطع حتى الابتسام لصغيره , لذا هو نهض فقط بينما يتحدث بنبرة حاول جعلها صارمة قدر الإمكان :" قلنا لن نتحدث بشأن هذا صحيح ؟ لقد قررت و انتهى الأمر كما أنني بالفعل أوضحت السبب !"
عض على شفتيه بقوة ليهتف :" لكنك إعتنيت بي دائماً ! أنت نجحت بفعلها لذا سببك غير مقنع , هل مللت منا ؟! أتحاول التخلص منا فحسب ؟ هل أنا أشكل عبء عليك لذا تريد إبعادي ؟ "
اتسعت عينا الأكبر سريعاً و قد شعر بعيناه تحرقانه خاصة و أن طفله دموعه كانت تسيل على وجنتيه بالفعل !
يوشي حدق بتوأمه بينما يخفض رأسه ليخفي دموعه التي إنهمرت أيضاً , هو توقع هذا لن يقبل هوشي بالأمر بسهولة بل كان يحاول تقبل الأمر فقط , توأمه يتألم و والده كذلك و هو ليس بحال أفضل , لماذا عليهم أن يعانوا هكذا ؟
أدار آيكو ظهره لهما بينما يتحدث بنبرة مليئة بالتعب :" لست كذلك ! كم مرة يفترض بي إخبارك أنك جوهرتي الثمينة ؟ أحبك و شقيقك أكثر من أي شيء بهذه الحياة لكن , والدك مُتعب لم يعد قادراً على الإستمرار لذا لن يضمن لكما حياة سعيدة معه ! لن أتمكن من الحفاظ على هذه الابتسامة طويلاً !"
كلماته تلك ما كان يجدر به قولها , ليس لهما بأي حال لذا هو وبخ نفسه بنفسه بأعماقه شاتماً ضعفه ذاك الذي يخرجه أمام من يفترض به حمايتهما , يوشي شهق بألم بسبب تلك العبارة بينما أجاب هوشي بسرعة :" إن كنت مُتعباً لا يفترض أن تبقى وحدك صحيح ؟ لا تبتسم لن أهتم و إن ضربتني حتى أخبرتك بذلك من قبل لذا أبي أرجوك , أريدك أن تبقى بخير ! "
هو أعاد حدقتيه يتأمل صغيراه اللذين ينظران له بعينان متوسلة دامعة , ابتسم بخفة و هو ينطق بنبرة لطيفة :" ما بكما ؟ يفترض أننا بعطلة صحيح ؟ لم يحن موعد الفراق بعد فلماذا تبكيان من الآن ؟ أنا سأكون بخير , أمي و أبي سيبقيان بجانبي ثم سآتي لزيارتكما كثيراً و دائماً , لا يمكنني التخلي عن صغيراي ."
أنهى عبارته لهذا الحد بالرغم من رغبته بقول المزيد خاصة و أن هاتفه بدأ بالرنين ليبتعد عنهما قليلاً و ينطلق للإجابة , يوشي إقترب من توأمه لينطق بصوت خافت :" آسف "
مسح الأكبر دموعه قبل أن يتحدث :" لماذا تعتذر ؟"
أجابه بألم :" لإنني أعلم أنك تتألم لكن دون أن أتمكن من مساعدتك ! أنا عندما أخبرني أبي أنني لن أعود لأمي مُجدداً كنت خائفاً بالرغم من أنني حقاً أحبك و أبي "
نظر له بإهتمام أكبر لينطق :" إذاً لن تغضب إن بكيت ؟ تعلم أنني أحبك و أمي صحيح ؟ لكنه منزلي و أبي ! نحن معاً منذ وقت طويل و أنا حقاً أحبه , لا أريد أن يحدث له مكروه , أنا خائف من أن يعتاد على عدم وجودي بقربه و إن كان كل ما أفعله له هو التسبب بالمشاكل "
إحتضنه الأصغر بتردد شديد قبل أن يتحدث بنبرة متألمة :" أعلم أخي , لن أغضب و أمي لن تفعل ! و أنا أيضاً قلق عليه , أتمنى أن نكون قادرين على العيش معاً يوماً ما بسلام "
و بجهة أخرى أسند آيكو جسده لإحدى الأشجار بينما ينطق بهدوء قلق :" و إذاً هل علمت إلى أين يتجه ؟! "
أجابه الطرف الآخر بينما يبحث بالحاسوب أمامه :" ليس للآن , البعض يظن أنه هرب لخارج البلاد فكل أمواله تم سحبها فجأة "
كز على أسنانه بشيء من القوة , لا يريحه مسار الأحداث حقاً , لا يظن أن تاتشو سيهرب فجأة هكذا دون أي مقاومة هو كان يتوقع الأسوء منه , أيعقل أنه أراد النجاة فحسب ؟!
*****
أمال هارو برأسه قليلاً قبل أن ينطق بهدوء :" فهمت لكن أهذا قرار نهائي ؟ لن يكون الأمر جيداً إن إستمر الأمر بهذه الطريقة ! "
صمت قليلاً ليرتب كلماته قبل أن يُردف بابتسامة :" أعني كثرة التنقل ستقوم بتشتيت إنتباههما , تعلمين هذا أظن و لا حاجة لي لإخبارك لكنه مُجرد تنبيه , أعلم أن الكثير يحدث هذه الأيام لذا رغبت بالتنبيه فهما طفلان لطيفان و أتمنى أن لا تبدلهما الأيام "
ابتسمت له بالمقابل و هي تجيب :" شكراً لإهتمامك بهما حقاً , أدرك حقاً ما تقوله و أن هذا صعب بالنسبة لهما , لذا سنبذل ما بوسعنا لسد النقص أو الفراغ الذي سيحدثه هذا بهما "
نهض من مقعده بهدوء و هو يتحدث بلطف :" و أنا أيضاً سأساعد ما دمت قادراً على هذا , يوشي طفل مذهل للحقيقة و أرغب بتقديم كل العون الذي يمكنني له , و الآن إلى اللقاء "
نهضت هي الأخرى بينما تنحني له بخفة :" شكراً لك على هذا , إلى اللقاء "
هو غادر المنزل بخطوات هادئة , لم يتمكن من كبح فضوله عندما إستلم الملفين صباح اليوم , لم يعترض على عودة يوشي كتلميذ لديه أو توأمه لكنه فقط قلق عليهما , الكثير حدث حقاً هذه الفترة و لا يحتاجان لعدم الإستقرار أيضاً !
أخرج هاتفه بينما يدخل الرقم الذي أخذه من هانا تواً للإطمئنان أكثر و التأكد أنه لا داعي لإتخاذ أي إجراء مع بداية الفصل الجديد .
*****
و بذاك الكوخ الخشبي توقف هوشي بالمنتصف و هو يهتف بإستياء :" لقد كان هنالك بعض الحيوانات البرية عند الضفة الأخرى من النهر ! أريد الذهاب و تفقدها "
رفعت سوكي أحد حاجبيها من فورها و هي تنطق :" لن نفعل هذا خطر ! ثم علينا إنتظار عودة والدك و أخيراً ما بال هذه الحقيبة ؟ "
كتف يديه لصدره بينما يجيب :" ليس كذلك ! و هو من تأخر لما علينا إنتظاره ؟ ثم أنا لن أتحدث معه ! "
مسحت على خُصلات شعرها ذات اللون الأشقر بينما تقلب عيناها بملل , هي لماذا تتدخل حتى ؟! ليفعلا ما يرغبان به لماذا عليها الإهتمام ؟!
يوشي أراد التدخل إلا أن رنين هاتفه أوقفه , هو نظر للرقم الغريب بشيء من الحيرة و التردد ليسلبه توأمه الهاتف بينما يجيب بمرح :" مرحباً , من هو الذي يريد التحدث مع نسختي اللطيفة ؟ "
شهقة مُرتفعة صدرت من يوشي الذي نطق من فوره :" تداشي هوشي ! توقف لا أسمح لك بهذا ! "
ضحكة هادئة إنسابت لمسامع هوشي جعلته يتحدث بسعادة " المعلم هارو ! هل أنت مستعد للحصول على كمية كبيرة من المقالب بالفصل القادم "
و مجدداً إقترب يوشي منه بإعتراض يحاول إستعادة هاتفه و قد توردت وجنتيه بفعل الخجل سريعاً , و الأكبر أجاب بخفة :" أهلاً صغيري , ألا يمكنك أن تكون رحيماً بي بما أنه سيكون أول فصل لك معي ؟ "
كتف يديه لصدره قبل أن يجيب بعبوس :" ألا يكفي أنه لأجل يوشي هذا الفصل لم أقم بالكثير ؟! أخشى أن أصبح مُملاً إن حدث هذا ! "
أراد أن يجيب لولا أن يوشي سحب الهاتف و أخيراً لينطق بنبرة شبه هامسة :" أعتذر مُعلمي "
ابتسامة واسعة إرتسمت على وجه الآخر بينما يجيبه :" أهلاً يوشي , و لا تعتذر صغيري إذاً كيف هي صحتك هل شُفيت تماماً ؟"
أجابه سريعاً :" أجل , أنا بخير الآن "
المُكالمة إستمرت مُشغلة إياهم ربما عن الشعور بما يحدث من حولهم , الكوخ توقفت أمامه سيارة حديثة للغاية بينما ترجل منه إثنان من الرجال ضخام الجثة , كلاهما نظرا لبعضهما البعض بابتسامة حملت الكثير بين طياتها قبل أن يتقدما للداخل ! .
كُل منهما كان يسير بخطوات سريعة واثقة , أمامهما مهمة واحدة بسيطة و قطعاً لن يكون الفشل مصيرها كما يخططان لذا و بلا أهمية لجعل خطواتهما سرية قاما بتحطيم الباب الرئيسي للكوخ مُقاطعين بذلك لحظات السلام اتي يعيش بها من بالداخل .
سوكي قطبت حاجبيها بشيء من القلق فهي أول من ظهر أمامهما بما أنها من كانت تسير بالرواق بنية الإتجاه لغرفتها , و بما أنها تعلم السبب الحقيقي وراء هذه الإجازة فهي تدرك الآن من قد يكون هؤلاء , آيكو كان مُحقاً بتوقعه لن يقبل تاتشو أن يسقط دون أخذه معه للهاوية !
لكنه بذات الوقت فشل فهو ليس هنا الآن و أكثر ما يمكنها فعله لإبنيه مقابل تأمين عمل و منزل لها هو إعطائهما بعض الوقت للهرب ؟! لكن هما طفلان أحقاً قد ينجحان بهذا ؟!
نطقت بصوت مرتفع :" تداشي هوشي خذ شقيقك و غادر من النافذة الآن ! "
بداخل تلك الغرفة نظر كلاهما بإتجاه الرواق كلاهما نهض من مكانه بخوف و قد كادا ينطلقان للرواق لتفقد ما يحدث , إلا أن عبارة زوجة والدهما و التي وقفت تحدق أمامها بحقد و قلق أوقفتهما عن التحرك !
يوشي أخفض الهاتف من على أذنه بينما معالم القلق ظهرت عليه بالكامل , بالبداية هو ظن بأن والده قد عاد و هو غاضب من أمر ما , لكن وجه من أمامه يظهر له أن هناك أمر ما خاطئ , هوشي ظهر عليه الفضول و الخوف معاً , ماذا لو كانوا مجموعة من اللصوص مثلاً ؟ هو فكر بأن عليه حماية توأمه و هذا المكان حتى وصول والده , و أول ما قام به هو إخراج كرة القدم من مكانها و وضعها أمامه تحسباً لأي دخول مفاجئ .
ثوان كانت مليئة بالتوتر للثلاثة تحرك أحد الرجلين للداخل حيث الصغيرين بينما الآخر وجه مسدسه لسوكي مع نظرة تهديد مُخيفة جعلتها تلتزم الصمت .
يوشي شهق بخوف و تراجع للخلف ما إن شاهد المُسدس الذي يُمسك به ضيفهما غير المرغوب به هنا بينما يفكر بأن الأمر حقاً خطير هوشي تراجع للخلف أيضاً إلا أن خطواته توقفت أمام توأمه بينما إحدى يديه إمتدت للخلف تُمسك بيده , هو كان خائفاً أيضاً لذا ظن أن إمساكه بيد شقيقه قد يخفف من توتر و خوف كليهما معاً دون أن يعلم بأن ما يفعله يجعل الآخر يقلق أكثر لكن عليه لا على نفسه .
صوت ضحكات الرجل الساخرة جعلت ملامج هوشي تتجعد بضيق و إنزعاج شديدين ليهتف بحدة بدت مُضحكة أكثر لمن أمامه :" ماذا تريد منا ؟! أبي ليس هنا "
لا يدرك حقاً سبب إضافته لتلك الجملة الثانية و لا لصوته المهزوز و الذي ظهر عنوة ما إن لفظها , يوشي أخفض رأسه بينما تمنى بأعماقه لو أن والدهما حقاً هنا لينقذهما من كل هذا .
أجابه من أمامه بعد أن أنتهى من إخراج ضحكاته الساخرة :" أتريد حماية شقيقك ؟ يالك من شخص شجاع ! بأي حال لسنا من سيقرر مصيركما تحركا معنا بهدوء و سرعة حتى لا نستخدم أساليب أخرى "
عبس الأكبر بينما نظر لزوجة والده التي كانت تنظر لهما بهدوء , هي ما كانت لتخاطر بحياتها حقاً لإنقاذهما لذا لم تتحرك إلا أنها حاولت إعطاء الصغير إيحاء ما بمعالم وجهها تجعله يتحرك للهرب حقاً , و هذا بالفعل ما قام به عندما قام بركل كرة ما بإتجاه الرجل أصابت معدته بقوة متوسطة كانت كل ما يملكه من قوة ليمسك بيد توأمه و يركض بإتجاه النافذة , الآخر حدق بمكانه بغضب لينطلق راكضاً بإتجاه النافذة مُخرجاً مسدسه بينما يهدف إصابة أحدهما مهما كانت النتيجة , هوشي كان يركض بسرعة بينما يده تشد على توأمه تحرضه ليسرع أكثر !
يوشي كان يحدق للخلف بين كل ثانية و أخرى برعب , هو لا يعلم من هم و سوكي لازالت بالداخل و خائف حقاً من أن يتم الإمساك بهم !
الآخر وضع يده على الزناد يستعد لإطلاق رصاصة ما إلا أن زميله تدخل بينما ينطق بتحذير :" سيقوم سيدنا بقتلنا إن مات أي منهما قبل إيصالهما له ! "
صرخ به زميله بنفاذ صبر و هو يراهما يبتعدان من أمامه :" إذاً ماذا ؟ "
أجابه بهدوء و شيء من البرود :" هما طفلان ! إتبع خطاهما فحسب و أنا سأتصرف مع هذه , قتلها سيجعل الأمر مزعج لذا ربما يمكننا إستخدامها لكسب بعض الوقت ؟! "
أومأ له إيجاباً ليتحرك تابعاً الصغيران لأعماق الغابة بينما تحرك الآخر يُنفذ مهمته ليتبع زميله و يساعده .
****
بعثر خُصلات شعره السوداء ما إن فقد الإتصال فجأة , هو تمكن من سماع القليل مما حدث و قطعاً الأمر لم يكن مُبشراً , عض على شفتيه بينما يستدير عائداً لمنزل أسرة والدتهم , لا يعلم ما عليه فعله لكن إن كان هناك أمر سيء يحدث عليه إيجاد طريقة ما للتدخل , الأمر يتجاوز كونه مُعلماً حقاً لهما أو لأحدهما , يشعر بأن هذا واجبه كإنسان فحسب , لا يرضيه البقاء بلا صوت بإنتظار تدخل من يمتلك السلطة مثلاً , يؤمن دائماً بأنه يمكنه إحداث التغيير الذي يريده بيديه أولاً أو على الأقل سيشق طريقه إليه .
****
يده كانت لا تزال مُتشبثة بيد توأمه الأصغر بينما يركضان بالغابة بسرعة حتى وصلا لمفترق الطرق , نظر هوشي للطريقان أحدهما يؤدي للبحيرة و الآخر يتوغل أعمق فأعمق بالغابة , تنفس بعمق قبل أن ينطق بابتسامة خافتة :" أخي دعنا نفترق ! "
شهق يوشي بقوة و هو يشد على يد هوشي بقوة ناطقاً بإعتراض :" لا ! علينا البقاء معاً هذا أفضل ثم ما فائدة الإفتراق ؟ "
أخفض الأكبر الحقيبة التي بيده بينما يخرج بعض المعدات منها و يقسمها لنصفين وهو يجيبه :" أتثق بأبي ؟! هو سيعثر علينا بالنهاية صحيح ؟! لذا دعنا نقم بهذا أخي , نحن لن نسمح لهم بخطفنا بسهولة ! لن يفخر جدي بحفيده إن إستسلم بسرعة , سأجعلهم يعرفون مع من يعبثون ! "
أنهى عبارته بينما يضع نصف ما بحقيبته داخل حقيبة يوشي و هو يردف :" أعدك سأتبعك ما إن أتخلص من الأحمق الذي يتبعني موافق ؟ "
نظر يوشي له بإعتراض , لم يقتنع و لن يفعل هذه ليست لعبة , قد يتأذى توأمه حقاً و هو أيضاً قد يحدث له مكروه , لكن ماذا يفترض بهما فعله ؟ هما عليهما إنتظار والدهما بالفعل فهو الخيار الوحيد المُتاح أمامهما !
نظر لهوشي بعينان دامعة بينما يتحدث بصوت خافت :" ستكون بخير صحيح ؟ "
أجابه بابتسامة واثقة :" بالطبع لذا كن أنت أيضاً بخير "
و إلى هنا إنفصل كل منهما بمشاعر مُتباينة من الخارج بينما بأعماقهما كلاهما إمتلك ذات المخاوف , يوشي ركض إلى داخل الغابة أعمق بينما هوشي سار قليلاً للأمام يقوم بوضع بعض المقالب التي كان يعدها للعبث بالغابة ثم عاد للوقوف على مفترق الطرق , هو و ما إن رآى الرجل الذي هاجمهم حتى ابتسم بشيء من الشقاوة لينطلق مما لفت إنتباه الأكبر و الذي نطق بحقد :" عُد إلى هنا إلى أيها المُزعج ! أقسم بأنني سأجعلكما تدفعان الثمن غالياً "
نظر له هوشي بإستفزاز بينما توقف عن الركض و هو يجيبه :" لا أحد سيدفع الثمن سواك للقدوم و العبث معنا ! ثم ماذا فعلتم بالخالة سوكي ؟ "
أخرج من أمامه سلاحه بينما ينطق :" رصاصة ما تخترق قدمك لا أظن تسبب مشكلة ما , المهم أن آخذك للسيد تاتشو و أنت حي "
رمش هوشي عدة مرات قبل أن ينطق بحيرة :" السيد تاتشو ؟! ذلك الوغد !"
أنهى عبارته بينما يتراجع للخلف و الخوف ظهر جلياً على ملامح وجهه , هو يدرك أن من أمامه لن يتردد بتنفيذ وعده بإطلاق النار عليه , مع هذا كان يجازف بالبقاء أمامه , ليس وكأنه إمتلك أي حل آخر , و قطعاً الوقوف و البكاء بإنتظار قدوم أحدهم للمُساعدة ليس أمراً وارداً حقاً .!
أغمض عيناه بينما كان من الرجل يتقدم أكثر , هو وضع إحدى الأفخاخ بهذا المكان لكن ماذا إن لم ينجح ؟! إن أخفق ماذا سيحدث له ؟ و ماذا إن وجد أحدهم شقيقه ؟ هو لا يعلم عدد من يتبعونهما حتى , نطق بأعماقه :" أرجوك أبي أسرع ! "
لم يفتح عيناه إلا عند سماعه لصوت صرخة تم كتمها سريعاً صدرت من مطارده ليجده قد تدلى للأعلى بينما سقط سلاحه منه ! هو ابتسم بسرعة ليركض حاملاً حقيبته و المسدس مُنطلقاً لتقاطع الطرق ليبحث عن يوشي !
الرجل كز على أسنانه بسقط بينما يخرج سكين صغير من جيبه و هو ينطق بنفاذ صبر :" أُقسم قد أتجاهل الأمر بعدم قتل ذلك الفأر اللعين "
*****
يوشي كان يجري بالغابة يتعمق بداخلها باحثاً عن أي شخص قد يمد له و لتوأمه يد العون , الرعب تملك قلبه الصغير وآلمه , لماذا دائماً ما يحدث هذا لهم ؟ هو حتى لا يعلم لماذا هناك من يتبعه و شقيقه ؟! و فوق كل هذا هو قلق على والده ماذا لو أن أحدهم حاول قتله ؟!
أو ماذا لو تأذت سوكي ؟ هي تعتبر و كأنها قامت بإنقاذهما صحيح ؟ لا يدرك لماذا تغيرت معهما لكنها على الأقل حاولت جعلهما يهربان ! هل سيمكنه تقبل أن تصاب بأذى بسببهما ؟
ضيق عينيه بينما يجد أن لا أحد قد يتواجد بالمكان الذي هو به , لا شيء سوى الأشجار فارعة الطول و بعض الطيور التي تحلق بينها , شد على قبضة يده عندما سمع صوت أحدهم ينطق بشيء من السخرية :" أيها الصغيران ! هل أنتما هنا ؟ يمكن لكما الظهور و أعدكما لن تشعرا بالألم حتى أسلمكما للسيد ! هي صفقة جيدة ."
هو ركض من مكانه ليحاول الإختباء خلف إحدى الأشجار إلا أن تقديره لمكان صوت المُتحدث كان خاطئاً تماماً , فهو وجد نفسه أمامه بعد أن جذبته صوت الأوراق التي صدرت من خطوات الصغير فوقها .
شهق برعب بينما تراجع للخلف بينما من أمامه أمال برأسه و هو يبحث بالأرجاء :" أين الصغير الآخر ؟ هل تركك و هرب بنفسه ؟! لا يهم سنعثر عليه معاً ما رأيك ؟ "
قطب يوشي حاجباه و هو يجيبه بشيء من الحدة و النفور :" إبقى بعيداً عني و عن أخي !"
ضحك بخفة و هو يخرج مسدسه من مخبأه بينما يتحدث :" أنت لا تظن أنني سأغضب لأجل هذا صحيح ؟ لست كزميلي سريع الغضب ! لكن كما ترى لدي مهمة علي إنجازها لذا من الأفضل لك أن لا تجعلني أصبح جاداً "
عض على شفتيه بقلق بينما خطواته تتراجع للخلف , هو ماذا يمكنه أن يفعل و هناك مسدس ما بيد من أمامه ؟! ليس ماهراً بالتخطيط لمقلب ما كتوأمه بعدة ثوان و إن كان شقيقه قد أعطاه بعض الأدوات ليفعل !
و بالرغم من هذه الأفكار جسده تحرك تلقائياً ما إن وضعت يد الآخر على كتفه ليبعدها بحدة بينما يندفع بقوة لمحاولة إسقاط نفسه و عدوه ربما ؟!
لكن هذا لم يحدث فبالكاد تمكن جسده الهزيل و الضعيف من تحريك الآخر و إفقاده جزء من توازنه و بالمقابل الآخر أمسك به من خُصلات شعره الشقراء بينما ينطق بابتسامة ساخرة :" أهذه كل قوتك أيها الصغير ؟! كان يفترض بك إستغلالها و الركض مُبتعداً عني لا العكس "
أردف بعدها بنبرة أكثر خُبثاً :" بالطبع حينها كنت سأستمتع حقاً برسم لوحة ما من دمائك التي ستسيل من قدميك أو يديك ليعثر عليها والدك ! "
تلك النبرة و الملامح التي إرتسمت على وجهه جعلت يوشي يحدق به بخوف بينما أنفاسه تضطرب أكثر فأكثر , هو مخيف , إبتسامته تخيفه أكثر من وجه من قابلهم بتلك المدرسة التأديبية , هي تبدوا له كملامح لشخص مختل يستمتع حقاً برؤيته يتلوى من الألم !.
شهقة قوية مرعوبة صدرت من بين شفتيه عندما إنقبضت يداه على عنقه و هو يرفعه للأعلى بينما ينطق بخفة :" قلت أنني لن أسبب الألم لكما إن سلمتما نفسيكما لي فحسب , لكنك لم تفعل لذا تستحق عقوبة ما "
وضع يوشي كلتا يديه على ذراعي الرجل بينما يحاول تخليص نفسه منه , هو حاول الإفلات أيضاً عن طريق تحريك قدميه و ركله لكن كل ذلك بلا نتيجة , الألم كان يزداد أكثر فأكثر و دموعه بدأت تتجمع بعيناه بينما يشعر بأنه على وشك أن يفقد وعيه تماماً !
شهقة أخرى صدرت منه هدفها إستعادة بعض الأوكسجين و إيصاله لجسده ما إن سقط أرضاً فجأة بينما بدأ يسعل بخفة , لكن تلك الراحة التي إمتدت لعدة ثوان فقط إنتهت ما إن وضع الرجل إحدى قدميه على معدته بينما ينطق بنبرة مُستمتعة :" تحرك و سأفجر رأس شقيقك ما رأيك ؟! "
هوشي و الذي كان قد وصل تواً نظر إليه بحقد شديد بينما هتف بقوة :" إبتعد عنه أو أقسم ستندم ! "
هو رآه عندما كان يحاول خنق شقيقه و الآن هذا , لم يتمكن من التحرك لإخراج أي من الأدوات التي يحملها فأي حركة قد تؤدي بحياة شقيقه للتهلكة خاصة و أن من أمامه ركز بصره عليه بينما يخرج مسدسه و يصوبه بالقرب من يد توأمه حيث أطلق رصاصة ما إخترقت جسد شقيقه حقاً بل عبرت بجوار ذراعه مُسببة له جرح بمرفقه دفع هوشي للصراخ برعب قبل أن ينطق بشيء من التوسل و دموعه إنهمرت سريعاً :" حسناً أرجوك سأسلم نفسي فحسب موافق ؟ "
ابتسم الآخر بينما يبعد قدمه عن يوشي الذي اتسعت عيناه بينما أومأ سلباً بقوة غير قادر على الحديث , هو حاول النهوض أو تحذير توأمه خاصة ما إن ظهر الشخص الذي كان يلاحقهما منذ البداية خلفه , أراده أن يهرب من فوره , لا يمكنه أن يسلم نفسه أيضاً و ليس بسببه على الأقل !
نظراته تلك وصلت لتوأمه الذي بادله إياها بضعف شديد , فهو أيضاً ليس مُستعد لتركه و الهرب ! ماذا إن عاد و لم يجده مثلاً ؟! أو فقده للأبد ؟
يوشي شهق بقوة فور رؤيته لشقيقه يسقط أرضاً فاقداً للوعي بفعل ركلة وجهها إليه الأول جعلت جسده هو الآخر يهوي بينما يتسرب وعيه منه عنوة بينما إحدى دموعه هربت من مُقلتيه لتستقر على وجنته اليُمنى حيث كُتب لها الموت و الإختفاء هناك !.
*****
إتسعت عيناه بصدمة شديدة و هو يتفحص ذلك الكوخ الفارغ , لم يغب عنهم سوى نصف ساعة أو أكثر بقليل , ثم بحق كيف تمكن أحدهم من تحديد مكانهم بهذه السرعة ؟! هو أغمض عيناه قليلاً يوقف أقجامه عن التحرك بينما يخرج هاتفه ليعيد الإتصال بمساعده , عليه تحديد موقع صغيراه و سوكي قبل فوات الأوان , لن يسامح نفسه قط إن حدث لهم أي مكروه , كان يظن بأنه تدبر أمر حمايتهم بالإبتعاد عن المدينة , بعثر خُصلات شعره بينما قلبه يعصف بالكثير من القلق !
عض على شفتيه بحقد يوجهه لنفسه , كل ما يحدث الآن بسبب حماقته هو , قدميه بالكاد سمحتا له بالوقوف يشعر بجسده يرتجف بقوة بينما ذاكرته تعيد له آخر نقاش أجراه مع صغيراه , هو جعلهما يبكيان و بدلاً من التخفيف عنهما كل ما قاله أنه ليس موعد الوداع !؟
لا يدرك أن يضحك بسخرية أم يضرب رأسه بالحائط , أشعر طفلاه بأنه قد يحدث أمر ما يجعلهما لا يريانه ؟! كز على أسنانه بقوة شديدة بينما ينطق :" لن يحدث , قطعاً لن أسمح بأن تكون هذه المرة الأخيرة التي آراهما بها ! "
تسللت لعقله كلمات صغيره يوشي و الذي أخبره يوماً بأنه بطله و أن يديه عندما تحيطان به تُشعرانه بالأمان , هو أخذ نفساً عميقاً قبل أن يسير بأرجاء المكان محاولاً البحث عن أي دليل قد يقوده لهما , لا يريد حقاً أن يُخيب رجاء صغيراه مهما حدث .
خطواته كانت هادئة لا تصدر أي صوت عله يستمع لأي حركة بحال تواجد شخص ما هنا ! , قطب حاجبيه بشيء من التركيز عندما شعر بضوضاء صادرة من الباحة الخلفية للمكان , يدرك بأنه قد يجد حيوان ما أو حتى شخص ما ينتظره لقتله لكن تلك النسبة الضئيلة و بشدة التي تخبره بأنه قد يعثر على صغيراه جعلت خطواته تتسارع بلا شعور منه بإتجاه الخارج , و ما إن وصل حتى بعثر نظراته بالأرجاء باحثاً عن ما يدله , هو حدق بالأرجاء بهدوء حتى سمع ذات الصوت الذي لفت إنتباهه صادر من البئر !
إتجه إليه بخطوات شبه سريعة بينما ينطق بريبة :" أهنالك أحد ما بالأسفل ؟! "
ما إن نطق بعبارته تلك حتى وصلته الإجابة منها بصوت شبه مرتعب :" آيكو ! أخرجني من هنا الآن ! "
ضيق عينيه ليركض بإتجاه القبو المُظلم , هو نظر إليها بقلق بينما ينطق :" ماذا حدث ؟ و هل أنتي بخير سوكي ؟ أين هوشي و يوشي ؟ "
أجابته بسرعة و ضيق :" أترى أنني سأكون بخير هنا !؟ أخرجني الآن ثم أطلق العنان لأسئلتك "
نطق بصوت خافت :" سأبحث عن سلم أو شيء ما , سأعود فوراً "
لم ينتظر الإستماع إلى ردها حتى بل هو عاد راكضاً للداخل , يريد إخراجها و التفرغ لإيجاد صغاره و بذات الوقت مساعده أخبره بأن الشرطة بطريقها إليهم , أي إن كان حظه جيداً فقد تأتي الشرطة و تكمل عملية إنقاذ سوكي و هو سينطلق للبحث عن صغاره .
*****
تلك الليلة رياحها كانت أبرد من المُعتاد , و بالرغم من كل التنقلات التي حدثت لم يصحوا أي من الصغيرين حتى عندما تم ربط كلاهما إلى عامود خشبي ضخم بكوخ قديم متهالك يكاد يسقط بأي لحظة !
و أمامهما وقف هو بابتسامة فخورة سعيدة , لقد حقق ما يريده و الآن ليرى كيف سيستمر آيكو بالعيش حقاً , حدق بالرجلين من خلفه بينما أشار لأحدهما ليتقدم و بيده دلو مليء بالمياه الباردة , هو أفرغه على كلاهما مما دفعهما للإستيقاظ بإرتياع شديد محاولين الحركة كرد فعل لما حدث إلا أن القيود أحالت دون تمكنهما من ذلك .
يوشي إتسعت عيناه بقوة و قد إزدادت ضربات قلبه بشدة , لم يتمكن عقله للوهلة الأولى من تحليل الموقف أو أين هو الآن ! جسده كان ينتفض بين فنية و أخرى بفعل تلك المياه التي إتخذت من جسده ملاذاً أخير لها ، عدة ثوان أخرى و بدأت ذكرياته بالتدفق لعقله تِباعاً حتى وصل لآخر ما يذكره , إنهيار جسد شقيقه ! لذا إلتف بعيناه سريعاً يحدق بصاحب الأنفاس السريعة جواره محاولاً سكب و لو القليل من الطمأنينة بأنه بخير أيضاً و لو للوقت الحالي .
الآخر لم يكن نهوضه أقل توجس من شقيقه ، هو انتفض جسده دون إرادة ما إن لامسته برودة المياه تلك ، مُقلتيه و دون إرادته تحركت بالأرجاء تكتشفها ، هو ليس بالمكان المؤلف له و هذا يجعله يغرق ببحر أشد من الذُعر ، أدارهما أخيراً لتقع عيناه على توأمه الذي كان ينظر له بقلق قبل أن يشيح بوجهه مُحدقاً بالثلاثة أمامه بحقد و إستياء ، و إن كانت معالم وجهه شاحبة تعكس مقدار ما يشعر به من رهبة بالموقف ككل !
تاتشو رمقهما بسخرية بينما يتحدث موجهاً دفة الحديث للأصغر بينهما :" إذاً تقابلنا مُجدداً صغيري يوشي حقاً لم أتصور أن تبقى على قيد الحياة هناك "
نظر المعني له بحدة شديدة , هذا الرجل تجرأ و رفع يده على والدته و بالنهاية تسبب بخسارته لمنزله و حرمانه من العودة لها , لن يسامحه مهما حدث و إن لم يكن يفهم السبب الذي يدفعه لخطفه و هوشي الآن , أراد أن يُجيبه لولا أن الأكبر نطق بسرعة :" و سيبقى بخير رُغماً عن من هم مثلك "
رفع المعني أحد حاجبيه و هو يتحدث :" أنت بالفعل تمتلك لسان سليط ! تماماً كما سمعت عنك أيها المدلل "
حدق به الصغير بحده إلا أنه لم يجب حقاً لاسيما مع نلك النظرات التي تخترقه من الرجل الذي يقف خلف تاتشو , و الأخير راقب ذلك ليبتسم بشيء من السُخرية بينما ينطق :" داستين أترغب بأن تتسلى بهذا الصغير ؟ سمعت أنك وقعت بأحد الأفخاخ الخاصة به "
عض المعني على شفتيه بقوة شديدة بينما يحدق بزميله بشيء من الحقد , فهل هو أوصل الأمر له بهذه السرعة ؟! الآخر حرك كتفيه بلا مُبالاة بينما يبتسم بخفة مما دفع الآخر للتنفس بعمق لئلا يسمح لنفسه بالتهور أكثر ثم أجاب بإنزعاج :" كل ما في الأمر سيدي أنني لم أتوقع من هذا الصغير أن يتمكن من نصب فخ ما بسرعة ! و أجل سيسعدني حقاً جعله يعلم مع من يتصرف ! "
شهقة قوية صدرت من الأصغر كادت تقتلع أنفاسه أيضاً لو أن هذا ممكن بينما هتف بشيء من الهول خاصة مع تقدم الآخر منهما :" لن تقترب منه حتى ! "
ابتسم تاتشو بإستمتاع بينما يجيب :" دفاعك هذا و شحوب وجهك يدفعني حقاً لتعذيبه ببطء شديد قبل قتله ! "
أراد أن يُجيبه بل رغب بالصراخ بأقصى ما يمكنه ، لكن صوته لم يستجب ليس و ذاك الرجل يتقدم بإتجاههما بخطوات بطيئة ليزيد من رهبة الموقف ، هو ما إن وصل حتى أمسك بشعر هوشي الذي عض على شفتيه سريعاً بينما ينطق :" إذاً أيها الطفل أين هي ابتسامتك المُنتصرة تلك ؟ "
أنهى جُملته بينما يخرج من جيب مِعطفه سكين صغيرة أجبرت كلاهما للنظر لها بذُعر شديد ، هوشي كان يبذل كل ما بوسعه لئلا يبكي حقاً ، جسده يشعر بأنه تخدر تماماً و ما عاد قابلاً للإستخدام ، حقيبته بزاوية بعيدة عنه و كذلك حقيبة توأمه لذا ماذا يمكنه أن يفعل ليهرب و شقيقه ؟!
لا يمكنه الموت هنا فحسب صحيح ؟ ألم يقل بأنه عليهما الصمود حتى قدوم والدهما ؟ إذاً ماذا الآن ؟ أغلق عيناه بينما أصدر جوفه صرخة خافتة ما إن شاهد السكين تهوي بقوة و قد انهمرت دموعه أخيراً !
و صرخة أخرى صدرت من توأمه الذي أغلق هو الآخر عيناه اللتين فاضتا بمياههما بلا رادع ، لم يرغب بفتحهما مُجدداً إن كان هذا يعني رؤية ما لن يرغب بمشاهدته .
شهقة صدرت من جوف الأكبر ما إن شعر بجسده يتحرر من تلك القيود بينما يقبض من أمامه على يده بقوة شديدة مُجبراً إياه على النهوض و إلقائه للحائط بقسوة جعلت تاتشو ينطق :" مهلاً قليلاً لا تقم بقتله حقاً , أرغب برؤية وجه آيكو عندما يصل إلى هنا بذات اللحظة التي تخترق بضع رصاصات جسديهما معاً ! لذا لا لقتلهما حقاً مفهوم ؟ و لا لجراح خطيرة فلا أعلم متى سيصل آيكو إلى هُنا "
أنهى عبارته ليغادر المكان للإستعداد كما يقول لنصره النهائي , بينما إلتف المدعو داستين لهوشي مُجدداً و هو ينطق بشر مُطلق :" هو لم يقل أي شيء حول تحطيم العظام صحيح ؟ "
عيناهما كلاهما إتسعتا بقوة بينما هتف يوشي بكل ما إمتلكه من قوة :" لا تفعل ! أقسم لك ستندم إن لمسته حتى "
تلك القوة التي إمتزجت بحقد شديد بخرت كل ذرة خوف بقلبه , هو حقاً سيفعل ليس ضعيفاً إلى هذه الدرجة ! لطالما واجه مواقف كهذه بحياته القصيرة هذه , لكن المختلف الآن أن شقيقه برفقته و هو السبب الرئيسي بأنه إستسلم لهم , لإنه أظهر ضعفه مُتناسياً أن شخصيته حقاً ليست كذلك !.
حقاً الحياة تحت ظل والده و توأمه جعلته يلين أكثر مما كان عليه يوماً , لقد بدأ يتصرف كطفل حقاً ظناً منه أن لا شيء سيء سيحدث لكن أيمكنه الإستمرار بهذا ؟ التردد بقلبه قضى عليه تماماً , هو سيتحرك و لن يهتم بالنتيجة بأي حال سيتم قتلهما إن إستمر الأمر لذا على الأقل سيقاوم .
و الرجل الآخر الذي كان يراقب الأمر بملل شديد ابتسم فجأة ما إن شاهد تلك النظرة على وجه التوأم الأصغر و شعر أنه و أخيراً قد يستمتع خاصة و أن ذاكرته عرضت عليه اللحظة التي حاول بها دفعه بالغابة ، هذا الطفل يُعجبه بشدة ، نظراته تلك يرى أن لها مُستقبل جيد , و ربما ما زاد إعجابه هو ما رآه يحمله بيده و أين ترتكز نظراته ! .
لذا هو نهض من مكانه بينما يتحدث بخفة :" أظن داستين يمكنك العناية بالصغيران وحدك لدي أمر علي الإنتهاء منه "
و الآخر ما اهتم حقاً بعبارة رفيقه و بالتالي لم يلاحظ النظرات الساخرة التي تحدق به !
بالنهاية أعاد الأول بصره ليوشي الذي مازال يتأمل المكان لينطق بنبرة عابثة :" إذاً أيها الصغير أنا أثق أننا سنلتقي يوماً ما بمكان آخر "
أنهى عبارته ملوحاً بيده له ليغادر تاركاً الطفلين برعاية من معه فحسب , و يوشي حقاً لم ينتبه هو الآخر لتلك العبارة بل فكر فقط بأنه محظوظ ربما لرحيل واحد منهما ؟!
هوشي أغمض عيناه يمنع نفسه من التفكير بسلبية بمحاولة ما لطرد الرعب الذي يحتل جسده بالكامل , عدة ثوان فقط هي ما فصلته ليُحدق بالذي غادر و قد أزعجته عبارة الرجل ذاك و نبرة صوته لذا نظر لشقيقه أيضاً و الذي أظهر ما بيده لتوأمه ليبتسم الصغير بطريقة عابثة و قد إختفى رعبه الذي إستوطنه يعيد بصره لمن يقف أمامه و الذي كان يحدق بالأرجاء باحثاً عن أي شيء قد يساعده بجعل الصغير يصرخ متوسلاً !
كلاهما تحرر من قيوده عندما قام من معهما بأخذ هوشي , و هو ما انتبه لذلك أو ربما إستخف حقاً ؟! و رفيقه الآخر فقط وجد لنفسه أمر يتسلى به لذا كل هذه المهمة ما عادت تهمه حقاً , بالطبع كلا الصغيرين لم يفهما ما يحدث حقاً سوى بأنها قد تكون آخر فرصة لكلاهما للهرب من بين أيديهم , و العودة لوالدهم ؟
لذا باللحظة التي إنشغل بها من أمام الأكبر بإخراج شيء ما من حقيبته نهض هوشي من مكانه بأقصى قوة لديه يعرقل حركته ثم يصدمه لإسقاطه أرضاً و بقوة ، حركته تلك كانت مُتزامنة مع تحركات توأمه الذي نهض من مكانه يسرق دلو إمتلئ نصفه بالمياه يسكبها بالكامل على الرجل الذي كان يحاول النهوض ليصرخ بقوة :" أقسم بأنني سأجعل هذا اليوم آخر يوم بحياتكما التافهة هذه دون أدنى اهتمام لطلب ذلك اللعين الآخر ! "
تراجع هوشي سريعاً للوقوف بجوار توأمه الذي كان يحمل جهاز صاعق بينما يقوم بالعبث بأسلاكه ، هو للحق لم يرد أن يتم الإمساك به ان اقترب و لو لخطوة واحدة لذا فضل تعديل على الجهاز بيده سريعاً ليجعله يعمل دون الحاجة لزر التشغيل ، ثوان شهق هو بشيء من الألم ليلقيه من يده على الرجل الذي كان يجثوا أرضاً يبحث عن مسدسه بين أمتعته حيث صرخ بألم و هو يشتمهما كلاهما قبل أن يخبو صوته تماماً !
الصغيران توقفا بمكانهما عدة ثوان قبل أن يمسك الأكبر بيد توأمه و هو ينطق بمرح :" نسختي اللطيفة إستطاعت القيام بمقلب ! "
قطب المعني حاجباه قليلاً و هو ينطق بإستياء :" ليس هذا الوقت المناسب للاحتفال علينا الهرب حالاً "
بالرغم من العبوس الطفيف الذي ظهر على وجه الأكبر إلا أن كل منهما قام بحمل حقيبته الخاصة و الهرب سريعاً إلى خارج الكوخ حيث كان الرجل الآخر يقف يراقبهما من بعيد بينما كان يضحك على ردة فعل من كان زميله قبل دقائق ! و بذات الوقت يراقب توغل الصغيران بالغابة أمامهما بينما يمسك كلاهما بيد الآخر .
*****
كز على شفتيه بقوة شديدة بينما يضرب بقبضته الحائط أمامه ، الوقت يمضي بسرعة و الظلام احتل المنطقة بالكامل و هو بالكاد وجد دليلاً لموقع صغيراه !
شعور عظيم بالندم كان يتسلل لثنايا روحه بكل ثانية ، أكان عليه الابتعاد ليجيب على تلك المكالمة حقاً ؟ ثم و مجدداً تعرضهما للخطر أليس بسبب عداوة شخصية بينه و بين المختطف ؟
ألا يعني هذا أنه إن حدث لهما أي مكروه سيكون المسؤول عن ذلك !؟ تماماً كما فقد توأمه من قبل ، أغمض عيناه عله يُبعد تلك المشاعر و الأفكار السلبية قبل أن تعطي عيناه الإذن لدموعهما بالانهمار !
إلتف سريعاً ما إن شعر بتواجد شخص ما معه بمكتب الشرطة و الذي نطق سريعاً :" أظن نحن تمكنا من تحديد موقعهم "
ابتسامة ما كانت ودودة حقاً ظهرت على وجهه بينما يتقدم ليمسك الضابط أمامه من ياقة قميصه و هو يصرخ به :" تظن ؟! أتدرك أنك تتحدث هنا عن حياة إبناي و التي بمرور كل ثانية تصبح معرضة للخطر أكثر ؟! أتجد الأمر لعبة !؟ "
وضع المعني كلتا يداه على كتف من أمامه محاولاً امتصاص جزء من غضبه بينما يجيب :" أعتذر سيدي لم أكن واضحاً بكلماتي ، نحن علمنا أنه تم نقلهم من هذه المحافظة على متن طائرة قبل العصر و هبطت على أراضي محافظة ساغا ، نحن ابلغنا الشرطة هناك بالفعل لتبدأ بالبحث لكن لا علم لنا عن مكانهم تماماً "
ردد خلفه و هو يرخي قبضتيه :" محافظة ساغا "
أنهى عبارته ليغادر المركز دون جدوى من محاولات إيقافه ، لا يعلم أين عليه الذهاب تماماً لكن يدرك على الأقل بأن عليه التواجد بذات المكان الذي به صغيراه و هناك سيقرر حركته التالية بينما يقسم أنه مستعد للتنازل عن كل مبادئه و حياته فقط ليقوم بقتل تاتشو .
~~ يتبع ~~
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top