الفصل التاسع عشر

الأوقات تستمر بالتقاطع مُخلفة الكثير من الذكريات المُختلفة , منوعة هي ومُختلطة ما بين السعادة و الألم و الحزن , بيضاء ناصعة أو سوداء قاتمة أو ربما رمادية مُعتدلة وجميع من يعيش تحت حُكم الوقت سيمر بكل هذه الظروف , سيرى الألم و السعادة , سيشهد على الصحة و سيعاني من الألم ! سيبكي من الفرح و ستتناثر دموعه من الحُزن , فبالنهاية هي مُجرد حياة فانية , تمُدنا بعبقها و عطرها الزكي تارة و تهبنا زهور ذابلة بلا رائحة أو حياة بتارة أخرى , فالهدف منها هي المُقاومة و النهوض دائماً , حفر إسمك بكل مكان توجهت له لتترك بعض الأدلة دوماً عن أنك كُنت هُنا يوماً تخوض بغمار الحياة و عواصفها بثبات وتحدٍ .

******

بصباح يوم جديد وكروتين مُمل متكرر دبت الحياة بذاك القصر مُجدداً ,حيث إجتمع أفراد الأسرة الصغيرة على مائدة الطعام , حدق آيكو بصغيره الذي جلس بعيداً عنهما قليلاً بشيء من الإستياء إلا أنه قرر أن لا يُعلق حقاً على تصرفاته فقط ليوم أو إثنين , و بأي حال هو مشغول بالإتصال اللعين الذي طلب منه القدوم لتوقيع بضع أوراق ضروية !

لم يرغب بالتوجه للعمل ليس اليوم بأي حال , هو رغب بالبقاء إلى جوار صغيره و مُراقبة الأوضاع بنفسه بينه و بين سوكي , لا يرغب أن يحدث أي أمر وهو غير متواجد أو دون أن يعلم عنه !

بالنهاية هو نفض أفكاره ليقف بينما ينطق بهدوء :" حسناً أنا سأغادر الآن , لن أتأخر حقاً ربما ساعة أو إثنتين فقط , هوشي أيمكنك أن تكون مُطيعاً حتى عودتي ؟ "

رفع يوشي رأسه لوالده لينطق هو الآخر بهدوء :" أجل , سأفعل "

إبتسم له والده بخفة ولا يعلم حقاً لماذا يثق بأنه سيفعل ؟! بالعادة هو كان ليعيد تلك الجملة على صغيره حتى يحرك سيارته ولن يصدقه وبالطبع صغيره لن يخيب ظنه فهو كان ليعود ويجد كُل شيء مُنقلب رأساً على عقب , لكن مؤخراً و بالتفكير بالأمر مُنذ عودته من المُخيم ماذا فعل هو ؟!

غادر تلك الأفكار فور أن نطقت زوجته بدلال :" إلى اللقاء يا عزيزي "

نظر لها من طرف عينه بينما يجيب :" إلى اللقاء "

هو حمل حقيبته وغادر بعدها مُسرعاً ليعود مُبكراً كما وعد , وما إن إختفى من أمامهما حتى وجهت سوكي حدقتاها الزرقاوتين نحو الصغير الذي كن يحدق بطعامه بغير شهية مُطلقاً لتنطق بضيق :" والآن إستمع لي ودعنا نضع النقوط على الحروف بيننا "

رفع يوشي وجهه ليحدق بها بينما ينطق بحيرة :" تتحدثين معي ؟"

كزت على أسنانها بغيظ وهي تنطق :" وهل هُناك شخص آخر سواك هُنا ؟! "

عبس بخفة وهو يجيب :" حسناً ماذا تريدين ؟! "

تنفست بعمق لتستند على مقعدها بينما تتحدث بثقة :" يجدر بك أن تعلم أن العيش معي له قوانينه الخاصة ! والدك لطالما أخبرني عن ما تفعله دائماً ومقالبك المريضة تلك ! كل هذا يدل أنك بحاجة لإعادة تربية و سأتأكد من فعلها مُجدداً , لذا أمامك طريقتين للعيش معي إما السهلة وهي أنك ستطيع أوامري وتكف عن عبثك بالأرجاء لنعيش كلانا بسعادة وقد أتقبلك حينها أو سأتأكد من جعل والدك ضدك ! "

شد على قبضة يده بقوة و ألم لينهض مُتجاهلاً كلامها تماماً , فماذا لو أن توأمه هنا وهو من سمع ذلك ؟ هي ستؤلمه و بشدة كلماتها فإن آذته هو فكيف سيكون وقعها على توأمه ؟ ولكن على الأغلب توأمه لن يتجاهلها كما يفعل هو الآن بل سيرد عليها بوقاحة ولا يدري كيف سينتهي الأمر حينها ؟! هل سيبكي بالنهاية ؟ فهوشي حساس بالفعل من هذه المواضيع , هذا ولد له شيء من الحقد إتجاهها بالفعل !

شهق بألم عندما هي أمسكت به من ياقة قميصه بقوة بينما تهتف بحده :" إياك وأن تتجاهلني وتغادر هكذا أهذا مفهوم ؟"

  أجابها بضيق وألم :" لم أفعل ! دعيني الآن أذهب "

ألقت به بقوة متوسطة قبل أن تشير بيدها للأعلى وهي تنطق :" لا يهم غادر فحسب لغرفتك ! "

همس بإنزعاج :" لستُ بحاجة لأمر منك فهي أفضل من البقاء معك بكل حال "

أنهى عبارته ليغادر من فوره للأعلى دون الإستماع لردها بينما نطقت هي بإستياء :" حقاً لا يفترض بك إمتحان صبري أيها الصغير أو بدأ حرب ما معي ! "

*******

جلست إلى جوار شقيقتها الكُبرى وهي تنطق بهمس :" أأنتي بخير حقاً ؟! ماذا ستفعلين الآن ؟"

نظرت لها لتجيبها بإقتضاب :" لا أعلم سوى ما أخبرتك به , لتمضي الخطبة تلك ولكن يوم الزفاف قطعاً لن يأتي ! "

إبتلعت رمقها بقلق فهي تدرك أن شقيقتها هذه إن تم إجبارها على شيء ما لا تريده فهي لن تُنفذه ولو قتلت نفسها بالنهاية !

و بالمُقابل جلس تاكاشي برفقة الأطفال وهو يضحك بإستمتاع على تلك التعليقات و التي إنتشرت بكل مكان فور نشر هوشي للمقطع ,هو نطق بهدوء :" فقط أيها الطفل كيف تمتلك كل هذه الجُرأة ؟ "

إبتسم بمرح وهو يجيبه بفخر :" لكنك إستمتعت لا تنكر ذلك ! أتريد دروساً خصوصية بكيفية التخطيط و القيام بها ؟"

بعثر له خُصلاته الشقراء بينما يجيبه :" لا شكراً , فقط إشرح لي ما فعلته اليوم ! "

حرك كتفيه برفض وهو ينطق بقليل من السُخرية :" هذا هو سر المهنة ! لن أخبرك ما لن تدفع ! "

ضم قبضة يده إليه وهو يهمس بسخط بينما ينهض :" طفل بغيظ "

أنهى عبارته ليجلس بجوار شقيقتيه وهو يحدق بهانا بشيء من القلق قبل أن يقف هوشي أمامه بينما يتحدث بإنزعاج :" من هو البغيظ ! أنت بالكاد نجوت من القائمة بالأمس "

أبعده من أمامه بخفة وهو ينطق بحدة :" لإنك لو تجرأت و فعلتها لوجدتك والدتك جثة هامدة صباح اليوم "

إلتفت هانا لتراقب النقاش الدائر بين شقيقها وصغيرها لتتحدث بضيق :" هو طفل توقف حقاً عن الشجار معه يا أخي ! "

رفع شقيقها يداه بإستسلام وهو يتنفس بعمق بينما يجيب :" بل شيطان ! "

أراد الصغير أن يجيبه لولا نظرات والدته نحوه و التي دفعته للتراجع بينما بداخله يشتم نفسه إيقافه لمقلب خاله بيده ! فقط لما هو أشفق عليه بتلك اللحظة ؟ ألم تكن عيناه حزينة ؟ و الآن هي مُزعجة للغاية !

******

وكما وعد تماماً آيكو كان بالمنزل بعد ساعة أو إثنتين فقط , هو إتجه لغرفة صغيره ليجده يجلس على فراشه بينما يعبث بهاتفه فحسب , جلس آيكو بجواره لينظر صغيره له بهدوء غريب عليه حقاً , هو حتى نطق بشيء من الحيرة بعفوية :" فقط ماذا فعل المُعسكر بك ؟"

تلك الجملة أجبرت الصغير على الإنتفاض وهو يجيب بتوتر :" لا شيء بالطبع ! ماذا يمكن أن يفعل ؟ "

مسح على خُصلات شعر صغيره بينما يتحدث بحيرة :" إذاً لماذا أنت هادئ ؟ أعلم أنني دائماً كنت أطلب منك أن تعقل لكن حدوث هذا و الآن و بظل ظروف كهذه تزعجني "

رمش الصغير بخفة قبل أن يبتسم بشيء من الإطمئنان , فهو لاحظ إختلاف الطباع و أخيراً أي أنه بالمستقبل ربما إن حدث لشقيقه أي سوء ولم يكن هو على تواصل معه سيتمكن والده من معرفة ذلك !

آيكو الذي أراد الحصول على إجابة من صغيره عقد حاجبيه بقلق أكبر مع تلك الإبتسامة الغريبة بالنسبة له , ولكنه تجاهل الأمر تماماً عندما لمح طرف عُلبة دواء ما من تحت وسادته , إزدادت عُقدة حاجبيه وهو يختطفه من مكانه ليشهق الصغير بفزع بينما يقف لسرقته من بين يدي والده مُجدداً بينما يقف بعيداً عنه ناحية باب غرفته !

ملامح آيكو تجهمت بالكامل وهو ينطق بهدوء أو هذا ما حاول إظهاره فقط :" هوشي ما هو هذا الدواء ؟ وما بال ردة فعلك هذه ؟"

هو تراجع للخلف  حتى وصل للمدخل بينما يجيبه بخوف :" هو دواء للزكام فقط "

زفر الهواء بحنق وهو يمد يده بينما يتحدث بنفاذ صبر :" أعطني الدواء حالاً ! "

حرك رأسه برفض شديد وهو يتراجع ليغادر غرفته , ليس مُستعداً لأن يتم كشفه الآن من قِبله ! هو لايزال خائفاً حقاً , ليس و كأن والده قد يرفضه لكن لا يعلم سبب ذلك الشعور الذي فقط يخبره بأنه ربما سيخيب ظنه لإنه هنا وليس إبنه الآخر ؟! أو ربما سيغضب منه بشدة ؟ّ! لإنه أتى لزيارته دون أي موعد مُسبق و هوشي غادر دون إخباره ! لكن فقط لما هو لم يفكر بكيف يفترض به العودة للقرية دون أن يكتشفه والده ؟!

أثناء تراجعه للخلف هو إصطدم بإحدى التُحف التي وضعتها زوجة والده على طول الرواق لتتحطم وتصدر صوت مُرتفع أرعب الصغير أولاً ووالده الذي هرع بإتجاهه ثانياً , آيكو نطق بقلق :" هل أنت بخير هل أُصبت ؟ "

أومئ الصغير سلباً من فوره قبل أن يلتفت كلاهما لسوكي التي شهقت فور أن وقعت عيناها على الحُطام لتنطق بحنق :" ماذا حدث هُنا ؟"

أخفض الصغير رأسه وهو يهمس بصوت بالكاد تمكنا من سماعه :" أنا آسف لم أقصد ذلك حقاً "

رفعت أحد حاجبيها بإستنكار تام بينما تتحدث :" أتمزح معي ؟ أتدرك حتى كم ثمنها أي الصغير ؟ أتحاول أن تتحداني هُنا ؟"

وقف آيكو وهو ينطق بهدوء :" سوكي إهدئي قليلاً "

أشارت ليوشي بإصبعها بينما تجيبه بغضب :" هو بعد أن غادرت مُباشرة صباح اليوم أعلن تحديه لي ! وها قد بدأ بالتنفيذ , أمامك سيتصرف كطفل ودود و من خلفك فقط يسبب لي المشاكل لذا و الآن عاقبه حتى يعلم أن ما يخطط له لن يحدث "

شهق بخوف قبل أن يهتف :" كاذبة ! لم أقل أو أفعل هذا "

أمسكته من ياقة قميصه بقوة وهي تنطق بحنق :" أتعني أنني كاذبة ؟"

بتلك اللحظة إمتدت يد آيكو لتبعدها عن صغيره بُعنف وهو ينطق بتحذير :" سوكي ! هذه ستكون المرة الأولى و الأخيرة التي تمتد يدك له ! أنا والده ولم أرفع يدي نحوه ولو لمرة واحدة لذا أحذرك فلن يكون هُناك مرة ثانية مُطلقاً"

ضمت كِلتا يداها بقوة بينما تهتف :" إذاً تصرف مع صغيرك فأنت تعلم أي نوع من الأطفال هو ! ومن ثُم الصراخ بوجهي أمامه سيزيد من قوته ومقاومته لي أهذا ما تريده ؟ "

كلاهما لم ينتبها للصغير الذي إنسحب من بينهما مُختبأً خلف جده الذي تحدث بهدوء لم يخلوا من الحزم :" كلاكما أصمتا قليلاً "

أراد أن يُكمل كلماته لولا زوجته التي تحدثت مؤنبة :" آيكو أتفق معك بأن رفع يدها على الصغير أمر خاطئ لكن كان عليك صرفه لغُرفته قبل أن تتحدث هكذا مع زوجتك ! لا تنسى أنه مشاكس حقاً وعلى إستعداد تام بعمل مقلب ما و إزعاجها بكلماته العابثة إن لم تتصرف بشيء من الحزم و القسوة ! "

إتسعت عيناه بصدمة وهو ينطق بإنزعاج :" لا ! هذا غير صحيح ! "

أغمض آيكو عيناه بينما ضم قبضة يده وهو ينطق بحده :" هوشي إلى غرفتك بصمت  ! "

إتسعت عيناه بصدمة بينما يهمس بشبه إعتراض :" لكن لماذا ؟ أنت كُنت هنا صحيح ؟ لقد رأيت أنني لم أتعمد فعل ذلك ! "

فتح عيناه وهو يهتف بحدة أكبر :" الآن ! "

أخفض بصره ليركض لغرفته ويغلق الباب بقوة خلفه ومن ثم أغلقه بالقفل قبل أن يسمح لدموعه للإنهمار وهو يبتعد عن الباب لعدة خطوات للخلف , هو أمسك بعلبة الدواء بين يديه وتمنى لو أنه لم يمنع والده من رؤيتها حقاً !

و بالخارج هتف آيكو بغضب :" و الآن هل أرضاكما هذا أم لا ؟! ومجدداً إن تكرر الأمر سوكي فأُقسم ستجدين نفسك خارج القصر , و أنتي أُمي كفى ! لقد فعلت ما طلبته مني فأين هي السعادة اللعينة التي تتحدثين عنها ؟ "

أنهى عبارته ليغادر المنزل ليتبعه والده على الفور بعد أن لاحظ أن الصغير أغلق الباب بالقفل ولن ييسمح له بالدخول , ليغرق القصر بالصمت فجأة .

*****

أوقفت أفكارها حول مُستقبلها المجهول مُنذ فترة وبقيت تحدق بصغيرها الذي كان يجادل خاله بلا توقف ! هي تواً فكرت بأنه ربما إن كشف عن أنها سُتخب لرجل ما سيتدمر أكثر وهي لم تواسيه بعد من زواج والده !

تنفست بعمق مُقررة أنه عليها الكشف عن معرفتها بأمره فحسب حتى يسهل عليها الحديث معه براحة أكبر لكليهما فهو بالطبع سيستجيب لها أكثر عندما يعلم أنها تتحدث معه و تقصده هو بالحديث لا شقيقه , إبتسمت بخفة فقط وهي تفكر بأنه يفكر أنه خدعهم و نجح بذلك دون شكوك مع كل تصرفاته تلك , حقاً هو بريء بالرغم من كل شيء !

زفرت الهواء بعمق قبل تهتف بصوت شبه حاد حتى يجيب بعفوية ودون تفكير ": تداشي هوشي ! "

وكان لها ما أرادت حقاً حيث نهض من مكانه وتوقف عن إزعاج خاله وهو ينطق بعفوية شديدة :" ماذا أمي ؟ "

إتسعت عيناه عندما أدرك ما حصل لينظر تاكاشي له بصدمة بينما ضحكت خالته عليه  !

هو نطق بعبوس طفولي :" هذه خدعة أمي ! فقط لو لم تكوني و الدتي لقمت بمقلب ما هنا لإنك خدعتني "

هي ضحكت بخفة وفتحت ذراعيها له لتتبدل تلك الملامح على الفور, هي تواً نادته بإسمه حقاً كما أنها تضحك وترغب بإحتضانه هو ؟! لم يعلم حقاً كيف ركض ليرتمي بحضنها كأنها المرة الأولى التي يقابلها بها بحياته بالكامل .

هو بادلها العناق بسرور شديد فهذه المرة الأولى التي تحتضنه كهوشي لا يوشي ! تناديه بإسمه هو وتضحك معه ! شعر بالدموع تداعب وجنتيه بخفة وهو حقاً مصدوم من مقدار تأثره بهذا فقط ! لكن أليست هذه هي أُمنيته ؟! ثم الآن أُمه تعرف تماماً من هو ولم تشعر بالكره تجاهه صحيح ؟ لم تغضب فقط لإنه قدم لزيارتها دون علمها بل رحبت به !

لم يستطع بالنهاية سوى التشبث بها أكثر و البُكاء وهي بادلته العناق بينما تمسح على خُصلاته بلطف وتمتم بكلمات لطيفة ليهدأ  , بعد فترة قصيرة  هو نطق بمرح محاولاً إبعاد دموعه  :" يفترض بيوشي أن يكون توأمي لكن هل تصدقين أن الأمر إحتاج مني يومين لإقناعه لفكرة التبادل ؟! و هل تتخيلين حجم معاناتي بالإستماع لنصائحه ؟ "

عبس بنهاية جملته قبل أن ينطق :" و الأحمق نسي إخباري عن هذا المزعج ! "

قطب خاله حاجباه بضيق وهو يفكر بأن هذا الفتى ليس ابن آيكو فحسب بل من تربى بوسط منزله ! تنفس بالنهاية بعمق فهو يدرك ولو بأعماقه أن الصغار لا ذنب لهم بأي أمر لذا فقط تجاهل كلماته .

لم يسمح هوشي لهم بالتحدث بأي حرف بل أخرج هاتف نقال من جيبه و نطق بمكر :" لا تتحدثوا جميعاً "

هو إتصل على الرقم الذي يمتلكه يوشي لينقطع الخط دون إجابة وهو لم ييأس بدوره بل إستمر بالإتصال ..

****

وبالطرف الآخر أخرج نفسه من بين كومة الأغطية ليمسح دموعه بسرعة و يغسل وجنتيه ، هو وقف أمام المرآة ليتحدث مع نفسه لتختفي بحة البكاء من صوته لإنه يدرك أن توأمه لن يتوقف عن الرنين ، بالنهاية هو أجاب بينما ينطق بشيء من الإنزعاج :" ماذا تريد يا مزعج ؟ ثم أتعلم ما معنى كلمة نائم ؟ "

زم هوشي شفتيه بعدم رضى لينطق بسخط :" ليس مُهماً فأنت لم تُخبرني بوجود خال لك مُطلقاً وقد كُشف أمري بسببه و إن فضلت أن لا يعتبره أحدنا شيء مهم "

أجابه بحيرة :" خال ؟! لكنني حقاً لا أعرفه "

آمال رأسه بخفة وهو ينطق :" لا تهتم بشأنه مُطلقاً ، بكل حال توقعت أنك ستنفجر بوجهي لإن أمري قد كُشف "

هو نطق بسخرية مُخفياً رغبته الدفينة بإنهاء هذه الرحلة الكارثية :" و من سيرغب بالبقاء بدلاً منك بعد أن يشاهد علاماتك ! بحق الإله هي لا تؤهلك لتصبح مجرما بزنزانة حتى ! "

تململ هوشي بإمتعاض بينما ينطق :" إذاً كُن شقيقاً جيداً و خُذ مكاني هذا الفصل لتحضر بدلاً مني علامات جيدة "

شهق برعب من حقيقة أنه قد يُضطر للعيش هنا لأكثر من أسبوع بينما أجاب :" وأنت تجعلني بالحضيض لا شكراً ، و من ثُم يا عزيزي المعلمان كلاهما كشف أمرنا قبل والدينا لذا هذا مُستحيل "

تنهد هوشي بإستسلام قبل أن ينطق بجد :" هل أنت بخير حقاً ؟ هل كنت نائماً فقط ؟ "

شعر بدموعه تنهمر مجدداً بينما أجاب بنبرة طبيعية :" أجل بخير حقاً فلا تبدأ بوضع الإفتراضات من مُخيلتك ! "

كاد أن يجيب لولا صوت المُرتفع الذي بدء يعلوا بالمكان لينطق بسرعة :" حسنا نتحدث لاحقاً "

أغلق الخط وقد مسح دموعه و نظر لنفسه بالمرآة حيث صفف شعره جيداً و تأكد أن عيناه ليستا مُنفختين وهو بداخله شكر هوشي على إتصاله لإنه لم يرغب بعودة والده للمنزل ليراه يبكي ، لم يرد أن يثقل على كاهله أكثر وهو يعلم تماماً أنه حزين و مُتعب وأن كل ما فعله كان فقط لجعل جدته و وزوجته تصمتان  !

لذا فقط كالعادة هو إحتفظ بالألم لنفسه ليغادر المكان للأسفل و الندم يعتصره لإنه يتمنى الهرب لمنزله من هذا الجحيم بينما يلقي بتوأمه به! .

بالنهاية هو توقف بينما يبتلع رمقه برعب بمكان بعيد نسبياً عمن تتشاجرا بالأسفل ! حيث هُناك أمامه وقفت جدته وهي تحدق بمن أمامها بشيء من الصدمة و الغضب و الأخرى كانت تضع إحدى يديها على خصرها بينما تردف مُجدداً :" ماذا ؟ أنا أفهم تعلقك بإبنك وحفيدك ولكن هو أصبح متزوج الآن ! لا يمكنك القدوم لهنا بكل مرة فقط لإنك إشتقتي له مثلاً ! حددي وقت للزيارة وموعد ما مثلا مرتين بالأسبوع ؟!"

رفعت أحد حاجباها بإستنكار وهي تجيبها :" هذا المنزل لصغيري لماذا تظنين أنه يمكنك إطلاق مثل هذه الأوامر به ؟ "

أجابتها بتهكم :" هو منزل زوجي ! "

هتفت بغضب :" ومن ساعدك على الدخول إليه ؟! "

أجابتها ببساطة :" ممتنة لك ذلك و لكن دورك إنتهى إلى هذا الحد ! و الآن لا تتدخلي بحياتي أكثر من فضلك إلا إن رغبتي بتكرار ما حدث صباحاً معك أنتي و بالنهاية إبنك سيغادر حزيناً ومُحبطاً لإنه لا إستقرار بحياته ! "

إتسعت عيناها بصدمة ودهشة حقيقية أهذه هي الفتاة التي إختارتها هي لتشارك صغيرها حياته ؟!  والآن باتت واثقة أن الصغير لم يكن هو من أزعجها حقاً بل ظلمته تماماً .

غادرت أفكارها المُتضاربة عندما رسمت زوجة إبنها إبتسامة ودودة على وجهها بينما تنطق :" بكل حال بما أننا سوينا هذا الأمر و إتفقنا عليه لماذا لا تجلسين ؟ علينا أن لا نشعر أحدهم بما حدث صحيح ؟"

شدت على قبضة يدها بقوة وهي غير قادرة على تصديق ما يحدث معها ! منذ متى يجبرها شخص ما على الصمت حقاً ؟

يوشي عاد لغرفته بسرعة ودموعه عادت لتنهمر مُجدداً , أعليه إخبار جده بذلك أم يصمت فقط ؟ لكن بهذه الطريقة ألن تُهين جدته هكذا دوماً ؟ لن يمكنه الصمت حقاً بكل مرة , ه إتجه لعلبة دوائه ليأخذ إحداها قبل أن يغرق بالنوم حقاً هذه المرة هرباً من كُل ما يزعجه !

******

إتسعت عيناها ذات اللون العُسلي بينما تهتف بسخط :" كيف يعلن ذلك اليوم هو قال أنه سيمهلك ثلاثة أيام ! "

حركت كتفيها بلا إهتمام حقاً وهي تجيب بهدوء :" اليوم أم بعد ثلاثة أيام ما الفرق حقاً ؟ ستبقى النتيجة واحدة ! "

وقف تاكاشي من مكانه وهو ينطق بصدمة :" أأنتي جادة ؟ ماذا يحدث هنا ؟"

أجابته بهدوء وكأن الأمر لا يعنيها :" نفذت ما رغبت أنت به ! , ربما ليس بإرادتي لكن الأمر سيان صحيح ؟"

هو وقف بينما ينطق بحده :" كيف ليس بإرادتك ولا ! الأمر ليس ذاته هانا ! بحق الإله من يتخلص من السيء ليتجه نحو الأسوء فحسب ؟ ليس هذا ما قصدته وتدركين الأمر تماماً "

أرادت أن تجيب مُجدداً لولا الصغير الذي هتف فجأة بيأس :" لا أريد ! أبي أولاً و الآن أنتي ! أكرهكما كلاكما , أقسم أنني أفعل "

هي نظرت لطفلها ودموعه التي كانت تنهمر لتتقدم نحوه بينما تتحدث :" صغيري الأمر .. "

صمتت عندما رفع يده وكأنه يطلب منها الصمت ثم ركض مُتجاهلاً لها وللجميع نحو غرفته ! "

أغلقت عيناها بألم فهذا تماماً ما كانت تخشاه , هي للتو فقط كشفت عن صغيرها و الآن هو غاضب من كلاهما, مسحت على خُصلات شعرها ذات اللون البُني بينما تفكر أيضاً إن علم صغيرها الآخر بذلك , لا تظن أنه بخير حقاً من الأساس فصوته لم يكن طبيعياً كما لو أنه كان على طبيعته لشهق بفزع فور معرفته بأنها إكتشفت أمره وحاول معرفة ما إن كانت غاضبة أم لا !

******

بعدو عودة آيكو ووالده من الشركة الأول إتجه لغرفة المكتب فحسب طالباً من الجميع عدم إزعاجه حتى موعد العشاء بينما الآخر إتجه للصغير ليراه ويطمأن عليه ! وهو وفور رؤيته نائماً أغلق الباب فحسب وقرر تركه ليرتاح حتى العشاء .

وبعد عدة ساعات كان سوزوكا يجلس بجوار الصغير وهو يحاول إقناعه بالإنضمام لهم لتناول الطعام و الآخر رفض تماماً , جده كان يظن أن رفضه نابع من الموقف الذي حدث بالصباح دون أن يعلم بأن الصغير يفهم والده تماماً ولم يغضب حقاً ولكنه لا يريد رؤية جدته , ولا يعلم ما هو التصرف الصحيح بمواقف كهذه فجدته بدت له موافقة على ما تفعله بها !

بالنهاية هو شهق برعب عندما شعر بجسده يرتفع وجده يحمله معه , هو هتف بخوف شديد :" لا جدي دعني حالاً "

أجابه الجد بعبث :" مُستحيل أعطيتك فُرصة لتغير رأيك بنفسك يا صغيري لكنك فوتها "

تشبث به بخوف وهو يرى الدرج أمامه :" لا ماذا لو سقطنا ؟ "

هدأت نبضاته المرعوبة عندما شعر بيدا والده تلتفان حوله وتحملانه بقوة ليمسك به بخفة , لا يعلم لماذا لكنه فقط يشعر بالهدوء و الطمأنينة مع والده , يشعر بأن يداه قويتان للغاية وقادرتان على حمله بسهولة دون أن يسقط , وهذا الأمان لم يشعر به سوى معه هو دون غيره !

بعد أن مضى إجتماعهم على مائدة العشاء بهدوء شديد قلب الأجواء تماماً ذلك الإعلان الذي ظهر فجأة بالتلفاز , مضى الوقت بقليل من الصمت قبل أن تنطق سوكي بسعادة :" هذا أفضل لها فهي لا تزال شابة ولا تستحق البقاء بلا زوج ! "

الصمت فقط طغى على الأرجاء بينما يوشي إنسحب من المكان دون أن يلاحظه أي أحد لينطلق لغرفته وهو يبكي بقوة شديدة وضع يده على صدره بألم شديد قبل أن يشعر بنفسه عاجز تماماً عن التنفس ليعود لنوبة سعاله الحادة وهو غارق بين أغطية فراشه ليخفي صوته تماماً .

وبعده مُباشرة تقريباً غادر آيكو الغرفة ليتجه لمكتبه بحيث أغلق الباب على نفسه ولم يغادره إلا بالصباح !

~ نهاية الفصل ~

هنالك فصل آخر بالطريق بعد ساعة أو أقل كإعتذار عن التأخير ❤😍

قراءة ممتعة ❤😍

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top