الفصل التاسع

هبطت طائرة آيكو بمطار القرية الصغير و أخيراً ، هو غادرها بينما ينظر حوله بإشتياق شديد لكل شيء , لم ولن ينسى أيام طفولته التي قضاها بها , تلك الأيام التي يستعد لدفع كل ما لديه من نقود لتعود مرة أخرى !

تجاهل السيارة التي كانت بإنتظاره وسار بخطوات هادئة وثابتة تحمل الكثير من الشوق بطياتها , لم يكن شوقه نابع فقط من تلك الذكريات التي تتدفق لعقله و إنما لأشخاص عاشوا هنا وشخص أقرب له من روحه فقد حياته بالمكان ذاته أيضاً .

توقف أمام تلك المقبرة دون إرادة منه , هو لم يأتي للقرية لرؤيته وبالرغم من هذا وجد نفسه أمام قبره , إنحنى بهدوء شديد ليجلس أمامه بينما ينطق بإبتسامة خافتة :" أهلاً بك يا أبله , أراهن أنك من أجبرني على القدوم لهنا بطريقة ما صحيح ؟ أأنت غاضب لإنني لم أزرك منذ أعوام ؟"

أبعد تلك الإبتسامة عن وجهه وهو يردف بحزن :" عليك أن تعود وترى ماذا حدث لتوأمك من بعدك ! أُمنا فقط ستتسبب بجعلي أنتحر قريباً , وهانا مستمرة بقول أن الإستماع لأمك هو الأهم ! وهل تعلم ما هو رأي أنا ؟"

أخذ نفساً عميقاً قبل أن يتحدث بسخط :" تباً لهم جميعاً وليذهبوا للجحيم ! لا أحد منهم يهتم لما أريده أنا ! فقط جميعهم مجموعة من الأنانيين الحمقى "

عبس قليلاً وهو يكمل :" جميعهم بحاجة لشخص يقف أمامهم ويخبرهم توقفوا قليلاً وإطمأنوا إن آيكو بخير ! ومع الأسف أنت لم تعد موجوداً لتخبرهم بذلك , وأنت تعلم أن شقيقك لن يفعل صحيح ؟! "

تنهد بتعب وهو يبعثر خصل شعره الشقراء لينهض بينما يتحدث بالنهاية :" أتشعر بالوحدة ؟ قد أتبعك قريباً ! و أعلم لو أنك تسمعني لقمت بالصراخ علي وقول عبارة ما كلا تكن أحمقاً آيكو وعش حياتك فقط "

عاد للعبوس وهو يكمل :" وإحزر ماذا ؟! لا أريد عيش هذه الحياة ! لا يمكنني فعلها أساساً , شخص مثلي مُعتاد على كتم كل ما يزعجه ومُسايرة التيار دون إعتراض لا يمكنه البقاء , كان يفترض أن تتركني أموت أنا بذلك اليوم فأنت أقدر مني على العيش "

أغمض عينيه وهو يهمس :" آسف ما كان علي القدوم بعد كل هذه الأعوام بمزاج كهذا ! ولكنني على وشك الإنفجار و أنت فقط من يمكنه تحمل ذلك , إلى اللقاء أتمنى أن يكون لقائنا التالي أفضل أو وجهاً لوجه عندما أتبعك "

هو أنهى عبارته ليعود للسير حيث وجهته الأساسية بينما يطغى عليه شعور أكبر بالراحة و الهدوء وإن كان يشعر بفراغ شديد بأعماقه .

*********

هي جلست بينما تحاول العمل جاهدة متناسية بذلك كل ما حدث معها منذ الصباح الباكر , لم تكن لتذهب للعمل لولا إتصال هارو والذي أخبرها بأن صغيرها قد إستيقظ وأعطاها حالته الطبية بالكامل و قد أخبرها بأنهم سيختصرون الرحلة ويعودون بعد أربعة أيام تقريباً !

هي عليها العمل لتدبير المال لدوائه الآن ولن تقبل بأخذ سُلفة من العمل بما أنها لاتزال جديدة به لذا قد تبحث عن عمل آخر بالمساء بأجر يومي !

تجمدت بمكانها بسبب تلك اليد التي وضعت على وجنتيها لمسح دموعها بينما أتاها صوته القلق :" هانا ؟! ما الأمر لما تبكين ؟ هل تاتشوا قال أي شيء يزعجك ؟ أو فعل شيء ما ؟! "

رفعت رأسها بينما تظن أنها تحلم , فما هي فرصة أن يكون آيكو هنا و الآن بهذا المكان و تحديداً بهذه الشركة ؟!

جلس أرضاً بهدوء أمامها وهو يتحدث بحاجبين معقودين :" هانا ! أنا أُحدثك "

شهقت بخفة لتبتعد قليلاً وهي تنطق :" مهلاً لما أنت هنا ؟"

قطب حاجباه بضيق وهو يجيب :" أياً كان السبب الذي أحضرني لهنا سأكرر هل أنتي بخير ؟"

عادت دموعها للهطول وهي تتشبث به أكثر بينما تنطق بصوت مُرتجف :" أنا لقد خذلته ! هو أُصيب و أنا فقط لا يمكنني فعل شيء "

رمش عدة مرات وهو يحاول إستيعاب عمن تتحدث قبل أن ينطق بشيء من القلق :" مهلاً هانا ! أتعنين يوشي ؟ أهو بخير ؟ ماذا حدث له ؟"

هي إبتعدت بينما تنطق بألم :" لقد كاد يغرق وبالنهاية أُصيب بإلتهاب حاد برأتيه لذا .."

قاطعها بهدوء :" أهو بالمشفى الآن ؟ ومن ثُم هو إلتهاب فقط ؟ حتى لو كان حاداً سيكون بخير بالنهاية إن إلتزم بالدواء صحيح ؟"

هي أخفضت رأسها بينما تومئ إيجاباً , تقدم منها ليمسك كفها بينما وضع به مبلغ كبير من النقود , هي كادت تعيده له لولا أنه نطق بجد :" هانا !  يوشي هو إبني أيضاً , يحق لي أن أكون سبباً بعلاج صغيري ! إن كان بحال سيء أو إن إحتاج لمُساعدتي فأنا لست ميتاً هانا , مازلت أتنفس أنا بخير وواجبي كأب له مساعدته صحيح ؟ ألايكفي أن لا دور لي بحياته ؟! "

هي ضمت قبضتها قليلاً ليكمل بإبتسامة هادئة :" نحن لم نتفق على هذا ! هانا أتوسل لكِ هو صغيري أيضاً إن حدث له أي مكروه أخبريني , لا يحق لكِ أن تخبريني بالنهاية أن صغيري رحل لأكتشف أن السبب نقص بالعلاج أو سوء به ! لا يمكنك أن تتحملي و تُحمليني ذنب كهذا ! "

أومأت له إيجاباً ليبتسم بهدوء قبل أن يضيف بتساؤل :" كيف أصيب به بكل حال ؟"

أشاحت ببصرها عنه وهي تجيبه بتوتر :" رحلة مدرسية هو .."

صمتت عندما صدح ذلك الصوت المزعج لكلاهما بالمكان :" السيد تداشي آيكو هنا ! "

تنفس آيكو بعمق وهو ينظر له بسخط , أكثر شخص يكرهه بحياته ولسبب ما هو لم يعد راغباً بالحديث معه , لذا هو ضرب حقاً  بكل خططه لعقد صُلح ما معه بالحائط وشعور ما بداخله يُخبره بأنه أتم عمله هنا , وكأنه قدم فقط لزيارة شقيقه الراحل و هانا و معرفة أن صغيره ليس بخير ! .

سار بهدوء بعدها ليغادر الشركة متجاهلاً تاتشوا تماماً مما جعل الأخير يشتعل من الغضب لذا وجه نظراته لهانا وهو ينطق :" ماذا كان يفعل هذا الوقح هنا ؟"

نظرت له بإنزعاج وهي تعود لمكتبها و العمل :" لا أعلم لم يخبرني بالسبب ! "

هي لم تكذب فظهوره أساساً بالمكان كان مُريباً , هو لم يتحدث و لم يخبرها عن سبب تواجده , فقط وكأنه يعلم أنهم بحاجته الآن ؟! إبتسمت بخفة وهي تعمل بنشاط أكبر بينما غادر تاتشوا المكتب ليفرغ غضبه بمكان آخر بعيداً عنها .

******

بالمساء تقريباً لم يستطع هارو العودة للمشفى بسبب إنشغاله مع بقية طلاب فصله ليأخذ ناو على عاتقه العناية بيوشي بعد أن تأكد أن لا مشاكل مع طلابه , هو دخل لغرفة الصغير و الذي دُهش من أنه تم إعادته لغرفة العناية المركزة !

جلس بجواره وهو يتحدث بشيء من الحيرة :" لماذا تبكي الآن ؟"

هو أشاح بوجهه عن المعلم ومسح دموعه بخفة وقد أجبر نفسه على التوقف عن البكاء , دخل الطبيب برفقة ممرضتين ليتحدث بهدوء :" من فضلك أيها المعلم أيمكنك الإنتظار بالخارج ؟"

تشبيث يوشي به دون إرادة ولكن حقاً هو بات يخشى البقاء بمفرده مع هذا الطبيب ! نظر له ناو ليبتسم بخفة وهو يتحدث :" أيمكنني البقاء هنا ؟ أنا لن أُعيق عملك مُطلقاً "

هو وافق بينما يفكر أن هذا سيجعل التعامل مع الطفل أفضل لإنه حقاً عاجز عن ذلك !

نظر يوشي إلى ناو ليمسك الأخير بيده برفق وهو يتحدث بلطف :" لا تخف الآن فأنا معك ولن أتركك حسناً ؟"

إبتسم يوشي له بإطمئنان بينما بدأ الطبيب بعمله وبعد فترة تحدثت إحدى المُمرضتين :" سنزيل جهاز التنفس عنك الآن حسناً ؟"

أومئ إيجاباً لينطق الطبيب بتحذير :" إن لتم تستطع التنفس عليك بإخبارنا أو إخبار مُرافقك حالاً ولا تكتم الألم مفهوم ؟! "

لم يتحدث لكنه أعاد تحريك رأسه إيجاباً , نظر الطبيب له وهو يتحدث :" لا أرغب بأن تعود للبكاء لكن .."

قاطعه يوشي بمد ذراعه له بينما تشبثت يده الأخرى بيد ناو ليقوم الأخير بضمه له بالكامل وهو يتحدث :" أنت طفل جيد بالفعل "

أغمض يوشي عيناه بخفة وما إن إنتهى الطبيب حتى نطق :" أحسنت إبقى هكذا وستغادر من هنا سريعاً "

صمت قليلاً حتى أدخلت إحدى الممرضتين الغداء ليردف :" أنهه بالكامل حتى لا نضع لك مُغذي فأنت قمت بتفويت وجبة الإفطار "

غادر بعدها الغرفة ليحدق ناو بإثره بإنزعاج فتعامله شديد البرود و الجفاء مع أنه يتحدث لطفل بالثامنة فقط ! نظر ناو للصغير الذي كان يحاول تناول الطعام ولكنه كان على وشك البكاء , إبتسم بخفة وهو يأخذ الطعام من بين يديه بينما ينطق بكل هدوء وخفة :" سأطعمك أنا ! هل تؤلمك يدك بسبب الحُقن ؟"

توردت وجنتيه بخفة شديدة وهو يومئ إيجاباً بكل هدوء لإنه حقاً لا يريد الحصول على إبرة المُغذي أيضاً , ضحك ناو عليه وهو ينطق :" أنت لطيف للغاية ! "

رفع رأسه لينظر له قليلاً قبل أن يتحدث بشيء من الخجل :" بل أنت لطيف كما قال هوشي تماماً بالسابق "

أشار لنفسه بدهشة وهو يتحدث :" هوشي قال أنني لطيف ؟"

أومئ إيجاباً وهو يبتسم بينما يجيبه :" أجل قبل الحادثة عندما كنا نلعب معاً , قال أنك مُعلم لطيف وطيب للغاية "

وضع يده على رأسه وهو ينطق بتمثيل :" إن كنت لطيفاً بنظره ويقوم بكل هذه المقالب فماذا كان ليفعل لو لم أكن كذلك ! "

ضحك يوشي متناسياً ألمه وهو يجيبه :" ربما كنت لتعتزل التدريس "

صمت قليلاً ليردف بإبتسامة سعيدة  :" سيأتي بالغد لزيارتي ؟"

أجابه ناو بسعادة وهو يرى أنه نجح بإخراجه من حزنه وتبديل مزاجه ليجيب :" أجل أظنه سيجبرنا جميعاً للقدوم , أتمنى أن لا يزعجك هذا "

أومئ سلباً وهو ينطق بخفة :" لقد إعتدت عليه وعلى وجوده ! أظنه أول صديق لي "

إتسعت إبتسامة المعلم فهما إن كانا شقيقان حقاً لن ينسيا مُطلقاً هذا اللقاء , لينطق بإبتسامة :" هذا جيد صحيح ؟ أنت أيضاً أول صديق له ! لطالما أحبه الجميع بسبب ثروة والده فقط , ربما هذا هو ما جعله يتصرف هكذا "

هو آمال برأسه قليلاً ليتحدث بقلق :" أهناك قصة ما خلف كلماتك ؟"

تنهد وهو ينطق :" لا يحق لي التحدث أكثر من هذا ! والآن هيا لتنهي الطعام "

ساد الصمت بعدها على أرجاء الغرفة إن إنتهى يوشي من طعامه وعاد للنوم فقط , بينما نهض ناو ليرى الطبيب ويطمأن عليه أكثر .

******

وبالمدينة عاد آيكو مباشرة لمنزله ليستحم وينزل للجلوس مع والده قليلاً , إلا أن جلستهما كانت هادئة وخالية من أي حديث , بالنهاية نطق سوزوكا بملل :" تباً لذلك المخيم الذي أخذ حفيدي مني ! لقد مللت هكذا حقاً و إن لم يُعد قريباً سأبدأ أنا بعمل المقالب "

شهق آيكو بخفة وهو ينطق :" أأنت جاد أبي ؟ هذا فظيع ! "

أجابه بلا مُبالاة :" لا أنوي أن أموت من الملل ! ومن ثم لقد تبقى أسبوع كامل لعودتهم "

رد بسرعة :" بل أربعة أيام أبي ! وهذا فقط بعد أن قررت المدرسة أن لا تكمل الرحلة وإلا لكان بحاجة لأسبوعين إضافيين "

أجابه بضجر :" وتظن أن أربعة أيام مدة قليلة ؟"

صمت قليلاً قبل أن ينطق بشيء من المكر :" ماذا كنت تفعل بالقرية اليوم ؟"

إنتفض جسده من ذلك وهو ينطق برعب :" هل أمي تعلم ؟ "

ضحك بخفة وهو يومئ سلباً  بينما ينطق :" لا أصدق أن إبني فقط جبان هكذا ! لكن حقاً ماذا فعلت ؟"

بدت ملامح الألم على وجهه لتتقلص إبتسامة والده وهو يتحدث :" أذهبت لزيارته ؟ "

عض على شفتيه وهو ينظر للسماء بينما نطق سوزوكا بأسف :" أأنت بحال سيئة لدرجة ذهابك لرؤيته آيكو ؟"

هو نهض من مقعده ليبتسم بشحوب :" سأغادر الآن , لدي عمل يا أبي أراك بالمساء ."

أكمل جملته ليبدل ثيابه لأخرى رسمية ويغادر المنزل فوراً .

*****

بالمخيم حدق هارو بهوشي الذي كان يراقب كيجي وشقيقه بكل هدوء ليأتي من خلفه وهو يتحدث :" ماذا تفعل ؟"

أجابه بهمس شديد :" أراقب ضحيتي الجديدة "

رمش هارو عدة مرات وهو يحاول منع نفسه من الضحك بينما يتحدث بذات الهمس :" ولماذا ؟ عليك أن تنام الآن وإلا سيفوتك موعد الذهاب للمشفى ! "

نظر له بنظرة تحذيرية وهو ينطق بصوت خافت :" إفعلها و إذهب من دوني وأعدك ستصبح أنت ضحيتي ! وسأرحب بك بكل سرور بقائمتي ! "

تراجع هارو خطوة للخلف وهو ينطق بإرتباك :" حسناً هذه مجرد مزحة فقط ! "

ليضحك كلاهما بعدها بهدوء ويعود كل منهما لخيمته .

*****

بصباح اليوم التالي تسلل هوشي لخيمة المُعلمين الخاصة بمدرسة يوشي  وتحديداً لهارو حيث بدأ بهزه برفق وهو ينطق بهمس :" إنهض وقم بتبديل ثيابك وتناول فطورك حتى لا نتأخر "

فتح عيناه يصعوبة وهو ينطق بتثاؤب :" ما الأمر هوشي ؟ كم الساعة ؟"

أجابه بحماس :" إنها الخامسة فجراً هيا إنهض سنتأخر !"

إنتفض من مكانه وهو ينطق بسخط :" لازال الوقت مُبكراً للغاية , هوشي عُد للنوم الآن ! "

عبس بشدة وهو يجيب بعناد :" لا هكذا سنتأخر وهو بالأمس كان يبكي ! لذا إنهض أرجوك "

هو بعده أمسك بهاتف هارو لينطق المعلم بتوتر :" مهلاً ماذا تفعل ؟"

أجابه بكل بساطة :" أقوم بإيقاظ مُعلمي ! "

وضع هارو يده على رأسه وهو يعود للنوم بينما يهمس :" هو معلمك إفعل ما يحلو لك "

وبعض بضع رنات أجاب ناو بقلق :" ما الأمر هارو أحدث شيء سيء ؟"

أتاه صوت هوشي وهو ينطق بعتاب :" أأنت نائم ؟ كيف لك أن تنام وأنت هناك لمراقبة المريض ؟ ومن ثًم هيا إنهض لتأتي أنت وننطلق نحن للمشفى ! "

لم يستطع ناو تحديد الوقت لذا نطق بخمول :" تبديل ؟ كم الساعة ؟ الطبيب لم يحضر له الفطور بعد أي أنها لم تتجاوز الثامنة ! إذاً لم أتأخر كثيراً "

أجابه هوشي ببراءة :" بالطبع لم يفعل لازالت الساعة الخامسة ! "

تمالك نفسه باللحظات الأخيرة حتى لا يصرخ ويوقظ كل من بالمشفى قبل أن ينطق :" أين هارو ؟ "

أجابه بحماس :" هو بجانب .. "

شهق بخفة قبل أن ينطق بحنق :" لقد عاد للنوم ! "

ضحك ناو بخفة بينما ينطق :" كم هو محظوظ ! "

تنهد هوشي بملل وهو ينطق :" حسناً لا بأس لكن معلمي ناو إن تأخرت عن الساعة السادسة ستنضم للمعلم هارو بالمقلب حسناً ؟"

نطق ناو بسرعة :" تداشي هوشي إياك و أن تفعل أي شيء بالمعلم الآخر فهو ليس مُعلمك حتى ! "

أجابه بعبث ومكر طفولي :" لم يعد صوتك مسموعاً إلى اللقاء معلمي "

ليغلق الخط بينما بعثر ناو شعره وهو يتمتم :" فقط ماذا يمكنني أن أفعل لذلك الفتى ؟ "

و بالمخيم كان هوشي  قد صنع حفرة صغيرة من طين قبل أن يبتعد قليلاً ثم يصرخ بأعلى صوته بإسم هارو , الأخير نهض فزعاً وهو يبحث عن الطفل الذي كان بجواره للتو , هو غادر خيمته على عجك دون الإنتباه للحفرة ليسقط بها بقوة لينهض بقية المعلمين وبعض الطلاب ليضحكوا عليه و من بينهم هوشي الذي وقف أمامه مباشرة .

تحدث هارو بشيء من الحدة :" هوشي ! "

عبس الصغير وهو يجيبه دفاعاً عن نفسه :" أخبرتك أن تستعد لا أن تعود للنوم "

هو نطق بينما ينهض :" لنرى من سيذهب معي الآن "

آمال هوشي برأسه وهو يجيبه ببراءة :" أخبرتك أنني من سيذهب معك ! فلماذا تريد المزيد ؟  "

حدق به وهو يحاول البحث عن أي شيء يشير إلى أنه كاذب ولم يفهم ما قاله لكن مع الأسف لم يعثر على أي شيء سوى وجهه البريء وعيناه المُحملتان بالحيرة الحقيقية لذا نطق بهدوء :" فقط إذهب و إستعد هيا ! "

أومئ بحماس ليركض بسرعة لخيمته بينما وضع هارو يده على رأسه وهو ينطق :" هذا الصغير أهو بريء أم ثعلب ؟"

وعند الساعة السادسة تماماً نطق هارو بدهشة :" ماذا تفعل هنا ناو ؟"

بعثر خصل شعره وهو يجيبه :" أنجوا على ما أظن ! "

ضحك هارو بقوة وهو ينطق :" فهمتك اليوم حقاُ "

قفز هوشي فجأة وهو ينطق بعبوس :" معلمي لقد تأخرت ! "

قطب حاجبيه ليردف :" إنها السادسة ودقيقتين ! نحن كان علينا الإنطلاق منذ دقيقتين "

أجابه ناو بملل شديد :" أجل لم أنتبه ! "

عبس وهو ينطق :" لو كان لدي وقت لأسقطتك أنت الآخر بحفرة من طين "

شهق ناو وهو ينطق :" هل فعلت هذا بالمعلم هارو ؟ هو ليس معلمك وليس من واجبه أن .."

صمت بسبب هارو الذي قاطعه :" لا تهتم بكل حال لقد فات الآوان على هذا ! "

******

وصل كل من هارو و هوشي للمشفى ليجدا أن الطبيب يقف و ملامح الغضب تعتلي وجهه بينما كان ينطق :" لقد فات الأوان بكل حال "

تقدم هارو بسرعة وهو ينطق بقلق :" ماذا حدث سيدي ؟"

أجابه بحده :" هو لم يصحوا بموعد الإفطار أو الحقنة ! "

أجابه هارو بقلق :" أهذا سيء ؟"

تنهد الطبيب بحنق وهو يجيب بصوت مرتفع :" بالطبع سيء ! لا يمكنه تفويت مواعيد الدواء ! هو يريد أن يشفى صحيح ؟"

تسلل هوشي للداخل خلف الستار ليرى يوشي يضم نفسه بقوة وقد أعادوا تلك الأجهزة عليه مرة أخرى , وقف يحدق له بحزن قبل أن يتقدم وهو يضع كفه الصغير على شعره :" أنت مستيقظ صحيح ؟ هيا إنهض ودع ذلك الثرثار يغلق فمه "

أجابه ببحة بكاء :" دعني وشأني ! "

أجابه بعناد :" لا , هيا سأساعدك على النهوض , أنظر إلي لم أنم ولو لدقيقة واحدة بالأمس خوفاً أن يفوتني موعد زيارتك لذا إنهض الآن ! "

نظر يوشي له بهدوء ليحاول الجلوس بمساعدة توأمه بينما نطق هارو الذي دخل بعده مُباشرة :" أما كان بإمكانك أن توقظني بهدوء هكذا ؟"

أجابه هوشي بقلة إهتمام :" أيقظتك هكذا وعُدت أنت للنوم "

قاطعهم الطبيب الذي نظر له بينما ينطق بحدة :" إذاً فوت موعد الطعام و الحُقنة صحيح ؟ "

أخفض يوشي رأسه وهو يجيبه :" آسف لم أقصد "

أجفل عندما صرخ بوجهه :" بماذا سيفيدني أسفك ؟ أخبرتك منذ الأمس إن كنت متعباً أخبرنا ! وبالرغم من هذا عندما عانيت من حُمى شديدة تقلبت بفراشك بصمت ! و من ثم لم يعد بإمكانك الإستيقاظ ! "

أخفض رأسه أكثر ليصرخ هوشي بالمُقابل :" و من أنت لتصرخ بوجهه يا عديم الفائدة ؟ "

نظر الطبيب له قبل أن ينطق ببرود :" لا تتدخل أيها الطفل , بكل حال لما أنت بغرفة العناية المركزة ؟ "

نظر له هوشي بتحدٍ وهو يجيبه بينما يخرج لسانه له :" قُم بطردي وسأتأكد من جعلك تعتزل مهنة الطب التي لا تليق بك أساساً "

تجاهله الطبيب فهو لا وقت له بكل حال و أعاد بصره ليوشي هو ينطق :" سأعطيك الأبرة الآن و معه المُغذي "

غادر بعدها لتحضير ما قاله ليجلس هارو بجواره :" لماذا فعلت هذا يا صغيري ؟"

أجابه يوشي بألم :" لم أقصد , فقط لم أرغب بأن أوقظ الأستاذ ناو من نومه ! ولم أستطع الإستيقاظ صباحاً "

مسح على شعره بخفة وهو يجيبه :" حسناً لا بأس يا صغيري سيكون كل شيء بخير "

نطق الطبيب الذي عاد بسخط :" لا , لن يكون بخير ! مناعته سيئة و قد يسبب له هذا بعض المضاعفات "

نطق هارو بهدوء وهو يقف :" لو سمحت أيها الطبيب توقف "

أعطاه الحقنة بسرعة وشيء من الغضب دون الإهتمام للصغير وهو ينطق :" أنت تعلم أنه قد يفقد حياته إن إستمر بتجاهل العلاج , وهو يبدوا طفلاً مُستهتراً "

وما إن غادر حتى رفع هوشي أكمام قميصه بينما ينطق :" هذا الفاشل عديم الفائدة ! "

إقترب من توأمه ليمسح له دموعه وهو ينطق :" لا تستمع له ودعه يذهب للجحيم ! أعدك سأقوم بمقلب مذهل له فقط لا تبكي "

أبعده يوشي قليلاً ووضع الغطاء على وجهه لينطق هارو بحنان :" صغيري لا تبكي هو فقط يريد مصلحتك ولكنه غير جيد بالتعبير عن ذلك "

نطق هوشي بإنزعاج :" أأنت حتى مقتنع بما تقوله ؟"

نظر المعلم له بحاجب مرفوع قبل أن ينهض يوشي فجأة ويبدأ بالسعال بقوة شديدة ويده على صدره بسبب الألم الذي يشعر به , نهض المعلم وهوشي ليجلسا بجانبه بقلق , بينما أتت ممرضة لتجعله يجلس بإعتدال ويتنفس بهدوء حتى ذهبت تلك النوبة , هو أخفض رأسه ليأخذ أنفاسه ببطئ بسبب الألم الذي يشعر به قبل أن يهدأ تماماً .

نطق هوشي بعد مرور القليل  من الوقت :" بدأت أشعر بالملل ! أيمكنني القيام بمقلب لطيف للغاية بالطبيب ؟"

نطق هارو بتحذير :" لا بالطبع "

عبس بقوة وهو يجيبه :" ولماذا لا ؟ المقالب لطيفة وتضحك الآخرين ! "

أجابه بهدوء :" لإنها تضحك الآخرين على حساب شخص آخر !"

هو نطق بملل :" وعلى الأغلب ذلك الشخص يكون بغيظاً للغاية وعديم فائدة "

حدق هارو قليلاً ليتدارك الصغير ما قاله وهو يلوح بكفيه بالهواء بينما يتحدث :" لا أقصدك ومُعلمي بالطبع , لكن مثل هذا الطبيب ثق بي الجميع سيهتف بسرور إن أقمنا مقلب ما له ! "

ورده إتصال من ناو ليغادر الغرفة بينما سأله يوشي بخفة :" هل قمت بمقلب ما لمعلمي ؟"

نطق بحماس :" أجل , لقد أوقعته بحفرة من طين ! أليس هذا مُذهلاً "

قطب حاجباه بعدم رضى وهو يجيب :" لا ! لماذا فعلت ذلك ؟ هو شخص جيد ! "

أجابه بإنزعاج :" هم يستحقون ذلك ! وحتى مُعلمي ناو يستحق ! هو كان عليه البقاء مُستيقظاً للإطمئنان عليك ! أي نوع من الفشل هو ذلك ؟"

نطق بهدوء :" لا ليس كذلك ! لا أحد عليه السهر لأجلي هذا ليس من واجبهم أصلاً "

عبس وهو يجيبه :" المشكلة أنه خلال أربع ايام أو ثلاثة سنعود لمنازلنا ! متى يمكنني تعليمك فن الحياة ؟"

نظر يوشي له بشيء من الحُزن وهو ينطق :" هل أنت سعيد بإنتهاء المعسكر ؟"

صمت هوشي بإنزعاج وهو ينطق :" لا ! أنا سأشتاق لك بالفعل "

بعدها بفترة دخل هارو و الطبيب ليهمس هوشي بإنزعاج :" ها قد بدأنا "

تجاهله الطبيب كالعادة وهو يتقدم لإبعاد المُغذي عنه بينما يتحدث :" أنت ستخرج من المشفى , أصغِ جيداً لي أولاً إنتبه لموعد أدويتك جيداً ' ثانياًً إن أُصبت بحُمى شديدة كالأمس عليك مراجعة أقرب مشفى حالاً , و حاول أن تتجنب أي ضرب أو سقوط بجهة رِئتيك حتى لا تعود للمشفى مجدداً "

قفز هوشي بمرح وهو ينطق بكلمة رائع , قبل أن يلتصق بيوشي وهو يتحدث :" هل أنت سعيد ستأتي معنا اليوم ! "

هو أكمل بسعادة :" فأنا مللت من الإستيقاظ مُبكراً "

نطق هارو بإبتسامة :" أشك بكونك نمت مُنذ الأساس يا صغيري "

هو أومئ إيجاباً بسرعة ليبتسم يوشي له بسعادة بينما ينطق :" شكراً جزيلاً لك "

*****

وبتلك الشركة الضخمة هو فقط كان يضع رأسه على مكتبه بينما يتحدث بسخط :" كان علي زيارة يوشي بما أنني هناك , كيف لم افعلها ! كل هذا بسبب ذلك المزعج تاتشوا "

رفع رأسه عندما أطلت سوكي وهي تنطق بإبتسامة :" كل شيء بات مُعداً"

نهض على عجل وهو ينطق :" سوكي ستأتي أُمي عند الساعة الخامسة أيمكنك إستقبالها ؟ سأكون بالإجتماع حينها ! "

إبتسمت له بهدوء كالعادة وهي تجيبه :" بالطبع لا داعي للقلق مُطلقاً "

نطق بسرعة وهو يغادر :" شكراً أنتي الأفضل "

عبثت بخصل شعرها الحريرية وهي تجيب بهمس :" أعلم "

هي كانت بالنسبة لآيكو كصديقة يفرغ القليل مما يعانيه لها , وأحياناً كان يخبرها عن هوشي ومقالبه وأنه غير قادر على السيطرة عليه , إلا أنه لم ينظر لها يوماً كأكثر من صديقة .

~ نهاية الفصل ~

أسفة للتأخير .. فقط النت المذهل و مشاكله لذا آسفة

قراءة ممتعة

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top