السادس و العشرين
هو أخفض رأسه يشيح ببصره بكل أرجاء الغُرفة , وقد أخفى ذاك الهاتف من فوره تحت وسادته , ما كان ليتحدث بهذه السهولة حقاً بل ربما الآن عقله يحيك له مئات الخطط لجمع المال و إصلاحه بنفسه !
تنفس آيكو بعمق بينما يبعثر خُصلاته وهو يتحدث بلطف :" بأي وقت تظن أنه يمكنك الحديث سأكون هُنا لأجلك حسناً ؟ و الآن إبقى بفراشك فلا أظن أن رأسك بخير حقاً بعد كل ذاك البُكاء , تناول الطعام و عُد للنوم قليلاً موافق ؟ "
أومأ له إيجاباً دون أن ينطق أيضاً لينظر له بحيرة قبل أن يُغادر الغرفة , هل صغيره غاضب منه لسبب ما ؟! هو حقاً لا يعلم أم أنه يشعر بالخجل منه ؟ لكن لماذا ؟ أهي بسبب ذلك الجرح أم ماذا ؟!
بعثر خُصلاته قليلاً فبالنهاية هو سيكتشف ذلك و إن إضطر لسؤال هوشي عن ذلك , الآن عليه أولاً الذهاب للمحكمة فالأوراق ستكون جاهزة بالفعل و من ثم العودة لمكتبه لإكمال ما سيفعله بأسرة كيجي ثم تحين فرصة مُناسبة للإنقضاض على تاتشوا .
~ بداية الفصل ~
بعد عدة ساعات جلس كِلا الصغيرين بذات الغرفة , أحدهما كان منغمساً بقراءة كتاب ما أحضره من مكتبة المنزل بينما الآخر يحدق به بملل شديد , بالنهاية هو تنهد بصوت مُرتفع ليترك الأصغر منهما ما بيده ليحدق بتوأمه بينما ينطق بهدوء :" ما الأمر ؟! "
قفز الآخر من فوره ليصبح أمام شقيقه ليضع إحدى يديه على جبهة توأمه و يده الأخرى على جبهته هو , عدة ثوان مرت قبل أن ينطق بإبتسامة مرحة :" أنت لم تعد مريضاً بشدة ! أعني لم أعد أشعر أن هناك إختلاف ما لذا أترك هذا الكتاب و دعنا نذهب للعب بالأسفل ! "
ضحك يوشي بخفة و هو يجيبه :" أتشعر بالملل ؟! بأي حال هو تقريباً موعد تناول الغداء صحيح ؟! سأفعل ما ترغب به بعده حتى لا يغضب أبي موافق ؟"
عبس هوشي بشدة بينما نطق :" و ماذا نفعل الآن ؟! أخي لقد مللت من رؤيتك تقرأ هذا الشيء المُزعج وبذات الوقت أريد اللعب معك لا لوحدي ! "
شيء من الذنب تسلل لقلب الأصغر منهما فهوشي جلس برفقته بهذه الغرفة طوال الصباح للعناية به و الحديث معه و هو فقط نسي نفسه عند رؤيته لهذا الكتاب .
عض على شفتيه بسوء ليميل هوشي برأسه بحيرة قبل أن ينطق بجد :" أخي أخبرني ماذا تحب أنت بالعادة ؟!"
رفع الآخر رأسه قليلاً قبل أن ينطق بشيء من الضيق :" أنت تعلم من المُخيم أنني لا أُجيد اللعب حقاً , لذا أي شيء ترغب بلعبه لا مشكلة لدي به , يمكنك تعليمي اللعبة إن لم تغضب بسرعة !"
عبس هوشي فليس هذا ما قصده حقاً من سؤاله ذاك ! ثُم هو بالمُخيم لم يغضب منه حتى عندما خسرا اللعبة وكان سعيداً فقط لإنه نجح بإخراجه من خيمته للعب معهم لذا هو قطب حاجباه أولاً ثم عقد يديه لصدره كما لو كان غاضباً بينما يهتف :" و من سألك عن هذا ؟! ثُم هل نسيت كم أنا معلم مذهل ؟ لقد قمت بتعليمك اللعبة بسرعة ! و ما قصدته هو فقط ماذا تحب أن تفعل بالعادة ؟! أو مثلاً ما هي هوايتك ؟! "
أنهى عبارته بإبتسامة سعيدة و فخورة بينما الآخر نظر له بشيء من الدهشة قبل أن يبتسم على إنفعال من أمامه وهو يجيب :" لا أظن أن ما أفعله سيعجبك حقاً ! أعني أنا أفضل قراءة الكُتب و الجلوس بالأماكن الهادئة أغلب الوقت ! لو خيرت ما بين الذهاب لشاطئ البحر المعروف بهدوئه مثلاً أو الذهاب لمنتزه مليء بالأشخاص سأختار الأول ! "
عقد يديه لصدره وهو يقطب حاجبيه بعدم رضى بينما ينطق بيأس شديد :" هذا فظيع ! أنت بحاجة للكثير من العمل ! علينا أن نبدأ بتعليمك المرح و فوراً , ثم أين هو خيار الذهاب لمدينة الألعاب مثلاً !؟ "
عبس الآخر يجيبه :" لا يوجد بالقرية شيء كهذا ! "
تنفس الأكبر بعمق وهو يضرب على صدره بينما ينطق :" من حسن حظك أنني شقيقك الأكبر لإعطائك الكثير من الدروس الخاصة ! "
يوشي لم يُجب حقاً بل أشاح بوجهه سريعاً وفور ملاحظته لدخول والده للغرفة ليقطب هوشي حاجبيه بتساؤل قبل أن يصله صوت والده و الذي حمله بحركة مُفاجئة :" أنت تقصد أنك تنوي إفساده صحيح ؟ "
حدق الصغير بعينا والده وهو ينطق :" وهل تريد منه أن يُصبح عجوزاً مُملاً ؟! كشقيق أكبر أرفض هذا و بشدة "
تململ آيكو بهدوء وهو يضعه على السرير بحذر بينما يتحدث :" إنه موعد الغداء هيا للأسفل ! "
هو بعثر خُصلات كليهما بهدوء قبل أن يغادر الغرفة , يوشي أبقى رأسه مُنخفضاً دون الحديث معه و آيكو لاحظ هذا بالفعل , هوشي نطق بحيرة :" هل أنت غاضب منه أم أن هذا بسبب الهاتف ؟! "
أشاح بوجهه عنه وهو ينهض بسرعة بينما يُجيب :" الهاتف و أيضاً هو أصيب بسببي "
رمش الآخر بينما يتحدث :" لكنه والدك كما قلت لك ! واجبه هو الشراء لنا و أظن حتى الدفاع عنا من واجبه هو حتى نكبر نحن و تنعكس الأدوار حينها "
سار الأصغر فحسب للخارج بينما وقف هوشي بوسط الغرفة وهو ينطق بعبوس :" هو بحاجة للكثير من العمل ! و فوق كل هذا لم أعلم ماذا يمكنني أن أحضر له بعيد ميلادنا ؟! "
أنهى عبارته بنوع من الإنزعاج فهو و منذ أن علم بوجود شقيقه بات يخفي جزء من مصروفه لشراء هدية ما له و الإحتفال معاً لأول مرة , و بخارج الغرفة تجمد الآخر بمكانه فهو وقف بالقرب من الباب لإنتظار توأمه , شد قبضة يده لصدره بضيقفهو لم يفكر بشيء كهذا و عيد مولدهما قد إقترب و لا مال لديه !
سار بخطوات بطيئة نحو الأسفل , فهو الآن يرفض قدوم عيد مولدهما دون أن يمتلك هو الآخر هدية للآخر ! و فقط لا يعلم كيف عليه فعلها لكنه بات يدرك أنه بحاجة للعمل الآن لأجل هاتفه و لأجل هدية شقيقه .
*****
سار بخطوات هادئة لمُقابلة الموظف الجديد بالشركة كما أمره مديره و هو يتسائل بداخله لما هو مهتم و بشدة به ؟! لقد طلب منه أن يوافق على كل شروطه و إعطائه ميزات لم تُعطى لغيره و حقاً لا يفهم السبب , أهو شخص مُميز و بشدة ؟! أهناك ما يجعله مهماً للشركة ؟
هو بات لديه الكثير من الفضول لمُقابلة ذلك الرجل و معرفة ما يُميزه , لذا خطواته كانت سريعة بالفعل بينما يسير حتى وصل و أخيراً للمكتب , و أول ما رآه كان ذاك الرجل الذي كان يرتدي واحدة من أرقى أنوع البدلات بالعالم و كأول إنطباع هو ما وجد به سوى أنه شخص ثري مُزعج ممن يُحب التفاخر أمام الكاميرات و من خلفها يصبح شخص آخر !
و مجدداً هو تسائل بأعماقه لماذا السيد تداشي يريده بشركته ؟! و بأعماقه أجاب ذاته بأن الحُكم على الغلاف ليست بعادة جيدة , لذا تقدم وهو ينطق بإبتسامة رسمية :" أهلاً بتواجدك هُنا سيدي "
و الآخر رفع أحد حاجبيه بشيء من الإشمئزاز فمن أمامه ثيابه قديمة بالفعل و لا يعلم كيف يمكن لمدير الشركة أن يستدعيه شخصياً ثُم يعتذر عن مقابلته و جعل مُساعده هذا يقابله بدلاً منه !
و الآخر إستشعر تلك المشاعر مما دفعه للإنزعاج مع رغبة بإنهاء هذا الإجتماع فحسب ثم الإتصال على مديره للإستفسار عن ما يرغب به مع شخص كهذا , لاسيما و أنه بالرغم من كونه ثري لم يتصرف يوماً كهذا !
*****
وضعت عدة أصناف شهية على مائدة الغداء بينما كانت الأسرة تتجمع حولها بهدوء و صمت مُطبق فكل منهم إنشغل بالعديد من الأفكار التي تراوده !
أول من خرج منها كان رب هذه الأسرة الذي وجه بصره لصغيره الصامت أكثر مما يجب لينطق بهدوء :" يوشي أخبرني ما الأمر ؟! هل أنت بخير ؟! "
إرتبك المعني حتى أنه كاد يوقع الطبق أمامه ليقطب والده حاجبيه بحيرة بينما نطق هوشي بشيء من اليأس :" لقد حطم ذلك القرد اللعين هاتفه الذي إشتريته له لذا هو يشعر بالإستياء و الخجل منك ! و يقول أنك أُصبت بسببه أيضاً ! "
شهق الصغير قبل أن ينهض من موقعه بسرعة دون أن ينطق بأي حرف ووجنتيه متوردتان بالكامل ! هو أراد إصلاحه بنفسه و الآن هذا سيفسد , عندما أراد أن يصعد للأعلى شعر بجسده يرتفع عن الأرض و هو إزدادت ضربات قلبه قوة لاسيما أنه قادر على تمييز تلك الذراعين القوية التي تحيط بجسده و تشعره بالأمان كما هي العادة !
أخفض رأسه بسرعة مُتجنباً مواجهة والده عندما أداره إليه وسار به حيث مقعده ليجلس هو و يجلسه على قدميه بينما وجهه مقابل له لينطق بإبتسامة خافتة تكاد تتحول لضحكة على منظر صغيره :" أهذا ما يُزعج صغيري حقاً ؟"
يوشي إبتلع رمقه بينما يتمنى لو أنه قادر على الهرب من مكانه أو الإختفاء بمكان ما بعيد عنهم و بأعماقه هو لديه تلك الرغبة بالإنقضاض على توأمه و تشويه وجهه له !
عندما لم يجب الأصغر نطق آيكو مُجدداً بشيء من العبوس :" و أنا من ظننت أنك غاضب مني لإنني تأخرت بالعثور عليك ! "
و كما توقع تماماً رفع يوشي رأسه بسرعة ليهتف بإرتباك :" الأمر لم يكن هكذا ! أعني أنا فقط خشيت أن تغضب أو تحزن بشأن الهاتف ! ثم أنت تألمت لإنني لم أدافع عن نفسي "
بعثر له خُصلات شعره بينما يضعه على المقعد بجواره لينطق بحنان :" بالنسبة لي يا صغيري غضبي و حزني موجه فقط لإنك تأذيت و لمن آذاك وليس لأشياء آخرى مادية يمكنني تعويضها دائماً ! و أيضاً هو ما تحطم لإنك مُهمل صحيح ؟ إذاً ليست غلطتك , و ثانياً من واجبي حمايتك كوالدك لذا لا تهتم يا بُني "
أخفض رأسه بهدوء بينما نطق هوشي بملل :" أخبرته بهذا مئات المرات ! حتى أنني أخبرته بأنه من واجبك أن تشتري لنا ما نفسده ! "
رفع إحدى حاجبيه من فوره وحد بصغيره الآخر ليجيبه :" بل من واجبك الحفاظ على ما تحصل عليه مني لإنه إن شعرت بأنه تم إفساده بإهمالك لن تحصل على أي شيء ! "
عبس المعني بينما ضحك يوشي بخفة مما دفع الأول للنهوض عن مقعده وهو ينطق بإنزعاج :" أنتما الإثنان ! يوشي أترغب بالدخول لقائمتي السوداء يا أخي ؟"
تنهد آيكو بتعب بينما من مقعدها راقبتهم سوكي بهدوء , ليس وكأنها كذبت بحديثها مع آيكو بالأمس هي حقاً تكره الأطفال و ضعفهم , لا تحب أن يتعلق أي منهم بها أو أن ينظروا لها بعينان بريئة مُلتمعة برجاء و أمل !
و كل هذا بسبب تجربتها التي خاضتها بطفولتها , تدرك كم أنهم كائنات هشة يسهل كسرها و تمقت ضعفهم لإنها عرضت نفسها بالماضي للإنكسار و شعرت كم أنها كانت مُغفلة وكيف أنها عاشت بعالم وردي بعيداً عن مرارة الحياة بسبب حماقتها و تلك البرائة , لذا هي ليست على إستعداد بأن تحتوي أطفال بين ذراعيها و لا تعلم إن كُتب لها يوماً أن تُصبح والدة هل تتغير تلك المشاعر أم لا ؟
يمكنها أن تحب الأطفال لكن فقط أولائك الذين لا يعنون لها أي شيء و لا تعني لهم أي أمر .
ذلك الشجار بين التوأمين و تلك الأفكار التي غرقت بها زوجة والدهم و تأملات والدهم تحطمت فور ظهور صوت جدتهم التي نطقت بإستياء :" إلهي ! أهذه مائدة طعام لأسرة مُحترمة حقاً ؟! أنتما الإثنان بحاجة للكثير من التدريبات لتصبحان أحد سادة المُجتمع الراقي ! آيكو هما سيقضيان عطلتهما الصيفية بمنزلنا ! "
شهق هوشي بقوة بينما يهتف بسرعة :" مُستحيل ! هذه قسوة شديدة ! هي تُسمى إجازة لسبب ما "
نظر يوشي لكلا جديه بإبتسامة مُتسعة بينما تقدم جده ليحتضنهما معاً وهو ينطق :" حمداً لله على سلامتك يا صغيري ! و أنت أيها المُشاكس يمكننا دائماً إختلاق المرح مهما كانت الظروف هل نسيت القاعدة الذهبية بهذه الأسرة ؟! "
بادله يوشي العناق بخفة بينما يشكره بصوت خافت أما الآخر فقد أومأ إيجاباً بسرعة لتقترب جدته منهم وهي تحدث بغيظ :" أنت سبب فساد أبناء صغيري ! "
حرك كتفيه بلا مُبالاة وهو يجيب زوجته :" عزيزتي دعيني أولاً أنجح بإفساد الآخر ثم ألقي الإتهام علي ! "
هدوء نسبي كان يلف تلك الأسرة و نوع من الدفئ يشع بمجلسهم ذاك مُتأملين ربما أن تبقى الأمور على ما هي عليه أو أن تتحسن فهل هذا ممكن حقاً ؟
*****
تبع والده بخطوات حائرة قلقة فهو لا يدرك لماذا طلب منه أن يتبعه لمكتبه دون توأمه !
هل سيوبخه ؟! لكنه أخبره أنه ليس غاضب بشأن الهاتف صحيح ؟ إذاً هل فعل أمر آخر يثير غضب والده عليه ؟
إرتبكت خطواته عندما أصبح بالداخل بالفعل بحيث ما عاد راغباً بالتقدم أكثر ، لذا توقف تماماً بعد إغلاقه لباب المكتب بعيداً عن والده بعدة خطوات !
آيكو حدق بصغيره الحائر بهدوء قبل أن ينطق بابتسامة مطمئنة :" يوشي ، تعال إلى هنا يا بُني "
هو أخفض رأسه كمذنب ما ثم سار بخطوات بطيئة بإتجاهه ، و الأكبر فقط لم يحاول حثه على الإستعجال فهو بحد ذاته يحاول إختيار كلماته بعناية لئلا يؤذي صغيره ربما !
بالنهاية وقف الصغير أمام والده تماماً و الذي إنخفض لمستواه بينما ينطق بشيء من الحذر :" يوشي صغيري أعلم أنك طفل ذكي بالفعل , لذا أدرك تماماً أنك ستفهم كلامي لك بسرعة "
تلك المقدمة مع نبرة والده الحذرة جعلته يرغب بالإعتراض قبل أن يستمع حتى , قلبه إنقبض بألم فهو ليس بحاجة لهذا الحديث حقاً و كأنه لا يعرفه بالفعل , لديه شعور بأعماقه عنه و مع ذلك إمتلك أملاً بأن يكون شعوره ذاك مجرد قلق مبالغ به , وحقاً لا رغبة لديه بتحطم ذاك الأمل !
حدق آيكو بصغيره بشيء من الألم وهو يرى عيناه تحتبسان دموعهما بقوة , يدرك أن صغيره حقاً ذكي لكنه لم يعلم أنه قد يتوصل لما يريده منه بمفرده و بمقدمة تعيسة كهذه , وضع كلتا يداه على كتف صغيره عله يمده بالقليل من القوة بينما يتحدث مُباشرة :" يمكنني إعادتك لمنزل والدتك لكن أي حادث سيء يقع لك سيتم سحبك و شقيقك من كلانا ! أتفهمني يوشي ؟! والدتك سُحبت منها الحضانة بسبب ما حدث لك , إن أعدتك لها و تأذيت سأعتبر أنا أيضاً قانونياً غير مؤهل لرعايتك أو شقيقك "
أخفض رأسه مع إنهمار دموعه عله يمنع والده من رؤيتها , ليس وكأنه يكرهه والده و توأمه لكنه فقط لا يشعر بالإنتماء لهذا المنزل ! هو ما عاش حياته هنا بل بالقرية التي إحتضنته منذ صغره , كل حياته هناك و هو غير قادر على التأقلم للآن هُنا , و لا يتخيل شعور والدته التي أصبحت بمفردها , هي ستتألم الآن !
كما أنه يرفض و بشدة أن يطلق أي أحد عليها لقب الأم السيئة فهي ليست كذلك , لا أحد يحق له أن يحكم عليها بما أنهم لم يعيشوا معهما ليشهدوا على كل ما فعلته هي لأجله و كل التضحيات التي قدمتها , هي بذلت كل ما بوسعها حقاً ولا تستحق كل ما يحدث معها .
شعر بجسده يتم إحاطته من قِبل والده والذي نطق بصوت هادئ حزين :" لا تبكي يا صغيري , أعدك سنذهب لزيارة والدتك دائماً , بل الحقيقة سآخذك و شقيقك لها بنهاية الأسبوع القادم , و إن حدث و تأكدت أن كل شيء بخير بالقرية سأعيدك و شقيقك تحت رعايتها "
حرك رأسه نفياً على كتف والده دون أي قدرة منه للنطق و إخباره بمشاعره حقاً , لما على أحدهما البقاء وحده ؟! هذا ليس عدلاً , لا يريد أن يُشعر والده أنه يكرهه أو سيسعد فحسب إن عاد للقرية فجزء كبير منه سيبقى مُشتتاً و مُنتمياً للمكان الذي يضم بقية أسرته و هذا مؤلم بشدة .
لم يستطع سوى زيادة قوة عناقه لصغيره عله يهدأ , صحيح أنه يمتلك العديد من النفوذ و المصالح من جهات مُختلفة لكن إن حدث و تأذى صغاره بأي طريقة فهو لا يضمن ردة فعل منافسيه , لا يثق بمن سيستغل هذا لأخذ صغاره منه , و آخر ما سيسمح هو به أن يعيش أحدهما أو كلاهما بعيداً عن أسرته الحقيقية .
ابتسم بخفة عندما أعاد صغيره حركته بالإيماء سلباً وكأنه يؤكد له أنه ليس مُستاءاً من عيشه برفقته بشكل شخصي , وهو حقاً فهمه دون الحاجة لذلك , توقع ردة فعل مشابهة منه مُسبقاً أيضاً و خاف من الأسوء !
أبعد صغيره قليلاً يمسح دموعه بلطف و ابتسامة حنونة أخفت الكثير خلفها , هو يشعر بالمرض و وحدة شديدة فقط لتفكيره بأنه قد يعيده للقرية ويرسل توأمه معه , مع ذلك يرى أنه يستحقها بجدارة بما أنه من البداية إختار الطريق الخطأ لحل مشاكله , لإنه منذ البداية أنشأ أسرته بكذبة ما و لم يستطع بعدها أن يساير الموج الهائج الذي ركبه هو بنفسه فسقط بأعماقه غارقاً , لذا على الأقل عليه إبعاد أسرته من السقوط برفقته .
*****
بتلك الليلة لم يتوقف هوشي عن محاولاته لمعرفة ما أراد والده من توأمه أو السبب الذي دفع شقيقه للبكاء , لذا هو إستمر بإطلاق التهديدات تارة و التظاهر بالغضب تارة أُخرى بلا أي فائدة تقريباً , و مع ذلك تصرفاته تلك أجبرت يوشي على الضحك مما دفعه يصمت عند هذا الحد و بالنهاية نام كلاهما بأمان بجوار بعضهما البعض بينما كان والدهما جالس بجوارهما مُنصاعاً لطلب صغيره الأكبر بقراءة قصة لطيفة لهما كتعويض له عن إستثنائه من تلك المحادثة كما يقول , و بهذا خُتمت تلك الليلة بهدوء نسبي ما إنعكس على الصباح الذي ما أوشكت أولى أشعة الشمس على الظهور حتى كان القصر مُفعماً بالحياة و الحركة !
و بإحدى الغُرف الخاصة بأصحاب القصر إستيقظ الأصغر أولاً بسبب ذلك الضجيج مُتأملاً المكان من حوله بينما يقوم بفرك عيناه عله يطرد النعاس منهما , هو همس بصوت ناعس :" ماذا يحدث هنا ؟"
أراد إبعاد الغطاء عنه و التحرك لإستكشاف ما يحدث لولا يد توأمه الذي ما تنازل عن فتح عيناه حتى بل نطق بكل كسل و إنزعاج :" هذه إعدادات لإحتفال ما , أظنه لأجل تأسيس الشركة أو ربما لمُقابلة العُملاء بها المهم واحدة من هذه المناسبات و الآن لتعد للنوم قبل أن يأتي أحدهم لإيقاظنا للذهاب للمدرسة ! "
آمال رأسه بحيرة بينما ينطق :" كلا المُناسبتان مُختلفة يا أخي فكيف لا تفرق بينهما ؟! بأي حال هل ذاك الفتى تيد سيأتي أيضاً ؟ "
أنهى عبارته بشيء من القلق على مشاعر من أمامه بينما الآخر فتح كِلتا عيناه وهو ينهض بإنزعاج لينطق :" لا ! هو من خارج البلاد و لا يأتي سوى لمرة واحدة لينال شرف الحصول على أحد مقالبي كل عام و قد نجى مني هذه المرة "
كتف يديه لصدره و هو ينطق :" لكنني قمت بضربه "
نظر لتوأمه بتفحص قبل أن يتحدث بتفكير :" لكن يوشي هل أنت تستطيع حقاً فعلها ؟! أعني يا أخي مظهرك يدل على أنك لطيف و لا تستطيع الشجار ؟ "
عبس بشدة وهو يجيبه :" لا تنسى أنك تمتلك ذات المظهر أيها الأحمق ! "
آمال الأول رأسه فشقيقه محق كلاهما يمتلك ذات المظهر , ألا يعني هذا أنه السبب الذي يدفع البقية للتنمر عليهم ؟! أنهما يبدوان لطيفان ؟! لا مشكلة الذي سيخطئ معه سيجعله هو يقدر أن لا يسير خلف المظاهر فقط , حدق بتوأمه الذي نهض بالفعل ليغتسل بينما يهمس بضيق و إنزعاج :" كيف أجبرني على النهوض بكل سلاسة هكذا و قبل قدوم الخدم حتى !؟ هذه جريمة "
*****
توقفت سوكي بالأعلى وهي تحدق بهدوء بما يحدث حولها حيث كانت والدة آيكو قد حضرت منذ الصباح لتنسق هي أمور الإحتفال و غيرها لئلا يتواجد أي خطأ , ليس وكأنها تعترض حقاً سوى على إيقاظها بوقت مبكر كهذا !
تنهدت بتعب عندما وجهت إليها بعض الأسئلة حول الترتيبات و ما سوف ترتديه و غيرها المئات مما لم تكن هي قد إستوعبته بعد بل إنشغلت بالتساؤل هل نامت والدة زوجها بالأمس و متى إستيقظت و إستعادت نشاطها هكذا ؟!
و أخيراً ظهر آيكو من العدم وهو يرتدي ثياب العمل بالفعل بينما ينطق بإبتسامة بسبب تلك التعابير على وجه سوكي :" أمي , ككل عام أنتي بأوج نشاطك ! حقاً ليس عليكي القلق سيكون كل شيء بخير لذا أيمكنك التخفيف من حدة توترك ؟! "
حدقت بصغيرها من فورها بينما تنطق بعبوس :" لستُ متوترة مُطلقاً ! لكنني دائماً أسعى للأفضل , والآن توقف عن الثرثرة و إذهب لإيقاظ الصغيرين لتناول الإفطار "
رفع أحد حاجبيه بإستنكار بينما يتفقد الساعة بيده وهو يجيب :" لكن أُمي إيقاظهما من الآن ! هذا مُبكر حقاً "
أيده والده على الفور :" تماماً , هما صغيران و أجسادهما بحاجة للراحة من أجل النمو فتوقفي عن كونك ظالمة تحرمين الآخرين من نومهم مُنذ الفجر ! مهلاً بالنسبة لي أيقظتني قبله "
أنهى عبارته بتذمر بينما يعيد رأسه للطاولة أمامه عله يتمكن من سرقة غفوة ما , آيكو قطب حاجبيه بينما يتقدم من والده وهو ينطق بقلق :" أأنت بخير ؟! يمكنك النوم بإحدى الغرف بالأعلى كما تعلم "
إنتفض كلاهما عندما ضربت شيزوكا على الطاولة أمامهما وهي تنطق بحزم :" بل سينهض فهناك الكثير مما عليه فعله لليوم ! وأنت أنهي عملك سريعاً وعُد , و الآن تحرك لإيقاظ الصغيرين فالإفطار جاهز كما أنه علي الحديث معهما "
قبل أن يتحدث أي شخص آخر ظهر صوت هوشي الذي كان يتحدث بملل :" جدتي ألا تملين من تكرار ذات الحديث بكل عام ؟! "
وأمامه سار شقيقه التوأم بينما إنحنى فور وصوله لهم وهو ينطق :" صباح الخير جميعاً "
نظر آيكو لصغيريه بشيء من الدهشة فكيف إستيقظا ؟! بينما شيزوكا بعثرت خُصل شعر الأصغر منهما وهي تجيبه بإبتسامة :" صباح الخير صغيري المُهذب ! على أحدهم التعلم منك "
عبس هوشي بينما هتف بضيق :" يوشي ! أنت تجعلني أبدوا شخصاً سيئاً "
تبعثرت نظرات الصغير بينهما قبل أن يحدق بوالده وكأنه يطلب منه النجدة , و بالفعل تقدم آيكو ليقف أمام صغيره وهو يتحدث بخفة :" أنتما لا تزعجاه مُنذ الصباح ! هو لازال بحاجة للراحة حتى لا يمرض مجدداً "
رمش الأكبر عدة مرات قبل أن ينطق بصدمة :" هل من الممكن أن يمرض مرة أخرى ؟! "
أومأ آيكو له ليتقدم و يمسك بيد توأمه وهو ينطق بمرح :" لا تقلق , سأعتني أنا بك و لن أسمح لك بأن تُصاب مجدداً "
إبتسم يوشي له بخفة بينما سرقته أفكاره حول عيد ميلادهما فهو لم يجد بعد طريقة ما تجعله يهرب من هنا للعمل أو حجة ما , يدرك أن مُغادرته للقصر دون توأمه أو إذن أحدهم أمر شاق للغاية لكن عليه أن لا يستسلم صحيح ؟!
أبعد أفكاره تماماً عندما بدأت جدته بالحديث موجهة كلامها لجكيع الحاضرين :"اليوم من سيأتي للإحتفال ضيوق من طبقة راقية و بشدة , لذا أنا أتوقع أن يتصرف الجميع هُنا بلباقة و تهذيب شديد , أهذا مفهوم ؟! "
رفع آيكو يديه بإستسلام وهو ينطق :" أجل أُمي أعلم "
تنهد سيزوكا بشيء من الملل بينما يتحدث :" يبدوا لي أن اليوم سيكون مُملاً منذ بدايته ! "
هوشي ابتسم بشقاوة شديدة بينما ينطق :" لا , من الممكن دائماً أن يحدث شيء ما يجعل الأمور تصبح أكثر مُتعة "
نظر جده له ليغمز بخفة بينما ضحك الأول , شيزوكا شهقت بصدمة و إعتراض أما سوكي فهي تجاهلت حقاً كل ما يحدث على المائدة , آيكو نطق بنبرة تحذيرية :" هوشي تداشي , سيكون من الأفضل لك حقاً أن لا تثير المتاعب بهذا الإحتفال ! "
لم يجبه المعني بل نطق توأمه بهدوء :" و كأنه سيستمع لهذا التحذير ! "
أجابه والده بينما يقف :" أعلم ذلك لكن وجب علي تحذيره قبل عقابه "
عبس المعني بخفة إلا أنه كان مُنشغلاً برسم ما يرغب بفعله بالحفل لذا لا وقت لديه للإجابة حقاً , بينما نهض سيزوكا أيضاً وهو ينطق :" حسناً إذاً الضيوف سيبدؤون بالتوافد عند الخامسة مساءاً , أنا سأذهب الآن مع آيكو لمساعدته بالأعمال حتى ننتهي بسرعة ونعود للمساعدة هنا ! "
عدة ثوان و تفرق كل من كان على المائدة إلا الصغيرين الذين حدقا ببعضهما البعض بهدوء , نطق الأكبر بمرح :" شريكي ! "
تلك الكلمة دفعت يوشي للنهوض من مكانه بينما ينطق بحزم :" قطعاً لا ! لا تفكر بالأمر حتى , و هيا لنذهب و نستعد للمدرسة "
تبعه الآخر من فوره ليلف ذارعه حول عنق شقيقه بلطف بينما ينطق بإستياء :" لا تكن عنيداً هكذا يا أخي ! ثق بي ستستمتع و بشدة "
أجابه وهو يبعد يده عنه :" مُطلقاً , كل أفكارك تؤدي لكارثة ما "
تجهمت ملامح وجهه بينما يجيبه بشيء من الهمس :" و أين هي الكارثة بتعليم جدتي معنى التواضع ؟! "
شهق الأصغر بصدمة شديدة وقد إتسعت عيناه بينما يهتف :" لقد فقدت عقلك تماماً ! بل أنت لا تمتلك واحداً , إنسى الأمر تماماً فحتى أبي لن يتهاون بأمر كهذا "
حدق بظهر توأمه الذي بدأ يبتعد عنه وهو يفكر بأنه مهما حدث سيقوم بإقناعه , و سيفعلها بها , هي عليها التوقف عن التفكير بأسلوب مقيت كهذا , و لإنه يحبها حقاً لا يريد أن يشعر بالإنزعاج منها لذا ما هي أفضل طريقة لهذا سوى تلقينها درس ما !؟ بل مقلب بسيط ؟
*****
سار هوشي أمام توأمه أولاً و كأنه يدله على الطريق بالمدرسة و هناك هالة من الحماس تُحيط به و تكاد تجعله يحلق , أما الآخر فقد وجه نظراته بالممرات و المبنى و ابتسامة صغيرة مُرتسمة على وجهه , هو حقاً لم يكن يظن أنه سيجد مدرسة نظيفة بالكامل و مليئة بالرسومات الجميلة , أعاد إنتباهه لتوأمه عندما شعر بيده تمسك به بخفة بينما ينطق :" هذا هو فصلنا ! "
نظر لتوأمه بشيء من القلق و هو يجيبه بتساؤل :" لكن أخي , ألا يُمنع وجود توأم بفصل واحد ؟ "
عبس الآخر بقوة وهو ينطق :" و من سيجرأ على القدوم و قول هذا ؟! قطعاً سأجعله ضمن قائمتي ! "
أراد أن يجيبه دون دخول الفصل لولا ذاك الصوت الذي ظهر ينطق بهدوء :" أنت محق فالتوأم لا يُسمح لهم بأن يكونوا بفصل دراسي واحد حتى لا يضيع المُعلمين لكن هذا العام فقط سيكون إستثناء لكما , ثم ستكون مُصيبة إن لم أستطع التمييز بينكما "
حدق كلاهما به ليبتسم الأكبر بمرح وهو يجيبه :" بالطبع يمكنك أن تعلم من الذي فتح أجهزة إنذار الحريق وساعدكم على الإستحمام ! "
شهق يوشي بصدمة وهو ينظر لتوأمه بدهشة قبل أن يدير بوجهه بإتجاه المعلم لينحني وهو ينطق بصوت مُعتدل :" شكراً لك معلم ناو , وسعيد بمُقابلتك مُجدداً "
لم يتمكن من منع ضحكته من الظهور وهو يرى هذا التباين بين الصغيرين , إلا أنه بالنهاية قام يترتيب خُصلهما وهو ينطق بهمس لنفسه :" سيكون هذا فصل مثير للإهتمام على ما يبدوا "
إنتهى الأمر بدخول الصغيرين و المعلم للفصل ليحدق بهم البقية لاسيما أولئك الذين لم يذهبوا للمخيم , توقف يوشي أمامهم و كما هي عادته تدفق الدم لوجنتيه بينما ينطق بنبرة متوترة خالطها الخجل :" إسمي هو يوشي تداشي , إنتقلت للعيش مع أبي حديثاً لذا أنا هنا حالياً "
أخفض رأسه من فوره وهو يشعر بأنها أغبى جملة تعريفية بالعالم ربما , بينما وقف هوشي أمامه وهو يعقد ذراعيه لصدره بينما يهتف :" و أي شخص سيزعجه سينضم لقائمة مقالبي لهذا العام و لن يحلم حتى بالخروج منها "
قطب يوشي حاجبيه بضيق وهو يوبخ توأمه بينما نهض بعض من الطلاب للتعرف على يوشي أكثر بما أنه بدى أكثر هدوءاً من توأمه , إلا أن الأكبر نطق بشر :" لا يسمح لأحدكم بالتعرف عليه أيضاً فأنا لا أثق بأي منكم "
وهنا تدخل ناو لينطق بعدم رضى :" هوشي لا يمكنك الحديث هكذا مع زملائك بالفصل ! كما لا يمكنك منع شقيقك من الإقتراب من البقية ! "
نظر الصغير له بحقد طفولي وهو يجيبه :" معلمي أنت أول من سينضم للقائمة لهذا العام "
ابتسم بهدوء وهو يصفق بيديه ليعود الجميع لمقاعدهم بينما إنتهى الأمر بالصغيرين يجلسان بجوار بعضهما البعض بمنتصف الفصل حيث رفض يوشي العودة و الجلوس بالخلف أو بالقرب من النافذة و الآخر رفض أن يكون بالمقدمة و رفض قاطع بأن يجلس توأمه بعيداً عنه لينتهي الأمر بتدخل ناو مجدداً و إعطائهما حل أوسط ربما ؟
لم يكد المعلم يبدأ بمهمته حتى فُتح باب الفصل ليطل من خلفه طالب جديد جعله يدهش قليلاً بينما شهق يوشي بصدمة و شيء من التوتر فلماذا هو هنا ؟ و على خلافه تماماً ابتسم هوشي بمرح شديد وهو ينهض لينطق بأكثر نبرة شقية تمكن من إطلاقها :" أهلاً بك كيجي هُنا ! لقد تأخرت بأول يوم لك هنا و أنا كنت أنتظرك أليس هذا أمراً فظيعاً ؟! بأي حال أتمنى أن يعجب والدك عمله الجديد بشركتنا ! "
إتسعت عينا يوشي وهو يحد بتوأمه بصدمة أشد , فهل ما يحدث هُنا مخطط له أم ماذا ؟! هو نظر لوجه كيجي الذي تجمد تماماً بينما يحدق بهوشي , أي هو لم يكن يعلم ؟ معرفة هوشي بالأمر يؤكد أنها ليست صدفة و قطعاً توأمه لم يفعلها إذاً كيف علم والده عنهم ؟! وهل هو يستخدم حقاً أسلوب الإنتقام ؟!
لم يكن حال ناو أفضل فهو يعلم تماماً ما فعله هذا الفتى و أسرته بالتوأم لكنه مع ذلك لا يؤيد أسلوب الإنتقام بالمثل فقط لئلا يتعلم الصغيرين و بعمرهما هذا الإنتقام , مع ذلك لا يمكنه لوم آيكو على هذا فلو أن أحدهم عبث مع أسرته لربما ما كان ليفكر بعواقب أفعاله , بالنهاية هو قرر المراقبة بصمت و التدخل إن زاد الأمر عن الحد المقبول !
****
جلس على المقعد المُقابل للمكتب وهو يرى الأوراق التي عليه توقيعها و مع إطلاع سريع عليها , و خلف المكتب جلس والده يدقق ببعض الحسابات المالية و تدفق الإيرادات للشركة و أسهمها كمراجعة أخيرة قبل أن يعلن عن أرباحها لهذا العام بإحتفال اليوم إضافة للترقيات التي ستحدث أو إفتتاح بعض الأفرع الجديد , كلها قرارات تم إتخاذها مُسبقاً بالفعل و ما هي إلا تأكيد لأنفسهم بأنهم لم ينسوا أي أمر .
خلال إنهماكهما بالعمل تقدم مُساعد آيكو منه بينما يضع له كوب من القهوة ثم ينتقل ليضع آخر لوالده وهو ينطق بشيء من العبوس :" سيد تداشي , أعلم أنه ليس من حقي الإعتراض على ذلك لكن الرجل الذي قابلته بالأمس هل أنت واثق بجعله يتولى منصباً جيداً ؟"
رمش عدة مرات قبل أن يحد بمن أمامه بابتسامة خافتة وهو ينطق :" هل أتى حقاً ؟"
نظر له مُساعده بحيرة قبل أن يضحك آيكو بخفة :" مع الأسف هو لديه رأس مال جيد , سيكون مشروع مشترك حتى يكبر ثم يعيد إلينا مالنا و يستقل به وحده هكذا كان إتفاقنا "
صمت لثوان قبل أن يردف بنبرة جادة :" أنا لن أُخلف إتفاقي معه لكن مع ذلك أريد منك إخباري دائماً عن تقدمه و إخفاقاته مهما كانت بسيطة , كل يوم أريد تقرير مُفصل عما يفعله , سيتم الخصم عليه بما أنه حالياً كمدير للمشروع عند أقل غلطة و لا يوجد تسامح ! لا عُطل غير الرسمية مهما كان الظرف "
تراجع مُحدثه خطوة للخلف بينما رفع والده أنظاره عما أمامه ليحدق بإبنه الذي أكمل بصوت مُنخفض إلا أنه مسموع لهم :" لن أكون وغدأ و أخدعه و أسلبه نقوده , لكن على الأقل يمكنني تحويل حياته لجحيم حتى ينهي المشروع و يعيد مالي لي "
نطق مُساعده بتردد :" سيدي ! أهناك معرفة مُسبقة لك معه ؟ "
أجابه وهو يعيد تركيزه بالعمل :" ليس تماماً , لكن لدى أسرتي مُشكلة معه و مع أبنائه لذا عليه الشعور بما يذيقه لغيره , ليرى كم أنه شعور مهين و فظيع هو أن يتم التحكم بك من شخص أكثر نفوذاً "
أومأ إيجاباً وهو يغادر المكتب بينما يفكر بما فعله ذلك الرجل ليحقد عليه مديره هكذا ! هو لم يرى منه بالسابق أي تصرف عدائي إتجاه أي أحد لذا لابد أنه حقاً أذاه .
و بالمكتب نطق سيزوكا بهدوء :" أهي أسرة الفتى التي حاولت قتل يوشي ؟"
أومأ إيجاباً دون أي رد ليتنهد والده بتعب قبل أن يتحدث :" أفهم سبب رغبتك هذه , لكن آيكو عليك أن تتوقف عندما تثبت له وجهة نظرك ! أخشى أن تتحول لأمثاله إن إستمررت بهذا "
ابتسم بهدوء بينما يجيبه :" أعلم , أنوي فعل هذا حقاً , عندما يحضر و يعتذر لصغيري ووالدته على كل ما فعله هو و أسرته "
*****
مضى النصف الأول من اليوم الدراسي سريعاً حيث إستغل هوشي كل لحظة به بإيجاد مقلب جديد و تطبيقه على كيجي دون أن يتمكن الأخير من الرد و إن فعل فهو سيعيد على مسماعه ذات الكلمات التي كان يتغنى بها بالسابق , يوشي لم يجرأ على الحديث معه حتى , ليس بخائف لكنه غير مُعتاد على البدأ بشجار ما مع أحدهم و بما أنه لم يزعجه بأي حرف فما كان بإمكانه إفتعال واحد !
بالرغم من هذا هو و على خلاف ما توقعه لم يشعر بالسوء حقاً لما يحدث معه ! بكل مرة يذكر بها كل تلك المشاعر السلبية التي تحيط به بسببه , شجاره مع أمه و عمله و كل ذلك كان بسببه هو , كل لحظة مُريعة بحياته كان هو جزء منها , و هذا يدفعه لكرهه أكثر فقط .
تنهد بتعب و هو يضع رأسه على مقعده , الفصل كان خالياً من الطُلاب تقريباً بما أنه وقت الإستراحة , هوشي حدق بتوأمه قليلاً بقلق قبل أن ينطق :" أتشعر بأنك مريض ؟! صحيح سأذهب لشراء الطعام لنا موافق ؟ أترغب بشيء معين ؟ "
رفع رأسه ليحدق بتوأمه وهو يخرج النقود التي أعطاها إياه والده صباحاً , هو رآى أنه مبلغ كبير ليأخذه كمصروف يومي و للمدرسة فقط ! و عندما أخبر هوشي بذلك شقيقه كالعادة تذمر من كونه لا يجيد التمتع بحياته ! و أن هنالك الكثير من الأمور التي يمكنها فعله كشراء الحلوى أو حتى توفير النقود لشراء الألعاب لاحقاً أو التسوق لأدوات المقالب !
و هو مُجدداً لم يقتنع بهذا , مُرتبه بحمل الحجارة كان أقل حتى مما يأخذه هو الآن , ضيق عيناه بينما يذكر أنه عليه العمل ليحضر لشقيقه هدية ما , هو أخبره أنه يقوم بإدخار أكثر من نصف مصروفه هذه الفترة و مع أنه لم يخبره بالسبب فما سمعه منه بذلك اليوم كفيل بجعله يدرك ما هو هدفه , و حقاً لا يرغب بأن تكون أول هدية يحضرها لهوشي بلا قيمة , يريدها شيء مميز حقاً .
خرج من أفكاره عندما توأمه حرك كتفيه بقوة وهو ينطق :" إن كُنت مُتعباً سأذهب لأخبر المعلم ليتصل بأبي ! "
عبس بينما يجيبه :" لستُ كذلك ! فقط أنا لا أشعر بالجوع يمكنك الشراء لنفسك فحسب "
تهجمت ملامح وجهه بينما أخذ النقود من بين يدي شقيقه وهو ينطق بعزم و عينان جادة :" بل ستفعل ! عندما نكون بالمدرسة فإنه لا وجبة غداء بعد عودتنا للمنزل , الجميع سيكون قد تناوله بالخارج و سيكون عليك الإنتظار حتى العشاء أو بعض الوجبات الخفيفة ! و أنت مريض بالفعل "
و تلك الهيئة أجبرت يوشي على الضحك , فهي حقاً لم تُناسب تقاطيع وجه توأمه و الذي إعتاد على رسم الإبتسامات الشقية و النظرات الماكرة أو المُهددة !
إزداد عبوس الأكبر لينطق الأول بإعتذار :" آسف حقاً , فقط مُنذ متى أصبحت شقيقاً مسؤولاً ؟"
أجابه بفخر :" أنا كذلك دائماً لكنك من لا يقدر هذا ! "
شعر برغبة بالضحك مُجدداً لولا تلك النظرة المُهددة بعينا شقيقه و إن كانت تبدوا بالنسبة له أمر لطيف أكثر من مُخيفة !
*****
بالرغم من أن الجيمع إستيقظ و قبل طلوع الشمس تقريباً إلا أن الحركة بالقصر كانت مُستمرة للآن , هو بات مُزين بالخارج و الداخل على حد سواء , و ربما أكثر ما يجذب الآخرين هي تلك الأضواء المُعلقة على الجدار الأمامي للقصر و التي تُضيء على شكل شعار الشركة و سنة تأسيسها , وبما أن الخدم أنهوا بالكاد عمليات التنظيف و التزيين و الطهي بسبب مراقبة شيزوكا الشديدة لهم حان دور أفراد تلك الأسرة للإستعداد !
هوشي و يوشي كانا قد وصلا تواً للمنزل و الثاني صمم على السير حتى البوابة الرئيسية على قديمه ليرى ما فعله الخدم بإتقان ! الأول وجدها فرصة لإعادة الحديث عما فكر به صباحاً لذا هو نطق بسرعة :" يوشي يا أخي ! ألا تريد أن تعلم على الأقل ما هو المقلب !؟ "
ضيق عيناه بسرعة بينما يجيبه :" لا ! أخبرتك صباحاً أبي سيغضب حقاً , ثم لا يمكنك أن تفعل أي شيء سيء بجدتي "
عبس بقوة وهو يجيبه :" عن أي أمر سيء تتحدث ؟! هو مقلب فقط ليس كأنها ستتأذى بسببه ! ثُم فقط أنا لا أريدها أن تبقى هكذا حتى لا يكرهها الآخرون "
حرك رأسه نفياً فهذا قطعاً مرفوض بالنسبة له , لا يمكنه فقط تخيل أنه قد يشارك بأمر كهذا أو أن يسمح لتوأمه بفعلها , وفور أن دخل كُل منهما للمنزل حتى وصلهما صوت تذمر جدهما و ضحك والدهما و سوكي !
حيث كانوا يجتمعون بغرفة الجلوس بينما شيزوكا تضع أمامها العديد من الثياب و الفساتين الرسمية لمثل هذه التجمعات , إلا أنه لا يبدوا أن هناك أي شيء قد حاز على رضاها فهي كانت تتمتم :" لا ليس هذا لقد إرتديته من قبل أمامهم , و هذا لم يعد مُناسباً فهو قديم ! "
ألقت كُل ما بيدها أرضاً بينما تنطق :" ربما علي التسوق الآن !"
شهقة مُستاءة صدرت من زوجها الذي نطق من فوره :" أنا لن أذهب معك ! "
نظرت له بإستنكار وهي تجيبه :" و لماذا لا ؟ ثُم هُناك نقص بمكونات الطعام لذا أنا أتسوق لشراء ثياب لي و أنت لإحضار ما ينقص بسرعة "
أجاب على الفور :" هل أنتي جادة ؟ لماذا لا ترسلين أحدهم فقط لإحضارها !؟ "
أجابته بهدوء و بساطة :" عزيزي تعلم أنه علينا التأكد من إحضار أفضل و أجود أنواع الطعام حتى لا نُصبح أضحوكة و أشك بمقدار معرفة الخدم لهذه الأمور ! "
تنهد بتعب فكيف يمكنه مُجدالتها وهي لن تقتنع و عقارب الساعة لا ترحم أي شخص بل تجري بُسرعة كما هي عادتها دون تباطئ ؟! لذا بالنهاية إنطلق كلاهما للتسوق بينما إتذرت سوكي بأنه عليها الإستعداد أيضاً , حدق هوشي بتوأمه وكأنه يخبره هل رأيت لما هي تستحق ؟!
و الآخر كرر رفضه بينما ينطلق للجلوس قرب والده و الذي فور رؤيتهما ابتسم بخفة وهو يستفسر عن يومهما بالمدرسة و إن كان هُناك ما أزعجهما , و بالذات يوشي بما أنه يومه الأول بها , و هوشي إنسحب بمنتصف المُحادثة بحجة أنه سيستعد أولاً ليكون هنالك وقت لتوأمه ليستعد قبل توافد الضيوف بالفعل .
*****
توقف هوشي أمام المرآة وهو يصفف خُصل شعره للخلف برسمية و على خلاف العادة لم يكن يشعر بالإنزعاج بل كان يدندن بلحن ما , و يوشي بقي يحدق به بريبة شديدة قبل أن ينطق بحذر :" ماذا فعلت ؟ "
نظر له ببراءة بينما يجيبه :" ماذا ؟ أنا فقط أقوم بتصفيف شعري كما ترى دون أي تذمر ! هذا أمر يستحق جائزة "
إقترب من شقيقه و الذي كان كلاهما يرتديان ذات الثياب الرسمية المُزعجة بذات التصفيفة ليهتف بقلق :" هوشي لقد فعلت أمراً ما عندما ذهبت قبلي للإستعداد صحيح ؟! أياً كان ما فعلته فدعنا نصححه حالاً !"
أجابه بشقاوة :" لقد فات الأوان فجدتي عادت من التسوق و على الأغلب هي الآن تضع من مساحيق التجميل خاصتها ! "
شحب وجهه فهو حقاً يعجز عن إيصال فكرة أن ما يفعله هنا خاطئ و مهما حدث لن يسامحه والدهما بسهولة و ربما حتى جدته لن تفعله , و مع ذلك نطق بريبة :" و ماذا فعلت بها ؟"
أعاد ليحدق بالمرآة وهو يجيب بلا إهتمام :" لم أفعل الكثير كما كنت أنوي حقاً , لذا فقط وضعت مادة ما تجعل ما تضعه على وجهها يذوب بعد بضع دقائق "
شهق بشيء من التوتر فهذا فظيع , خاصة إن تواجدت هي بالأسفل و أمام الضيوف الذين كانت تعمل بجد لئلا يحدث أي خطأ بتواجدهم , لذا هو غادر مُسرعاً ليتبعه الآخر بوجه متجهم الأول نطق بتوتر فور وصوله لغرفة جدته :" جدتي أيمكنني الدخول ؟ "
عبس توأمه وهو ينطق بضيق :" ما بك ؟ لا تكن مُفسداً للمرح هكذا ! "
أجابه يوشي بِعتاب :" لكن حتى المرح له حدوده يا أخي ! هذه ستُعد إهانة لها إن رآها أحد الضيوف هكذا ! "
حدق بتوأمه بشيء من الحذر وهو يكرر :" إهانة ؟! "
شعر بقليل من الإرتياح وهو يرى أن توأمه بدأ يفهم الأمر , لذا هو أراد أن يشرح له وجهة نظره عندما ظهر صوت جدتهما التي نطقت بتعجل :" ماذا تريدان أنتما ؟! ألا تريان أنني لستُ مستعدة بعد وفوق كل هذا عندما وضعت مساحيق التجميل ثُم ذهبت لتصفيف شعري بدأت أشعر بأن هناك أمر مريب لذا إختصرا ما لديكما لأذهب و أكمل "
لم يلتفت يوشي الذي كان يقف مُقابلاً لها مواجهاً لتوأمه للنظر بعيناها لاسيما وهو يرى إنقلاب وجه شقيقه للأحمر بسبب كتمه لضحكته , أي أنه تأخر بالفعل بتحذيرها !
ثوان فقط حتى صدرت شهقة من سوكي وهي تشير بيدها لوجهها بينما تنطق بصدمة :" ماذا حدث لوجهك ؟ هو يبدوا كعلبة ألوان مائية ! "
قطبت حاجبيها بشك بينما تتلمس وجهها لتسرع عائدة لغرفتها , وب الكاد هي منعت شهقة من الصدور منها فور رؤيتها لنفسها بالمرأة ! أقالت سوكي أنه علبة ألوان مائية ؟! بل علبة الألوان مُنتظمة أكثر مما يبدوا عليه وجهها , حيث أن كل الألوان التي وضعتها قد إمتزجت ببعضها البعض ووجها أبيض بشدة كالمهرجين ربما ؟!
هي إلتفت من فورها للصغيرين لتنطق بسخط و صوت مُرتفع :" هل أنتما السبب ؟ هل أتيتما إلى هنا لتشهدا على نجاح خطتكما ؟! "
ثوان و إنضم آيكو للغرفة و أول ما فعله هو أنه نطق بصدمة :" أُمي ماذا حدث لك ! ؟"
أجابته بغضب عارم :" هل رأيت نتيجة تربية إبنيك ؟! ماذا لو لم أنتبه و إتجهت لمُقابلة الضيوف هكذا ؟! "
حدق آيكو بصغيريه حيث كان يوشي يخفض رأسه للأرض بينما الآخر يقطب حاجبيه بعدم رضى لينطق بحدة :" أريد تفسير الآن و حالاً "
أجابه هوشي بضيق :" لقد ظننت أنه بهذا يمكنني أن أجعلها أكثر تواضعاً ! و أيضاً يوشي أتى فقط ليخبرها بما فعلته بعد أن علم أي أنه لم يشترك معي "
إتسعت عيناه بينما يمسك به من ياقة قميصه بشيء من الخفة لئلا يؤذيه حقاً :" تفعل ماذا ؟ إنها أُمي أي جدتك أتظن يمكنك العبث معها ببساطة فحسب ؟! هوشي عليك مُراجعة تصرفاتك جيداً و أقسم أنني سأتفرغ لك لاحقاً "
أراد أن يجيبه مُجدداً لولا يد شقيقه التي إمتدت تجبره على الصمت بينما نطق هو :" لكنه حقاً كاد يتراجع عن المقلب يا أبي قبل أن تذهب جدتي للأسفل لذا أرجوك أيمكنك أن لا تغضب ؟"
ترك هوشي بهدء إلتف ليغادر بعد أن أخبره والده أن عليهما التواجد بالأسفل مع سوكي لإستقبال الضيوف , ومع ذلك هو نطق بإنزعاج :" كلاكما لا أريد رؤيتكما بالأسفل مفهوم ؟ "
أومأ يوشي له بسرعة وهو يمسك بشقيقه حتى غادر والده وجده ثم سحب توأمه من غرفة جدته التي إتجهت لتنظيف وجهها , هوشي بقي صامتاً لفترة قبل أن ينطق بضيق :" أنا لم أقصد إهانتها كما قلت أنت ! أردت فقط أن أجعلها تشعر قليلاً بما نشعر به "
حدق يوشي بتوأمه بشيء من الهدء قبل أن يلقي الأول بجسده لفراشه وهو ينطق بلا إهتمام :" بأي حال لا يهم , كيف سنمضي الوقت هنا ؟ "
حرك يوشي كتفيه بلا إهتمام وهو يجيب :" سأقوم بالدراسة هناك الكثير مما فاتني "
شهق هوشي بصدمة وهو ينطق :" أأنت جاد ؟ دراسة ؟! أخي بحقك هذا مُمل "
أجابه يوشي بسرعة :" يكفي مُغامرة واحدة لليوم ! "
حدق بسقف الغرفة بحنق قبل أن ينطق :" بأي حال لم تم عقابك ؟ أنت لم تفعل أمراً سيئاً "
ابتسم المعني بخفة وهو يجيبه :" هذا لأن أبي على الأغلب يعلم أنني لن أستمتع بالأسفل من دونك , ثم أنا لست من محبي الإحتفالات و التجمعات الكثيرة تربكني "
نهض وهو ينطق بمرح :" لهذا السبب لا يمكنك أن تكون بعيداً عني ! عليك حراستك من الحمقى "
تنهد بيأس وهو يتحدث :" لا تبدوا مُستاءاً بسبب ما حدث ! "
أنهى عبارته و هو يفكر بردة فعله هو إن تم توجيه توبيخ قاسٍ كهذا له , ربما كان ليبكي أو يحبس نفسه بغرفته و يرفض مقابلة أي أحد بسبب خجله من أنه أغضبهم و أخطأ .
خرج كلاهما من أفكاره عندما لاحظ كلاهما دخول جدتهما للغرفة , هي حدقت بهما قليلاً لينهض يوشي بسرعة وهو ينطق :" جدتي نحن حقاً آسفان بسبب ما حدث , أرجوكي لا تغضبي "
تنهدت هي بتعب قبل أن تجلس على الفراش بجوار هوشي الذي إعتدل بجلسته بينما ينطق مُدافعاً عن نفسه بسرعة و بنبرة طفولية صادقة :" أنا لم أقصد حقاً أن أغضبك ! لكنني أكره بعض تصرفاتك , بالطبع هذا لا يعني أنني أكرهك ! "
رفعت أحد حاجبيها فهي أرادت فقط معرفة مشاعر كلا حفيديها و ليس الشجار معهما لذا سمحت للصغير بمُابتعة حديثه بسلاسة :" أنظري يمكنني أن أمثل لك كيف تتصرفين بالعادة و يمكنك الحكم إن كانت ذلك جيداً أم لا ! "
شهق يوشي بينما ينطق بسرعة :" لا ! هل أنت مجنون ؟ أوقف هذه الحماقة حالاً ! "
نظرت الجدة لهما قبل أن تنطق بشبه ابتسامة :" لا بأس موافقة "
نظر هوشي لتوأمه بإنتصار فهو الآن سيوضح وجهة نظره و أمامها فقط أي لن تعتبر إهانة صحيح ؟!
*****
أجواء الإحتفال بالأسفل كانت هادئة حيث بدأ الضيوف بالتجمع كالعاة بحلقات مع بعضهم البعض وكل منهم يختبئ خلف كلماته المُنمقة و أفعالهم المتُصنعة , آيكو كان يتجول فيما بينهم مُرحباً بهم بهدوء و ابتسامة هادئة بينما عيناه تجولان بحثاً عن والدته , عدة دقائق إعتذر هو للصعود و تفقدها , يقلقه فكرة أن تتواجد و هوشي بمكان واحد حتى لا تحدث كارثة ما !
و ما إن وصل لغرفة إبنه حتى توقف بصدمة , حيث كانت والدته تجلس على الفراش و يوشي على مقعد المكتب و ينظر لما أمامه بمشاعر متناقضة ما بين الإستمتاع و رفض لما يحدث , أما هوشي فهو كان يرتدي إحدى أحذية جدته ذات الكعب العالي و يضع على كتفيه قطعة من الفرو و على رأسه إحدى القُبعات المُميزة لها أيضاً بينما يتجول بأنحاء الغرفة وهو يحدق بكل ما تحتويه بإشمئزاز شديد , ثوان ونطق مُحاولا تقليد صوت جدته :" و الآن ما هو هذا المكان ألا يعلمون من أكون ؟! إلهي أرجوك دع هذا اليوم يمضي على خير ! "
صمت قليلاً قبل أن يُمسك بكوب مياه موجود على المكتب لينطق مُجدداً بملامح مُجعدة :" أهذا كوب شاي حقاً ؟ يستحيل أن أشرب من شيء كهذا ! ثم بحق الإله ما هذه الرائحة ؟ أي نوع هو هذا الذي تقدمه هنا ؟ أراهن أنه من أسوء المُنتجات ! عليك الشعور بالفخر فقد تمكنت من جعلي أشعر بالإشمئزاز منك "
أنهى عبارته ليحرك رأسه بشيء من التكبر قبل أن تسقط القبعة عن رأسه ليحاول هو إلتقاطها بسرعة وما إن فعل حتى سقط هو أرضاً ليعبس أولاً قبل أن يهتف بمرح :" حسناً بغض النظر عن المشهد الأخير لكن أظن أن وجهة نظري قد وصلتك ! "
نطق والده وهو يحاول أن يبتلع ضحكته :" الآن ما هذا ؟ "
تراجع المعني من فوره وهو يجيبه :" جدتي طلبت هذا ! "
هو حدق بوالدته التي كانت تبتسم بإتساع لينطق بريبة :" أُمي ماذا تفعلين هنا ؟ لماذا لم تأتي للأسفل ؟ "
نظرت له بسرعة وهي تنهض قبل أن تنطق :" عندما أتحدث مع حفيداي لا شأن لك , ثم هو أكثر صدقاً منك ! إنه بالفعل يشبهه صحيح ؟ "
حل صمت ثقيل بتلك الغرفة فور إنهائها لتلك الجُملة , ابتسم آيكو بشيء من الحُزن فهي مُحقة صغيره هذا مُشابه لتوأمه و كم يدرك بأن والده رباه بهذه الطريقة مُتعمداً !
هوشي صمت قليلاً وهو نظر لتوأمه الذي كان يوجه نظراته لوالده بقلق , عدة دقائق قبل أن تنطق جدتهم :" بأي حال هيا لنتجه للأسفل جميعاً , على الصغيرين تعلم كيف يجب التصرف بإحتفالات رسمية كهذه ! "
و بهذا إتجهوا جميعاً للأسفل لإكمال ذاك الإحتفال .
~ نهاية الفصل ~
يفترض بأن هذا الفصل هو ما قبل الأخير و يفترض أن الإحتفال إنتهى به لكن ... هو فقط أصبح طويل بالفعل لذا تم تأجيل التتمة لفصل آخر ... و مع ذلك هناك إحتمال بأن يكون القادم هو الأخير ...
مجدداً أعتذر على التأخير لكن الظروف و ما تفعله ...
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top