2
قبل سنة من اختفاء شهاب ..
دخلت نور إلى منزل رب عملها بعد عطلة نهاية الأسبوع، كان المنزل في حالة يرثى لها رغم أنها لم تغب عنه سوى يومين. أدركت من الفوضى التي أمامها بأن وضع شهاب قد ازداد سوءا، لم تسأله عن شيء فقد كان شرطه بتوظيفها أن لا تسأله أبدا عن أي شيء مهما حدث، قامت بعملها بهدوء، أعدت له طبقه المفضل بعد أن انتهت من التنظيف، ثم همّت بالخروج لولا أن أوقفها قائلا بنبرة يائسة
" هل يمكننا تناول الغذاء معا هذا اليوم، سأدفع لك مقابل الوقت الإضافي "
كانت تدرك أنه يشعر بوحدة قاتلة، جاهدت على إخفاء الشفقة التي شعرت بها تجاهه و جلست على الكرسي المقابل له تتناول طعامها بهدوء، لم تكن جائعة لكنها شعرت أنه من واجبها أن تلبي طلبه. لم يتفوه أيهما ببنت شفة طوال فترة الغذاء، صمت مطبق، إلى أن انتهى من تناول طعامه، فقال
" هناك علبة على المنضدة، قدميها لابنك "
لم ينس يوما عيد ميلاد ابنها، رغم أنه يبدو من الأشخاص الذين لا يذكرون تاريخ ميلادهم حتى، لكنه كان يهتم بابنها أنور، ربما لأنه يشعر أن هذا الأخير يعيش نفس ما عاشه هو و عانى منه بعد انفصال والديه، الفرق بينهما أن زوجة والده من قامت بتربيته، بينما أنور قد بقي مع نور و وهبته كل الحنان الذي هو بحاجة إليه.
ثم أضاف
" لم أر ابنك يوما، سيسرني أن تحضريه معك لأتعرف عليه "
شكرته بهدوء ثم أخذت العلبة و غادرت، كان لديها الوقت الكافي لشراء كل ما يلزمها للاحتفال مع ابنها بعيد ميلاده، فعادت للمنزل و زينت قاعة الجلوس ثم وضعت الكعكة على الطاولة، و جلست بانتظار عودة ابنها من الحضانة.
إنتظرت طويلا، لكن الظلام قد حل و ابنها لم يعد، بدأ القلق يسيطر عليها، و حملت هاتفها لتتصل بالرقم الوحيد المسجل به، رقم هاتف شهاب.
رن الهاتف مرة، إثنين، ثلاث .. عشر مرات، لكن ما من جواب من رب عملها، كادت أن تعتقد بأنه قد ابتلع حبة منوم فدخل في دوامة نوم عميقة، إلا أنه أجابها أخيرا
" نعم سيدة نور، هل من مشكلة ؟! "
ترددت قبل أن تقول له
" آسفة على إزعاجك، لكن إبني لم يعد للمنزل و بدأت أشعر بالقلق الشديد "
" إبعثي لي موقعك "
أغلق الخط، و لم يستغرق سوى بضع دقائق ليصل إليها، تفاجئ من عدم معرفته بكونها تسكن في عمارة قريبة جدا من منزله، يا للصدفة !
سألها فور وصوله لمنزلها
" هل اتصلت بمديرة الحضانة ؟! "
ترددت كثيرا فأدرك أنها لم تفكر في ذلك حتى، ليضيف
" ما اسم تلك الحضانة ؟! "
لكنها صمتت طويلا و كأنها تفاجأت بأن ذاكرتها قد مسح منها كل شيء، كسر الصمت صوت رنين هاتفها الثابت، إرتخت معالم وجهها و فهم من تعابيرها بأن المشكلة قد حلت. جال بنظره في أرجاء المنزل بينما كانت نور تتحدث بالهاتف، لم تكن في المنزل أية صورة للطفل، و لا أية لعبة أو شيء في المنزل يثبت أن طفلا يعيش به، إنتابه شعور شيء للحظات، لكنه تجاهل ذلك، و استأذن مغادرا فور أن أخبرته مدبرة منزله بأن ابنها مع إحدى قريباتها، و رغم أنه يعرف أنها لم يكن لديها أي أقرباء إلا أنه لم يهتم كثيرا بالموضوع.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top