14

لم تستقر حالتها النفسية بعد تلك اللحظة، و أصيبت بحمى شديدة بعد وصولها للفندق، مصاحبة بحالة من الهذيان، و لولا إحدى عاملات التنظيف بالفندق التي لاحظت حالتها و اتصلت بطبيب لازداد وضعها سوءا.
لم تذهب لمقابلة أمير إلا بعد بضعة أيام كانت قد استجمعت فيها شجاعتها، و ما أن لمحها حتى أدرك أنه لم يكن يهذي ذلك اليوم، عرض عليها مرافقته إلى مكتبه إذ كان يعرف أن الموضوع الذي سيتحدثان به أطول من أن يتمكنا من الحديث به و هما واقفين، لم يعرفا من أين يبدآن الحديث، ليكسر هو الصمت قائلا :
-" سمعت خبر طلاقك، آسف لذلك "
لتجيبه ببرود
-" علام تتأسف ؟! ليس الأمر و كأنني لم أعش تجربة زواج فاشلة قبلها "
ابتلع ريقه بمرارة و لم يعرف ما يقوله بعد ذلك، لتظيف نور
-" أريد معرفة مكان ابني "
بدت الصدمة واضحة على ملامحه و لم يفلح بإخفائها، كما لم يجد جوابا مناسبا، أخذ قنينة ماء صغيرة كان على مكتبه و شرب كمية كبيرة منه دفعة واحدة، ثم قال بهدوء غريب
-" لقد قابلته مرتين، و لم أعد بعد ذلك لرؤيته "
صمت قليلا ليظيف
-" كان سعيدا إذ وهبته عائلته بالتبني حياة سعيدة دافئة ما كنا لنستطيع تقديمها له "
كانت نور صامتة حتى أن أمير اعتقد بأنها لا تسمع ما يقوله، لكنه واصل الحديث
-" هو لا يعرف بشأننا .. من الأفضل ألا نقلب حياته رأسا على عقب "
إرتسمت إبتسامة سخرية على وجه نور ثم قالت
-" أنت آخر شخص يعرف ما هو الأفضل و الأصح للآخرين، لأنك لا تعرف سوى الأنسب لنفسك "
عجز عن دحض ما قالته، فهو يعرف أن لها الحق في أن تقوله
حاولت تغيير الموضوع لتقليل التوتر، لتقول
-" ما كان هدفك من إخبار شهاب بقصتنا ؟! "
ليجيب متظاهرا بعدم الفهم
-" شهاب ؟! من ؟! .. ااه نعم ذلك الكاتب غريب الأطوار، لقد قال بأن صديقته تعيش مع شخصيات خيالية بعد فقدان ابنها، و قد كانت قصتها تشبه قصة زوجتي السابقة على نحو غريب، و حين رأيت إصراره على إيجاد سبيل لمساعدتها لم أتردد في مساعدته "
اعتراها حنق شديد لكن ذاكرتها استوقفتها للتفكير في ما وصفها به شهاب " صديقة "، هو لم يقل " خادمته " بل " صديقته "، سرعان ما توقفت عن التفكير في ذلك، لتقول بغضب
-" لقد كنت تعرف أنني سآتي لمقابلتك بعد قراءة ذلك "
فاجأه كلامها، هو لا يعرف تماما السبب الذي دفعه لإخبار شهاب بذلك، أ كان شفقة منه بعد معرفة سوء حالتها النفسية ؟ أم أن شعوره بالذنب هو السبب ؟ أو أنه فعلا أراد رؤيتها ؟
أفاقته من شروده قائلة
-" أين شهاب ؟! "
إرتبك من سؤالها و شعر بتوتر شديد، لم يعرف هل عليه أن يجيب أم يلتزم بالصمت فحسب، لكن نظرتها المتشككة و إصرارها عليه ليجيب، جعله يقول بأسف مطرقا رأسه
-" لقد أخذ مبلغا كبيرا .. كبيرا جدا .. مقابل أن يتوقف عن كتابة تلك الرواية و عن نبش تلك القصة "

لم تكن صدمتها أكبر من خيبة أملها قبل أن يظيف بارتباك
-" فعلت زوجتي ذلك حفاظا على استقرار عائلتنا "
قال ذلك بصوت يكاد لا يسمع، لتدخل نور في هستيريا ضحك، كانت تضحك بقوة جعلت عينيه تمتلآن بالدموع إذ يعرف ما سيأتي بعد تلك الضحكة، و فعلا بدأت تبكي بحرقة خيبتها، " إستقرار عائلته " ! يا له من أناني ! كان هذا ما تفكر به و هي تبكي بألم، مسحت دموعها بعنف بعد بضع دقائق لتقول بقسوة آمرة

-" ستسأل زوجتك عن مكان شهاب، و ستبحث عن مكان إبني، أريد أجوبة واضحة حين أعود المرة القادمة، و يستحسن أن تكون أجوبة مرضية، لأنني أعرف جيدا كم تهتم بسمعتك، و أنت تعرف جيدا أنني لا أملك شيئا لأخسره، فخذ ذلك بعين الاعتبار "
ثم خرجت من مكتبه و دفعت الباب بقوة حتى كاد يسقط

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top