11

عند إيناس ..

استعادت إيناس وعيها، و اعتدلت في جلوسها مستندة إلى عارضة السرير، اجتاح رأسها صداع قوي، دلف وليد من باب غرفتها حاملا صينية طعام، وجلس إلى جانبها، كان القلق ما يزال باديا على ملامحه، إبتسمت في وجهه مطمئنة إياه و قالت

" أنا بخير، لا تقلق "

ليقول مشككا

" هل هناك شيء تريدين إخباري به ؟ "

أخفضت رأسها تحاول التفكير في ما ستقوله، تخشى أن تندم إن صارحت وليد بالحقيقة، و تخشى أن تندم إن لم تفعل، لتكسر الصمت أخيرا

" مسألة متعلقة بزواجي السابق، لم أستطع تخطيها.. "

قاطعها وليد قائلا

" حسنا لا بأس، لا داعي لإرهاق نفسك بالتفكير في ذلك، كل شيء سيكون على ما يرام بعد الان "

أومأت له و أخذت تتناول طعامها بهدوء لتقول

" شكرا لك، الطعام لذيذ جدا "

عند فهد ..

حمل طفله و جلس على طرف السرير، يتأمله و يقارن في ذهنه، بين ملامحه و ملامح سيف، حين تذكر هذا الأخير، أحس بنفس الشعور الذي انتابه حين سرق زميله لعبته، ذلك الشعور بأن ينتزع أحدهم منك شيئا تحبه، لكن هذه المرة كان الأمر مختلفا، فهو قد نسي تلك اللعبة حين اشترى له والده واحدة أخرى، لكن في وضعه الحالي مهما أصبح لديه من أبناء لن يستطيع تخطي أنه فقد واحدا، أنه لن يستطيع أن يكون أبا لأحد أبنائه، و لا أن يكون قريبا منه، كان ذلك الشعور كحريق في صدره، حريق لن يخمد أبدا. وجهه أصبح مبللا بالدموع، يحق للإنسان أن يعيش لحظات ضعفه من حين لاخر.

قبل الطفل و أعاده إلى مهده، ثم استلقى على السرير ينظر إلى السقف بشرود، عقله كان عند إيناس، يريد الاطمئنان عليها، لكن لا مجال لذلك، لقد فقد حقه في القلق عليها حتى، خرج من حياتها بشكل لن يستطيع العودة إليها أبدا، اعتدل في جلسته و حمل هاتفه، لكنه لم يتجرأ على الاتصال بإناس، لطالما كان جبانا، و لا شيء تغير في ذلك. دخلت زوجته من باب الغرفة، كانت علامات الانزعاج بادية على ملامحها مرفقة بخيبة أمل لانتظارها اعتذارا منه، إلا أنه لم يعتذر، وقفت أمامه في انتظاره أن يتفوه بشيء، فاجأها أخيرا بقوله

" ما الذي تريدينه ريتاج ؟ "

إبتسمت بسخرية لتجيب

" أ لا تلاحظ غرابة تصرفاتك مؤخرا ؟ "

" ما بها تصرفاتي ؟ "

" إنك تتهرب مني .. أو تصب غضبك علي "

" إن كنت تتعمدين إزعاجي، فصدقا لست في مزاج مناسب للشجار "

" لا أصدق أنك تلقي بالذنب علي بدل أن تعتذر "

" لم أخطأ في شيء لأعتذر عنه "

" لقد فهمت الان لم تخلت عنك زوجتك السابقة "

إتسعت عينيه، لم يصدق ما قالته، حتى أن صدمته منعته من إجابتها، إنسحبت هي من الغرفة كقنبلة موقوتة، أما هو فظل يستمع لصدى صوتها الذي يتردد في رأسه

" لقد فهمت الان لما تخلت عنك زوجتك السابقة "

" تخلت عنك زوجتك السابقة "

" تخلت عنك "

لطالما منع نفسه من التفكير بتلك الطريقة، بأنها من تخلت عنه، بأنها من ألقت عليه أوراق الطلاق، و اختارت الابتعاد عنه. ربما لأنه اعتقد أنها ستظل ممسكة بيده مهما حدث، و مهما فعل، لكنه كان مخطئا، شعر بنفسه قد انهزم في المعركة، و فقد كل شيء، و كان يوهم نفسه بالسعادة طوال الفترة الماضية، و قد أدرك أخيرا ذلك، أدرك مدى تعاسته.

حمل معطفه و خرج من المنزل غير مهتم بصوت زوجته التي تلقي عليه بأخطائه من المطبخ، و تعاتبه بكل ما أوتيت من ذريعة. يعرف أن غضبها سيتضاعف حين تلاحظ غيابه، لكن ما باليد حيلة، قاد سيارته مبتعدا عن المنزل، متجها إلى مكان هادئ، وقع اختياره على مقهى قديم، ترك أحد المارة عبارة على الجدار الخلفي للمقهى

" من فضلك لا تزعج سلامي إذا كنت في حالة حرب مع نفسك "

تجاهلذلك و دخل المقهى، تسللت رائحة القهوة إلى أنفه فور دخوله، جلس في أبعد طاولة،منعزلا عن بقية الزبائن، كان المقهى يطل على الشاطئ، منظر جميل و مريح، وضع رأسهعلى الطاولة محاولا الاسترخاء، كان متعبا أكثر من أي وقت مضى، لكنه لم يتوقع أنالنعاس سينال منه و يذهب في رحلة نوم عميق، رحلة نوم أخذت به إلى غرفة مظلمة، حيثكان هو واقفا إلى جانب إناس التي تبكي بحرقة، و أمامهما سيف الذي ينظر إليهمابقسوة و عتاب، بدأت إناس تتوسل الأخير أن يغفر لها، لكنه خرج من الغرفة و أغلقالباب خلفه بقوة، إنتفظ فهد من الكابوس مذعورا، و وجد النادل يحاول إيقاظه. إعتذرمنه، و مسح العرق بمنديل مده له النادل.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top