10

الفصل الثالث:

زفر بقلة حيلة ليجيب

" أشعر بتعب شديد مؤخرا، عقلي متعب، أعتقد أنني يجب أن اخذ إجازة من العمل للتفكير في ما أريده، و إراحة رأسي كذلك، و ربما لقضاء المزيد من الوقت مع عائلتي "

إبتسم في وجهها لتبتسم بدورها بارتباك

إنضم إليهما التوأم جنى و جنان ليشاهدوا فيلما عائليا، رغم أن كل شيء يسير على ما يرام في حاضر إيناس إلا أن ماضيها لا يكف عن اللحاق بها. فهي ترى السعادة لكنها لا تستطيع أن تعيشها.

إستأذن فهد من ضياء ليغادر بعد أن وصل مساعده، صوت بداخله كان يطلب منه قضاء المزيد من الوقت قريبا من ابنه، لكن عقله كان يدرك بأنه إن ظل أكثر من ذلك سيرتكب حماقة يندم عليها فيما بعد. وعد تلك العائلة السعيدة بأن يعود لزيارتهم مجددا بعد إصرارهم عليه أن يفعل، ركب سيارة مساعده، و لوح لهم قبل أن يغيبوا عن أنظاره، ردد بداخله " كان ذلك كالحلم ". فتح نافذة السيارة لتتسل نسمات الهواء و تداعب شعره، أغمض عينيه يتخيل صورة عائلية جميلة تجمعه بإناس و سيف، في حديقة كخاصة السيد ضياء، حياة هادئة مريحة، فتح عينيه بانزعاج بعد أن أفاقه من حلم يقظته صوت هاتفه الذي لم يكف عن الرنين، رفض المكالمة دون أن يركز على هوية المتصل، ثم عاد يستند على مقعد السيارة بخمول.

عند إيناس ..

تسللت خيوط الشمس الذهبية إلى غرفة إيناس، نهضت من سريرها بحماس لتعد الفطور، كان وليد ما يزال نائما، تذكرت أنه يوم الأحد، سارت على رؤوس أصابعها خشية إيقاظه. أعدت الفطور بسعادة و تناولته، إلى أن بدأ يتسلل إلى مسامعها صوت طفل صغير يبكي، و تهويدة قبل النوم التي كانت تغنيها لها والدتها حين كانت طفلة صغيرة، وضعت يديها على أذنيها، و ضغطت بقوة، إلا أن الصوت لم ينخفض أو يتوقف، كانت تتوهم، بدأت تبكي بحرقة و تصرخ

" أنا اسفة جدا، لم يكن علي الذهاب، أنا اسفة، لم أود حصول ذلك، لم يكن علي تركك، أنا اسفة .. "

هرع إليها وليد و أمسك يديها محاولا التخفيف عنها، و هو يردد بقلق

" إناس إهدئي، أنا معك، أنا هنا بجانبك، لم و لن يحدث أي شيء سيء، كل شيء سيكون على ما يرام، أنت فقط عليك أن ترتاحي، سأحضر مهدئا و أتصل بطبيبك الان، أنا هنا، لن أفارقك "

توقف ذلك الصوت، لم تعد تسمع شيئا، انتبهت إلى وليد القلق، الذي شحب وجهه، أمسك بيدها و قادها نحو المغسلة لتغسل وجهها، كانت تشعر بإرهاق شديد، و لا تريد شيئا سوى أن تستلقي، إتجهت إلى سريرها دون النبس ببنت شفة، إبتلعت المهدئ الذي كان على الخزانة قرب السرير، و أغمضت عينيها لتنام

عند فهد ..

جلس على كرسي مكتبه يتفقد الملفات المتراكمة، أهمل عمله بعد المشاكل المتتالية، لكن إن كان هناك مذنب في ما حدث، فلا أحد مذنب بقدره، عقله لم يعد يفكر بشكل سليم. لكن إن كانت هنالك فكرة صحيحة في رأسه فهي إخبار إيناس عن مكان سيف، على الأقل لن يشعر بأنه السبب المباشر في فراق أم عن ابنها، رغم أنه السبب الغير مباشر في ذلك

أخذ الهاتف و قد اعتزم الاتصال بها، رن الهاتف، رن لمرة ثانية، ثالثة، رابعة، ثم أتاه صوت من الطرف الاخر للخط.. صوت وليد

" مرحبا أنا وليد، زوج السيدة إناس، من معي ؟ "

تردد فهد لكنه أجاب أخيرا

" أنا زميلها في العمل، وددت سؤالها عن مريضة .. اليوم دوري للمناوبة "

" فهمت.. لكن أخشى أن إناس لا تستطيع أن تجيبك الآن هي مريضة نوعا ما "

توقف عن الحديث للحظات و كأنه يبحث عن التعبير المناسب، ليستأنف كلامه

" هل حدث لها شيء سيء في المستشفى مؤخرا ؟ لأنها كانت تبدو مرهقة مؤخرا، ثم ساءت حالتها فجأة "

دب القلق في عروق فهد متسللا إلى قلبه و عقله، ليقول بصوت أشبه بالهمس

" لا، لم يحدث شيء على حد علمي، المعذرة علي إغلاق الخط، أرجو الشفاء العاجل للسيدة إناس "

شعر كأنه سقط من أعلى تلة، و لا يستوعب ما يجري، صداع شديد غزا رأسه، لكنه شعر بهذا الإحساس من قبل.. نعم، شعر به حين انتهت إجراءات طلاقه من إناس، شعر به حين أخبرته إناس عن طفلهما الذي تخلت عنه، و شعر به حين ابتعد عن سيف، حين نظر إليه أخيرا و كان يلوح له .. شعور مرير

فجأة، فتح الباب و دلفت زوجته، حاملة فطائره المفضلة، صرخ في وجهها بحنق

" إلى متى علي الاستمرار في تذكيرك بطرق الباب قبل الدخول ؟"

شحب وجه زوجته خائفة منه، لم تره كذلك من قبل، ليستأنف صراخه

" لا أريد رؤية وجهك اليوم .. إغربي عن وجهي "

خرجت زوجته من المكتب و أغلقت الباب خلفها

أما هو فقد ألقى بأول ما وقعت عليه يديه أرضا، تناثرت الأوراق على الأرضية، و شعر بأنه فقد كل شيء جميل في حياته، لم يعد يستطيع التعرف على نفسه، و لا يعرف ما يريده بعد الان.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top