ما بعد النهاية

لاتنسوا التصويت والتعليق بين الفقرات💙✨
—————

يحكى أن نمراً صغيراً كان يلعب بمفرده في الغابة. لم يكن يملك أي صديق لأنه لم يكن مثل بقية النمور، كان نمراً أبيضَ بخطوط بنية، لذا كانت بقية النمور تنفر منه وتبتعد عنه رافضةً مصادقته.

في يوم من الأيام كان هذا النمر يلعب بمفرده بين أشجار الغابات كالعادة وقرر أن يستكشف الغابة أكثر، فذهب إلى ناحية أخرى لم يذهب لها من قبل. كانت تلك الجهة من الغابة مليئة بالأشجار الكثيفة التي جعلت من المكان مظلماً، بارداً، وموحشاً، لكن هذا كله لم يمنع النمر المستكشف من أن يكمل خطواته متجهاً لأعماق الغابة، هذا حتى سمع صوت خطوات أخرى خلفه!

وجدت مجموعة من الضباع الجائعة نمرنا الصغير وشكلت دائرةً حوله، فحاول أن يهرب. ركض مسرعاً من بين أقدام الضبع الذي كان واقفاً أمامه، لكنه لم يكن سريعاً كفاية وأمسكه ذلك الضبع من رقبته ثم اتجه به نحو عرينهم. كان النمر المسكين يرتجف من الخوف، كان يشعر بأوصاله ترتعد، كان يعرف بأنهم سيأكلونه حياً.

مرت لحظاتٌ قليلة والضباع الثلاثة تتحرك بالنمر الصغير، حتى سمعوا فجأة عواء ذئب مخيف! قال أحد الضباع بخوف: إنه الملار الأسود.

رد عليه الضبع الذي كان يحمل النمر الصغير في فمه: وما الذي سيفعله إذاً؟

أجابه الضبع الآخر: إن كنت لا تخاف على حياتك من الملار فأنا أخاف! لن أبقى معكم وهو في الجوار!

فور أن أنهى كلامه أطلق عنان قدميه للرياح وبدأ يركض مبتعداً عن الضبعين الآخرين. استمر هذان الضبعان بالسير حتى سمعا صوت عواء الملار ثانيةً، لكنه كان يقترب أكثر فأكثر. هنا بدأت أوصال الضبعين ترتعد، ونمرنا المسكين كاد أن يتوقف قلبه عن الخفقان من شدة الخوف، فإما أن يأكلهم الملار ثلاثتهم، أو أن الضبعين سيسلمانه له من أجل أن يفرا بجلديهم ويؤكل وحده.

لمح الضبعان شيئاً يلمع من بين أشجار الغابة الكثيفة، ثم اتضحت لهما عينان صفراوان وفروٌ أسود كالفحم بل قد يكون أشد، لقد كان ذلك الملار، وكانا يعرفان ذلك، لم يريدا أن يُقضى عليهما لكنهما لم يملكا أي وقتٍ للهروب، لذا عندما وصل الملار لهما بخطواته المهيبة جفلا وركعا أمامه.

زجر الملار بصوت أجش مخيف: كيف تجرؤ أقدامكما على أن تطأ أرضي؟

قال الضبع الجبان: نحن نعتذر أيها المـ-

قاطعه الملار بزجرة أخرسته: اتركا هذا الهرماس هنا واغربا عن وجهي فوراً، تعلمان جيداً ما سيصيبكما إن مست أقدامكما هذه الأرض ثانيةً!

جفل الضبعان مرة أخرى فتركا النمر الصغير وفرّا هاربين، لكن النمر الصغير ما يزال يقف مرتجفًا أمام هذا الملار المخيف، كانت أسنانه كبيرةً وحادة، وكان يبدو أنه يستطيع تناول النمر بقضمةٍ واحدة!

نظر الملار للنمر المُرتجف وأخفض رأسه لينظر بعينيه وقال بصوت خشن: اتبعني أيها الصغير.

كان النمر يخاف مما قد يحدث إن لم يتبعه، فتحركت أقدامه الصغيرة بسرعة لتلحق بالملار الضخم. لم يكن النمر يعلم كم سار خلف الملار وبدأ يشعر بالتعب حتى لاح له عرين هذا الذئب المخيف وصار يعتقد أن الملار سيأكله.

سأل النمر الصغير بخوف: هل ستأكلني أيها الملار؟

استدار الملار وجلس أمامه: بل سأعلمك كيف تصير نمرًا يخاف منه الأسود.

عبس النمر الصغير: لكنني لن أكون سعيدًا إن خافتني الأسود.

ابتسم الملار له وأخفض نفسه على الأرض ليغمض عينيه: لا تقلق، ستأتيك عصفورةٌ تنتشلك من الظلام الذي قبعتَ به.

صار النمر الصغير يعيش مع الملار بعرينه، وصار الملار يعلمه كل يوم كيف يصير قويًا وماهرًا ويهابه الجميع، ثم في يومٍ ما حطت عصفورة على شجرة قريبةٍ منه وراحت تنظر له بينما يسحب الأغصان كما طلب منه الملار.

قالت العصفورة: ما الذي تفعله؟

أجابها: إنني أجمع الأغصان للملار.

سألته العصفورة: لمَ لا يُساعدك أصدقاؤك؟

عبس النمر الصغير وأجابها: لا أملك أي أصدقاء.

استغربت العصفورة: لكن فروك جميلٌ للغاية، وتبدو لطيفًا للغاية، كيف يُعقل أنك لا تملك أي أصدقاء؟

أجابها النمر بحزن: لأن جميعهم يسخرون مني ويرفضون مصادقتي.

طارت العصفورة من فوق الشجرة وحطَّت أمام النمر الصغير: أنا سأكون صديقتك إذًا!

وهكذا أتت العصفورة لتُنقذ النمر الصغير من حزنه، كانت تلعب معه على الدوام وتساعده عندما يأمره الملار بفعل شيء ما، كانت تساعده على الاصطياد ولم تبتعد عنه أبدًا حتى صار نمرًا ضخمًا يعتمد على نفسه ويفخر به الملار، لكن عندما صار نمرًا كبيرًا صار الكثير يودُ مصادقته والحصول على رضاه.

في يومٍ من الأيام بينما كان النمر الأبيض يتجول في الغابة بحثًا عن فريسة جديدة أتى له أحد أصدقائه، كان هذا الصديق ضبعًا يغار من قرب العصفورة للنمر ويحلم أن يكون مكانها، لذا فكر بخطة ليتخلص بها من هذه العصفورة المزعجة.

اقترب الضبع من النمر: هل تعرف أن الكثير يسخرون منك لأنك تصادق العصفورة؟ إنهم يقولون أنك ضعيف لا تستطيع الاصطياد على الرغم من وجود عصفورة تلاحقك بكل مكان.

استنكر النمر هذا: كيف يمكنهم أن يقولوا هذا وأنا أكثر النمور شراسةً في الغابة! أستطيع أن افترسهم الواحد تلو الآخر إن أردتُ ذلك!

حرك الضبع رأسه أسفًا كاذبًا: لكنهم لن يقتنعوا بمكانتك حتى لو فعلت ذلك، عليك أن تتخلص من العصفورة.

سأل النمر: وكيف أتخلص منها برأيك؟

ابتسم الضبع بشر: عليكَ أن تأكلها.

انطلق النمر يبحث عن العصفورة، كيف يستطيعون أن يقولوا هذا عنه؟ إنه النمر الأبيض الوحيد بهذه الغابة! إنه أكثر النمور فتكًا وشراسة! سيريهم أنه يستطيع افتراس أيٍ كان!

جرى النمر في الغابة بخفة، كانت أقدامه الضخمة لا تترك أثرًا على الأرض لسرعته وخِفته في الجري، ولم يتوقف إلا عندما شمَّ رائحةً مألوفةً وسمع صوتًا مألوفًا، كانت العصفورة قريبة من هنا. تحرك بخفة يقترب أكثر وأكثر من العصفورة حتى انتبهت له وقفزت.

غرّدت العصفورة: كيف حالك اليوم؟ لقد كنتُ قادمةً لك وسمعتُ بعض النمور تتحدث عنك! كانوا يقولون أنك أمهر نمر في الغابة! أنا فخورةٌ بك للغاية!

تراجع النمر، كيف فكر أن يأكل صديقته العصفورة؟ هي من كانت تقف إلى جانبه منذ صغره.

تحدثت العصفورة مجددًا: مابك؟ هل تشعر بتوعك؟ هل أحضر لك أوراق الصفصاف من الأشجار قرب البحيرة؟

عارٌ عليك أيها النمر!

أخفض النمر رأسه، وبخفةٍ ضرب أنفه بمنقار العصفورة وابتسم: أنا بخير، شكرًا لك لكونكِ معي دائمًا.

غردت العصفورة مبتهجة: بالطبع سأكون معك دائمًا! أنا صديقتك!

وهكذا عرف النمر أن عليه ألّا يفرط بأصدقائه الحقيقيين؛ فهم من سيريدون له الخير دائمًا. وعليه أن ينتبه من الكاذبين؛ فهم من سيريدون له الشر دائمًا.

السبت، الخامس عشر من يونيو لسنة ٢٠٢٤

«حسنًا أنا أنتظرك، متى ستأتي؟» كان ذلك صوتُ زايا الذي صدح من السماعة بسيارة تايهيونغ.

«إنني بالطريق...» كان تايهيونغ متوترًا بعض الشيء، هل سيفعل هذا حقًا؟ «هل أنت متأكدة إن كان جيمين لن يمانع كوننا وحدنا؟»

«لا أهتم سواءَ كان يمانع أم لا، الآن ليس وقت التردد تايهيونغ فلا تتراجع لأجل شيء سخيف كعدم موافقة جيمين على هذا.» زفرت زايا «أسرع لو سمحت فأنا أريد رؤيتك.»

أنهى تايهيونغ الاتصال وأدار مقود سيارته حتى يصل لوجهته المحددة، ركن سيارته وخرج ثم أومأ للحارس الذي رآه يدخل هذا المبنى منذ بدأ عمله هنا. دخل للداخل واتجه إلى المصعد ثم ضغط على زر أعلى طابقٍ موجود، فُتح باب المصعد وسار قليلًا حتى وقف أمام بابٍ أبيض اللون، أخذ نفسًا عميقًا وأدار مقبض الباب ليعبره، فهذا المكان سيغير حياته قريبًا.

«أخيرًا! ما كان عليكَ أن تأتي بهذه السرعة تاي!» كانت زايا تقف أمامه عاقدةً حاجبيها ومكتفةً ذراعيها «هل أردتَني أن أنتظر حتى منتصف الليل كسندريلا؟»

صُدم تايهيونغ من انفعال الفتاة المفاجئ «لقد مرت خمس دقائق منذ اتصلتِ لي!»

«اصمت ودعني أراك الآن.» اقتربت الفتاة منه بسرعة وبدأت تتفحصه، كان يرتدي بنطالًا أسود وقميصًا حريريًا أسود «حسنًا أنت تبدو جيدًا.»

«حقًا؟» سألها تايهيونغ بتوتر «لقد كنتُ قلقًا من أن ما أرتديه لن يُعجبك وأنك ستقولين بأنه يبدو كالنفايات.»

«بالطبع تبدو جيدًا، أنت لست متأنقًا أقل من اللازم ولا أكثر من اللازم، تبدو مثاليًا.» أشارت لملابسه بينما تتحدث ثم ابتسمت «كما أنني لن أقول شيئًا قاسيًا كهذا لك، أنا أحبك كثيرًا لأن أقول لك مثل هذا الكلام.»

«لقد قلت ذلك لجيمين قبل أسبوعين...» تمتم تايهيونغ بخفوت.

«لا تقارن بينك وبينه، جيمين هو سبب عذابي الآن، وأنت سبب فرحتي حاليًا.» أنهت كلامها ثم أشارت لنقطة تقابل الباب الذي دخل منه مباشرةً «توجد كاميرا هنا، وتوجد أربعٌ غيرها بالجهة الأخرى من السطح، اذهب وتأكد إن كان كل شيء يروق لك.»

جرى تايهيونغ سريعًا للجهة الأخرى من السطح، كان المكان يبدو خلّابًا للغاية، إنه يأمل الآن أن تكون هذه الليلة ليلةً خلّابةً أيضًا «كل شيءٍ يبدو رائعًا زايا!»

«يبدو رائعًا رغمًا عنك!» هسهست زايا بحنق «المهم، سيصل الباقون بعد عشرة دقائق، كيف تشعر؟»

«آه لا أعلم..» تنهد تايهيونغ «أشعر أنني سأموت من التوتر...»

«أنا أشعر أنني سأموت من السعادة!» ضربت زايا كفيها ببعضهما بطريقةٍ حالمة «ستطلب منها الزواج أخيرًا لقد هرمت لأجل هذه اللحظة يا إلهي!»

رفع تايهيونغ حاجبًا «لقد تزوجتِ من جيمين السنة الماضية، لسنا متأخرين كثيرًا عنكما.»

«اخرس.» زجرته زايا متجاهلةً كونه أكبر منها بستِ سنوات «أريد أن أسمع ما ستقوله لها قبل أن تطلب منها الزواج.»

«لا.» كتف تايهيونغ ذراعيه عنادًا.

«لا؟ لقد رتبت المكان كله لأجلك وتأكدت أن كل شيءٍ يبدو كما رغبت به بل وأجمل من ذلك! وفي النهاية تقول لي لا؟» صرخت زايا به غضبًا «ما قلةُ الأدب هذه؟»

بينما كانت زايا تزمجر بتايهيونغ المسكين غاضبةً فُتح الباب ودخل منه جيمين وتيما، فاستدار تايهيونغ لصديق طفولته يستنجد به «أبعد زوجتك عني لو سمحت؛ فهرمونات الحمل أكثر سوءًا اليوم.»

شهقت زايا «هل تسمعان هذه الوقاحة؟ لقد رتبت له المكان كله بمفردي وهذا ما يقوله!»

«رتبتِ السطح كله بمفردك!» صار دور جيمين ليشهق «لقد قلتِ لي أن جونغكوك كان معك! أخبرتكِ أن عليكِ ألّا تتعبي نفسك زايا!»

قلّبت الشابة عينيها، لهذا السبب لم تخبره بأنها ستكون مع تايهيونغ وحدهما بالبداية «لا تُكبر الموضوع كثيرًا حبيبي، ليس إلا سطحًا صغيرًا.»

ضحكت تيما «أصيبت زايا بانفصام الشخصية بسبب حملها.»

«أكرمينا بسكوتك أنتِ الأخرى.» قلّبت زايا عينيها مجددًا «أين هو كوك؟ إنه الوحيد العاقل من بينِكم.»

«كان مع ديانا، سيصل بعد دقائق.» أجابتها تيما.

تأففت المرأة الحامل «هذه أيضًا أتت وسرقته منا.»

«أنتِ زوجتي أنا!» ذكرها جيمين مصدومًا بحديثها.

قلدت زوجها بسخرية «أنتِ زوجتي أنا أننن.»

حبس تايهيونغ ضحكته «عليك أن تتحملها بهذه المزاجية لسبعةِ شهور إضافية؟»

«اخرس ولا تغضبها أكثر انا من سيقع بورطة في النهاية!» هسهس جيمين له ليخرسه.

«تبًا لكليكما! تتحدثان وكأني لستُ بشرية!» كتفت زايا ذراعيها بعصبية مجددًا «أتعلم تايهيونغ؟ أتمنى أن ترفضك أحلام!» خطت زايا بغضب ناحية الباب وفتحته بقوة ليظهر جونغكوك من ورائه مستغربًا.

«أوه لمَ الغضب؟» سألها مبتسمًا.

«لأنهم حقيرون!» أجابته بعبوس مديرةً وجهها.

«أوه لا.. لا عليكِ منهم وتعالي معي.» أمسك جونغكوك بكتفها وأدارها لتسير أمامه ناحية البقية بينما هي ما تزال عابسة على الجميع «حسنًا ستصل أحلام بعد قليل لأنني أخبرتها للتو أن عليها القدوم للشركة فورًا لأجل بعض الملفات، لذا أرجو من كل واحد منكم أن يستعد لمهمته. تاي هل سماعتك عندك؟»

«أجل.» أبعد شعره عن أذنه مبتسمًا «إنني أرتديها وأغطيها بشعري.»

«مسكينةٌ أحلام...» تنهدت تيما بأسف كاذب ثم انفجرت ضاحكة «ترتدي أجمل ما لديها من ثياب لأجل موعدها الرومانسي مع تايهيونغ وبعدها يخبرها كوك بأن عليها أن تأتي للشركة للعمل.»

«ستكون مع تايهيونغ في النهاية، لذا لا بأس.» ضحك جونغكوك معها.

«لا فائدة تُرجى إلا مني ومن كوك.» هزت زايا رأسها.

«أنا من أحضرت الكاميرات وتأكدتُ من أنها تعمل جيدًا!» قالت تيما.

«وأنا من ركبها كلها.» دافعت زايا.

«أنا من اشترى كل الشموع والورود وأحضرها إلى هنا..» قال جيمين معترضًا.

«وأنا من رتبتها كلها.» دافعت زايا مجددًا.

«لم يفعل جونغكوك أي شيء عدا أنه طلب من أحلام القدوم للشركة!» اعترض جيمين مرة أخرى «فكيف تكون فائدته أكبر من فائدتي؟»

«لأن جونغكوك لا يسخر من كل شيء وأي شيء أقوله!» ضربت زايا الأرض بقدميها وعبرت باب السطح لتذهب وتجلس على الدرج حيث سيُراقبون كل شيء.

ضرب جونغكوك كتف جيمين «قلنا لك أنها حساسة الآن، ما بك ألا تفهم؟»

توسعت عينا جيمين «لكنني لم أقل أو أفعل أي شيء على الإطلاق!»

«تيما أحضري معك الجهاز اللوحي الذي وصلتِه بالكاميرات، إنه هناك عند تلك الكاميرا.» أشار جونغكوك للأمام وانتظر تيما.

غادر جيمين أولًا ليُراضي زوجته ثم لحقهما جونغكوك إلى جانب تيما، ولم يبقَ على السطح غير تايهيونغ الذي لا يعلم إن كان كل شيء سيسير كما ينبغي. جلس الثلاثة على عتبات الدرج، أما زايا فجلست بحضن جيمين لأنها تتحجج بأن العتبات تؤلمها، وبما أنها حامل فالأفضل لهم أن يفعلوا ما تريده كي لا يتغير مزاجها لواحدٍ أسوأ. اتصل جيمين لتايهيونغ بينما جونغكوك قد أخرج هاتفه منتظرًا من أحلام أن تخبره بأنها وصلت، وأما تيما فقد كانت تمسك بالجهاز اللوحي الذي يظهر لها ما تصوره الكاميرات الخمسة على السطح.

- أين أنت؟ ألستَ في المكتب؟

- اذهبي للسطح.

أرسل جونغكوك الرسالة ثم أغلق هاتفه على الفور متجاهلًا رسائل أحلام التالية.

- لماذا؟
جونغكوك؟؟؟
لمَ علي الذهاب للسطح؟
جيون جونغكوك!!
ساعدني يا إلهي فيبدو أنني صادقتُ من يتعاطى المخدرات.

ضحك جونغكوك وتحدث جيمين «تاي إن أحلام قادمة للسطح الآن، سأنهي الاتصال فور دخولها.»

راقب الأربعة الشاشة بصبر، وبعد ثلاثين ثانية نفذ ذلك الصبر عند زايا «هل تسير على مجموعة من البيض؟ ما بالها بطيئة هكذا؟»

أخرستها تيما بسرعة فاستدارت لتدفن وجهها بصدر جيمين وتعبس هناك. مرت دقيقتان وفتحت أحلام باب السطح فقطع جيمين الاتصال بعد أن أخبر تايهيونغ بذلك وبدؤوا يراقبون ما بالشاشة.

فور أن فتحت أحلام الباب رأت الشموع على الأرض على جانبيها تخلق طريقًا من الباب حتى الجهة الأخرى من السطح، وكلما تقدمت أكثر رأت أن الشموع بدأت تبتعد عن بعضها لتصبح لاحقًا منتشرةً بشكل عشوائي. كانت تلك الشموع مصدر الضوء الوحيد بتلك الليلة، فما كان عندها خيارٌ غير أن تتبعها.

وصلت للجزء الثاني من السطح ورأت ضوء الشموع ينير الورود التي شكلت قلبًا على الأرض، ورأت تايهيونغ يقف بداخل ذلك القلب واضعًا كلتا يديه خلف ظهره، فابتسمت تلقائيًا وابتسم هو الآخر لها.

«مرحبًا.» قال والبسمة لا تفارق محياه.

«مرحبًا.» أجابته بالابتسامة ذاتها.

ضحك تايهيونغ «أنتِ ذكية وأنا متأكد من أنك تعرفين ما يجري الآن.»

تظاهرت أحلام بأنها لم تفهم أي شيء «لا، أخبرني: لمَ السطح مزين هكذا؟» اقتربت أكثر ووقفت أمامه بداخل القلب.

«من أين أبدأ؟» همهم تايهيونغ «هل أبدأ وأقول بأنك أجمل من رأيتها في حياتي؟ أم أنكِ حُب حياتي؟ أم أنني ممتن لوجودك بحياتي؟»

أمعن تايهيونغ النظر إلى حبيبته، كانت هي أيضًا ترتدي بنطالًا أسود لكنها كانت ترتدي معه قميصًا قطنيًا أنيقًا والقلادة التي أهداها إياها قبل سنتين، كانت تبدو جميلةً للغاية «بلحظةٍ من حياتي هذه توقعت أنني سأبقى وحيدًا دون فتاة أحبها وتحبني، ثم رأيتك بأول يوم لك هنا وشعرت بقلبي يود أن يخرج من مكانه. واجهنا أكثر الأمور صعوبةً ببداية علاقتنا، لكنك وقفتِ إلى جانبي ولم تتخلي عني ولو لثانية. خلال السنتين اللتين قضيناهما معًا كان حبي لك يزداد كل يومٍ أكثر من سابقه، لم أشعر أن عبارة (أحبكِ اليوم أكثر من الأمس وأقل من الغد) أكثر صدقًا من الآن، ولم يتبقَّ إلا سؤال واحدٌ لأسألكِ إياه.» أخفض تايهيونغ جسده للأرض راكعًا على ركبةٍ واحدة مقدمًا علبة لمِع بداخلها الخاتم الذي سيربطه بحبيبة قلبه للأبد «هل تقبلين الزواج مني؟»

لم تزل ابتسامة أحلام ولو للحظة طوال الوقت، ساعدت تايهيونغ على الوقوف مجددًا وتحدثت «خطيبي تايهيونغ... أشعر أنه لقبٌ رائع.»

«أوافقكِ الرأي.» عض على شفتيه «لكنك لم تعطيني إجابتكِ بعد.»

ضحكت أحلام «هل الرفض من ضمن الخيارات أصلًا؟»

ردّ تايهيونغ الضحكة لها «لا ليس من ضمنها.»

«حسنًا إذًا أجل تايهيونغ جين أنا أوافق.» ضحك كلاهما وألبسها الخاتم، ثم لم يتمكن من كبح سعادته وعانقها وبدأ يدور بها دون أن يخرجا من ذلك القلب.

سمعا صوت التصفيق والصراخ الناتجين عن أصدقائهما، فتوقف تايهيونغ عن الدوران وأعلن لهم «لقد قالت أجل!»

«نعلم ذلك لقد سمعنا!» ردت تيما وذهبت لتبارك لأحلام بينما تايهيونغ ذهب لجيمين وجونغكوك ليباركا هما له أيضًا، ثم أتت زايا لتعانق صديقتها وهي تبكي والسعادة تجتاحها «لمَ أنتِ من تبكي؟ أحلام هي من يجب أن تبكي.»

«لستُ أنا من تبكي إنها الهرمونات.» عللت زايا وهي تمسح دموعها بسرعة.

أتى تايهيونغ وفرق بين الفتاتين «حسنًا زايا أعلم أنكِ سعيدة للغاية لكنها خطيبتي أنا فلو سمحتِ ابتعدي واذهبي لزوجكِ هناك.»

«أيها الخائن أنا من ساعدتك!» تكتفت زايا ثم ذهبت لجيمين لتكمل بكاءها بملابسه.

أدار تايهيونغ أحلام وعانقها من الخلف ثم أشار لعدة أماكن بالسطح «توجد كاميرات هناك، وهناك، وهناك، وهناك، وأمام الباب أيضًا.»

- لمَ كُل هذه الكاميرات؟

- كي نُري ويليام وهانا ما فاتهما لاحقًا.

- كيف حالهما؟

- بما أن ويليام لا يرد على أيٍ من رسائلي إلا بعد قرن فسأقول بثقة أنهما يستمتعان بشهر العسل على أكمل وجه.

«حسنًا!» تحدثت تيما فجأة «الساعة تشير للوقت الذي يجب علينا أن نغادر فيه وعليكما أنتما الذهاب لموعدكما الغرامي صحيح؟»

استدارت زايا لجيمين ومطت شفتيها «فلنخرج نحن أيضًا.»

«كنتُ أخطط لأن نذهب لمكان ما، والآن تدمر جزء من المفاجأة.» غادر جيمين وزايا أولًا بينما يسمع الجميع محاولات زايا لمعرفة المفاجأة، ولم يتأخر جونغكوك وتيما كثيرًا عنهما ليغادرا أيضًا.

استدارت أحلام لتواجه تايهيونغ دون أن تفصل العناق «أليس هذا هو الموعد؟»

«لا، توجد تكملة.» ابتسم تايهيونغ شادًا على العناق أكثر «هل تتذكرين أين كان أول موعدٍ لنا؟»

فكرت أحلام قليلًا «الذي كان بصالة الألعاب أم الذي كان في المهرجان؟»

«أنتِ لا تعترفين بأن الذي كان بالمهرجان موعد أصلًا.» ضحك تايهيونغ «أقصد الذي كان في صالة الألعاب.»

ضحكت أحلام أيضًا، كانت السعادة تغمرهما والضحكات تخرج دون إرادتهما «حسنًا ما به موعدنا الذي كان بصالة الألعاب؟»

«كان أول موعد لنا كحبيب وحبيبته...» قبل جبينها «وسيكون الآن أول موعدٍ لنا كخطيب وخطيبته.»

ليست مواجهة صعاب الحياة بالشيء السهل، لكن ما بدايته صعبة نهايته مثمرة. ولن تضيع الدموع التي تذرفها بفصول حياتك سدى، فكل قطرة ستروي جزءًا ليُثمر ويصبح أفضل من سابق عهده. لن تكون نهايةً إن لم تكن نهايةً سعيدة، فتماسك وتمسك بالحياة؛ لأن نهايتك السعيدة قادمة أيضًا.

—————
تمت
الخميس، ٢٠ - أغسطس - ٢٠٢٠

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top