الفصل الرابع والأربعون
لاتنسوا التصويت والتعليق بين الفقرات💙✨
—————
السبت، الثالث من شهر ديسمبر.
مرّ أسبوع كامل على اختفاء الشابين تايهيونغ وأحلام من أمام أنظار أصدقائهما، مكانهما ما يزال مجهولًا حتى الآن وحال ويليام يزداد سوءًا كل يوم مما جعله يأخذ إجازة اضطراريةً من الشركة علّه يتمكن من تمالك أعصابه ليستمر يومًا كاملًا على الأقل دون أن ينهار.
لكن بمكان ليس ببعيدٍ جدًا عنه، بكوخٍ صغيرٍ بالريف، كان تايهيونغ جالسًا على كرسي ينظر للسقف. كانت عقارب الساعة تشير للعاشرة والنصف مساءً، وهذا يعني بأن الشمس قد غربت منذ فترة طويلة للغاية.
كان لهيب الحطب بالمدفأة ينير ظلمة الغرفة التي يجلس بها، وكانت حرارة ذلك اللهيب تنشر الدفء بالمكان، لكن ليس بقلب تايهيونغ. كان تايهيونغ قلقًا، فماذا لو علِم أحد ما بكونهما في هذا الكوخ الصغير؟ تايهيونغ لا يريد هذا على الإطلاق. سبب هربه بأحلام لهذا الكوخ هو لحمايتها، وإن عثر أي أحدٍ عليهما فهذا يعني أنهما سيكونان بخطر. إنه الآن ينتظر أن تخرج أحلام من الغرفة كي يهربا لمكان آخر.
لا يستطيع أن يثق بأي أحدٍ الآن، لا يستطيع أن يثق بسكان الريف، لا يستطيع أن يثق بالشرطة، لا يستطيع أن يثق بأي من أصدقائه، ولا يستطيع أن يثق بويليام حتى بعد الآن، أحلام هي من يستطيع الوثوق بها فقط.
من المحتمل أن جميعهم متعاقدون مع يونجين، لا يستطيع أن يثق بسكان الريف لأنه لا يعرف منهم أحدًا وقد تكون يونجين قد دفعت بعض الأموال لهم كي يجدوا أحلام وتايهيونغ لتتمكن منهما، لا يستطيع أن يثق بالشرطة لأنهم لم يفعلوا شيئًا غير أن يشكوا بتايهيونغ ويصلوا متأخرين بعد اختفاء أحلام، لا يستطيع أن يثق بأصدقائه لأنهم -كما قالت يونجين- لم يحرِّكوا ساكنًا بينما أحلام مجبرة على الركوع أمام رجلين لن يترددا بقتلها، لا يستطيع أن يثق بويليام لأنه لم يحمِ أحلام كما وعد، لقد وعده بأنه لن يسمح لأي مكروه بأن يصيبهما وقد أخلف وعده، كما أن ويليام هو من تعاون مع عناصر الشرطة ذاتها التي تمكنت يونجين من التسلل بين عناصرها لتدخل للشركة يوم الحفل.
إنها حلقةٌ كاملة، كلهم كانوا متواطئين مع يونجين إلا أحلام، كُلهم كان يكذبون بوجه تايهيونغ إلا أحلام، أحلام هي الوحيدة التي تقف إلى جانبه بصدق، جميعهم مخادعون.
لم يكن الهرب من الشركة صعبًا بذلك اليوم، لمح تايهيونغ بابًا آخر بغرفة الحرس وحمل أحلام المغمى عليها ليخرج منه بأول فرصة سنحت له، كان قد ذهب للحفل مع جيمين بسيارته الخاصة، فصعد بها سريعًا بعد أن أجلس أحلام إلى جانبه وربط حزام الأمان لها، لم يأخذ معه معطفه أو معطفها، وحقيبتها كانت قد وقعت بمكانٍ ما بالغرفة وقد كان هاتفها بداخله، لذا فهاتف أحلام ليس معهما الآن، أو على الأقل هذا ما أخبره تايهيونغ لها.
كان هاتفها معه لكنه لم يخبرها بذلك، لأنه يعلم أنها سترد على المكالمات الفائتة خصوصًا أن أغلبها مصدرها زايا، وتايهيونغ لم يُرد أن تتحدث أحلام مع زايا بعد الآن.
بتلك الليلة وجد تايهيونغ كوخًا صغيرًا لا أحد به، وكان المطر شديدًا فلم يشأ أن يستمر بالبحث، غطى أحلام بسترة بذلته السوداء ثم حملها للداخل بسرعة، كان تايهيونغ قد توقف عند متجر صغير على قارعة الطريق واشترى منه علبة إسعافات أولية بالإضافة لبعض الطعام الذي سيكفيهما لفترة، ولم يلحظ البائع كون ملابسه ملطخة ببعض الدم، ولحسن الحظ كان بسيارة تايهيونغ حقيبة بها بعض ملابسه لأنه كان ينوي المبيت بشقة أحلام تلك الليلة، لذا نامت أحلام بملابس مريحة ليلتها.
استيقظت أحلام بأول يومٍ لها بذلك الكوخ وهي تتألم من رأسها، لم تكن تستطيع رؤية أي شيء بسبب حلكة الظلام، بدأت تحرك يدها عشوائيًا لتتحسس مما حولها لكنها لم تشعر إلا بالسرير أسفلها يمتد أكثر فأكثر، حركت يدها الأخرى فلامست المنضدة الجانبية التي شعرت بوجود شيء فوقها، كان شيئًا أملس الملمس، وكلما صعدت يدها أكثر اكتشفت كونه شيئًا طويلًا وبه ملمس وكأنه يدخل للداخل ثم يخرج مجددًا، بعدها ارتطمت ذراعها بشيء ما، تحسسته بيدها واستنتجت أنها دائرة، ثم استنتجت أنها ليست دائرة فحسب بل هي أسطوانة قماشية.
تمكنت أحلام من معرفة أن هذا الشيء الذي تلمسه هو مصباح جانبي، فمدت يدها على المنضدة أكثر لتبحث عن مقبس تشغيله حتى وجدته، وفورما ضغطت على زر المقبس ظهر ضوء برتقالي خافت من ذلك المصباح الجانبي الموجود أعلى المنصدة الجانبية.
تمكنت أحلام من النظر حولها أخيرًا كانت بغرفة تبدو وكأنها مصنوعة من الخشب، بمنتصف أحد جدرانها كان السرير الذي نامت فوقه، ومقابلًا له خزانة ملابس بنية، نظرت للجانب الأيمن ورأت نافذة مغطاة بستارة حمراء اللون، ثم نظرت للجانب الأيسر ورأت باب الغرفة. لم تتمكن أحلام من التعرف على هذه الغرفة، لم تكن تبدو كإحدى الغرف بمنزل ويليام، أو شقة تايهيونغ، أو شقة زايا. لم تذهب لشقة تيما أو جونغكوك قط لكنها متأكدة بأن الغرف بشقتيهما لن تبدو هكذا.
نظرت أحلام بعدها لملابسها ورأت أنها ترتدي سترة صوفية رمادية اللون بقبعة مثبتةٍ بها، كما أنها كانت ترتدي سروالًا رياضيًا رمادي اللون أيضًا لكنه كان أطول منها بكثير. بدأت أحلام تفزع، آخر شيء تتذكره هو أنها شعرت بيدٍ قوية حول فمها عندما كانت بدورة المياه بالشركة ثم رأت نفسها تجر من قبل رجلين ضخمين إلى مكان ما. لم تكن أحلام تتذكر أي شيء مما حدث ليلة البارحة، ولم يكن الصداع الذي أصابها يسعفها بأي شيء.
نهضت من مكانها وفتحت باب الغرفة لتخرج منه ببطء شديد وعلى تمهل، سارت قليلًا واستنتجت أنها بكوخ ما، رأت بابًا اعتقدت أنه باب الكوخ الرئيسي كون بعض الضوء ينفذ من خلال نافذة صغيرة به، وكادت تجري لتخرج منه لولا أنها رأت جسد شخصٍ جالسٍ على الأريكة، لم يبدُ أن الشخص قد انتبه لوجودها، لكنها اطمأنت عندما استطاعت التعرف على ملامحه بذلك الظلام الذي خُفف بضياء نار المدفأة. أرادت أن تقترب منه بهدوء لئلا توقظه لكن خطتها فشلت عندما فتح تايهيونغ عينيه بسرعة فورما أحس بوجود شخصٍ ما بذات الغرفة.
«هل تشعرين بالجوع؟» كسر صوته هدوء المكان للحظة تحدثه فقط، كانت أحلام مشوشة لا تعلم أين هما أو إن كان أحدٌ آخر موجودًا أيضًا، فلم تجب عليه إلا بسؤال آخر.
«أين نحن؟» كان سؤالها بسيطًا وجوابه أبسط للغاية، لم يعنِ ذلك بأن تايهيونغ يريد أن يجيبها، لكنه أجابها على أية حال.
- نحن بالريف.
- لماذا؟
- سنكون بأمان أكثر هنا. هل تشعرين بالجوع؟
لم ترد أحلام على سؤاله، تذكرت ما حدث ليلة الحفل وفهمت أنه يقصد بأنهما بمأمن من يونجين هنا، لكن هل هما الوحيدان بهذا الكوخ؟ «ماذا عن الباقي؟ هل هم هنا أيضًا؟»
- لا.
- لماذا؟ أليسوا بخطر كما نحن؟ لمَ ليسوا هنا؟
كان تايهيونغ متعبًا، لم ينم تلك الليلة لأنه كان قلقًا من أن أحدًا قد تبع سيارته واكتشف مخبأهما، كان غاضبًا من كذب أصدقائه وخيانتهم له، وكان يشعر بالسوء كون ويليام تخلى عنه، لذا فهو لم يُرِد أن تتحدث أحلام عنهم أكثر وكأنهم لم يفعلوا أي شيءٍ خاطئ. نهض من مكانه وأشعل الأنوار، ثم أمسك يدها بقوة وأجلسها على الأريكة، وضع بيدها كيس الطعام ثم أمرها بأن تأكل بحدة «لا تتحدثي عن أي منهم بعد الآن.»
غادر تايهيونغ الغرفة للحظات تحت صدمة أحلام ثم عاد بعدها وجلس على الأريكة المجاورة ليلمح أحلام تختلس النظر بينه وبين الكيس بيدها، لكنه لمح أيضًا بعض الخوف بعينيها. تنهد ثم نهض من مكانه وجلس عند قدميها، أخذ يدها بيده كي تنظر له ثم تحدث مجددًا «آنا آسف لحِدّتي، إنني متعب لأنني لم أنم لذا كُلي وبعدها سأخبرك بكل شيء.»
بدأت الفتاة تأكل بعض الطعام رغم انعدام شهيتها، قدمت بعضه لتايهيونغ لكنه رفض بحجة تناول بعضًا قبل أن تستيقظ. قبل انتهائها من طعامها بقليل نهض تايهيونغ مجددًا، ذهب للمطبخ وعاد بسكين حادة. أخبرها بأنه سيخرج قليلًا ليشتري مزيدًا من الحاجيات، وأنه إن حاول أحدٌ غيره الدخول فعليها أن تطعنه بالسكين دون تردد.
لم تكن أحلام لتفعل ذلك، فأبعدت السكين عنها فورما خرج تايهيونغ من ذلك الكوخ الصغير. بدأت تشعر بقليل من التحسن بعد تناولها للطعام لذا راحت تتجول بالكوخ تستكشفه، كان به غرفة نومٍ واحدة هي التي كانت نائمةً بها، كان به مطبخ صغير به بعض الأواني، وكان به حمام به حوض استحمام ومرحاض ومغسلة، وكان أعلى المغسلة مرآة مستطيلة الشكل. نظرت لنفسها بتلك المرآة ورأت ضمادة جروح ملصقة على خدها الأيمن جعلتها تتذكر كل ما حدث أخيرًا.
شعرت بالقشعريرة تسري بها وشعرت بالخوف يرعد أوصالها عندما سمعت صوت حركة باب الكوخ. أسرعت لغرفة الجلوس وأمسكت السكين بيد مرتجفة، لكنها ارتاحت عندما رأت أن تايهيونغ هو الذي دخل يحمل كيسًا.
بتلك الليلة أجلسها تايهيونغ وأخبرها أنهما الوحيدان بهذا الكوخ، أخبرها بأنه أحضرها إلى هنا هربًا من يونجين وأتباعها، وأخبرها بأن أصدقاءهما وعناصر الشرطة متواطئون معها أيضًا. استنكرت أحلام هذا، فمن المستحيل أن أصدقاءهما لهم دخل بما فعلته يونجين، حاولت أن تجعله يعدل عن رأيه هذا لتقنعه بأن يعودا لكنها لم تفلح بذلك على الإطلاق. أخبرها بأن عودتهما ستكون خطيرةً للغاية، وبأنه سيموت لو أصابها مكروهه، فصمتت ولم تتحدث بشيء.
سألته أخيرًا إن كان لديه هاتفه أو هاتفها، فأخبرها بأن هاتفه قد وقع منه أثناء هربهما وبأن هاتفها بحقيبتها التي وقعت بمكان ما بغرفة الحرس أثناء العراك الذي اشتد، فصدقته غير عالمةٍ بأن كلا الهاتفين موجودين بسيارته.
كان الأسبوع الذي قضاه الشابان بالكوخ يزداد غرابةً كل يوم أكثر من سابقه، كلما حاولت أحلام أن تسأل تايهيونغ عن موعد عودتهما يرفض إجابتها ويخبرها بأن عودتهم غير آمنة على الإطلاق. كان يخرج ويحضر معه أشياء مختلفة كل مرة، أخبرها أنه يبتاعها من متجر قريب يثق بصاحبه العجوز لكنه لم يسمح لها بأن تذهب معه مهما كان عدد المرات التي تطلب بها.
كل يومٍ كان تايهيونغ يخبرها بأنهما لا يستطيعان العودة لأنهما معرضان للخطر من الجميع، وكانت أحلام تعارضه بالبداية لكن تصديقها لما يقوله بدأ يزداد شيئًا فشيئًا كل يوم، ففي النهاية تايهيونغ يفعل كل هذا لحمايتها، كانت تستطيع أن ترى كم يبدو متألمًا عندما يخبرها بأنهما تعرضّا للخيانة من قبل الجميع وحتى من قبل ويليام، لذا صدقت كلامه.
لم يعد لدى أي منهما غير بعضهما البعض، وبتلك الليالي السبع التي قُضيت بالكوخ الريفي كانا ينامان يعانقان بعضهما بينما يواسي أحدهما الآخر، لكن المشكلة الواضحة هنا هي أن تايهيونغ قد صدق أكاذيب والدته، وأن أحلام قد صدقت ما قاله لها تايهيونغ.
«لقد انتهيت من جمع كل شيء.» انتشله صوت أحلام من أفكاره، كانت تقف أماه تحمل كيسًا به ما تبقى من طعامهما وما اشتراه تايهيونغ من حاجيات مختلفة.
«لنذهب إذًا.» نهض من مكانه وأخذ الكيس من يدها ثم أطفأ كل الأنوار المشتعلة ليخرجا.
كانت خطتهما الحالية هي أن يعودا لشقة أحلام أولًا لتحزم بعضًا من أمتعتها سريعًا وتأخذ جواز سفرها ثم يذهبان لشقة تايهيونغ ليفعل الشيء ذاته. أخبرها تايهيونغ بأن لديه هاتفًا آخر بشقته وسيستطيعان استخدامه ليحجزا تذكرتين للسفر عبر الطائرة لدولةٍ ما، لم يقررا أي دولة سيهربان لها بعد.
«هل أنتِ مستعدة؟» سألها أثناء ربطه لحزام الأمان.
«أنا مستعدة.» أجابته بهدوء لتنطلق السيارة بعدها.
ما لم تعلمه أحلام هو أن تايهيونغ قد أخذ معه مسدسًا، وما لم يعلمه أي منهما هو أنهما لن يتمكنا من الوصول للمطار حتى.
—————
شلونكم🌚؟
هالفصل كان اقصر من الفصول الي طافت لكن اتمنى انه عجبكم بنفس المقدار
عندكم نظريات🤔؟
انه عندي لكم سؤالين:
١- شنو الي خلى تاي يقلب فجأة وليش أحلام صدقته؟
٢- ليش مابيقدرون يوصلون للمطار؟
الرواية ما باقي لها وايد وتكتمل، على الاحداث الي قاعدة تصير الحين هل تعتقدون النهاية بتكون سعيدة ولا حزينة؟
اشوفكم في الفصل الجاي💙
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top