الفصل الرابع

لا تنسوا التصويت والتعليق بين الفقرات💙✨
—————

كان الجو دافئًا في ذلك اليوم، ولم أتوقع أنني في يومٍ جميل كهذا سأتمنى الرحيل للأبد.

كنت في طريقي للعودة للمنزل من الجامعة، وبينما كنت أسير للمنزل من محطة الحافلات كنتُ أحادث صديقتي على الهاتف.

- هل أنتِ عائدة للمنزل سيرًا؟

كانت تعلم بأنني صرتُ أفضل الحافلات والسير على السيارات، لم أقل لها السبب، ولم تسأل، لكنني أعتقد بأنها تعرفه مسبقاً «أجل، الجو جميل اليوم وأردتُ أن أتأمل الطبيعة من حوليأجبتها ضاحكة.

«أي طبيعة؟ أنتِ تعلمين أن وطننا الحبيب عبارةٌ عن لوحة رُسمت بتدرجات اللون البنيضحكت هي أيضاً.

كنا دائمًا ما نسخر من الطبيعة من حولنا، عندما كنا أصغر عمرًا وحتى الآن، كنا نجد متعةً كبيرة في السخرية من طبيعة بلدنا الصحراوية: جو حارٌ دائمًا، نخيلٌ خضراء تضحي رمادية بسبب الغبار المستمر، وبحرٌ أزرق قد صار مائلًا للخضرة بسبب النفايات التي يرميها بعض الهمج فيه، لكن رغم ذلك كله كنا نحب بلدنا كثيراً.

- هل فكرتِ إن كنتِ ستعودين أم لا؟

كانت صديقتي هذه تدرس في إسبانيا، وعلى الرغم من كونها تدرس في الخارج بلغة أجنبية إلا أنها لم تنسَ أبدًا قواعد اللغة العربية ولا زالت تصحح لي أي خطأ أرتكبه بغير عمدٍ في محادثاتنا.

«لا أعتقد أنني سأعود، لكنني لن أعمل هناسمعتها تدندن لحنًا مألوفًا لكنني لم أتمكن من معرفته قبل أن تكمل كلامها. «قد أذهب لإنجلترا أو الولايات المتحدة الأمريكية. أفضل إنجلترا، لهجتهم تعجبني. ماذا عنكِ هل ستصبحين معلمةً أم لا؟»

كما أنها لا تزال سخيفة أيضًا، أفٌ من هذه الفتاة «ومنذ متى قلت أنني أريد أن أصبح معلمة؟»

كنا نضحك سويًا ونتذكر أيامنا في الثانوية، كنا نموت كل يوم، وفي آخر فصل دراسي أصبحنا كُسالى لدرجة أغضبت معلمة الفيزياء واضطررنا للاعتذار لها لأننا محرجون من تصرفاتنا.

- لدي سؤال: أنتِ تدرسين في إسبانيا، ألم تضعف لغتك العربية ولو قليلًا؟

- هل نسيتِ أنه إن ضعفت لُغتي العربية سيموت السيبويه الذي بداخلي؟

- إذًا هل يمكنكِ التوقف قليلًا عن تصحيح أخطائي الإملائية؟ عليكِ ألّا تدققي! أنا لست عربية بالكامل أصلًا!

- لا تحاولي أن تستخدمي هذه الحجة! الأخطاء في اللغة العربية تزعجني.

- يالك من سخيفة، كم  أتمنى أن تسمعك المعلمة وتشنقك.

تمنيتُ لو أنني ظللت أحادثها، لو أنني استمررت في الحديث معها لما دخلت البيت باكرًا، ولما رأيت بيتنا مقلوبًا رأسًا على عقب، لما رأيت أبي منهارًا، ولما رأيت أمي متجمدةً على الأرض بلا حراك، وبالطبع لما رأيت بحيرة الدم التي انبثقت من رأسها.

لو أنني لم أرَ ذلك المنظر لكنت استطعت إكمال حياتي هناك، لكنت استطعت النوم بدون الاستيقاظ في تمام الساعة الثالثة كل يوم أتصبب عرقًا.

لو كنتُ أعلم أن شيئًا كهذا سيحدث لتحدثت مع أمي صباح ذلك اليوم حتى ولو كنتُ متأخرةً عن أول محاضرة لي بعض الشيء.

لكن ما حصل قد حصل، وما حصل قد جعلني أقطع كل علاقاتي بمن هم في حياتي -أصدقاء كانوا أو عائلة- وجعلني أهاجر إلى إنجلترا تاركةً ورائي حياتي السابقة كلها.

«أحلام!» نادتها إحدى الموظفات «هناك اتصالٌ لكِ، اذهبي وأجيبي على الهاتف في غرفة الاستراحة.»

- هل تعرفين من المتصل؟

- قالت بأنها أمكِ.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top