الفصل الخامس عشر

لا تنسوا التصويت والتعليق بين الفقرات💙✨
—————

غابت الشمس عن سماء لندن جالبة الظلام الذي أنيرت بسببه مصابيح الشارع ومصابيح الكرنفال الحمراء والصفراء التي أضفت مزيجًا مبهجًا من الألوان على ضحكات الموجودين من أطفال وكبار.

أمست الساعة التاسعة مساءً، وتبقت ساعتان عن موعد انتهاء الكرنفال. كانت أحلام تحمل في يدٍ كيسًا صغيرًا به ميدالية عُلق نهايتها جرو أحادي اللون، وكيسًا آخر به علبة ماء وكيس حلويات. في اليد الأخرى كانت تحمل دمية حوتٍ أزرق بقرن ربحتها من لعبة تضرب فيها الوحوش التي تخرج من ثقوب صغيرة.

أما تايهيونغ فلم يكن يحمل في يده إلا دميته غريبة الشكل التي قرر أن يسميها تاتا، وفي يده الأخرى يحمل كيسًا به علبتي طعام فارغتين، من المستحيل أن يرميا العلبتين على الأرض؛ ذلك مقزز، لذلك حملهما تايهيونغ لأقرب سلة مهملات وألقاهما فيها.

«ما الذي تريدين أن نفعله الآن؟» سأل تايهيونغ وهو يفتح كيسًا كبير الحجم بعض الشيء ليضع فيه الدميتين والكيس الصغير حتى تكون كل الأشياء بداخل كيس واحد يحمله هو «لا يمكننا ركوب الألعاب السريعة لأننا أكلنا للتو.»

نظرت أحلام لمحيطها ولمحت لعبةً جعلت عينيها تلمعان «تبدأ الألعاب النارية الساعة العاشرة صحيح؟» أشارت للعبة العجلة الدوارة ثم أكملت كلامها مبتسمة «أريد أن نكون في الأعلى عندما تُطلق.»

أخفضت يدها عندما نظر لها تايهيونغ بوجهٍ خالٍ من التعبير «ماذا؟» سألته باستغراب.

- لا شيء، لم أتوقع أنك ممن يحبون هذه الأمور.

حدقت به بعينين نصف مغمضتين «ما الذي تعنيه بذلك؟»

«لا شيء على الإطلاق.» تحمحم بعد أن رفع قبضته أمام فمه ثم أكمل «كيف تضمنين أننا سنكون في الأعلى عند إطلاق الألعاب النارية؟»

«هيهيهي.» ابتسمت أحلام ابتسامةً ماكرة «لنستخدم وسامتك قليلًا.»
سحبته معها إلى صف العجلة الدوارة، لكنها لم تقف نهاية الصف بل أكملت طريقها حتى اقتربت بعض الشيء من الفتاة المسؤولة عن تشغيل اللعبة وأشارت لها برأسها موجهةً كلامها لتايهيونغ «انظر لتلك الفتاة هناك.»

«ماذا بها؟» سألها باستغراب.

- اذهب واستخدم سحرك لتعرف أي مركبة ستكون في الأعلى وقت الألعاب النارية لنركبها نحن قبل أي شخص.

نظر تايهيونغ لأحلام بنظرة تقول: (يالك من غريبة أطوار) ثم قال «وكيف ستعرف هي أي مركبة ستكون في الأعلى؟»

«وما أدراني أنا؟» نطقت أحلام بعبوس «إنه عملها، عليها أن تعرف ذلك.»

- ما الذي عليّ أن أقوله لها أصلًا؟

- لا أعلم.

«كان علي أن أرفض هذه الفكرة الغبية.» تمتم تايهيونغ بتذمر وهو يسير نحو الشابة ها نحن ذا.

قليلًا فقط وعاد إلى أحلام، ولولا حلكة الليل لبان احمرار خده البسيط من إحراجه لمحادثة الفتاة «لقد قالت بأنها لا تعلم بعد لكنها ستتدبر الأمر لنا عندما يحين موعد إطلاق الألعاب النارية.»

«حسنًا.» نظرت لساعتها «ما الذي سنفعله حتى يحين الوقت؟»

«لِمَ لا نتمشى فحسب؟» اقترح تايهيونغ ووافقت أحلام على ذلك الاقتراح لذلك بدأت خطواتهما تتجه بعيدًا عن الألعاب في الكرنفال وناحية العروض.

لم تتوقع أحلام أن الكثير من العروض ستكون موجودة، توقعت ثلاثةً أو أربعة، لكنها رأت الكثير من الطاولات والشاشات التي يجلس أمامها أو خلفها أشخاص يعرضون ما لديهم من مواهب، كان على إحدى الطاولات العديد من الرسومات المذهلة التي تحمل توقيع صاحبها في الأسفل وقد لفتت هذه الأعمال الفنية انتباه أحلام
«واااه تايهيونغ انظر!» نادت أحلام وهي تشد كم تايهيونغ ناحيتها ليلقي نظرة.

نظر تايهيونغ للرسومات وهمهم قبل أن يرن هاتفه فأخرجه ليرى اسم المتصل «لحظة.. سأجيب على هذا الاتصال..»

ابتعد قليلًا عن أحلام التي كانت لا تزال تنظر للّوحات بإعاجابٍ بعد أن أومأت له، وبينما هي غارقة في تأمل رسم لقطة أتى رجل يبدو في منتصف العشرينات ليقف خلف الطاولة التي تقف هي أمامها «هل يُعجبك ما ترينه؟» سألها بابتسامة لعوبة.

«إنها رائعة حقًا!» رفعت رأسها لترى أمامها رجلًا وسيمًا داكن الشعر وباسم الوجه «هل أنت من رسمها؟»

اقترب قليلاًغ وأمال نصفه العلوي ناحيتها، أمسك بمرفقها ورفعه نحو فمه ليقبل ظهر يدها ويرفع رأسه بعدها بينما ينظر لعينيها «سيسعدني أن أرسم جميلةً مثلك.»

شعرت أحلام بالقرف من نظرته وكلامه ما خطب هذا اللعوب الضائع؟

«أبعد يدك قبل أن أقطعها لك وتصبح غير قادرٍ على الرسم للأبد.» خاطبه صوت تايهيونغ من خلف أحلام محدقًا به بنظرات أرسلت القشعريرة طوال عموده الفقري مما جعله يترك يد أحلام بسرعة البرق ويرفع يديه باستسلام مبتعدًا عن الطاولة. ذلك الشاب لم يكن صاحب الرسومات أصلًا، لكنه رأى فرصة وقرر اغتنامها.

نظر تايهيونغ لأحلام التي كانت مصدومة مما قام به تايهيونغ للتو «هل أنتِ بخير؟» سألها بعطف وهدوء عكس الشر الذي خرج منذ لحظات، فأومأت بسرعة ليكمل «لنذهب للعجلة الدوارة كي يتسنى لنا الركوب قبل العاشرة.»

سارا بخطى هادئة وصمت نحو العجلة الدوارة، انتظرا في الصف بصمتٍ أيضًا، لم يكن تايهيونغ من النوع الذي يبدأ الكلام، و كانت أحلام لا تزال تحاول تحليل الموقف الذي وقع قبل قليل حتى وصل دورهما وخاطبتهما الفتاة بابتسامة متذكرةً تايهيونغ من محادثتهما قبل قليل «إن أردتما أن تكونا في الأعلى فعليكما أن تركبا المركبة الزرقاء.» وجهت نظرها ناحية أحلام «هل تريدان الانتظار حتى تصل أم ستركبان الآن؟»

«عفوًا؟ كلا سننتظر.» أجابتها أحلام بسرعة بعد أن استفاقت من شرودها ثم تنحت عن الصف لتقف بجانب المرأة يتبعها تايهيونغ.

مرت لحظات ركب فيها بعض الأزواج أو العائلات حتى أشارت الفتاة لأحلام وتايهيونغ بالدخول للمركبة الزرقاء التي لا تملك سقفًا والتي بدأت بالتحرك فور إغلاقهما لبابها.

«هل أنت متأكدة من أنك بخير؟» سأل تايهيونغ مرة أخرى قاطعًا الصمت الذي أصبح خانقًا بعض الشيء.

«أنا بخير لكن.. هل أنت بخير؟» قالت وهي ترفع حاجبًا «ما الذي حصل هناك؟»

«لم يحصل أي شيء.» أجابها وهو يغرق يديه في جيبي بنطاله بينما يغرق هو نفسه في الكرسي غير المريح «أراد التحرش بك وأوقفته عند حده.»

- لكن-

قاطعها وهو يشير برأسه لخارج المركبة «انظري نحن نرتفع.»
نظرت لجانبها وابتسمت إننا نرتفع عاليًا بالفعل!

جلست مكانها وهي متحمسة ثم أخرجت هاتفها لتتأكد من الوقت «تبقت ثلاث دقائق على موعد الإطلاق!» هتفت بحماس جعل تايهيونغ يبتسم له.

«هل ستلتقطين صورًا للألعاب النارية؟» سألها تايهيونغ بعد برهة كي يعرف ما إذا كان هذا سبب رغبتها بأن يكونا في الأعلى.

«لا، أريد مشاهدتها بشكل أفضل.» أجابته بسرعة وباختصار «تبقت دقيقة.»

وقفت أحلام بعد أن تحركت مركبتهما لتكون في أعلى نقطة للعجلة الدوارة مستعدة لرؤية الألعاب النارية حتى سمع الجميع صوتًا من المكبرات «سيبدأ الآن إطلاق الألعاب النارية، اهتفوا جميعكم معنا! ثلاثة! إثنان! واحد!»

وبدأت الألعاب النارية بالتفرقع في سماء لندن مضفيةً عليها كل لون يخطر على البال متزامنة مع إحدى الأغاني التي بدأت أحلام تغني معها بحماس وهي تمسك بقضبان المركبة كي لا تقفز وتموت، لكن غناءها اختفى بعد أن أُغرمت بالألوان المتغيرة في السماء وهدأت أثناء تأملها لها مبتسمة بينما ينعكس لمعانها في عينيها.

انتهت الأغنية وانتهى معها عرض الألعاب النارية وبدأ الركاب بالنزول من مركباتهم مركبةً تلو الأخرى كي يركب أشخاص غيرهم.

«كان هذا ممتعاً صحيح؟» هتفت أحلام وهي تنظر لتايهيونغ مبتسمة بينما يبتعدان عن اللعبة.

تذكر تايهيونغ ملامحها المبتسمة ووجهها المضيء تحت أنوار الألعاب النارية «كان كذلك بالفعل...» ابتسم لها «لنعُد للمنزل الآن.»

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top