الفصل الحادي والأربعون

لاتنسوا التصويت والتعليق بين الفقرات💙✨
—————

الجمعة، الخامس والعشرون من شهر نوفمبر.

كان الخميس هو آخر يوم لتسليم النقود التي طلبتها يونجين، والتي لم تحصل عليها بكل تأكيد؛ ولهذا السبب كان الشبان الثلاثة في قمة توترهم وقلقهم مما قد يحدث مساءً أثناء الحفل، وبالتأكيد كان تايهيونغ أكثرهم قلقًا كون أحلام مستهدفة من قبل تلك المرأة.

«ستفعل شيئًا اليوم، من المستحيل أنها ستجلس ساكنةً بلا حراك هكذا.» استدار تايهيونغ لويليام الجالس على أمام مكتبه في المنزل «هل سنتظاهر بأننا لسنا بخطر؟»

هز ويليام رأسه نفيًا «ليس عليكم أن تقلقوا، الحراسة قد شُددت عند البوابة وبداخل المبنى، جميع الأبواب والنوافذ والأماكن التي سيستطيعون الدخول منها ستكون مغلقة ومراقبة.» نظر للثلاثة القلقين «لن يستطيع الموظفون الدخول دون بطاقات عملهم، ولن يستطيع المرافقون الدخول دون بطاقات هويتهم ودون الموظف الذي سيرافقونه، كما أن الشرطة على علمٍ بما يحدث لذا ليس عليكم القلق.» ابتسم ويليام لهم ليطمئنهم أكثر «اطمئنوا واستمتعوا بالحفل، لن يحدث أي شيء.»

لم يزل قلق تايهيونغ حتى بعد أن طمأنهم ويليام، لكن الأمور كانت أسهل بالنسبة للفتيات الثلاث اللاتي لم يعلمن عن التهديد واللاتي كن في أوج حماسهن الذي غطى على خوفهن، ولهذا طردت زايا جيمين من الشقة ودعت أحلام وتيما لها معللةً أن جيمين سيدخل مع تايهيونغ بينما هي ستدخل مع أحلام.

«تيما هل تعرفين كم أنا مصدومة؟» سألت أحلام فجأة بعد أن بدأن تتناولن غداءهن.

رفعت تيما حاجبها، ما الذي حدث لتستغرب منه أحلام أصلًا؟ «لماذا؟»

«طوال حياتنا في المدرسة الثانوية لم تغِب زايا إلا نادرًا! حتى في الأيام التي كان الجميع يتغيب فيها عن المدرسة!» قالت بدرامية جاعلةً من زايا تقلب عينيها «لم تكن تتغيب إلا إن كانت على وشك الموت من المرض أو إن اجتمعت جميع الفتيات في الصف لإقناعها.»

ضحكت تيما «هل تحبين المدرسة لهذه الدرجة زايا؟»

تدخلت أحلام «كنا نعاني بسببها! كنا نتمكن من إقناع أكثر الطالبات تفوقًا في الصف، كان إقناعها صعبًا للغاية، لكن زايا- يا إلهي!»

«لا أحب المدرسة، لكن والدتي لم تكن تسمح لي بأن أتغيب عنها بلا سبب وجيه.» ضحكت زايا.

«أنتِ لم توافقي على الغياب أيضًا!» تذمرت أحلام ثم نظرت لتيما بانكسار «ونحن نعلم أنه إن حضرت ولو حتى فتاة واحدة للصف فستشرح المعلمات الدرس لها ونحن من سنتضرر بالنهاية، كنا نموت ونحن نتوسل لزايا أن تغيب.»

ضحكت زايا مجددًا «ثم أتت الجامعة وصرت ممن لا يحضرون المحاضرات التي لا يُسجل فيها الحضور.»

ضحكت تيما أيضًا «حسنًا لكن ما دخل هذا بكونك مصدومة يا أحلام؟»

«إن زايا متغيبة عن عملها اليوم!» أجابتها بصدمة واضحة جعلت من زايا تضحك مجددًا.

«لقد أخذت اليوم إجازة.» قالت ثم عللت «ليس من العدل أن ويليام أعطاكم إجازة، جيمين بإجازة أيضًا، وأنا أعمل بينما يجب أن نستعد للحفلة اليوم!»

«سيخيب أمل والدتك بكِ بلا شك.» تمتت أحلام ناهضة من مكانها.

«لا داعي لأن تعرف عن غيابي.» أجابتها «إلى أين أنتِ ذاهبة؟»

- لقد انتهيت من تناول الطعام، سأستحم أولًا.

- لكن-

- وداعًا!

جرت أحلام للحمام سريعًا وأغلقت الباب تاركةً الفتاتين مستغربتين في الخارج، نظرتا لبعضهما ثم أكملتا طعامهما تثرثران دون أي اهتمام.

أنهتا طعامهما، ثم أعادتا كل شيء لمكانه ونظفت زايا الأواني المتسخة، لكن أحلام لم تكمل استحمامها بعد، فلم يكن أمام الفتاتين سوى حل واحد. جلستا أمام باب الحمام وبدأتا بقرعه وكأنهما تقرعان الطبول وتغنيان بصوت عالٍ «خريطة الروح، خريطة الكل! هذه نفسي، هذه ذاتي! خريطة الر-»

«اصمتا!» فتحت أحلام الباب فجأة وضربتهما بالمنشفة على رأسيهما لتخرسا، ولم تضيع تيما أي ثانية لتدخل بعدها مباشرة.

«ما هذه الوقاحة؟ الشقة شقتي وأنا آخر من يستحم؟» تذمرت زايا راميةً بنفسها على سريرها بينما أحلام قد بدأت تصفف شعرها.

«هذا لأن لا فائدة منك من ناحية التجميل لذا علينا أن ننتهي من أنفسنا بسرعة لنساعدك.» سخرت منها أحلام فتذمرت زايا بوسادتها أكثر.

- على الأقل أنت تعرفين أنكما ستتكفلان بي.

- بالطبع أعرف. بالمناسبة، هل أريتِ جيمين الفستان الذي سترتدينه؟

- لا، سأتركه ليكون مفاجأة.

- أوه أنا أيضًا!

لحسن الحظ لم تستغرق تيما الكثير من الوقت وخرجت تدندن أغنيةً ما حتى قاطعتها زايا «تيما، للمعلومية: أنت من ستصفف شعري وأحلام ستضع لي مساحيق التجميل لأنني لا أعرف كيف أقوم بأي منهما.»

صُدمت تيما «أي فتاة لا تعرف كيف تصفف شعرها وتزين نفسها وهي بالحادية والعشرين من عمرها؟!»

«زايا.» أجابتها أحلام بهدوء مكملةً عملها، بينما تجاهلت زايا تأفف تيما ودخلت الحمام أخيرًا.

أخذت زايا وقتها كله بينما تستحم، ومن الغريب أن جلدها لم يصبح كالعاجائز عندما خرجت بعد ساعتين، لكن الأغرب هو أن أحلام كانت قد أنهت تصفيف شعرها للتو بينما تيما لا تزال تصففه. تأففت مجددًا ورمت بنفسها على السرير لتجفف شعرها بالمنشفة حتى تنتهي تيما من شعرها.

«متى تبدأ الحفلة؟» سألت زايا بملل وهي تعبث بهاتفها.

«الثامنة.» أجابتها تيما واستدارت لها عندما سمعت شهقةً منها.

«إنها الخامسة والنصف الآن!» هتفت لتسمع 'لعنة' صغيرة تخرج من فم تيما «لدينا ساعتان إن أردنا أن نصل للشركة في الوقت المناسب لذا أسرعا!»

«أنتِ هي عديمة النفع هنا لذا لا توترينا أكثر!» صاحت بها تيما وهي تكمل تصفيف شعرها على عجل.

بدأت أيدي تيما وأحلام تعمل بشكل أسرع بكثير من قبل، فبعد نصف ساعة أنهت تيما تصفيف شعرها وبدأت تصفف شعر زايا وهي تهددها بأن تتوقف عن التذمر من حرارة مكواة التجعيد وإلا ستحرق أذنها بها. شعر زايا كان طويلًا للغاية وكاد يصيب تيما بجلطة لأنه يرفض أن يبقى مجعدًا، لذا رميت زايا إلى أحلام فور أن أنهت الأخرى وضع مساحيق التجميل على وجهها.

«أحلام، أنهي تصفيف شعرها كي لا أقتلها وأقتل نفسي ولا يذهب أحد للحفلة.» قالت تيما بسرعة ثم سحبت حقيبة مستحضرات التجميل الخاصة بها لتكمل استعدادها.

«إنها لئيمة...» قالت زايا بعبوس ثم ضحكت «لكنني أعلم أني بلا فائدة لذا لا ألومها حقًا.»

ضحكت أحلام «استديري حتى أنهي تصفيف شعرك يا ربانزل.»

لحسن الحظ استطاعت الفتيات الانتهاء من كل شيء بحلول الساعة السادسة وخمسين دقيقة، كانت تيما وأحلام جاهزتان تمامًا ولم يتبق إلا زايا التي كانت ترتدي ثوبها، وعندما خرجت بدأت كل فتاة تغازل الأخرى بلا حرج، كما أن أحلام سخرت من طول كعب حذاء زايا وقالت بأنها أخيرًا ستكون بمثل طول البشر الطبيعيين.

لكن من المستحيل أن يخلو المكان من بعض الكلام الفاحش بوجود تيما «أرجو أن يتمكن جيمين من التحكم بنفسه عندما يراكِ زايا.»

ضربتها زايا على كتفها قاطبةً حاجبيها «ألا تخجلين؟»

ضحكت الفتاة «لا، لكنني أعلم أنكِ لن تكوني الوحيدة التي ستختفي فجأة من الحفل.»

«ما الذي تقصدينه؟» سألتها أحلام بريبة.

«هل تعتقدين أن تايهيونغ سيتركك تتجولين هكذا بكل حرية؟» صفرت تيما بطريقة لعوبة «ذلك الشاب متملكٌ وغيور، لن يتركك ليراك الجميع هكذا.»

قلبت أحلام عينيها مكتفيةً من ترهّات تيما ثم تحدثت «تيما لا تنسي بطاقة عملك، وزايا لا تنسي بطاقة هويتك. تايهيونغ وجيمين قد وصلا بالفعل والسيارة تنتظرنا بالأسفل؛ لذا ارتديا معطفيكما لنغادر.»

«جيمين وتايهيونغ فقط؟» سألت تيما «ماذا عن جونغكوك؟»

«إنه في الطريق.» أجابتها باختصار قبل أن تصعد ثلاثتهن للسيارة التي انطلقت للشركة على الفور، وخلال قرابة نصف الساعة توقفت السيارة وفُتح بابها لتنزل ثلاثتهن منه.

فور وصولهن للبوابة الرئيسية طلب الحارس رؤية بطاقات هوياتهن، وبعدما دخلن للداخل أوقفهن موظفٌ آخر طلب منهن أسماءهن، كما أنه طلب رؤية بطاقتي أحلام وتيما ليُدخل موقعهما في الشركة بحاسوبه، كما أنه سجل أن أحلام قد أحضرت زايا معها فأدخل بسرعة صورة لبطاقة هويتها. بعد كُل ذلك طلب منهن أن يتركن معاطفهن ويتفضلن بالدخول ليستمتعن بالحفل.

كان الجزء الذي نُظم الحفل به جزءًا لم تدخله أحلام سابقًا، لم يكن يبدو كجزء من الشركة، ربما لأنه كان مزينًا بالورود التي تموضعت بمزهريات فوق طاولاتٍ دائرية، وربما يكون ذلك لأنها لم ترَ صالةً بهذا الحجم في الشركة، أو ربما لأن الجو العام كان مغايرًا لما يكون عليه في الشركة كل يوم.

تايهيونغ كان قد رأى هذا الجزء من الشركة قبلًا بسبب حفل أقيم عندما كان ويليام بعمره وأولاه والده رئاسة هذا الفرع من الشركة. كان تايهيونغ في الثامنة عشر من عمره بذلك الوقت، ولم يكن يريد أن يحضر الحفل على الإطلاق، لكنه أيضًا لم يُرد أن يجرح ويليام ويرفض طلبه بعد كل ما فعله له.

كان تايهيونغ منغمسًا بتذكر ذلك الحفل عندما نبهه جيمين بوصول جونغكوك، فأدار رأسه ورأى صديق طفولته مرتديًا بذلة سوداء عصرية كان قد حصل عليها من أخته على الأرجح، يسير مع جونغكوك آخر مرتديًا فستانًا- ماذا؟

«أهذه أختُ جيون؟» همس تايهيونغ لجيمين.

«سؤالك غبي لسببين، الأول هو أن جونغكوك قد أخبرنا بأنه سيُحضر أخته، والثاني هو الشبه الكبير بينهما.» أجابه جيمين بالهمس ذاته ثم ابتسم بوسع عندما وصل جونغكوك لهما والسعادةُ بادية على وجهه.

«تايهيونغ وجيمين، هذه أختي الكبيرة جونغسوك.» ابتسم جونغكوك بوسع أكثر ثم خاطب أخته مشيرًا تايهيونغ وجيمين على التوالي «هذان هما تايهيونغ وجيمين اللذان حدثتك عنهما.»

ابتسم تايهيونغ وجيمين لها وانحنا مظهرين احترامهما «سررنا بمعرفتكِ، تحدث جونغكوك عنك كثيرًا.»

«سررت بمعرفتكما، تحدث كوك عنكما كثيرًا أيضًا.» ضحكت جونغسوك وانحنت هي الأخرى مبعدةً شعرها البني عن وجهها، ثم قالت ما جعل وجه جونغكوك يحمر قليلًا «في الحقيقة لم يتوقف عن التحدث عنكما على الإطلاق، كان اسمكما واردًا بكل محادثاتنا بطريقة أو بأخرى، لذا أنا شاكرةٌ لكما على اعتنائكما به.»

رن هاتف جيمين فأخرجه ليرى الرسالة التي وصلته، ثم أعاده لجيبه «لقد وصلت الفتيات.»

«إحداهما حبيبة تايهيونغ، والأخرى حبيبة جيمين.» قال جونغكوك لأخته.

«والثالثة حبيبتك؟» سألته بفضول فضحك.

«لا لكنها صديقتنا.» أجابها ثم لمح الفتيات يبحثن عنهم بأعينهن حتى لمحوهم ليقتربن منهم.

وضع جيمين يده على قلبه فور رؤيته لزايا تقترب «آه... أعتقد أنني وقعت بالحب ثانيةً.» اقترب منها فور وصولها له وبدأ ينظر لها من رأسها وحتى قدميها، كانت ترتدي فستانًا أبيض عاري الكتفين، كان يصل حتى ركبتيها وكان ملتصقًا بجسدها يظهر تفاصيله، وكاد جيمين أن يُعلق لولا أن جونغكوك تحدث أولًا ليعرفهن على أخته.

«هذه هي أختي الكبيرة جونغسوك.» أشار لأحلام وزايا «هذه أحلام حبيبة تايهيونغ، وهذه هي زايا حبيبة جيمين. كلتاهما من أصل عربي كما أنهما صديقات قبل أن تأتيا لإنجلترا.»

«أوه ياللمصادفة، سررت بمعرفتكما.» مدت يدها لتصافحهما ثم أكمل جونغكوك.

«هذه هي تيما، إنها إنجليزية الأصل.» أشار لتيما ومدت جونغسوك يدها لتصافحها أيضًا قبل أن يضحك جونغكوك «نحن الاثنان أعزبا المجموعة.»

ضحكت تيما «كما أنني أفضل صديقة سيحصل عليها بحياته كلها.»

ضحكت الكُبرى بالمجموعة «جميعكن بغاية الجمال بحق، سمعت كثيرًا عن الجمال العربي وها أنا أراه أمامي، جيمين يكاد يأكل زايا بعينيه.» أدار المعنيين وجهيهما محرجين بعد سماع ضحكات الآخرين المكتومة «وتيما.. لن أستغرب إن خرجت الليلة بحقيبة مليئة بأرقام الشبان.» لم تكن جونغسوك تكذب، فكانت تيما تبدو أخاذةً للغاية، كما أن فستانها كان لائقًا بقوامها وبشرتها البيضاء تمامًا: أحمر خمري بطيات من الأمام وعاري الكتفين أيضًا، كانت ملامحها الإنجليزية بارزة، وكان شعرها البني مموجًا على كتفيها.

ضحكت تيما بأدب «من الحزين أن جميعكم قد حضرتم مع أحدٍ إلا أنا وحيدة كنخلة على جزيرة نائية، ياللبؤس.»

«لا تقلقي، تبدين أجمل من نصف الموجودين.» امتدحها جونغكوك بصدق فابتسمت له قبل أن تلمح من طرف عينها نادلًا يحمل كؤوسًا من الشامبانيا.

«اعذروني، سأذهب لأشرب أحزاني.» ودعتهم وتمنت لهم أمسية طيبة ثم اتجهت ناحية النادل.

انصرف جونغكوك وجونغسوك بعدها «هل أنت متأكدٌ من أنها ليست أكثر من صديقة؟»

ضحك جونغكوك على إصرار أخته «أنا متأكد، أعتقد أنها معجبة بأحدٍ من موظفي قسم المبيعات، لكنني لا أعلم من تحديدًا.»

- أوه لا، لقد فاتتك الفرصة.

- لا بأس بذلك.

فور أن غادر الثلاثة استدار جيمين مجددًا لزايا وابتسم بأدب «لم أكن أعلم أنه من المسموح للملائكة الدخول إلى هنا...» بدأ يتغزل بحبيبته «أيتها الآنسة، هل رأيتِ بشرية بمثل طولك وتدعى زايا؟ إنها تشبهك كثيرًا لكنني متأكدٌ أنها إنسيةٌ وليست ملاكًا.»

ضحكت زايا بخجل «أيها السخيف ذو الكلام المعسول.»

- منذ متى ترتدين الفساتين القصيرة أصلًا؟

- منذ زمن بعيد، لكنك لم ترَني بفستان قصير سابقًا.

«أف.» نحب جيمين «تبدين جميلة للغاية حبيبتي، أشعر أن قلبي يؤلمني.»

ضحكت زايا مجددًا «أنت تبدو وسيمًا للغاية أيضًا، أين كنتَ تخبئ هذه البذلة الرائعة؟» كانت بذلته داكنة اللون بزرين فوق صدره وأربعة أزرار بشكل مربع أسفلهما.

«بالخزانة.» أجابها ببراءة مصطنعة ثم انقلبت ابتسامته البريئة لأخرى لعوبة بعد أن وضع يده فوق خاصرة فتاته «هل ستكونين بهذا الجمال يوم زفافنا أيضًا؟»

لم تجبه زايا وقلبت عينيها سريعًا بسبب صدوح صوتٍ من المكبرات فجأةً، استدار الكل ناحية المنصة الموجودة نهاية القاعة ليروا رجلًا يتحدث بجهاز المايكروفون «يتقدم رئيس الشركة الأم السيد جوسيف جين بإلقاء خطابه بمناسبة حفل اليوم.»

سُمع التصفيق بأنحاء الصالة حتى وصل الرئيس وصعد المنصة ليتحدث، تحمحم مبتسمًا حتى ساد الهدوء مجددًا ثم بدأ يلقي خطابه. «مساءُ الخير جميعًا، كما تعلمون فإن هذا الحفل قد أقيم بمناسبة مرور خمسين سنة ناجحة على وجود هذه الشركة، وبكل سنة نحقق أرباحًا أكثر من سابقتها، وهذا بالطبع يعود لجهودكم كموظفين تعملون بجد يوميًا لتحقيق الأفضل لشركتنا.»

«والدي المتوفى هو من أسس هذه الشركة، وبعد ازدهارها ونجاحها أُنشئ هذا الفرع وترأسته أنا حتى ثمان سنوات مضت حيثُ نقلتُ رئاسته لابني ويليام الذي أثبت نفسه وجدارته وقدرته على تحمل المسؤولية منذ سنٍ صغير. ما أزالُ صغيرًا على التقاعد، لكن يُسعدني- بل يُشرفني أن أترك الشركة مستقبلًا بين يدي ويليام، وأنا كُلّي فخرٌ وعلم بأنه على أتم الاستعداد لأخذ الشركة إلى نجاحات أعلى وأفضل.» ابتسم الأب لابنه وابتعد عن المنصة سامحًا لويليام أن يأخذ مكانه في الحديث.

وقف الرجل مكان والده منتظرًا أن يخفّ التصفيق الحار الذي ملأ القاعة مجددًا، ثم بدأ يتحدث «أشكر والدي على كلامه المشجع وعلى ثقته بي وائتمانه لي. لن يكون الوقوف مكانه ومكان جدي بالشيء الهين، ولذا أنا أعدكم بأنني سأبذل قصارى جهدي للحفاظ على سمعة الشركة والارتقاء بها للأعلى.» سكت قليلًا ثم أكمل كلمته «هذه الحفلة ليست للاحتفال بمرور خمسين سنة فقط، بل هي للاحتفال بجهود الموظفين أيضًا، فسواءً كنتُم من الفرع الرئيسي أو من هذا الفرع، وسواءً أمضيتم بهذه الشركة عقدًا أو بضعة شهور، كل موظفٍ هنا اليوم قد ساهم بإيصال الشركة لما هي عليه الآن، نحن اليوم هنا لنحتفل بجهودكم وتعبكم الذي أثمر لنا كل هذه النجاحات.»

ابتسم ويليام للموظفين، كان يعرف موظفي فرعه جيدًا، فلم يُوظف أحد هنا إلا وقد قابله ويليام، ويعرف الجميع بالفرعين كم أن يحب موظفوا هذا الفرع رئيسهم «وتقديرًا منا لجهود جميع الموظفين، يُسعدني أن أعلن عن زيادة بنسبة خمسةٍ بالمئة برواتبكم.»

علا صوت التصفيق والصراخ والصفير في القاعة، وأقسم ويليام أنه سمع صوت تيما وهي تصرخ 'يعيش الرئيس ويليام!' على الرغم من أن صوت التصفيق الحار قد أخفض من صوتها كثيرًا. رفع يده ووضعها على قلبه منحنيًا قليلًا باحترام ثم أكمل خطابه «أتمنى أن تسترخوا وتستمتعوا جميعكم بحفل اليوم، يمكنكم أن تتفضلوا لتراقصوا شركاءكم أيضًا إن أحببتم، بصحتكم.» رفع ويليام كأسه قبل أن يغادر المنصة أيضًا وتبدأ الموسيقى ليرقص الجميع.

بدأت الثنائيات تتقدم للرقص، ومد جيمين يده لزايا ليرقصا أيضًا، أما أحلام فكانت ما تزال واقفة بجانب تايهيونغ الذي لم يتحدث أبدًا ولم يرفع عينيه عنها إلا عندما بدأ ويليام يتحدث.

ظنت أحلام بأن شكلها لم يرُق لتايهيونغ، وتذكرت ما قالته تيما بأنه لن يروق لتايهيونغ أن تظهر أحلام هكذا أمام الآخرين «ألن تقول أي شيء؟»

فتح تايهيونغ فمه ليتحدث، لكنه لم يستطع أن يتفوه بأي شيء فأغلقه مجددًا. مدت أحلام شفتيها قليلًا بعبوس «ألا أبدو جميلة؟» بينما كانت تنتظره ليجيب نظرت لبذلته السوداء التي جعلته يبدو أكثر أناقة، ولربطة العنق المنقطة التي جعلته يبدو أكثر وسامة ورجولية.

«جميلة؟» تحدث تايهيونغ أخيرًا «تبدين أخاذة! تبدين وكما لو أنكِ سرقتِ جمال الكون كله لنفسك! تبدين باهرة الجمال! جمالكِ ألجمني حرفيًا وأنساني كل الحروف، أشعر أنني أكثر الرجال حظًا بالدنيا لكونكِ حبيبتي.»

شعرت أحلام بالحرج قليلًا من انفعال تايهيونغ المفاجئ وعضت على شفتها لتمنع ابتسامتها من الظهور «كنت تستطيع قول هذا فورما دخلت...»

«أخبرتك أن جمالكِ أخرسني.» نظر تايهيونغ لها مطولًا يتأمل فستانها الأسود الطويل، يتأمل الشق الطولي الذي يصل لركبتها اليسرى، ويتأمل الشق الصغير عند صدرها، ثم اقترب إلى جانبها أكثر ليشبك يده بيدها بهدوء.

«يا إلهي..» شهق تايهيونغ ووضع يده على فمه ثم غطى عينه ضاحكًا «يا إلهي أنت جميلة للغاية أكاد أبكي..»

ضحكت أحلام معه ثم جرها برفق «تعالي لنرقص.»

أراحت يدها على كتفه ووضع هو يده فوق خاصرتها ليبدآ بالتمايل على أنغام الموسيقى، كانا يرقصان بهدوء ينظران لبعضهما بحب حتى ضحك تايهيونغ بخفة «بأول يومٍ لكِ بالعمل أردتُ أن أحادثك لكنكِ دخلتِ لمكتب ويليام وخرجتِ منه مع تيما، لذا كنتُ أراقبك وأنا أقف بجانب آلة القهوة، لم أكن أعرف كيف أتقدم لك وأحادثك.»

«حقًا؟ لم ألحظك قط.» ضحكت أحلام «من كان ليتوقع أننا سنكون معًا خلال فترة قصيرة.»

بينما كانا يرقصان كان تايهيونغ يرسل شرارت لأي شخص يحاول أن ينظر لأحلام، لكن الفتاة كانت كحورية من الجنة، بشرتها البيضاء التي تصطدم بسواد ثوبها بأناقة كانت تجذب أعين الجميع لها حتى شعر تايهيونغ أن عليه أن يفعل شيئًا ليوضح أنه هو حبيبها وأن عليهم أن يتراجعوا.

«حبيبتي..» همس في أذنها «إن لم يتوقف الجميع عن النظر لك فسأضطر لأن أفعل شيئًا قد يلفت الأنظار أكثر.»

- لمَ ستفعله إذًا؟

- كي يتوقفوا عن النظر لك وكأن لا حبيب لك.

- لكنهم يظنون أن لا حبيب لي حقًا.

- حسنًا إذًا، أعتقد أن الوقت قد حان لنكشف عن مواعدتنا ولا نجعلها سرية بعد الآن.

أكمل تايهيونغ كلامه ولم يترك لها مجالًا للرد قبل أن يلصق شفتيه بشفتيها، ترك يدها ليمرر أصابعه بشعرها ويقربها منه أكثر، بينما حاوطت ذراعها رقبته واستندت الأخرى على صدره. كانا غارقين ببعضهما ناسيين ما يدور حولهما، وكل هذا حدث أمام تيما المسكينة التي شعرت بالوحدة تمزقها أكثر.

تنهدت ثم أدارت وجهها عن الحبيبين أمامها ورأت فتاةً تقف إلى جانب جايهيون، فتى المبيعات الذي كان مغرمًا بها وأرسل لها العديد من الرسائل اللطيفة، قد تكون شعرت بالغيرة بسبب كؤوس الشامبانيا التي شربتها، أو قد تكون شعرت بها لأنها لا تزال معجبة بالفتى، لكن ذلك لم يكن مهمًا لأنها بدأت تقترب منهما دون تفكير.

ابتسمت للشاب بلطف ومرح «مرحبًا جايهيون!» نظرت بسرعة للفتاة التي كانت تحمل بعض الملامح الكورية ولم تُزِل ابتسامتها «من تكون هذه؟»

«أوه آنسة تيما!» استدار جايهيون لها، ورسم ابتسامةً رزينة على شفتيه «هذه أليس من الفرع الرئيسي، آنسة أليس هذه تيما من قسم المحاسبة بفرعنا.»

نظرت الفتاتان لبعضهما، كل واحدة منهما تحاول إبعاد الأخرى عن الرجل بنظراتها حتى نطقت تيما «ما رأيك يا أليس أن تذهبي لبلاد العجائب كي أتحدث مع جايهيون قليلًا؟»

صُدمت الفتاة ووجهت نظرها لجايهيون الذي كان مصدومًا من كلام تيما أيضًا، لكن تيما لم تنتظر ردًا منها قبل أن تعيد ابتسامتها الحلوة على شفتيها «ما رأيكَ أن نرقص؟» استدار جايهيون يبحث عن أليس فتحدثت تيما مجددًا «لقد غادرت.»

تنهد جايهيون «آنسة تيما... أنت من قال لي بأنكِ لا تريدين أن تكوني بعلاقة معي.»

بوّزت تيما شفتيها قليلًا بعفوية «حسنًا لكنني لم أطلب غير الرقص الآن، ليس من اللازم أن يكون ذلك رومانسيًا.»

استسلم الشاب لمصيره وأمسك بيد تيما مقتربين من منطقة الرقص، وضعت تيما يدها على عضده وبدآ يتمايلان ويرقصان على الإيقاع، لمح جايهيون جونغكوك ولم يتمكن من أن يبقي أفكاره لنفسه «توقعتُ أنكِ ستكونين معه.»

أدارت تيما رأسها قليلًا لترى من يقصد «من؟ جونغكوك؟»

- أجل.

- لم يظنُّ الجميع أننا معًا؟ نحن لسنا أكثر من صديقين.

- تبدوان كذلك، من الذي يرقص معها؟

- إنها أخته، مرت فترة طويلة منذ آخر مرة رآها بها، لذا أحضرها للحفل.

اقتربت تيما من جايهيون أكثر حتى لاصقت صدرها بصدره وأراحت رأسها عليه، أغمضت عينيها تستمع لدقات قلبه عندما سمعته يتنهد «لمَ تفعلين هذا؟» سألها بانكسار.

«أفعل ماذا؟» سألت بهمس.

«تبعدينني عنكِ ثم تقربيني إليك مجددًا.» أجابها والحزن بادٍ بصوته «تخبرينني بأن أنتشل حبك من قلبي، ثم تعانقينني وكأنكِ تريدين أن أخبئك بصدري وأحميكِ بدفئي.»

«لا أعلم.» تنهدت تيما وابتلعت ريقها دون أن تفتح عينيها «لكنني أشعر بالوحدة، لذا دعنا نرقص فقط حسنًا؟»

«لمَ لا تعطينني فرصة؟» همس لها بالانكسار نفسه.

ضحكت تيما بحزن مثيرةً استغراب جايهيون «عندما كنتُ صغيرة كنتُ أشاهد الكثير من الدراما الكورية، بسبب ذلك صرتُ أفضل الرجال الكوريين أو ذوي الملامح الآسيوية على الرجال ذوي الملامح الأوروبية، أعلم أن ذلك سخيف لكنه حصل.» كانت عيناها تنظران للأسفل الآن غير راغبة بأن يراها أحد، فكل من عرف سبب إعجابها بذوي الملامح الآسيوية سخر منها ونعتها بالجاهلةِ غريبة الأطوار.

«من المستحيل لعائلتي أن توافق على تكويني لعلاقةٍ مع أي رجلٍ غير بريطاني أو أوروبي. كل رجل واعدته كان آسيويًا، وكلهم رُفضوا من قبلهم. لذا وبعد بضعة تجارب فاشلة قررت أن أتوقف عن المحاولة.» لا تعلم تيما إن كانت تخبره بهذا بسبب كونها ثملةً بعض الشيء أم لأنها مرتاحة له، لكنها ضحكت مجددًا وهي تُكمل كلامها «كان من الصعب أن أُعجب بك وأنا أعلم بأنه من المستحيل لي أن أكون معك، وعندما عرفت أنك من يكتب لي الرسائل قررت أن أبعدك عني قبل أتعلق بك أكثر.»

«لن تنجح علاقتنا حتى لو أعطيتها فرصة...» كانت شفتاها متقوستان وصوتها مرتعشًا، وكانت تعض على شفتها السفلية بشدة كي لا تسقط دموعها من عينها التي صارت حمراء «لذا أرجوك... لنرقص فقط الآن.»

ترك جايهيون يدها ليدير وجهها ناحيته حتى ينظر لها «آنسة تيما، هل تعلمين بأنني أشبه والدتي كثيرًا؟» ابتسم لها عندما رأى الحيرة على وجهها «كان أبي دائمًا ما يتذمر كوني أخذت ملامحها الكورية ولم آخذ شيئًا من ملامحه الإنجليزية.»

بعد لحظات زالت الحيرة عن وجهها لفهمها ما كان يرمي له وشهقت بخفة «أنت...» شعرت بأن دموعها ستسقط لو نظرت لعينيه أكثر فدفنت وجهها بصدره، أحاطت رقبته بذراعيها بينما يعانق هو خاصرتها بذراعيه وهما يتمايلان على أنغام الموسيقى الهادئة التي شهدت ترجيات جايهيون بأن تُتاح له فرصةٌ معها.

كان جونغكوك يرى ما يدور بينهما، لذا ابتسم بخفة بعد رؤيته للشابين يرقصان متعانقين، فاستدار بأخته «انظري لتيما، يبدو أن هذا هو فتى المبيعات الذي أُعجبت به.»

نظرت جونغسوك لهما وهمهمت بتفهم ثم سألت «ألا ترى أنه من الغريب قليلًا أنك ترقص مع أختك الكبيرة؟»

«جميع من يرانا يضحك ويسخر، سمعتهم يقولون بأنني أبدو وكأنني أرقص مع نفسي لأننا متشابهان.» ضحك ثم أكمل «لكنني لا أهتم لما يقولونه، لقد فقدنا عشرين سنة كان يجب أن نقضيها معًا وسنعوضها الآن. لا أحد منهم يعرف ما مررنا به، لذا لا يهم رأي أي أحد منهم.»

استمر الكل يرقص حتى توقفت الموسيقى وساد التصفيق المكان مجددًا قبل أن ينتشر جميعهم بالأرجاء. ذهب تايهيونغ وأحلام ليقفا بجانب زايا التي كانت تنتظر بمفردها لأن جيمين ذهب لدورة المياه.

كانت يد تايهيونغ لا تزال على خاصرة أحلام، وكانت أحلام تميل برأسها مستندةً قليلًا على كتف تايهيونغ ممسكة بذراعه دون أن تعي لما هو حولها بشكل تام «أحلام، هل تريدين تناول أي شيء؟»

«أوه أين الطعام؟» انتبهت فجأة بعد ذكر الطعام «سأذهب لآخذ شيئًا.»

«لا داعي، ابقي هنا مع زايا.» قبلها بسرعة «سأذهب لأحضر شيئًا تأكلينه.»

بعد ذهابه استدارت زايا لأحلام وابتسمت قليلًا «كيف حالك أحلام؟»

«هممم، بخير.» أجابتها ضاحكة «لماذا؟»

- لا أعلم، تبدين مختلفة قليلًا.

- بسبب مساحيق التجميل؟

- لا... لكن بك شيءٌ مختلف.

لم تفهم أحلام ماتقصده صديقتها، لكن زايا تكون غريبةً هكذا أحيانًا، لذا لم تفكر بالموضوع كثيرًا. «أوه هاهو جيمين قادم.» قالت أحلام ثم شعرت بشخص يرتطم بها من الخلف ويغادر دون أن يعتذر على الإطلاق.

«ما به هذا؟» سأل جيمين عاقدًا حاجبيه.

«لقد لطخني بشيء ما! ياللقرف!» تذمرت أحلام وهي تنظر لذراعها بتقزز «سأذهب لأغسل ذراعي وأعود.»

أوقفتها زايا «لحظة سآتي معك.»

«لا داعي لذلك، ابقي مع حبيبك.» منعتها أحلام من التقدم أكثر «سأذهب وأعود سريعًا لأنني جائعة، لا تأكلوا طعامي.»

ذهبت أحلام تحت أنظار زايا القلقة «مابك؟» سألها جيمين.

«لا أعلم، قد أكون مذعورة فحسب.» ابتسمت له بقلق.

أتى تايهيونغ بصحن مليء بالطعام لحبيبته، لأحلام التي لم تعد أبدًا.

—————
شلونكم🌚؟

عندي جم سؤال: من شخصيتكم المفضلة للحين؟

لما ابو ويليام قعد يمدح ولده وبعدين ويليام قام يتكلم حسيت اني ام فخورة😂😂😂

المهم شرايكم في الطريقة الي كشف فيها تاي انه وأحلام يتواعدون؟ 🌚نار صح؟ مافي خجل ابدًا😂😂

وكله صار قدام تيما المسكينة، شتتوقعون بيصير بينها وولد المبيعات؟ بيصيرون مع بعض ولا لا؟

وين تتوقعون أحلام اختفت؟ شبيصير الجبتر الجاي؟

بطنكم عوركم؟

الجبتر عجبكم؟؟

وبس والله هذي ملابسهم في هالجبتر🌚

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top