الفصل الثالث
- مرحبًا.
إنه الصوت الأجش ذاته!
نظرت للأعلى ورأت الشاب نفسه، الشاب الذي لو كانت في رواية رومانسية لوقعت في حبه من الوهلة الأولى وعاشت كل أيامها تسري في خيالها وأحلامها الوردية وكيف ستتزوجه وسيعيشان قصة حب جميلة، لكنها لم تكن فتاةً ذات أحلامٍ وردية، كانت أحلام التي لم تسمح للأحلام بأن تقتحم واقعها أبداً.
«مرحبًا.» ردت بابتسامة مطمئنة، إنه انطوائي، علي ألّا أكون مندفعة «شكرًا على مساعدتي المرة الماضية.»
- لا شكر على واجب.
كان صوته هادئًا وكأنه يهمس لنفسه، أو على الأقل هذا ما فكرت به أحلام. هل يكره التحدث مع الآخرين، أم مع الغرباء فقط؟
لكنها لم تعرف بأن تحت الشعر البني كانت هناك عينان تنظران لها، هل كانت نظرات إعجابٍ أم أنها كانت نظرات انجذاب؟ في كلتا الحالتين دفع الشعور بداخل هذا الشاب الانطوائي -حسب ما قالته تيما- للتحدث مرةً أخرى.
«هل يمكننا تناول وجبة الغداء معًا؟» رفع رأسه قليلًا لينظر لها، وعندما لاحظ عينيها العسليتين تحدقان في ما يظهر من عينيه أنزل رأسه بسرعة، وشعر بحرقة في حنجرته، وبحرارة في أذنيه ووجهه، لكن على الرغم من خجله أكمل طلبه «أنتِ لا تعرفين أحدًا بعد.. و.. و قد تشعرين بالملل بمفردك.. لذا فكرت أن- آه إنني لا أجبرك!» رفع رأسه مجدداً بسرعة والخجل يحرقه من الداخل والخارج بعد أن تذكر بأنها تعرف تيما مسبقًا، لكنه رآها تبتسم له بلطف، لم يبدُ على محياها أنها سترفض طلبه.. هذا ما كان يأمله ويتمناه على الأقل.
«لا مانع لديَّ، تيما قالت بأنها ستأخذ وقتًا طويلًا بعض الشيء في قسم الموارد البشرية لذا كنت سآكل بمفردي، وأنا لا أحب أن أكون وحيدة أثناء تناول الطعام على الإطلاق.» إنه لطيف كالأطفال.
إنها طيبة للغاية، كالملائكة.
هل يمكننا القول بأنهما سيصبحان صديقين جيدين؟ كلاهما يتقبل الآخر برحابة صدر، هل سيحصل تايهيونغ على صديقٍ في القسم أخيرًا؟
«ألم يحِن وقت الغداء بعد؟» همس تايهيونغ لنفسه، يبدو أنه متحمسٌ للحديث مع أحلام كثيراً «إنها لطيفة حقاً.»
هل علِم أن أحلام سمِعته وهو يتذمر بشأن الساعة التي بدت متوقفةً عن العمل؟ أو عندما كان يتذمر بشأن ملله كونه أنهى كل العمل الذي كُلف به والرئيس لن يغادر اجتماعه إلا بعد ساعة ونصف.
شعر بإصبعٍ ينقر سطح مكتبه فجأة «حان وقت الغداء.» لقد كان إصبع أحلام.
يدها جميلة «حسنًا.» على الرغم من كونه متحمساً للغاية، وعلى الرغم من ابتسامتها الدافئة التي أظهرتها له، إلا أنه كان لا يزال الفتى الانطوائي الخجول الذي لم يعتد على التحدث مع الآخرين.
لم يستغرقا الكثير من الوقت وهما يختاران ما سيتناولانه على الغداء عندما ذهبا للكفتيريا -التي لم تكن مكتظةً لحسن الحظ أيضاً- لذا سارعا بالجلوس قبل أن يأخذ أحدٌ الطاولة القابعة أبعد زاوية هناك.
- إذا تايهيونغ، هل أنت كوري؟
- أجل.
- هل أتيت هنا للعمل؟
- أجل.
- هل تتواصل مع أصدقائك من الثانوية في كوريا؟
- لا.
«أنا أيضًا أتيت هنا للعمل، كما أنني لا أتواصل مع أصدقائي من الثانوية» لقد كان يتحدث معي بأريحية أكثر عندما كنّا في المكتب
«تايهيونغ.. ما رأيك أن نصبح صديقين؟»
ابتلع ريقه، سؤالها كان مباشرًا للغاية، نعم هو يود ذلك، لكنه لا يملك أي أصدقاء ولذا هو لا يعرف كيف عليه أن يتصرف مع صديق، ولا يستطيع أن يقول هذا لها هذا بالطبع.
إن أخبرتها بأن لا أصدقاء لي فستتركني كما تركني من سبقها، هل.. أكذب عليها؟ لا لا، كم أكره الكذب وكم ستكرهني إن كذبت، إنها طيبة ولن تكرهني لأنني فعلتُ ما هو صحيح. إلا إن فعلتْ! ماذا إن فعلتْ!؟ هل ستتركني أيضاً!؟ لا يمكنها أن تتركني!
«هل ستتركينني إن لم يكن لدي أصدقاء؟» قال فجأة بعبوس واضح.
لقد تغير مزاجه فجأة من الهدوء إلى العبوس. هل يخاف الوحدة؟ لِمَ يظنني سأتركه؟ إن سألته قد أثير أسئلة غريبة في عقله.. «لن أفعل ذلك بالطبع.»
لبرهة ظن أن الوقت قد توقف، قالت بأنها لن تتركه، إذًا هي لن تكرهه «أريدُ أن نكون صديقين.»
كان لطيفًا للغاية، لن تتمكن من أن ترفض له طلبًا إن كان لطيفًا هكذا، وهي لا تهتم إن كان عليها أن تحميه من الجميع بسبب لطافته «أنا أريد أن نكون صديقين أيضاً.»
- حقًا؟
- حقًا.
رفع رأسه وابتسم، وأقسمت بأنها عندما رأت عينيه من خلف خصلات شعره لم تتوقع أن تكونا آسرتين هكذا، لكن البريق الذي خُطف منهما جعلهما ذابلتين لدرجة مربكة.
«إذًا.. هل نتبادل أرقام هواتفنا الآن؟» وكما هو متوقع، ابتسامتها لم يكن لها إلا أن اتسعت، بينما كانت عيناها تحدق في عينيه.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top