لست والدها!
اتخذ كل من عبد اللّٰه و عماد لنفسيهما مقعدا قبالة الفتاة، ليبادر عماد بالحديث موجها كلامه لعبد الله.
الطبيب عماد:
_إذن يا صديقي ما قصة هذه الفتاة...؟! أنت تعلم أن وجود فتاة صغيرة أجنبية سيجذب لك المتاعب...!
كان عماد يتحدث، بينما عبد الله يغوص في عمق أفكاره فما يقوله الطبيب صحيح تماما لأنه قد يتهم باختطافها أو تهريبها و ما إلى ذلك، تنهد عبد الله بقلة حيلة و هو يعبث بشعره في حين يمرر أصابعه بين خصلاته، و كأنه ضيع الحل و لا زال ذا بصيص أمل في إيجاده.
عبد الله:
_أجل أعلم...! لكن ما العمل...؟!
بعدها قام عبد الله برواية قصته عن كيفية لقاء و مكان إيجاد الفتاة الصغيرة بحذافرها، و لم ينسى لقطة واحدة و لم يسلط الضوء عليها؛ عندما انتهى انتظر عبد الله ردة فعل عماد و الذي بدأ يفرك رأسه بارتباك.
الطبيب عماد:
_ حقيقة..! أنت تورط نفسك بالمتاعب أكثر من اللازم...!
التفت عبد الله ناحية الفتاة التي تحدق فيهما باستغراب فهي لم تحذر أي كلمة مما كانا يقولانه، بينما تلعب بأصابعها بلطف، كلمها عبد الله و هو يبتسم بحنان مستفسرا عن اسمها، بيد أنها لم تفهم ما يقوله فلم تجب، حينها تدخل عماد ليقطع هذا الصمت الغريب الذي يغلف المكان لسبب عدم قدرة الطرفين على التواصل.
الطبيب عماد:
_ إنها تتحدث الإنجليزية و أظنني أستطيع التواصل معها...!
حرك عبد الله رأسه بالإيجاب موافقا عماد برأيه، لذلك نهض عماد من مكانه و اتجه نحو الفتاة ليقف أمامها ثم انبطح ليصبح بمثل مستوى طولها.
الطبيب عماد:
_ So..! How are you...?! And what's your name...?!
أخيرا ابتسمت الفتاة لأنها فهمت ما يقول لترد بمرح و هي تتحدث، في حين أن عبد الله كالدخيل لا يفهم ما يقال حتى و إن كانا يتحدثان عنه، و هذه بالطبع هي مساوئ الأمية حيث يشعر المرؤ بالعجز لمجرد رغبته في قراءة كلمة مكتوبة أو فهم أخرى مسموعة فلماذا لا نغير هذا الواقع؟ أيعجز واحد على مشاركة علمه مع اثنين آخرين، و الإثنان مع أربعة و الأربعة مع ثمانية...؟!
الفتاة الصغيرة:
_Ah..! I'am Jean...! and you...?
لقد أنهت جملتها و هي تحدق باتجاه عبد الله تنتظر الإجابة و هو لم يفهم فازداد ارتباكه و اكتفى بالإبتسام فتحدث بالنيابة عنه عماد الذي ضحك بخفة قبل أن يقول موجها كلامه إلى عبد الله.
الطبيب عماد:
_ تقول إن اسمها جين...! و أظنها تريد أن تسأل عن اسمينا...!
اكتفى عبد الله بالإيماء برأسه ليعرف عماد بنفسه لجين الفتاة الصغيرة، و قد قدم عبد الله أيضا، ثم أردف يتملقها و يحاورها كي يخف خوفها منه، محاولا جعلها ترضخ للضحك أو على الأقل تبتسم له، فهي في البداية و عند غياب عبد الله كانت ملتزمة الصمت و العبوس، فمهما حاول عماد إرضاءها لم يكن ذلك يجدي نفعا.
لكن عندما أخبرها عماد عن أن عبد الله قد وجدها فقط نفت برأسها و قالت معترضة.
الفتاة الصغيرة جين:
_ No..! That's My fother...! And My hero...!
احمرت وجنتي الصغيرة جين و هي تلعب بخصلات شعرها الأشقر الطويل، و قد صعق عماد مما سمعه توا، فالتفت إلى عبد الله بنوع من الريبة مما جعله يتدخل في الحوار متجنبا هذه النظرات.
عبد الله:
_ ماذا هناك...؟! ماذا قالت...؟!
كان عماد بتفحصه صعودا و نزولا، و هو يرمقه بنظرة ارتياب المحقق ليتحدث و أخيرا بشك بالغ.
الطبيب عماد:
_ هل لديك ابنة يا عبد الله...؟!
و رفع أحد حاجبيه باستجواب، لينتفض عبد الله بفزع و هو يحدق بالفتاة المبتسمة و الأفكار و الأسئلة تجول بفكره و كأنها بركان خامد على وشك الثوران، ترى ماذا قالت لعماد؟ و لماذا يرمقه هكذا؟ و ما هذا السؤال حتى؟ و ما مبتغاع؟ هذه الأسئلة و أكثر تراكمت لتحتل ثغرات عقله في غضون أجزاء من الثانية.
عبد الله:
_ما الذي تقوله...؟ عن أي ابنة تتحدث...؟
كان عبد الله مستغربا بحق، بينما عماد يشك به، لذلك قرر أن يخبره بما قالته الفتاة جين كي يفسر مغزى كلامها الذي يبدوا و كأنه مشفر.
الطبيب عماد:
_ تقول جين أنك والدها..! و بطلها أو ما شابه...! فهلا تفسر...!
تدخل عبد الله مدافعا عن نفسه ليبرر هذا الموقف الخاطئ الذي وضع فيه محط إحراج أمام صديقه.
عبد الله:
_ أعوذ بالله من أفكارك يا عماد...! ما الذي ترمي إليه بكلامك...؟!
أراد عماد الحديث و بمجرد أن رفع إصبعه و فتح فمه لينطق، حتى قاطعه عبد الله ليكمل مسيرة الدفاع عن نفسه و كرامته.
عبد الله:
_فكما تعلم ابني الوحيد ما يزال في رحم أمه، و هي زوجتي الأولى و الأخيرة و الوحيدة أيضا...!
عندما انتهى توقف ليلتقط أنفاسه فهو كان يتحدث دون انقطاع، كيف لا؟ و قد اتهم لتوه بالمنكر و العياذ بالله، تدخل عماد لتهدئته و هو يربث على كتف عبد الله بينما يضحك.
الطبيب عماد:
_على رسلك يا رجل، لقد صدقتك...! لكن لماذا تناديك أبي...؟!
احتدمت الأمور و عبد الله لا تنقصه متاعب إضافية، فما الذي سيفعله مع هذه الطفلة جين؟ خاصة و بعد أن باثت تناديه بوالده، و بعد العديد من المحاولات في استجوابها و استخراج الأجوبة التي قد تشفي غليل كل من بهذه الغرفة الصغيرة.
في النهاية استطاع عماد أن يستنتج من خلال ترتيب أجوبتها أنها يتيمة و قد توفي والداها عندما قدما إلى هذا البلد، و ليس لها أقارب يستضيفونها أو يعتنون بها، و لأن عبد الله قد انتشلها من الحالة الرثة التي كانت بها و أظهر عطفه اتجاهها، فقامت بشبيهه بوالدها، بل و جعلته والدها و ليس بمثابته فقط، و يبدوا أنها عززت علاقة الترابط بينها و بين عبد الله.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top