مخاوف مميتة
لم تستغرق كيكيو وقتا طويلا قبل أن تعود، و تنزل إلى القبو عند يوسف و لتمكنه من الخروج نحو غرفة الأموات.
تقدم يوسف بخطوات مرعوبة و هو يصعد الدرج ليخرج عبر باب القبو، و كيكيو تتبعه، و عندما خرج كان المنظر مذهلا، كل شيء مرتب و لماع و مذهل، إنه أشبه بقصر حديث المنشأ، ما عدى إن تناسينا وجود تلك المقبرة في القبو و ما إلى ذلك.
على أي كانت باقي الفتيات في انتظاره، لتوجيهه حيث توجد غرفة الأموات تلك، كان كل شيء جيدا إلى أن وصلوا أمام ذلك الممر المهجور، و الذي يبدوا و كأن حربا شرسة جرت فيه، أو أن وحوشا شرسة هاجمته، على أي توقفت الفتيات لتقول هولي بتأسف واضح للعيان.
هولي:
_ عذرا... لكن هذا أقصى ما قد نصل إليه...
لتكمل عنها لارا برجاء.
لارا:
_ أرجوا أن تنقذهما قبل فوات الأوان...
أومأ يوسف برأسه ليطمئنهن، بيد أن شعورا غريبا حال دون أن يستطيع طمأنة نفسه، لكنه حاول أن يتماسك قدر الإمكان، فإذا بها جانيت تذرف دموع الندم و الحزن فكل ما جرى لجولييت و ليليان كان بسبب تهورها و طيشها.
بأية حال ودعهن يوسف و كأنه يعلم ما ينتظره فور عبوره الممر المخيف، و يعرف أن الرجوع ليس بالهين، فاستجمع كل ما تبقى لديه من طاقة و تقدم بخطوات واثقة، سرعان ما بدأ يرتجف بسبب هبوب رياح عاصف من خلال النوافذ المكسورة لتليها أصوات همسات و صراخ من كل الإتجاهات، في حين أن الفتيات عدن أدراجهن، فلا جدوى من بقائهن هنا.
على غرار كل ما اعترض و اجتاح يوسف من رعب و خوف و رهبة مما يجري، فقد تماسك و أكمل سيره ليتعمق في هذا الممر المثير للريبة، ليصل أخيرا إلى نهايته، لكن مهلا.. لا يوجد أي غرف هنا أو نوافذ أو حتى شيء يوحي بذلك، ما عدا تلك اللوحة المعلقة أمامه في نهاية الجدار.
كانت اللوحة مشوشة، و لكن يظهر منها أن فتى صغيرا يطفوا فوق جبل أو تلة أو شيء ما طويل، و كل هذا بشكل ظلال، أمعن يوسف النظر بها قليلا ليقول و هو يفرك رأسه محاولا تذكر شيء ما.
يوسف:
_ أظنني رأيت هذه الصورة من قبل... لكن أين...؟
و ظل على هذه الحال بضع دقائق، لينتفض فجأة و يتجه صوب اللوحة و يقول بانتصار.
يوسف:
_ لقد تذكرت... إنها صورة من مسرحية شبح المهرجان.. أجل أنا متأكد...
ليكمل و هو يشير بيديه في الصورة.
يوسف:
_ هذا هو شبح الفتاة الصغيرة... و هذه الكومة هي جثث من قتلتهم لتنتقم... و هذه هنا
دماء قد نزفت منهم حتى الموت... إنها ليست ظلال...
ما إن أنهى كلامه حتى اتضحت الصورة ليظهر شكل تلك الفتاة مشوهة الوجه، و هي تطفو فوق جبل من الجثث و الضحايا و الدماء تغمرهم من كل مكان.
تفاجأ يوسف بدأ يتمتم لنفسه.
يوسف:
_ إذن فالقصة حقيقية... ظننتها مجرد مسرحية...
على أي تنحت الصورة جانبا لينشق الجدار و تسنح ليوسف فرصة العبور، و هذا ما فعله، ما إن دخل حتى وجد نفسه في ممر آخر، لكن الجدار أغلق ثانية لتشتعل تلك المشاعل على كلا جانبي الممر.
ظل يسير لمدة وجيزة، قبل أن يشعر أنه مراقب، فبدأ يلتفت خلسة لكن لا يوجد شيء، و أحيانا يسمع أصوات همس حافتة، كما يشعر كأن أحدا ما يكزه بخفة من الحلف، بدأ يتوتر بشدة و هو يرتجف، ليهرول ثم يركض بأقصى سرعة لديه.
إلى أن وجد نفسه محتجزا في مكان مظلم و حوله قضبان حديدية صدئة، و بينما هو يحاول إيجاد مخرج لنفسه، بدأت ظلال بشكل أياد تقترب منه ثم يخرج من بينها فتى بمرحلة المراهقة تحاوطه دماء من كل جانب، و وجهه مشوه بالكامل.
ما إن رآه يوسف حتى تجهم وجهه بالكامل، كانت يداه ترتجفان و بالكاد استطاع أن ينطق بكلمة واحدة.
يوسف:
_ أخي...!!
و لمن لا يعرف قصة يوسف مع شقيقه هذا، فقبل بضعة سنوات كان يوسف يصطحب شقيقه الصغير لإحدى العروض المسرحية، و في أثناء ذلك اختلف يوسف مع أخيه جاد، فذهب جاد يركض عبر الحشود، و دخل و اختبأ في إحدى الغرف الخاصة بالعرض.
لكن بعد ثوان نشب حريق بالمسرح و بدأ الجميع بالركض هنا و هناك، و الصراخ يتعالى، بينما جاد عالق في تلك الغرفة و النيران منتشرة في كل مكان لتغلق جميع المخارج.
كان يصرخ و يستنجد بالمساعدة، في حين كان يوسف يبحث عنه كالمجنون إلى أن عثر عليه أخيرا، لكن ما من سبيل لإنقاذه، فجأة و وسط ذلك الركام، سقط جزء من السقف و وقف حائلا بين يوسف و باب الغرفة التي احتجز فيها جاد.
فجأة انهار المكان بأسره و أتى رجال الإطفاء و الشرطة و لم يسمحوا له بالدخول، و بعد ساعات من الصراع مع النيران استطاعوا إخماد الحريق، لكن الأوان كان قد فات و لم يتبقى من جسد جاد سوى الرماد المختلط بالركام.. و من يومها و يوسف يلوم نفسه على ما حدث، و بل أصبح هذا الحادث كابوسا يراوده كلما أغمض عينيه.
نعود ليوسف الآن، لقد كان شاردا في التدقيق بملامح شقيقه الصغير، لتحاوطه النيران من كل جانب، و يتحول القفص المظلم إلى غرفة صغيرة تلتهب، أما الظلال فإلى شرارات نيران هنا و هناك.
ليظهر من العدم جسد جاد هو يحترق ليتشوه وجهه بالكامل، و بالكاد استطاع يوسف تمالك نفسه، فقد كان سيغمى عليه من هول المشهد.
حاول أن يقترب من شقيقه لكن دون جدوى، فكلما اقترب منه يوسف ابتعد جاد أكثر، و ظلت النيران تلتهم جسد جاد ليختفي تدريجيا.
مرت دقائق و يوسف يصارع النيران لوحده، و يحاول شق طريق الخروج من هذا الجحيم المشتعل، فجأة اختفى كل ما يوجد حوله و تحول إلى رماد، ليغطيه الظلام الحالك، تليها أصوات همس و صراخ، لتتضح مع ظهور جاد ثانية، لكنه هذه المرة في كل مكان و كل واحد يتفوه بشيء معين، بيد أن صوته أعمق و أكثر خشونة، بالمختصر كان مرعبا.
جاد:
لقد تركتني أحترق حيا...
أي أخ أنت...
أنت مجرم.. أنت السبب في موتي...
كنت أري أن أعيش لأحقق حلمي...
لكنك أجبرتني على حضور ذلك العرض التافه مثلك...
يالك من أخ عاق...
ستعلق في ذكرى هذه الحادثة معنا إلى الأبد...
لن ندعك تنسى جرمك يا أخي الكبير...
و ما إلى ذلك... فقد كان كل جاد يلومه من جهة، و قد تحقق مبتغاهم، ألا و هو أن يحصر يوسف نفسه بداخل هذا الكابوس، و ما لم يحاول الخروج من هذا السجن المظلم فلن يستطيع النجاة أبدا، فما بالك بإنقاذ ليليان و جولييت.
>>>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<<<<
عذرا على التأخير فكما تعلمون لدي روايات أخرى و أنا أحاول أن أناسق بين جميعها..
على أي استمتعوا بالبارت، و لا تنسوا ترك التعليقات، و شكرا.
فكلما كان زاد التفاعل، تقلصت مدة نشر البارت.
بااااااي *^* *&* =_= ¥_¥ O_O X_X
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top