الخامس || حقيقةٌ سرابيّة
في الطائرة ، مُتجهين إلى إسبانيا
تجلسُ بهدوء بينما تقرأُ أخر صفحات من كتآب رواية :
(عآلم صوفي _ جوستاين غاردر)
كان الجالسُ بجانبها ينظرُ لها محاولاً كبح ما يريدُ قوله ، بينما نظراته تفضحُ عن هذا ..
فجأة ، زفرت بهدوء بينما تغلق الكتاب وتضع إصبعها بين الصفحة التي وصلتها والمقابلة لها ، ثم أردفت قائلة : "قل ما عندك ، ولا داعي لجلسةِ التحديق هذه !"
فغرَ الآخرُ فاهه قليلاً بعدم استيعاب ، ليتدارك الأمر ثم يتحدث ببعضٍ من التوتر : "أووه .. أنا فقط ... شعرت بالاستغراب"
، نظرت لهُ بغرابة ؛ لتقول بعدم تصديق : "لم أعتقدك تتوتر بسهولةٍ هكذا سيد شوقا !!"
أشاح وجهه بانزعاجٍ قليلاً ثم أعاد نظرهُ للكتاب الذي بين يديها ليقول وهو يحدق به : " يبدو أنكِ لست ممن يتعلمون مما يقرأون !"
نظرت لهُ بتساؤل ؛ ليكمل : " " الحيوانات تولد حيوانات ... أما الإنسان فلا تلده إنساناً، بل تربيه ليصبح كذلك" هذه المقولة ، ألم تقرأيها في هذه الرواية ؟؟ عآلم صوفي "
، نظرت لهُ فاغرة الفاه ، فقد قرأتها منذ قليل بالفعل !! ، تنهدت ، ثم أردفت : " لكل آدميٍّ تفكيرهُ الخاص به ، ليسَ محتماً عليَّ أن أقتنع رغماً عني وأن أُسيِّرَ حياتي على حسب ما أقرأ طالما أنني فعلاً لم أقتنع ، فلو كان كلُّ البشر يفكِّرون بنفس الشكل -يا عزيزي- لكان عالمنا إمَّا بلا وجودٍ ، أو لكان الآدميون قد ملأوا المريخَ مستنسخين ، إضافة إلى أن وظيفة عقلي الأساسية ، التفكير بطريقته الخاصة "
"لم تُحبين الثرثرة ؟!" ، قالَ لتقهقه بخفة وتردف قائلة : "لا عجب في أنني أول فتاة أعملُ معك ، الفتيات كالفتيل ، والأسئلة كالشرارة ، أهذه الإجابةُ تكفيك ؟"
، نظرَ لها من الأسفل إلى الأعلى ، مركزاً على ملابسها المكللة بالسواد ، والتي قد لا تميز ما إذا كانت لذكر هيَ أو لأُنثى ؛ ليقول بسخرية : "وهل تعترفين بإنوثتكِ أصلاً ؟!"
"هل تريد أن يجمعنا نفسُ الجنس ؟!" ، سألت بسخرية محاولة إستفزازه ؛ فهي تعلمُ جيداً أنه يكره أن تجمعهما أشياءَ أخرى ..
"بعد التفكير ملياً .. قد تكونين محقة في بعض الأحيان " ، ردَّ بهدوء
••••••
"سنصل بعد قليل إلى مبنى الإستخبارات المركزية ، إنه بعد شارعين من هنا "
، قالَ جيمين يحادثهم بينما يقود السائق الخاص السيارة
"هل سينضم لنا أحدٌ جديدٌ مجدداً ؟!" ، سأل الآخر بملل ، حدسه ينذره بشيء كهذا ، وهو حقاً يكره هذا الأمر ؛ ليردَّ جيمين : "آآه .. تواصلتُ مع مدير المركز ، وأعتقدُ أنه أخبرني أن هناك فتاة من قسمهم ستنضمُ إلينا لتكونَ مسؤولةً عن تسليم الجثة في حالة حدوث الجريمة ، وتكون حلقة الوصل بيننا وبينهم ، أقصد حولَ تزويدهم بالمعلومات ، ففي حالَ مات أحدٌ ما وبما أنَّ المستهدفين من السياسين ، فهم اولياء بمعرفة مجرى التحقيق "
، تمتم الآخر بحنق : "لِم عليها أن تكون فتاة مجدداً "
، ضحكت هي بسخرية ، ثم قالت : "يبدو أنكَ اكتفيتَ مني "
، ابتسم لها بتكلف ثم أردف قائلاً : "يبدو أنك تدركين ما هيَّتُكِ ، بحق لقد جعلتني أكره جنس حواء أكثر من ذي قبل "
"هل عليَّ أن ألقي بالاً ؟!" ، قالت له بابتسامة ، هدفها الوحيد هو إستثارة أعصابة .. ليقول الآخر الذي بدا متبرماً من مشاحناتهم الدائمة : "ياا أنتما ، تذكراني ببرنامج القط والفأر .. آآه ما كان أسمه-"
، فجأة قالا بصوتٍ واحد بتلهف : "تقصدُ (توم وجيري) !!"
نظر لهما بلا استيعاب ، ليدركوا ثلاثتهم بعد وهلة ما الذي حصل .. فجأة هدأ الإثنان بالخلف ، وانفجر جيمين ضاحكاً : "ااااه ااه يا أميي لا أصدق ، يا يونغي ، منذ متى وأنت تشاهد الكرتون .. ااي ايي معدتي أصبحت تؤلمني "
"إخرس وإلاً أحلتُ عظامك دقيقاً " ، قال الآخر بنبرة تهديد يتخللها الغضب ، ليزفر جيمين ، ثم ينظف حنجرتة ، ويقول بعدها : "أنتما كأقطابِ المغناطيس "
"أقطابُ المغناطيس؟!" ، سألت ڤيرونا بغرابة ، ليردَّ جيمين : "المتشابهان منها يتنافران "
"هه ، تشابهُ مؤخرتي أيها اللعين ، ألم تجد غيره ؟!" ، قالت ، ثم سألت باستنكار ، ليردفَ جيمين بصدمة قائلاً : "وااه ڤيرونا ، لم أعهدكِ سليطة اللسان هكذا !!"
، قهقه شوقا بسخرية ، لتقول هي بلا مبالاة : " أعذرني ، فأنا ممن تحتاج لمعاشرتهم عقوداً حتى تستطيع أن تعهدني !"
"عذراً ، وهل أنتِ ذرة أو ما شابه ؟!" ، سأل شوقا بسخرية ، ليقاطع جيمين المشاجرة التي كانت على وشك الحدوث ، قائلاً بعدما توقفت السيارة في المكان المخصص : "ها قد وصلنا ، إنزلا يا مغفلان "
، وبمعجزة ما ، أصبحَ كلاهما مطيعاً ، نزلا من السيارة ليقفوا أمامَ المبنى ، ثم تقدَّم نحوهم رجلٌ عشريني ، ليقول بينما يصافحهم واحداً تلو الآخر : "آديليو ، المسؤول عن قسم التحقيق الجنائي هنا ، تشرفت بلقائكم "
، نظر لشوقا الذي بدأ بالتعريف عن نفسه ، ليقول : "أنتَ غنيٌّ عن التعريف سيد مين يونغي ، وكذلك الآنسة ڤيرونا ويلسون ، والسيد بارك جيمين ، في الواقع منذ إستلامكم للقضية وأسمائُكم بدأت تنتشر كما تنتشر النار في الهشيم بين المراكز السياسية "
"حسناً إذا .. هذا يوفِّرُ علينا بعض الوقت "
، قال جيمين بابتسامة لطيفة ، وأول فكرة تبادرت إلى عقل ڤيرونا فور أن رأتهُ بهذا الشكل ، وابتسامتهُ تلكَ تحديداً : ' أهوَ مخنث ؟!'
دلفوا إلى داخل المركز ، ليتجهوا نحو إحدى الغرف في الطابق الأخير ، والتي بدت مجهزة بتحصينات أمنية عالية ..
ضغط المدعو بآديليو على أحد الأزرار ، ليُفتح الباب ويدخلوا من خلفه بعدها ..
، قال معرفاً بينما تقف مقابلهم فتاةٌ تبدو في عمرِ ڤيرونا تقريباً
"الآنسة ديانا بريلي ، ستنضمُ لفريقكم أثناء تواجدكم هنا ، لتكون حلقة الوصل بيننا "
، ثم التفت لمن عرَّفها للتو بديانا مخاطباً إياها : "إنك تعرفينهم بالفعل .. أرجو أن تكوني عند حسن ظني ، والآن المعذرة ، هناك بعض الأعمال تنتظرني "
، قال بينما يتجهُ ليخرج ، وفور أن خرج انكبت المدعوَّة بديانا بعناق على ڤيرونا ، بينما تقول و ابتسامتها تكاد تمزقُ وجنتيها : "يااا ڤيرونيكا .. اشتقتُ لكِ"
"هااا ؟!" ، فغرت الأخرى فاهها بعدم استيعاب ، بينما كان الآخران يحدقان بهما بغرابة ..
"هل تعرفان بعضكما ؟!"
، سأل جيمين ليشبع فضولة ، لتردَّ ديانا بحماس :
"بالطبع ، لقد كنا في الثانوية في باريس أفضل صديقتين "
"ص-صديقتين ؟!" ، سألت مجدداً بعدم استيعاب
"عُذراً لكن .. أعتقدُ أنكِ مُخطئة يا آنسة ، اسمي هو ڤيرونا وليس ڤيرونيكا ، إضافةً إلى أنني أتممت دراستي الثانوية في بريطانيا والجامعية في الولايات المتحدة " ، استرسلت بينما ابتعد الأُخرى عنها مصدومةً مما تقوله ، لتردف قائلة : "ياا هل تمزحين الآن .. اااه انتِ لم تكفي عن برودك ومقالبك السخيفة المعتادة ، أنا أحاول الإتصال بك منذ ستِ سنوات !!"
"آآه ، آسفة .. أنا متأكدة ، هذه أول مرةٍ نلتقي بها !"
، ردَّت بهدوئِها المعتاد ، لتبتعد الأُخرى وتعتذر : "اووه يبدو أنني شبهتُ عليك ، أعتذر ، حقاً آسفة "
"لا-لا بأس .. من يدري ، قد نُصبحُ أصدقاءاً في الخمسة أشهر التي سنقضيها معاً "، قالت بابتسامة لطيفة محاولةً التخفيف عن الأخرى ، لتبادلها الإبتسام ،
فجأة رنَّ الهاتف القابع على إحدى زوايا المكتب ، لتتجه ديانا نحوه .. وتردَّ مُعرِّفة :
- " مكتب الاستخبارات المركزية .."
أجابَ الطرف الآخر بصوتٍ أجش :
- "ضعي مُكبرَ الصوت "
، بدت ملامحها المطَّربة لشوقا ، فتقدم نحوها وأمسك الهاتف ،
ثم أجاب ببرود :
- "مَنْ هُناك ؟!"
فجأة انطلقت ضحكةٌ أُنثويةٌ ساخرة من الطرف الآخر لتتجلجل في جدران عقله ، وتعيده لما نسيه أو تناساه ..
الكوابيس التي كانت تراوده ، هل حقيقةٌ هي أم سيوهم نفسه بأنها وهمٌ كالمعتاد ؟!
عاش الجحيم بما فيه الكفاية ، فاعتادَ على حدٍ منه ، هل سيحتمل أن يهوي في هذا الجحيم أُخرى ؟!
، عادَ ليسمع كلماتها بعد ثوانٍ من الصمتِ التي استحضر بها عقله عدَّة سنين قد مضت ..
- "هَل نسيتَ نفسكَ أم نُسيت ؟!"
- "وأين حضرتي في سجل ذكرياتك ؟! ومن أنتِ في ماضيَّ ومستقبلي .. أو لربما الحاضر والأول ما دون الثاني فلستُ أضمنُ وجوده بوجودكِ على أيِّ حال ~!"
•••••••
#انتهى#
•
معلش تحمست بالمقطع الاخير 😹😹💔
•
أي أسئلة / آراء / انتقادات ؟!
•
تنزيلي لهاي القصة مش منتظم 🌝💔 يعني حسب اوقات الفراغ بسبب ال ....... (مدرسةة) 😊💔
•
بتحبوا المرايا ؟! 🤓
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top