٠٥| إعادة إحياء.
٠٥| إعادَة إحيَاء.
‘الفصل الأخير.’
كوريا الجنوبيّة.
كانغون دو؛ محافظة كانغ وون.
أيا حُبًا دفينًا تجَلّى وعاد بعد طُول غِياب،كيف للقلب أن يصمُد، للرّوح أن تُواجه غارَات الهوى، وكيف للانَا أن تصمُد بحضرة من أردَى روحها وكيانها لأسفل السافلين، لمسَة الغوى ضدّ أديمها ما ارتحَلت ورِيح الحجيم ضدّ عُنقها ما نضبت، حاولت المُقاومة وما استطَاعت وهاهي ذي مُنسحبة منصاعة لمَا سطّره وجدَانها اتّجاهه، هو من نحَر المسافة بين جسديهِما وخلق التحامًا من بُعد أرادته هي.
ثقُل الجو من حولهما وغدَت القلوب تجهر بوجيبها وتفجّرت المشاعِر كألعاب ناريّة بعرض السّماء، أرادت لانا الإبتِعاد لكنّه رفض وما أراد عتق جسدها بل قرّبها إليه أكثر، وسّعت جفنيهَا لحظة شعُورها بشفتيه تحطّ خلف أذنها، قبلة يتيمة عتقتها شفتيه زعزعت كيانها، نفسها انقطَع كونها ما توقَعت أمرًا مشابها لهذا وبادرًا مِنه هو بالذّات.
«لانا تنفسي.»
عُتق حديثه خفيض النّبرة و شفتيه ما توقفت عن بث سحرها ضدّ عنقها جاعلاً من وعيها يكاد يغادِرها، خصرها قد احتكر من قبل ذراعه الأخرى جاعلا من جسدها يكاد يَغرق بين ذراعيه، أطلقت نفسًا مرتجفًا محاولَة تمالُك نفسها، زمّت شفتيها كاتِمة أصوات لاترغب في عتقها، تمالكت نفسها ثمّ شدّت قبضتها الضّئيلة على ذراعه قبل أن تتحدّث بإرتباك.
«بيكهيون توقف.»
حركة شفتيه الآثمة قد توقفت عمّا كانت تفتعله بها من عذاب لكنّها شعرت بإبتسامتِه ضدّ أديمِها، ارتعاشها على حساب مُتعته.
«أتوقف! لا أظنّ ذلك.»
أغمضت عينيها بشدّة عندَما أدار جسدها نحوه غير متخلٍ عن ذراعه حول خصرهَا، تزعزعت مشاعرها كحال فتات الثّبات الذّي امتلكته خاصّة قربهُ الذّي كاد يقتلها وأنفاسه الهادئة التّي تُداعب صفحة وجهها، الهواء من حولها ازداد ثقلا على ثِقل، حاولت تمالك أعصابِها ومزيج الأحاسيس الذّي تآكل بدواخِلها وما كان السّبب سوى هذا الرّجل الغريب، عجيب أمره وسحره الذّي كبّلها من رأسها إلى أخمص قدميهَا.
شعرت بأنامله ترفع وجهها نحوه لم يكتفي بذلك بل راح يعبث هنا وهناك مهديا تقاسيم وجهها قبلة كخفّة فراشة وحلاوة كحلاوة السُكّر، العجبُ في الأمر هو ردود أفعالِها اللّطيفة فكلّما حطّت شفتيه في منطقة تنكمش حول نفسِها، أخذت قُبلاتِه تنزل ببطىء من عينيها ثمّ قمّة أنفها إلى خدّيها أخيرا لمُراده والذّي طالمَا أراد وسمه والشّعور به بين شفتيه.
ضمّت شفتيه خاصّتها قبل أن تتحرّك ببطىء وسلاسة، تفاجأت ثمّ شعرت بالذّهول والسّعادة، لم تتوقع يومًا أن يبادر إلى تقبيلها كان أشبه بالحلم صعب التحقق، شيئا فشيئًا تابعت حركة شفتيه مُحرّكة خاصّتها تحت وقع خفيف بينمَا خفقان أيسرها ما عرف للهدوء عنوان إذ راح يُسارع ويسارع من وتيرة ولو كان له جناحين لكان حلّق للعلا.
اِرتفعت يدها اليُسرى ببطىء إلى أن حطّت أين يقبعُ قلبه لتشعر بوتيرته المتسارعة، كانت خفقاته تقرعُ ضدّ صدره بجنون كحال خافقها، لم يشعرا متَى غدت قبلتهما البسيطة لأخرى عميقة للحدّ الذّي جعله يميل برأسه نحوها، مُفجرًا آخر ذرّة صبر امتلكاها فما انهكته اللهفة كفيل بشنّ غارات مُباغتة وخطيرة لكليهما، لم يرأف بها وما قابلته هي سوى بالمثل داعسة على خجلها ففرصة كهذه لن تأتِيها كلّ يوم، كانت لمساتُها ضدّ صدره قاتلة بقدر نعومَتها، مُحرقة ثابته كما فعلت شفتيها الحلوة بشفتيه.
افترق كلّ منهما وما تخلّى أحدهما عن النّظر للآخر، كانت تسترجع نفسهَا الضّائع بهدوء بخجلٍ غلّف ملامحها وتوردًا أزهر وجنتيها أما شفتيها فقد كانت حكاية أخرَى، فصُولها مُرهقة للرّوح لكنّها مُغرية لقارئها تحثّه على المزيد والتّعمق إلى العمق البعيد، حدقتيه الدّاكنة سافرت وتنقلت بين ملامِحها وما أحسّت بالشّبع، فالحسن الجلي أمامه لعب دور كل المُغريات أمامه وما كان عليه سوى الإنصياع إليها كالأعمَى، لم تستطع تحمّل نظراته المُباشرة نحوها أكثر من هذا لذا نظرت بعيدًا حيث لا وجود له بين مرمى بصرِها.
«لانا.»
عضّت شفتها السّفلى لوقع اسمها من بين شفتيه وبصوته المُحبب إلى قلبها لكنّها لم تكن شجاعة كفاية للنّظر ناحيته، ابتسم لخجلها المُطلق لكنّه أحكم أنامله نحو فكّها مُحركا وجهها نحوه، مرّة أخرى تهرب بعينيها بعيدا عنه إلاّ أنّ إصرارَه جعلها تنظرُ مباشرة نحو عينَيه.
«أنا..في الواقع.»
لم تستطع خلق حديثٍ سليم، شفتيها ارتجفت وما استطاعت التّحكم بما شعرت به من فزع خصوصًا نظراتِه العميقة الموجهة نحوهَا جعلت من الحدِيث صعب والثّبَات شِبه مُستحيل.
«عيناكِ حكت مالم تقدِر شفتيك عن عتقِه.»
استمرّ الصّمت وما قدرت على مُخاطبته لكنَّه تحدّث مرّة أخرَى.
«تحبين حارسكِ أوليس.»
طالع توسُع جفنيها بلُطف بينمَا تورد خدّيها قد تجلّى تحت نور الشّمُوع الخافِت، عندمَا زمّت شفتيها مُبعدة نظرها عنه ابتسم بجانبيّة كون الإجابة قد وصلت ثمَّ لم تكن لحظات إلا وكَان جسدُها مُرتفع عن الأرض، عتقت سفتيها شهقة مُتفاجأة لكنّه تجاهل ذلك، تقدّم حيث حوض المياه السّاخنة بينمَا هي بين ذراعيه تطوق عُنقه وتطالعه بحدقتين متوسعتين.
«توقف ما الذّي تخطط له بيكهيون.»
توقف قبل أن ينزل الدرج الصّخري ويَغمر جسديهمَا بالمياه متمتمًا.
«هل تعرفين السّباحة.»
نظرت للمياه ثمّ إليه لتومىء، نزل نحو الحوض لتغمرهما المياه الدافئة ببطىء إلى أن وصل مستواه حيث صدره، ثمّ عتق جسدها إلاّ أن يديه لا تزال تحتكر خصرها رافضا إفلاته.
مضى بعضُ الوقت بينمَا الإثنان قريبان من بعضهما البعض، يشعران بنبضاتهما، أنفاسهما، يطارحَان مشاعرهما بين طيّات صمتهما، كان يجلس عند أحد الأدراج الصخريّة بينما هي تجلس فوق قدميّه بجسد مُطوّق بذراعيه، كانت تحاول كتم خفقاتِها القويّة لكنّه أحبّ وقع نبضاتِها تحت لمساته.
«للآن لم أنل الإجابة التّي أطمح إلى سماعها.»
هوّدت شفتيه بنبر خفيض، ترددت في النّظر نحوه لكنّها فعلت بعدمَا صارعت ذاتها، ابتسمت بخفوة قبل أن تقترب حيث أذنه وتهمس بخجل.
«أنا أحبّك.»
لم تشأ النّظر إليه لذا فضّلت موارات وجهها المُحترق بعنقه، شدد عناقه حولهَا، بسمته الخفيفة غدت أخرى واسعة، لم يبتسم من القلب منذ وقت طويل للغاية، وقت ما استطاع عدّه برقم، كانت له قناعة خاصّة أن ما سلبته منه الحياة لن يعود أبد الدّهر البعيد.
«وأنت أقصد لقد قبّلتني منذ لحظات هل هذا يعني أنّك..»
«أجل أنا أحبّك، لطالما شعرت بشيء نحوك منذ فترة طويلة لكنّي حاولت اقناع ذاتي أنّها مُجرّد أحاسيس عابرة وستُغادر مع مرور الأيّام لكن احزري ماذا.»
أبعد وجهها عن عنقه تنظرُ نحوه بتساؤل، بحدقتيها اللّامعتين وملامحها الحسنة تلك جعلته يُطالعها لبعض من الوقت قبل أن يتنهدّ مقربّا إيّاها نحوه مُسترسلا حديثه.
«أوقعتني بين شباكك بحُسنك هذا، وعينيك الجميلتين، بنبرتكِ الدّافئة التّي ما تهاونت في ضمّ شتاتي المُتناثر، اهتمامك البسيط وروحكِ النّقيّة، لم استطع الكذب عن نفسي أكثر من هذا ثمّ صارحتُ ذاتي أنّك تعنين الكثير لي.»
اغرورقت عينيها بالدّموع لوقع كلماته على مسامعها وخافقها، مزيج من المشاعر قد عانقها من كل زاوية وماعادت تشعر سوى بنبضاتها التّي تكاد تُغادر صدرها.
«في بداية الأمر، ظننت أنّي شخص لا يطاق وغير مرغوب به، شعرت بعدم راحتك معي خلال مرافقتك لي، برودك ووقاحة تعاملك معي جعلاني دومًا حزينة وفضوليّة لسبب تعاملك مع من هم حولك بهذه الطريقة، لكنّي احترمت ذلك وما أردت ازعاجك أكثر ممّا كنت أفعل.»
تحدّثت بينما تلعب بأصابع يده كانت تقول ما شغل بالها طوال الفترة الأخيرة وهو ما قابلها سوى بالإستماع مُركزًا مع حديثها وملامحها البهيّة أمامه.
«كنت كريه الخُلق ببادى الأمر،ولدك لطالما كرهته ورأيته شخصًا آخر بعيدًا عمّا كان يظهره أمامك ومن هم محاطين به، طننت أنّك ستكونين كالغنيّات اللّعينات، مدللات كاللعنة،غبيّات وسطحيّات التّفكير، لكنّكِ نوعًا ما فقتِي توقعاتِييومًا بعد يوم علمت أنّك مُختلفة، تستطيعين القوّل مميّزة بكلّ ما يتعلّق بكِ.»
احمرّ خديها للإطراء الجميل ثمّ سرعان ما رفعت نظراتها نحوه من كان يطالعها مبتسم الثغر لتسأل بفضول.
«لكن ما سبب كرهك لوالدي؟»
«كونه شخص استغلالي ربّما.»
عندما وجد الصّمت والفضول من ناحيتها تنهدّ مرّة أخرى ثمّ قرر اخبارها بشره الصغير الذّي ما علم به بشري.
«حسنا كنت يتيم الأبوين ولا أدري من هم أهلي كبرتُ بين أقراني في ميتم ببوتشون ثمّ تقدّم رجل بعرض تبنٍ لي، أنذاك سعدتُ مثلي مثل كلّ يتيم يُتبنى لكنّي ما علمتُ أنّها ستكون أولى أيامي بين جنبات الجحيم.»
صمت لبعض الوقت يستجمع شتات نفسه، ماضيه ما تطرق له منذ دهر وها هو الآن ينبش بين صفحات كتابٍ بالٍ.
«وقتها كنت بسن الثامنة، أخذني ذاك الرّجل إلى سيول حيث كبرت وتربيت تحت يديه وهو من أعطاني مؤوى أعيش به، طعامًا أتقوّت منه، فراشًا أنام عليه، واسم عائلة يزيّن إسمي الاوّل، تلقيت تعلمي بشكل عادي وأمضيتُ أيّامي برتابة معه، كونه غير متزوج كان منزلنا يليق بنا انا وهو فقط، تغيّرت حياتي بشكل جذري لحظة التحاقي بمدرسة عسكريّة خاصّة، بإلحاح منه وبما أني كنت فتى ساذج ذو مشاعر خرقاء تخليتُ عن احلامي على حساب أحلامه، تلقيت تكوينا صارمًا وقهريًا حطمني وأعاد تشكيلي مرّة أخرى كنسخة فارغة عن الأحاسيس، لا هدف منها سوى الاندماج في الخراب الذّي أرادوه، بالثامنة عشر تخرّجت وبالتاسعة عشر انضممت للقوات الخاصّة وبسن العشرين أديت أول مهمّة وكلت إلي وقتلت يداي روح بريئة، تعرضت لصدمة إثر ذلك دامت لنصف عام ثمّ عدت مرة أخرى كنسخة أسوء من سابقتها ظللت أقوم بمهمات سريّة وقائمة ضحاياي تزداد بينما احساسي بالحياة بداخلي بدأ يتلاشى إلى أن انعدم بشكل تام.»
لحظة صمت، تنهدّ عميق ثمّ استرسال في الحديث.
«بعد كسبي لموقعي بالجماعة التّي أنتمي إليها وبعد أن وصل اسمي كالعميل٠٤ إلى العديد من الشخصيات المهمّة، أتى اليوم الذّي التقيت به والدكِ، علمت من خلاله أنّي كنت ورقته الرّابحة التّي واضب على تطويرها وذلك من خلال الرجل الذّي تبناني كوالدِي، علمت أنّها مؤامرة وأنّي ضحيّة اتفاقيّة حقيرة بينهما، أعميت أبصاري وأظلمت الدّنيا بين ناظراي أكثر، تواصلت مع والدي استدرجته حيث التقينا أول مرّة بذات الميتم، وبذات الغرفة التّي رآني بها ازهقت روحه وكنت قابضها، ثأرت وما اشفي غليلي، مع مرور الوقت وبعد واقعة موته والدك تورى عن الأنظار لفترة طويلة إلى أن أتى اليوم الذي طلبني وعُيّنت حارسك الشّخصي.»
لم تنبس لانا بكلمة إلاّ أنّها طوّقت جزءه العلوي بقوّة مواسية إيّاه فما مرّبه ليس بالهين إطلاقًا وما أصبح عليه كان نتاج عذاب دنيويّ خاضه.
«أنا آسفة بيكهيون.»
قالت وكم آلمته نبرتها الباكية والحزينة، ضمّها إلى صدره يحاول اسكات بكوتها.
«توقفي عن البكاء الآن.»
«هذا كثير عليك كي تتحمّله وحدك وهذه السّن المبكرة.»
قلب جفنيه قبل أن يسخر.
«ليس كما لو أنّي بسنّ طفل في الثّامنة الآن، أنّي في التّاسعة والعشرون وسأتمم الثّلاثون قريبًا.»
زمّت شفتيها قبل أن تتحدّث متجاهلة سخريته.
«لست ألومك على كره والدي، بسببه حدث الكثير تأذى الكثير وخسرنا الكثير.»
قالت بنبر مضنك ومُثقل بالأحزان التّي عملت على اخفاءها طوال هذه المدّة، مسح فوق خصلاتها هامسًا.
«لابد أنّه كان السبب في وفاة شقيقك الأكبر أوليس.»
تنهدّت تنظر نحوه بُحزن لتومىء،ابتسم بجانبيّة بعد مدّة صامتة ثمّ قال.
«اقتربي سأجعل الحزن يفارق محايكِ.»
اقتربت ببراءة إلاّ أنّها ما ألفت سوى شفتيه تأخذ خاصّتها في قبلة عميقة حلوَة آخذة للنّفس والوِجدان.
_______
بعد مرور أسبوع:
كانت لانا جالسة أمام المدفأة بينما كتاب مذكرات يقبع بين يديها وقلم جاف بيدها اليمنى، كانت تكتب بين الصّفحات تملؤها بما أثقل روحها وكيانها، إلهامها قد نزل كغيث وفير، تُريد اطلاق العنان لجوارحها، مشاعرها وتعبّر عن تفجّر أحاسيسها على شاكلة ملاحم جبّارة، ومعارك قهّارة، قهّارة لها وهاهي ذي تُعبّر عنها علّ ثقل روحها يُغادر ويصبو لما كانت تناله.
بين ثنايا صمتها وتركيزهَا شاركها بيكهيون المكان بعدما عاد من الخارج، نظرت إليه وماقبلها سوى جمود تعابيره وبلل خصلاته الرماديّة، كانت تطالعه عن كثب كيف ولج المطبخ دون أن ينظر نحوها أو يلقي تحيّة قصيرة.
ما الخطب؟
تساءلت ثمّ قامت عن محلّ اعتكافها ومضت للمطبخ تسأل حاله الغريب، دلفت الحجرة وماقبلها سوى ظهره بينما معطفه فقد كان يستريح فوق أحد الكراسي، تقدمت ببطىء نحوه حتّى وضعت كفّها فوق كتفه سائلة:
«بيكهيون هل أنت على مايرام؟»
«أجل.»
نبرته غريبة، وهذا ما زادها قلقًا فوق قلق عاندت ثمّ أدارته نحوها لتتفاجىء لشحوب وجهه زُرقة شفتيه، تجمعت دموعها لتنفلت بغزارة، كوّبت خدّيه بكفيّها هاتفة بقلق.
«بيكهيون ماخطبك أرجوك.»
تعكرت ملامحه بألم ثمّ نظر حيث بطنه لترفع كنزته الصّوفية وترى مشهدًا لم تستطع تحمّله لتطلق نفسًا مُرتجفا وتهتف بخوف.
«إلهي رحمتك من أصابك؟ بيكهيون هذا أثر رصاصة هنا.»
«لانا أريدك أن تهدئي ونُغادر إلى مكان أكثر أمنا الآن، هم في طريقهم إلى هنا بسرعة.»
«ما الذّي تقصده أنت ستموت بهذا المُعدّل لنسعفك أوّلا.»
ضغط على أسنانه بغضب ثمّ صرّح رافعا نبرته درجتين.
«هل أنت مغفلة؟ تريدين الموت؟ قلت سنغادر الآن وأعلم إلى أين سنذهب هناك سأعالج والآن بسرعة.»
كانت تبكي بصمت بينما تجمعُ أغراضها، حملت معطفها المعلق بالقرب من الباب ثمّ كادت تلحق به قبل أن تتذكر مذكرتها، شهقت لتعود الى الدّاخل وتأخذه من محلّه، عادت للخارج لتجده ينتظره وبمسدّس بيده هذه المرّة.
نظر إليها مناولا إيّاها المسدس بينما هو فقد أخذ البندقيّة التّي سبق وأحضرها سابقًا، أصّرت على القيادة كونه مصاب وما كانت له الطّاقة الكافية للرّفض، أعلمها بأن تقود نحو العاصمة سيول مرّة أخرى، فعلت كما أعلمها لتقود بسرعة مغادرة المنطقة خلال مغادرتهما للمحميّة اللذان كانا بها لاحظت لانا ثلاثة أجساد ملقيّة على مسافات متباعدة ومتتالية.
«هل هذا من صنع يداك؟»
لعن تحت أنفاسه قبل أن يومىء ممتنعا عن الحديث، ظلّت تُقود وتراقبه بين الحين والآخر، نزيفه قد ازداد سوءًا وهذا زادها توترًا خلال طريقها أمرها أن توقف السيّارة يمينًا، استغربت لكنّها فعلت، نظرت نحوه لتجده سبق وأن كان يطالعها.
«هناك حقيبة سوداء في صندوق السيّارة ستجدين بها صندوق لعدّة طبيّة أحضريها.»
لم تتردد في احضارها وقامت بذلك بسرعة، عادت للسيّارة ثمّ سألته ماذا بعد.
«سيكون غريبًا بعض الشيء بالنسبة إليك لكن لابأس الغاية تبرر الوسيلة، اريد منك أن تستخرجي العُدّة الطبيّةو الخياطة وتقومي بتعيقهما بالكحول هناك زجاجة ستجدينها مع الأغراض عقمي يديك ويداي وستساعدينني في انتزاع الرّصاصة من محلّها.»
«ولكن..لكن أنا.»
«أمامنا نصف ساعة كي نقوم بذلك هيّا.»
ترددت لكنّها فعلت ما أخبرها به ببكاء كانت اطول دقائق حياتها بينما تكالعه كيف كان يستخرج الرصاصة من محلها قبل ان يفقد ما تبقى من وعيه، ساعدته في خياطة جرحه وقد كانت ستفقد وعيها وتستفرغ ما كان بمعدتها من موقف مخيف مرّت به لكنّها نجحت، بعد أن فرغت من عملها وأعادت له كنزته، تمالكت نفسها ماسحة دموعهَا لتباشر القيادة مرّة أخرى.
أخذا ساعتين أخريتن في الطريق إلى أن وصلا سيول، بعد ارشاداته لمحل بقاؤهما وصلت لتجد نفسها أمام مبنى غريب وعملاق، نظرت نحوه لتجده على وشك فقدات وعيه، حاولت منعه واعلمته انهما وصلا وجهتهما، اخرج هاتفًا من جيب سترته الثخينة ثمّ ضغط على الشاشة بعض الشيء واخر شيء قاله هو أنّهما سيكونان على ما يرام.
توضح أنّه عاد الى المدينة فقط كي يتلقى تغطية من طرف الجماعة التّي ينتمي إليها ساعدوها وقاموا بتوفير الرّاحة المُناسبة له، قدموا له العناية الطّبية الصحيحة لجرحه وحالته بينما هي فقد كانت تحت تأثير الصّدمة وقد فقدت وعيها بعدما فعل هو بخمس دقائق لينقل كلّ منهما لتلقي العناية المناسبة.
مرّ يومين على فقدان بيكهيون الوعي خلال تلك المدّة حدث الكثير، لم تفارق لانا جانبه وقد تعرّفت على مجموعة من الشّباب كانوا أصدقاءه قبل أن يصبر حارسها الشّخصيّ، قضيّة والدها ومنافسه قد ذاع صيتها بالبلاد واضطرّ الرّئيس إلى التدخل ووُضع كلّ شخص عند حدّه، خلال اليوم الثّالث عاد بيكهيون إلى وعيه وتمكنت لانا من استعادت سعادتها مرّة أخرى، مرت بالكثير بحياتها خاصّة الفترة الأخيرة لكنّه بوجوده أشعرها بالأمان، الأمل، والكثير من الحُب والمشاعر ما رحمت خافقها عن الخفقان.
كانت تجلس بجانبه فوق السّرير الطبي بينما تشدّ على يده وعينيها تُعانق خاصّته بحُب وسعادة، اقتربت منه بعدما أشار لها بإصبعيه ثمّ قبّل شفتيها كما لم يقبلّها من قبل بعُمق وحُب وسلاسة مُحلقا بها للسحابة التاسعة، بعد مدّة مرّت كالدّهر ابتعدا مُحدقًا بعُمق حدقتيها لتبنسم له وتُهذّب خصلاتِه الرماديّة المائمة فوق جبينه.
«أنا سعيدة كونك بخير لوهلة ظننت أنّنا انتهينا وأنّه ماعاد لقصّتنا وجود.»
قهقهة عميقة غادرت صدره قبل أن يشير لها أن تستلقي إلى جانبه لتفعل، طوّق جسدها بين ذراعيه حريصًا ألاّ يلامس جسدها جُرحه ثمّ قدّم لصدغها قبلة ناعمة قبل أن يجيبها عميق النّبرة.
«قصّتنا يا عزيزتي ما كان لنهايتها برهان، الآن بدءنا ولن ننتهي إلى أن يؤون الأوان.»
بالفعل قصّتهما بدأت ولن تنتهي إلى أن يكون لها أوان، تلاقت القلوب، والتأمت النّدوب، وابتسمت القلوب، لروحين وجدا السّعادة والهناء
بعد حكم خاطىء منها
وكره غير مبرر منه.
كان يظّن نفسه جسدًا بلا روح.
لكنّها ظنّته روح بأجنحة بيضاء.
<النّهايَة.>
____
WHITE WINGS |أجنحَة بيضاء.
تمّت كتَابتها كاملة يوم:20.12.27
آرائكم حول القصّة، الشّخصيات،الحبكة وكل شيء لكم الخط في التعبير هنا، اتمنى من كل قلبي تكون الهدية أعحبت صاحبتها ولو بالقليل.
وكرد للجميل لمتابعة لطيفة ورائعة قدّمت الكثير من الحب لأعمالي وخصوصًا هذه القصّة Weirdomoon
اطلبي أي شيء ترغبين به شريطة أن يكون بمقدوري تلبيته وسألبيه لكِ.❤
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top