٠٢| مَلاك حَارِس.

٠٢|مَلاك حارِس.

كوريا الجنوبيّة.
سيول.

صبَاحًا حيثُ تُنعش أولى ساعَات النّهار وتُبلج أشعّة الشّمس بعد ساعات مُظلمة طِوال، أمل جديد وخُطط جديدة تقف على سِكّة الإنتِظَار، قررَت لانا تناوُل فطورهَا بمُفردِها بعد والديها كونها لا تمتَلك الرّغبَة في مقابلتهِما أو التّعَامل معهمَا، اِنتظرت تلك الفترة وقامت بروتينها الصّباحي ببطىء ثمّ ارتدَت فستانًا أسودًا فوق الرُكبة بخاصرة محددة وعنقٍ طويلة من خامة الدونتيل، صففت خُصلاتها السّودَاء تاركة إياه مفرودًا على كتفيها حملت مِعطفها، هاتفها وحقيبَتها ثمّ توجهت نحو البَاب حال فتحها له تفاجأت لوقوف حارِسها الجديد بملامِح فارغَة.

ابتسمت بتوتر لغرابَة الموقف ثمّ حيّته بصوتٍ خافت كاد لا يُسمع.

«صباح الخير، هل اِنتظرت هنا طويلاً؟»

حبست أنفاسَها ظنًا منها أنّه سيتجاهلهَا مثل أمس لكنّه نفى بخِفّة وما صدّقت حينما نبس بـ:«لا!» يتيمة كان هذا غير مُتوقع بالنّسبَة لها.

بعد نزولها للأسفل أخذَت مجلسًا لها على أحد الكراسِي بعدما وضعت معطفها على ظهر كرسيها، كانت ستشرعُ في تناول إفطارهَا لكنّها تراجعت ونظرت حيث كان يقف رمادي الخصلات خلفها تمامًا ، طالعته بصمت ليفعل المِثل وقد بدت له أنّها في معركة بينها وبين نفسها لكنّها في نهاية المطاف تحدّثت.

«هل تناولت فطورك؟»

«لا.»

«إذا اجلس ولنتناوله معًا.»

لم يتوقع إجابة كهذه لذا لم يُحرّك ساكنًا واكتفى بصرف نظراته الفارغة نحوها كما لو كان أصم لا يستطيع سماع ما يُطلق من بين الشّفاه، عكّرت ما بين حاجبيها بلطف قبل أن تُبعد الكرسي الذي بجانبها وتشير له أن يجلِس، بعد مدّة فعل ما كانت تريده بينمَا لانا تجاهلت تعابيره الغير راضية والمرتاحة معلمة الخادمة بضرورة جلب ما يحتاجه من أعواد طعام وملعقة وما إلى ذلك.

كانت قاعة الطّعام صامتة بشكل مُثقل وما يسمع هناك سوى صوت ملعقة لانا وهي تُعانق صحن الحساء، حارسها في الجهة الأخرى ما مَسّ نتفة من الطعام المصفوف قبالته ظلّ فقط يطالعه بصمت وبرود، لم تُعجب لانا بما تراه عيناها لذا وضعت ملعقتها وحادثته بشيء من الفضول.

«لما لا تأكل ألا تحبّ ما قُدّم لك؟»

طالعها بطرف عينه وذلك جعلها تحبس أنفاسها لجزء من الثّانية لحدّة نظرته، تنهدّت عندما تجاهلهَا لكنّها سألته مرّة أخرى دون أن تحيد نظراتها عن كفّها الموضوعة على سطح الطاولَة.

«ما اسمك ؟ أنا حقا أريد معرفته ليس من اللبِق منادتك بالعميل ٠٤ هذا فقط لا يجوز.»

لم يجب وما قدّم لها ما كانت تطمح إليه إلاّ أنّها لاحظت قبضته التّي اِشتدّت تحت الطّاولة لذا تنهدّت للمرة الثانية كونها على علم تام أنّه لن يقول لها ما اسمه حتّى وإن ماتت أمام ناظريه، اِستقامت تأخذ معطفها وترتديه ثمّ حملت أغراضَها مغادرة قاعة الطّعام وهو خلفهَا، حال خروجهما من المنزل الفاره قابلتهمَا سيّارة مرسيدس سوداء تنتظِر أمام المدخل وقد رجّحت أنّها السّيارة التّي ستقلها منذ الآن فصاعِدًا.

نظرت إلى الحُرّاس الذّين سبق وأخذوا أماكنهم بداية من مدخل المنزل إلى غاية السيّارة التّي تنتظِرها، أخذت نفسًا عميقا قبل أن تحاول عبور الدّرج لكنّها ترددت قليلا كونها ترتدي حذاء ذو كعبٍ عالٍ خشت التعرقل والسّقوط، اِلتقط حارسها ترددها لذا تقدّم قيد خطوة إلى أن صار يفوقها إنش إلى الأمام ثُمّ قدّم لها ذراعهكي تستخدمها كنوع من السند، لم تتوقع فعلة كهذه منه خصوصًا بعدمَا أخذت عنه نظرة غير حميدة نوعًا ما لتصرّفاته الوقحة والباردة معها لكنّها قبلت مساعدته ونزلت الدّرج بمُساعدة من حارسها الصّامت.

لحظة وصولهما إلى السيّارة كانت على وشك الولوج إلى الدّاخل لكنّه يُبهرها مرّة أخرى حينما لاحظت كفه التّي وُضعت عند حافة الباب كي لا تُؤذي رأسها بالخطأ عند ركوبِها، أفعال بسيطة لكنّها غير متوقعة من شخص مثله، عدّلت من محل جلوسها ثمّ نظرت خارج النافذة لحظة تحرّك السيّارة.

كان الصّمت يغلف المكان السائق وحارسها صامتان وهي ما كانت تختلف حالا عنهما، كانت تَنظر خارج النافذة تُبحر بين أفكارها وهواجسِها الخاصّة غير منتبهة لتلك النظرات التّي تطالعها منذ الحين والآخر من خلال المرآة الأماميّة، حال وصلهما إلى وجهتهمَا 'مقهى الخريف.' حيث لديها موعد مع صديقين أحدهما مالك لدار نشرٍ عرض عليها أن يُساعدها في نشر كتابها الذّي عملت عليه الأشهر الاخيرة.

غادرت السيّارة لتتجه نحو المقهى بمرافقة حارسها الذّي ما خمن في التّخلي عن جمود تعابيره لكنها لم تتدخل إطلاقًا، لحظة دخولها إلى المقهى بعدمَا فتح لها رمادي الخصلات الباب وشكرته بهدوء ثمّ بحثت عن الشخصين المَطلوبين وهاهما يجلسان عند إحدى الطاولات المتواجدة بزَاوية من زوايَاه، اِبتسمت بخفّة قبل أن تتقدّم حيثهما، الأوّل شاب في أواخر عشريناته بنيّ الخصلات وأطول القامة ذو ملامِح حادّة ورجولية وعينين واسعتين وما يميّزه هو شكل أذنيه الفريد من نوعه اسمه بارك تشانيول وهو مدير دار نشر ذات صيت ذائع بالبلاد.

الثّانية كانت شابّة مُتوسطة القامة ذات خصلات سوداء قصيرة ومموجة ملامِحها لطيفة لكنّها حسناء في ذات الوقت هي صديقتها المُقربّة مذ أيّام الطفولة  وخطيبة بارك تدعى سورَا، جلَست بعدمَا حيّتهما بينما حارسها ظلّ واقفًا خلفها يراقب المكان بعينين متفحصتين وثاقبتين، تجاهل الثّنائي وجوده ثمّ قرر تشانيول فتح الموضوع الذّي أراد محاورتها به.

«أولاً حمدا لله على سلامتك سمعنا بما حدث الشهر الماضي.»

ابتسمت لانا بهدوء ثمّ انتظرت ما سيقوله فيما بعد.

«تحدّثت وسورا منذ يومين وقد عرضت عليها أن تكون بيننا شراكة بما أنّك تريدين نشر كتابك الجديد وما قبِلت دار نشر أخرى التعامل معك بعد حادثة الهجوم المسلّح.»

شعرت لانا بالضيّق وذاك ما خفي عن نظرات حارسها الذّي قدّم نظرة حادّة نحو تشانيول في المقابل، تجاهله مرّة أخرى ثمّ تحدّث محاولاً عدم النّظر أين يقف مرعب الملامح.

«مارأيك بالأمر آنسة لانا.»

صمتت لبضع ثوانٍ في المقابل أخذت سورا كفّها بين يديها ثمّ تحدّثت محاولة اِقناعها.

«لطالما كنت متحمسة لنشر هذا الكتاب لذا لا تقومي بتضييع هذه الفرصة.»

صمتت تطالع ملامح صديقتها الصّامتة وكيقف زم شفتيها لكنّها حاولت مرّة أخرى.

«لا تقلقي سيكون كل شيء على ما يرام.»

تنهدّت لانا قبل أن تبتسم نحوهما بلطف تومىء.

«حسنًا موافقة لكن اتمنى ألاّ يحدث ما حدث سابقًا لا أريد أن أكون سببا في موت أحد مرّة أخرى.»

هذا ما نبست به قبل أن تلقي نظرة نحو حارسها لتجده ينظر إليها مباشرة، أشعرتها نظرته بالتّوتر وكادت تفقد رباطة جأشها إن هي ما أبعدت نظراته عنه، عادت لتتحدّث وتتفاهم مع بارك من أجل إجراءات أخرى حتّى مضت ساعة دون أن يشعروا.

اِعتذرت لانا لصديقتها وبارك قبل أن تُغادِر المقهى رفقة حارسها، لاحظ ترددها إذ ظلّت تطالعه بين الحين والآخر لذا سألها دون تردد.

«ماذا هناك؟»

قبضت على جلد حقيبتها وتجيبه بصوتٍ خفيض كاد لا يبلغ مسامعه.

«هناك مكان آخر أوّد الذهاب إليه لكن وحدِي.»

أشارت نحو السّائق والسيّارة الأخرى التّي رافقتهما إلى هنا، فَهم مقصدها لذا طالتعه كيف تحرّك حيث يقف السائق وتحدّث معه تردد السائق في الذّهاب لكنّه فعل ذلك في نهاية الأمر وغادرت السيّارة تاركة إياها وحدها رفقة حارسها الغريب.

بعد أن أخذت مكانًا لها في المقعد الأمامي وجلس هو في مقعد السّائق سألها عن المكان الذّي تريد الذهاب إليه، ترددت لكنّها أعلمته أين تريد الذهاب، كانت الطّريق حيث وجهتها صامتة كالعادة لكن لانا اقتطعت الجوّ المثقل بسؤالها الذّي ما توقفت عن بثه إلى مسامعه للمرّة التّي تحتسب.'ما اسمك؟'

تنهدّ قبل أن يتجاهلها لكنّها نبس من بين شفتيه مكرها اِسمه والذّي ماحبذّ اعلامه بها من المقام الأوّل.

«بيكهيون.»

ابتسمت بوسع وقد التقطت حدقتيه تعابيرها التّي أبلجت بشكل مفاجىء لكنّه لم يعطي اهتماما لذلك بنظره كان تصرّفا طفوليا لا يليق بسنّها.

«ها أنت ذا تمتلك اسمًا جميلا لما كنت تصرّ على الآخر منذ الآن فصاعدًا سأناديك بيكهيون.»

«إيّاكِ.»

تفاجأت لنبره المرتفع والخشن، ملامحه ماكانت أحسن من نبرته إذ رأت حدّة نظراته وظُلمتها، ظلّت صامتة تطالع تقّلبه المُفاجىء قبل أن تضع إحدى كفيها فوق صدرها محاولة تخفيف الرّعب الذّي عاشته قبل قليل، تساءلت لما تصرّفاته غريبة وردوده مرعبَة في نهاية المطاف كان مجرّد اِسم لما هذا الإنفعال.

هو في المقابل ما تحدّث بل تفادى النّظر إليها لوهلة كاد يفقد أعصابه لكنّه شعر بِبعض النّدم كونها بريئة وما أرادت إلاّ الخلق حديث عادي معه لكنّه لا يرغب في ذلك، يكفي أنّه يعمل تحت يد شخصٍ يتمنّى موته تحت يده، تنهدّ مطوّلا قبل أن يركز نظره نحو الطّريق قُبالته وينبس بنبر خفيض يكاد لا يُسمع.

«أعتذر.»

كلمة يتيمة ما صرفتها شفتيه قبل أن يتجاهلهَا بالكامل محاولاً ألاّ يبدو في موقف غبيّ لكنّه شعر بنظراتها الموجهة نحوه مؤكد تفاجأت وما توقعت مبادرته في الإعتذار حتّى هو ماكان شخص معتادًا على هذا لكنّه شعر أنّه عليه ذلك على الأقل هذه المرّة فقط، لم تقل شيئا لكنّها زَمّت شفتيها تمنع نفسها من الإبتسام وتعريض نفسها للإحراج ربّما هو ليس بتلك الوقاحة وهذا ما خمنت به بعدما أعادت نظراتها إلى النافذة تطالع الطّريق بهدوء.

حال وصولهمَا وجهتهما لم يسأل بيكهيون لما جاءت إلى المقابر إنّما لحق بها كظلها كالعادة، مشيا إلى وصلا أمام هضبة كبيرة مُعلّمَة بصفيحة من الرّخام الأسود منقوش على سطحه 'مين جينهو' بالذّهبي، ظلّ واقفًا خلفها بعدمَا ابتعد قيد خطوتين يعطيها مساحتها الشّخصية، ابتسمت بحزن قبل أن تحدّث من قامت بزيارته.

«أخي كيف حالك؟ أتمنى أن تكون بخير بعيدًا عن كل هذه الفوضَى، صحيح لم أقم بزيارتك منذ مدّة لكن ما باليد حيلة ربّما كنت على شفى اللّحاق بِك.»

صمتت تأخذ نفسًا عميقًا قبل أن تتمّ حديثها.

«كان لابد لكَ أن تستمع إلى حديثي تلك اللّيلة لكنّك جينهو المُصر على رأيه، أتمنى أن ترقد بسلام ولا تقلق علي أعتقد..أعتقد أنّي في أمان الآن على الأقل حتّى هذه اللّحظة.»

صمتت تطالع بيكهيون الذّي كان يعاين المكان بنظراته الهادئة والمترقبة لتبعد أنظارها عنه قبل أن يلاحظها ثمّ أعادت نظرها حيث قبر شقيقها مطلقة الحديث من شفتيها.

«سأغادر الآن لكن سأعود لزيارتك مرّة أخرى إلى اللّقاء.»

اِستدارت حيث يقف بيكهيون لتشير له أنّه حان وقت المُغادرة، كانت تمشي بينما هو يسبقها خطوة للأمام بينما ينزلان السّلالم بمساعدة خفيفة منه إلى أن وصلا حيث يمكنها الإعتماد على نفسهَا في المشي، شقا طريقهما نحو موقف السيّارات حيث كانت تمشي تطالع الأرض بنظرات فارغة إلى أن اصطدمت بظهر حارِسها، نظرت إليه لتجده ينظر في الأرجاء بنظرات فارغة لكنّها مُترقبة لتتوتر ومازادها توترًا هو قبضته التّي شدّت الوثاق على معصمها.

«ما الذّي يحدث؟»

لم يجب أنّما دفعها لتصبح أمامه وبين ذراعيه بينمَا أخرج مسدّسه بيده الحُرّة تفاجأت لسرعة حركته ولصوت الطّلقة التّي غادرت سلاحه، لم تستطع إطلاق كلمة يتيمة إنّما أغلقت جفتيها بشدّة مشددة قبضتها حول ملابسه.

«تحرّكي نحو السيّارة بسرعة.»

فعلت مثلما طلب منها بالفعل لتجري بخطوات مرتجفة نحو السيّارة كل ما كان يسمع في تلك اللّحظات هو صوت إطلاق النّار بين بيكهيون ومن قام بمهاجمتهما، لحق بها بسرعة بعدما أخذ كلّ منهما مكانه، نظرت إليه كيف نظر إليها محذّرا قبل أن يباشر القيادة.

«تمسكي جيّدا.»

لم تكد لانا تفعل ما طلبه منها حتّى شعرت بالدنيا من حولها تدور وذلك بسبب الإستدارة الحادّة التّي قام بها بيكهيون، كانت على وشك فقدان وعيها من الخوف والقيادة المتهورة التّي يقودها حارسها لكنّه كان ذو رأي آخر إذ ما ظهرت عليه معالم القلق أو التّوتر ما كان يبدو عليه أنّه معتاد على مواقف مشابهة إلى هذه، مالم تعلمه لانا أنًه خاض ما هو أسوء من محاولة اغتيال بسيطة مثل هذه.

كانت السيّارة تتحرّك بسرعة خيالية ومرعبة بالنّسبة إلى لانا تتفادى السيّارات التّي تأتي بطريقها بتهوّر، ما زادها خوفًا هو معرفتها أنهما مرقبان وسيارتان أخريتان تلحق بهما.

«بيكهيون هناك سيّارة تلحق بنا.»

نبست بعدما نظرت إلى الخلف لكنّه ابتسم بحانبيّة قبل أن يقول دون أن يفقد تركيزه في السيّاقة.

« في الواقع هما سيّارتان ليست واحدة.»

«سنموت صدّقني نحن سنموت.»

قلب جفنيه لردّة فعلها لكنّه طالعها قبل أن يأمرها بحدّة.

«اخفضي رأسك واغلقي عينيكِ وشيئا آخر إن كنت تريدين العيش وعدم الموت اغلقي فمكِ.»

وهذا ما قامت به الشابّة تأمل أن يخرجا من هذه الورطة دون أن تلحق بشقيقها إلى المقبرة.

_________

الفصل الثّاني تم✅.

الأكشن لسا يكتمل في الفصل الثاني.

آراءكم حيال الفصل؟

بيكهيون؟

لانا؟

وش بيصير بعدين؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top