الفصل الحادي والعشرون
كان هنالك شيء مختلف هذه المرة، وكان جين يعلم ما هو.
احتاج بضعة لحظات ليعرف ذلك، لكن كل شيء صار منطقيًا بعدها.
كان حلمًا.
كان يعرف أنه حلم.
ومع ذلك قرر أن يبقى.
***
«إنه لا يستيقظ» قال يونغي منزعجًا «دواء هراء، لقد مرت اثنا عشر ساعة، يوجد خطب ما.»
«لكن هذا هو الأمر» قال الطبيب متجاهلًا انزعاج يونغي، لأنه يتعامل مع مثله بشكل يومي «كل مؤشراته الحيوية تبدو سليمة، إنه بحالة صحية جيدة، لكنه... نائم»
«لكنه استيقظ» قال جونغكوك بعينين يائستين متسعتين «لقد رأيته، لقد تحدثت معه- اسأل تاي! لقد كان موجودًا!»
عبس تاي «ربما كنا نحن من نحلم جونغكوك»
هز جونغكوك رأسه وقد بدأت عيناه تدمعان «لا! لقد تحدثنا مع هيونغ! أنا أتذكر ذلك!»
كانت الحقيقة أن تاي يتذكر ذلك أيضًا، لكنه كان خائفًا من الاعتراف، لأن الاعتراف يعني أن جين قد اختار حالة اللاوعي هذه على أن يعيش معهم، مستيقظًا بالعالم الحقيقي.
«لقد حاولنا أن نعيده» قال تاي بصوت هادئ «ما الذي نستطيع فعله أكثر إن لم يرد العودة؟»
فتح الطبيب فمه لكنه أغلقه «لا تبالوا»
ضيّق نامجون عينيه «قل ما كنت ستقول»
قطّب الطبيب حاجبيه قبل أن يتحدث «لم تكن نتائج الاختبارات حاسمة، لكن هناك طريقة أخيرة يمكننا تجربتها»
- سنجربها.
- لكن لم تتم الموافقة عليها بعد، ولم-
«ما الذي علينا فعله؟» سأل نامجون مكتفًا ذراعيه.
تنهد الطبيب حيث أن توقع هذا الرد «إنه نوع جديد من علاج الأحلام، سنوصلكم جميعًا وجين بآلات، وبعدها سنماثل الترددات الموجية لأنماط نومكم لتحفيز حالة أحلام مشابهة. وبعدها... في الحالة الأفضل... ستتمكنون من...» تردد قليلًا «لا أعلم كيف أصف الأمر بالضبط، ستكونون بالحلم ذاته، إن كان هذا منطقيًا»
«تعني أننا سنتمكن من الدخول لأحلام جين؟» سأله نامجون.
زفر الطبيب ببطء «في الحالة المثالية. لم أقل أن هذا مضمون، لكن أجل هذا هو الهدف، أن تقنعوا جين للعودة لمستوى الوعي. لكن كما قلت، لم تعد الدراسات والاختبارات بنتائج ناجحة، وتوجد مخاطر تجاهكم وتجاه المريض»
«ما هي هذه المخاطر؟» سأل نامجون مجددًا.
نظر الطبيب للأسفل قبل أن تقابل عيناه عينا نامجون بتردد ليس بالندم «توجد فرصة بألا ينجح العلاج ويبقى جين في حالة الغيبوبة، لكن يوجد خطرُ مشاركتكم له هذه الغيبوبة»
- ماذا؟
- عندما تكونون بذلك العالم... قد تنسون أنه ليس إلا حلمًا، قد تصدقون أن ذلك المكان -أيًا كان كيف يظهر بعقل جين- هو الحقيقة، وقد تحجزون في غيبوبة أنتم أيضًا.
«رائع، أعلينا أن نوقع على شيء ما؟» سأل يونغي فاحصًا يدي الطبيب بعينيه باحثًا عن ورقة بخطٍ منقط «أم علينا أن نوافق فحسب ونبدأ؟ صِلنا بالأجهزة»
***
نظر الطبيب للأسفل.
الأعضاء السبعة مع جين فاقد الوعي، كلهم موصولون بأجهزتهم.
«إن أراد أيٌ منكم التراجع-» قوطِع فجأة.
«اخرس واترك الأجهزة تعمل» صرخ يونغي به، وماكان من الطبيب إلا التنهد والإيماء.
«أغلقوا أعينكم أيها الفتية» قال الطبيب، إلا أنه لم يخبرهم بأنها قد تكون آخر مرة يغلقونها بها.
أغلقوا أعينهم الواحد تلو الآخر، وأملوا بأن يروا جين بالجانب الآخر.
***
"ماذا تريد أن نلعب هيونغ؟" سأل جونغكوك لكن جين رفع كتفيه بغير علمٍ فحسب، واستدار على سريره.
"لا مزاج لي لألعب جونغكوك" كان جين متعبًا من الطاقة الغريبة بعالم الأحلام، حيث كانت كل ثانيةٍ مكرسةً لفرحته ومتعته.
لكنه لم يرد إلا الهدوء والسلام ليفكر بالقرار الذي اتخذه.
هل اتخذ القرار الصحيح حقًا؟
"أوه... حسنًا هيونغ..." سمع جين صوت باب غرفته يغلق، وتنهد بعد ذلك.
أشعره الاستيقاظ -ولو لفترة قصيرة- بالحنين.
بالحنين الجيد والحنين السيء.
لقد نسي التفاصيل الصغيرة بوجه تايهيونغ، ورؤيتها وجهًا لوجهٍ بالحقيقة قد جعله يتذكر كل خط وانحناء وزاوية.
لكن رؤية أصدقائه قد جعلته يتذكر كيف كان يشعر كأداة تستخدم متى احتيجت، وجه آخر ليوضع بالصور فقط.
لم يكن أداةً هنا على الأقل.
سمع باب الغرفة يُفتح مجددًا، وتنهد بقسوة أكثر هذه المرة "جونغكوك لقد أخبرتك أني لا أريد-"
***
- جونغكوك لقد أخبرتك أني لا أريد-
"جين هيونغ؟ أهذا أنت؟" سأل جونغكوك بحذر، كان قد فتح عينيه ليرى عالمًا مظلمًا، وأخافه ذلك حتى نبضت تلك الظلمة بضعة مرات قبل أن تتخذ شكل مبنى مألوف: مبنى سكنهم. سمع أناسًا يتحدثون بآخر غرفة، لكنه هرع لغرفة جين أولًا آملًا بأن كل شيء قد نجح.
استدار جين مجددًا ليقابل جونغكوك مستغربًا "أجل... لقد كنت هنا قبل بضعة دقائق، ألا تتذكر؟"
عقد جونغكوك حاجبيه "كنت هنا؟"
أومأ جين "أجل، لقد سألتني إن كنت أريد أن ألعب"
أمال جونغكوك رأسه، هل فعلت ذلك؟ لمَ عقلي مشوش؟ لكن جونغكوك ركّز بعدها جين هيونغ، علينا أن ننقذه، علينا أن نعيده للديار "لا جين، لستُ هو، أيًا كان من يكون. أنا جونغكوك الحقيقي، من الحقيقة"
حدّق جين به فحسب.
"أرجوك جين عليك أن تصدقني، نريدك أن تعود للديار، لقد استقنا لك" قال جونغكوك وقد أدمعت عيناه مجددًا "أرجوك جين عليك أن تصدقني، أنا حقيقي، أما هذا المكان الذي اختلقته فهو ليس حقيقيًا جين، إنه مزيف، إنه حلم، لكنني لست حلمًا جين، أنا حقيقي، وأنا أحتاجك أن تعود للحقيقية معي"
بدأ الأعضاء البقية من الحقيقة يدخلون بما أن ترددات موجاتهم قد بدأت تتماثل مع ترددات موجات جين، ووافق كلهم. لكن تاي لم يظهر بعد.
وبعدها فتح الباب أكثر، واستداروا كلهم متوقعين أن يروا تاي، لكن عوضًا عن ذلك-
"جونغكوك؟" سأل جين واستدار اثنان من جونغكوك ليحدقا ببعضهما.
وبعدها ركض الذي دخل توًا إلى جين وتعلق بذراعه "إنه ليس حقيقيًا جين! إنه يحاول أخذك منا! لكنك وعدتني جين! لقد قلت أنك ستبقى هنا للأبد! لقد قلت أنك لن تتركنا! لقد قلت أنك لن تتجاهلنا!"
هزّ جين رأسه محتارًا، ألم يكن ذلك ما أخبرني به؟ من هو المستفيد من هذا العالم؟ أنا أم هم؟
دخل الأعضاء من عالم الأحلام ووقفوا مواجهين الأعضاء من الحقيقة حتى بدأ جين يواجه صعوبة في النظر لأي منهم.
وبعدها دخل تايهيونغ أخيرًا.
تجاهل شبيهه والبقية وحدّق بجين مباشرةً.
"لمَ اخترت هذا جين؟" سأل تاي بصوته الهادئ الأجش "كنت تستطيع اختيار أي شيء، أي مكان، أي أحد، لكنك اخترت الفرقة، اخترت ديارنا، اخترتنا نحن" لم يبعد تاي نظره عن جين أبدًا "لقد اخترتنا نحن، أنت تريد أن تكون معنا جين حتى لو كان ذلك يخيفك، لقد أردتنا، ولم ترد نسخًا ترتدي وجوهنا، ألم يكن هذا ما أردت إخباري به جين؟ أنك أردت أن تكون أكثر من مجرد وجه؟ انظر حولك إذًا، انظر لما فعلته بنا"
رمش جين وحدّق أولًا بالأعضاء الحقيقيين قبل أن ينظر للأعضاء الذين اختلقهم ليرضي احتياجه للحب والاهتمام والألفة، وللمرة الأولى شعر بالذنب.
"أترى جين؟" أكمل تاي "لا يوجد أي فرق. لكننا لسنا غاضبين منك، نحن نريدك أن تعود معنا فحسب."
"لا! جين سيبقى هنا للأبد!" صرخ جونغكوك الأحلام ووافقه بقية أعضاء الحلم "لقد وعدنا!"
استمر تاي يحدق بجين "ما الذي تريده جين؟ أن تبقى هنا طوال حياتك مع هذه النسخ المزيفة، أم تعود معنا نحن الحقيقيون؟" رفع تاي يده كي لا يقاطع جين "لكن قبل أن تجيب فكر بهذا، أهذا كله حقيقي؟ الحب والدفء وأيًا كان هذا الذي جعلك تختلق هذا المكان وتبقى به. إن كنا نحن مزيفين، أهذا حقيقي كفاية بالنسبة لك؟ أم أن ذلك ليس مهمًا إن كانت سعادتك زائفة أيضًا؟"
توقف تاي أخيرًا لينظر للجميع "لقد قال الطبيب أننا قد نضيع هنا ونعتقد أن هذه هي الحياة الحقيقية، لكن أتعلم كيف أعلمُ أنها زائفة؟" سأل تاي ينظر لجين مجددًا "لأنك لست سعيدًا ولا تحاولُ حتى إخفاء ذلك، أما في الحقيقة فكنت دائمًا ما تحاول التظاهر بالسعادة أمامنا لأنك أكبر هيونغ ودائمًا ما كنت تعتني بنا، ودائمًا ما كنت تضع سعادتنا في المقدمة. هكذا أعرف كيف يكون كل هذا كذبًا هيونغ، وأتمنى أن تدرك أنت ذلك أيضًا"
وفتح تاي عينيه.
أومأ جونغكوك الحقيقي "عد لنا هيونغ، نحن بحاجة لك"
وفتح جونغكوك عينيه.
"نحن نفتقدك بكل مكان" قال جيمين.
وفتح جيمين عينيه.
"كل شيء مختلف بعدم وجودك" قال هوبي.
وفتح هوبي عينيه.
"لم يعد أي أحد يلقي النكات" قال يونغي.
وفتح يونغي عينيه.
"كلنا نحبك جين، أكثر مما قد يستطيع أولئك المزيفون، مهما ضحكوا على نكاتك أو لعبوا الألعاب معك، افتح عينيك جين" قال نامجون.
واستيقظ نامجون.
"لا أعلم..." همس جين، وصار الآن بمفرده. تلاشت كل نسخ الأعضاء، وعاد الآن للغرفة السوداء حيث لا شيء غيره والظلمات "لا أعلم إن كنت أحتمل الحقيقة، إنها تؤلم كثيرًا، هذا العالم لا يؤلمني، كل شيء يحبني، لكن..." فكر مجددًا بكلمات تاي "هل الأسوأ ألّا تكون محبوبًا أم أن يكون ذلك الحب الذي يصلك مزيفًا؟"
أغلق جين عينيه وصارت الظلمات بداخل جفنيه.
أأنا مستعد للألم الذي قد تجلبه الحقيقة؟
أأنا مستعد للحقائق القبيحة التي قد أواجهها؟
أأنا مستعد للمصاعب التي سيكون علي تخطيها؟
فكر جين بخطي أصدقائه، خط حقيقي وخط من محض خياله، أصدقاء مخيلته قد تعلّقوا به وطالبوا ببقائه بصرامة دون أن يسمحوا له بتركهم.
لكنهم كانوا خيالًا من عقله.
لم يرد أن يترك هذا العالم حيث كل شيء ناعم، حيث كل الزوايا مدورة، حيث الحقائق مجملة، وحيث كان محبوبًا.
لم يرد أن يغادر.
لم يرد أن يعود.
ومع ذلك...
أصدقاؤه الحقيقيون، لم يجبروه، لم يتعلقوا به، لم يحاولوا تدوير الزوايا.
أخبروه بالحقيقة.
على الرغم من أنها مؤلمة.
أعطوه الخيار ليحدد سعادته.
لكنه كان يعلم أن سعادته متشابكة مع سعادتهم، وسعادتهم مع سعادته.
فكر جين بكل ذلك، بالأكاذيب والحقائق، بالنشوة والألم، بالتقليد والحقيقة.
وبعدها فتح جين عينيه.
—————
ملاحظة الكاتبة: لا أعلم أي شيء عن إمكانية علاج الأحلام.
تمت💙✨
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top