Start

الطريق إلى قرية دونغ لم يكن سهلاً البتة...في البداية كان كذلك إلى أن بدأت الحافلة تتحرك في طريق طويل شبه مهجور و غير مُستقيم

و لأن الليل قد حلّ عليهم توقفوا في فندق صغير على جانب الطريق ليقضوا الليلة هناك ثم يستكملوا طريقهم صباحاً

" البعوضة قرصتني بمنتصف جبهتي"

مينسوك تذمر بينما يتلمس تلك العلامة التي تركتها البعوضة على جبينه و لم يكن الوحيد من بينهم الذي عانى ليلاً من البعوض

غفوا بإرهاق في الحافلة حتى توقفت بهم بعد ساعة ونصف تقريباً فمدد كيونغسو جسده وهو ينظر إلى السائق بتسأل فتحدث الآخر بجدية

" هذه نهاية حدودي، القوارب الصغيرة ستُساعدكم في عبور النهر"

بأعين ناعسة تبادلوا النظرات فخرج السائق كي يُساعدهم بإخراج حقائبهم و المُراهقين لحقوا به بينما يتبادلون النظرات بعدم استيعاب

" لن يغرق بنا هذا الشيئ؟"

هانييل أشارت نحو القوارب الصغيرة المتواجدة على جانب النهر فلم تبدو بأنها قادرة على حمل حقائبهم لكنهم كانوا مضطرين إلى ذلك

و ربما لوهلة ندم بعضهم على اتخاذ قرار بالقدوم إلى القرية هذه...تبدو عالم آخر

صعد كل منهم إلى قارب صغير وحده مع المسؤول عن القارب و حقائبهم الخاصة حتى التقوا على الجانب الآخر من النهر

" الفندق بعيد عن هنا، أين سنبقى؟"

بيكهيون سأل بقلق لينظروا جميعاً نحو كيونغسو

" لم يطلعني المدير هيون عن أية تفاصيل"

"دعونا نعد و لننسى أمر هذه المسابقة"

هانييل تكتفت بضيق فانعقد حاجبي جيون لتحمل حقيبتها إلى صدرها كونها لن تتحرك بهذه الأراضي الوعرة و سبقتهم لينظروا إليها جميعاً من الخلف

"إلى أين؟"

هتف جونميون بتساؤل فالتفتت تنظر إليه قليلاً ثم أجابته بتردد

" إنها السابعة...لنسأل عن مقر المدرسة "

أحاطت حقيبتها بقوة أكبر فابتسم جونميون بينما يومئ برأسه

" دعونا نذهب إلى المدرسة أولاً و بعدها لنرى أين سنمكث...لا بد من وجود فندق بهذا المكان "

حمل حقيبته ليرتدي حقيبة الظهر الخاصة بهانييل ثم سار نحو جيون فلحق به كيونغسو ثم البقية تحركوا خلفهم

مروا بطريق أشبه بغابة حتى وصلوا أمام سلالم فاتسعت أعينهم لرؤية القرية من الأعلى

كانت قرية صغيرة ذات ألوان زاهية و منازل تشابهت في تصميمها بينما في نهايتها طريق آخر يؤدي إلى أراضٍ زراعية

" يا إلهي "

تمتمت هانييل بإنبهار

" هذا يبدو كـ... "

همس كيونغسو ليبتسم جونميون و برأسه لم يجد كلمة مناسبة تصف القرية الصغيرة هنا

صغيرة، دافئة و زاهية...فقط تُشبه جارته سولار، فتاة الزهور

أفاقوا جميعاً على صوت التقاط صورة فالتفتوا نحو جيون التي التقطت صورة بهاتفها للتو و خطت بعدها نحو السلالم لتنزل نحو القرية فلحقوا بها سريعاً

" يا...رفاق "

هتف مينسوك بحذر بينما يقف أمام أحد المباني فالتفتوا إليه ليُشير إلى الأعلى فحركوا أعينهم حيث يُشير إلى لافتة كبيرة خُط عليها

(مؤسسة دونغ التعليمية )

" هذه هي المدرسة؟"

تساءل جونميون ليومئ إليه كيونغسو

" لنسأل في الداخل"

تقدم أولاً يدخل بحقائبه و الآخرين دخلوا خلفه بينما يتلفتون حول أنفسهم يستكشفون المكان

حديقة المدرسة كانت صغيرة، لا تبدو بأنها مخصصة لأي نوع من الرياضات

و بالداخل المبنى كان صغيراً يتكون من دور واحد فقط يدور حول الملعب مُقسماً إلى ثلاثة أجزاء

"إنها أصغر من غرفة المسرح لدينا"

علّق بيكهيون رافعاً حاجبيه بإستغراب ثم التفت نحو كيونغسو

"هل يوجد طلاب هنا حتى؟"

" أتيتم؟"

شهق بيكهيون بفزع حين ظهر صوتاً من خلفه و التفتوا جميعاً نحو ذاك الذي دخل من البوابة للتو

"مُعلم ييشينغ!"

هتف مينسوك بعدم تصديق ثم التفت ينظر إلى البقية فلم يتخيل أي منهم رؤيته هنا

و في الخلف كيونغسو تحرك بخجل يختبئ خلفهم دون أن يشعروا بذلك إلا أن جونميون قد لاحظ فعلته

"أنا المعلمة كاثرين، أنتم طلاب مدرسة يونغبوك؟"

سألت كاثرين و التي وصلت لتوها مع ييشينغ ثم نكزته كي يتوقف عن رمق المراهقين بنظراته الحادة تلك التي تعلو وجهه 

زفر ييشينغ و سبقها نحو الداخل و في طريقه ألقى نظرة نحو كيونغسو الذي أخفض رأسه سريعاً بمجرد أن تلاقت نظراته مع المُعلم السابق له

" اليوم الدراسي هنا يبدأ تمام التاسعة، لقد أتيتم في وقت باكر لذا دعوني أصطحبكم في جولة حول المدرسة"

نبست كاثرين بإبتسامة رقيقة ثم أشارت إليهم أن يلحقوا بها و سبقتهم بخطواتها فجذبهم مينسوك كي يتوقفوا

"لقد ألقوا بنا في هذه القرية بسبب المعلم ييشينغ، إنهم واثقين من أنه لن يُساعدنا بعد ما حدث "

تبادلوا النظرات سوياً قبل أن ينظروا جميعاً نحو كيونغسو الذي أخفض عينيه عنهم بخجل فتنهدت جيون تقول بهدوء

"المُعلم ييشينغ ليس سيئاً"

و غادرتهم أولاً تلحق بكاثرين فأومأ بيكهيون يوافقها ليلحق بها هو الآخر

" أعتقد أن وجود المعلم ييشينغ هنا إحدى العقبات التي ستُقابلنا لكنه ليس الأساس"

جونميون علّق وهو يسير بجوار كيونغسو ثم التزموا الصمت حين وقفت كاثرين أمام الجزء الأول من المبنى بجهة اليسار

" هذا المبنى يخص الطلاب صغار السن...أطفال القرية ليسوا كثيرين لذا لا يوجد العديد من الصفوف "

تحركت نحو الجزء الذي يقع بالمنتصف لتُكمل

" هذه غرفة الأنشطة، أحياناً نُقيم بها الحفلات الخاصة بالقرية"

التفتت بعدها تنظر نحو الأصغر سناً فأعطوها انتباههم

"المدرسة كانت من قبل مبنى يخص احتفالات القرية و قاعة زواج لكن.. ربما رأيتم الطريق إلى هنا...من الصعب على صغار السن المرور بهذا الطريق كل يوم خاصة و أن أحد الأطفال كاد يغرق من قبل لذا طالبنا بإنشاء مدرسة هنا..لم يحدث الكثير من التغييرات على المبنى لكن الحكومة قدمت بعض المساعدة لنحصل على مقاعد من أجل الطلاب، الأعداد هنا قليلة للغاية فلا يرتاد المدرسة سوى أبناء القرية "

ابتسمت بوسع نهاية حديثها لتتبادل النظرات بين الأصغر قائلة

" أنتم تعرفون المعلم ييشينغ مُسبقاً، إنه معلم الموسيقى بهذه المدرسة و أنا المعلمة كاثرين...معلمة اللغة الإنجليزية "

" هل جميع المعلمين هنا صغار السن ؟ "

سأل مينسوك بإهتمام لتومئ إليه

" معلمينا يتغيرون كل عام تقريباً فغالباً ما يكونوا حديثي التخرج و يأتون لقضاء فترة تدريبهم هنا فلا يقبل الكثيرين البقاء بهذه القرية لذا...المعلم ييشينغ هو الأكبر هنا من بعد مديرة المدرسة و إلى الآن أنا وهو فقط المعلمين المثبتين بهذه المدرسة "

أومأ مينسوك بتفهم لتسير نحو الجزء الأخير و أكملت

"هذا المبنى يخص طلاب المرحلتين الإعدادية و الثانوية لذا أنتم ستدرسون هنا...هذا العام لا يوجد سوى طلاب من العام الثالث و العام الأول "

" لا يوجد هنا أنشطة أخرى غير الموسيقى؟ السباحة؟ الباليه؟ كرة السلة؟ المسرح؟ كرة الطائرة؟ أنشطة الطبخ؟ هذه الأمور"

لوّحت هانييل بيدها بينما تسأل فأمالت كاثرين تنظر إليها حيث كانت تقف الأخرى في الخلف فتحمحمت هانييل و ابتسمت بإحراج

" الملعب بالتأكيد صغير لكن يمكن ممارسة كرة القدم به...غرفة المسرح يمكن استخدامها للقراءة و لنشاط المسرح لكن لا نستخدمها في الوقت الحالي فلا يوجد مُشرف لكلا النشاطين... كما قُلت فنحن نمتلك أزمة بالمعلمين نوعاً ما"

رفعت كتفيها نهاية حديثها و التفتت كي تدلهم على صفهم لولا أنها لمحت إحدى الطالبات تدلف إلى المدرسة فلوّحت إليها بإبتسامة

" سويون "

التفتوا جميعاً نحو المقصودة فابتسمت لتركض نحوها حتى وقفت أمامها

" صباح الخير مُعلمتي "

" صباح الخير "

أجابتها كاثرين ثم احتضنت كتفيها لتجعلها تقف بجانبها تُقابل طُلاب مدرسة يونغبوك

" هذه سويون...إنها رئيسة الصف، إذا احتجتم إلى شيئ يُمكنكم إخبارها بذلك و هي ستُقدم المساعدة بلا شك"

أومأت سويون لتنحني إليهم

"مرحباً بكم في القرية"

أومأوا إليها فتبادلت النظرات بينهم و بين كاثرين بإرتباك فربتت الأخيرة على ظهرها بلطف

" وجهيهم إلى الصف "

أومأت سويون ثم أشارت إليهم بخجل أن يلحقوا بها إلى الصف

وقفت على منصة صغيرة خلف مكتب المعلم و أشارت اليهم بالجلوس على المقاعد أمامها

" يجلس طالبين بكل مقعد لذا إن جلس كل منكم بمقعد بجانب طالب بمدرستنا سيكون أفضل لتكوين صداقات و...ااه "

تمتمت نهاية حديثها حين تجاهلوها جميعاً و جلسوا بجانب واحد فابتلعت ريقها لتُشير إليهم

"أو يُمكنكم الجلوس أينما تُريدون"

فضمت شفتها السُفلى مُحرجة ثم اقتربت بحقيبتها نحو أحد المقاعد لتجلس بعيدة عنهم، أخرجت دفتر المُلاحظات خاصتها ثم أخرجت قلماً تدّعي انشغالها بتدوين شيئ ما

طلاب المدرسة الغنية تلك بدوا و كأنهم لا يطيقون بقائهم هنا، و سويون لم تعرف كيف من المفترض أن تتعامل معهم...ذلك كان مُحرجاً بالنسبة إليها

"عُذراً"

ارتفع حاجبيها أولاً ثم عينيها نحو الفتى الذي نبس بصوتٍ هادئ بجانبها فهمهمت لتقف سريعاً تتبادل النظرات بينه و بين زملائه بإرتباك

"أنا كيونغسو...في مدرستنا أنا رئيس الصف كذلك"

"ااه، مرحباً"

أومأت سويون بإبتسامة بسيطة ليومئ إليها الآخر ثم أشار إلى نفسه و زملائه بتردد

"تعرفين سبب تواجدنا هنا، أليس كذلك؟"

همهمت بتفكير قبل أن تومئ إليه

"أخبرتنا المديرة أن بعض الطلاب سينضمون إلينا من أجل إحدى المسابقات لكنها لم تُخبرنا ..."

تمتمت بتردد قبل أن تُقهقه بإحراج

" مرحباً"

هتف جونغداي بصخب حين دخوله فشهق طُلاب مدرسة يونغبوك بفزع لينظروا جميعاً نحو الباب حين دلف فتى متوسط القامة و بنيته كانت ضئيلة نوعاً ما

" هل وصل طلاب المدرسة الغنية أخيراً؟ لم تأخرتم يا رفاق نحن ننتظر منذ البارحة؟اووه مرحباً بحسناء مدرستنا "

هتف و هو يقترب من سويون فضحكت بخجل في حين تراجع كيونغسو ليجلس بجانب مينسوك حيث كان منذ قليل، و طلاب يونغبوك كانوا ينظرون إلى جونغداي بإستغراب

الفتى منذ دخوله وهو يتحدث بصخب و عشوائية، ينهي موضوعاً ثم يفتح الآخر

____________

أطلّت كاثرين برأسها من خلف الباب حيث ييشينغ يجلس خلف البيانو عاقداً حاجبيه بينما ينظر إلى يديه التي تستقر فوق مفاتيح الآلة أمامه

"ييشينغ"

همست بلطف فرفع عينيه نحوها ثم زفر بعمق ليقف من مكانه و دار حول البيانو إلى أن وقف أمامه

"كاثرين رجاءً لا..."

"عزيزي، لقد اتفقنا أن لا تتعامل مع الصغار بهذه الطريقة"

سارت تجاهه حتى وقفت أمامه ثم مدت كفها نحو خاصته تعبث بأنامله بلطف

" أعرف أنك ترى الأمر مُهيناً لكنك قلت من قبل أنك تُشفق عليهم، أنت تعرف كيف هي حياتهم و تعرف أنهم لم يكونوا ليفعلوا ذلك لو كان الأمر بأيديهم "

رفعت يدها الأخرى نحو عُنقه تحتضنه لتميل برأسها كي تنظر إلى عينيه فرفع نظراته نحوها

" أفهم ذلك لكن بعد رؤيتهم... "

" لم يتغير أي شيئ بعد رؤيتهم، ربما أنت مُنزعج قليلاً بعد أن رأيتهم و هذا لأنك تُحب أولئك الصغار لذا رجاءً لا تُحبطهم...إنه عامهم الأخير و هذه المسابقة توترتهم بالتأكيد"

ضاقت عُقدة حاجبي ييشينغ أكثر فقبّلت شفتيه بسطحية ليتنهد

" سأحاول "

" لن تُحاول بل ستفعل ذلك...لا تكن قاسياً "

داعبت أنفه بخاصتها لينظر إليها قليلاً ثم أومأ بهمهمة بسيطة

بينما في الخارج مر طالبين من أمام المكتب، و بصوتٍ مكتوم كانا يضحكان حتى صفع أحدهما كتف الآخر و جذبه معه نحو الصف كي لا ينكشف أمرهما

" لقد قامت بتقبيله"

همس سيهون بصراخ متحمس و هو يجذب جونغ إن معه نحو الصف فضحك الآخر و ركض يسبقه، و ما إن فتح الباب حتى هتف جونغ إن

" المُعلم ييشينغ و المُعلمة كاثرين كانا يتبادلان القُبلات بغُرفة الموسيقى"

دفعه سيهون من الخلف بمزاح و كاد جونغ إن يتحدث لولا رؤيتهما لأوجه جديدة فتوقفا عن المزاح بينما يقتربان من مقاعدهما

اقتربا ليجلسا في أماكنهما حيث جلس جونغ إن بجوار جونغداي و بالمقعد أمامهما جلس سيهون وحده

تهامس ثلاثتهم حول أولئك الطُلاب الجُدد بينما يتفحصونهم بأعينهم

و على الجانب الآخر كانت هانييل تنظر إليهم بإستغراب بينما بيكهيون كان ينظر إليهم و كأنه...ربما كانت نظراته مُسترقة، أشبه بجرو سرق الطعام منهم و ينتظر أن ينكشف أمره

صوت حمحمة جذب انتباههم فاعتدل طُلاب مدرسة يونغبوك بجلستهم حين دلف إلى الصف شاباً يبدو وجهه صغيراً بالرغم من طول قامته

وقف  طويل القامة على المنصة الصغيرة خلف المكتب الخاص بالمُعلمين و تحمحم ليرفع حاجبيه بصرامة

"معلمكم هنا أيها الصغار فلتقفوا"

وقف طلاب مدرسة يونغبوك سريعاً ينحنون إليه بإحترام مُعتذرين منه عن وقاحتهم

لكن ذاك الطويل بدا صغيراً... المعلمة كاثرين قالت أن المعلمين غالباً ما يكونوا حديثي التخرج لكن هذا...يبدو أصغر من ذلك حتى

"بارك تشانيول أين سترتك؟"

التفتوا جميعاً نحو الباب حيث وقف ييشينغ عاقداً ذراعيه إلى صدره بينما ينظر إلى طويل القامة

قهقه تشانيول و انحنى إلى ييشينغ ثم هتف و هو يركض نحو مقعده بجوار سيهون

"جونغ إن، سُترتي"

ألقاها جونغ إن نحوه فالتقطها تشانيول ليقول من بين ضحكاته و هو يجلس بجوار سيهون

"أخبرتكم سيُصدقون ذلك"

رفع كُلاً من جونغ إن و سيهون إبهاميهما إليه بإعجاب بينما صفعه جونغداي على كتفه و اقترب منه يسأل

" كيف عرفتم أنهم هنا؟"

"المُديرة جونغ طلبت منا نقل حقائبهم إلى مطعم أمي...كتفي يكاد ينخلع، ماذا وضعوا بتلك الحقائب؟"

حرّك تشانيول كتفيه بصورة دائرية مُجعداً ملامحه بألم بينما يتذمر فأسرع أصدقائه الثلاثة بتدليك كتفيه ليقول بفخر

"رأيتم؟ لقد صدقوا الأمر، كنت أعرف أنني أبدو ناضجاً كما المُعلمين "

" نعم، أنت رائع "

نبس جونغداي و هو يعبث بشعر تشانيول من الخلف بينما سيهون و جونغ إن هزا رأسيهما بإيماءة قوية يوافقان على ذلك

"هدوء"

طرق ييشينغ على المكتب بهدوء لينظروا إليه جميعاً بعدما اعتدلوا بجلستهم فابتلع ريقه بينما يُمرر عينيه عليهم و بالرغم من محاولته في تجاهل طُلاب مدرسة يونغبوك إلا أن عينيه انحرفتا نحوهم تسترق النظرات حتى استقرت عينيه حيث كيونغسو الذي يُحرك رأسه بعدم راحة... الصغير كان يشعر بالخجل لذا إن امتلك فرصة ليهرب الآن فسيفعل

تنهد ييشينغ و أشاح بنظراته بعيداً عن كيونغسو فالتقت عينيه مع خاصتي جيون التي رفعت حاجبيها بلهفة فلانت ملامحه تدريجياً و ابتسم بخفة لترمش بضعة مرات ثم أخفضت نظراتها عنه

" حسناً أيها الطُلاب... طُلاب مدرسة يونغبوك انضموا إلينا من أجل إحدى المُسابقات التي تخص مدرستهم"

"عُذراً مُعلمي، لكن ألن يؤثر هذا على امتحان القبول بالجامعة؟"

رفعت سويون يدها بينما تسأل بحذر و هي تتبادل النظرات بين ييشينغ و بين ذاك الجانب الذي يجلس به أولئك الطلاب فهمهم ييشينغ ليحك أنفه بينما يتجنب النظر إلى طلاب يونغبوك

" ليُعرف طُلاب يونغبوك عن أنفسهم أولاً ثم سيُخبركم المسؤول بينهم عن التفاصيل "

التفت طُلاب قرية دونغ نحو الآخرين ينتظرون أن يُعرفوا عن أنفسهم لكن جميعهم بدوا مُترددين فهتف جونغداي

"هيا يا رفاق تحدثوا، لا تقلقوا فنحن لسنا بمتنمرين"

ضحك بيكهيون بخفوت ليرمش بضعة مرات حين التقت نظراته مع جونغداي فأشاح بعينيه عنه سريعاً ينظر إلى الجانب الاخر حيث الحائط المجاور له فانعقد حاجبي جونغداي بإستغراب

" مرحباً أنا جونميون...و هذه أختي هانييل"

أشار نحو هانييل فصفّر جونغ إن مع سيهون بإعجاب يهتفان

" لدينا توأم"

ابتسم ييشينغ ليهز رأسه إلى الجانبين كما فعلت سويون، فعاد جونميون ليجلس بمكانه ثم وقف مينسوك

" و أنا أُدعى مينسوك"

" بشرته لامعة"

علّق تشانيول ليُمسك بوجنتيه الخشنتين فبدأ سيهون و جونغ إن بفعل المثل ثم نظرا نحو مينسوك بإنبهار أربكه و كأنه كلاهما اكتشف للتو أن الآخر يمتلك بشرة لامعة صحية

وقف بيكهيون من مكانه لينظر نحو زُملائه الجُدد و عينيه تتحركان بتوتر بين الكلمة والأخرى تسترق النظرات نحو جونغداي

" بـ بيكهيون...أُدعى بيكهيون"

" إنهم جميعاً بنفس طول جونغداي، لن يبقى قصيراً وحيداً بعد اليوم"

ضحك سيهون بسخرية فصرخ عليه جونغداي بقهقهة مصدومة

"ياااا"

قلب جونغداي عينيه و تكتف ليلتفت نحو الطلاب الجدد فالتقت نظراته مع بيكهيون الذي أخفض عينيه و جلس بحركة سريعة تُثير الريبة

الصمت عمّ بالصف بينما ينتظرون الطالبين الأخيرين ليُعرفا عن أنفسهما فأمال ييشينغ برأسه بينما ينظر نحو جيون

"جيون"

المقصودة رفعت عينيها نحوه سريعاً فأشار إليها بحاجبيه

"إنه دوركِ"

حرّكت رأسها إلى الجانبين بإرتباك حين أدركت أن جميع الأنظار موجهة إليها، احتضنت كفيها معاً بقوة و وقفت من مكانها ببطئ ثم نبست بتلعثم

"أُدعى..جيـ ـون "

جلست بسرعة ليومئ ييشينغ فتوجهت الأنظار نحو كيونغسو لينكزه جونميون فتنهد

"كيونغسو"

عرّف عن نفسه بهدوء و جلس مُجدداً مُتجنباً النظر نحو معلمه إلا أنه كان مُدركاً أن أعين ييشينغ تنظر إليه

حاجبي ييشينغ كانا معقودين بينما يقضم شفتيه و هو يرمق كيونغسو بإنزعاج غير قادر على إخفائه حتى أن طُلاب القرية لاحظوا ذلك و شعروا بالغرابة من نظراته إليه

" معلم ييشينغ، المُديرة جونغ ترغب بالتحدث معك"

همهم إلى زميله ثم أشار إلى سويون قبل أن يُغادر فخرجت هي لتقف بمكانه

" مرحباً بكم بقرية دونغ"

نبست بإبتسامة لطيفة فصفّق الرفاق الأربعة بينما الطلاب الجدد كانوا بمزاج سيئ

" في الواقع لا نعرف الكثير حول المسابقة أو لأكون أكثر دقة لا نعرف شيئاً غير أننا سنتعاون بها لذا هل يُمكن أن نعرف بالتفاصيل، نحن بالعام الأخير و بحاجة إلى التجهيز من أجل امتحانات القبول بالجامعة لذا..."

مسحت على شعرها بتوتر نهاية حديثها ثم أشارت إلى كيونغسو

" هل يُمكنك أن تتولى هذه المهمة؟ "

همهم كيونغسو و ترك مكانه ليتقدم كي يقف بجانبها فابتعدت بضعة خطوات تسمح له بأن يقف بالمنتصف

زفر كيونغسو بعمق ليُطلعهم على تفاصيل المسابقة فاقتربت منه سويون تهمس له

" هذه المسابقة لا تخص مدرستنا كما ليست مقدمة من الوزارة فلماذا قد ننضم إليها؟ إنه عامنا الأخير و هذا... "

" أعرف "

قاطعها بهدوء ثم التفت يواجه الآخرين

" المسابقة ستُقدم بعض الفرص من أجل المنح الدراسية لذا الفوز بها سيضمن لكم الالتحاق بالجامعة التي ترغبون بها مع منحة دراسية كاملة مجانية "

اتسعت أعين كُلاً من الأصدقاء الأربعة و اقتربوا من بعضهم في اجتماع سريع مُغلق

" تشانيول ستكون مُعلماً"

همس سيهون بسعادة ليومئ المقصود

" و أنت ستكون طبيباً، هذا رائع "

" هل هذا يعني أنه بإمكاني دراسة الأعمال؟ يجب أن أذهب إلى المشفى لأُخبر أبي، سيكون فخوراً بي"

جونغ إن همس فوضع جونغداي يده على كتفه

"جميعنا فخورون بك"

أومأ سيهون و تشانيول يوافقانه فالتفت أربعتهم نحو كيونغسو و تزامناً مع بعضهم عقدوا أيديهم إلى صدورهم ليقول جونغداي

" موافقين، لكن ماذا لو خسرنا؟ "

" لنبذل قصارى جهدنا كي لا نخسر، إنها فرصة رائعة"

هتف سيهون و صفع كتف جونغداي بحماس ثم التفت إلى طُلاب يونغبوك

"لكن أريد أن أخبركم بذلك كي لا تنصدموا لاحقاً"

توجهت الأنظار نحوه فوقف من مكانه و رفع قدمه يضعها فوق الطاولة

"هذه الأقدام الطويلة لن تتعرى، لن أرتدي تنورة الباليه...إذا حدث فلن أتزوج أبداً و أمي ستتبرأ مني"

و بالرغم من مزاجهم السيئ إلا أن تخيل أقدام سيهون الطويلة مع تنورة الباليه كان كافياً ليجعلهم يضحكون فالتفت كل منهم إلى جانب يخفي ضحكته بينما ابتسمت جيون بخفة و هي تخفض عينيها عنهم جميعاً

" جيون و هانييل المسؤلتين عن الباليه "

نبس كيونغسو ليمسح بقبضته أسفل أنفه كي يمحو إبتسامته فتنهد سيهون براحة و ارتمى بمقعده

"ظننت مستقبلي مُهدداً"

" راودتني رغبة مُفاجئة لرؤية سيهون يرتدي تنورة الباليه"

جونغ إن نبس بتفكير بينما يطرق بأنامله على ذقنه فالتفت سيهون نحوه بأعين مُتسعة بينما تشانيول أومأ سريعاً يوافقه كما فعل جونغداي

مُحيت ابتسامة كيونغسو حين عاد ييشينغ مُجدداً و بإرتباك شابك كفيه معاً ليتحرك جانباً ما إن اقترب منه الآخر كي يقف على المنصة، بينما ييشينغ كان يعقد حاجبيه و بوضوح كان يتجنب طالبه السابق

" سيبدأ المعلم جونهو حصته و لتستكملوا الحديث بفترة الاستراحة"

أشار نهاية حديثه نحو شاباً بدا بسن صغيرة، شاب حديث التخرج كما قالت كاثرين أن معظم المعلمين كذلك

خرج ييشينغ بعدها و تقدم جونهو يقف بمكانه ثم ابتسم بودٍ في وجه كيونغسو

" طالب جديد؟ أرى الكثير من الوجوه الجديدة هنا "
مرر عينيه على طلاب مدرسة يونغبوك فوقفوا بتردد غير متأكدين إن كانت مزحة أخرى كالتي أطلقها تشانيول حين دخوله لكن ييشينغ قال أنه المعلم لذا لن تكون مزحة بالطبع حتى و إن بدا هذا المعلم صغيراً

في وقت الاستراحة اجتمع طلاب القرية حول مقعد سويون بينما على الجانب الآخر اجتمع طلاب يونغبوك حول مقعد كيونغسو حيث تقف جيون خلفهم تعقد ذراعيها إلى صدرها و تنظر إليهم في صمت

" يُمكن لبعضهم البقاء معي بالمنزل فكما تعرفان أمي تقضي معظم الوقت في المشفى مع أبي"

همس جونغ إن و التفت يسترق نظرة نحو الطلاب الجدد ثم التفت بعدها نحو جونغداي يقول بسخرية

"اصطحب الفتاتين إلى منزلك، ستكون السيدة كيم سعيدة للغاية"

"ياااا"

صرخ جونغداي عليه بعدم تصديق فضحك سيهون و تشانيول بصخب يضربان كفيهما بخاصتي جونغ إن في حين ابتسمت سويون، و طلاب يونغبوك حينها استداروا نحو أولئك الصاخبين ثم التفتوا مُجدداً ينظرون إلى كيونغسو

" نريد مساعدة معلم يكون على معرفة بهؤلاء الطلاب "

نبس جونميون بهدوء ليومئ الآخرين يوافقونه فتنهد كيونغسو

"لن يُشكل هذا فارقاً، إنهم خمسة فقط لذا يجب أن يُشاركوا جميعاً في المسابقة"

"لكن على الأقل ليُخبرنا أحد المعلمين بالدور الذي يتوافق مع كل منهم"

أجابه جونميون و بدا الآخرين موافقينه

" لكن المعلمة كاثرين قالت أنها هي والمعلم ييشينغ فقط المعلمين المثبتين بهذه المدرسة لذا... "

تمتم بيكهيون بحذر لينظروا إليه جميعاً ثم توجهت الأنظار بعدها نحو كيونغسو

" تحدث مع المعلمة كاثرين، بدت لطيفة لذا لن تضطر إلى التحدث مع المعلم ييشينغ"

مينسوك نبس بهدوء و هو يُمرر عينيه على الجميع و لم يبدو بأن أي منهم لديه اعتراض على ذلك فتنهد كيونغسو بعمق ثم استقام من مكانه ليُغادر الصف

التفت طلاب قرية دونغ ينظرون إليه بإستغراب ثم رفعوا أكتافهم بعدم اهتمام ليعودوا إلى حديثهم السابق

" بدأت أندم على موافقتنا المجيئ إلى هنا"

جونميون همس إلى هانييل فرمقته بنظرة جانبية قبل أن تُربت على كتفه

سار كيونغسو بخطوات مُتلكئة في الممر، أسوأ ما في الأمر أنه المسؤول لذا هو من سيتحمل مسؤولية تدبير كل شيء...تلك الأمور التي اعتاد معلمهم أن يقوم بها هو من سيفعلها الآن فهذا ما تنص عليه قوانين المسابقة

تلك القوانين التي تبدو و كأنها وُضعت فقط لتُعجزه

تنهد و وقف في مكانه بإستغراب حين وجد نفسه تائهاً على الرغم من أن هذه المدرسة لم تكن بالواسعة أو كثيرة الصفوف

انتفض حين شعر بنقرة على كتفه و التفت ينظر إلى الفاعل فابتسمت سويون بإرتباك من عينيه الواسعتين ثم عقدت أناملها خلف ظهرها بخجل

" إنه يومك الأول هنا لذا اعتقدت أنك ربما تحتاج إلى المساعدة"

قضمت شفتيها بإحراج و بحركة تلقائية رفعت أناملها تمسح على غُرّتها بخجل حين أطال النظر إليها دون ردة فعل تُذكر فالأخير كان مشوشاً

لم عليه تحمل المسؤولية؟ إنه مراهق و لا دخل له بعالم الكبار هذا

" عُذراً هل...أُزعجك؟"

همهم كيونغسو بشرود فجفلت سويون من إجابته

"آسفة..آسفة لم...لم أقصد"

اعتذرت بتلعثم و بتخبط التفتت كي تعود إلى الصف فجذبها كيونغسو من رسغها حين أدرك فعلته

" أعتذر، أين مكتب المعلمة كاثرين؟"

أخفضت نظراتها حيث يُمسك برسغها فتركها بإحراج يُبرر

" أنا مشوش قليلاً لذا لم أقصد"

همهمت سويون بينما تضم شفتيها بخجل و عادت إلى جانبه ثم أشارت إليه بأن يتقدم معها حيث مكتب المعلمين

" لا بُد أن رحلتكم كانت طويلة و مُرهقة كما أنكم أتيتم إلى المدرسة مباشرة...لكن لا تقلق الطريق إلى القرية يكون مزعجاً في المرة الأولى فقط و سرعان ما ستعتادون على ذلك"

أومأ كيونغسو بهمهمة خافتة ليقف كلاهما أمام باب المكتب المفتوح فجفل كيونغسو حين رؤيته ييشينغ هو الآخر يجلس بالداخل

انتفض قلب كيونغسو حين تلاقت نظراته مع نظرات معلمه السابق لكن سرعان ما قطعت كاثرين تلك النظرات حين استقامت من مكانها و تقدمت من كيونغسو و سويون... و لم يلحظ أي من الطالبين كيف نكزت ييشينغ كي يمحو نظراته الصارمة و المخيفة تلك

" سويون، كيونغسو...تُريدان شيئاً ؟"

سألت بإبتسامة لطيفة بينما تبتعد مع الطالبين عن المكتب فأشارت سويون إلى كيونغسو

" كيونغسو أراد التحدث معكِ مُعلمتي، سأعود أنا إلى الصف"

انحنت إليها بإحترام و استرقت نظرة نحو كيونغسو قبل أن تُغادر نحو الصف فالتفتت بعدها كاثرين إلى كيونغسو تُهمهم بتساؤل

بينما في الصف الأصوات كانت عالية و كأن هناك أصوات صراخ

اتسعت أعين سويون حين سمعت ذاك الصوت و ركضت بخطوات واسعة نحو الصف فرأت طُلاب المدرستين تشابكا...من جانب هناك جونغ إن الذي يصرخ و على الجانب الآخر إحدى فتيات مدرسة يونغبوك تصرخ عليه

و لولا أذرع سيهون و تشانيول الطويلتين اللتان تُقيدان ذراعي جونغ إن، كما خصره المُقيد بواسطة جونغداي لربما كان ضرب تلك الفتاة التي أتت إلى هنا مع توأمها

To be continued....