مُتشائم/١/
إقتباس
*" لا تتوقف عن محاولتك في الإشراق، هذا الضياء يليق بك جداً كما لو انك خُلقت لتُضيء"*
افصاح
*"الا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين"*
____________________________
*ضِياء*
*"الحياةُ ليست وردية فلا تتأمل قدوم الوردةِ الإنجيلية...سيظلمُ المكان ،وستنطفىء شمعة الآمال ويحل ديسمبر ليمحي معه بقايا الامان لأغدو حائراً من غيرِ عيناي ،ويتم نسياني فأخبرني ما النسيان ؟! "*
اسردها وكأنني بذلك سأستطيع سرد مأساتي وكان المعاناة ستنتهي ببعض كلمات وعدةِ اسطر..
انتشلني من معركة أفكاري صوت عمر ليأكد لي انني ما زلت على قيد الحياة ..
*"الا تمل من تشاؤمك هذا يا ضياء ؟!"*
ما زال يسأل مراراً وتكراراً وكأنه لا يعلم مدى تأثير كلماته علي ..ومع ذلك لم استطع الإجابة وكأنني لا اعلم متجاهلاً حقيقة أن محيطي هو اجابتي..
*"حقاً ...وكأنني توقعت منك الإجابة"*
قالها ساخراً غير ابهٍ لشيء ولكن وفي أعماقي كنت اعلم بأنه يهتم..
*"هيا يا حضرة الفيلسوف الا تعلم أننا نمتلك محاضرة...ثم دعنا نستمتع اليوم يوجد الكثير من الفتيات الجميلات "*
تجاهلت كلامه بينما اقوم بتغير الموضوع بنبرة متلاعبة لأغمز مزامنتاً مع اخر كلمة..بينما يتنهد عمر يائساً
*"ارحمني من تناقضك هذا ...مرتاً اراك رجلاً متشائماً غامضاً....ومرة اراك متلاعباً احمقاً...أما آن لك أن ترحم نفسك وترحمني؟!"*
اردف مازحاً بينما يتخلل حديثه العتاب..
ولكن ما لفت انتباهي هي جملتة الأخيرة رغم بساطة نطقها حملت معها الكثير لترمي به فوق أطنان حطامي ..
لاطالما علم انني أتأثرُ بكلامهِ فلما لا يكف عن العتاب ؟
هو اكثر من يعلم بما مررتُ به فلما يزيد الطين بلة بتلك الكلمات؟
لم ولن اكن لاواجهه لذلك لم اكلف نفسي عناء الإجابة بل اكتفيت بضحكة بلهاء وكأنني سأغير من واقعي شيئاً..
مازلت ميقناً يا صديقي أنه مهما عصفت بي الدنيا ستضل المرساة التي ارسو بها .
*"إذن هل نذهب ؟!"*
نطقت بها كتأكيد اكثر من سؤال راجياً انتهاء المهزلة التي إن طالت ستجر معها الكثير من الخيبات وفتح الجروح ...فكان الهرب افضل لكلا الطرفين
________
خرجنا مبتسمين وكأننا سجناء حكم علينا بالسجن المؤبد ليتم تخفيف العوقبة رأفتاً بحالنا ..
بدءتُ أتأمل الشوارع والتقط الضحكات ساخراً في داخلي من تفاهةِ هذا العالم ..
بدا كل شيء طبيعي بينما الطبيعة بعيدةٌ كل البعد عنا ...
عجائز يتسامرون في أحد مقاهي الحي ..اطفال يجرون معهم ضكات واخرون قد تعالت تذمراتهم من ذلك الكابوس المسمى مدرسة..بينما المتسويلين قد اختاروا البقاء على قارعة الطرقات ليكتفوا بكوب شاي وفتات خبز كإفطارٍ لهم..
كان مشهداً جميل تخللهُ الحزن والألوان الباهتة التي رسمتها انامل الموت القادم على هيئة حرب...
في بلدي كان سماعُ صوت الصواريخ والطائرات ك غناء فيروز بالصباح...
وخبر موت ٥٠ شهيداً وإصابة الآلاف كتقرير عن اخبار الطقس ..
الا اننا لم نكن نأبه ونحملُ المظلة..
كان الجميع صامتاً وكأننا في غفلة نتظاهر بأننا لا نرى بينما نحن في وسط المعركة ..
وانا ايضاً كنت غافلاً عن مأساةِ وطني ..
_____________________
تأملتُ تاريخ اليوم في هاتفي ..٢٠١٥/١٢/٥م
كان ديسمبر قد حل ليعلن معه نهاية لعام حمل معه الكثير من المآسي ،لعام كانت مجازرهُ تذكر اكثر من عدد ايامه ،لعام تشردت به أسر، وتحطمت بهِ منازل ،ونزحت العائلات من مواطنها ،وامطرت به السماءُ صواريخ اكثر من غيثها ،عام ضننتُ أنه الاخير في دراستي ،والاخيرُ لي في الوطن،ولكنها كانت مجرد ظنون وإن بعض الظن اثم وكم امتلأتُ بالاثام .
عام انتشل مني حريتي ،و اخذ مني آمالي ،وانتزع مني هويتي المتجسدة على هيئة وطن ..ليتركني بعدها تائهاً ضائعاً كطفلٍ صغير نزعت منه أمة فأخذ يتخبط بالطرقات يبحث عن حضناً يحتويه ،عن ملجئ يأويه ،عن حنان يسد فجوة البؤس فيه،يبحث عن بقايا وطن .
فهل آن لك يا ديسمبر أن تأخذ هذا العام معك وتأخذني مثلما اخذت كل شيء ؟
تنهدتُ يائساً بينما اركب أحد الباصات ليليني عمر مشيراً للسائق بالعدد خمسة اي الراكب بخمسين ريال ..
غريبٌ أمر هذا البلد!
الحرب تشتغل ،والاسعار ترتفع ،ويريدون من سائق الباص الثبات على سعر خمسين ريال وما كان من ذلك السائق سوى الرضوخ للأمر الواقع ..
ولو أننا توحدنا لحماية الوطن كما توحدنا لإبقاء سعر الخمسين ريال لكان حالنا افضل ولكن هيهات من ابناء هذا الوطن !
كالعادة في يومي لا شيء جديد ،بعض احاديث الناس في الباصات المتعلقة بالسياسة حيث تشعر وكأنك في لقاء حصري مع أحد المحليي السياسين على قناة العربية فلاهم استطاعوا اظهار وجهة نظرهم ولا هم خرجوا بحل.
لم اكن أبدا من محبي الأحاديث السياسية التي تشهدها البلاد، ولم أكن من رواد هذا الواقع الأليم ،ففي نظري كانت السياسة محض لعبة قذر في يد أناس نزعت منهم معاني الإنسانية ،ارتدو تلك الاقنعة الملونة بالكلام المنمق !
لاطالما كان لي حلم كبير وهو السفر لأكمل تعليمي في الخارج وسأفعل .
فلم يكن واقع بلدي يسمح لي بالحلم ،ولم يكن للمستقبل مكان بين أزقة هذا البلد ،فدائماً ما دعونني بالمتشائم ولكن لا بأس مادامت عقولهم الصغيرة لم تدرك حقيقة هذا الواقع فدائما البشر يميلون للخيال وعدم التصديق عندما يخذلهم المنطق ،فإذا كان التشاؤم واقعاً فيا مرحباً به وسهلاً.
*"سيد السرحان..لقد وصلنا إلى القاعة "*
ايقضني من سلسلة أفكاري عمر منبهاً إياي اننا وصلنا الي القاعة بينما يسخر مني ،لم أكن مهتم على اي حال فكل ما أريده هو اكمال دراستي الجامعية لأنتقل الى دراسة الماجستير في بريطانيا ولم يكن الأمر بالعسير مادمت احصل على المرتبة الأولى بكل جذارة.
نظفت حلقي مهمهماً بينما ادخل القاعة بصمت فاليوم هي اخر محاضرة لي في سنتي الخامسة والأخيرة والتي كانت يجب أن تنتهي منذ عام ولكن مهزلتُ وطني تطلبت مني الانتظار لعامٍ اخر !
جذبني حديث الدكتور فؤاد وكم كنت احبه..
رغم عمرهِ الكبير والشيب الذي بدء بكتساح شعرة معبرا عن مقدار جهد ذاك الشخص معطياً اياه هيبتاً و وقاراً...
الا أنه لم يكن قط من اولائك الدكاترة ذوي العقلية المنحطة والتي تحتوي على قاعدة واحدة"كل ماعذبت طالبك وصرخت اكثر كل ما ازدادت هيبتك واصبحت اكبر " ،لقد كان الدكتور فؤاد أية في الأخلاق وقدوتاً لما جميعاً ،فقد عرف بإسلوبة الذي يجذب الطالب ويعطيهِ جواً من الأريحية ،حتى أنه سيقدم لنا كل الدعم اذا احتجناه أو لم نحتج ،كان خير ناصح وخير صديق ،فنعم المعلم ونعم الأب هو.
أنصت بإهتمام لذلك الموضوع الذي بدء التحدث به وانتشل معه كل حواسي.
"مرحبا طلابي الاعزاء بعيداً عن الدروس و المحاضرات وكل تلك التراهات ،سنسافر اليوم بين عوالم التكنلوجيا وسنخترق كل الأنظمة الإلكترونية ،سنهاجم الفيروسات وسنبتكر البرامج واضعين بصمتنا في هذا العالم الذي أصبح كل شيء به يتحدد بكبست زر وعلى شاشة مسطحة..
اخترت اليوم وكأخر محاضرة لي معكم موضوعاً يتحدث عنا عن واقعنا وكيف يمكننا تغير العالم ببرنامج بسيط او نظاماً واسع ،وانتم الان وكتطلاب في قسم الهندسة الإلكترونية قد سمعتم عن WAH هذا اذا لم يكن الجميع قد بحث عنها ،وشخصياً انا من المعجبين بهم ،فمن منكم قد سيطر عليه الفضول مثلي ليبحث في بحر أسرارها ؟ "
سأل بأسلوبه المشوق والمثير لتدق معه اجراس المتعة في قلوبنا .
كان أول من رفع يده عمر ليليهِ معظم من تواجد في القاعة ،بينما صدح صوت في ضوضاء تلك القاعة وما كان الا من إحدى الطلبة ليجعل افواهنا تسقط للأرض من جراءتِ هذا الطالب
*"دكتور الا تخاف من تحدثك عن تلك المنظمة؟"*
سرعان ما توجهت أعيننا للدكتور مترقبين اجابتة بدأ هادئاً ومريباً وهو يبتسم بخفه وكأنه كان ينتظر مجيء هذا السؤال ..
"قد يكونوا متمردين بنظر القانون واذكياء في نظر الناقدين وربما اغبياء عند بعض المسؤلين ولكن وفي نظري كانو هم المنقذون ولم ولن اخف ما دمت ميقناً من ذلك "
ضلت تلك الكلمة ترن في عقلي لتنسيني ما يحدث حولي هل هم حقاً المنقذون ..؟!
يتبع ....
__________________
١١٠٠كلمة ..القادم سيكون أكثر
لا تحكموا عن القصة ماهذه سوى البداية ...
إن شاء الله بيكون التحديث بشكل أسبوعي كل جمعة وفي استثناء اذا لقيت كومنتز و فوتز يستحقوا انزل قبل الموعد..
رأيكم بالشخصيات ؟وتوقعاتكم عن WAH؟
كونوا بخير
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top