$|بستانُ الأوركيد/ النهاية|$

~~~~~~~

القَلبُ الذي يضخُ حُبّا لا يموت ، سيظل ينبض حتى لو توقف ذلكَ النّبض

~~~~~~~~~~

ربما كان يومًا مختلفًا للبعض ، وكان عاديًا جدًا للغير
ربما هو فقط يومٌ تعيس ، وربما هو اليوم المنتظر !

ربما هو يومٌ قد عجز الخيال عن وصفه ، ربما لأن شتى أنواع الزهور قد تجمعت فيه ، الحضور على سبيل المثال

الزهور أيضًا كانت جزءًا لا يتجزًا من الحضور ، الزهور كانت تنتظر هذه اللّحظة ، لترى القلب الحنون الذي كان يعتني بهم طوال الوقت

والذي لطالما أمدها بالدفء الذي لا ينضبُ أبدًا ، من ذاكَ المحظوظ الذي سيظفر بذلكَ الدفء ؟

من ذلكَ المحظوظ الذي سيُشغلها عنهم قليلًا ؟

هذا المحظوظ كان يرتدي الأبيض لأول مرة ! كان قدرًا غير متوقع ، أن ينتحل الرداء الأبيض هكذا يومًا ! إلا أنّه كان يناسبه وكأن غيمًا قد نُسّق على تفاصيل جسده الأسطورية

وتماشيه مع إمبراطورية ملامحه الحادّة والأنيقة ، شعره الذي تضادّ مع البياض ليزداد سوادًا وغُمقًا هذا اليوم ، التناسق المثالي الذي كان فيه قد يقتلُ أيّ أنثى مارّة جنبه بالخطأ

لكن وسواءً أن قتلَ ذلكَ جماعات من الإناث أم لا هو لا يريد تصويب سهم الكيوبيد إلا لواحدةٍ فقط ! كي تسقط بين يديه هو لاغير

" إلهي..
أنا أحلم أليسَ كذلك ؟"

تحدّث بإنبهار شديد وأعينٍ تبرق دون توقف ذاكَ الذي يرتدي الرمادي كبذلة ، هو كان يبدو كعارض أزياءٍ قد هرب من  أسبوع الموضة في لندن ليحضر هذا الحدث الأهم بالنسبة إليه

حيثُ يجتمع إثنان ممن يُحبهم بشدّة ، في مكان واحد ، دون صراعٍ أو حرب

ربما اليوم إختاروا أن يقيموا هدنة ! بعدها عقدُ صلحٍ يفجر السّلام في الأرجاء وفي أنحاء حجرات قلوبهم المترقبة

"ياه إبتسم
جرّب أن تبتسم ولو لمرةٍ واحدة !"

شابك مارك يديه متمنيًا من جامد الوجه أن يقلّده ، أن يحاول مط شفتيه قليلًا لكنه لم يفعل ، برر قائلًا بأنّه لا يستطيع

"لمَ لا تستطيع؟"

عقد مارك حاجبيه وأحاط خاصرته مميلًا هي بطريقةٍ ظريفة مضحكة

" لأنّي متوتر "

"واو..واو " بات مارك يغطي ثغره بدهشةٍ شديدة
ثم يقيم إحتفالاتٍ راقصة شهدها سيهون بنظراتٍ مستقيمة ، لأنه وللحق متوتر

إلا أن مارك قد أجبره على أن يضحك ، على الأفعال المجنونة الذي يفعلها إحتفالًا بتوتر صديقه

~~~

دجنت مشاعرها اليوم للسعادة لاغير ، هناكَ فرقٌ شاسعُ بين وجهها في هذا اليوم وفي ذاكَ اليوم المشؤوم ! شتان ما بين إبتسامتها الهادئة وإبتسامتها الباردة !

هذه المرّة كان فستانها طويلًا ممتدًا ، كان كلاسيكيًا وعصريًا في الوقت ذاته ، يُبرز بساطتها النّقية ، أنوثتها الطاغية ، بشرتها المخملية

كان ساترًا من الأمام وكاشفًا عند ظهرها ، حيثُ زيّنت النقوش حوافَ تلكَ القصة المُبهرة

وهناكَ زينةُ تنصف تلكَ القصة ، تمتد الفصوص حتى ذيل الفستان ، وهناكَ تاجٌ بسيطٌ مصممٌ على صورةِ زهورٍ متعاقدة ، كل جزء فيه يلمع وحده ، فهو قد صُنعَ من الألماسِ يا سادة

تُرى مالباقة التي  ستصلها لهذا اليوم ؟ مالباقةُ التي ستحتوي كفّيها الناعمين لهذا لهذا اليوم ؟

إنّها الأوركيد ، مقلمة بين الأبيض والزهري والأحمر ، تدرجاتٌ تتبعها تتدرجات

كتدرجات إحمرار وجنتيها لربما؟

أمسكتها بإحكام لترى مظهرها الآخير والكامل أمام المرآة الطويلة المتموضعة هنا ، المرآةُ مزخرفةُ الحواف عاجيةُ اللّون

حقيقةً ، هي قد إنبهرت
لكنها لم تعلّق بحرف ، إنبرهت حتّى سد العجز مخارج حروفها ، مررت يدها بخفة على الجدائل التي في شعرها المرفوع بأناقة ، مظهرًا رقبتها البضّة ، والتي يُحيطها عقدٌ رقيق جدًا

مثلها لربما ؟

ينتهي ذلكَ العقد بحمامةِ صغيرة فضية

"آه شكرًا ياللّه لجعلي أعيشُ حتى هذه اللحظة
وأرى إبنتي بهذا الجمال "

" أيعني ذلكَ بأنّي لم أكن جميلةً مسبقًا؟" سألت ممازحة لترى أن والدتها كانت تسكب دموعًا شفافة خفيفة

" لماذا أمي؟لماذا الدموع؟"

تركت الباقة جانبًا لتأتي وتضمها بشدة ، لن تكون قريبةً منها دائمًا بعد الآن ، ستكون لها حياةٌ خاصة جديدة ، لكن تلكَ الحياة لن تمنعها عن الزيارات الدائمة

"بسرعةٍ أريد رؤية حفيدي "

ربما توردت إحداهن لكن الأخرى قد صرخت ضاحكة مخربةً دفء هذه اللحظات

" آسفة مينا..آسفةَ خالتي ، ولكن أنا فقط أجد ذلكَ مضحكًا !"

"بدلًا من أن تضحكِ علينا أحصلي على  عريسٍ كي نفرح بكِ كذلك "

"ماهذا الـ.." أصبحت تتمتم لتنقلب الحال ، وتنطلق الضحكة من مينا ووالدتها

تقدمت سانا لتجر يد صديقتها كي تقف مرةً أخرى ، كي تتأملها عن قربٍ لأنّها لم تفعل ذلكَ قبل قليل

" أتسائل عن الأشياء الجيدة التي فعلتها في حياتي لأقابل صديقةً مثلك "

إبتسمت في نهاية جملتها ، الآن هي رأت الدّموع تتجمع في عيني مينا من كانت تحبس ذلكَ بصعوبة

"فجأة تذكرت أول مرةٍ قابلتك
ثم تذكرت مساعدتكِ لي حينما وقعت في ورطة
تذكرتُ العديد من المواقف كمقطفات
حينما بكينا سويًا ، أو ضحكنا سويًا
جميعها ظهرت أمامي الآن ، أنا حتمًا لا يمكنني وصف شعوري بالإمتنان نحوك
أو مدى رغبتي في سعادتك
لانكِ تستحقين الأفضل ، الأفضل دائمًا وولأبد
ستجمعنا ذكريات في المستقبل كذلك
أحبّكِ جدًا "

هي أرادت بشدةٍ أن تردّ عليها بقصيدٍ تملأه بكل ماتشعر ، لكن بيت القصيد الواحد قد تشكل في إحضتناها لها مع ذرفها للدموع

سانا القوية دائمًا لم تستطع أن تكون قويةً ضد الدّموع هذه المرّة ، ستربت كل واحدةٍ على ظهر الأخرى

ثم ستبتعدان لتمسحان وجهي بعضهما البعض
ستُسمع أصوات شهقاتهما المتكررة ، ومحاولاتهما البائسة في كبت دموعٍ جديدة

"ياه لا يمكنكِ البكاء ستفسدين مكياجكِ لاغير"

أومأت لها في محاولةٍ بائسة ..

لكنها ناجحة !

القلب بدأ يضرب بصخبٍ كطبول الإحتفالات الشعبية ، حينما حان الوقت كي تتم زفّتها كملاكٍ قد تركت جناحيها جانبًا هذا اليوم ، وفضلت المشي بخطواتٍ وئيدة محيطةً بذراع أخيها

وهناكَ بالجانب تمكثُ الإشبينات صديقاتها يرتدين اللّون الخوخي الفاتح مع طوقِ زهورٍ أبيض لطيف ، منهما سانا بالطبع

" لا أدري من العريس فيهما اليوم "

علّقت وهي تراقب مينا التي تخطو برفقة أخيها على  المعزوفة الملكية نحو المحظوظ الذي كان متجمدًا كمنحوتة

" محقة إنه وسيم جدًا يالهي "

ردّت التي تقف بجانبها لتحدجها سانا مباشرةً

" لم أطلب رأيك "

"أحجزتيه أم ماذا ؟"

"لا يخصك "

وكزتها بخفة "أمزح معك ، لكن لمَ وجنتيكِ محمرةٌ هكذا ؟"

لم ترد عليها ، لأنّه ولربما بالفعل كانت وجنتيها محمرةٌ دون قصد !

~~~~~

كان شاكرًا جدًا ، حدّ جعله يشعر بأنّه قد حصد مجهود حياته في يومٍ واحد ، حينما أجابت بنعم بعد أن كُتمت أنفاسه في تلكَ اللّحظة !

حينما قبلها ، هو فقط لامس شفتيها بخاصته بخفة ولطف ، لأنّ قبلات الحبّ لها وقتٌ آخر ومراسم أخرى تخصهما وحدهما فقط

مراسمًا قد تتوق لكي يقيمها لها !

شعوره المتفاقم بالشّكر بالإمتنان ، قد جعله هو بذاته يحمل الدّموع في عينيه ، ليطرق برأسه متحاشيًا النّظر لأي من كان ، لذا هو إلتفّ كي يحاول كبت تلكَ الدموع

خارت قواه أمامها ليكمم فمه بكفّه الأيسر ، فينطلق أحدهم  ضامًا هو " ياه لا تفضحنا اليوم ، تماسك يارجل"

بات مارك يربّت على ظهره بينما يكابد هو بذاته الدّموع ، مظهرهما كان مضحكًا جدًا ومؤثرًا في الوقت ذاته

حدّ جعل مينا تضحك وتبكي في وقتٍ واحد ، كبقية الحاضرين من يصفقون بسعادةٍ كذلك

أو كوالدة سيهون الأنيقة والتي تكابر في وجه الدّموع التي تغزو عينيها بالفعل ، هي تصفق مثلهم مع إبتسامةٍ دافئة وهادئة ، تعابير عائلة آوه متشابهة بشكلٍ لا يوصف !

ولم تمضي الثواني حتى إلتمًت صديقات مينا حولها ، يحتفلون بها بحفاوة

ويبتعدون قليلًا ليروا أي يدٍ ستحصد الباقة

ألقتها وفجأة يشعر مارك بأن قذيفة تتوجه نحوه لذا قد أمسكها ، حينها حلّت موجةٌ من الضحك على جميع الموجودين

أسيكون عروسًا عمّا قريب؟

~~~~~~

ستنتهي تلكَ المراسم ، وتلكَ الضحكات
سينتهي كل ذلكَ بوداعٍ حار تجتمع فيه القلوب ملوحةً لأصحاب أسهم الكيوبيد

والذين قد أصبحوا في سيارتهم الخاصة يبادلونهم التوديع ، السيارة مفتوحة حيثُ تسنح للسيدة آوه بأن تستمر بإرسال القبلات الطّائرة والتلويحات لهم بإستمرار ، الحسناء التي أصبحت رسميًا تحت ذلكَ اللّقب

أماهو فكان قد ترأس القيادة لذا التّلويح ماعاد شيئٌا ممكنًا له ، لأنّه وفي الحقيقة أراد إنتهاء ذلكَ التلويح بأسرع مايمكن ، فقد بات مملًا جدًا وغير منتهيًا

حينما أصبح الجميع ضئيلي الحجم  أمام ناظريها هي إلتفّت وأخيرًا ، وإستمرت بمسح بقايا دموعها التي تنتظر المزيد

"لمَ البكاء أريد أن أفهم ؟"

"أنتَ خصوصًا لا تسأل عن ذلك "

قهقه بخفة

" كان ذلكَ سريعًا ولم يلاحظه أحد"

"بجدية ؟!"

"أنا متأكد "

" إستمر بذلك ..حظًا موفقًا  "

~~~~~~~~

كان مكانًا مُختلفًا ، تحيطه الطبيعة من جوانبه الأربع
كان مكانًا خاصًا ، تسمع صوت تلاطم الأمواج فيه
كان بعيدًا عن المدينة ، لكنه قريبٌ من القلوب العاشقة لترانيم الطبيعة

في الحقيفة إنها جزيرة ! ، وفي هذه الجزيرة أُقيم حفل الزفاف المزعوم ، هناكَ طائرة خاصةٌ قد جمعت الحضور ليأتوا إلى الحفل المُبجل

لكنه سرعان ما انتهى ، وسرعان ما أصبح الزّوجين وحدهما فقط ، كانا في إستجمامٍ أنيق جنبَ الأخضر الساحر

حينما تجاهل كلٌّ منهما تغيير ما يرتديه ، أرادوا الإستمتاع بكل لحظةٍ يحتل فيها الأبيض  مساحات قلوبهم

بدايةً بتمشيةٍ هادئة على الشاطئ ، أو إسترخاءٍ لطيف جنبَ بعض الخُضرةِ الأليفة

حينما جلست فتبرعمت زهرةُ فساتها ليحيطَ بها كتويجٍ تشتهيه الفراشات ، بعدها هو أسدل جفنيه ببطءٍ كي يتوسد فخذها ، ويستمعان سويًا لأغاني الطبيعة التي لا يمكن أن تملّ منها

حتّى وقت الغروب ، حينما أصبحت السماء تعزف بصمتٍ معزوفة توديعها للشمس ، وحينما تفجّرت الشّمس بالعواطف توديعًا للسماء

ستعود في وقتٍ لاحق ، وستعانق السّماء بقوة ، وتفرد سلاسلها الذّهبية الممتدة نحو الأفاق !

إنها رمزُ الأمل في قلوب اليائسين ، رمزُ الطاقة للأخضر المحيط بكوكب الأرض

وأخيرًا هي قد غابت ..

لتستريح ، وتريح من يكدّون طوال فترة الصباح

على الدّقائق الأخيرة كانت الرياح تُهب بلطف ، لتتراقص الخصلاتُ المسرسلة على جبينه ، عينيه كانت تملكُ سحرًا مختلفًا يومها

سحرًا قد ألقى تعاويذه على من ظلّت تسترق النّظر له بين الحين والأخرى ، بينما تُدّلكُ رأسه بأناملها النّاعمة

" أشعرُ بأنّي أحلم
ولا أريد الإستيقاظ.."

"ولا أنا.."

~~~~~~~~

علّق على مظهر البتلاتِ المشتتة في الفراش على شكل قلب ،  وعلى الأرض في كل مكان "هذا مبتذل"

إضافةً إلى الشّموع الكثيرة التي زادت من إستياءه ، هم عالأغلب يعلمون أنّ من سيحجز هذا المكان عصافيرٌ حديثة الزّواج

على عكسهِ هي كانت مستمتعة بالنّظر إلى تلكَ الشّموعِ المتموضعةُ فِي أماكن عدّة ، كأعلى المنضدةِ وجنبَ الشّرفة المطلّةِ على البحر

إضافةً أنّ لها رائحةٌ عطريةٌ خلّابة ، لكنّه فقط كان منزعجًا من كُلِّ تلكَ المُبالغات المزرية ، حقيقةً فضّل لو يحتفل بيومه هذا فقط في قصر عائلته ، لكنّ إصرار والدته هو السبب !
ظلّت قربها تُلامسها بأناملها الرفيعة ، معجبةً برائحتها الزّكية ، إلا أنها سمعت تنهيدة صادرةً منه
ثمّ هو قد تحدّث بما يشغل باله

" لماذا تلمسين الشّموع ،
بينما أنتِ قادرةٌ على لمسي ؟"

أمسكت على ضحكتها بصعوبة ، ثم قد تركت الشموع كما أراد ، لكنّها مرةً أخرى قد توجّهت لشيءٍ آخر ، المرآةُ المنيرة

حملق فِي الفراغ بدهشة ، ربما هِي متوترة منه ؟ ، جدًا ..

هو قَد تقدّم ليتكئ على المنضدة التي تَحتوي المرآة ، مكتفًا يديه ، متأملًا هي بعمق

تأملها حتّى رغب بأن تلتفت إليه في النهاية ، لكنّها لم تفعل بل ظلّت مشغولةً بالنّظر إلى تسريحة شعرها ، أو إخراج الزّينة الصغيرةِ العالقة فيه لربما

أو إنّها فقط تضيع الوقت ، لقد إكتشف ما تفعله بكلّ بساطة ، واضحٌ كشمسِ الظهر ، أنها متوترة حدّ تخيله صوت نبضات قلبها من المكان الذي يقف فيه قربها

" توقفي عن النّظر لأي شيء غيري ..
أعلم أنّه ليس سهلًا ، لكنه يجدر بكِ النّظر إلي على كل حال "

راقب إبتسامتها الخافتة ، إلتفاتتها الجميلةُ إليه
لقد وَاجهت عيناهُ وأخيرًا

بأنفاسٍ عميقة

" إنّه ليسَ سهلًا عالإطلاق
لديكَ ملامح وجهٍ مثالية جدًا سيهون "

" ألاحظتي ذلكَ الآن فقط ؟" سأل بحاجبٍ مرفوع

" كلا..
لكنّي كنتُ أتجنب تفصيلها هكذا "

فكّ عقدة يديه ليتقدم نحوها

" الآن لا يمكنكِ تجنبها صحيح ؟
لا هي ولا أي شيء يخصني "

بمجرد النّظر ليديها ، المرتعشة

يعرف كمّ التوتر الذي تشعر به ، بمجرد ملاحقة عينيها التي تذهب لأيّ مكانٍ غير ساحة عينيه هو

" ماذا عن تلكَ الفتاة
قبل بضعة أشهر
التّي قالت بأنها ستأتيني يومًا
قائلةٌ بأنّها ستكون لِي
مالذي تفعله هذه الفتاة حتّى الآن؟"

زفرت بعمق

" هذه الفتاةُ لم تعد بحاجةٍ لقول ذلك
لقد أثبت الواقعُ صحة نظريتها دُون أن تنطق بها "

"أوه هذا واضح ..
أنا أنتظرُ ذلكَ الواقع بالفعل "

أغلقت عينيها بشدّة ، إبتلعت ريقها

" أنا حتمًا ..
متوتّرة
ولا أعلمُ ما أشعر به تحديدًا
أكادُ أصاب بالجنون "

" إنّه سحر اللحظة.."

قال مقتربًا زيادة ، ومحاوطًا وجهها بكفّيه
سحرُ اللّحظة هو ما يعبثُ بها هكذا ، التعاويذُ التّي تلقيها الأجواء عليها جعلتها خاملةً تمامًا ...

لقد أغلقتْ عينيها فَحسب ، كان ذلكَ السّحرُ قويًا جدًا حتّى تصمدَ فِي وجهه ، لقد إبتسمَ على مافعلت
على ذلكَ الإستسلامِ الغريب الذي قامت به

لقد وقفت فِي مكانها كمنحوتة ، كانت عاجزةً عن الحراك ، عليه أن يحركها هو لربما ؟

لقد إبتعد ، راح يطفئ الشّموع واحدةً تلو الأخرى

راح يغلق الأنوار الصغيرةَ التي تضيء شيئًا بسيطًا من الجناح ، مع كل ضوءٍ هو يطمسه ، تزدادُ نبضات قلبها علوًا للسّماء

تزداد بوتيرةٍ مجنونة ، لم تعد لها قدرةٌ على الإحكام بها أو ماشابه ، باتت معدتُها تقيمُ إحتفالاتًا صاخبة ، باتت القبول تقرع داخلها دون أيّ إستئذان مسبق

هناك فراشاتٌ تحلّقُ في كل مكان ، رفرفة جناحيها مثيرةٌ للإضطراب !

حينما إنتهى من كلّ تلكَ الإضاءة التي تزعجة ، رغم أنّها كانت خافتة وأنيقة ..

هو عاد ليقف أمامها ، التي مازالت تقف في مكانها منكمشة ، أكتافها مشدودة وخجلها يشكلُ درعًا منيعًا حولها

" أنظري لي.."

كيف ستراه وهو قد غلّق الأنوار فيها ؟
ربما هناك ضوء متسللٌ من القمرِ قد إجتاح الغرفة وتقاسيم الأثاث فيها

حينما نظرت إليه ، إلى داكنتيه
كانت عكس الفضاء الذي يحيطها ، لامعة
وبرّاقة ، ربما التعويذةُ كانت محشورةٌ فِي عينيه لاغير ، وهو أوهمها بسحر اللّحظة

بينما هو السّاحر الخفي فيها ، من كان يلقي تعاويذه عليها دُون أن تلاحظ ذلك

أيذكر أحدهم أنّه كان متتوقًا للحظةٍ خاصةٍ كهذه كي يستطيع أن يقبّلها كما يريد ؟ حتى يشبع !

ربما تبادلا الأدوار ، حينما أغلق هو عينيه بعد أن أكتسَح خاصتها ، لأن المُتعة لا تُرى بالعين المجردة

هي إحساسٌ يليه إحساس ، ستشعر به لذيذًا على حواسك الأربع غيرَ عينيكِ ، لكنّ للعينين دورٌ تالي ينتظرها

للأسف ، لم تكن لتلكَ القبلة نهاية
أو شبع ، كانت سلسلةً من الهيام يجرّها هيامٌ آخر
تارّةً تكونُ بطيئةً وتارّةً تكون جشعةً جنونية

لكنّه أوقفها ، لم يرد إكمالها واقفًا !

ثبّت جبينه بخاصتها ، كلاهما كان يلهثُ طالبًا المزيد من الأنفاس ، طالبًا النّجاة من سخونةِ شفاه الآخر

إغلاقة عينين آخيرةٍ منه ، بعدها سيتغير كل شيء
حينما يباعد جفنيه ممتلئة الرمش ، كل شيء سيتغير ! ، ستسمع صدى أنفاسه عاليًا والصّرامة التي لن تسمح لها بالتهاون أو الهرب فجأة !

هذا مستحيل ، لأنّه قد إنقلب
مئة وثمانين درجة ، لأنّ إنقلابه قد بدأ
عليه بأن يبعد ربطة عنقه عنه ، وكلُّ ما يعيقه واحدًا تلو الآخر..بأسرع مايمكن !

ثم هو سيمرر يديه عليها باحثًا على ما سيجعل الأبيض المحيط بها يهوي نحو الأرض ، لأنّها ستُطمس بسواده وبتدرجاته الأشد دجنًا

ثم سيحملها بين ذراعيه ، ليكمل قبلته في عرين الأسد !

لم تعد قبلة ، أصبحَ إجتياحًا
لم تعد مجرّد لمسات ، لقد كانت تملكًا
والأهم ، بأنّها لم تعد تلكَ الطفلة في أرض البالغين
هي لم تكن كذلك ، لكنّها تحوّلت هذا اليوم لبالغة

تهويها لعبةُ الحبُّ هذه ، ربما تجيدها كذلك !

لقد كانت واقعة له بشدة ~

~~~~~~~

كما كان الظلام حالكًا بالليل ، وكان الضّوء الوحيد المتاح هو الأحمر القاني ، لون القلوب المتأججة بالحب

والمتحمسة ، حدّ درجة تفضيلها الشّعور بالألم ، فهو أشدُّ درجاتِ الإستمتاع في تلكَ اللحظات

هناك ذلكَ الصباح المشرق ، وهناكَ تلكَ الجوقةُ التي تردد بأغاني الصباح داخل أذنها

حينما فتحت مقلتيها ببطء ، وأبعدت الخصلات عن عينيها بأنوثةٍ طاغية ، وإلتفّت إلى جانبها لترى الفارس الذي توعّد بحماية أميرته للأبد ..

لتشعر بأنّها الأكثر حظًا على وجه الأرض ، لقد كان مسافرًا في قاطرةِ الأحلام ..

المحطّة الذي سيصل إليها ليست ببعيدة ، لقد تأملته وهو في قاطرته تلك ، دون أي تقطيبةٍ معتادةٍ ومحصورةٍ بين حاجبيه السوداوين

من الجلي بأنه قد إستل أعمق الأنفاسِ حتّى ما عاد الضيقُ يحتل مكانًا في جوانحه ، ربما كان مسترخيًا حتّى ذلك الحد ..

مررت أناملها في شعره الأدهم ، ثم مقلت العنقاء الموجودة على ظهره ، من حيّرتها سابقًا

مررت يديها عليها  ، تلكَ العنقاء المناضلة والتي تشتعل بإستمرار

تلكَ الأسطورة ، هي قد أصبحت مؤمنةً بوجودها
بوجوده ..

وبوجودهما معًا

لذا أرخت رأسها عليه

لعلّها تعود لقاطرته مرةً أخرى

.

.

.

~~~~~~~~~The End~~~~~~~~~

.

.

.

🌹

.

.

.

Now I know I have met an angel in person
And she looks perfect
I don't deserve this
You look perfect tonight

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top